30-05-07, 11:24 PM | #1 |
~ كن لله كما يُريد ~
|
من الوصايا الجلية للاستفادة من الدروس العلمية
بسم الله الرحمن الرحيم نصائحُ لطالبِ العلمِ هو طالبُ العلمِ الذي يحضر الدوراتِ، وله صفاتٌ وخصالٌ وسماتٌ. النصيحة الأولى الإخلاصُ بأن يُخْلِصَ الرجاءَ في ربِّه الكريم، فيفتح قلبَه للعلم والاستفادة، والقلبُ تأتيه الشواغلُ والخواطرُ، فبينما هو ينصِتُ إذ يأتيه خاطرٌ يقطعُ عنه الاستفادة يريد أن يجمعَ نفسه فيصعبَ فتختلطَ عليه الفوائدُ فيلغي الأخيرُ الأولَ. فإذًا لا بد من حسن اللجوء إلى الله - جلَّ وعلا - والدعاءِ في أن يمنحك الفِقهَ في الدين، والاستفادةَ والصبرَ على العلم؛ لأن العلم لا بدّ له من صبرٍ، وهذا بحاجةٍ إلى الإخلاص والصدق مع الله - جلَّ وعلا - وحسنِ التوجّه؛ لأن طلب العلم عبادةٌ. { وإنَّ الملائكةَ لَتَضَعُ أجنحَتَها لطالبِ العلمِ رِضىً بما يَصْنَعُ، وإنَّ العالمَ لَيَسْتَغْفِرُ له مَنْ في السماوات ومَنْ في الأرضِ حتى الحيتانُ في الماءِ } ( ) ( ). وهذه فضيلة عظيمة. فَأَحْسِنْ - يا طالبَ العلمِ - الظنَّ باللهِ - جل وعلا - واللجوءَ إليه، بأن يفتح الله - جل وعلا - قلبَك للعلمِ، وأن يرسِّخَ العلمَ في قلبك. النصيحة الثانية: إعدادُ العدة كالقلم والورقِ فالقلمُ يتعاهدُه قبلَ الدرس. وقد ركّز على ذلك " الخطيبُ " في (جامع الجامع)، و " ابنُ عبد البر " في (الجامع لبيانِ العلمِ وفضله) وغيرهما. ومن القصور أن يحضر الطالبُ، وينسى القلمَ، أو يكون فارغًا من الحبر. وأما الورق فأن يعدَّ لكل فن دفترًا أو دفاترَ، وتكونَ منسقة، مرتبة، وهذا كله يتبع ترتيب الذهن. فإذا كان الطالب مشوشًا في ذهنه ظَهَرَ أثرُ ذلك في علمه ودفاتره. وينبغي على الطالب أن لا يكتبَ عددًا من العلوم في كراسة واحدةٍ، وأن يبتعد عن كتابة الحواشي على الكتاب فتتزاحم الكتابةُ فلا يهتدي إلى الرجوع إليها. لهذا سئل الإمامُ أحمدُ عن الكتابة بالخط الصغير، قال: أكرهُهُ؛ لأنه لا يدري متى يُحتاج إليه، فربما احتاج إليه فلم يستطع استخراجَهُ. وهذا صحيح. والحواشي على الكتب تأتي غير مستقيمة، ونازلة، ومتداخلة مع أسطر الطباعة وقد يكون الخطُّ غيرَ حسن. والورقُ - والحمد لله - في هذه الأيام متوفرٌ، ورخيصٌ. وأما الكتابةُ في الكراريس فلها نظام: يأخذُ المتنَ الذي يدرسه بأن يجعل عليه أرقامًا متسلسلةً، من واحد إلى الأخير. وكلُّ مسألةٍ علَّقَ عليها المُعلِّمُ يجعلها في صفحة مستقلة. ويكتب تعليقًا آخر في صفحة مستقلة. ولو كانت سطرًا واحدًا، ولا يقالُ: الصفحةُ فارغةٌ؛ لأنه قد يحتاج إليها يومًا ما. عندما يريد أن يُفَصِّل في هذه المسألة والشيخ لم يُفَصِّلْ فيها. فيكتب أصلَ المسألة ثم يضيف معلوماته. وتكون هذه الشروح أساسًا لشرح كبير للطالب فيما يستقبل من عمره إن شاء الله تعالى. النصيحة الثالثة الطالب الذي لا يستطيعُ حضورَ الدورات جميعا وإنما يريد أن يختار بحسب فراغه فعليه أن يختار الفنَّ الذي يحتاجُ إليه في دينه لتكملة ملكته العلمية. فمثلاً قد يكون الطالبُ لم يدرسِ التوحيدَ، أو دَرَسَهُ من مدة ويريد أن يسترجعَه. فتكونُ هذه المادةُ له هي الأساسَ في الاختيار، ويجعلُ بقيةَ الوقت للموضوعات والفنون الأخرى. فإذًا لا بدَّ من اختيار الوقت والفنِّ الذي يناسب طالبَ العلم. النصيحة الرابعة تحضير الدرس تحضيرا جيدا كيف يحضِّر والدروسُ متواليةٌ ومتتابعةٌ؟ يكون تحضيرُه بحفظ المتنِ قبلَ سماع الشرحِ من الشيخ، وبذلك يتكوّن تكوينًا علميًا صحيحًا. - ويكون تحضيره بالنظر في المسائل التي يحتاج إليها، بأن يقرأ أسطرًا أو صفحةً فيلحظ المسائل الغريبةَ فيستعد لفهمها من المُعلِّم، ولا يُشْتَرَطُ أن يكون تحضيرُ الطالب كتحضير المُعلِّم. - وليس المقصود من هذا الاستعدادِ أنه يتعلّم فقط، وإنما المقصودُ منه أن يقارنَ ملكتَه بما يعطيه المُعلِّمُ. وبهذه الطريقة تَنْمُو ملكةُ الطالبِ مع طولِ الزمن. يحضّر وينظُرُ كيفَ تعامَلَ الشيخُ مع الكتاب، وكيف هو تَعَامَلَ معه. فمثلاً: الكتابُ المقررُ (بلوغُ المرامِ) والموضوع فيه (كتابُ الصلاة) حضّر حديثًا منه بالرجوع إلى (سُبُل السلامِ) و (فتح الباري) وغيرهما، فينظر الطالب: ما الحصيلةُ التي وَصَلَ إليها. ثم يقارنُ: كيف تعاملَ الشيخُ مع هذا الحديث. لا شك أنه سيخرج بفوائد ربما تكون غائبةً عنه. والذي ينبغي أن يختار المُعلِّمُ من طلابه من يحسن التدريسَ، ويزيدَه عنايةً، ويبيِّنَ له كيف يعلِّمُ، وكيف يدرِّسُ، وكيف يرتبُ المسائلَ. قد يأتي طالبٌ إلى معلِّمه قائلاً له: أنا حضرتُ عندك في الدورة في العام الماضي، وسمعتُ منك شرحَ (بلوغ المرام) أو شرحَ (الأربعين النووية)... فالمُعلِّمُ قد ينسى لكثرة الطلاب، وقد يذكر. ولكنه لا ينسى الطالبَ المجدَّ؛ لأنه يكوِّنُ عنه فكرةً في تعامله الحسن مع المتنِ، ومع فهمِ الحديثِ، وفي أدبهِ مع معلِّميه. النصيحة الخامسة كتابةُ الفوائدِ من المُعلِّمِ ولا يتَّكِلُ الطالبُ على ما سُجِّلَ في الدورات السابقة. وعلى الطالب أن لا يقولَ: لا داعي إلى الكتابة، والتسجيلُ موجود. وهذا غَلَطٌ كبير يقع فيه بعضُ الطلاب، وكتابةُ الطالب مع الشيخِ مؤثرةٌ في استعداداته العلمية، وفي سلوكه العلمي كما ينبغي، فلا بدَّ للعلم من مشقةٍ ومكابدةٍ ومجاهدةٍ. وفي الكتابةِ تتكون ملكةٌ في تلخيصِ العلمِ؛ لأنه لا يستطيع أن يكتب حرفيًا ما يقوله المُعلِّمُ، ولهذا ينبغي التفريقُ بين ما نَقَلَهُ الطالبُ إملاءً وبين ما سَمِعَهُ. فقد يكون في كتابة تلخيصِ ما سَمِعَهُ نقصٌ كبيرٌ عما قاله المُعلِّم. إذًا ما المقصود من الكتابة؟ المقصود أن يتدربَ الطالبُ على ملكة التلخيص، فيسمع ثم يلخص، يُلاحظُ في أول الأمر أن الشيخَ يسرعُ ولم يستطع الطالبُ أن يكتبَ. وفي المرة الثانية يستطيع الطالبُ أن يكتبَ، ولكن فاتَتْهُ أشياءُ، وهكذا يأتيه وقتٌ يكتبُ باستيعابٍ ويستطيعُ الاختصارَ على أروع مثالٍ؛ لأن الملكةَ ترتبت عنده. وهذا ما يكون إلا بِدُرْبَةٍ. وكيف تكون الدُّرْبةُ؟ تكون الدُّربةُ بالإضافة إلى ما ذُكِرَ بأنْ لا يعتمدَ على التسجيل. النصيحة السادسة الرحمةُ بين الطلاب قد يكون في هذه الدوراتِ العلميةِ طبقاتٌ مختلفةٌ من الحاضرين: (1) فمنهم من يَحْضُرُ للعلم. (2) ومنهم من يَحْضُرُ مبتدئًا. (3) ومنهم من يَحْضُرُ لمجلس الذكر ويستمع (وبخاصة إن كان بعد الفجر أو في أوقات الإجابة). (4) ومنهم من يَحْضُرُ لفائدةٍ ما، ويكتفي بأيِّ شيءٍ يُحَصِّلُهُ. والذي ينبغي في الحقيقة أن يتعاهدَ طلابُ العلم بعضَهم بعضًا، فيعلِّمَ الطالبُ أخاه المبتدئَ الطريقةَ، ويُسْدي إليه النصيحةَ. ولهذا ينبغـي أن يرحمَ بعضُنا بعـضًا في الدروس العلمية، وفي العلم جميعًا. وربما ابتدأ العلماء متونَهم بالوصية لطالب العلم بالرحمة. ولهذا تجد في إجازات الحديث أولَ ما ينقلون حديثَ: { الراحمونَ يرحمُهم الرحمنُ، ارحموا من في الارض يَرْحَمْكُمْ مَنْ في السماء } ( ) ( ) هذا الحديث هو المعروف عند العلماء بالمسلسل بالأوَّلِيَّةِ؛ لأن كلَّ شيخٍ يقول عن شيخه: حدثنا شيخُنا فلانٌ، وهو أولُ حديث سمعته منه. قال: حدثني شيخي فلانٌ، وهو أولُ حديثٍ سمعته منه. إلى أن يصل إلى طبقة أتباعِ التابعين كلها أول. سؤال: لماذا يتعلمون حديث { الراحمون يرحمهم الرحمن... } ( ) ؟ الجواب: اعلم - رحمك الله - أن من خصال طالب العلم التي يبارك اللهُ تعالى بها ويرحمُهُ اللهُ - جلَّ وعلا - أن يكون رحيمًا بمَنْ حولَه يرشدهم، ويعلمهم، ويعينهم.. الخ. فإذا كنت في طلبك للعلم رحيمًا بالخَلْقِ وبزملائك وبأصدقائك وبالحضور في التعاون والخير فأبشرْ برحمةِ اللهِ - جلَّ وعلا - لك بوعده الصادق بقولِ نبيه - عليه الصلاة والسلام -: { الراحمونَ يرحمهم الرحمنُ.. } ( ). المرجع ............. كتاب الوصايا الجلية للاستفادة من الدروس العلمية لفضيلة الشيخ / صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ــ حفظه الله ــ ..... |
31-05-07, 11:58 AM | #2 | |
~مشارِكة~
|
موضوع قيم، بارك الله فيك
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين بارك الله فيك أختي أم أسامة على هذا الموضوع الراااااااائع (و الله ما أجاملك فهي الحقيقة)، و أجزل لك العطاء، آميــــن. يا ليتك كنت كتبته من زمان، و يا ريت تتحفينا بوصايا أخرى بارك الله فيك. اقتباس:
أسألك التوضيح أخيتي. وفقني الله و إياك لما يحبه و يرضاه، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. |
|
31-05-07, 02:12 PM | #3 | |
~ كن لله كما يُريد ~
|
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
حياكِ الله أختي أم نهيلة .. عذراً على التقصير .. اقتباس:
فمثلاً يتناول الشيخ مسألة معينه ويشرحها هذه لها رقم ..والجزء الذي بعده له رقم .. هكذا فهمت والله أعلم .. أختي أم نهيلة الكتاب صغير جداً ..في حدود 37 صفحة .. 19 صفحة وصايا ...والباقي ملحق أسئلة وإجاباتها مهمه ونافعه جداً.. أنصحكِ بقراءته .., أسأل الله لنا ولكِ النفع والفائدة والتوفيق والســــداد ., ..... |
|
31-05-07, 11:46 PM | #4 |
~ ما كان لله يبقى ~
|
جزى الله الشيخ خير الجزاء
موضوع متميز أختي أم أسامة جعله الله في ميزان حسناتك وجزاك الله خيرًا |
01-06-07, 10:24 PM | #5 |
إدارة عامة
|
جزاك الله خير أختي "أم أسامة" كلام جميل وذو فائدة كبيرة..
بارك الله فيك.. |
02-06-07, 11:43 AM | #6 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
طلب
ما شاء الله تبارك الله أختى أم أسامة.
والله أن الكلام الذى ذكرتيه لمس قلبى مباشرة رزقنا الله وأياك وجميع المسلمين الأخلاص والأجتهاد حتى نكون عباد الله المخلصين لى طلب عندك أختى أين أجد هذا الكتاب فأنا أحتاج أن أقرأه هل يوجد فى مكتبة الموقع؟ جزاك الله خيرا[] شكرا لك |
02-06-07, 04:18 PM | #7 |
~صديقة الملتقى~
|
جزاك الله خيرا اختنا ام اسلمه
فعلا موضوع قيم جدا سلمت يمينك واثابك الرحمن |
02-06-07, 07:55 PM | #8 |
~ كن لله كما يُريد ~
|
أخواتي الغاليات ..
أم اليمان .. عابرة سبيل .. مايسة محمد .. أختكم في الله .., وإياكنّ ... وفقكن الله لما يحب ويرضى .., أختي .. مايسة محمد ..وضعت رابط الكتاب أسفل الموضوع الذي كتبته .. وأضعه هنا مرة أخرى .. http://saaid.net/book/open.php?cat=5&book=3179 ...... |
02-06-07, 08:25 PM | #9 | |
~مشارِكة~
|
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين أجزل الله لك العطاء أختي أم أسامة ما قصرت. و لي عندك استفسار آخر، إذا تكرمت: اقتباس:
أعرف أني أثقلت عليك غاليتي، لكني أسأل الله أن يجعل ما تقومين به في ميزان حسناتك، آميــــن. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. التعديل الأخير تم بواسطة أم نهيلة ; 02-06-07 الساعة 08:29 PM |
|
16-06-07, 04:16 PM | #10 | |||
~ كن لله كما يُريد ~
|
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الغالية أم نهيلة عذرا نسيت الموضوع ..والله المستعان .. اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
والله أعلم .. ومعذرةً مرة أخرى ..وأسأل الله لنا ولكِ العلم النافع والعمل الصالح .. ...... |
|||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ميزات حضور الدروس وسماع الأشرطة وكيفية الإستفادة منهما | أم خــالد | روضة آداب طلب العلم | 12 | 02-01-07 07:56 PM |