الثلاثاء 28 ذو القعدة 1445هـ الموافق 6 يونيو 2024م

حياكم الله جميعا 

هذه قناتي في التليجرام ينشر فيها النتاج العلمي والفكري . 


قناة عبد السلام بن إبراهيم الحصين

أحـــببت شيخي وتعلقت به, فما الحــل؟!

الاستشارة

Separator
أحـــببت شيخي وتعلقت به, فما الحــل؟!
1723 زائر
07/01/2008
الشيخ عبد السلام بن إبراهيم الحصين
السؤال كامل
قرأت اليوم قصة دمعت لها عيني, قصة تحكي واقع كثير من طالبات العلم للأسف, سواء في الجامعات أو المنتديات وعن طريق الجوال أو الماسنجر....إلخ وهناك من فترت عن طلب العلم أو تركته بالكلية بسبب تعلق قلبها وانشغاله بغير الله فأريد منكم يا شيخ أن تردوا على هذه الرسالة بما ترونه مناسبا, وائذنوا لي بنشرها بين طالبات العلم ومن يهمه الأمر كحملة توعية, فالوقاية خير من العلاج.. لعل الله ينفع بها, ويحفظ طالبات الهدى وداعيات الخير من مصائد الشيطان,ومحاولاته في صدهن عن النهوض بالأمة الاسلامية..
جواب السؤال

إن القلب بحر لا ساحل له، من المشاعر والعواطف، والحب، والكره والبغض، والخير والشر، فيه كل ما نتخيله من المعاني الجميلة، والأوصاف الطيبة، وفيه ما لا يخطر على بالنا من معاني الشر والكره والبغض والكيد والمكر..
ولكن هذا القلب يمكن أن يكون أسيرًا لقضية واحدة يدور في فلكها؛ لأنه يتخيلها على صورة جميلة لا يمكنه الانفكاك عنها، ويعيش وهم الحصول عليها والتمتع بها..
إلا أن هذه الصورة تظل مجرد خيال، تأسر القلب، وتشغل الجوارح، وتصرف الإنسان عن هدفه، ولا يتحقق له من أمله شيء..
لقد ذكرتِ أن في قلبك حبَّ الله، وأنه أعز شيء لديك، لكن هذا الحب جاء ما ينازعه، فبدل أن يكون القلب صافيًا خالصًا لله صار معه شريك، ولهذا تشتت أفكارك، وضعفت همتك، وفترة عزيمتك، وقل اهتمامك ببعض الأمور النافعة، والعبادات الظاهرة والباطنة، وكيف يمكن للجوارح أن تتحرك في الاتجاه الصحيح وقائدها مشتت مبعثر الهم؟!!!
يقول ابن القيم في رسالته إلى أحد إخوانه:
" أنكد العيش عيش من قلبه مشتت، وهمه مفرق، فليس لقلبه مستقر يستقر عنده، ولا حبيب يأوي إليه ويسكن إليه، كما أفصح القائل عن ذلك بقوله:
وما ذاق طعم العيش من لم يكن له ... حبيب إليه يطمئن ويسكن
فالعيش الطيب، والحياة النافعة، وقرة العين، في السكون والطمأنينة إلى الحبيب الأول، ولو تنقل القلب في المحبوبات كلها لم يسكن ولم يطمئن إلى شيء منها، ولم تقر به عينه حتى يطمئن إلى إلهه وربه ووليه، الذي ليس له من دونه ولي ولا شفيع ولا غنى له عنه طرفة عين".
ولهذا كان الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، فبه يثبت القلب على الحق، وتسعى الجوارح في فعل الخير، ولا تفتر العزيمة عن الازدياد من ذلك، ولا تحس النفس بملل.
والحب في الله يعين على ثبات القلب على الحق حتى لو خالفه أقرب الناس إليه، فإنه حينئذ ينصرف عنه، وينشغل بسواه ممن يحقق له مقصود الحب في الله..
إن الحب لهذا الشيخ لم يكن لله، وإن كان في بدايته قد يكون لله، ولكن تعلق به شيء من عرض الدنيا الزائل، وهو الزواج، والزواج من أعظم النعم على عباده، ولكنه يبقى من متاع الدنيا وزينتها، وتعلق القلب به تعلق بغير الله.
نعم يتعلق القلب بالزواج لما يحصل به من مصالح عظيمة يحبها الله ورسوله، ولكن القلب لا يتعلق بشخص واحد يجعله محط آماله..
وأنا واثق أن لو خرج في حياتك شخص يجمع بعض صفات هذا الشيخ، ويكون صالحًا للزواج بك، لنسيت الشيخ وما أمَّلَك به.
إن أول ما يجب أن نحاسب أنفسنا عليه في طريق العلم الشرعي، وفي فعل عبادة من العبادات أن ننظر في نوايانا ومقاصدنا.
لا بد أن نسأل أنفسنا بصدق: ما هو المحرك لهذا العمل؟
ما الذي يحملني على الصبر في طاعة الله؟ أهو حب الله ورسوله؟ أو لأني أجد في طريق العبادة شخصًا أحبه؛ رجلا أو امرأة...
إن الحب قد يكون فتنة يفتن بها القلب، والفتن إذا وقعت إنما تدفع بالتقوى، كما قال طلق بن حبيب: "إذا وقعت الفتنة فادفعوها بالتقوى. قالوا: وما التقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله".
وبالتقوى يحصل البر، والبر اسم لكل كمال يطلب من الشيء، ولهذا لما عرفه الله جل وعلا ذكر كل خصال الخير التي تجمع أقسام الدين؛ حقائقه وشرائعه، والأعمال المتعلقة بالجوارح والقلب، فقال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}
فالبر هو العافية والصحة، والتقوى هي الحمية التي تحمي القلب من أن يلجه غير الله تعالى.
وكل آفة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت، وفساد القلب، ولهذا وصى بعض الشيوخ تلاميذه بقوله: احذروا مخالطة من تضيِّعُ مخالطتُه الوقتَ وتُفسِدُ القلب، فإنه متى ضاعَ الوقتُ وفسد القلبُ انفرطت على العبد أمورُه كلُّها، وكان ممن قال الله فيه: { وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}
وإن من أعظم الأسباب المعينة على التغلب على هذه المصيبة هي الهجرة!
نعم، الهجرة التي تجب على كل مسلم في كل حين، وفي كل وقت، لا تنقطع حتى يتوقف آخر نفس من أنفاس الروح في الدنيا..
الهجرة من محبة غير الله إلى محبة الله..
ومقتضاها أن يكون مراد الله ومحبوبه مقدمًا على مراد غيره ومحبوبه، وأن يقبل العبد ما أمره الله به بنفس راضية مطمئنة، كما قال تعالى: { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}
وإن للإيمان فرحة وحلاوة ولذاذة في القلب، فمن لم يجدها فهو فاقد الإيمان أو ناقصه، وهو من القسم الذين قال الله عز وجل فيهم: { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}.
ويقال: الصدق سيف الله في الأرض، ما وقع على شيء إلا قطعه..
فلنعد إلى أنفسنا ولنصدق معها، وللنظر في إسلامنا، هل معه إيمان، أو أنه إسلام لا إيمان معه..

قد أكون قاسيًا في عباراتي، ولكني أريد أن أكون واضحًا، متوجهًا إلى الوجهة التي أطلبها وأريد الوصول إليها بلا خفاء، وبلا مجاملات تصد عن الحق، أو تجعله ضعيفًا لا تتعلق القلوب به..
ولو أردنا أن نطرح حلا واحدا يكون شافيًا كافيًا، فلن يكون غير:
قطع الاتصال به، ومسح رقمه من الجوال، وعدم الرد على رسائله في المستقبل.
هذا الحل الحاسم هو كالكي للموضع المؤلم، الذي لولم نعالجه بالكي لكان منه هلاك البدن كله.
أنا أعلم أنه ليس حلا سهلا، ولكن لا سبيل إلى الوصول فيما تطمعين إليه إلا به...

وأخيرًا.. كلمة عتاب أوجهها إلى الشيخ وأمثاله، ممن يلقون بشباكهم إلى النساء بقصد أو بغير قصد، فيلين في القول، ويسترسل في الحديث لحاجة وغير حاجة..
إن الشيطان يقعد لابن آدم بالمرصاد في كل حالة من أحواله، يريد أن يوقعه فيما يفسد عليه دينه ودنياه، ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من النساء، ومن الفتنة بهن، أو فتنهن..
فالله الله في قلوب الصالحات المؤمنات، اعرفوا كيف تتعاملون معهن، وكيف توصلون إليهن الخير بدون فتنة تجر عليهن فساد الدين والدنيا..

جواب السؤال صوتي
   طباعة 

جديد الاستشارات

Separator