العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑

الملاحظات


๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ 1427-1430 هـ

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-01-07, 02:20 AM   #1
أم اليمان
~ ما كان لله يبقى ~
افتراضي الدرس الأول من شرح ثلاثة الأصول ( المفرغ )

نص الدرس :
ـــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدًا , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرًا.
أما بعد،
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )

نبدأ على بركة الله في الدرس الأول من درس الأصول الثلاثة للامام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله تعالى عليه، وقبل البداية اسأل الله عز وجل التوفيق والسداد ونسأله العلم النافع والعمل الصالح ونعوذ به من علم لا ينفع، واقول مستعينًا بالله تبارك وتعالى أنه يجب على كل مسلمٍ أن يهتم بالعقيدة وفي دراستها وفي فهمها وهذا هو منهج الأنبياء في حياتهم وفي دعوتهم يقول الله تبارك وتعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)
ويقول الله تبارك وتعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً)
والرسول صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له :" إنك تأتي قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات إلى آخر الحديث والحديث في البخاري ومسلم، نعم ينبغي على المسلم أن يهتم بالعقيدة وبالتوحيد وبالذات في هذا الزمان حيث كثرت فرق الضلال، وصارت لها كتب، وقنوات ومجلات يشككون الناس في دينهم وفي عقائدهم، أهل الضلال يتحركون لنشر باطلهم وعقيدتهم بكل وسيلة وبكل طريقة، فلذلك على المسلم أن يحرص كل الحرص على دراسة العقيدة ليكون ثابتًا على عقيدته، ألا وإن من المتون العظيمة التي مازال العلماء ينصحون بها وبتدريسها وبنشرها للجميع صغارًا وكبارًا متن الأصول الثلاثة أو ثلاثة الأصول للإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله تعالى عليه، متن صغير لكنه حوى علمًا عظيمًا حوى قواعد مهمة وأصول عظيمة، وكل من قرأ هذا الكتاب عرف ذلك، إن مؤلف هذا الكتاب غنيٌ عن التعريف ولا داعي لنطيل في تعريفه فهو الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي وُلد هذا العالم في بلدة العيينة سنة 1115 من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، نشأ في أحضان أسرة فاضلة، وحفظ القرآن وهو صغير ورحل في طلب العلم وكان قد وهبه الله فهمًا ثاقبًا وقدرةً على الحفظ وصبرًا على القراءة والتحصيل، وله مؤلفات عظيمة لعل من أشهرها -والجميع يعرف ذلك- كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وأصول الإيمان، والأصول الثلاثة، ومختصر زاد المعاد، والقواعد الأربع، وكشف الشبهات، وغيرها كثير وكثير مات رحمة الله تعالى عليه سنة 1206 عن إحدى وتسعين سنة قضاها في ميدان العلم والجهاد والدعوة فرحمه الله تعالى رحمة واسعة.

نقرأ ما سنشرحه هذه الليلة بإذن الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم رحمك الله أن يجب علينا تعلم أربع مسائل: الأولى: العلم وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة، الثانية: العمل به، الثالثة: الدعوة إليه، الرابعة: الصبر على الأذى فيه، والدليل قوله تعالى : ( وَالْعَصْرِ ، ِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ , إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )



نبدأ بشرح ما نستطيع أن نشرحه من هذه الأسطر يقول المصنف رحمه الله : بسم الله الرحمن الرحيم وابتدأ المؤلف رحمة الله تعالى عليه بالبسملة لسببين اثنين أولاً : اقتداءً بكتاب الله تبارك وتعالى، وثانيًا: تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم ومراسلاته فقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وفيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، نعم وقد جاء في ذلك حديث لكنه ضعيف : "كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر"، والبداءة بالبسملة يبدؤون بها العلماء تبركًا، فاسم الله كله خير، اسم الله كله بركة، أنبه قبل أن نستطرد في الشرح إن شاء الله هناك فوائد خارج الشرح هذه تُسجل وتُكتب وسيكون عليها اختبار كما نبهنا، نعم أقول اسم الله كله خير وكله بركة، ولذلك إذا سمّى الإنسان على الذبيحة حلّت الذبيحة وكانت طيبة مباركة، واذا لم يسم كانت ميتة لا يجوز أكلها، إذا سمّى الإنسان على الطعام لم يشاركه الشيطان، واذا لم يسم شاركه الشيطان، ولذلك تُشرع التسمية في بداية كثير من الأمور مثلاً عند دخول المنزل كما جاء في حديث جابر قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم :" إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء" بسم الله عند دخول المنزل أما الحديث المشهور بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا فهو حديث ضعيف لا يصح وأيضًا عند الأكل فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة:" سمِّ الله وكل بيمينك" والتسمية عند الأكل على القول الراجح من أقوال أهل العلم أن ذلك واجب ورجحه ابن القيم رحمة الله تعالى عليه، وعند الوضوء كما قال صلى الله عليه وسلم:" لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" وكذلك عند الذبح كما قال النبي صلى الله وعليه وسلم : "ما أنهر الدم وذُكر اسم الله فكُل" والتسمية عند الذبح شرطٌ كما رجح ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ورجحه العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمة الله تعالى عليه وكذلك تُشرع التسمية إذا تَعِسَت الدابة فقد جاء في الحديث عن رجل قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثُرت دابته فقلت: تعس الشيطان فقال:" لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ويقول بقوتي ولكن قل باسم الله فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب"، وكذلك في الصباح والمساء كما في الحديث المعروف قال صلى الله عليه وسلم :" ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء" وكذلك عند ركوب الدابة وعند الجماع وعند النوم.

نعم، بسم الله الرحمن الرحيم الله علم على الرب سبحانه وتعالى لا يُسمى به غيره ومعناه المألوه أي المعبود محبة وتعظيما وكل الأسماء تضاف إليه كما قال الله تعالى : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة " ما معنى الأسماء تضاف إليه ؟ يعني نقول الرحمن من أسماء الله، العزيز من أسماء الله، الكريم من أسماء الله، الحكيم من أسماء الله، ولا نقول الله من اسماء الحكيم، الله من أسماء الكريم، الله من أسماء العزيز، لا، وإنما نقول الكريم من أسماء الله ولذلك من باب الفائدة لهذا السبب ذهب جمع من أهل العلم إلى أن الله هو اسم الله الأعظم وقد اختلف العلماء رحمهم الله ما هو اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى فذهب قوم إلى أنه هو الله، واستدلوا بهذا ما قلته قبل قليل وهوأن جميع الأسماء ترجع إليه، فنقول الرحمن من أسماء الله، الكريم من أسماء الله، الحكيم من أسماء الله، ولا نقول مثلا الله من أسماء الكريم، الله من أسماء الحميد، وقال جمع أن الاسم الأعظم هو الحي القيوم، والله أعلم بالراجح

نعم بسم الله الرحمن الرحيم
الرحمن اسم من أسماء الله متضمن لصفة الرحمة، ولا يطلق على غير الله تبارك وتعالى، ومعناه ذو الرحمة الواسعة، والرحيم المراد به ذو الرحمة الواصلة فيكون معنى الرحمن أي الموصوف بالرحمة الواسعة، والمراد بالرحيم الموصل رحمته من يشاء من عباده، ورحمة الله تعالى واسعة، قال الله تبارك وتعالى : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) بل إن الله عز وجل أرحم بعبده من الوالدة بولدها، بل إن ارسال النبي صلى الله عليه وسلم رحمة كما قال الله : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) فان قال قائل هل هناك أسباب تُنال بها رحمة الله نقول نعم، السبب الأول: الرحمة رحمة الناس فإن من يرحم الناس يرحمه الله الدليل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين:"إنما يرحم الله من عباده الرحماء" وفي سنن أبي داود قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" بل جاء في الحديث الذي صححه الألباني رحمة الله تعالى عليه:" والشاة إن رحمتها رحمك الله " فمن أراد أن يرحمه الله يرحم الناس، يرحم الناس في تعليم العلم، يرحم الناس في تقديم الخير لهم، يرحم الناس بالابتسامة، يرحم الناس بتقريبهم إلى الله تبارك وتعالى، بتحبيبهم لهذا الدين، لأن النجاة من الغبون هو بالالتجاء إلى الله تبارك وتعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى )، السبب الثاني للمحسنين كما قال الله تعالى : ( إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ) فالإحسان أمر عظيم، أن يحسن الإنسان في ماله، أن يحسن الانسان في عبادة ربه، أن يطبقها كما جاءت، أن يحسن الإنسان في أخلاقه مع الناس أخلاق اسلامية رائعة قائمة على الكتاب والسنة من التبسم والكرم والعطف وحسن الخلق ومساعدة الآخرين، هذا من الإحسان وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان والجزاء من جنس العمل، أيضا للمتقين كما قال الله تعالى : ( اكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) وهناك أسباب كثيرة لا نستطيع أن نستطرد حتى لا ينتهي علينا الدرس لكن نحن نذكر في الدروس بعض الفوائد وبإمكان الطالب أوالطالبة أن يبحثوا عن المزيد

بسم الله الرحمن الرحيم
قال -رحمه الله - : اعلم رحمك الله
اعلم كلمة يؤتى بها عند ذكر الأشياء المهمة التي ينبغي للمتعلم أن يصغي إلى ما يُلقي اليه منها أي انتبه فاني سأذكر لك أشياء مهمة في أصول الدين وفعلاً ما سيذكره المؤلف رحمة الله تعالى عليه في هذه العقيدة أمر يحتاج إلى انتباه، يحتاج إلى تيقظ ، يحتاج إلى ذكاء، يحتاج إلى فهم، نعم فكأنه قال اعلم ولا تكن جاهلاً بأمور الدين، سأذكر لك مسائل مهمة في أصول الدين حقيق أن تهتم بها غاية الاهتمام، وأن تصغي إليها حقيقة الإصغاء، ولا ريب كما قلت أن ما بعد ذلك، المتن فيه أمور عظيمة في أصول الدين، وفي قول اعلم نستفيد أن من علامات تحصيل العلم الانتباه، والاستيقاظ للعلم، وحسن الاستماع والإنصات، فإن حسن الاستماع والإنصات من علامات تحصيل العلم والتقدم فيه والفهم، قال: اعلم رحمك، الله أكبر الله أكبر يدعو للطالب وهكذا الإمام رحمه الله في كثير من كتبه دائمًا يُقدم مقدمة تشعر فيها ونشعر فيها أنه مشفق على المتعلم وعلى القارئ قال: اعلم رحمك الله، فقد قال في القواعد الأربعة ماذا قال أسأل الله أن يتولاك في الدنيا والآخرة هذا أسلوب للإمام رحمه الله في كتبه، قال أسأل الله أن يتولاك في الدنيا والآخرة وأن تكون ممن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هذه عنوان السعادة، وهذا أسلوب طيب سنتكلم عنه بعد قليل إن شاء الله.
اعلم رحمك الله دعاء له أن يرحمه الله تبارك وتعالى، أي غفر الله لك ما مضى ووفقك وعصمك فيما يُستقبل، فإذا قُرنت الرحمة بالمغفرة، فالمغفرة لما مضى، والرحمة سؤال السلامة من ضرر الذنوب وشرها في المستقبل، إذن رحمك الله دعاء للطالب دليل على حرص المؤلف وشفقته بالطالب، وأيضًا دعاء له أن يرزقه الله العلم، فإن المعلم ينبغي أن يحرص على الطلاب والطالبات، وأن يُخلص في التعليم فإن ذلك من نشر العلم، وان ذلك من هدي السلف رحمة الله تعالى عليهم أنهم يحبون للناس الخير، ويتمنون لهم العلم النافع والعمل الصالح، وهذا يقودنا الى مسألة وهي الرفق فإن الرفق دليل على التوفيق والسداد، فالرفق له ثمرات وفضائل، أولاً: الرفق يُزين الأمور كما قال النبي صى الله عليه وسلم : "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنزع من شيء إلا شانه" ثانيًا :واسمعوا لهذه اسمعوا لهذه يا من تسمعوني سواء في الشريط أو في الغرفة الصوتية من الطلاب والطالبات، اسمعوا يا من تتمنون أن تكونوا طلاب علم على منهج السلف، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن رفق بأمته يقول صلى الله عليه وسلم : "اللهم من رفق بأمتي فارفق به ومن شق عليهم فشُق عليه " ألا يريد الواحد منا أن يرفق الله عز وجل بنا ؟ بلى ، إذن نطبق هذه القاعدة وأن نرفق بالناس، وأن نسهل عليهم على ضوء الكتاب والسنة، أيضًا من ثمرات الرفق: البشارة لصاحب الرفق فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد الله بقوم خيرًا أدخل عليهم الرفق".

قال رحمه الله: أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل: الأولى : العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة، أرجو الانتباه لهذه النقطة، قال رحمه الله: يجب علينا تعلم أربع مسائل، أي يلزم، والوجوب ينقسم إلى قسمين: وجوب عيني، ووجوب كفائي، هذه المسائل وجوب عيني أي يلزم كل مكلف ذكرًا كان أو أنثى حرًا أو عبدًا أن يعرف هذه المسائل التي سيذكرها المؤلف، لأنها تشمل الدين فهي جديرةٌ بالعناية لعِظم نفعها، وفي قوله: يجب علينا، ماذا نستفيد؟ نستفيد فائدة أن العلم ينقسم إلى قسمين: علم فرض عين، وعلم فرض كفاية، فرض العين ما ذكره المؤلف وما يتعلق بالعقيدة ومعرفة العبد بربه وبنبيه، وفرض الكفاية ما يتعلق بالمسائل الفقهية والخلاف فيها والبحث فيها فهذا فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقي، كأن قائلاً يقول ما هي هذه المسائل الأربع؟ فقال العلم ثم عرّفه قال: وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام، العلم، هذا دليل على أن الإنسان أول ما يبدأ في طريقه إلى الله أن يتعلم ما يجب عليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "طلب العلم فريضة على كل مسلم " قال الإمام أحمد: يجب أن يطلب من العلم ما يقوم به دينه، قيل له: مثل أي شيء؟ قال الذي لا يسعه جهله صلاته وصيامه، فالمقصود أن الإنسان ينبغي أن يسعى في طلب العلم ، طلب العلم تلك العبادة العظيمة الجليلة التي هي من أسباب العزة لمن طلب العلم لله تبارك وتعالى يريد أن يرفع الجهل عن نفسه، ويريد أن يرفع الجهل عن أمته، يريد أن يصحح العقائد، يريد أن يصحح عقائد الناس، ويريد أن ينقذ الناس ليكون خليفةً من خلفاء الرسل، وقد ذكرت في درس المقدمة ما يكفي، وأمر عليه سريعًا فقد قال الله تبارك وتعالى في فضل العلم : ( شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) يقول القرطبي رحمه الله : هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء، فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن العلماء، وقال الله تعالى في شرف العلم لنبيه : ( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ) قال القرطبي رحمة الله تعالى عليه:" فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد منه كما أمره أن يستزيده من العلم"، وكما قلت في درس المقدمة لم يقل رب زدني مالاً أو زدني جاهًا أو زدني دنيا ( وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ) إذن هذه الآية أيها الإخوة أيها الجمع الطيب المبارك دليلٌ على أن من أراد الله به خيرًا جعله من أهل العلم ويقول الله تبارك وتعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ) نعم إن الانسان حينما يتعلم العلم لله عز وجل لابد أن يؤثر عليه، ولذلك لما علماء السلف تعلموا العلم لله زهدوا في الدنيا رغبوا في الآخرة، كانت حياتهم خشيةً وورعًا وزهدًا في الدنيا، لماذا ؟ لأنهم طلبوا العلم لله تبارك وتعالى يريدون أن يتقربوا إلى الله عز وجل درسوا العلم درسوا حديث ( لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرًا شربة ماء) فعرفوا حقارة الدنيا فزهدوا فيها ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من يُرد الله به خيرًا يفقه في الدين ) الله أكبر حديث عظيم يُبين أن من أراد الله به خيرًا فقهه في دينه، أما من لم يرد الله به خيرًا لا يفقهه في دينه، ويقول صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله به طريقًا إلى الجنة ) وفضل العلم يعني كثير لا نريد أن نستطرد فيه حتى لا يمضي علينا الوقت.

قال رحمه الله : وهو معرفة الله هذا تعريف العلم ما هو العلم أولاً معرفة الله نعم ينبغي ويجب على المسلم والمسلمة أن يعرف ربه بذاته وصفاته وافعاله وان ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) أن الله هو خالقه ورازقه والمتصرف في امره بل وفي الكون كله بل ويعرف انه هو المستحق للعبادة دون سواه وكل عبادة صُرفت لغيره فهي عبادة باطلة، ومعرفة الله تكون بالنظر في آياته ومخلوقاته كالشمس والقمر والليل والنهار وغيرها كما قال الله تعالى : ( أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ) وقال الله تعالى : ( وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) وقال الله تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ) سأذكر فائدة إن في قول الله عز وجل في هذه الآيات دليلٌ على أن معرفة الله تكون بالنظر في آياته وفي مخلوقاته.

وفي كل شيء له آية* تدل على أنه واحد
فيا عجبنا كيف يعصي الإله* أم كيف يجحده الجاحد؟!

الفائدة هي أننا أمرنا بالتفكر في آيات الله ومخلوقاته، ولم نؤمر بالتفكر بذات الله تبارك وتعالى، نعم لم يأت حديث أو آية فيه أن الله يأمرنا أن نتفكر في ذاته أبدًا لماذا؟ لأن الله أكبر وأعظم من كل شيءٍ نُقدّره، مهما قدّرنا فالله أعظم، مهما قدّر الإنسان فهو كاذبٌ في تقديره، لأن الله يقول : ( وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) قد جاء في حديث ضعفه بعضهم وحسنه بعضهم : ( تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في ذات الله ) ومعناه صحيح إذن أُمرنا بالتفكر في ماذا ؟ في آيات الله ومخلوقاته، في أسمائه وصفاته، وما تدل عليه من صفات عظيمة جليلة ، عليم يدل على صفة العلم، يعلم الصغائر، يعلم الكبائر، يعلم المستحيلات، يعلم كل شيء، يعلم ما في الصدور، يعلم الشيء الذي لن يكون لو كان كيف يكون ( وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ) علم كامل لم يُسبق بجهل ولا يُلحق بنسيان، نعم إننا مأمورون بالتعرف إلى الله بآياته ومخلوقاته وبأسمائه وصفاته.

قال : ومعرفة نبيه
هذا من العلم، يجب على الإنسان أن يعرف نبيه، وكيف ذلك؟ نمر عليها سريعًا لأن المؤلف سيذكر لها بابًا خاصًا، لكن نمر عليها سريعًا، يعرف اسمه وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي المكي، يعرف أنه يجب طاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، يجب أن يعرف أن محبته واجبة فوق محبة النفس والمال والولد، في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم :" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه " ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ) وسيأتي لهذا الأصل تفصيل كامل حينما يتكلم عنه المؤلف بإذن الله تبارك وتعالى .

قال : ومعرفة دين الإسلام بالأدلة
أرجو الانتباه لهذه النقطة ومعرفة دين الإسلام بالأدلة ، الإسلام له معنى عام ومعنى خاص، المعنى العام هو التعبد لله بما شرع منذ أن أرسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة، كما ذكر ذلك في آيات كثيرة تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام، سأذكر أمثلة قال الله تعالى عن إبراهيم : ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ ) وقال يعقوب لبنيه : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) إذن الإسلام في زمن الرسول هو ما أنزله الله تبارك وتعالى هذا بمعناه العام ، أما المعنى الخاص فهو بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يختص بماذا؟ بما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، لأن ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان السابقة فصار من اتبع محمدًا مسلمًا، ومن خالفه فليس بمسلم، وهذا الدين الذي بُعث به محمد عليه الصلاة والسلام هو الدين دين الإسلام المقبول، غيره غير مقبول، دين اليهود غير مقبول، دين النصارى غير مقبول، لأن دين النبي صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان.
وقال الله عز وجل : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) ويقول الله تبارك وتعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ) إذن فمن لم يتبع محمدًا عليه الصلاة والسلام ولم يؤمن به فهو كافر فمن ادعى أن اليهودية حق أن النصرانية دين مقبول فهو كافرٌ مُكذبٌ بالقرآن لأن الله عز وجل يقول : ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ) سأنقل للجميع كلام للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في تفسير سورة آل عمران يقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في تفسير سورة آل عمران : ولو سألنا سائل هل اليهود والنصارى مسلمون؟ فنقول أما بالمعنى العام فهم مسلمون يعني أنه لما كانت شريعة التوراة قائمة وكانوا يتبعونها فهو مسلمون بلا شك وأما بالمعنى الخاص الذي لا يُراد سواه بعد بعثة محمد عليه الصلاة والسلام فليسوا بمسلمين بل هم كفار بمحمد صلى الله عليه وسلم وهنا ننبه - هذا كلام الشيخ ابن عثيمين - أن كثيرًا من الكتاب اليوم إذا تكلموا عن اليهودية والنصرانية والإسلام يقولون هذه الأديان السماوية فيظن السامع أن دين اليهود قائم وأن دين النصارى قائم كقيام دين الاسلام وهذا لا يصح فإن هذه الأديان أديان سماوية بلا شك لكنها حُرفت وبُدلت وغُيرت ونُسخت ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم فليس دينا يرتضيه الله اليوم بل المتمسكون بها كفار لا يعدون من المسلمين ثم قال لأن من زعم أن هناك دينًا قائمًا بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام فهو كافر فإن دينه نسخ جميع الأديان يقول الله عز وجل : ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ )

وقوله بالأدلة فيه دليل على أن الإنسان ينبغي أن يحرص على الأدلة، وهذا ما سنحرص عليه ان شاء الله في الاختبارات والدروس، فإن الدليل مهم ويُقوي المسألة، والأدلة جمع دليل وهو ما يُوصَل به إلى المطلوب، وفي قوله الدليل أن المقلد ليس بعالم، المقلد من هو؟ المقلد ليس بعالم، التقليد هو اتباع من ليس قوله حجة، فالمقلد هو الذي إذا سُئل عن مسألة ماذا يقول ؟ يقول قال الشيخ الفلاني كذا وكذا هذا مقلد ليس بعالم، والمقلد أجمع العلماء كما يقول ابن عبد البر أجمع الناس على أن المقلد ليس معدودًا من أهل العلم، وأن معرفة الحق بدليله، فالمقلد كالعوام، كثير من العوام وكثير من المتعلمين هي ما يُسأل عن مسألة ماذا يقول ؟ يقول الشيخ الفلاني حرام، قال الشيخ الفلاني حلال، فهذا مقلد ليس بعالم، فنبغي على المسلم أن يحرص كل الحرص على أن يعرف الدليل.



توقيع أم اليمان
.....
قال نبينا -عليه الصلاة والسلام - : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تبارك وتعالى : تُريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تُبَيِّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجينا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل . رواه مسلم .
.....
أم اليمان غير متواجد حالياً  
قديم 31-01-07, 03:33 PM   #2
شموع لا تنطفئ
~مشارِكة~
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا



شموع لا تنطفئ



توقيع شموع لا تنطفئ
[CENTER]ورد22
أحبكم في الله
شموع لا تنطفئ[/CENTER]
شموع لا تنطفئ غير متواجد حالياً  
قديم 04-03-07, 11:26 AM   #3
ام جهاد
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 03-03-2007
المشاركات: 6
ام جهاد is on a distinguished road
افتراضي

جزاكِ الله خيرًا على الدرس المفيد
ام جهاد غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:23 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .