العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة القرآن وعلومه

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-07-25, 04:54 AM   #1
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Mmm

"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا "23.
يقولُ تعالى مثبِّتًا نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ -يا محمَّدُ- الْقُرْآنَ تَنزِيلًا مُفَرَّقًا.
القرآن لم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من السماء جملة واحدة ، بل كان ينزل مُفَرَّقًا حسب الحوادث والأحوال .وهذا لا خلاف فيه بين العلماء.
وقد جاءت الآيات تقرر ذلك بوضوح تام لا لبس فيه ، وتقرر حكمة النزول على تلك الصفة :قال تعالى " وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا"سورة الإسراء: 106.
فَرَقْنَاهُ :قال الحسن : معناه فَرَقْنَا به بينَ الحقِّ والباطلِ.
وقال الطبري في تفسيرهِ:اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار "فَرَقْناهُ" بتخفيف الراء من "فَرَقْناهُ" ، بمعنى: أحكمناه وفصلناه وبَيَّناه .
وذُكِرَ عنِ ابنِ عباسٍ، أنه كان يقرؤه بتشديد الراء " فَرَّقْناهُ" بمعنى: نزَّلْنَاه شيئًا بعد شيءٍ، آية بعد آية، وقصة بعد قصة.وأَوْلَى القراءتين بالصواب عندنا، القراءة الأُولَى، لأنها القراءة التي عليها الحجة مجمعة، ولا يجوز خلافها فيما كانت عليه مجمعة من أمر الدين والقرآن ، فإذا كان ذلك أولى القراءتين بالصواب، فتأويل الكلام: وما أرسلناك إلا مبشرًا ونذيرًا، وفصلناه قرآنا، وبيَّناه وأحكمناه، لتقرأه على الناس على مكث.ا.هـ.
عَلَى مُكْثٍ: أي على مهل وتُؤدة ليفهموه.قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله :عَلَى مُكْثٍ : أي - على مهل ، ليتدبروه ويتفكروا في معانيه ويستخرجوا علومه .
"
وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزيلاً " أي: شيئًا فشيئًا مفرَّقًا في ثلاث وعشرين سنَة .
انتهى من " تفسير السعدي " ص 468
وقال تعالى " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً"الفرقان: 32.
لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ :قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله : لأنه كلما نزل عليه شيء من القرآن ازداد طمأنينةً وثباتًا ، وخصوصًا عند ورود أسباب القلق ؛ فإن نزول القرآن عند حدوث السبب ، يكون له موقع عظيم ، وتثبيت كثير.ا.هـ.
ومما يؤكد نزول القرآن مُفَرقًا أيضًا : انقطاع الوحي في حادثة الإفْكِ الَّتي اتُّهِمتْ فيها أمُّ المؤمنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها في عِرضِها بُهتانًا وكَذِبًا؛ ، وقد انتظر النبي صلى الله عليه وسلم نزول القرآن ؛ لعظيم وقع المصيبة بتهمة زوجه حتى نزل قوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " النور/ 11 .
" ........ فَوَاللَّهِ ما رَامَ مَجْلِسَهُ ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه الوَحْيُ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ في يَومٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكانَ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قَالَ لِي: يا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ؛ فقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: لا واللَّهِ، لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى" إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ"النور: 11. الآيَاتِ........" الحديث. الراوي : عائشة أم المؤمنين - صحيح البخاري.
أما الذي وقع الخلاف فيه ، فهو أول وأصل نزول القرآن : هل نزل مرة واحدة إلى السماء الدنيا ، ثم نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم مفرقًا ، أو كان نزوله على صفة واحدة ، مفرقًا حسب الوقائع ، كما سبق .
وسبب ذلك الخلاف هو فهم بعض الآيات التي تدل على نزول القرآن في وقت واحد ، مثل قوله تعالى " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"البقرة/ 185، وقوله تعالى " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ " القدر/ 1 ، مع تصريح ابن عباس رضي الله عنه بذلك الفهم .
عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهُما قالَ: أُنزِلَ القرآنُ في ليلةِ القدْرِ مِنَ السَّماءِ العُليا إلى السَّماءِ الدُّنيا جُملةً واحدةً، ثُمَّ فُرِّقَ في السِّنينَ قالَ: وتلا هذه الآيةَ"فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ"الواقعة: 75. قالَ: نَزَلَ مُتفرِّقًا."خلاصة حكم المحدث : صحيح على شرط الشيخين -الراوي : سعيد بن جبير - المحدث : الحاكم- المصدر : المستدرك على الصحيحين -الصفحة أو الرقم : 3827 .
والأثر له ألفاظ متقاربة ، ومخارج متعددة ، ولذلك صححه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 9 / 4 ) وغيره .
وقد اختلف العلماء في هذا النزول على أقوال أشهرها قولان:
أولها : وهو قول الأكثر : أن القرآن قد نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ليلة القدر جملةً واحدة ، ثم نزل بعد ذلك منجَّمًا في ثلاث وعشرين سنة .

القول الثاني : أنه ابتُدئ إنزال القرآن في ليلة القدر ، ثم نزل بعد ذلك منجَّما في أوقات مختلفة حسب الحوادث والوقائع وحاجات الناس ، وبه قال التابعي الجليل الشعبي .
وهذا الخلاف – كما ترى – ليس له كبير أثر في واقع تنزيل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قيل إن هذا التنزيل سببه إظهار كرامة القرآن وعظيم منزلته في العالَم العلوي . موقع الإسلام سؤال وجواب .
" فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا" 24..
آثِمًا : والآثم: هو الفاجر بأقواله وأفعاله.- كَفُورًا: والكفور: هو الجاحد بقلبه ولسانه. فكل كفورٍ آثمٌ ، وليس كلُّ آثمٍ كفورًا ،
"وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا "
سورة النساء : 48.
"وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ"البقرة: 283.

أُطلق على الشرك إثم وأطلق على معصية كتم الشهادة إثم.
فدلت هذه الآيات على أن هذا الإثم شامل لكل المعاصي،سواء المخرجة من الملة أم لا.
الكفور أخبث أنواع الآثام ، فخصه بالذكر تنبيهًا على غايةِ خبثهِ ونهايةِ بُعْدِهِ عنِ اللهِ .
فاصبر لحكم ربك القدري واقبله، ولحكمه الشرعي الديني فامض عليه، ولا تطع من المشركين من كان منغمسًا في الشهوات أو مبالغًا في الكفر والضلال.
اصبر لحكم اللّه الشرعي؛ فاصبر في كل ما حكم به ربك سواء كان ذلك تكليفًا خاصًا بك من العبادات والطاعات أو متعلقًا بالغير ، وهو التبليغ وأداء الرسالة ، حيث أُمِرَ بأن يُبلِّغ ما أُنزِل إليه من ربه، وللحكم الكوني : فاصبِرْ على ما تَلْقاه مِن أذًى في سَبيلِ ذلك، وعلى تأخيرِ نَصرِك بتحمل المشاق الناشئة من ذلك.
وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا :ولا تُطِعْ المعاندين الفاجرين بأقوالهم وأفعالهم ، الذين يريدون أن يصدوك عن سبيل الله ، أو الكافرين الجاحدين بقلوبهم وألسانتهم .
ونهيه صلى الله عليه وسلم عن طاعة الآثم والكفور وهو لا يطيع واحدًا منهما، إشارة إلى أن الناس – بالأولى- محتاجون إلى مواصلة الإرشاد ، لما رُكِّبَ في طباعهم من الشهوة الداعية إلى اجتراح السيئات، وأن أحدًا لو استغنى عن توفيق الله وإرشاده لكان أحق الناس بذلك هو الرسول المعصوم، ومن ثم وجب على كل مسلم ان يرغب إلى الله ويتضرع إليه في أن يصونه عن اتباع الشهوات، ويعصمه عن ارتكاب المحرمات، لينجو من الآفات، ويسلم من الزلات، ليلقى ربه أبيض الصحائف من السيئات.تفسير المراغي.
عن شهر بن حوشب قال: قُلتُ لأمِّ سلمةَ : يا أمَّ المؤمنينَ ما كانَ أَكْثرُ دعاءِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا كانَ عندَكِ ؟ قالَت : كانَ أَكْثرُ دعائِهِ : يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ قالَت : فقُلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرُ دعاءكَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ ؟ قالَ : يا أمَّ سلمةَ إنَّهُ لَيسَ آدميٌّ إلَّا وقلبُهُ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابعِ اللَّهِ ، فمَن شاءَ أقامَ ، ومن شاءَ أزاغَ .فتلا معاذٌ: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا"خلاصة حكم المحدث : صحيح -الراوي : أم سلمة أم المؤمنين - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم.3522 .


أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ" أتحبُّونَ أن تجتَهِدوا في الدُّعاءِ، قولوا : اللَّهُمَّ أعنَّا على شُكْرِكَ وذِكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ."خلاصة حكم المحدث : صحيح -الراوي : أبو هريرة - المحدث : الوادعي - المصدر : الصحيح المسند- الصفحة أو الرقم.1342..






توقيع أم أبي تراب
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-25, 04:55 AM   #2
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Hr

"وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا"25. "وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا" 26 .
لما أمر بالصبر لحكم الله ونهَى عن طاعَةِ الآثمِ والكفورِ القاطِعةِ عن اللهِ؛ أمَرَ بمُلازَمةِ الموصِلِ إلى اللهِ – المثبت على الحق ، وهو الذِّكرُ.أي ودم على ذكره في جميع الأوقات بقلبك ولسانك وجوارحك . والمراد بالبكرة والأصيل استغراق أوقات النهار ، أي لا يصدك إعراضهم عن معاودة الدعوة وتكريرها طرفي النهار، والصبر شاق ، ولا بد من الزاد والمدد المعين فذِكْر الله هذا هو الزاد الحقيقي الصالح لهذه الرحلة المضنية في ذلك الطريق الشائك . . وهو هو زاد أصحاب الدعوة إلى الله في كل أرض وفي كل جيل.
الذِّكر مفهومه شامل، وله معنيان:
المعنَى العام للذِّكْرِ: يشمل كل أنواع العبادات من صلاة، وصيام، وحج، وقراءة قرآن، وثناء، ودعاء، وتسبيح، وتحميد، وتمجيد، وغير ذلك من أنواع الطاعات؛ لأنها إنما تقام لذكر الله تعالى، وطاعته، وعبادته.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:كل ما تكلَّم به اللسان، وتصوّره القلب مما يقرِّب إلى الله من تعلّم علم، وتعليمه، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، فهو من ذكر الله.مجموع الفتاوى :10/ 661.
معنًى خاص: وهو ذكر الله - عزَّ وجل - بالألفاظ التي وردت عن الله من تلاوة كتابه، أو الألفاظ التي وردت على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيها تمجيد، وتنزيه، وتقديس، وتوحيد لله. الألوكة :الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح.
"وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا" 26.
وهذا أيضًا من عموم الذكر المعين على الثبات على الحق.وأفرد لعظيم شأنه وأثره .
هذا زاد أصحاب الدعوة إلى الله في كل أرض وفي كل جيل . فهي دعوة واحدة . ملابساتها واحدة . وموقف الباطل منها واحد ، ووسائل الباطل هي ذاتها وسائله . فلتكن وسائل الحق هي الوسائل التي علم الله أنها وسائل هذا الطريق . وسائل الحق تكمن في هاتين الآيتين.الذكر بكل صوره .هذا هو الزاد ، اذكر اسم ربك في الصباح والمساء ، واسجد له بالليل وسبحه طويلا . . إنه الاتصال بالمصدر الذي نَزَّلَ عليكَ القرآنَ ، وكلفك الدعوة ، هو ينبوع القوة.. . فلا تحجب روحك عن مورد الهداية.
وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ : قيام الليل منة عظيمة من الله لمن جاهد نفسه وطوعها لهذا الفضل العظيم المعِين .فهو دأبُ الشاكرينَ المتقينَ وهو شرفُ المؤمنِ.
"أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ."الراوي : أبو هريرة - صحيح مسلم .
عن عائشةَ أم المؤمنين ـ رضي الله عنها" أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أرَادَ أنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ "الراوي : عائشة أم المؤمنين - صحيح البخاري .
قال: : أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا ؟ أي: كيف لا أشكُرُه وقد أنعَمَ علَيَّ وخصَّني بخيرَيِ الدَّارينِ؟!فمَن عَظُمَتْ عليه نِعَمُ اللهِ، وجَبَ عليه أنْ يَتلقَّاها بعَظيمِ الشُّكرِ- وشكر النعم؛ يبقيها ويزيدها- لا سيَّما أنبيائِه وصَفْوتِه مِن خَلْقِه الَّذين اختارَهم، وخَشيةُ العِبادِ للهِ على قَدْرِ عِلْمِهم به. وفي الحديثِ: الحَثُّ على مُقابَلةِ نِعَمِ اللهِ عزَّ وجلَّ بمَزيدٍ مِن الاجتهادِ في العِبادةِ.
قال تعالى "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"إبراهيم:7.
عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنهما ، قال" جاء جبريلُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فقال يا محمدُ عِشْ ما شئتَ فإنك ميتٌ واعمل ما شئتَ فإنك مجزيٌّ به وأحبِبْ من شئتَ فإنك مُفارِقَه واعلم أنَّ شرفَ المؤمنِ قيامُ الليلِ وعِزُّهُ استغناؤُه عن الناسِ"الراوي : سهل بن سعد الساعدي- المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الترغيب -الصفحة أو الرقم 627 : - خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره.
أجر من نوى قيام الليل وغلبته عينه حتى أصبح :
عن أبي الدرداء يبلغ به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مَن أتى فراشَه وَهوَ ينوي أن يقومَ يصلِّي منَ اللَّيلِ ، فغلَبتهُ عيناهُ حتَّى أصبحَ كُتِبَ لَه ما نَوى وَكانَ نومُهُ صدقةً عليهِ من ربِّهِ ، عزَّ وجلَّ " .سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / 20 ـ كتاب : الليل وتطوع النهار / 63 ـ باب : من أتى فراشه / حديث رقم : 1787 / ص : 290 / صحيح .
فلنحرص على قيام الليل وعقد النية كل ليلة على ذلك ،فقيام الليل من أفضل العبادات التي ترفع الدرجات، وتزيد في الحسنات، وتكفر السيئات، وتقرب من رب البريات.
قال ابن القيم رحمه الله :
" للْعَبد بَين يَدي الله موقفان : موقف بَين يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة ، وموقف بَين يَدَيْهِ يَوْم لِقَائِه ، فَمن قَامَ بِحَق الْموقف الأول هوّن عَلَيْهِ الْموقف الآخر ، وَمن استهان بِهَذَا الْموقف وَلم يوفّه حقّه شدّد عَلَيْهِ ذَلِك الْموقف
" انتهى من " الفوائد " ص 200.
فمن طال وقوفه في الصلاة بحقها ليلاً ونهارًا لله ، وتحمل لأجله المشاق في مرضاته وطاعته ، خف عليه الوقوف يوم القيامة وسَهُل عليه ، وإن آثر الراحة هنا والدعة والبطالة والنعمة ، طال عليه الوقوف ذلك اليوم واشتدت مشقته عليه . فمن سبح الله ليلاً طويلاً ، لم يكن ذلك اليوم ثقيلاً عليه ، بل كان أخف شيء عليه .
"تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ"السجدة:16.
كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس . وكيف قابل قلقهم وخوفهم واضطرابهم على مضاجعهم حين يقومون إلى صلاة الليل بقرة الأعين في الجنة . ابن القيم ـ الروح .
إذا اجتهد لأحد في الدعاء قال :
قال الإمامُ عبد بن حُميد ـ رحمه الله ـ في " المنتخب " جزء : 3 / ص :170:حدثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا حماد بن سلمة ،عن ثابت ،عن أنس قال : كان النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا اجتهد لأحدٍ في الدعاءِ قال "جعلَ اللهُ عليكُم صلاةَ قَومٍ أبرارٍ ، يقومونَ اللَّيلَ ويصومونَ النَّهارَ ، لَيسوا بأثَمَةٍ ولا فُجَّارٍ"
قال
الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / ج : 2 / ص : 172 / كتاب الصلاة ـ باب فضل قيام الليل ، هذا حديث صحيح.
أفضل أوقات القيام:
يفضل تأخير صلاة الليل إلى ثلث الليل الآخر أو نصفه .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم قال"يَتَنَزَّلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له."صحيح البخاري / ج : 3 /19 ـ كتاب التهجد /14 ـ باب : الدعاء في الصلاة ..... / حديث رقم : 1145 / باب : 14.
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-25, 04:56 AM   #3
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Home

"إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا"27.والمراد أن الذي حمل هؤلاء الكفار على الكفر ؛ والإعراض عما ينفعهم في الآخرة ليس هو الشُّبهة ؛ حتى ينتفعوا بالدلائل المذكورة في أول هذه السورة ، بل الشهوة والمحبة لهذه اللذات العاجلة، وينهمكون في لذاتها الفانية، ويَدَعون خلف ظهورهم العمل لليوم الآخر الذي ينتظرهم هنالك بالسلاسل والأغلال والسعير ، بعد الحساب العسير .
فهذه الآية استطراد في تثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه ، في مواجهة هؤلاء الذين أوتوا من هذه العاجلة ما يحبون . إلى جانب أنها تهديد ملفوف لأصحاب العاجلة باليوم الثقيل.
"نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا"28.
ثم استدل عليهم وعلى بعثهم بدليل عقلي، وهو دليل الابتداء، فقال" نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ" أي: أوجدناهم من العدم، "وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ" أي: أحكمنا خلقتهم بالأعصاب، والعروق، والأوتار، والقوى الظاهرة والباطنة، حتى تم الجسم واستكمل، وهو كناية عن الإتقان والقوة في الخلق فالمقصود بالأسر هنا: الإحكام والإتقان، والامتنان عليهم بأن الله-تبارك وتعالى- خلقهم في أحسن وأتقن خلق. ، فالذي أوجدهم على هذه الحالة، قادر على أن يعيدهم بعد موتهم لجزائهم، والذي نقلهم في هذه الدار إلى هذه الأطوار.
وَإِذَا شِئْنَابَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا : أي وإذا شئنا أهلكناهم وأتينا بأشباههم فجعلناهم بدلا منهم ، والغرض منه بيان الاستغناء التام عنهم ، ونحو الآية قوله" إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيرًا"النساء :133.
وقوله" إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ، وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ"فاطر:. 17-16
ثم ختم- سبحانه - السورة الكريمة بالحض على طاعته، وبالتحذير من معصيته فقال :
" إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا"29."وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"30.
إِنَّ هَذِهِ: المُشارُ إليهِ: السورةُ وما ذُكِر فيها . تَذْكِرَةٌ :أي يتذكَّرُ بها الإنسانُ ويتَّعِظُ، ثم ينقسم الناسُ إلى مُنتفعٍ بهذه التذكرةِ، وغيرِ منتفعٍ، ولهذا قال " فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا" وهنا قد يقول قائل: كيف قال"فَمَنْ شَاءَ"، ثم قال"وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ"؟!
والجواب: أن نقول: إن مشيئة الإنسان مخلوقةٌ لله عز وجل، فهو الذي خلقها، فلا يشاء الإنسان إلا بعد أن يخلق اللّه فيه المشيئة؛ لأن اللّه خالق كل شيء، - فمجرد مشيئتهم غير كافية في اتخاذ السبيل- فمشيئة العبد وحدها لا تأتي بخير، ولا تدفع شرًا، وإن كان يُثاب على المشيئة الصالحة، ويؤجر على قصد الخير كما في حديث"إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى".صحيح البخاري.
إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا حَكِيمًا:بيان لكون مشيئته تعالى مبنية على أساس العلم والحكمة ، فلا يشاء لهم إلا ما يستدعيه علمه وتقتضيه حكمته.أي: إنَّ اللهَ تعالى مُتَّصِفٌ أزَلًا وأبَدًا بالعِلْمِ التَّامِّ، فلا يَخْفى عليه شَيءٌ، ومِن ذلك عِلْمُه بمَن يَستَحِقُّ الهِدايةَ فيُيَسِّرُها له، ومَن يَستَحِقُّ الغَوايةَ فيَصرِفُه عن الهُدى، وهو متَّصِفٌ أزَلًا وأبَدًا بالحِكْمةِ البالِغةِ، فيَضَعُ كُلَّ شَيءٍ في مَوضِعِه الصَّحيحِ اللَّائِقِ به، ومِن ذلك الهِدايةُ والإضلالُ.وبيَّن عز وجل أن الأمر إليه، لأجل أن نتَّجِه إلى اللّه عز وجل، وألَّا نفخر بأنفسنا إذا وُفِّقنا للطاعة، فلنعلم علم اليقين أن ذلك من كرم اللّه، ونعمته، وإحسانه.
"يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" 31.
أي: يُدخِلُ اللهُ مَن يَشاءُ مِن عِبادِه في رَحمتِه بتَوفيقِه لسُلوكِ طَريقِه المُستَقيمِ الموصِلِ إلى جَنَّتِه، فيختصه بعنايته، ويوفقه لأسباب السعادة ويهديه لطرقها، لعِلْمِه بمَن يَستَحِقُّ الهِدايةَ فيُيَسِّرُها له برحمته وفضله تعالى .
وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا: وأعدَّ اللهُ تعالى عَذابًا مُؤلِمًا مُوجِعًا للظَّالِمينَ أنفُسَهم بالشِّركِ وتَرْكِ التَّوبةِ، حتى ماتوا على شركهم، وقد أملى لهم وأمهلهم لينتهوا إلى هذا العذاب الأليم.
وهذا الختام للسورة يلتئم مع مطلعها ومحورها الأساسي وهو تعريف الإنسان بحقيقته وبدايته ونهايته وضعفه وعجزة والغاية التي خُلق من أجلها وهي الاختبار والابتلاء ، ويصور نهاية الابتلاء ، الذي خلق الله له الإنسان من نطفة أمشاج ، ووهبه السمع والأبصار ، وهداه السبيل إما إلى جنة وإما إلى نار .

نسأل اللّه أن يُنجينا ووالدينا وإياكم من عذاب النار، وأن يُدخِلنا في رحمته دار الأبرار، إنه جوادٌ كريم، والحمد للّه رب العالمين، وصلى اللّه وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تم تفسير سورة الإنسان - ولله الحمد والمنة
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-25, 04:56 AM   #4
أم أبي تراب
نفع الله بك الأمة
Mo

تفسير سورة الإنسان على مدونة
منبر الدعوة
أم أبي تراب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:00 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .