![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
#1 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() ![]() • القاعِـدةُ الثَّانيـة: المُؤلِّفُ يُبيِّنُ لنا شُبهةَ الكُفَّار حين أشركوا معه غيرَه. فلَمَّا قيل لهم: لماذا تُشركون؟ ولماذا تصرِفون شيئًا من العِبادةِ لغير الله تعالى؟ جاء الرَّدُّ منهم أنَّه ما دَعوناهم وتوجَّهنا إليهم إلَّا لطَلب القُربةِ والشَّفاعةِ. ومع ذلك، فهؤلاء الذين طلبوا القُربةَ والشَّفاعةَ سمَّاهم اللهُ تعالى مُشركين، ولم يَجعلهم مُوَحِّدين، وحَكَمَ اللهُ تعالى عليهم بالخُلُودِ في النار، مع أنَّهم يُقِرُّونَ برُبوبيَّةِ اللهِ تعالى. فدَلَّ على أنَّ الرُّبوبيَّةَ وَحدَها لا تنفع. ![]() = الشَّفاعةُ: هِيَ طلبُ الخير للغَير. = أركانُ الشَّفاعةِ: مشفوعٌ له - وشافِعٌ - ومشفوعٌ عِندَه - وموضوع الشَّفاعة. ![]() يقولُ العُلماءُ: الشَّفاعةُ في أصلِها تنقسِمُ إلى قِسمين: شفاعةٌ مُثبَتَة، وشفاعةٌ منفِيَّة. - الشَّفاعةُ المنفيَّة: هِيَ التي جاءت في قول اللهِ تعالى: ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْحَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ غافر/18، وفي قولِهِ تعالى: ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ المدثر/48. - الشَّفاعةُ المُثبَتَة: هِيَ التي جاءت في قوله تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ البقرة/255. ومُحمدٌ- صلَّى الله عليه وسلَّم- يقولُ: (( أنا سيِّدُ ولدِ آدمَ يومَ القيامةِ، وأوَّلُ مَن ينشقُّ عنه القبرُ، وأوَّل شافعٍ وأوَّلُ مُشفَّعٍ )) رواه مُسلِم. ويومَ القيامةِ يَشفَعُ الأنبياءُ والملائِكةُ والصَّالِحون، ويَشفَعُ الشُّهداءُ. ![]() = الشَّفاعةُ المُثبتَةُ تنقسِمُ إلى قِسمين في أصلِها: = شفاعةٌ خاصَّةٌ بالنبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يشركه فيها أحد. = وشفاعةٌ عامَّةٌ لرسول اللهِ- صلَّى الله عليه وسلَّم- ولغيره. ![]() * الشَّفاعةُ الخاصَّةُ بمُحمدٍ- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنواع: - أوَّلُها: شفاعةُ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- لِعَمِّه أبي طالِب. الأصلُ أنَّ الكافِرَ ما يُشفَعُ له إطلاقًا، ولكنْ استُثنِيَ عَمُّ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- دُون غيره. - الشَّفاعةُ الثانية الخاصَّةُ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: شفاعتُه في المَوقِفِ الأعظَم، وهو المَقام المَحمود. - الشَّفاعةُ الثالثة: هِيَ شفاعةُ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- لأهل الجنَّةِ في دخول الجنَّةِ، ويكونُ مُحمدٌ- صلَّى الله عليه وسلَّم- هو أوَّل داخِلٍ للجنَّةِ، ولن يدخُلَ أحدٌ الجنَّةَ إلَّا بشَفاعتِهِ. بَعضُ العُلماءِ أضافَ إليها قِسمًا آخَر؛ وهو شفاعة النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- في السَّبعين الذين يدخلون الجنَّةَ بغير حِسابٍ ولا عذاب. وقالوا إنَّها من خصائص النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. ![]() * أمَّا القِسمُ الآخَرُ: فهو الشَّفاعاتُ العامَّةُ، التي يكونُ فيها النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- ويكونُ معه غيرُه من الأنبياءِ والملائِكةِ والصَّالحين وغيرهم. مِثل: - الشَّفاعة في عَدم دخول بعض أقوامٍ استحقُّوا النارَ ألَّا يدخلوها،فيُشفَع لهم، فلا يَدخلوها. - الشَّفاعةُ كذلك في أقوامٍ أن تُرفَعَ درجاتُهم في الجنَّاتِ (وهِيَ خاصَّةٌ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم). - الشَّفاعةُ في أقوامٍ دخلوا النارَ،فيَخرجون من النار (وهِيَ مُطلَقة). ![]() = شُـرُوطُ الشَّفاعـة: ذَكَرَ العُلَماءُ لها شَرطَيْن: 1- إذنُ اللهِ تعالى للشَّافِع: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ البقرة/255. 2- الرِّضا عن المَشفوعِ له وعن الشَّافِع: ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ﴾ الأنبياء/28. ![]() الشَّفاعةُ منها ما يكونُ حقًّا، ومنها ما يكونُ باطِلاً. ما يكونُ باطِلاً: حين قال الكُفَّارُ: ﴿ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ يونس/18، هذه باطِلة. ويكونُ حقًّا: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ البقرة/255، ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ﴾ الأنبياء/28، ﴿ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُلِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ النجم/26. هذا حَقٌّ. إذا اختلَّ شَرطٌ من هذه الشُّروطِ، لا تتحقَّقُ الشَّفاعةُ إطلاقًا. |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() ![]() • القاعِـدةُ الثَّالِثـة: في هذه القاعدةِ أراد المُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- أن يُبيِّنَ أنَّ النبيَّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- بُعِثَ في زَمنٍ كانت الآلِهةُ فيه مُتعدِّدة، وأنَّ كُفَّارَ قُريشٍ أو مُشركي العَرب لم يَكُن الشِّركُ عندهم نوعًا واحدًا، بل مِن هؤلاء الناس مَن يَعبُدُ الملائكةَ، ومنهم مَن يَعبُدُ الأنبياءَ، ومنهم مَن يَعبُدُ الصَّالحين، ومَنهم مَن يَعبُدُ الأحجارَ، ومنهم مَن يَعبُدُ الأشجارَ، ومنهم مَن يَعبُدُ الشمسَ والقمر، ومع ذلك قاتَلَهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم. ![]() * مِن سلبيَّاتِ الشِّركِ وأباطيله: - أنَّ أهلَه مُتفرِّقون في عِباداتِهم، لا يَجتمعون على ضابِطٍ واحدٍ أبدًا، ولا يسيرون على أصل، وإنَّما يسيرون على أهوائهم ودعاياتِ المُضلِّين. ولهذا قال اللهُ تعالى مُشبِّهًا المُشرِكَ: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ الزمر/29. ![]() أُمِرنا أن نُقاتِلَ المُشركينَ جميعًا، فالمُشرِكُ ما يُقبَل منه الجِزْيَةُ إطلاقًا. ولهذا النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- ما قَبِلَ مِن مُشركي العَرب الجِزيَة، وإنَّما قَبِلَ الجِزيَةَ من اليَهود والنَّصارَى، وكذلك من المَجوس، مَن عداهم فليس إلَّا السَّيْف أو الإسلام. القِتالُ إنَّما شُرِعَ ليكونَ الدِّينُ للهِ تعالى، ليس المقصود هو قتل الكافِر أبدًا، إنَّما المقصود أن يُسلِمَ الكافِر. وجاء الجِهادُ لأنَّ أقوامًا وقفوا في وجه الإسلام ألَّا ينتشِر، فيُستأصَلُ مَن يَقِفُ حتى يَصِلَ الخيرُ إلى الغَير ويَصِلَ إلى الناس جميعًا. والدَّليلُ على أنَّ الإسلامَ لا يُريدُ قتلَ الكافِرِ لذاته أصلاً قولُ اللهِ تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ النساء/94. وفي حَديثِ أُسامة بن زيد رَضِيَ الله عنه وأرضاه: كان في سَرِيَّة، وإذا بهم وهو مع اثنين مِن الصّحابة لَحِقوا مُشرِكًا لأجل قتله، ففَرَّ منهم المُشرِك، ثُمَّ لاذ بأصل شجرةٍ- يعني اختبأ مِن ورائِها أو صعد عليها- ولَمَّا قَرُبَ المُسلمون منه- أُسامة ومَن معه- قال: أشهدُ أن لا إله إلَّا اللهُ وأنَّ مُحمدًا رسولُ الله. فالذين مع أُسامةِ رَجعوا، وانطلَقَ أُسامة ليَقتُلَه. فقالوا له: كيف تقتُلُه يا أُسامة؟! قال: واللهِ ما قالها إلَّا خوفًا من بارقة السَّيْف ( لمَّا رأى السَّيفَ على رقبته قالها، وإلَّا ليس صحيحًا. لماذا لم يَقُلها قبل القِتال؟ وإنَّما هو كذَّاب ). فقتلَه أُسامة. أُخبِرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فتمعَّرَ وجهُه، وغَضِبَ غَضبًا شديدًا، ثُمَّ قال له: (( أقتلتَه بعد أن قال: لا إله إلَّا الله؟ )) قال: يا رسولَ اللهِ، واللهِ ما قالها إلَّا تعوُّذًا؛ يعني: خائفًا من السَّيف. قال له الرسولُ: (( أشققتَ عن قلبه؟ كيف بكَ إذا جاءت لا إله إلَّا الله تحاجُّكَ يومَ القيامة؟! )). قال أُسامةُ رَضِيَ الله عنه: تمنَّيتُ أنِّي ما أسلمتُ إلَّا هذه اللحظة، مِن شِدَّة غَضَبِ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- عليه. إذًا، الإسلامُ لا يُريدُ قتلَ الكُفَّار، وإنَّما يُريدُ هِدايتَهم. |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() ![]() • القاعِـدةُ الرَّابِعـة: المُقارنةُ بين مُشركي زمن المُؤلِّف وزمننا وبين المُشركين في الأُمَم السابقة. والمُؤلِّفُ- رَحِمَه الله تعالى- لم يَقصِد الحَصرَ في الفرق بينهما. ولهذا قال: [ أنَّ مُشركي زماننا أغلظُ شِركًا مِن الأوَّلِين ] ، فذكر سببًا واحدًا؛ لأنَّ الأوَّلين يُشركون في الرَّخاءِ، أمَّا في حال الشَّدائد، فإنَّهم يلَجئون إلى اللهِ مُباشرةً. والسَّابقونَ الأوَّلون إذا أصابتهم المصائِبُ- مِن حوادِث، ومِن بلاءٍ، ومِن غَرَقٍ، ومِن أمراضٍ، ومِن غيرها- فتلقائيًّا يَرجعون إلى الله. والدَّليلُ على ذلك ما ذَكَرَه الله تعالى في كتابه: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ العنكبوت/65، كأنَّهم في حال الفُلكِ الأمواجُ تتلاطَمُ بهم، والمياه من تحتهم، وليس ثَمَّةَ طُرُقٌ للنَّجاة، فهُنا يلجأون إلى الله مُباشرةً، ﴿ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ ﴾ العنكبوت/65. ويُفهَمُ منه أنَّ مَن يكونُ على اليابسةِ آمَنُ مِمَّن يكونُ في وَسَطِ البحر، فإنَّ البِحارَ ليس كُلٌّ يستطيعُ السِّباحةَ، وحتى لو استطاع السِّباحةَ، فإنَّه رُبَّما تخطَّفته الأسماكُ، ورُبَّما ما استطاعَ أن يَصِلَ إلى بَرِّ الأمان أصلاً، فقد يَسبَحُ مُدَّةَ ساعة وساعتين ورُبَّما أربع، لكنْ بَعدَها ينقطِعُ به الأملُ فيَغرق. ولهذا يَدعون الله وَحدَه لا شريكَ له دُونَ غيره، فيتركون آلِهتَهم التي كانوا يعبدون من أشجارٍ وأحجارٍ وغيرها. ثُمَّ قال: [ ومُشركو زماننا شِركُهم دائمًا في الرَّخاءِ والشِّدَّة ]. ومِن الفرق كذلك عِندنا: أنَّ مُشركي زماننا عِندهم مِن العِلم ما لم يكُن عند المُشركين السابقين. فالسابقون وقعوا في الشِّركِ وهم على جَهل، أمَّا مُشركو زماننا يُوجَدُ الشخصُ مُشركًا وتخصُّصُه شرعيٌّ، ويَحمِلُ شهاداتٍ عالية. |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() ![]() القواعِـدُ الأربـع تدورُ حول قضيَّةِ التَّوحيـد والشِّـركِ. وبِناءً عليه نفهمُ أمورًا مُتعَدِّدة: أولاً: أنَّ الأصلَ في البَشريَّةِ أنَّ اللهَ خَلَقَهم على التَّوحيد، وفَطَرَهم عليه، فآدمُ- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- ومَن بَعده عَشرة قرون كانوا على التَّوحيد، وأنَّ الأصلَ في البَشريَّةِ أنَّهم مُوَحِّدونَ وليسوا بمُشركين، والدَّليلُ على ذلك: قولُ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما يَرويه عن رَبِّهِ: (( وإنِّي خَلَقْتُ عِباديحُنَفَاءَ كُلَّهم، وإنَّهم أتتهم الشياطينُ فاجتالتهم عن دِينهم )) رواه مُسلِم. ويَشهَدُ لذلك قولُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (( كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه )) رواه البُخاريّ ومُسلِم واللفظ للبُخاريّ. لم يَقُل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (أو يُسلِمانه) ؛ لأنَّ الأصلَ أنَّ البَشريَّةَ خُلِقَت على التَّوحيد، وأنَّ الشِّركَ طارئٌ على الناس. وانبنى على هذه المسألةِ أنَّ مَن مات مِن أطفال المُشركين، الصَّحيحُ مِن أقوال أهل العِلم أنَّهم مِن أهل الجنَّة. ثانيًا: أوَّلُ شِركٍ وَقَعَ في البَشريَّةِ كان في قوم نُوحٍ، ولهذا يُعتَبَرُ نُوحٌ هو أوَّلُ الأنبياءِ والرُّسُلِ، وإنْ كان الصَّحيحُ أنَّ آدمَ يُعتَبَرُ نبيِّاً رسولاً؛ وذلك أنَّ آدمَ- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- كان اللهُ يُوحِي إليه ليُبلِّغَ أولادَه بما يُريدُ اللهُ تعالى منهم مِن العِبادةِ وأنواعِها، ويُبيِّنُ لهم الحلالَ مِن الحرام، ويُبيِّنُ لهم شيئًا مِن التَّشريع، وما كان ذلك إلَّا عن طريق الوَحْي. ولكنَّ نُوحًا- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- هو أوَّلُ الأنبياءِ؛ ذلك أنَّ نُوحًا- عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- هو أوَّلُ نبيٍّ بُعِثَ للناس بعد وقوع الشِّركِ في الناس، وتُعتَبَرُ أُمَّتُه هِيَ أوَّل الأُمَم انحرافًا عن التَّوحيد. ثالثًا: أوَّلُ شِركٍ وَقَعَ في البَشريَّةِ كان بسبب الغُلُوِّ في الصَّالِحين. رابعًا: أنَّ الشِّركَ هو أعظَمُ ذنبٍ عُصِيَ اللهُ به، ولَمَّا سُئِل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أيُّ الذنبِ أعظمُ؟ قال: (( أن تَجعلَ للهِ نِدًّا وهو خَلَقَك )) مُتفقٌ عليه. ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ لقمان/13. ويُقابِلُه أعظمُ عَملٍ صالِحٍ يُتقَرَّبُ إلى اللهِ تعالى به؛ وهو التَّوحيد. خامسًا: أنَّ الشِّركَ ضِدَ كلمة التَّوحيد كُلِّيَّةً. سادسًا: أنَّ الأنبياءَ- عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ- جميعًا إنَّما كانت دَعوتُهم جُلُّها وأغلبُها مُتركِّزةً على تقرير التَّوحيد ومُحاربةِ الشِّركِ. |
![]() |
![]() |
![]() |
#5 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() ![]() مِن أسبابِ وجـودِ الشِّـركِ في النَّاس: - الغُلُوُّ في الصَّالِحين، وهذا أوَّلُ شِركٍ وَقَعَ في البَشريَّةِ. - عَدمُ سَدِّ الذرائِع المُوصلةِ إلى الشِّركِ، وهو التَّساهُل فيها. - التَّقليدُ الأعمَى، ذَكَرَه اللهُ تعالى في قوله: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾ الزخرف/23. - الجَهلُ؛ ويُقصَدُ به الجَهلُ بالتَّوحيدِ وبما يُضادُّه. (المُشركونَ السَّابقونَ أعلَمُ بكلمةِ التَّوحيدِ مِن كثيرٍ مِن النَّاس في زماننا). - عَدمُ الدَّعوةِ إلى التَّوحيدِ، وعَدمُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عن المُنكر في قضايا الشِّرك. - تعطيلُ العَقل وعَدمُ إعمالِهِ، وفي الآياتِ: ﴿ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ الأعراف/65، ﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ الأنبياء/67، ﴿ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ يونس/3. كأنَّه يُخاطِبُ العَقل. لماذا لا تنقادُ للتَّوحيد؟! فإذا عُطِّلَ العَقلُ عن أن يُعمَل العَمل الصَّحيح أو كان العَقلُ فيه شيءٌ من الشُّبُهاتِ والشُّكوكِ، فلا شَكَّ أنَّ الناسَ يقعونَ في أوحال الشِّركِ ويخوضون فيه. |
![]() |
![]() |
![]() |
#6 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
![]() ![]() العُلماءُ- رَحِمَهم اللهُ تعالى- يقولون: إنَّ الشِّركَ الأكبرَ له أنواعٌ خَمسة، وبَعضُهم يَزيدُ في ذلك. - فمنه ما يُسمَّى بشِركِ الدَّعوةِ أو الدُّعاءِ؛ وهو الذي قال اللهُ فيه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ غافر/60. فمَن دَعَا غيرَ اللهِ تعالى، فهو مُستكبِر. - ومِن الشِّركِ ما يُسمَّى بشِركِ القَصدِ والإرادة: وهو ما يتعلَّقُ بقولِهِ تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴾ الكافرون/1-3، وفي قوله تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ هود/15-16؛ لأنَّهم يُريدونَ الدُّنيا. وجاءت في قول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾ الأنعام/162-163. - منها كذلك: شِركُ الطاعة: وهو يُوجَدُ على مَرِّ العصور والدُّهور. أليس اللهُ يقول: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ الأنعام/57، ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ الشورى/21، وفي قول الله تعالى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ التوبة/31. وجاءت في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾ الأحزاب/67. - مِن الشِّركِ: شِركُ المَحبَّة: جاء في قول الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ البقرة/165. - مِن الشِّركِ ما يُسمَّى: شِركُ الخَـوف: وهو ما يُسمَّى " خَوف السِّرِّ"، والأصلُ: اللهُ تعالى يقولُ: ﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ آل عمران/175، ﴿ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ﴾ البقرة/150. ويقولُ العُلماءُ: إنَّ الخَوفَ في أصلِهِ- يعني يُقصَدُ به- ( الشِّركيّ) خوف السِّرّ؛ وهو الخَوفُ الاعتقاديُّ. قالوا: وكذلك الخَوف العَمليّ الذي يُؤدِّي إلى تركِ شيءٍ من الواجباتِ، ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ آل عمران/173، دَلَّ على أنَّهم صَدَقوا مع الله، فلَجأوا إليه، فكَشَفَ اللهُ عنهم ما هم فيه؛ ﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ﴾ آل عمران/174، كان هذا ثمرة التَّوحيد؛ أنَّ قلوبَهم تعلَّقَت بالله، فأبدلَهم اللهُ بهذه الطُّمأنينة. أمَّا ما يُسمَّى "الخَوف الطبيعيّ"، فهذا لا يُنكَر على الإنسان. - ثُمَّ نَجِدُ بَعضَ العُلماءِ يُضيفُ مِن الشِّركِ النَّوعَ السادس، وهو: الشِّرك في التَّوكُّل. ولهذا قال الله تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ الفرقان/58، ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ إبراهيم/12، ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ المائدة/23. التَّوكُّلُ: هو اعتمادُ القلبِ على اللهِ تعالى. |
![]() |
![]() |
![]() |
رقية مبارك بوداني |
هذه الرسالة حذفت بواسطة رقية مبارك بوداني.
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
▒ ◄ جدول طالب العلم ► ▒ | أم حذيفة المصرية | روضة آداب طلب العلم | 40 | 14-04-13 06:41 PM |
أنا عضوة جديدة وعندي أروع موضوع يخص المرأة على الإطلاق هدية قدومي لكم | أمة الرقيب | روضة الأسـرة الصالحة | 11 | 14-05-10 11:21 PM |
*مكتبة الشيخ صالح بن عواد المغامسي -حفظه الله - وسيرته الذاتيه* | الشهيدة بإذن الله | مكتبة طالبة العلم الصوتية | 19 | 13-04-09 05:23 PM |
الفرق بين الأحرف السبعة والقراءات السبعة | عبد السلام بن إبراهيم الحصين | روضة القرآن وعلومه | 23 | 17-02-09 11:19 AM |