![]() |
![]() |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
#1 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() عناصر الشريط : تابع شرح العبرة بعموم اللفظ المكي والمدني ما يميز القسم المكي عن المدني فوائد معرفة المكي والمدني شرح عقوبة شارب الخمر بيان نجاسة الخمر المعنوية وليس الحسية . تابع شرح العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فنزل جبريل بقوله تعالى : والذين يرمون أزوجهم .... فقرأ عليه حتى بلغ " ان كانوا من الصادقين " قال فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال ابن امية لامراته لكن حكمها شامل له ولغيره بدليل ما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه : ان عويمر العجلاني جاء للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله رجل وجد مع امرأته رجلا , أيقتله فتقتلونه , ام ماذا يصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك , فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنة , بما سمى الله في كتابه : ( فلاعنها ) . فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم هذه الآية شامل لهلال بن أمية ولغيره . طيب , كلام عويمر , أيقتله فتقتلونه , لو ان رجلا وجد رجلا على زوجته , أعوذ بالله , نسال الله لنا ولكم السلامة , فهل له أن يقتله ؟ هل هو قتل صائل ام قتل حد ؟ طبعا هو قتل حد له ان يقتله حدا وانتقاما . رجل قتل رجل فتخاصموا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقال الرجل : يا أمير المؤمنين , والله ما ضربت الا بين فخذي زوجتي , فان كان بين فخذيها رجل فأنا قتلته , فقال عمر لأولياء المقتول : ما تقولون؟ قالوا : نعم فأخذ السيف من الرجل وهزه وقال : ان عادوا فعد . فلهذا كان القول الراجح ان قتله من باب الحد وحماية العرض . فله قتله لكن المشكلة ان ادعى أهل المقتول انه ما فعل , فينظر الى القضية والقرائن تؤيد . ومثل ذلك لو ان رجلا قتل رجلا , وادعى انه صائل عليه , من المعلوم اننا لا نقبل دعواه , لو اننا قبلنا دعواه لكان كل شخص قتل آخر قال انه صال عليه , فيجب ان نقتله حماية للأنفس , لكن لو ثبت ان هناك قرائن قوية تدل على ان مدعي الصول صادق . هل نقبل قوله ؟ نعم نقبل , لان الحكم بالقرائن ثابت .لما تنازعت امرأتان عند داوود بالطفل , وكانتا خرجتا الى البر وأكل الذئب ولد احداهما , فتنازعتا عند داوود عليه السلام , فحكم به للكبرى , ثم حكم بينهما سليمان بحكم آخر , دعى بالسكين وجاء بالولد وقال نقسم الولد بينكما , فالكبيرة ليست أمه باركت هذا الحكم وووافقت عليه , لانه اذا راح فهو ليس ولدها , اما الصغيرة فقالت : يا نبي الله , الولد لها . فحكم سليمان الولد للصغرى . اذن القرائن بمنزلة البينات , فاذا ادعى رجل معروف بالصلاح ان المقتول الذي قتله معروف بالفساد وسبق ان توعده بالقتل , فلا شك اننا نصدق قوله بأنه قتله دفاعا عن النفس . والواجب قول الحق ولو على أنفسنا. المتن المكي والمدني نزل القران على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا في خلال ثلاث وعشرين سنة ، قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرها بمكة ، قال الله تعالى (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106) ولذلك قسم العلماء رحمهم الله تعالى القرآن إلى قسمين : مكي ومدني : فالمكي : ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته إلى المدينة . والمدني : ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة . وعلى هذا فقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: الآية 3) من القسم المدني وإن كانت قد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعرفة ، ففي صحيح البخاري (13)عن عمر رضي الله عنه أنه قال : قد عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ، نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعة . شرح الشيخ : سبق لنا معرفة انه اذا وردت آيات على سبب خاص فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فما هو الدليل الذي يؤيد هذه القاعدة ؟ قصة هلال بن أمية مع امرأته وهناك دليل معنوي , ان هذه القرآن نزل للأمة , فالحكم لأي شخص فيه يكون ثابت له وللأمة جميعا . طيب يقول الشارح المكي والمدني المكي نسبة الى مكة والمدني نسبة الى المدينة ومقتضى النسبة ان يكون المكي ما نزل بمكة , سواء ان يكون قبل الهجرة ام بعدها والمدني ما نزل بالمدينة لكن العلماء اختلفوا في هذه المسألة وراجعوا , والذي عليه الجمهور ام المكي والمدني مقيد بالزمن لا بالمكان . فما كان قبل الهجرة فهو مكي وما كان بعدها فهو مدني . نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا خلال ثلاث وعشرون سنة , ابتدأ نزوله وهو اربعون سنة وتوفي وله ثلاث وستون سنة فيكون زمن انزال القرآن ثلاث وهشرين سنة قضى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها بمكة . ثلاث عشرة سنة في مكة وعشر سنوات في المدينة , قال الله تعالى (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106) أي جعلناه مفرقا لتقرأه على الناس على مهل , يقرأوه شيئا فشيئا , فيرسخ في قلوبهم ويكون عملهم به أيضا ليس جملة واحدة , بل على التدريج , ونزلناه تنزيلا : قال العلماء التنزيل هو نزول الشئ بالتدريج , ولذلك قسم القرىن الى مكي ومدني فالمكي ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هجرته الى المدينة , والمدني ما نزل عليه بعد الهجرة هذا هو الضابط , وهو ضابط جامع مانع , ولكن , هل السورة يمكن ان يكون فيها مكي ومدني ؟ نعم يمكن ذلك , وأكثر العلماء من ذلك . وعلى هذا فقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: الآية 3) من القسم المدني وإن كانت قد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعرفة قوله اليوم : ( ال) هنا للعهد الحضوري , اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي , اي جعلته كاملا ونعمتي عليكم تامة بإكمال الدين , رضيت لكم الاسلام دينا يعني لم أرض غيره , ويدل على هذا قوله تعالى : -( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )- [آل عمران/85] ففي صحيح البخاري (13)عن عمر رضي الله عنه أنه قال : قد عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ، نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعة . قال ذلك رضي الله عنه ردا على قول يهودي قال له : لقد نزلت عليكم آية لو نزلت على اليهود لاتخذوا ذلك اليوم عيدا , فبين عمر رضي الله عنه انها نزلت في عيد . يوم الجمعة هو يوم عيد . ويوم عرفة هو يوم عيد للحجاج . المتن : ويتميز القسم المكي عن المدني من حيث الأسلوب والموضوع : أ- أما من حيث الأسلوب فهو : 1- الغالب في المكي قوة الأسلوب ، وشدة الخطاب، لأن غالب المخاطبين معرضون مستكبرون ، ولا يليق بهم إلا ذلك ، أقرأ سورتي المدثر ، والقمر . أما المدني : فالغالب في أسلوبه البين ، وسهولة الخطاب ، لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون ، أقرا سورة المائدة . 2- الغالب في المكي قصر الآيات، وقوة المحاجة ، لأن غالب المخاطبين معاندون مشاقون ، فخوطبوا بما تقتضيه حالهم ، أقرا سورة الطور . أما المدني : فالغالب فيه طول الآيات ، وذكر الأحكام ، مرسلة بدون محاجة ، لأن حالهم تقتضي ذلك ، أقرأ آية الدين في سورة البقرة . ب- وأما من حيث الموضوع فهو : 1- الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة ، خصوصا ما يتعلق بتوحيد الألوهية والإيمان بالبعث ، لأن غالب المخاطبين ينكرون ذلك . أما المدني : فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملات ، لأن المخاطبين قد تقرر في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة ، فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملات. 2- الإفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه والمنافقين وأحوالهم في القسم المدني لاقتضاء الحال ، ذلك حيث شرع الجهاد ، وظهر النفاق بخلاف القسم المكي . شرح الشيخ : يعني ان لكل واحد منهما مميزات . حتى يكاد الانسان الذي يقرأ القرآن ويكرره دائما يعرف ان هذه السورة مكية او مدنية , وان لم يرجع الى التاريخ , ولهذا نجد العلماء الحفاظ ربما يحكمون على الحديث بأنه موضوع وان لم يراجعوا سنده , لماذا ؟ بسبب اسلوبه وموضوعه وما أسبه ذلك , لكن هذا يحتاج الى ان يكون الانسان دائما يكرر . نجد ان بعض الناس يكثر من مطالعة كتب بعض المؤلفين كشيخ الاسلام ابن تيمية , فاذا مرّ عليه كلامه عرفه , واذت نسب اليه كلام ليس على اسلوبه , عرف انه ليس من كلامه , لكن لا بد من الممارسة الكثيرة في القرآن الكريم حتى تعرف المكي من المدني . - الغالب في المكي قوة الأسلوب ، وشدة الخطاب، لأن غالب المخاطبين معرضون مستكبرون ، ولا يليق بهم إلا ذلك ، أقرأ سورتي المدثر ، والقمر . تجد فيهما قوة الاسلوب وشدة الخطاب : -( فإذا نقر في الناقور )- [المدثر/8] -( فذلك يومئذ يوم عسير )- [المدثر/9] -( على الكافرين غير يسير )- [المدثر/10] كلها كلمات كانها شظايا نار من شدتها , كذلك سورة القمر , تجد ان قصص الانبياء التي تكون مطولة في بعض السور تجدها هنا مختصرة : -( كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر )- [القمر/18] -( إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر )- [القمر/19] -( تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر )- [القمر/20] كلمات عظيمة -( إنا كل شيء خلقناه بقدر )- [القمر/49] -( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر )- [القمر/50] -( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر )- [القمر/48] هذا الاسلوب الشديد العظيم يناسب حال المشركين , لانهم اشداء على المؤمنين مستكبرون عن طاعة رب العالمي , ولكل مقام مقال , ولهذا انت بمخاطبتك للناس , تخاطب هذا باللين وهذا بالقسوة , حسبما يقتضيح الحال . أما المدني : فالغالب في أسلوبه البين ، وسهولة الخطاب ، لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون ، أقرا سورة المائدة . المدني يخاطب المهاجرين , المهاجرون عندهم استكبار ؟ لا , عندهم القبول والاذعان فصار المناسب لمخاطبتهم اللين , ولهذا تجد الآيات المدنية التي يخاطب بها اليهود تجدها شديدة -( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون )- [المائدة/78] وهذا من بلاغة القرآن 2- الغالب في المكي قصر الآيات، وقوة المحاجة ، لأن غالب المخاطبين معاندون مشاقون ، فخوطبوا بما تقتضيه حالهم ، أقرا سورة الطور . اسمع قوله تعالى : -( أفرأيتم ما تمنون )- [الواقعة/58] -( أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون )- [الواقعة/59] -( نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين )- [الواقعة/60] ولهذا لما سمع جبير بن مطعم رضي الله عنه هذه الآية قال : كاد قلبي يطير , لانه شديد , محاجة قوية . -( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون )- [الطور/35] -( أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون )- [الطور/36] -( أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون )- [الطور/37] -( أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين )- [الطور/38] الى آخره -( أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون )- [الطور/42] انظر جملة اسمية مؤكدة بضمير الفصل , فالذين كفروا هم المكيدون -( إنهم يكيدون كيدا )- [الطارق/15] -( وأكيد كيدا )- [الطارق/16] كيد أعظم منه , سبحان الله تجد القرآن مناسب تمام لمقتضى الحال , وهذا غاية ما يكون من البلاغة أما المدني : فالغالب فيه طول الآيات ، وذكر الأحكام ، مرسلة بدون محاجة ، لأن حالهم تقتضي ذلك ، أقرأ آية الدين في سورة البقرة . آية طويلة , سهلة , ليس فيها الا احكام توجيه , لان فيها قول منقادون مستسلمون , لا يجادلون . اذن هذا من حيث الاسلوب ب- وأما من حيث الموضوع فهو : 1- الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة ، خصوصا ما يتعلق بتوحيد الألوهية والإيمان بالبعث ، لأن غالب المخاطبين ينكرون ذلك . ولهذا يعيد الله عز وجل في إثبات البعث , لان القوم منكرونه , حتى يجئ أحدهم الى سول الله صلى الله عليه وسلم بعظام بالية , يفتتها بين يديه ويقول , من يحي العظام وهي رميم ؟ فقال تعالى -( قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم )- [يس/79] لأن القادر على ابتدائها قادر على إحيائها كما قال عز وجل : -( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم )- [الروم/27] -( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون )- [يس/80] وجه الدلالة ان الشجر الاخضر فيه رطوبة وبرودة , تتولد من الرطوبة والبرودة حرارة ويبوسة , هذا من أعظم القدرات , ثم أكد بقوله أنتم منه توقدون , ولا يمكنكم انكار هذا , انتم تستعملونه , -( أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم )- [يس/81] الجواب : بلا -( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )- [يس/82] وهذا دليل , لا يعجزه وانظر الى القدرة الألهية : زجرة واحدة تقيم الناس من قبورهم -( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون )- [يس/53] -( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر )- [القمر/50] -( فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون )- [يس/83] منزه عن العبد , سبحانه وتعالى وهذا دليل ,فلا بد من الرجوع الى الله عز وجل يحاسبنا على اعمالنا , فتجد انه في السور المكية يوجد محاجة , كذلك ايضا القدرة على البعث أدلة حسية : -( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير )- [فصلت/39] قيل ان علوها : اي قشرة الارض يدفعها النبات , وقيل ان علوها :علو النبات -( فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير )- [الروم/50] أما المدني : فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملات ، لأن المخاطبين قد تقرر في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة ، فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملات. 2- الإفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه والمنافقين وأحوالهم في القسم المدني لاقتضاءحال ذلك, حيث شرع الجهاد ، وظهر النفاق بخلاف القسم المكي . اذن احكام الجهاد والنفاق والمنافقين في السور المدنية لان المقام يقتضي هذا , قد يشير الله عز وجل في المكي الى النفاق لكن لا يسهب فيه , وانما يكون ذلك في المدني |
![]() |
![]() |
#2 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() المتن : فوائد معرفة المدني والمكي : معرفة المكي والمدني نوع من أنواع علوم القرآن المهمة ، وذلك لأن فيها فوائد منها : 1- ظهور بلاغة القران في أعلى مراتبها ، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة ، أو لين وسهولة . 2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم على ما تقتضيه حال المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ . 3- تربية الدعاة إلى الله تعالى ، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القران في الأسلوب والموضوع ، من حيث المخاطبين ، بحيث يبدأ بالأهم فالأهم ، وتستعمل الشدة في موضعها والسهولة في موضعها . 4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية ، يتحقق فيهما شروط النسخ ، فإن المدنية ناسخة للمكية ، لتأخر المدنية عنها . شرح الشيخ : 1- ظهور بلاغة القران في أعلى مراتبها ، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة ، أو لين وسهولة . ولهذا فسر علماء البلاغة , ان البلاغة هي مطابقة الكلام بمقتضى الحال , هذه هي البلاغة , والفصاحة : موافقته لقواعد اللغة العربية القرآن الكريم لا شك انه يأتي مطابقا لمقتضى الحال وذلك لمعرفة المكي والمدني , 2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم على ما تقتضيه حال المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ . وهذا من حكمة الله عز وجل لان الناس لو أتاهم الشرع جملة واحدة لشق عليهم ذلك فلا بد ان يأتيهم شيئا فشيئا , وهل الحكمة ان نبدأ بالأهم فالأهم او بالمهم دون الأهم ؟ الاول طبعا هو الحكمة , كذلك الاوامر نعطيها شيئا فشيئا وليس جملة , لو رجل ذهب الى قوم يدعوهم الى الله عز وجل ورأى ما هم عليه من البدع والخرافات , فأراد ان يتكلم بأشياء يطمئنون اليها اولا , مثل الصلاة والجنة .. حتى تلين قلوبهم . ام انه يبتدأ من الاول ويقول : ايها المبتدعون الضالون المخالفون ... ؟ طبعا الاول , انظر الى قوله تعالى : -( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )- [الأنعام/108] ابدأ اذن بالشئ المتفق عليه اولا الذي ليس فيه معارضة , وافتح لهم ابواب العلم التي اعطاك الله , حتى يعرفوا انك رجل عالم , ويقبلوا منك . 3- تربية الدعاة إلى الله تعالى ، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القران في الأسلوب والموضوع ، من حيث المخاطبين ، بحيث يبدأ بالأهم فالأهم ، وتستعمل الشدة في موضعها والسهولة في موضعها . يقول تعالى : -( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب )- [البقرة/269] فالانسان الحكيم يعرف كيف يتصرف , انظر الى حال رسول الله صلى الله عليه وسلم , ينزل الجاهل منزلته , وما يظهر منه عناد منزلته , جاء رجل اعرابي احتاج الى قضاء الحاجة , فتنحى ناحية المسجد وجعل يبول , يظن ان المسجد كالخلاء او البر , فصاح به الناس وزجروه فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام , فلما قضى بوله , امر النبي صلى الله عليه وسلم ان يراق على بوله ماء , فزالت المفسدة من هذا البول بتطهيره , ثم دعى الرجل وقال ان هذه المساجد لا يصلح فيها شئ من القذارة , انما هي للتسبيح والتكبير او قراءة القرآن, الاعرابي انشرح صدره من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ضاق صدره من زجر الصحابة له , فظهر ما بالباطن على اللسان وقال : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا احدا ضيق الرحمة الواسعة التي وسعت كل شي لان هؤلاء ضيقوا صدره , لكن الصحابة معذورون لان هذا منكر , الا ان الحكمة فيما فعل النبي عليه الصلاة والسلام , يقول العلماء انه صار هناك مفسدة : لانه اما ان يكون كاشفا عورته لئلا يصيبه البول , وهذه مفسدة , واما ان يغطي عورته فتصيب ثيابه البول , وهذه مفسدة , واذا قطع بوله فهذا ضرر عليه , لو قام فتتسع رقعة النجاسة . فانظر الى الحكمة النبوية التي كانت مطابقة لحال هذا الاعرابي , ام الموضع الثاني موضع الشدة : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجل يدعى عبد الله بن اللجبية على الصدقة , فلما رجع قال : هذا لكم وهذا لي . غضب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب بالناس قال : ما بال احدكم نستعمله فيرجع ويقول هذا لي وهذا لكم , فهلا جلس في بيت ابيه فينظر ايجى له ام له . كلمات قوية لان المقام يقتضي ذلك ولما رأى رجل عليه خاتم ذهب والذهب محرم , فأخذ الخاتم ونزعه ورمى به . وهذا اسلوب شديد وقال : ايعمد احدكم الى جمرة فيضعها بيده . اذن ارجو من اخواني الدعاة ان نستعمل هذا الاسلوب وان نتأنى ونصبر , نصبر على ما ينالنا من أذى ونصبر على ما كان من إخواننا المدعوين من مخالفة , لا يمكن ان تأتي الامور بين عشية وضحاها . 4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية ، يتحقق فيهما شروط النسخ ، فإن المدنية ناسخة للمكية ، لتأخر المدنية عنها . النسخ ثابت في الشريعة الاسلامية وفيما قبلها ايضا , اقرأ قوله تعالى : -( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة )- [آل عمران/93] -( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم )- [النساء/160] -( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم )- [آل عمران/50] فالنسخ اذن ثابت في الشريعة السماوية , لكن له شروط , من أهمها ان نعلم التاريخ , لان معنى النسخ ان الاول باطل وملغى , وتجد ان كثير من الماس اذا عجز احدهم عن الجمع بين آيتين يقول هذا منسوخ , وهذا خطأ خطير , لان قولك هذا منسوخ يتضمن الكذب على الله عز وجل انه نسخ هذا بهذا فأبطل الحكم الاول وأثبت الثاني .
يقول ابن القيم : ان النسخ لا يبلغ اكثر من عشر مواضع , مع انك لو اردت ان تنظر الى كلام كثير من العلماء لوجدت اشياء كثيرة , وذلك ان بعض الناس اذا عجز عن الجمع بين النصوص قال هذا منسوخ . التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 01-02-09 الساعة 05:15 PM |
![]() |
![]() |
#3 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() المتن: الحكمة من نزول القرآن الكريم من تقسيم القرآن إلى مكي ومدني ، يتبين أنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا . ولنزوله على هذا الوجه حكم كثيرة منها : 1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (يعني كذلك نزلناه مفرقاً)كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً(32) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ (ليصدوا الناس عن سبيل الله) إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً(33) (الفرقان:32-33) 2- أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به ، حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا ، لقوله تعالى : ( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106 ) 3- تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القران وتنفيذه ، حيث يتشوق الناس بلهف وشوق إلى نزول الآية ، لا سيما عند اشتداد الحاجة إليها كما في آيات الإفك واللعان. 4- التدرج في التشريع حتى يصل إلى درجة الكمال ، كما في آيات الخمر الذي نشأ الناس عليه وألفوه ، وكان من الصعب عليهم أن يجابهوا بالمنع منه منعا باتا ، فنزل في شأنه أولا قوله تعالى : (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(البقرة: الآية 219) فكان في هذه الآية تهيئة للنفوس لقبول تحريمه حيث إن العقل يقتضي أن لا يمارس شيئا إثمه أكبر من نفعه . ثم نزل ثانيا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)(النساء: الآية 43) فكان في هذه الآية تمرين على تركه في بعض الأوقات وهي أوقات الصلوات ، ثم نزل ثالثا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90) ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:91) (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (المائدة:92) فكان في هذه الآيات المنع من الخمر منها باتا في جميع الأوقات ، بعد أن هيئت النفوس ، ثم مرنت على المنع منه في بعض الأوقات . شرح الشيخ : تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم : لا شك ان الوحي اذا نزل عليه كل يوم مرة او باليومين مرة او بالثلاثة مرة , لا شك انه يزداد ثبوتا , انت اذا كلمك صاحبك كل مرة ازددت تمسكا به ومحبة له , واذا بقي شهر او شهرين لا يكلمك الا مرة ماتت المودة .؟ يقول تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً) هذه شبهة منهم يقولون الرسل كلهم تنزل عليهم الكتب مرة واحدة , فلما هذا الرجل ينزل عليه مفرقا , وهذه عند الجاهل شبهة . قال تعالى : كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً كذلك: يعني نزلناه مفرقا , لذلك يحسن الوقوف على قوله ( جملة واحدة ) , وهذا من عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم ان يثبت فؤاده بنزول القرآن مفرقا , ومن نعمة الله علينا نحن ان ترد على قلوبنا ما تكون سببا لتثبيت القلب وحياته بعد موته وذكره بعد غفلته , وذلك يحصل بالتأمل , احيانا انسان تأتيه ساعات يتأمل في مخلوقات الله , فيجد قلبه يزداد ايمانا, هذا التفكير بمنزلة سقي الشجرة اذا كانت عطشة , ولذلك يجب ان نلاحظ قلوبنا في هذه الناحية , حتى لا تستولي عليها الغفلة . يقول تعالى : وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً(33) (الفرقان:32-33) اللهم لك الحمد , هذا من نصر الله لنبيه , يعني اي مثل يأتون به ليصدوا الناس عن سبيل الله فإن الله تعالى يأتي بالحق وأحسن تفسيرا اي بيانا ووضوحا . ثانيا : أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به ، حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا وهذه فائدة عظيمة , ان اذا نزل شيئا فشيئا سهل على الناس فهمه , وكذلك حفظه والعمل به , ( الحفظ والفهم والعمل به ) ايضا من الفوائد التدرج في التشريع , وهذا من الحكمة العظيمة , ان لا يجابه الناس بالشرائع مرة واحدة فانهم ان حصل لهم ذلك صعب عليهم الامر , ولكن بالتدريج , والشريعة كلها مبنية على هذا ارايت قول النبي صلى الله عليه وسلم قال : مروا أبنائكم بالصلاة , لسبع واضربوهم عليها لعشر . هذا تدريج , اولا الامر ثم الضرب . اذن التدرج بالتشريع من الحكمة . كذلك التدرج في الامر والنهي , فيما كمل تشريعه , كحالنا اليوم , الشريعة اليوم تمت , فاذا وجدنا أحدنا مقصرا في شئ من الامور وايمانه ضعيف , لو اوردنا عليه الامور جميعا لانتكس , فهل لنا ان ندرجه ؟ نعم , لاننا لا نحاول انسلاخه من الدين او اقراره على معصية , نحاول انتشاله من المعصية , لكن بطريق يسهل عليه , لو رأينا مبتلى بشرب الدخان وقلنا له اترك الدخان فانه لا يسهل عليه ان يتركه مرة واحدة , فاذا قال : اشرب باليوم مرتين , نقول له نعم . ثم بالتدريج ربما ينته ,فالمهم متى كان التدريج في تغيير المنكر انفع فاننا نفعل . اما الواجب فلا نتساهل فيه , لو قال اسمحولي اصلي الظهر والعصر والمغرب , والعشاء والفجر صعب علي , ماذا نقول ؟ يلزمنا ان نقول ان تصلي الجميع . وان كان جاء في الصحيح ان قوما أتوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا , فاشترطوا عليه على الا يصلوا , قال لكم هذا , فقيل يا رسول الله :كيف ؟ قال : انهم اذا اسلموا صلوا . هذا الذي يشترط على ان لا يصلي العشاء والفجر , نقول اذا صلى الثلاث وهو عن ايمان ويقين فلا بد له ان يصلي العشاء والفجر . لكن مع ذلك لا تقتنع نفسي ان أقول لا بأس ان نوافقه على هذا الشرط بل نقول ان الصلوات خمس وهي سهلة . لكن في مسألة المحرمات فلا بد من التدريج في هواه . كما في آيات الخمر الذي نشأ الناس عليه وألفوه , وكان من الصعب عليهم ان يجابهوا عليه بالمنع منه منعا باتا , يقول النبي عليه الصلاة والسلام : كل مسكر حرام . والخمر هو مسكر فما معنى الاسكار ؟ الاسكار هو تغطية العقل على وجه الطرب واللذة , ولذلك لا نقول ان البنج خمر لانه يغطي العقل لكن ليس على سبيل الخمر واللذة , السكران والعياذ بالله , يجد نشوة عظيمة كأنه يطير بين السماء والارض , كانه ملك من الملوك ,ويقول الشاعر الجاهلي : ونشربها فتتركنا ملوكا وانظر الى قصة حمزة عم الرسول عليه الصلاة والسلام , جاء علي يشكو عمه حمزة للرسول صلى الله عليه وسلم لان عليا كان له بعيرا فمر بحمزة وهو سكران , وعنده جارية تغنيه , فتقول : الا يا حمز للشرف النواعي . تحثه على النحر , فقام وجب أسنتهما وبقر بطونهما وأكل من أكبادهما , فجاء علي الى النبي يشكو اليه عمه , فذهب النبي صلى الله عليه وسلم اليه ومعه الناس ,لما أقبل عليه فاذا هو ثمل , سكران , فقال : يا عم ماهذا ؟ فقال : اذهب فهل انتم الا عبيد ابي . من يعني ؟ الرسول وأصحابه وعلي بن ابي طالب , فتراجع النبي عليه الصلاة والسلام , لان هذا القول لو قاله عن صحوة لكان كفرا ,لانه في غاية ما يكون عداء للرسول عليه الصلاة والسلام , لكنه لا يؤخذ بقوله . اذن الخمر يغطي العقل على وجه اللذة والارتفاع والسلطان والنشوة , كان حلالا في اول الاسلام , لان الله أقرهم عليه , وقيل انه كان حلالا في قوله تعالى : -( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون )- [النحل/67] اي ان هذا اباحة صريحة لهم , انزل الله به قوله تعالى : -( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما )- [البقرة/219] ولم يقل حرام , بل قال إثم كبير ومنافع للناس , وهذا ليس تحريما , لم يقل فاجتنبوهما , وتامل قوله ( ومنافع ) منافع : صيغة جمع , منتهى الجموع , والاثم واحد لكنه بالكيفية أشد من قول المنافع , لان المنافع من حيث الكمية أكثر , والاثم الكبير من الحيث الكيفية أعظم , ولهذا قال إثمهما أكبر من نفعهما ولم يقل أكثر لان هذا بالكيفية لا بالكمية . فما هو الميسر ؟ الميسر هو القمار , وهو كل معاملة يقوم بها الانسان بين غارم او غانم , فكان في هذه الآيو تهيئة للنفوس لقبول تحريمه حيث ان العقل يقتضي ان لا يمارس شيئا إثمه أكبر من نفعه , فالعاقل امتنع عنه . ثم نزل ثانيا قوله تعالى : -( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون )- [النساء/43] فكان في هذه الآية تمرين على الترك في بعض الاوقات وهي أوقات الصلوات , وقوله حتى تعلموا ما تقولون , فيه دليل على ان السكران لا يعلم ما يقول , فستفاد منه فوائد كثيرة : 1" لو ان السكران اعتق جميع عبيده , هل يعتقون ؟ لا لانه لا يعلم ما يقول . 2" لو ان السكران لو طلق نساءه , هل يعق الطلاق ؟ لا لانه لا يعلم ما يقول 3" لو انه أوقف امواله , لا يقع ذلك ... ويقاس عليه الغضبان اذا كان من شدة الغضب لا يعلم ما يقول , فإنه يلحق بذلك ولهذا كان القول الراجح ان طلاق الغضبان الذي لا يعلم ما يقول لا يقع . ويؤخذ من هذا , انه يجب ان يصلي وهو يعلم ما يقول ,فيكون في هذا دليل على وجوب الخشوع بالصلاة , وهو احضار القلب لانه لا يمكن ان يعلم ما يقول الا اذا كان قلبه حاضرا , فان لم يكن حاضرا صار ركوعه وسجوده وتسبيحه وقرآنه من غير قصد , بل آلة ميكانيكية , وقد ذهب الى هذا بعض العلماء وقال انه اذا غلب الوسواس ( الهواجيس ) على أكثر الصلاة فإنها تبطل . هل نقول على هذا القول أنه يستلزم انه يجب ان تبطل صلوات الناس الآن ؟ ام لا ؟ لا , لا يلزم , بل يلزم على هذا القول ان الناس يستقيمون على احضار قلوبهم , لانه لو جاء يستفتيك وقال انه صلى لكن كل صلاته كان غائبا ما استحضر الا بالتشهد الاخير ,فنقول : أعد الصلاة , ولكن ما ظنكم بالصلاة المقبلة ؟ هل يوسوس ام لا ؟ لا طبعا , اذن هذا القول يحزم الناس على الخشوع , لكن القول الراجح انه لا تبطل الصلاة , لان النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ان الشيطان اذا أذن المؤذن أدبر وله ضراط , فإذا فرغ من الأذان أقبل على الانسان فاذا أقيمت الصلاة ولى , فإذا انتهت الاقامة حضر وصار يقول للانسان في صلاته اذكر كذا وكذا ,,, يعني يذكره بالاشياء , ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ان صلاته تبطل . ثم نزل قوله تعالى : -( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90] يقول ابن مسعود رضي الله عنه : اذا سمعت الله يقول يا أيها الذين آمنوا , فارعها سمعا , فإنها اما خيرا تؤمر به وإما شر تنهى عنه . قال تعالى : فاجتبنوه : اذا هو شر تنهى عنه , الانصاب : ما يعبد من دون الله الأزلام : ما يستقسم به , وكانوا في الجاهلية يستقسمون بالازلام , بدل ان يصلي الاستخارة يستقسمون بها . هنا انزل الله تعالى هذه الاربعة لحكم واحد , فهل هي متساوية في هذه الحكم ؟ الجواب : لا , معلوم ان الانصاب أشد من الخمر والميسر , اذ ان الانصاب كفر ,والازلام دون الانصاب والميسر والخمر دونهما , وعلى هذا فيكون الاشتراك في أصل الحكم لا في نوعه , وانما قرن الله تعالى ذلك بالانصاب التي هي عبادة الاصنام لشدة التحذير منها , وانها تنافي كمال التوحيد . وقوله رجس من عمل الشيطان , الرجس : هو النجس , سواء حسيا او معنويا , الحسي هو النجاسة الحسية , المعنوي : هي النجاسة المعنوية قوله تعالى : -( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم )- [الأنعام/145] هنا الرجس الحسي , ما قوله تعالى : -( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )- [الأحزاب/33] هنا الرجس المعنوي , وقوله تعالى : -( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور )- [الحج/30] هنا الرجس المعنوي . بالعودة الى قوله تعالى : -( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90] هنا الرجس معنوي , ولهذا قرنت بانها من عمل الشيطان , بدليل هل في الميسر نجاسة حسية ؟ لا , فهي مغالبة بالاموال , والنصب هو اما حجرا او خشبة او غيرها اذن نجاسة معنوية , والخمر هو نجاسة معنوية , ولو اصاب الثياب فانه لا ينجسها , فان قال قائل : أليس هو حرام ؟ نقول : بلا , لكن هل يلزم من التحريم النجاسة ؟ لا , لا يلزم . فها هو السم حرام وليس بنجس كذلك الدخان , فإذا قال قائل ان الرسول الكريم سماه انه أم الخبائث . نقول : أي الخبائث ؟ هي الخبائث المعنوية . اذن لا دليل على ان الخمر نجس نجاسة حسية , وقد جاءت السنة في بيان طهارته , حرمت الخمر وهي في أوان الصحابة فخرجوا بها الى السوق وأراقوها , ولم يغسلوها ولم يؤمروا بغسلها , ولو كانت نجسة لأؤمروا بغسلها . ان قال قائل : حكم بنجاستها بعد ان تخمرت , فتكون في اول الامر طاهرة ولذلك لم يؤمروا بغسلها , نقول هذا ينتقض بلحوم الحمر , حرمت الحمر ولحمها يغلي في القدور , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقتها وكسر القدور قالوا : يا رسول الله أو نغسلها ؟ قال : اغسلوها , فأمر بغسلها مع أنها لم تحرم الا بعد ان كانت في القدور , ثم نقول , الصحابة رضي الله عنهم , بعد ان حرمت أراقوها في الاسواق , وهل يمكن ان يراق الشئ النجس في اسواق المسلمين , لا يمكن فيلوث عليهم ثيابهم وابدانهم ثم نقول , أتى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم براوية من خمر , الراوية هي قربة كبيرة , يريد ان يتودد بها الى رسول الله , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها حرمت , والمحرم لا يجوز قبوله , فتكلم معه أحد الصحابة سرا , مع الرجل , فقال له بما ساررته , قال : قلت له بعه . قال : لا ان الله اذا حرم شيئا حرم ثمنه , ففتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل له اغسل الراوية , وهذا دليل واضح على عدم نجاستها , ولو كان الخمر نجس نجاسة حسية لوجب ان يعلمه الرسول عليه الصلاة والسلام لانه رجل جاهل . وهذه أدلة واضحة على ان الخمر ليس نجس نجاسة حسية , والقول بانها نجاسة حسية لا يقتضي ان يلزم الناس بتجنبها , يكفي ان نقول انها نجاسة معنوية لمن كان مؤمنا , اما غير المؤمن لا يهمه , انك لترى أناسا يبولون ويقومون من البول دون استنجاء ولا استجمار لا يهمهم . اذن الخمر طاهر طهارة حسية , ونجسة نجاسة معنوية لا شك في هذا , وكيف يطهر الناس منها ؟ يطهرون منها بالردع , يعني التأديب كان الرجل يؤتى به على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شاربا , قيقوم النس اليه , هذا يضربه بيده وهذا بنعله ..... نحو اربعين جلدة وفي عهد ابي بكر تقرر اربعين جلدة وفي عهد عمر رضي الله عنه تقرر اربعين جلدة , ثم كثر شرب الناس للخمر لانهم حديثوا عهد بالاسلام , والفترحات بعهد عمر كثرت فدخل بالدين من ايمانه ضعيف فكثر شرب الخمر , وكان من عادة امي المؤنين عمر على كونه صائب الرأي , من عادته ان الامور العامة يجمع الناس لها , فجمعهم وقال : ان الخمر قد كثر كما ترون , فقال عبد الرحمن بن عوف : يا امير المؤمنين أخف الحدود ثمانين , ( يعني حد القذف ) فجعل عمر رضي الله عنه عقوبة الخمر ثمانون , وهذا مع ما سبق يدل على ان عقوبة شارب الخمر ليست حدا , وانما هي ردع وتعزير لان عبد الرحمن بن عوف طرح القضية وكل الصحابة وافقوا عليها , ولو كان عقوبة شارب الخمر حدا لكان أخف الحدود اربعين , فعلم بهذا على ان عقوبة شارب الخمر ليست حدا لكنها تعزير الا انه لا يقل عن الاربعين , هذا دليل واضح . ويدل له ايضا , على ان شارب الخمر جلده عقوبة وليس حدا , انه لو كان حدا اربعين جلدة هل يمكن لعمر او غيره ان يرفعه اذا كثر الناس فيه ؟ لا طبعا , ولهذا لو كثر الزنى , هل نقول بدل المئة جلدة مئتين ؟ لا لان الحدود لا تتعدل . آخر , ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال في شارب الخمر , اذا شرب فاجلدوه ثم اذا شرب فاجلدوه , ثم اذا شرب فاجلدوه ثم اذا شرب فاقتلوه . هل حدد الجلد ؟ لا , اجلدوه , يعني الجلد الرادع , اطلق الجلد ولم يرد عنه حديث صحيح في التحديد فهو اذن عقوبة وفي الرابعة يقتل , يعني اذا جلد ثلاث مرات ولم يرتدع , ما بقي لبقاءه فائدة وبقاؤه في الدنيا ضرر على نفسه , واعدامه خير من ابقاءه فلهذا كان في الرابعة يقتل , وهل يقتل وجوبا او بحسب ما يراه الامام من المصلحة ؟ الثاني , لكن ابن حزم علي بن محمد رحمه الله , منجنيق العرب وسليط اللسان , عفى الله عنه , أبى ذلك , وقال يقتل في الرابعة وجوبا حدا , وكيف نخالف امر رسول الله عليه الصلاة والسلام , والخير بما أمر به , فيقتل بكل حال , وكلامه جيد في الواقع , اذا صححنا الحديث فليس لنا بد من العمل به , والحديث صحيح , لكنه عند الجمهور منسوخ والنسخ في هذه المسألة أبعد من الثريا عن الثرى , لماذا ؟ يحتاج الى العلم بالتاريخ , ويحتاج الى تعذر الجمع , فأين هذا . اما شيخ الاسلام رحمه الله , حبر زمانه , فصل في الامر , قال اذا لم ينته الناس الا بالقتل في الرابعة قتلوا , فجعله تعزيرا راجعا الى الامام , كلام الشيخ رحمه الله كلام جيد ولا مانع ان يحمل الحديث على هذا , لان هذا الذي تكرر منه شرب الخمر ثلاثا مرات ويجلد في كل مرة , معناه انه ليس منته عما يفعله , والثلاث غاية لاشياء كثيرة : الاستئذان , والسلام واعادة الكلام لمن يفهمه فالذي يترجح هو كلام شيخ الاسلام رحمه الله , انه اذا لم ينته الناس من دون القتل في الرابعة قتلوا , واذا قتلناه أحيينا امة كثيرة , وخلصناهم من شرب هذا الخبيث , ومع الاسف الشديد انه يوجد في البلاد الاسلامية اليوم من يحلون الخمر بقولهم حلال , قد لا يستطيع الحاكم ان يقول حلال , لكن تمكينه بعلان هذا الخمر ووضعه في البقاليات وفي البرادات , هذا بمنزلة استحلاله , لكنه استحلال عملي لا قولي , وهذا يؤسف له , ولذلك كتب الذل على من جوازاتهم مسلم , لانه ما بقي من الاسلام الا اسمه ولا من القرآن الا اسمه , ولهذا كتب الذل والعار والخزي على هذه الامة التي تتسمى بالاسلام , لو كانت مسلمة حقيقة يلعب عليها نذل من الانذال ؟ لكن ذلوا فأذلهم الله عزوجل ,ويذكر عن عمر رضي الله عنه , انه كان يقول : نحن قوم أذلاء اعزنا الله بالاسلام فمتى ابتغينا العزة بدونه أذلنا الله . يقول تعالى : -( فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90] لعل هنا : للتعليل , يعني لتفلحوا , والفلاح هو حصول المطلوب والنجاة من المرهوب . انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة , اذن كل عمل يوجب العداوة بيننا هو من وحي الشيطان , وهو من مرادات الشيطان , الشيطان مراده ان يوقع العداوة والبغضاء في الخمر والميسر العداوة ضد الولاية , والبغضاء ضد المحبة , فلا محبة ولا ولاية وانما هي عداوة ولذلك تجد ان الشطان يلعب بابن آدم , اذا سمع من اخيه كلمة تحتمل الخير والشر , يوسوس له الشيطان ويقول له احملها على الشر . وقوله في الخمر والميسر : اي بسببهما , اذن الفاء للسببية , وهل تاتي في للسببة ؟ نعم كثيرا , ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : دخلت النار امرأة في هرة حبستها يعني بسبب هرة . وقوله :(ويصدكم عن ذكر الله ) الله اكبر , ولهذا يقول بعض الناس انه يلحقه الارق عند النوم , فاذا شرع يسبح نام على طول , أتى الشيطان له بالنوم ليصده عن ذكر الله , فالشيطان حريص منا ان يصدنا عن ذكر الله , وقد لا يصدنا عن الذكر باللسان ولكن يصدنا عن الذكر بالجنان , بالقلب , وقوله : ( وعن الصلاة ) الصلاة من الذكر , بل هي افضل انواع الذكر , لان فيها قرآن , تسبيح , دعاء , هيئات تدل على التعظيم والذل , ونص عليها لشرفها , لان ذكر الخاص بعد العام يدل على شرفه . ومنه قوله تعالى : -( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر )- [القدر/4] المراد بالروح جبريل وهو منهم , ولكن التنصيص عليه يدل على شرفه . طيب , هل الشيطان يصدنا عن الصلاة ؟ نعم كثيرا , اذا أذن والانسان يعمل شيئا يقول سانهي عملي بسرعة واذا به تفوته الصلاة , وهذا واقع كثيرا , ثم اذا قدر ان الانسان دحر الشيطان وذهب يصلي , صده من جهة اخرى وهي الوسوسة ولهذا شكى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسوسة , فقال له : ذلك شيطان يقال له خنزة .(علم هذا الاسم بالوحي ) فاذا احسست به فاتفل عن يسارك ثلاثا واستعذ بالله منه , ففعل الرجل , يقول : فذهب عني ما اجد ,. لماذا ؟ لانه فعل ذلك عن ايمان , وتصديق فصار الدواء ناجعا , اما الواحد من الناس فقد يتفل عن يساره ثلاثا ويستعذ بالله من الشيطان الرجيم لكن لما يذهب الى الصلاة يأتيه , لان الايمان بهذا الدواء ضعيف . يتبع الشريط الثالث
التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 01-02-09 الساعة 05:17 PM |
![]() |
![]() |
#4 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() بسم الله الرحمن الرحيم محتوى الشريط : تابع شرح الآية : -( فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90] ترتيب القرآن مراحل جمع القرآن الفرق بين جمع ابوبكر وعثمان رضي الله عنهما - التفسير - الواجب على المسلم في التفسير - المرجع في التفسير : كلام الله تعالى تابع شرح الآية : -( فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90] هل الشيطان يصدنا عن الصلاة ؟ نعم كثيرا , اذا أذن والانسان يعمل شيئا يقول سانهي عملي بسرعة واذا به تفوته الصلاة , وهذا واقع كثيرا , ثم اذا قدر ان الانسان دحر الشيطان وذهب يصلي , صده من جهة اخرى وهي الوسوسة ولهذا شكى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسوسة , فقال له : ذلك شيطان يقال له خنزة .(علم هذا الاسم بالوحي ) فاذا احسست به فاتفل عن يسارك ثلاثا واستعذ بالله منه , ففعل الرجل , يقول : فذهب عني ما اجد ,. لماذا ؟ لانه فعل ذلك عن ايمان , وتصديق فصار الدواء ناجعا , اما الواحد من الناس فقد يتفل عن يساره ثلاثا ويستعذ بالله من الشيطان الرجيم لكن من حين ما يذهب الى الصلاة يأتيه , لان الايمان بهذا الدواء ضعيف . ولهذا من أهم ما يكون ان يصدق الانسان بالدواء ثم قال عز وجل : -( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين )- [التغابن/12] ويقول عز وجل : -( وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون )- [آل عمران/132] لكن في بعض الاماكن يحتاج الى ذكر الطاعة للرسول بخصوص , كلما كان الامر اهم ذكرت طاعة الله ورسوله , يقول عزوجل : -( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين )- [المائدة/92] احذروا : اي احذروا مخالفتها , فان توليتم : ولم تحذروا المخالفة , فاعلموا انما على رسولنا البلاغ المبين : هذه تنبيه عظيم اي اعلموا ان الرسول لا ينفع , وانه ليس مسؤول عنكم , وهذا فيه حصر , اداته (انما ) يعني ما عليه الا البلاغ , اذا بلغ برأت ذمته , وقوله المبين :يعني البيّن , او المبين اي : الموضح , وبلاغ الرسول عليه الصلاة والسلام جامع بين الامرين , فهو بيّن لنفسه ومبين لمن يسمعه . ومن ورث الرسول عليه الصلاة والسلام من العلماء ماذا عليه ؟ ما عليه الا البلاغ المبين , يقول تعالى : -( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وأنتم لا تظلمون )- [البقرة/272] ولهذا ينبغي لطلبة العلم اذا وعظوا ونصحوا والناس لم ينصاعوا , عليهم الا يثوروا على الناس وان يقولوا :انتم بهائم ما تعرفون , لانهم اذا قالوا هذا أوغروا القلوب عليهم ولم يقبل احد منهم شيئا , وعليه ان يصبر ويقتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول :/ اذا كان رسولي ليس عليه الا البلاغ فانا من باب اولى . فكان في هذه الآيات المنع من الخمر منعا باتا , في جميع الاوقات بعد ان هيأت النفوس ومرنت على المنع منه في بعض الاوقات , والله أعلم . سؤال : حديث : ما أسكر كثيره فقليله حرام , لكن هل يقام عليه الحد ؟ جواب الشيخ : لا , اذا كان قليله حراما فلا يقام عليه الحد , ما يقام الحد الا على من سكر . من سكر وقتل انسان , هل يقام عليه الحد ؟ جواب الشيخ : نحن نتكلم عن حد من حدود الله , قتل القاتل عمدا ليس حدا وانما هو قصاص , ولهذا لو ان السكران أحرق دكان انسان مثلا لضمنه لان هذا حق آدمي , ولاكلام على حق الله , على ان عثمان رضي الله عنه أحد الخلفاء الراشدين , قال : لا طلاق على سكران , مما استدل ؟ طبعا هناك أدلة , لكن بقي ان نسأل ما حجة القائلين بوجوب وقوع الطلاق ؟ قالوا : زيادة في الردع , فنجيبهم : بأمرين : اولا انكم تقولون ان عقوبة الخمر هي حد , والحدلا يزاد عليه . ثانيا : ان ايقاع طلاقه ليس عقوبة عليه وحده , بل وعلى امرأته وأولاده , كيف نعاقبهم ؟ فالقول بان على السكران حد ضعيف جدا . الصواب انه لا طلاق عليه , لكن ما يتعلق بحقوق الآدميين فانه يجب استيفاؤه , لكن هل يقتل فيما اذا قتل عمدا , او نقول ان هذه لا عقل له فلا حد له ؟ قول كثير من العلماء انه يقتل , وبعضهم قال لا يقتل الا اذا علمنا انه شرب الخمر ليقتل عمدا . لو كان فقيها وقال ما اريد ان اقتل عمدا ولكن يشرب خمرا لكي يسكر ويقتل , فهذا يقتل لان الحيل لا تبطل الاحكام الشرعية . نتابع فوائد والحكمة من نزول القرآن مفرقا : تنشيط الهمم , لقبول ما نزل من القرآن وتنفيذه , حيث يتشوق الناس اليها , فتنزل وهم أشد ما يكونون لها شوقا , ومعلوم اذا أتى الانسان على شئ بتلهف فانه يمكث في ذهنه ويرسخ ويجد له لذة وحلاوة , وقد تقدم الكلام عن الافك , وهمت في مسألة الذين خاضوا في الافك , وقلت انهما رجلان وامرأة , الرجلان هما مسطح وحسان بن ثابت مع انه كان يقول في وصف عائشة : حصان رزان ما تشان بريبة, والمرأة هي حمنة بنت جحش , أخت زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومع انها ضرة عائشة لكن حماها الله تعالى في الخوض في هذا. المتن : ترتيب القران : ترتيب القرآن : تلاوته تاليا بعضه بعضا حسبما هو مكتوب في المصاحف ومحفوظ في الصدور . وهو ثلاثة أنواع : النوع الأول : ترتيب الكلمات بحيث تكون كل كلمة في موضعها من الآية ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، ولا نعلم مخالفا في وجوبه وتحريم مخالفته ، فلا يجوز أن يقرأ : لله الحمد رب العالمين بدلا من (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2) النوع الثاني :ترتيب الآيات بحيث تكون كل آية في موضعها من السورة ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، وهو واجب على القول الراجح ، وتحرم مخالفته ولا يجوز أن يقرأ : مالك يوم الدين الرحمن الرحيم بدلا من : (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:3) (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة:4) ففي صحيح البخاري (14)أن عبد الله بن الزبير قال لعثمان بن عفان رضي الله عنهم في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ )(البقرة: الآية 240) قد نسختها الآية الأخرى يعني قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )(البقرة: الآية 234) وهذه قبلها في التلاوة قال : فلم تكتبها ؟ فقال عثمان رضي الله عنه : يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه . وروي الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي من حديث عثمان رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء ، دعا بعض من كان يكتب،فيقول ، ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (15) النوع الثالث : ترتيب السور بحيث تكون كل سورة في موضعها من المصحف ، وهذا ثابت بالاجتهاد فلا يكون واجبا وفي " صحيح مسلم " (16)عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، وروى البخاري (17)تعليقا عن الأحنف : أنه قرأ في الأولى بالكهف ، وفي الثانية بيوسف أو يونس، وذكر أن صلى مع عمر بن الخطاب الصبح بهما . قال شيخ الإسلام ابن تيميه : " تجور قراءة هذه قبل هذه ، وكذا في الكتابة . ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة رضي الله عنهم في كتابتها ، لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان رضي الله عنه ، صار هذا مما سنه الخلفاء الراشدون ، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب أتباعها " أهـ . شرح الشيخ : القرآن لا شك انه مرتب في السور والآيات والكلمات والحروف , و ترتيب القرآن : تلاوته تاليا بعضه بعضا حسبما هو مكتوب في المصاحف ومحفوظ في الصدور . والترتيب معناه جعل الشئ بعد الشئ , فترتيب القرآن بالنسبة للانسان هو ان يتلوه كما ورد , مرتبا في آياته وكلماته وسوره يقول هو ثلاثة أنواع : النوع الأول : ترتيب الكلمات بحيث تكون كل كلمة في موضعها من الآية ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، ولا نعلم مخالفا في وجوبه وتحريم مخالفته , ومثال ذلك : -( الحمد لله رب العالمين )- [الفاتحة/2] هل يجوز ان يقول : لله الحمد رب العالمين ؟ لا يجوز مع لله فيها حصر ومع ذلك نقول لا يجوز , لانه خلاف ترتيب القرآن . والله تبارك وتعالى تكلم به على هذا الترتيب , فلا يحل لاحد ان يقدم كلمة على كلمة وهذا محل اجماع لا خلاف فيه الثاني : ترتيب الآيات بحيث تكون كل آية في موضعها من السورة ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، وهو واجب على القول الراجح ، وتحرم مخالفته ولا يجوز أن يقرأ : مالك يوم الدين الرحمن الرحيم بدلا من : (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:3) (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة:4) وهو أقل من المخالفة في ترتيب الكلمات , لان هذا غايته ان يقدم آية على آية لكن ترتيب الكلمات في الآية حسبما جاء في القرآن ومع ذلك هو حرام لا تجوز مخالفته , وترتيب الآيات هو ترتيب توقيفي ,ففي صحيح البخاري (14)أن عبد الله بن الزبير قال لعثمان بن عفان رضي الله عنهم في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ )(البقرة: الآية 240) يعني اذا توفى الانسان فانه يجب عليه ان ينصف لزوجته ان تبقى بالبيت , لمدة حول كامل , لا تخرج و لكن ان خرجت فلا بأس , انما على الورثة أن يبقوها بالبيت حولا كاملا , بوصية من زوجها المتوفى , يقول قد نسختها الآية الأخرى قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )(البقرة: الآية 234) وأيهما الاولى بالترتيب ؟ الثانية , مع انها ناسخة , قال : فلم تكتبها ؟ فقال عثمان رضي الله عنه : يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه . وهذا دليل على ان ترتيب الآيات توقيفي , ليس على حسب النزول ولا على حسب المعنى , انما هو توقيفي من عند الله عز وجل . وروي الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي 0من حديث عثمان رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء ، دعا بعض من كان يكتب،فيقول ، ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا فلا يجوز ان يبدأ بآية قبل أخرى اذا كانت بعدها في التلاوة . النوع الثالث : ترتيب السور بحيث تكون كل سورة في موضعها من المصحف ، وهذا ثابت بالاجتهاد, ممن ؟ من الصحابة رضي الله عنهم . وبعضه ثابت بالتوقيف كما سيذكر , فلا يكون واجبا. وفي " صحيح مسلم " (16)عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، وروى البخاري (17)تعليقا عن الأحنف : أنه قرأ في الأولى بالكهف ، وفي الثانية بيوسف أو يونس، وذكر أن صلى مع عمر بن الخطاب الصبح بهما . وهذا مخالف في ترتيب المصحف , لكنه لا بأس به لانه من باب الاجتهاد لكن بعضه توقيفي فانها توقيفية , فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ : قل أعوذ برب الفلق , قبل قل أعوذ برب الناس كذلك : سبح والغاشية , فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في الجمعة ويبدأ بسبح . كذلك الجمعة والمنافقون فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بهما في الجمعة ويبدأ بالحمعة . بمثل هذا نعرف انه توقيفي . اذا قال قائل كيف خالف الصحابة رضي الله عنهم في تقديم آل عمران على النساء ؟ الجواب من وجهين : الاول : ان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بينهما في الفرض , اي بين البقرة وآل عمران , كما في قوله : اقرؤوا الزهراوين فانهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان او فرقان من طير صافّ , يظللان صاحبهما يوم القيامة ., فجمع بينهما الوجه الثاني : لعل العرضة الاخيرة التي عرض فيها الرسول صلى الله عليه وسلم على جبريل , لعل الترتيب تغير بعد ان سمعه حذيفة . وحينئذ يزول الاشكال . قال شيخ الإسلام ابن تيميه : " تجور قراءة هذه قبل هذه ، وكذا في الكتابة . ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة رضي الله عنهم في كتابتها ، لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان رضي الله عنه ، صار هذا مما سنه الخلفاء الراشدون ، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب أتباعها " لكن استثنى بعض اهل العلم ما اذا كان ذلك للتعليم .فانه لا بأس ان يقدم السورة المتأخرة لأن ذلك أيسر وأهون , وهذا هو المعمول به الآن , وأظنه من قديم الزمان , الصبيان في المدارس , يتعلمون من آخر القرآن فيقرأون الناس قبل سورة الفلق , وهكذا . فيكون مخالفة الترتيب من أجل الحاجة الى تفهيم الصبيان . يتبع .......
التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 03-11-09 الساعة 01:33 PM |
![]() |
![]() |
#5 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() المتن : كتابة القرآن وجمعه لكتابة القرآن وجمعه ثلاث مراحل : المرحلة الأولى : في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الاعتماد في هذه المرحلة على الحفظ أكثر من الاعتماد على الكتابة ، لقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وقلة الكاتبين ووسائل الكتابة ، ولذلك لم يجمع في مصحف بل كان من سمع آية حفظها ، أو كتبها فيما تيسر له من عسب النخل ، ورقاع الجلود ، ولخاف الحجارة ، وكسر الأكتاف وكان القراء عددا كبيرا. ففي " صحيح البخاري "([1]) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم . شرح الشيخ : كان الناس في عهد رسول اله صلى الله عليه وسلم يعتمدون على الحفظ اكثر من الكتابة , لاربعة اسباب 1" قوة الذاكرة , فانه لا شك ان عند العرب قوة ذاكرة عظيمة , يأتي الشاعر منهم الى المجلس ويتنشد القصيدة تبلغ خمسين بيتا او مئة بيت , مرة واحدة ثم يحفظونها ويتناقلونها 2" سرعة الحفظ , وبينهما فرق , قوة الذاكرة :انه اذا اراد شيئا استحضره بسرعة , اما سرعة الحفظ : يعني يحفظ بسرعة , والناس في هذا اقسام : 1-- سريع الحفظ والنسيان , 2--بطئ الحفظ والنسيان 3-- بطئ الحفظ سريع النسيان 4--سريعالحفظ بطئ النسيان . وأحسنهم الرابع , 3" قلة الكاتبين , الكتبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلون , لان العرب امة أمية , قال تعالى : -( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )- [الجمعة/2] وقال رسول الله صلى اله عليه وسلم : " انّا أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب ," لكن بعد ذلك , بعد الاسلام , صاروا علماء , بل علماء العالم كله , 4" قلة وسائل الكتابة , الاوراق قليلة والمداد قليل , ولهذا يكتبون في العظام ويكتبون في اللخاف وفي عسف النخل , كما سيأتي ولذلك لم يجمع في مصحف , بل كان من سمع آية حفظها , أ, كتبها فيما يتيسر له , من عسف النخل ورقاع الجلود ولخاف الحجارة , وغيرها وكان القرّاء عددا كبيرا , والقرّاء هم الذيم يحفظون القرآن عن ظهر قلب , ففي صحيح البخاري , عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم . وهذا دليل على ان الصحابة يعتمدون على الحفظ أكثر , المتن : المرحلة الثانية : في عهد أبي بكر رضي الله عنه في السنة الثانية عشرة من الهجرة . وسببه أنه قتل في وقعة اليمامة عدد كبير من القراء منهم ، سالم مولى أبي حذيفة ، أحد من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن منهم . فأمر أبو بكر رضي الله عنه بجمعه لئلا يضيع ، ففي صحيح البخاري" (19)أن عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن بعد وقعة اليمامة ، فتوقف تورعا ، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك ، فأرسل إلى زيد بن ثابت فأتاه ، وعنده عمر فقال له أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه ، قال : فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما . رواه البخاري مطولا . وقد وافق المسلمون أبا بكر على ذلك وعدوه من حسناته ، حتى قال على رضي الله عنه: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر ، رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله . شرح الشيخ : الله أكبر . مولى من الموالي , امر الرسول صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة منهم : سالم مولى أبي حذيفة , وهو مولى , يؤخذ عنه كلام الله عز وجل , لكن الفضل يؤتيه الله من يشاء , وابو بكر الصديق امر بجمع القرآن , وهذا هو الجمع الاول في عهد ابو بكر رضي الله عنه , وقد وافق المسلمون ابا بكر علىذلك , وعدوه من حسناته , حتى قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه : اعظم الناس في المصاحف أجرا ابو بكر رحمة الله على ابو بكر ,وفي هذا وخزة وطعنة , في صدور الرافضة الذين يبغضون ابو بكر وبعضهم يلعنه والعياذ بالله , فهذا علي الذي يروا فيه انه إمام الأئمة , يقول فيه ذلك , لأن علي بن ابي طالب رجل مؤمن تقي عاقل عادل , فقال الحق , لكن الرافضة على العكس من ذلك , ولذلك يخالفون علي في مسائل , خالفوه في المتعة , وهو رضي الله عنه ممن روى تحريم المتعة , وخالفوه في المسح على الخفين , وهذا يدل على انه انما أتوا به للترويج على العامة وانهم ينتصرون لآل البيت . المتن : المرحلة الثالثة : في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في السنة الخامسة والعشرين ، وسببه اختلاف الناس في القراءة بحسب اختلاف الصحف التي في أيدي الصحابة رضي الله عنهم فخيفت الفتنة ، فأمر عثمان رضي الله عنه أن تجمع هذه الصحف في مصحف واحد ؛ لئلا يختلف الناس ، فيتنازعوا في كتاب الله تعالى ويتفرقوا. شرح الشيخ : جزاه الله خيرا , أحسن الى الأمة إحسانا لا مثيل له , لو بقيت الصحف وفيها بعض الاختلاف , لكان قتال بين الأمة , والقتال الآن واقع مع اتحاد الصحف لكن اختلفوا في الفهم , واختلفوا بالتأويل , لكن الحمد لله , ان الله حفظ هذا القرآن عزيز , كما قال تعالى : -( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )- [الحجر/9] المتن : ففي " صحيح البخاري " (20)أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان من فتح أرمينية وأذربيجان ، وقد أفزعه اختلافهم في القراءة ، فقال : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ، ففعلت ، فأمر زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وكان زيد بن ثابت أنصاريا والثلاثة قرشيين - وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ؛ فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، رد عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق . شرح الشيخ : ما هي الصحف التي عند حفصة ؟ الصحف التي جمعها ابو بكر ثم أخذها من بعده عمر رضي الله عنه , ثم جعلها عمر عند حفصة , لان حفصة رضي الله عنها امرأة عاقلة , وهي إحدى أمهات المؤمنين , ولهذا لما وقّف عمر رضي الله أرضه في خيبر جعل الناظر عليه حفصة ومن بعدها أولوا الرأي من آل عمر , وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش . لماذا ؟ لان القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ورسول الله من قريش , فغلبت لغة قريش على غيرها . النقطة الثانية : يقول :وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق . كيف يحرق القرآن ؟ نعم درء المفاسد أولى من جلب المصالح , لانه لو بقيت لكان الاختلاف وضلل قوم آخرين وقد فعل عثمان رضي الله عنه هذا بعد أن استشار الصحابة رضي الله عنهم ، لما روي أبن أبي داود (21)عن على رضي الله عنه أنه قال : والله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملاء منا ، قال : أرى أن نجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا ، فنعم ما رأيت . وهذا من عدل أمير المؤمنين رضي الله عنه ,لكي لا يظن الظان ان عثمان تصرف من نفسه , وقوله عن ملئ منا : يعني عن اتفاق منا معه . وقال مصعب بن سعد(22): أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك ، أو قال : لم ينكر ذلك منهم أحد ، طيب هل يمكن ان نأخذ من هذا دليلا على ان المصحف اذا لم يكن صالحا للتلاوة ان يحرق ؟ نعم . لكن ينبغي ان يحرق في مكان ويدفن , لان بعض المصاحف اذا احرقتها لا تذهب بعض الحروف , ولهذا ينبغي ان تدفن , وان لم يمكن دفنها فينبغي ان تدق حتى تكون رمادا . يقول : وهو من حسنان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه التي وافقه المسلمون عليها ، وكانت مكملة لجمع خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر رضي الله عنه . المتن : والفرق بين جمعه وجمع أبي بكر رضي الله عنهما أن الغرض من جمعه في عهد أبي بكر الله عنه تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف ، حتى لا يضيع منه شئ دون أن يحمل الناس على الاجتماع على مصحف واحد ؛ وذلك أنه لم يظهر أثر لاختلاف قراءاتهم يدعو إلى حملهم على الاجتماع على مصحف واحد . وأما الغرض من جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه فهو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد ، يحمل الناس على الاجتماع عليه لظهور الأثر المخيف باختلاف القراءات. وقد ظهرت نتائج هذا الجمع حيث حصلت به المصلحة العظمى للمسلمين من اجتماع الأمة ، واتفاق الكلمة ، وحلول الألفة ، واندفعت به مفسدة كبرى من تفرق الأمة ، واختلاف الكلمة ، وفشو البغضاء ، والعداوة . وقد بقي على ما كان عليه حتى الآن متفقا عليه بين المسلمين متواترا بينهم ، يتلقاه الصغير عن الكبير ، لم تعبث به أيدي المفسدين ، ولم تطمسه أهواء الزائغين . فلله الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين . شرح الشيخ : اذن ابو بكر جمع المصحف لئلا يضيع , لا لاجل أن يتفقوا على مصحف واحد , ولهذا كان كل من الصحابة مصحفا يقرؤه كما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم , ام في عهد عثمان فإن الغرض من جمعه , هو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد يحمل الناس على الاجتماع عليه , أيهما أوجل ؟ الاول , لكي لا يضيع . والثاني ايضا فيه قوة , لانه لو بقيت هذه المصاحف واختلف الناس في القرآن , صار تفرقا عظيم , وصارت الأمم الأخرى تعيبنا , وتقول : انتم الذين تقولون ان اليهود حرفوا التوراة والنصارى حرفوا الانجيل, وانتم حرفتم القرآن بدليل اختلافكم فيه . يتبع .....................
|
![]() |
![]() |
#6 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() المتن التفسير التفسير لغة : من الفسر ، وهو : الكشف عن المغطى . وفي الاصطلاح . بيان معاني القرآن الكريم . وتعلم التفسير واجب لقوله تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص:29) ولقوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24) وجه الدلالة من الآية الأولى أن الله تعالى بين أن الحكمة من إنزال هذا القرآن المبارك ؛ أن يتدبر الناس آياته ، ويتعظوا بما فيها . والتدبر هو التأمل في الألفاظ للوصول إلى معانيها ، فإذا لم يكن ذلك ، فاتت الحكمة من إنزال القرآن ، وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها . ولأنه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه . ووجه الدلالة من الآية الثانية أن الله تعالى وبخ أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ، وأشار إلى أن ذلك من الإقفال على قلوبهم ، وعدم وصول الخير إليها . وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن . وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا . قال شيخ الإسلام ابن تيميه : والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم ، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم . ويجب على أهل العلم أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: الآية 187) وتبيين الكتاب للناس شامل لتبيين ألفاظه ومعانيه ، فيكون تفسير القرآن ، مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه . والغرض من تعلم التفسير هو الوصول إلى الغايات الحميدة والثمرات الجليلة ، وهي التصديق بأخباره والانتفاع بها وتطبيق أحكامه على الوجه الذي أراده الله ؛ ليعبد الله بها على بصيره . شرح الشيخ : التفسير : لغة من الفسر , وهو الكشف عن المغطى , ولذلك اذا كشف الانسان كمة انكشف ما تحتها , ويقال فسر ثوبه يعني : ابان ما تحته في الاصطلاح : بيان معاني القرآن الكريم , فسر القرآن اي بين معناه , وبيان معاني القرآن واجب وتبينها واجب لان المقصود من انزاله هو فهم معناه والعمل به , واذا كنا لا نفهم المعنى صار القرآن بيننا كأنه عربي بين عجمي , لا يعرف معناه ولا المراد به , والانسان ول اراد ان يعمل بكتاب فقه من كتب الفقهاء فانه لا بد ان يعرف معناه . ولو ألقي اليه وهو يطلب علم الطب, كتاب فيه الطب وانواعه وما يتعلق به ولم يشرح له لم يستفد منه . اذن فلا بد من ان نفهم معنى القرآن . وهل فهم معنى القرآن صعب ؟ لا , قال تعالى : -( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )- [القمر/17] اي هل من متذكر ؟ وهلهنا للتشويق , لانهلما اخبر واكد انه يسره للذكر شوّق الى ادكاره وفهمه , فانت اذا اقبلت بصدق لتفهم معنى كلام ربك عز وجل , فانه لا بد ان ييسر لك , اما بفتح يفتحه الله عليك , واما بجلب عالم يبين لك معناه , واما بكتب تفسير توضح لك المعنى , لان الله تعالى أخبر واكد هذا الخبر بالآية الكريمة السابقة . وتعلم التفسير واجب واستدل المؤلف بذلك , ولكن هل هو واجب عين , على كل واحد ؟ الجواب : اما ما يحتاجه الانسان فانه يجب عليه وجوب عين ان يفهم معناه واما ما لا يجب فان تعلمه فرض كفاية , اذا قام به احد سقط عن الباقي , واما ان يبقى المسلمون كلهم لا يفهمون معنى القرآن فهذا خطب عظيم , واننا لنأسف لقوم يعتنون غاية العناية بالحديث وليس في الحديث ايضا دراية بل هواية , في اسانيده واقسامه ورجاله وما أشبه ذلك . لكنك تجدهم في فقه الحديث ضعفاء , وفي تفسير القرآن أضعف وأضعف , وهذا لا شك انه حسن من وجه , لكنه فيه قصور عظيم , لانه كون الانسان يعتني هذه العناية التامة ويعرض عن القرآن ويقول في نفسه : القرآن والحمد لله ثابت ولا حاجة لان أبحث عن رجال سنده.... نقول نعم ولكن هل انت تفهم معناه ؟ كثير من هؤلاء لو عرضت عليهم آية ليست صعبة المعنى , عجز عنها ولم يعرفها ولا اعرابها ولا بلاغتها , وهذا قصور . وانا رأيي انه يجب ان نبدأ في طلب العلم بالقرآن , نفهم معناه ونعمل به , ثم بالسنة لان السنة تحتاج الى نظرين : النظر الاول : ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم , فننظر في السند والرجال والاتصال وغير ذلك . النظر الثاني : النظر في المعنى . اذن علم التفسير واجب , لكن من كان يحتاج الى شئ معين منه فهو فرض عين عليه , مثل ان يكون رجلا عنده مال يريد ان يزكي , ويعطي الزكاة أهله , لا بد ان يفهم معنى الآية الكريمة : -( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )- [التوبة/60] من أجل ان يقوم بما أوجب الله عليه , وهكذا ايضا الوضوء : -( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )- [المائدة/6] لابد ان يعرف ما معنى الغسل , ما هو حد الوجه ؟ ويعرف غسل الرجلين , متى يكون واجبا ومتى يجوز المسح على الخفين ... وما أشبه ذلك . اما ما عدا هذا فهو فرض كفاية , يجب على المسلمين عموما ان يقومون به , ان قام به احد يكتفى به , لكونه مأمونا موثوقا ومرجعا للمسلمين في التفسير ... قال تعالى : -( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )- [ص/29] يعني هذا كتاب وانما قدرنا هذا لان ما قبلها حروف هجائية , ليس لها محل من الاعراب , والقول الرجح ان هذه الحروف الهجائية ليس لها معنى في ذاتها , والقرآن نزل بلغة العرب والعرب لا يرون لهذه الحروف معنى , لكنها ليست لغو , لا , لها مغزى عميق بليغ , وهو ان هؤلاء العرب الذين هم أبسط الناس ركبوا كلامهم من هذه الحروف , وجاء القرآن بهذه الحروف , ومع ذلك أعجزهم , لا يستطيعون ان يؤلفوا مثله , هولو جاء بحروف جديدة لكان للعرب عذر ان لا يعارضوه, لكنه لم يأتي الا بالحروف التي هم يكونون كلامهم منها زلذلك لا تجد سورة مبدوءة بالحروف الهجائية الا وبعدها ذكر القرآن . هذا هو الغالب , وما ابرك من هذا القرآن ؟ لماكان المؤمنون يعملون به ظاهرا وباطنا , سرا وعلنا , عقيدة وعملا , وخلقا وأدبا , نالوا بركته وسادوا به العالم , وجاهدوا به أعداء الله . ولما تخلفوا عنه نزعت بركة القرآن منهم وصاروا يعظمون القرآن تعظيم طقوس , لا تعظيم عمل به , يكتبونه في الجدران وفي الاحراز والحجب , وما أشبه ذلك .... تعظيم القرآن هو العمل به تصديقا بأخباره وعملا بأحكامه . ليدبروا آياته : كل الآيات سواء طالت ام قصرت , فمثلا يجب علينا ان نتدبر آية الدين في سورة البقرة , وهي أطول آية في القرآن , وكذلك قوله تعالى : -( ثم نظر )- [المدثر/21] وهي من الآيات القصار في القرآن . يجب ان نعرف من الذي نظر ؟ وهل نظر بفكره ام بعينه ؟ لا بد ان نعرف هذا , وقوله : وليتذكر أولوا الالباب .. أولوا العقول , يتعظون بالقرآن . ولذلك فاعلم انه اذا لم تتعظ بالقرآن فانه لا عقل لك . لانه لا يتذكر بالقرآن الا اهل العقول . وقال تعالى : -( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )- [محمد/24] والاستعلام هنا للتوبيخ , (أم) هنا منقطعة , بمعنى بل أي :" بل على قلوب أقفالها " ووجه الدلالة من الآية الاولى ان الله تعالى بين ان الحكمة من انزال القرآن مبارك ان يتدبر الناس آياته ويتعظوا بما فيها , والتدبر والتأمل في الالفاظ , للوصول الى معانيها واذا لم يكن كذلك فاتت الحكمة من انزال القرآن , وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها , ولانه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه . ووجه الدللالة من الآية الثانية ان الله تعالى وبخ أؤلئك الذين لا يتبرون القرآن واشار الى ذلك من الاقفال على قلوبهم وعدم وصول الخير اليهم . وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن . وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا . تعلموا القرآن اي ألفاظه والعلم يعني معانيه , والعمل اي العمل بما فيه . قال شيخ الإسلام ابن تيميه : والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم ، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم وصدق رحمه الله , الانسان اذا قرأ كتابا لا بد ان يفهم معناه , ولا لم يستفد منه , لو قرأت كتابا بالنحو كالآجرومية مثلا , هل تستفيد منها بدون معرفة المعنى ؟ لا . فكيف بكلام الله عز وجل ؟ ويجب على أهل العلم أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: الآية 187) وتبيين الكتاب للناس شامل لتبيين ألفاظه ومعانيه ، فيكون تفسير القرآن ، مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه . اذن طريقة السلف في القرآن انهم يتعلمون ألفاظه , ومعانيه ويعملون به . اذا نزلت آيات في البيع تعلموها وعملوا بها -( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )- [الجمعة/9] أيظن الظان ان الصحابة يدعون الصلاة ويقبلون على البيع ؟ لا ابدا , بل هم عملوا بذلك , وهكذا بقية الآيات , حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم لما خاطب النساء وأمرهن بالصدقة وقال انكن أكثر أهل النار , ماذا فعلن ؟ صارت المرأة تأخذ قرطا من أذنها وخاتمها من اصبعها وتلقيه الى بلال رضي الله عنه . قال : والغرض من تعلم التفسير هو الوصول إلى الغايات الحميدة والثمرات الجليلة ، وهي التصديق بأخباره والانتفاع بها وتطبيق أحكامه على الوجه الذي أراده الله ؛ ليعبد الله بها على بصيره . تصديق الاخبار : هذه من غايات علم التفسير , ان تصدق الخبر , وتمتثل للخبر لا مجرد ان تفهمه فقط . مثلا اذا قال الله تعالى " ان الله كان سميعا بصيرا "هذا خبر ام امر ؟ خبر طبعا .. الانتفاع ليس مجرد ان تعلم ان الله سميع بصير , الانتفاع ان تخشى الله , فلا تقل ما يسمع منك ما لا يرضاه , ولا تفعل ما يبصره ويراه وهو لا يرضاه . انتبه لهذا لما قص الله علينا قصص الانبياء السابقين قال : -( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )- [يوسف/111] عبرة ينتفع بها الانسان اذا كانت وعيدا , وينتفع بها ان كان بها فوائد وحكما , كما في قصة ذي القرنين وقصة أصحاب الكهف , وغيرها من القصص النافعة , كما قال تعالى : -( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين )- [يوسف/3]
|
![]() |
![]() |
#7 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() المتن : المرجع في تفسير القرآن يرجع في تفسير القرآن إلى ما يأتي : أ- كلام الله تعالى : فيفسر القرآن بالقرآن ، لأن الله تعالى هو الذي أنزله ، وهو أعلم بما أراد به . ولذلك أمثلة منها : 1-قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62) فقد فسر أولياء الله بقوله في الآية التي تليها : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:63) شرح الشيخ : لا يمكن ان تجد تفسيرا احسن من هذا , اللهم اجعلنا من أولياؤك , الذين آمنوا وكانوا يتقون , آمنوا بقلوبهم واتقوا بجوارحهم , هؤلاء هم أولياء الله , وقد قال شيخ الاسلام رحمه الله : من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا . فاذا ادعى مدع انه ولي لله , وقال انا ولي لله , قلنا القرآن يكذبك , بماذا ؟ فالله تعالى يقول : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) والله تعالى يقول : -( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )- [النجم/32] وانت الآن زكيت نفسك ولم تتق الله فلست بولي . واذا قال انه من اولياء الله وانه يحل له ان يتزوج خمسين امرأة وان يأخذ ما اصطفى له من أموال الناس , نقول انت الآن من أعداء الله , اين الايمان والتقوى الذي تستحق ان تكون بهما وليا لله ؟ وسمعت انه يوجد في بعض البلاد من يفعل ذلك , يدعي انه ولي لله , ولكن هؤلاء أشار اليهم شيخ الاسلام رحمه الله : بأنهم قوم من الصوفية يقولون ان هذه العبادات يؤمر بها العامة , فهي وسيلة حتى يصلوا الى الغاية , فإذا وصلوا الى الغاية سقطت عنهم كالانسان المسافر يشد الرحل ويدني البعير ويحمل الزاد فإذا وصل , باع البعير . ذكر ان عبد الرحمن الجيلاني رحمه الله , رأى في المنام نورا عظيما عظيما وسمع منه صوتا , يقول : يا عبد القادر , وصلت الى الغاية فلا صلاة عليك , فقال له : كذبت ولكنك شيطان , يقول : فتمزق من فوره . فصار هذا النور من تخيلات الشيطان . بالعودة الى الآية نقول: ان تفسير أ,لياء الله هم الذين آمنوا وكانوا يتقون , واما جزاؤهم بانه لا خوف عليهم ولا يحزنون على ما مضى, لانهم قد ملؤوا ما مضى بالايمان والتقوى , ولاحزن يكون على فوات المحبوب اما هؤلاء فقد عمروا أوقاتهم بالايمان والتقوى . اللهم اجعلنا منهم . المتن : 2- قوله تعالى : (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ) (الطارق:2) فقد فسر الطارق بقوله في الآية الثانية : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (الطارق:3) . شرح الشيخ : قوله تعالى : -( والسماء والطارق )- [الطارق/1] هل هو للقسم ام للعطف ؟ للقسم أحسن من كونه عطف , لانه لو كانت عطف صارما بعدها تابعا لما قبلها , واذا كانت قسما صار ما بعدها مستقلا , اما تفسير الطارق فقد فسرها بانها النجم الثاقب , الثاقب هو الثاقبة للظلام بنوره ولهذا لو انك في البر ليس به اي نور لوجدت ظلك بنور بعض النجوم , ومعنى الثاقب ايضا اي الثاقب للشياطين , كما في قوله تعالى : -( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )- [الصافات/10] لو قال قائل : الطارق هو الطارق الذي يطرق أهله ليلا , نقول كذبت , ان الله تعالى قال هو النجم الثاقب . المتن : 3- قوله تعالى : (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (النازعـات:30) فقد فسر دحاها بقوله في الآيتين بعدها : (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا) (النازعـات:31)(وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) (النازعـات:32). شرح الشيخ : الله تعالى ذكر في سورة فصلت انه خلق السماوات بعد الارض , كما قال ز وجل : -( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين )- [فصلت/9] -( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين )- [فصلت/10] -( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )- [فصلت/11] قال عز وجل : -( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها )- [النازعات/27] نقف بعد قولنا أأنتم أشد خلقا أم السماء ثم نقول بناها لانه لو وصلنا اختلف المعنى , ثم فصل الله تعالى بقوله : -( رفع سمكها فسواها )- [النازعات/28] -( أخرج منها ماءها ومرعاها )- [النازعات/31] -( والأرض بعد ذلك دحاها )- [النازعات/30] بين الله تعالى الدحو بقوله : أخرج منها ماءها مرعاها والجبال أرساها , متاعا لكم ولأنعامكم . يتبع الشريط الرابع .............
التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 01-02-09 الساعة 05:56 PM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
من شرح الاربعين النوويه | عائشه | روضة السنة وعلومها | 1 | 19-07-07 11:37 AM |
هديتي لكم : الأربعين النووية مع شروحها والإستماع لها :) | تواقة الى الجنة | روضة السنة وعلومها | 4 | 18-03-07 05:05 AM |