العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ > دورات بين دفتي كتاب (انتهت)

الملاحظات


دورات بين دفتي كتاب (انتهت) بَيْنَ دِفَّتَي كِتَابٍ مشروع علمي في قراءة كتاب مختار

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-07, 01:56 PM   #1
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*


الحصة الخامسة

الأربعاء 18/07/2007



لكن يبقى عليه أمران بهما تتم سعادته وفلاحه :

أحدهما :

أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير ، ويكون له بصيرة في ذلك بما يشاهده في العالم ، وما جربه في نفسه وغيره ، وما سمعه من أخبار الامم قديما وحديثا .

ومن أنفع ما في ذلك تدبر القرآن ، فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه . وفيه أسباب الخير والشر جميعا مفصلة مبينة ، ثم السنة ، فإنها شقيقة القرآن ، وهي الوحي الثاني .
ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما من غيرهما ، وهما يريانك الخير والشر وأسبابهما ، حتى كأنك تعاين ذلك عيانا ، وبعد ذلك إذا تأملت أخبار الامم وأيام الله في أهل طاعته وأهل معصيته طابق ذلك ما علمته من القرآن والسنة ، ورأيته بتفاصيل ما أخبر الله به ووعد به ، وعلمت من آياته في الآفاق ما يدلك على أن القرآن حق ، وأن الرسول حق وأن الله ينجز وعده لا محالة ، فالتاريخ تفصيل لجزئيات ما عرفنا الله ورسوله من الأسباب الكلية للخير والشر .


فصل


الأمر الثاني :

أن يحذر مغالطة نفسه على هذه الأسباب ، وهذا من أهم الأمور ، فإن العبد يعرف أن المعصية والغفلة من الأسباب المضرة له في دنياه وآخرته ولا بد ، ولكن تغالطه نفسه بالاتكال على عفو الله ومغفرته تارة ، وبالتسويف بالتوبة وبالاستغفار باللسان تارة ، وبفعل المندوبات تارة ، وبالعلم تارة ، وبالاحتجاج بالقدر تارة ، وبالاحتجاج بالاشباه والنظراء تارة ، وبالاقتداء بالأكابر تارة أخرى .


كثير من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل ثم قال : ’’أستغفر الله ’’ ، زال أثر الذنب ، وراح هذا بهذا وقال لي رجل من المنتسبين الى الفقه : أنا أفعل ما أفعل ثم أقول سبحان الله وبحمده مائة مرة ، وقد غفر ذلك أجمعه ، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {{ من قال في يوم : سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر }} .
وقال لي آخر من أهل مكة : نحن إذا فعل أحدنا ما فعل ، ثم اغتسل وطاف بالبيت أسبوعا قد مُحي عنه ذلك .
وقال لي آخر : قد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {{ أذنب عبد ذنبا ، فقال : أي رب : أصبت ذنبا فاغفر لي ، فغفر الله ذنبه ، ثم مكث ما شاء الله ، ثم أذنب ذنبا آخر فقال : أي رب : أصبت ذنبا فاغفر لي ، فقال الله عز وجل ، علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ، فليصنع ما شاء }} . قال : أنا لا أشك أن لي ربا يغفر الذنب ويأخذ به .

وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص من الرجاء ، واتكل عليها ، وتعلق بها بكلتا يديه ، واذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغرته ونصوص الرجاء ! وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب ، كقول بعضهم :

وكثِّر ما استطعت من الخطايا *** إذا كان القدوم على كريم

وقول الآخر : التنزه من الذنوب جهل بسعة عفو الله .

وقال الآخر : ترك الذنوب جراءة على مغفرة الله واستصغار.

وقال محمد بن حزم : رأيت بعض هؤلاء من يقول في دعائه : اللهم اني أعوذ بك من العصمة .


التعلق بالجبر :

ومن هؤلاء المغرورين من يتعلق بمسألة الجبر، وأن العبد لا فعل له البتة ولا إختيار ، وإنما هو مجبور على فعل المعاصي .


التعلق بالإرجاء :

ومن هؤلاء من يغتر بمسألة الإ رجاء ، وأن الايمان هو مجرد التصديق ، والاعمال ليست من الايمان ، وأن ايمان أفسق الناس كايمان جبريل وميكائيل .


الخطأ في الحب :

ومن هؤلاء من يغتر بمحبة الفقراء والمشايخ والصالحين ، وكثرة التردد إلي قبورهم والتضرع إليهم ، والاستشفاع بهم ، والتوسل الى الله بهم ، وسؤاله بحقهم عليه ، وحرمتهم عنده .

ومنهم من يغتر بآبائه وأسلافه ، وأن لهم عند الله مكانة وصلاحا ، فلا يدعوه أن يخلصوه كما يشاهد في حضرة الملوك ، فإن الملوك تهب لخواصهم ذنوب أبنائهم وأقاربهم ، وإذا وقع أحد منهم في أمر مفظع خلصه أبوه وجده بجاهه ومنزلته .


الإغترار بالله :

ومنهم من يغتر بان الله عز وجل غني عن عذابه ، وعذابه لايزيد في ملكه شيئا ورحمته له لاينقص من ملكه شيئا ، فيقول : أنا مضطر إلى رحمته وهو أغني الاغنياء . ولو أن فقيرا مسكينا مضطرا الى شربة ماء عند من في داره شط يجري لما منعه منها ، فالله أكرم وأوسع ، والمغفرة لاتنقصه شيئا والعقوبة لاتزيد في ملكه شيئا .


الإغترار بالفهم الفاسد للقرآن والسنة :

ومنهم من يغتر بفهم فاسد فهمه هو وأضرابه من نصوص القرآن والسنة ، فاتكلوا عليه .

كاتكال بعضهم على قوله تعالى : {{ ولسوف يعطيك ربك فترضى }} الضحى5. ، وهو لايرضى أن يكون في النار أحد من أمته ، وهذا من أقبح الجهل ، وأبين الكذب عليه ، فانه يرضى بما يرضى به ربه عز وجل ، والله تعالى يرضيه تعذيب الظلمة والفسقة والخونة والمصرين على الكبائر ، فحاشا رسوله أن يرضى بما لايرضى به ربه تبارك وتعالى .

وكاتكال بعضهم على قوله تعالى : {{ ان الله يغفر الذنوب جميعا }} الزمر53. وهذا أيضا من أقبح الجهل ، فان الشرك داخل في هذه الآية ، فانه رأس الذنوب وأساسها ، ولا خلاف أن هذه الآية في حق التائبين ، فانه يغفر ذنب كل تائب أي ذنب كان ، ولو كانت الآية في حق غير التائبين لبطلت نصوص الوعيد كلها ، وأحاديث إخراج قوم من الموحدين من النار بالشفاعة .

وهذا إنما أتى صاحبه من قلة علمه وفهمه ، فانه سبحانه ههنا عمم وأطلق ، فعلم أنه أراد التائبين . وفي سورة النساء خصص وقيد فقال : {{ إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }} النساء48. فاخبر الله سبحانه أنه لايغفر الشرك ، وأخبر أنه يغفر ما دونه ، ولو كان هذا في حق التائب لم راحم بين الشرك وغيره .

وكاغترار بعض الجهال بقوله تعالى : {{ يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم }} الإنفطار6 ، فيقول : كرمه ، وقد يقول بعضهم : إنه لقن المغتر حجته ! وهذا جهل قبيح ، وإنما غره بربه الغرور - وهو الشيطان - ونفسه الأمارة بالسوء وجهله وهواه ، وأتى سبحانه بلفظ : ’’الكريم’’ وهو السيد العظيم المطاع الذي لاينبغي الاغترار به ولا إهمال حقه ، فوضع هذا المغتر الغرور فى غير موضعه ، واغتر بمن لاينبغي الاغترار به .

وكاغترار بعضهم بقوله تعالى في النار : {{ لايصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى }} الليل15-16 ، وقوله : {{ أعدت للكافرين }} البقرة24 ، ولم يدر هذا المغتر ان قوله : {{ فأنذرتكم نارا تلظى }} الليل14 هي النار مخصوصة من جملة دركات جهنم ، ولو كانت جميع جهنم فهو سبحانه لم يقل لايدخلها ، بل قال : {{ لايصلاها الا الاشقى }} ولا يلزم من عدم صليها عدم دخولها ، فان الصلي أخص من الدخول ونفي الاخص لا يستلزم نفي الأعم .

ثم هذا المغتر لو تأمل الآية التي بعدها لعلم أنه غير داخل فيها ، فلا يكون مضمونا له ان يجنبها .

وأما قوله في النار : {{ أعدت للكافرين }} فقد قال في الجنة : {{ أعدت للمتقين }} ، ولا ينافي إعداد النار للكافرين أن يدخلها الفساق والظلمة ولا ينافي إعداد الجنة للمتقين أن يدخلها من في قلبه أدنى مثقال ذرة من الإيمان ، ولم يعمل خيرا قط .


وكأغترار بعضهم بالإعتماد على صوم يوم عاشوراء ، أو يوم عرفة ، حتي يقول بعضهم : صوم يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها ، ويبقى صوم عرفة زيادة في الاجر .
ولم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجل من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء ، وهي إنما تكفر ما بينهما اذا اجتنبت الكبائر .
فرمضان والجمعة الى الجمعة ، لايقويا على تكفير الصغائر الا مع انضمام ترك الكبائر اليها ، فيقوي مجموع الامرين على تكفير الصغائر .
فكيف يكفر صوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها ، غير تائب منها ؟هذا محال ، على أنه لايمتنع أن يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء مكفرا لجميع ذنوب العام على عمومه ، وتكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع ، ويكون إصراره على الكبائر مانعا من التكفير ، فاذا لم يصر على الكبائر لتساعد الصوم وعدم الاصرار ، وتعاونا على عموم التكفير ، كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدين متعاونين على تكفير الصغائر مع أنه سبحانه قد قال : {{ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم }} النساء31 .

فعلم أن جعل الشىء سببا للتكفير لا يمنع أن يتساعد هو وسبب آخر على التكفير ، ويكون التكفير مع اجتماع السببين أقوى وأتم منه مع انفراد أحدهما . وكلما قويت أسباب التكفير كان أقوي وأتم وأشمل.


*
*



توقيع أمة الخبير
*
*
*


إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله

*
*
*


أمة الخبير غير متواجد حالياً  
قديم 19-07-07, 04:30 PM   #2
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*


الحصة السادسة

19/07/2007




حسن الظن بالله


وكاتكال بعضهم على قوله - صلى الله عليه وسلم - حاكيا عن ربه : {{ أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء }} ، يعني ما كان في ظنه فإني فاعله ، ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الاحسان ،فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده ، ويقبل توبته .

وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه ، وهذا موجود فى الشاهد ، فإن العبد الآبق الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به ، ولا يجامع وحشة الاساءة إحسان الظن ابدا ، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته ، وأحسن الناس ظنا بربه أطوعهم له ، كما قال الحسن البصري : (( إن المؤمن أحسن الظن بربه فاحسن العمل ، وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل )) .

فكيف يكون يحسن الظن بربه من هو شارد عنه ، حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه متعرض للعنته قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه ، وهان نهيه عليه فارتكبه وأصر عليه ؟؟ وكيف يحسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة ، وعادى أولياءه ووالى أعداءه وجحد صفات له ، و أساء الظن بما وصف به نفسه ووصفه به رسله - صلى الله عليه وسلم - وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر وكيف يحسن الظن بمن يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب ؟!!

وقد قال الله في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات ، وهو السر من القول : {{ وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أراداكم فأصبحتم من الخاسرين }} فصلت23. فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيرا مما يعملون كان هذا اساءة لظنهم بربهم ، فأرداهم ذلك الظن ، وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله ووصفه بما لا يليق به ، فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غرورا وخداعا من نفسه ، وتسويلا من الشيطان ، لا إحسان ظن بربه .

فتأمل هذا الموضوع ، وتأمل شدة الحاجة اليه ، وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاقي الله وأن الله يسمع ويري مكانه ، ويعلم سره وعلانيته ، ولا يخفى عليه خافية من أمره ، وأنه موقوف بين يديه ، ومسئول عن كل ما عمل ، وهومقيم على مساخطه مضيع لأوامره معطل لحقوقه ، وهو مع هذا يحسن الظن به ، وهل هذا إلا من خداع النفوس ، وغرور الأماني ؟!!

وقد قال أبو أمامة بن سهل بن حنيف : دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها ، فقالت : لو رأيتما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرض له ، وكانت عنده ستة دنانير أو سبعة ، فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أفرقها ، فشغلني وجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى عافاه الله ، ثم سألني عنها ، فقال : {{ ما فعلت ؟ أكنت فرقت الستة الدنانير ؟ }} فقلت : لا والله ، لقد شغلني وجعك ، قالت : فدعا بها فوضعها في كفه ، فقال : {{ ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده }} وفي لفظ : {{ ما ظن محمد بربه لو لقى الله وهذه عنده }}

فيالله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم ؟ فإن كان ينفعهم قولهم : حسنا ظنوننا بك إنك لن تعذب ظالما ولا فاسقا ، فليصنع العبد ما شاء ، وليرتكب كل ما نهاه الله عنه ، وليحسن ظنه بالله ، فإن النار لا تمسه ، فسبحان الله ؟! ما يبلغ الغرور بالعبد ، وقد قال ابراهيم لقومه : {{أإفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين }} الصافات 86-87 .أي : ما ظنكم به أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره .




حسن الظن هو حسن العمل :


ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه ، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقلها منه ، فالذي حمله على العمل حسن الظن ، فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله ، وإلا فحسن الظن مع ابتاع الهوى عجز ، كما في حديث الترمذي و’’المسند’’ من حديث شداد ابن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {{ الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله }}

وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة ، أما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن .



الفرق بين حسن الظن والغرور :


فإن قيل بل يتأتى ذلك ، ويكون مستند حسن الظن سعة مغفرة الله ورحمته ، وعفوه ، وجوده ، وأن رحمته سبقت غضبه ، وأنه لا تنفعه العقوبة ولا يضره العفو . قيل الأمر هكذا ، والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم ، ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به ، فإنه سبحانه موصوف بالحكمة ، والعزة والانتقام ، وشدة البطش ، وعقوبة من يستحق العقوبة ، فلو كان مُعَوَّلُ حُسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لاشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر ، ووليه وعدوه ، فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه ، وتعرض للعنته ، ووقع في محارمه ، وانتهك حرماته ، بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع ، وبدل السيئة بالحسنة ، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة ، ثم أحسن الظن فهذا حسن ظن ، والأول غرور . والله المستعان .

ولا تستطل هذا الفصل ، فإن الحاجة إليه شديدة لكل أحد ففرق بين حسن الظن بالله وبين الغرور به قال الله تعالى : {{ إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله }} البقرة 218 .فجعل هؤلاء أهل الرجاء ، لا البطالين والفاسقين .

وقال تعالى : {{ ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم }} النحل 110 ، فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها .

فالعالم يضع الرجاء مواضعه ، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه .


*
*
أمة الخبير غير متواجد حالياً  
قديم 20-07-07, 02:26 PM   #3
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*


الحصة السابعة

20/07/2007




فصل



الذين اعتمدوا على عفو الله فضيعوا أمره ونهيه :

وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه ، فضيعوا أمره ونهيه ، ونسوا أنه شديد العقاب ، وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين ، ومن اعتمد على العفو مع الاصرار على الذنب فهو كالمعاند .

قال معروف : رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق .

وقال بعض العلماء : من قطع عضواً منكم في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم ، لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة نحو هذا .

وقيل للحسن : أراك طويل البكاء ؟ فقال : أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي .

وكان يقول : إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة يقول أحدهم : لأني أحسن الظن بربي ، وكذب ، لو أحسن الظن لأحسن العمل .

وسأل رجل الحسن فقال : يا أبا سعيد ، كيف نصنع بمجالسة أقوام يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تطير ؟ فقال : والله ، لأن تصحب أقواما يخوفونك حتى تدرك أمنا ، خير لك من أن تصحب أقواما يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف .



وقد ثبت في ’’الصحيحين’’ من حديث أسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : {{ يجاء بالرجل يوم القيامة ، فيلقى في النار فتندلق اقتاب بطنه فيدور في النار كما برحاه ، فيطوف به أهل النار ، فيقولون : يا فلان ، ما أصابك ؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه }} .

وذكر الامام أحمد من حديث أبي رافع قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبقيع فقال : {{ ‘‘أف لك‘‘ ، فظننت أنه يريدني ، قال : ‘‘لا‘‘ ، ولكن هذا قبر فلان ، بعثته ساعيا الى آل فلان ، فغل نمرة ، فدرِّع الآن مثلها من نار }} .

وفي ’’مسنده’’ أيضا من حديث أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت : من هؤلاء ؟ قالوا : خطباء من أمتك من أهل الدنيا ، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم }} .

وفيه أيضا من حديثه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{ لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم }} .

وفيه أيضا عنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول : {{ يا مقلب القلوب والابصار ، ثبت قلبي على دينك }} فقلنا يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به ، فهل تخاف علينا ؟ قال : {{ نعم ، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء }} .

وفيه أيضا عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجبريل : {{ مالي لم أر ميكائيل ضاحكا قط ؟ قال : ما ضحك منذ خلقت النار }} .

وفي ’’صحيح مسلم’’ عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{ يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار ، فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال له : يابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مرّ بك نعيم قط ؟ فيقول : لا ، والله يارب ، ويؤتي باشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة ، فيصبح في الجنة صبغة ، فيقال له : يابن آدم هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مرّ بك شدة قط ؟ فيقول : لا ، والله يارب ، ما مرّ بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط }} .


وفي ’’المسند’’ من حديث البراء بن عازب قال : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الانصار ، فانتهينا الى القبر ، ولما يلحد ، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلسنا حوله كأن على رؤسنا الطير ، وفي يده عود ينكت به في الارض ، فرفع رأسه فقال : {{ استعيذوا بالله من عذاب القبر -مرتين أو ثلثا-
ثم قال : إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان أهل الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر ..
ثم يجىء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أخرجي أيتها النفس المطمئنة ، أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيِّ السقاء فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها ، فيجعلوها في ذلك الكفن ، وفي ذلك الحنوط ، ويخرج منها كأطيب نفخة مسك وجدت على وجه الارض ،
فيصعدون بها ، فلايمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ماهذه الروح الطيبة ،
فيقولون : روح فلان بن فلان ، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ، فيستفتحون له فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهوا به إلى السماء السابعة ،
فيقول الله عز وجل : أكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه الى الارض ، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى .
فقال : فتعاد روحه إلى الأرض ، فيأتيه ملكان ، فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟
فيقول : ربي الله عز وجل ،
فيقولان له : ما دينك ؟
فيقول : ديني الاسلام ،
فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟
فيقول : هو محمد رسول الله ،
فيقولان له : وما علمك ؟
فيقول : قرأت كتاب الله عز وجل ، فآمنت به وصدقت ،
فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، فافرشوا له من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وأفتحوا له بابا إلى الجنة ،
قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره .

قال : ويأتيه رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير؟ فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول : رب أقم الساعة رب أقم الساعة ، حتي أرجع الي أهلي ومالي .

*
*


أمة الخبير غير متواجد حالياً  
قديم 22-07-07, 06:03 PM   #4
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*



الحصة الثامنة

السبت 21/07/2007




قال : وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء سود الوجوه ، معهم المسوح ، فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة ، أخرجي إلى سخط من الله وغضب . قال : فتفرق في جسده فينتزعها ، كما ينزع السفود من الصوف المبتل ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين ، حتى يجعلوها في تلك المسوح ، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الخبيثة ؟ فيقولون : فلان بن فلان ، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، فيستفتح فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط }} الأعراف40. فيقول الله عز وجل : أكتبوا كتابه في سجين ، في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحا ، ثم قرأ : {{ ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق }}الحج31.

فتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه ، فيقولان له من ربك ؟ فيقول هاه هاه ، لا أدري . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول هاه هاه ، لا أدري . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه ، لا أدري . فينادي مناد من السماء : أن كذب عبدي ، فافرشوا له من النار ، وافتحوا له بابا إلى النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه قبره ، حتى تختلف فيه أضلاعه ، ويأتيه رجل قبيح الرجل قبيح الثياب منتن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر ، فيقول : أنا عملك الخبيث ، فيقول : رب لا تقم الساعة }} .

وفي لفظ لأحمد أيضا : ثم يقبض له أعمى أصم أبكم ، في يده مرزبة لو ضرب بها جبلا كان ترابا ، فيضربه ضربة فيصير ترابا ، ثم يعيده الله عز وجل كما كان ، فيضربه ضربة أخرى ، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين . قال البراء : ثم يفتح له باب إلى النار ، ويمهد له من فراش النار .


وفي ’’المسند’’ أيضا عنه قال : بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ بصر بجماعة فقال : علام اجتمع هؤلاء ؟ قيل : على قبر يحفرونه ، ففزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبدر بين يدي أصحابه مسرعا ، حتى انتهى إلى القبر فجثا على ركبتيه ، فاستقبلته بين يديه لأنظر ما يصنع ، فبكى حتى بل الثرى من دموعه ، ثم أقبل علينا فقال : {{ أي إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا }}


وفي ’’المسند’’ من حديث بريدة قال : خرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فنادى ثلاث مرات : {{ يا أيها الناس أتدرون ما مثلى ومثلكم ؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدواً يأتيهم فبعثوا رجلا يتراءى لهم ، فأبصر العدو فأقبل لينذرهم ، وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه ، فأهوى بثوبه : أيها الناس أتيتم ، أيها الناس أتيتم ، ثلاث مرات }}.


وفي ’’صحيح مسلم’’ من حديث جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{ كل ما أسكر حرام ، وإن على الله عز وجل عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال }} قيل : وما طينة الخبال ؟ قال :{{ عرق أهل النار أو عصارة أهل النار}}.



*
*

التعديل الأخير تم بواسطة أمة الخبير ; 22-07-07 الساعة 06:08 PM
أمة الخبير غير متواجد حالياً  
قديم 22-07-07, 06:14 PM   #5
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*



الحصة التاسعة

الأحد 22/07/2007




وفي ’’المسند’’ أيضا من حديث أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :{{إني أرى ما لا ترون وأسمع مالا تسمعون أطَّت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك ساجد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء في الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى }} قال أبو ذر : والله لوددت أني شجرة تُعْضَدُ .



وفي ’’المسند’’ أيضا من حديث حذيفة قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة ، فلما انتهينا إلى القبر قعد على ساقيه ، فجعل يردد بصره فيه ، ثم قال : {{ يضغط المؤمن فيه ضغطة تزول منها حمائله ، ويملأ على الكافر نارا }} والحمائل : عروق الأنثيين .



وفي ’’المسند’’ أيضا من حديث جابر قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن معاذ حين توفي ، فلما صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضع في قبره ، وسوِّي عليه سبَّح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسبحنا طويلا ، ثم كبر فكبرنا ، فقيل : يا رسول الله ، لم سبحت ، ثم كبرت ؟ فقال : {{ لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرج الله عنه }} .



وفي ’’صحيح البخاري’’ من حديث أبي سعيد ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{ إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت : قدموني قدموني ، وإن كانت غير صالحة قالت : ياويلها ، أين تذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ، ولو سمعها الإنسان لصعق }} .



وفي ’’مسند الإمام أحمد’’ من حديث أبي أمامة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{ تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل ، ويزاد في حرِّها كذا وكذا ، تغلي منها الرءوس كما تغلي القدور ، يعرقون فيها على قدر خطاياهم ، منهم من يبلغ إلى كعبه ، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه ، ومنهم من يبلغ إلى وسطه ، ومنهم من يلجمه العرق }}



وفيه عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : {{ كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ؟ وحنى جبهته يستمع متى يؤمر ، فينفخ }} فقال أصحابه : كيف نقول ؟ قال : {{ قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا }} .



وفي ’’المسند’’ أيضا عن ابن عمر يرفعه : {{من تعظم في نفسه ، أو اختال في مشيته ، لقي الله وهو عليه غضبان }} .



وفي ’’الصحيحين’’ عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{إن المصورين يعذبون يوم القيامة ، ويقال لهم أحيوا ما خلقتم }} .


وفيه أيضا عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : {{ إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله عز وجل يوم القيامة }} .



وفيهما أيضا عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : {{ إذا صار أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار ، جيء بالموت حتى يوقف بين الجنة والنار ، ثم يذبح ، ثم ينادي مناد : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم }} .


*
*
أمة الخبير غير متواجد حالياً  
قديم 23-07-07, 03:35 PM   #6
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*


الحصة العاشرة

الإثنين 23/07/2007


وفي ’’المسند’’ عنه قال : {{ من اشترى ثوبا بعشرة دراهم فيها درهم حرام لم يقبل الله له صلاة مادام عليه }} ثم أدخل إصبعيه في أذنيه ثم قال : {{صمتا إن لم أكن سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم – يقوله }} .

وفيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : {{ من ترك الصلاة سكراً مرة واحدة فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها ، ومن ترك الصلاة سكرا أربع مرات كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال }} قيل : وما طينة الخبال يا رسول الله ؟ قال : {{عصارة أهل جهنم }}.

وفيه أيضا عنه مرفوعا : {{ من شرب الخمر شربة لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا ، فإن تاب تاب الله عليه }} فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة ، قال : {{ فإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة }} .

وفي ’’المسند’’ أيضا من حديث أبي موسى قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{ من مات مدمناً للخمر سقاه الله من نهر الغوطة }} قيل : وما نهر الغوطة ؟ قال : {{نهر يجري من فروج المومسات ، يؤذي أهل النار ريح فروجهن }} .

وفيه أيضا عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه ، أو آخذ بشماله }} .

وفي ’’المسند’’ أيضا من حديث بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : {{ إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه }} وضرب لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلا ، كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود ، والرجل يجيء بالعود ، حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا ، فأنضجوا ما قذفوا فيها.

وفي ’’الصحيح’’ من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{ يضرب الجسر على جهنم ، فأكون أول من يجوز ، ودعوى الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم ، وعلى حافتيه كلاليب مثل شوك السعدان ، تخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم الموثق بعمله ، ومنهم المجردل ثم ينجو ، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يرحم ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله ، أمر الملائكة أن يخرجوه ، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ، فيخرجونهم وقد امتحشوا فيصب عليهم من ماء ، يقال له ماء الحياة ، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل }} .

وفي ’’صحيح مسلم’’ عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة : رجل استشهد ، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها ،
فقال : ما عملت فيها ؟
قال : قاتلت فيك حتى قتلت .
قال : كذبت ، ولكن قاتلت ليقال : هو جريء ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها
فقال : ما عملت فيها ؟
قال : تعلمت فيك العلم وعلمته ، وقرأت فيك القرآن ،
فقال : كذبت ، ولكنك تعلمت ليقال : هو عالم ، فقد قيل . وقرأت القرآن ليقال : هو قارئ ، فقد قيل .
ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار – وفي لفظ – فهؤلاء أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة .

وسمعت شيخ الإسلام يقول : كما أن خير الناس الأنبياء فشر الناس من تشبه بهم يوهم أنه منهم وليس منهم ، فخير الناس بعدهم : العلماء ، والشهداء ، والصديقون والمخلصون ، وشر الناس من تشبه بهم يوهم أنه منهم وليس منهم .


*
*
أمة الخبير غير متواجد حالياً  
قديم 24-07-07, 02:42 PM   #7
أمة الخبير
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

*
*
*




الحصة الحادي عشرة

الثلاثاء 24/07/2007





في ’’صحيح البخاري’’ من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : {{ من كانت عنده لأخيه مظلمة في مال أو عرض فليأته ، فليستحلها منه قبل أن يؤخذ وليس عنده دينار ولا درهم ، فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته فأعطيها هذا ، وإلا أخذ من سيئات هذا فطرحت عليه ثم طرح في النار }}.


وفي ’’الصحيح’’ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : {{من أخذ شبراً من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين}}.


وفي ’’الصحيحين’’ عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : {{ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم }} قالوا : والله إن كانت لكافية ، قال : {{ فإنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها }} .


وفي ’’المسند’’ عن معاذ قال : أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : {{لا تشرك بالله شيئا ، وإن قتلت أو حرِّقت ، ولا تعقن والديك ، وإن أمراك أن تخرج من مالك وأهلك ، ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا ،فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ، ولا تشربن خمرا ، فإنه رأس كل فاحشة ، وإياك والمعصية ، فإن المعصية تحل سخط الله }} .


والأحاديث في هذا الباب أضعاف أضعاف ما ذكرنا ، فلا ينبغي لمن نصح نفسه أن يتعامى عنها ، ويرسل نفسه في المعاصي ، ويتعلق بحسن الرجاء وحسن الظن .


قال أبو الوفاء بن عقيل : أحذره ولا تغتر به ، فإنه قطع اليد في ثلاثة دراهم ، وجلد الحد في مثل رأس الإبرة من الخمر ، وقد دخلت المرأة النار في هرة ، واشتعلت الشملة نارا على من غلها وقد قتل شهيدا .


وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب يرفعه قال : {{دخل رجل الجنة في ذباب ، ودخل رجل النار في ذباب }} قالوا : وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : {{مرّ رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا ، فقالوا لأحدهما : قرب . قال : ليس عندي شيء . قالوا : قرب ولو ذبابا ، فقرب ذبابا فخلو سبيله فدخل النار ، وقالوا للآخر : قرب . فقال : ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل ، فضربوا عنقه فدخل الجنة ، وهذه الكلمة الواحدة يتكلم بها العبد يهوي بها في النار أبعد مابين المشرق والمغرب }}.


*وربما اتكل بعض المغترين على ما يرى من نعم الله عليه في الدنيا وأنه لا يغير ما به ، ويظن أن ذلك من محبة الله له ، وأنه يعطيه في الآخرة أفضل من ذلك ، وهذا من الغرور .


وقال الإمام أحمد :حدثنا يحي بن غيلان حدثنا رشد بن سعد عن حرملة بن عمران التجيبي عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : {{إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج }} ثم تلا قوله عز وجل : {{فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون }} الأنعام44.


وقال بعض السلف : إذا رأيت الله عز وجل يتابع عليك نعمه وأنت عاصيه فاحذره ، فإنما هو استدراج منه يستدرجك به .


وقد قال تعالى : {{ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين }} الزخرف33-35.


وقد رد سبحانه على من يظن هذا الظن بقوله : {{فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا }} الفجر15-17. أي : ليس كل من نعمته ووسعت عليه رزقه أكون قد أكرمته ، ولا كل من ابتليته وضيقت عليه رزقه أكون قد أهنته ، بل أبتلي هذا بالنعم وأكرم هذا بالابتلاء .


وفي ’’جامع الترمذي’’ عنه - صلى الله عليه وسلم - : {{إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب }}.


وقال بعض السلف : رب مستدرج بنعم الله عليه وهو لا يعلم ، ورب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم ، ورب مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم .


*
*
أمة الخبير غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .