العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة القرآن وعلومه

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-12, 05:56 PM   #1
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين




أصول المعاصي كلها ثلاثة
أصول المعاصي كلها, كبارها وصغارها, ثلاثة:
تعلق القلب بغير الله, وطاعة القوة الغضبية, والقوة الشهوانية, وهي الشرك والظلم والفواحش.



فغاية التعلق بغير الله شرك وأن يدعى معه إله آخر.
وغاية طاعة القوة الغضبية القتل.
وغاية طاعة القوة الشهوانية الزنا.
ولهذا جمع الله سبحانه بين الثلاثة في قوله: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ } وهذه الثلاثة يدعو بعضها إلى بعض, فالشرك يدعو إلى الظلم والفواحش .



كما أن الإخلاص والتوحيد يصرفهما عن صاحبه, قال تعالى: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } فالسوء: العشق, والفحشاء: الزنا.
وكذلك الظلم يدعو إلى الشرك والفاحشة, فإن الشرك أظلم الظلم,
كما أن أعدل العدل التوحيد. فالعدل قرين التوحيد, والظلم قرين الشرك,
ولهذا يجمع سبحانه بينهما. أما الأول ففي قوله:{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ }
وأما الثاني فكقوله تعالى:{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }.
والفاحشة تدعو إلى الشرك والظلم, ولا سيما إذا قويت إرادتها ولم تحصل إلا بنوع من الظلم والاستعانة بالسحر والشيطان.
وقد جمع سبحانه بين الزنا والشرك في قوله: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }.


فهذه الثلاثة يجر بعضها إلى بعض ويأمر بعضها ببعض. ولهذا كلما كان القلب أضعف توحيدا وأعظم شركا كان أكثر فاحشة وأعظم تعلقا بالصور وعشقا لها.
ونظير هذا قوله تعالى:{ فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }. فأخبر أن ما عنده خير لمن آمن به وتوكل عليه, وهذا هو التوحيد.
ثم قال:{ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ } فهذا اجتناب داعي القوة الشهوانية.
ثم قال:{ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }, فهذا مخالفة القوة الغضبية,


فجمع بين التوحيد والعفة والعدل التي هي جماع الخير كله.


اللــــهم يـا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك







توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-12, 06:17 PM   #2
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

حال من أصبح وليس همه إلا الله وعكسه

إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمل الله سبحانه حوائجه كلها, وحمل عنه كل ما أهمه, وفرغ قلبه لمحبته, ولسانه لذكره, وجوارحه لطاعته.


وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمله الله همومها وغمومها وأنكادها! ووكله إلى نفسه, فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق, ولسانه عن ذكره بذكرهم, وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم, فهو يكدح كدح الوحش في خدمة غيره, كالكير ينفخ بطنه ويعصر أضلاعه في نفع غيره.
فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته.
قال تعالى:{ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }الزخرف 36.


قال سفيان بن عيينة : لا تأتون بمثل مشهور للعرب إلا جئتكم به من القرآن.
فقال له قائل: فأين في القرآن "أعط أخاك تمرة فإن لم يقبل فأعطه جمرة ؟"
فقال في قوله:{ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً }.


اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-12, 06:18 PM   #3
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الرحمة المهداه وعلى آله وصحبه أجمعين


الإيمان واليقين
الإيمان له ظاهر وباطن, وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح. وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته.
فلا ينفع ظاهر لا باطن له وإن حقن به الدماء وعصم به المال والذريّة, ولا يجزىء باطن لا ظاهر له إلا إذا تعذّر بعجز أو إكراه أو خوف هلاك.

فتخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع دليل على فساد الباطن وخلوّه من الإيمان, ونقصه دليل نقصه, وقوته دليل قوته. فالإيمان قلب الإسلام ولبه
واليقين قلب الإيمان ولبه.
وكل علم وعمل لا يزيد الإيمان واليقين قوة فمدخول, وكل إيمان لا يبعث على العمل فمدخول.



التوكل على الله سره وحقيقته
التوكل على الله نوعان أحدهما: توكل عليه في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية, أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية.
والثاني: التوكل على الله في حصول ما يحبه هو ويرضاه من الإيمان واليقين والجهاد والدعوة إليه. وبين النوعين من الفضل مالا يحصيه إلا الله.

فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حق توكله كفاه النوع الأول تمام الكفاية.

ومتى توكل عليه في النوع الأول دون الثاني كفاه أيضا, لكن لا يكون له عاقبة المتوكل عليه فيما يحبه ويرضاه.

فأعظم التوكل عليه التوكل في الهداية, وتجريد التوحيد, ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاد أهل الباطل, فهذا توكل الرسل وخاصّة أتباعهم.

والتوكل تارة يكون توكل اضطرار وإلجاء, بحيث لا يجد العبد ملجأ ولا وزرا إلا التوكل, كما إذا ضاقت عليه الأسباب وضاقت عليه نفسه وظن أن لا ملجأ من الله إلا إليه, وهذا لا يتخلف عنه الفرج والتيسير البتة.
وتارة يكون توكل اختيار, وذلك التوكل مع وجود السبب المفضي إلى المراد, فإن كان السبب مأمور به ذم على تركه. وإن قام بالسبب, وترك التوكل, ذم على تركه أيضا,
فإنه واجب باتفاق الأمة ونص القرآن, والواجب القيام بهما, والجمع بينهما.
وإن كان السبب محرما, حرم عليه مباشرته, وتوحد السبب في حقه في التوكل, فلم يبق سبب سواه, فإن التوكل من أقوى الأسباب في حصول المراد, ودفع المكروه, بل هو أقوى الأسباب على الإطلاق.
وإن كان السبب مباحا نظرت هل يضعف قيامك به التوكل أو لا يضعفه؟ فإن أضعفه وفرق عليك قلبك وشتت همك فتركه أولى, وإن لم يضعفه فمباشرته أولى؛ لأن حكمة أحكم الحاكمين اقتضت ربط المسبب به فلا تعطل حكمته مهما أمكنك القيام بها,
ولا سيما إذا فعلته عبودية, فتكون قد أتيت بعبودية القلب بالتوكل, وعبودية الجوارح بالسبب المنوي به القربة.
والذي يحقق التوكل القيام بالأسباب المأمور بها, فمن عطلها لم يصح توكله كما أن القيام بالأسباب المفضية إلى حصول الخير يحقق رجاءه, فمن لم يقم بها كان رجاؤه تمنيّا, كما أن من عطّلها يكون توكله عجزا وعجزه توكلا.

وسر التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب على الله وحده, فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها
, كما لا ينفعه قوله: توكلت على الله, مع اعتماده على غيره وركونه إليه وثقته به, فتوكل الإنسان شيء وتوكل القلب شيء, كما أن توبة اللسان مع إصرار القلب شيء, وتوبة القلب وإن لم ينطق اللسان شيء فقول العبد: توكلت على الله, مع اعتماد قلبه على غيره, مثل قوله: تبت إلى الله, وهو مصر على معصيته مرتكب لها.


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-12, 06:20 PM   #4
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي



شكوى الجاهل من الله
الجاهل يشكو الله إلى الناس, وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه, فإنه لو عرف ربه لما شكاه, ولو عرف الناس لما شكا إليهم. ورأى بعض السلف رجلا يشكو إلى رجل فاقته وضرورته, فقال: يا هذا, والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك,

وفي ذلك قيل:

" وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم "


والعارف إنما يشكو إلى الله وحده. وأعرف العارفين من جعل شكواه إلى الله من نفسه لا من الناس, فهو يشكو من موجبات تسليط الناس عليه,


فهو ناظر إلى قوله تعالى
:{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى 30],
وقوله
:{ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ }[ النساء 79 ],
وقوله
:{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران 165].

فالمراتب ثلاثة:

أخسها أن تشكو الله إلى خلقه,

وأعلاها أن تشكو نفسك إليه,

وأوسطها أن تشكو خلقه إليه.
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-12, 06:21 PM   #5
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي


(((فائدة جليلة )))


قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} الأنفال 24,

فتضمنت هذه الآية أمورا, أحدها: أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ورسوله, فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له, وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات.
فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرا وباطنا. فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا, وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان.
ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم, فإن كل ما دعا إليه فيه الحياة, فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة, وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول صلى الله عليه وسلم.
قال مجاهد: {لِمَا يُحْيِيكُمْ } يعني للحق,
وقال قتادة: هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة.
وقال السدي: هو الإسلام أحياهم به بعد موتهم بالكفر.
وقال ابن إسحاق وعروة بن الزبير: واللفظ له:{ لِمَا يُحْيِيكُمْ } يعني للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل, وقوّاكم بعد الضعف, ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم. كلها من ابن كثير 2\297. وكل هذه عبارات عن حقيقة واحدة وهي القيام بما جاء به الرسول ظاهرا وباطنا.
قال الواحدي: والأكثرون على أن معنى قوله:{ لِمَا يُحْيِيكُمْ } هو الجهاد. وهو قول ابن إسحاق واختيار أكثر أهل المعاني.
قال الفراء: إذا دعاكم إلى إحياء أمركم بجهاد عدوكم يريد إنما يقوي بالحرب والجهاد, فلو تركوا الجهاد ضعف أمرهم واجترأ عليهم عدوهم.

قلت: الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة.
أما في الدنيا فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد.
وأما في البرزخ فقد قال تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} آل عمران 169.
وأما في الآخرة فإن حظ المجاهدين والشهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظ غيرهم.
ولهذا قال ابن قتيبة: { لِمَا يُحْيِيكُمْ } يعني الشهادة.
وقال بعض المفسرين: { لِمَا يُحْيِيكُمْ } يعني الجنة. فإنها دار الحيوان وفيها الحياة الدائمة الطيبة. حكاه أبو علي الجرجاني.
والآية تتناول هذا كله, فإن الإيمان والإسلام والقرآن والجهاد يحيي القلوب الحياة الطيبة. وكمال الحياة في الجنة, والرسول داع إلى الإيمان وإلى الجنة, فهو داع إلى الحياة في الدنيا والآخرة.
والإنسان مضطر إلى نوعين من الحياة:
حياة بدنه التي بها يدرك النافع والضار ويؤثر ما ينفعه على ما يضرّه. ومتى نقصت فيه هذه الحياة ناله من الألم والضعف بحسب ذلك. ولذلك كانت حياة المريض والمحزون وصاحب الهم والغم والخوف والفقر والذل دون حياة من هو معافى من ذلك.
وحياة قلبه وروحه التي بها يميز بين الحق والباطل والغي والرشاد والهوى والضلال, فيختار الحق على ضده. فتفيده هذه الحياة قوة التمييز بين النافع والضار في العلوم والإرادات والأعمال. وتفيد قوة الإيمان والإرادة والحب للحق, وقوة البغض والكراهة للباطل. فشعوره وتمييزه وحبه ونفرته بحسب نصيبه من هذه الحياة, كما أن البدن الحي يكون شعوره وإحساسه بالنافع والمؤلم أتم, ويكون ميله إلى النافع ونفرته عن المؤلم أعظم. فهذا بحسب حياة البدن, وذاك بحسب حياة القلب.
فإذا بطلت حياته بطل تمييزه. وإن كان له نوع تمييز لم يكن فيه قوة يؤثر بها النافع على الضار.

كما أن الإنسان لا حياة له حتى ينفخ فيه الملك, الذي هو رسول الله (الملك الذي ينفخ الروح في الإنسان بأمر الله), من روحه, فيصير حيا بذلك النفخ. وكان قبل ذلك من جملة الأموات. وكذلك لا حياة لروحه وقلبه حتى ينفخ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من الروح الذي ألقى إليه,
قال تعالى: { يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} النحل2,
وقال :{ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} غافر 15,
وقال:{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} الشورى 52.
فأخبر أن وحيه روح ونور, فالحياة والاستنارة موقوفة على نفخ الرسول الملكي, فمن أصابه نفخ الرسول الملكي ونفخ الرسول البشري حصلت له الحياتان. ومن حصل له نفخ الملك دون نفخ الرسول حصلت له إحدى الحياتين وفاتته الأخرى, قال تعالى:{ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا }الأنعام 122, فجمع له بين النور والحياة كما جمع لمن أعرض عن كتابه بين الموت والظلمة. قال ابن عباس وجميع المفسرين: كان كافرا ضالا فهديناه.
وقوله تعالى:{ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ }
يتضمن أمورا: أحدها: أنه يمشي في الناس بالنور وهم في الظلمة, فمثله ومثلهم كمثل قوم أظلم عليهم الليل فضلوا ولم يهتدوا للطريق. وآخر معه نور يمشي في الطريق ويراها ويرى ما يحذره فيها.
وثانيها: أنه يمشي فيهم بنوره فهم يقتبسون منه لحاجتهم إلى النور.
وثالثها: أنه يمشي بنوره يوم القيامة على الصراط إذا بقي أهل الشرك والنفاق في ظلمات شركهم ونفاقهم.
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-12, 06:23 PM   #6
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين


تفسير قوله تعالى:
{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}
البقرة 216,
وقوله عزّ وجلّ:{ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} النساء 19.

فالآية الأولى في الجهاد الذي هو كمال القوة الغضبية,

والثانية في النكاح الذي هو كمال القوة الشهوانية.

فالعبد يكره مواجهة عدوه بقوته الغضبية خشية على نفسه منه, وهذا المكروه خير له في معاشه ومعاده, ويحب الموادعة والمتاركة, وهذا المحبوب شر له في معاشه ومعاده.

وكذلك يكره المرأة لوصف من أوصافها وله في إمساكها خير كثير لا يعرفه. ويحب المرأة لوصف من أوصافها وله في إمساكها شر كثير لا يعرفه.



فالإنسان كما وصفه به خالقه ظلوم جهول, فلا ينبغي أن يجعل المعيار على ما يضرّه وينفعه ميله وحبه ونفرته وبغضه, بل المعيار على ذلك ما اختاره الله له بأمره ونهيه. فأنفع الأشياء له على الإطلاق طاعة ربه بظاهره وباطنه, وأضر الأشياء عليه على الإطلاق معصيته بظاهره وباطنه, فإذا قام بطاعته وعبوديته مخلصا له فكل ما يجري عليه مما يكره يكون خيرا له, وإذا تخلى عن طاعته وعبوديته فكل ما هو فيه من محبوب هو شر له.

(( فمن صحت له معرفة ربه والفقه في أسمائه وصفاته, علم يقينا أن المكروهات التي تصيبه والمحن التي تنزل به فيها ضروب من المصالح والمنافع التي لا يحصيها علمه ولافكرته, بل مصلحة العبد فيما يكره أعظم منها فيما يحب )).



فعامة مصالح النفوس في مكروهاتها, كما أن عامة مضارها وأسباب هلكتها في محبوباتها.

فانظر إلى غارس جنة من الجنات خبير بالفلاحة غرس جنة وتعاهدها بالسقي والإصلاح حتى أثمرت أشجارها, فأقبل عليها يفصل أوصالها ويقطع أغصانها لعلمه أنها لو خليّت على حالها لم تطب ثمرتها, فيطعمها من شجرة طيبة الثمرة, حتى إذا والتحمت بها واتحدت وأعطت ثمرتها أقبل يقلمها ويقطع أغصانها الضعيفة التي تذهب قوتها, ويذيقها ألم القطع والحديد لمصلحتها وكمالها, لتصلح ثمرتها أن تكون بحضرة الملوك. ثم لا يدعها ودواعي طبعها من الشرب كل وقت, بل يعطشها وقتا ويسقيها وقتا, ولا يترك الماء عليها دائما وإن كان ذلك أنضر لورقها وأسرع لنباتها. ثم يعمد إلى تلك الزينة التي زينت بها من الأوراق فيلقي عنها كثيرا منها, لأن تلك الزينة تحول بين ثمرتها وبين كمال نضجها واستوائها كما في شجر العنب ونحوه. فهو يقطع أعضاءها بالحديد, ويلقي عنها كثيرا من زينتها, وذلك عين مصلحتها. فلو أنها ذات تمييز وإدراك كالحيوان, لتوهمت أن ذلك إفساد لها وإضرار بها, وإنما هو عين مصلحتها.


وكذلك الأب الشفيق على ولده العالم بمصلحته, إذا رأى مصلحته في إخراج الدم الفاسد عنه, بضع جلده وقطع عروقه وأذاقه الألم الشديد. وإن رأى شفاءه في قطع عضو من أعضائه أبانه عنه (أي قطعه), كل ذلك رحمة به وشفقة عليه. وإن رأى مصلحته في أن يمسك عنه العطاء لم يعطه ولم يوسع عليه, لعلمه أن ذلك أكبر الأسباب إلى فساده وهلاكه. وكذلك يمنعه كثيرا من شهواته حمية له ومصلحة لا بخلا عليه.



فأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأعلم العالمين, الذي هو أرحم بعباده منهم بأنفسهم ومن آبائهم وأمهاتهم,
إذا أنزل بهم ما يكرهون كان خيرا لهم من أن لا ينزله بهم, نظرا منه لهم وإحسانا إليهم ولطفا بهم, ولو مكنوا من الاختيار لأنفسهم لعجزوا عن القيام بمصالحهم علما وإرادة وعملا, لكنه سبحانه تعالى تولى تدبير أمورهم بموجب علمه وحكمته ورحمته, أحبوا أم كرهوا, فعرف ذلك الموقنون بأسمائه وصفاته فلم يتهموه في شيء من أحكامه, وخفي ذلك على الجهال به وبأسمائه وصفاته, فنازعوه تدبيره, وقدحوا في حكمته, ولم ينقادوا لحكمه, وعارضوا حكمه بعقولهم الفاسدة وآرائهم الباطلة وسياساتهم الجائرة, فلا لربهم عرفوا, ولا لمصالحهم حصلوا, والله الموفق.
ومتى ظفر العبد بهذه المعرفة سكن في الدنيا قبل الآخرة في جنة لا يشبه نعيمها إلا نعيم جنة الآخرة,
فإنه لا يزال راضيا عن ربه, والرضا جنة الدنيا ومستراح العارفين, فإنه طيب النفس بما يجري عليها من المقادير التي هي عين اختيار الله له, وطمأنينتها إلى أحكامه الدينية,
وهذا هو
الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا. وما ذاق طعم الإيمان من لم يحصل له ذلك.


وهذا الرضا هو بحسب معرفته بعدل الله وحكمته ورحمته وحسن اختياره, فكلما كان بذلك كان به أرضى. فقضاء الرب سبحانه في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة, لا يخرج عن ذلك البتة
كما قال صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور
: " اللهم إني عبدك, ابن عبدك, ابن أمتك, ناصيتي بيدك, ماض فيّ حكمك, عدل في قضاؤك, أسألك بكل اسم هو لك, سميت به نفسك, أو أنزلته في كتابك, أو علّمته أحدا من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك, أن تجعل القرآن ربيع قلبي, ونور صدري, وجلاء حزني, وذهاب همي وغمي, ما قالها أحد قط إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرجا". قالوا: أفلا نتعلمهن يا رسول الله؟ قال: " بلى ينبغي لمن يسمعهن أن يتعلمهن".

والمقصود قوله "عدل فيّ قضاؤك", وهذا يتناول كل قضاء يقضيه على عبده من عقوبة أو ألم وسبب ذلك, فهو الذي قضى بالسبب وقضى بالمسبب وهو عدل في هذا القضاء. وهذا القضاء خير للمؤمن كم قال صلى الله عليه وسلم:" والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له, وليس ذلك إلا للمؤمن".
قال العلامة ابن القيم: فسألت شيخنا "الإمام الجليل ابن تيمية" هل يدخل في ذلك قضاء الذنب؟ فقال: نعم بشرطه فأجمل في لفظة "بشرطه" ما يترتب على الذنب من الآثار المحبوبة لله من التوبة والانكسار والندم والخضوع والذل والبكاء وغير ذلك.


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-12, 06:28 PM   #7
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي


(فائدة)

لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا, ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بعد نظرين صحيحين:

النظر الأول في الدنيا
وسرعة زوالها وفنائها واضمحلالها ونقصها وخسّتها, وألم المزاحمة عليها والحرص عليها, وما في ذلك من الغصص والنغص والأنكاد, وآخر ذلك الزوال والانقطاع مع ما يعقب من الحسرة والأسف, فطالبها لا ينفك من هم قبل حصولها, وهم في حال الظفر بها, وغم وحزن بعد فواتها. فهذا أحد النظرين.
أما النظر الثاني في الآخرة
وإقبالها ومجيئها ولا بد, ودوامها وبقائها, وشرف ما فيها من الخيرات والمسرات والتفاوت الذي بينه وبين ما ها هنا فهي كما قال سبحانه:{ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } [الأعلى 17 ].
فهي خيرات كاملة دائمة, وهذه خيالات ناقصة منقطعة مضمحلة. فإذا تم له هذان النظران آثر ما يقتضي العقل إيثاره, وزهد فيما يقتضي الزهد فيه.
فكل أحد مطبوع على أن لا يترك النفع العاجل واللذة الحاضرة إلى النفع الآجل واللذة الغائبة المنتظرة, إلا إذا تبين له فضل الآجل على العاجل وقويت رغبته في الأعلى الأفضل فإذا آثر الفاني الناقص كان ذلك إما لعدم تبين الفضل له, وإما لعدم رغبته في الأفضل.
وكل واحد من الأمرين يدل على ضعف الإيمان وضعف العقل والبصيرة. فإن الراغب في الدنيا الحريص عليها المؤثر لها إما أن يصدّق بأن ما هناك أشرف وأفضل وأبقى, وإما أن لا يصدّق, فإن لم يصدق بذلك كان عادما للإيمان رأسا, وإن صدّق بذلك ولم يؤثره كان فاسد العقل سيء الاختيار لنفسه. وهذا تقسيم حاضر ضروري لا ينفك العبد من أحد القسمين منه.

فإيثار الدنيا على الآخرة إما من فساد الإيمان, وإما من فساد العقل. وما أكثر ما يكون منهما.



ولهذا نبذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهره هو وأصحابه وصرفوا عنها قلوبهم, وأطرحوها ولم يألفوها, وهجروها ولم يميلوا إليها, وعدّوها سجنا لا جنّة. فزهدوا فيها حقيقة الزهد,
ولو أرادوها لنالوا منها كل محبوب ولوصلوا منها إلى كل مرغوب.
فقد عرضت عليه مفاتيح كنوزها فردّها, وفاضت على أصحابه فآثروا بها ولم يبيعوا حظهم من الآخرة بها, وعلموا أنها معبر وممر لا دار مقام ومستقر, وأنها دار عبور لا دار سرور, وأنها سحابة صيف تنقشع عن قليل, وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى آذن بالرحيل.

قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" مالي وللدنيا, إنما أنا كراكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها" أخرجه الترمذي في الزهد 4\508(2377),وابن ماجه وأحمد والسيوطي.
وقال
:" ما الدنيا في الآخرة إلا كما يدخل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بما ترجع". أخرجه مسلم في الجنة 4\2193 رقم 55 [2858], والترمذي وابن ماجه.


وقال خالقها سبحانه
: { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }[يونس 24,25]

فأخبر عن خسة الدنيا وزهد فيها, وأخبر عن دار السلام ودعا إليها.

وقال تعالى
:{ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } [الكهف 45,46]

وقال تعالى
:{ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [الحديد20]

وقال تعالى
:{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } [آل عمران 14,15]

وقال تعالى
:{ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ } [الرعد 26]


وقد توعّد سبحانه أعظم الوعيد لمن رضي بالحياة الدنيا واطمأن بها وغفل عن آياته ولم يرج لقاءه, فقال
:{ إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [يونس 7,8]


وعيّر سبحانه من رضي بالدنيا من المؤمنين, فقال:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ } [التوبة 38]
وعلى قدر رغبة العبد في الدنيا ورضاه بها يكون تثاقله عن طاعة الله وطلب الآخرة,



ويكفي في الزهد في الدنيا قوله تعالى
:{ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ } [الشعراء 205-207]

وقوله
:{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } [يونس 45]

وقوله
: { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } [الأحقاف 35]

وقوله تعالى
:{ يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا. فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا. إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا. إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا. كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } [النازعات 42-46]

وقوله
:{ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ } [الروم 55]

وقوله
: { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [المؤمنون 112-114]

وقوله
:{ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً } [طه 102-104]


والله المستعان وعليه التكلان.



رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف تقيد الفوائد أثناء القراءة ؟ أم البتول روضة آداب طلب العلم 13 11-12-13 01:03 AM
كيف تقيد الفوائد أثناء القراءة ؟ أم الخطاب78 روضة آداب طلب العلم 12 07-03-11 05:39 PM
الدليل إلى المتون العلمية أمةالله المتون العلمية 58 17-01-08 10:11 PM


الساعة الآن 03:52 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .