![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
#1 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() تفسير سورة الفاتحة الجزء الثالث بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح لهذه الأمة وجاهد في الله حق جهاده وتركنا على المجحة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك , صلى الله عليه وسلم أما بعد : يقول الله تعالى : * مالك يوم الدين * سبحان الله اذا ذكر الرب , رب العالمين , الرب من أفعاله الملك والتدبير والخلق وأفعال أخرى منها الرزق والاماتة والاحياء والضر والعطاء و غيرها يقول السعدي رحمه الله :مالك يوم الدين :المالك : هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى ويثيب ويعاقب ويتصرف بمماليكه بجميع انواع التصرفات . طبعا كلمة مالك قرأت بطريقتين : قرأت مالك , وقرأت ملك , وسبحان الله هناك فرق بين المالك وبين الملك , وكلاهما في حق الله عز وجل صفات مدح . بينما في حق المخلوق عندما نقول ملك او مالك فقد يكون ملك بالاسم لا يملك شيئا او انه يملك شيئا معينا ولا يملك كل شئ , وقد يكون مالك لشئ ولا يكون ملكا ً ,إذن الملك بالنسبة للبشر ملك ٌ نسبي والله عز وجل وصف نفسه بانه ملك ومالك وهي صفات مدح له ملك ويدبر ويصرف ويأمر وينهى ويرتب على هذا الأمر وهذا النهي , فمن أطاعه أثابه ومن عصاه عاقبه , وله ان يتصرف بمملكته ومماليكه كيف يشاء , سبحان الله العظيم , إذن هنا نثبت لله عز وجل الملك بأنه ملك ومالك , وفي هذه الآية الكريمة : أضاف الله تعالى ملكه الى يوم الدين , هل ملكُ الله تعالى خاص بيوم الدين فقط ؟؟ ...هل الله عز وجل لا يملك الا يوم الدين؟؟ ألا يملك الدنيا وأهل الدنيا ؟؟ ان الله تعالى يملك الدنيا والآخرة ويملك يوم الدين الذي هو يوم الجزاء , وفي هذه الآية خص الله ملكه بيوم الدين لأن ملكه يومئذ ظاهر .على كل ملك فلفت أنظار العباد الى هذا اليوم الذي يكون ملكه ظاهر على كل ملك يقول السعدي : يوم الدين هو يوم يدان الناس فيه بأعمالهم خيرها وشرها لان في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه وعدله وحكمته وانقطاع أملاك الخلائق . أي يجازى الناس على أعمالهم خيرها وشرها , فهو يوم الجزاء وملك الله عز وجل يظهر للخلق في هذا اليوم تمام الظهور , فكل الملوك تحت ملك الله تعالى , ويُرى الجبارون في ذلك اليوم كأمثال الذر , يطؤهم الخلق , فأين ملكهم ؟؟ ظهر ملك الله تعالى القهار الجبار المتصرف سبحانه وتعالى ,وظهر كمال ملكه , والملوك كلهم لا ملك لهم لانه زال وجبروتهم زال فأصبحوا لا يملكون شيئا, والسلطان والهيمنة على الناس زال فأصبحوا مهانين , وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كأمثال الذر , سبحان الله العظيم . ** يظهر كمال ملكه تعالى في ان الخلق يشهدون بأن مالك الملك هو الله عز وجل , فما يستطيع أحد أن يرفع رأسه في ذلك اليوم . ربما يغتر الانسان بنفسه في الدنيا ويغتر بملكه وما يملك , لكن في الآخرة لا مجال للإنكار ولا مجال لغياب العقل , بل كل يشهد بأن الملك لله عز وجل وملكه ظاهر على خلقه . ** كما يظهر كمال عدل الله عز وجل وانقطاع أملاك الخلق , ومن صور عدله الظاهر في ذلك اليوم أنه يساوي بين الخلق كلهم , ويجعلهم ويحشرهم في مكان واحد , الجن والإنس والأحرار والعبيد والوحوش وكل ما خلق الله تعالى يجعلهم في أرض المحشر , سبحانه وتعالى , وكلهم في حال من الإذعان لعظمته والخضوع لعزته منتظرين جزاءه راجين ثوابه خائفون من عقابه , ما يستطيع أحد أن يتكلم بل يهمس , ( خشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا وعنت الوجوه للحي القيوم ), سبحان الله خضعت لظهور ملك الله عز وجل , وانقطع كل ملك آخر , والرقاب ذليلة في ذلك اليوم , فلذلك خصه بالذكر وأضاف ملكه اليه مع أنه مالك للدنيا والآخرة ومالك ليوم الدنيا ويوم الدين , وغيره من الأيام , سبحانه وتعالى . الفوائد من هذه الآية : أولا : اثبات ملك الله عز وجل وملكوته يوم الدين لأن في ذلك اليوم تتلاشي جميع الملكيات والملوك , ويزول كل ملك للبشر , يأتون مفلسين ليس عندهم شئ إلا العمل , فراج ٍ للثواب وخائف من العقاب , ويظهر ملك الرب عز وجل ويوم يأذن الله تعالى بالفناء للخلق وتبدل الأرض غير الأرض والسماوات غير السماوات , ينادي الله عز وجل ويقول : لمن الملك اليوم ؟ فلا يجيب أحد , فيقول تعالى مجيبا نفسه : لله الواحد القهار . وهذا يشعرنا بالخوف من ذلك اليوم العظيم والمهيب , يوم تشيب له الولدان , يوم تصفى فيه الحسابات , هو يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل , يوم ظهور العدل والجزاء في أرض المحشر , حتى البهائم التي كانت يعتدي بعضها على بعض في الدنيا فيأذن الله عز وجل للشاة الشمَّـاء أن تقتص من الشاة القرناء , وكذلك بالنسبة لبقية الحيوانات , ثم يقول لها كوني ترابا . إذن الحالة عظيمة , والعباد في حالة من الخوف يقدمون على الله لا شئ معهم فيحاسب الله عز وجل على كل صغيرة وكبيرة بل مثاقيل الذر (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ), ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ). فالعباد يُحاسَبون بموازين تزن مثقال الذرة , وما تزن الذرة ؟؟؟ ولكن من ظهور كمال عدل الله فإنه يحاسب ولو مثقال ذرة . فسبحان الله العظيم . ثانيا : إثبات البعث والجزاء ( مالك يوم الدين ) إذن هناك يوم الدين , وهناك مالك له , فنحن نثبت ان لله عز وجل ملكا وأيضا نثبت أن هناك يوما لمجازاة الخلق وهو يوم القيامة . وهذا من صفات أهل الإيمان , يؤمنون بأن هناك يوم آخر وهناك حساب وعقاب ومجازاة على الأعمال , إن خيرا فخير , وإن شرا فشر , وهذا من عقيدة أهل الإيمان , يخافون من هذا اليوم ويعملون له ويستعدون له ويعطون هذا اليوم حقه , ويعلمون أنهم سيقفون بين يدي الله عز وجل ليس بينه وبينهم ترجمان , بينما الكافر لا يؤمن بهذا , بل يظن أن الدنيا فرصة واحدة يعيشها ثم يموت كما تموت البهائم . ثالثا : حث الإنسان على العمل الى ذلك اليوم الذي يدان فيه العاملون فيوم القيامة يجعل في نفس العبد الخوف منه وأنه سيلاقي الله عز وجل , وفي نفس الوقت يحرك في نفسه الرغبة في العمل لأنه يعلم أن الله تعالى سوف يجازيه , ويحاسبه على كل صغيرة وكبيرة , ان كان مفرطا ومسرفا على نفسه فليكف عن هذا التفريط , وإن كان كسولا أو عاجزا أيضا يكف عن الكسل ويحث نفسه على المسارعة في العمل . ************** نأتي للآية التي بعدها يقول الله عز وجل (إياك نعبد وإياك نستعين ) يتبع >>
التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 20-10-08 الساعة 02:26 PM |
![]() |
![]() |
#2 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() نأتي للآية التي بعدها يقول الله عز وجل (إياك نعبد وإياك نستعين ) عندما بدأنا بالسورة علمنا الرب عز وجل أن نحمده ونقدم بين يدي دعائنا الثناء على الله عز وجل وهذا من آداب الدعاء فنقول : * الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين * إذن دعونا الله تعالى بألوهيته وربوبيته وملكه ورحمته سبحانه وتعالى , بأن حمدناه وأثنينا عليه ومجدناه . يقول الشيخ السعدي رحمه الله : * إياك نعبد وإياك نستعين * , أي نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة , لأن تقديم المعمول يفيد الحصر , وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه , فكأنه يقول نعبدك ولا نعبد غيرك , ونستعين بك ولا نستعين بغيرك . ** هنا قدم إياك على نعبد , ولم يقل نعبدك يا رب ونستعينك , بل قال تعالى * اياك * اياك انت يارب نعبدك , و هذا التقديم يفيد الحصر أي نعبدك وحدك ونخصك بالعبادة وحدك , وهذا معنى توحيد الألوهية . فالعبادة هنا تخص الله تعالى وحده , وكأن العبد يعترف بين يدي ربه أنه مفرد لربه عز وجل بالعبادة , وربه المألوه المعبود المستحق للعبادة . ** أيضا قدم إياك على نستعين , وهذا أفاد الحصر , والاستعانة عمل من الاعمال التي يجب صرفها لله عز وجل , أن يستعين العبد ويعتمد على ربه عز وجل , والاستعانة عبادة خاصة من العبادات العظيمة , نفرد بها الله تعالى , وهي تعد نصف الدين ( التوكل على الله والاستعانة به ) , فنحن لا نستطيع أن نعبد الله عز وجل لوحدنا هكذا , لا نعتمد بذلك على أنفسنا ولا على قدراتنا أو ذكائنا , إنما نحتاج الى طلب العون من الله عز وجل , والاعتماد والتوكل عليه , والثقة به , فهو المعين وحده سبحانه وتعالى على العبادة . نحن نعبدك ونفردك بالعبادة يارب ونستعينك على هذه العبادة , نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة . إذن هنا كما قال الشيخ : تقديم المعمول يفيد الحصر , وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه. أي حصر العبادة لله وحدة والاستعانة به وحده ** وأيضا تقديم العبادة على الاستعانة , من باب تقديم العام على الخاص , هذا قول الشيخ السعدي . فالعبادة عامة وهي غاية , والاستعانة جزء من العبادة , فالعبادة داخل فيها الاستعانة واذا اردنا تعريف العبادة كما ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : قال العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال و الأعمال الظاهرة والباطنة . والاستعانة من أفراد العبادة , ومن أنواعها , ولذلك قدم هنا العام على الخاص وهذا اسلوب يُستخدم في القرآن الكريم وفي السنة الشرفة . ** وأيضا نرى أن العبادة نصرفها لله عز وجل , والاستعانة نطلبها من الله عز وجل , والذي يريد هذه الاستعانة هو العبد , فهي طلب العبد , والعبادة طلب الرب من العبد , إذن حق الله : العبادة وحق العبد : الاستعانة , وهنا في هذه الآية قدم حق الله عز وجل على حق العبد . خلاصة الكلام : فائدة تقديم العبادة على الاستعانة: 1" – تقديم العام على الخاص :فالعبادة عامة والاستعانة جزء من العبادة 2"- تقديم حق الله على حق العبد : فالعبادة هي مراد الله من العبد , والاستعانة هي طلب العبد من ربه عز وجل . يقول السعدي : والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرو والباطنة . وهذا تعريف شيخ الاسلام ابن تيمية وقال السعدي : والاستعانة هي الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار , مع الثقة به في تحصيل ذلك . طبعا الاعتماد غير الثقة . أعتمد يعني أستند , وتشمل أيضا التفويض والتوكل على الله في جلب المنافع ودفع المضار , مع أمر آخر : الثقة به : وهذا هو حقيقة التوكل . لتبيين المقصود من ذلك نقول : أحيانا قد نعتمد على شخص في إنجاز عمل ما , وقد لا نكون واثقين من أمانته , ولا نثق بإخلاصه لنا , فهو قد ينجز هذا العمل فعلا ولكن لا نثق به . وأحيانا قد نثق بشخص , لكن نعرفه بأنه عاجز عن المساعدة ولا نستطيع الاعتماد عليه , فهذا وارد في البشر . لكن مع التوكل على الله والاستعانة به في تحقيق المطالب ودفع المضار وجلب المنافع يجب ان يمتلئ القلب بإفراد الله بالاستعانة , وأن يتوجه القلب كله لله تعالى بالاعتماد عليه في هذا الأمر , دون الالتفات الى غيره , بالإضافة الى الثقة به . ومن هنا نؤتى من إحدى الثغرتين : إما أن يكون اعتمادنا على الله ضعيف, فنعتمد على غيره أكثر مما نعتمد عليه , وإما أن تكون ثقتنا بالله عز وجل ضعيفة , وتكون ثقتنا فيما بين يدينا أكثر من ثقتنا بالله عز وجل , كأن تكون ثقة الانسان بقدراته وعقله وتحصيله أكثر من ثقته بالله عز وجل , وهنا لا يحقق له مقصوده . سواء بالاستعانة بأمور الدنيا أو بأمور الآخرة . إذن حينما نطرق باب الله عز وجل ونستجلب المنافع ومصالحنا الدنيوية والأخروية ونستدفع الشرور والأمور العظيمة التي تلحق بالعبد , لا بد من أن نحسن الاعتماد على الله ونفرد ه بذلك ونثق بالله عز وجل , هنا نكون قد حققنا الاستعانة المطلوبة . سبحان الله العظيم , ان قضية العبد اذا حقق العبادة . التي هي مراد الرب عز وجل , وحقق الاستعانة بالله عز وجل على هذه العبادة , نال سعادة الدنيا والآخرة . إذن حتى يكون الانسان في حالة من السعادة ,سواء في الدنيا والآخرة , السعادة التي تحقق له الاطمئنان النفسي , تعلمون انه اذاحقق مراد الرب عزوجل وتتبع رضاه ,ووحد الله عز وجل وأفرده بالعبادة , وانشغل بالأعمال الصالحة واستقام على شرع الله , في الزمن الذي يقضيه في هذه الدنيا , لا شك انه سيعقب ذلك الاطمئنان النفسي والسعادة النفسية , ويثاب العبد على طاعته في دنياه قبل آخرته . ويجد راحة نفسية وسعادة بالرغم ما يمر به من البلايا لكن يوجد عنده معين نفسي , هو أثر الطاعة والعبادة , مع ما يدخره الله عز وجل له في الآخرة , يقول السعدي رحمه الله : والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية , والنجاة من جميع الشرور إذن اذا اراد العبد ان يسعد وينجو من الشرور , فعليه بعبادة الله عز وجل وتوحيده , والاستعانة به على ذلك , فإنما يؤتى العبد من إحدى الأمرين : -- إما أن تكون استعانته ضعيفة -- أو تكون عبادته فيها من النقص ما يشوبها ويجعلها غير مقبولة . لنفرض ان العبد يريد ان يطرق باب الرزق من الله عز وجل فإنه يعتمد على الله عز وجل في طلب التوفيق ويظن ويعتقد بأن الله هو الموفق في ذلك , مع بذل الاسباب , ثم الثقة بالله عز وجل بأنه سينجز له ما يريد, فلا يلتفت القلب لغيره سبحانه وتعالى ولا يعتمد العبد على ذكائه أو عمله أو الواسطة .... فقط يعتمد على الله عز وجل وما سبق هي أسباب قد تنفع وقد لا تنفع . والعبد دائما يؤتى من هذه الثغرة : يقول بأنه يستعين بالله ولكن قلبه لا يعتمد على الله وانما يعتمد على الواسطة أو مهاراته أو الواسطة أو شهاداته ,أو علمه وعقله ودينه , وعلى غيرها من الأمور التي تعتبر أسباب وهبه الله اياها .لا تنفعه إلا اذا جعلها الله تعالى نافعة . إذن هو يبذل لأنه مأمور ببذل الأسباب الشرعية أو الأسباب القدرية , لكن لا يتكل عليها . يبذلها دون النظر اليها , قد تنفع وقد لا تنفع , يعتمد فقط على الله تعالى من حسن ظنه به , فيثق به سبحانه وتعالى فيحصل له المقصود . وهذا الأمر يحتاج الى تصفية في القلب يا إخوتي , وقطع كل تعلقات القلب بغير الله تعالى , وليس من السهل عدم التفات القلب لغير الله تعالى مثلا اذا كان بيدي مال , فأنا واثقة تماما ومطمئنة بأني بخير ولن يصيبني مكروه أو فقر , ولكن هل أن واثقة بما عندي أوثق بماعند الله عز وجل ؟؟؟ لأنه من الممكن أن يصيبني فقر . الانسان لا يصل الى مرحلة عظيمة عند الله حتى يكون أوثق فيما عند الله أكثر من ثقته فيما عنده . وهذا من يحصله ؟؟؟؟؟؟ لنضرب مثال أحدنا عنده واسطة لدخول عمل يسعى وراءه , لينظر الى التفات قلبه , هو طبعا سيقول : انا استعنت بالله , ولكن لينظر الى قلبه , هل هو معتمد فعلا على الله ؟؟ أم يوجد ميل بأن هذه الواسطة ما تدخلت في أمر الا حققت المقصود ؟ قليل منا من ينجح بهذا الإمتحان , لأن القلب سيلتفت الى هذه الواسطة بل ومن الممكن أن يعتمد عليها . إذن لا يكفي الاعتماد وحده على الله تعالى بل الثقة في انجاز الله تعالى للمطلوب. ما يعجزه الله تعالى أن يعطيك ولا ينقص من ملكه , وهو أهل لأن يعطيك , لذا اعتمد على الله لا على أي شئ مما تملكه أو عند غيرك من الناس , ثم الثقة بالله تعالى بأنه سيعطيك مما عنده ولو بعد حين , لأن الله تعالى يقول : أنا عند ظن عبدي بي , فلظن بي ما يشاء , إن خيرا فخير وإن شر فشر . فكما تظن بالله عز وجل يعطيك , ان شككت به فيعطيك على هذا الشك , وإن وثقت به أعطاك على ثقتك , لأنه أهل لذلك , فلما سوء الظن بالله عز وجل ؟؟؟ العبادة لا نسميها عبادة الا اذا كان فيها التأله والتعبد لله تعالة مع المحبة التعظيم ولكن شروط قبولها : 1" أن تكون مأخوذة عن النبي صلى الله عليه وسلم أي المتابعة لسنته 2" أن تكون خالصة لله تعالى ويوجد شروط أخرى تعتبر تفصيلات لهذين الشرطين الأساسيين . وهذا قول الشيخ السعدي رحمه الله : وإنما تكون العبادة عبادة إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله , فبهذين الأمرين تكون عبادة . وقال أيضا رحمه الله : وذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها لاحتياج العبد في جميع عباداته الى الاستعانة بالله تعالى , فإنه إن لم يعنه الله لم يحصل له ما يريد من فعل الأوامر واجتناب النواهي . ذكرنا سابقا : أنه قدم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص ومن باب تقديم حق الله تعالى على حق العبد والآن نجد أن قدم العبادة على الاستعانة : لاحتياج العبد في جميع عباداته الى الاستعانة بالله عز وجل , اياك نعبد واياك نستعين , ويقصد بقوله : مع دخولها فيها , أن الاستعانة نوع من أنواع العبادات . لذلك لا يظن أحدنا أنه يستطيع القيام بعبادة من العبادات بدون توفيق الله له , صحيح أن العبد مأمور أن يعمل ويجتهد ويتعبد ... ولكن لا يغيب عن ذهنه أن الموفق والمعين هو الله عز وجل , ومقدار حاجتنا للاستعانة بالله عز وجل كحاجتنا لهذا النفس الذي يتردد عندنا , هذا يظهر فقر العبد وحاجته لمولاه عز وجل في كل الأمور , الاستقامة والهداية وحتى إقامة الصلاة وإحسان الوضوء وإحسان الذكر , والمداومة والثبات على كل هذا , لا يستطيع الانسان أن يفعلها من نفسه , صحيح أنه يبدأ فيها لكنه قد لا يستطيع الإكمال . فلو تأملنا لشدة حاجتنا للاستعانة و شدة حاجتنا للعبادة , ولكن من الغفلة قد لا يدرك المرء مدى حاجته للعبادة والاستعانة , حاجته بأن يبدأ بالعبادة وأن يخلصها من شوائب الشرك , وأن يوفق لها ويهتدي لها ويفعلها على الوجه المأمور به , وأن يأتي بها مستقيمة , وأن يداوم ويموت عليها ولا يقطعها , وأن تصعد هذه العبادة وتكون مقبولة عند الله عز وجل , وغيرها كل هذه أمور نحتاج أن نستعين بالله تعالى عليها , اذن العبد محتاج في جميع عباداته الى الاستعانة . سبحان الله ان استحضر القلب كل هذه الأمور , لانكسر العبد وعلم بشدة فاقته وحاجته لمولاه عز وجل , ولعلم العبد أنه لا يستطيع القيام بشئ لوا توفيق الله له وعلى العبد أن لا ينظر الى أعماله وكميتها , بل يذكر فاقته وحاجته ومعاصيه , حتى يقوده ذلك ويدفعه الى العمل , لأنه قد تكون أعماله هذه كلها لا تنفع عند الله عز وجل اذا شابها شئ من الشرك . فالعبد يكون في حالة من الخوف من الله والرجاء بالله .يخاف ان يرد الله عليه عمله , ويرجوالله تعالى ان يقبل عمله , ويحسن الظن بأنه وفقه الى القيام بالأعمال على الوجه الذي يرضاه عز وجل , لكن لا ينظر الى أعماله . لننظر الى الانسان الذي يمشي على الأرض ويقوم بعمل الطاعات والعبادات ويفعل كذا وكذا ,,, وأمور كلها خير وطاعات ..ينظر الى نفسه ويعظم ذلك في نفسه , فإذا ما وقع بالمرض فإنه يترك كل ذلك , وبالكاد يستطيع أن يأتي بالواجبات . فمن الذي يعين إذن ؟؟ طبعا الله عز وجل , فلولا عون الله تعالى لعبده , ما استطاع العبد أن يتحرك . فالعبد محتاج الى ان الله يحوطه بعنايته ورعايته ويرحمه ويلطف به وكم من لطف الله تعالى احاط بالعبد من غير أن يعلم العبد بذلك , يكفيه شر نفسه مثلا , ويدفع عنه أمور مغيبة عنه , فالعبد إن لم يعنه الله عز وجل لم يحصل له المراد من فعل الأوامر واجتناب النواهي . إذن حتى العبادة التي نعملها , لا ننظر بها الى أنفسنا ,لأنها من فضل الله ومنته علينا .ولاحق للعبد عند ربه , اذا كان الله تعالى هو الذي خلقه وبرأه وأعده وأمده وأمره ثم أعانه على فعل الأمر وأعطاه الأدوات المعينة له من عقل وغيره .. ووفقه الى أن يتحرك ويعمله , ولو وكل العبد الى نفسه ما استطاع ان يفعل شئ , فالعبد محتاج الى ان يطرق باب الله تعالى وينكسر بين يديه ويلجأ اليه ويستعين به , عز وجل , ليس فيأمر الآخرة فقط وإنما في أمور الدنيا والآخرة على حد سواء . سبحان الله العظيم , جل جلاله . من فوائد هذه الآية : 1" إخلاص العبادة لله عز وجل , قال تعالى * اياك نعبد * فقد قدمنا اياك على نعبد , فلو قلنا نعبدك : لفهمنا انه نعبدك ونعبد غيرك , فحتى يكون المقصود لا اله إلا الله : قدم هنا المعمول اياك علة نعبد , فأصبح معنى القول ,لا اله نعبده إلا انت 2" إخلاص الاستعانة بالله عز وجل , لقوله تعالى * واياك نستعين * . يقول تعالى : * اهدنا الصراط المستقيم * يقول الشيخ السعدي :(اهدنا الصراط المستقيم ) , أي دلنا وأرشدنا ووفقنا للصراط المستقيم الهداية هنا تنقسم الى قسمين : 1" هداية دلالة وإرشاد وتعليم وبيان 2" هداية التوفيق لكل خير والعصمة من كل شر . الاولى هداية التعليم والبيان , والعبد يقبله أو لا , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل ما بعثت له من الهدى كمثل الغيث , فالرسول عرض رسالته على الناس , فانقسم الناس الى قسمين : مستقبل لهذا العلم ومنتفع به ومنهم من لم يرفع به رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسل به سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام , الثانية : هداية التوفيق أي خلق التوفيق , أي ان الله تعالى يعطي العبد الأسباب التي تجعله يتعلم ويعمل ويستقيم ويصلي ويتصدق و... يعني يوفقه لكل خير ,ويعصمه من كل شر . حينما نقول ( اهدنا الصراط المستقيم ) فإننا نطلب نوعين من الهداية , ان يعلمنا الله تعالى ويهدينا للعلم النافع ويهدينا للعمل بهذا العلم . فالعبرة ليس بأني أعرف ولكن العبرة أني أعمل بما عرفت , فكم من المعلومات التي أعرفها ..الشئ الكثير . لكن هل أعمل بما أعلم ؟؟ والثبات على العمل والاستقامة عليه ؟ كلها أمور تحتاج الى عون وطلب الهداية . لذا فإن طلب الهداية من أعظم المطالب . ما هو الصراط المستقيم ؟ هل هو موجود في الحياة الدنيا ؟ نقول أن الصراط المستقيم هو الجسر الذي ينصب على ظهر جهنم . لكن في الحياة الدنيا , يوجد شئ يسمى الصراط المستقيم ؟ وما هو الطريق الموصل الى الله عز وجل ؟ طبعا نقول : الاسلام ولزوم دين الاسلام بما فيه من تشريعات أقوال وأفعال والاستقامة عليه وتطبيقه , هو الطريق الموصل لله عز وجل , الذي نسأل الله تعالى أن نستقيم عليه , وأن نطبق ما فيه , فنحن نسأل الله تعالى أن يهدينا : أي يدلنا ويعلمنا ما هو الاسلام , وما هي الاعتقادات التي يجب علينا ان نعتقدها , وكيف نثبت عليها , ثم العمل بما علمت ,حتى يكون هذا العلم نافع . هذا الصراط المستقيم في الدنيا أم في الآخرة فا الصراط المستقيم الذي كان بالنسبة لي معنويا في الدنيا , يصبح حقيقيا أسير عليه , وهو جسر ينصب على ظهر جهنم , ويكون سيري عليه سرعة وإنارة بحسب عملي في الدنيا . نقف هنا ونكمل الدرس القادم ان شاء الله أقول قولي هذا واستغفر الله فاستغفروه لعلكم ترحمون , وصلي اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمين تسليما كثيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 20-10-08 الساعة 02:25 PM |
![]() |
![]() |
#3 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() تفسير سورة الفاتحة الجزء الرابع إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له,واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله,بلغ الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده,وتركنا على المحجه البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك,صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: توقفنا في الدرس الماضي عند قول الله عز وجل (اهدنا الصراط المستقيم ) ذكرنا أن قيام حياة العبد ومن أسباب سعادة العبد الأبدية هو قيامه بعبادة الله عز وجل. وهذه العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله عز وجل ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرةوالباطنه. هذه العبادة تتضمن فعل كل ما أمر الله به وترك كل ما نهى الله عنه. فإن من لم يكن كذلك يجمع بين إتيان الأوامر وفعل النواهي ليس بعابد لله عز وجل علي الحقيقة. أن عبادة الله عز وجل وتوحيده لا يكفى حتى يتبرأ الإنسان من الشرك وما يقدح في التوحيد وما ينقص في التوحيد من إتيانه من المناهى والمعاصي. فمتى يصلح أن يسمى المرء عابد لله عز وجل؟ إذا فعل كل ما أمر الله به وترك كل ما نهى عنه. سبحان الله في باب النواهي الله عز وجل أمرنا باجتناب المحرمات أن نجتنبها ونتركها بينما في باب الطاعات نحن مأمورين بالإتيان بالفرائض, وإذا أردنا أن نكمل هذه الفرائض بالإتيان بالنوافل يقول الله عز وجل ( فاتقوا الله ما استطعتم ) لان العبد لا يستطيع أن هو يجتهد في هذه المدة المضروبة له في هذه الحياة الدنيا أن يأتي بالفرائض ثم يكمل ما استطاعه ووفقه الله عز وجل من النوافل, لكن في باب المحرمات يجب عليه الانتهاء ,ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم بدأ الحديث قال( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) فإذاً حق النواهي أن الإنسان يتخلص منها لأنها تفسد عليه عبادته وتفسد عليه توحيده وتفسد عليه طاعته وتفسد عليه عبوديته لله سبحانه وتعالي . ( وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ) لاشك أن الإنسان يبدأ بالأولويات ,يبدأ بالفرائض ثم يتبعها ما استطاع من النوافل حتى يجبر النقص الذي يوجد عنده في عبادته. وهذا العبد لابد أن عبادته تكون موافقة لمراد الله عز وجل يعني يأتي بعباده علي الوجه المأمور به. قد نقول سبحان الله العظيم كيف يتأتي لنا أن نأتي بالفرائض ونأتي بالنوافل وأن نكون على يقظة بحيث أن الواحد منا أن يكمل هذه العبادات , هذا طلب عزيز وصعب " أنني أتأتي بالعبادة على الوجه المأمور به " لذلك أحتاج العبد للاستعانة . لاستطيع العبد أن يكمل الفرائض أو أن يأتي بها,أو سبحان الله يحافظ عليها , يحافظ على مواقيتها, يحافظ على شروطها, يعتني بها يعظمها يجلها,ولا يستطيع أن تنشط نفسه للنوافل يكمل ويستدرك وتنشط نفسه لهذه الأمور إلا بتوفيق الله عز وجل . حاجة العبد للاستعانة حاجه عظيمه,تأتي مع العبادة مناصفه. ولذلك جمع الله عز وجل بين العبادة والاستعانة فالعبد لا يستطيع أن يحصل أموره الدينية أو الدنيوية إلا بالإستعانه بالله . أن أريدكم أن تستشعرون شدة حاجتنا لعون الله عز وجل في كل أمور الدنيا والأخره, لكن في أمور نريد أن نتعبد بها لله عز وجل لا نقول بجهدي بزكائى بعقلي بقوتي أنا شباب... إلي غير ذلك من الأمور . هذه كلها هي وسائل وهي جنود يعنى إن شاء الله سبحانه وتعالى يسرها وسخرها لكي وإن شاء الله عز وجل صرفهاعنك أو خذلها عنك , فما ااستطعت لها أمراً يعنى ما تستطيع خدمتك إلا بعون الله عز وجل . ما الفرق بين الاستعانة والتوكل ؟ الاستعانة هو جزء من التوكل لكن الفرق بين الاستعانة والتوكل ؛ أن الاستعانة لابد من توافر شرطين فيها يعني تعتمد على علاقة العبد مع الله . فقط الجانب الرباني , يعنى يعتمد على الله و يثق بالله عز وجل لابد من توافر هذين الشرطين أن يعتمد على الله والثقة به . بينما التوكل الاعتماد والثقة مع بذل الأسباب الشرعية فزادعليها الجانب الذي يأتي من جهة العبد وهو أن يبذل الأسباب الشرعية أو القدرية المعروفة التي تعارف عليها الناس واتفقت عليها العقول وجربت مر ه بعد مره. فهذا يكون التوكل وهو تفويض لله سبحانه وتعالي واعتماد على الله وثقه بالله ولجوء إلي الله وضراعة إلي الله سبحانه وتعالي . التوكل لا شك أنه أكمل, ونصف الدين هو التوكل والعبد يحتاج إلي الاستعانة هذا أمر قلبي بالدرجة الأولي ثم تأتي الأسباب البشرية,في أن العبد يتبرأ من حوله وقوته تماماً ويعتمد علي الله في تحصيل أموره . في أي عباده أو في أي أمر دنيوي لابد وأنت تقبل علي إتمام هذا العمل , تستحضر أنه لن يعين علي هذا العمل إ لا الله عز وجل ولذلك أنت تلجأإلي الله بالدعاء وقلبك يقطع كل تعلقاته بالبشر يصبح قلبك أعمي عن رؤية أي أحد من البشر ممكن يساعدني . أريد إنجاز أي أمر من الأمور في عبادتي في علمي في عملي في أي أمر دنيوي أو أخروي لابد أن اجعل بصر القلب لا يلتفت إلي البشر ولا يأمل ولا يرجي منهم شيئاً إنما يعتمد علي الله كلياً في تحصيل مراده , هذا أمر. قد يأتيه الشيطان ويضعف هذا الاعتماد ويقول له لو أنك مثلاً فلان وفلان, وحاجتك عند فلان , أفعل كذا وكذا حتى يضعف اعتماد العبد على الله في أنه سيحصل علي شيء. تأتي المرحلة الثانية أو الأمر الثاني ؛ الثقة بأن من اعتمدت عليه وهو الله عز وجل سينجز لي مرادي ولو بعد حين . يكون القلب في حاله من القوه بحيث لا يلتفت إلي البشر . إذا كان القلب في هذه القوه تأتي المرحلة الثالثة مع هذين الأمرين وهى بذل الأسباب البشرية الأسباب الشرعية فإنه يتناول مثلاً الدواء أو يبحث عن وظيفة أو يذاكر الدرس ؛ يعني يبذل أي أمر في تحصيل مصلحه أو دفع مضرة دون الاعتماد عليها بل أولا وأخراً من اعتمد عليه هو الذي سينجز له مقصوده وينفذ له موعوده . فهذا أمر يحتاج إلي قوة في القلب وتدريبات وصله شديدة بين العبد وربه أن يوفقه إلي مثل هذا الأمر وأيضاً استعانة بالله . الاستعانة تحتاج إلي استعانة بالله والتبرؤ من الحول والقوه . نأتي إلي قول الله عز وجل ( اهدنا الصراط المستقيم ) يقول الشيخ السعدي أي: دلنا وأرشدنا إليالصراط المستقيم وهو الطريق الواضحالموصل إلي الله وجنته وهو معرفة الحق والعمل به. هذه أي نوع من أنواع الهدايه ؟ دلنا وأرشدنا الهدايه الأولي وهي هداية الإرشاد والبيان و التوضيح والتعليم. كل هذه الهدايه الأولي التي يقوم بها البشر. وفقنا إلي الصراط المستقيم هذه أي نوع من أنواع الهدايه ؟ هذه هداية التوفيق . هداية التوفيق إلي الصراط المستقيم . إذاً هناك نوعان من الهدايه يحتاجهما العبد : الهدايه الإرشادية أو التعليمية أو البيانية والتوضيحية , و هداية التوفيق . قد الإنسان يحصل علي كل العلوم سبحان الله يستدل مثلاً يكون عنده علم وعنده أدله ربما قد دخل كليه شرعيه كل الأدلة بين يديه وحافظ لكل هذه الأمور لكن ما وفق للعمل . ما استفاد من هداية الدلالة والإرشاد يعني عنده كل أسباب الهدايه ما استفاد , ربما يكون حافظ لكتاب الله لكن ما وفق إلي العمل به . فالعبد يحتاج إلي أن يدعو بهذا الدعاء , وصلنا الآن إلي الدعاء هذه كلها سبحان الله سورة الفاتحه بدأت بالثناء علي الله عز وجل . حمده ووصفه بالكمالات كمال في ذاته , وكمال في صفاته وأفعاله وأيضاً الثناء عليه بقول( الرحمن الرحيم ) ثم تمجيده . كل هذا استفتاح للدعاء ثم ( إياك نعبد وإياك نستعين ) إظهار الإخلاص والحاجة إلي العبادة والحاجة إلى الاستعانة ثم وصلنا إلي السؤال, هذه حاجة العبد الآن " ولعبدي ما سأل " . ( اهدنا الصراط المستقيم ) العبد يسأل الله ويكرر هذا الدعاء في كل صلاة ؛ يطلب من الله عز وجل أن يهديه الهدايتين هداية الدلالة والإرشاد إلي المعرفة إلي العلم وهداية التوفيق هذه هداية العمل . ليس المقصود فقط انك تتعلمين. أنت تسألين الله عز وجل العلم , صحيح...نسأل الله عز وجل أن يوفقنا إلي العلم لكن ...يكفي فقط أن أتعلم ؟ " هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل ". إذاً العمل برهان علي نفع هذا العلم . ولذلك النبي صلي الله عليه وسلم تعوذ من علم لا ينفع . متى يكون العلم لا ينفع إذا ما وافقه العمل , إذا ما كان فيه أمل , إذا ما حض علي العمل هذا سلوك الناس الذين جانبوا الصواب . وسنري المثال الطائفة التي تركت العمل بالعلم . فالعبد محتاج إلي الهدايتين هداية الدلالة والإرشاد وهداية التوفيق. التوفيق لماذا ؟ (اهدنا الصراط المستقيم ) قلنا الصراط المستقيم . نحن ندعو الله عز وجل أن يهدينا إلي الصراط المستقيم, يا تري ما هو هذا الصراط المستقيم ؟ هل هو صراط حقيقي ؟ يا تري ما هو تفسيره؟ نحن ندعو في صلاتنا الصراط المستقيم , ماذا يكون في ذهنك إذا ما تدعين الله عز وجل في صلاتك وتقولين ( اهدنا الصراط المستقيم ) ؟ ما هو الصراط المستقيم الذي تريدين بلوغه والسير عليه والوصول له؟ وما هو هذا الطريق المستقيم ؟ الإسلام . أنت تسألين الله عز وجل الإسلام . أن يوفقك إلي تعلم تفاصيل الإسلام والعمل والإستقامه علي هذا الإسلام, العلم بالإسلام والعمل به . أن أتعلم ويهديني الله سبحانه وتعالي ويدلني على تفاصيل الإسلام بكلياته وجزئياته_ لأنه أفلح من أسلم, يسلم لله عز وجل _ الإسلام بكل ما فيه من أمور ؛ الظاهرة والباطنه , دين الإسلام عموماً . وهذه من الاسئله التي يسألها العبد من الأصول الثلاثة معرفة دينه " معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد صلي الله عليه وسلم " فهذه من الأمور التي نسأل الله عز وجل أن يهدينا إليها .قال : وفقنا إلي الصراط المستقيم وهو الطريق الواضح الموصل إلي الله وإلي جنته , ليس هناك طريق غيره . هذا الطريق الذي سنصل به إلي الجنة إن نحن اتبعناه ووفقنا له . كيف نوفق له ؟ إذا عرفنا الحق وعملنا به فقد هدينا إلي الصراط المستقيم . قال الشيخ السعدي فأهدنا إلي الصراط وأهدنا في الصراط وفرق بينهما . فالهدايه إلي الصراط أن اختار دين الإسلام وألزم هذا الدين وأترك ما سواه من الأديان . الحمد لله نحن هدينا إلي هذا أننا لزمنا دين الإسلام غير من ضل من هذه الأمة لكن من أمة محمد؛ لأنهم في زمن من بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلي قيام الساعة تعتبر أمة محمد حتى ولو كانوا من اليهود أو النصارى, ما يتبعون الزمن اللي كان فيه موسي, لكن أمة محمد هي : أمة الدعوة اختارت اليهودية أو النصرانية أو اختارت أي شيء غير الإسلام . أمة الاجابة هم من وفق لأن سلك أو اختار دين الإسلام ولزمه وترك ما سواه من الأديان. والمقصود الهدايه في الصراط يعني في نفس الصراط وهو الإسلام .اهدنا في تفاصيله الدينية علما وعملاً . حينما ندعو ونقول (اهدنا الصراط المستقيم ) نحن ندعو بأمرين هداية إلي الصراط وهداية في الصراط .وهذا الدعاء من أجمع الادعيه وانفعها للعبد. هل تعتقدون أن أمر الهدايه أمر سهل ؟ هذا مطلب عظيم مراد عظيم ولكننا لا نستطيع الوصول له إلا بتوفيق من الله عز وجل . هذه شدة حاجتنا الآن لله سبحانه وتعالى في أن يوفقنا للهدايه , هداية إلي أنني ألزم الإسلام ما أغير ولا أبدل واختاره علي بقية الأديان واثبت عليه والقي الله عز وجل وأنا علي الإسلام و الهدايه في تفاصيل الإسلام . كم من تفاصيل الإسلام لا نعرفها في الأمور الظاهرة والأمور الباطنة في أمور الاعتقاد ؟ وإذا عرفناها هل كلها عملنا بها ؟ إذا نحن نحتاج أن نسأل الله الهداية للعلم والهداية إلي العمل و كل يوم يمر علينا سبحان الله لذلك الإنسان كل ما تعلم لا يقول أنا وصلت إنما يزداد علما ًبجهله . يعلم أن هناك _سبحان الله اللي شفي قلبه من داء الجهل و أبصر قلبه نور الحقيقة _تفاصيل كثيرة بالإسلام ما يعرفها . كيف يعالج قلبه من داء الجهل ؟ مريض قلبه , فكل ما أخذ من العلم وعمل به سبحان الله شفى لان العلم شفاء للقلوب المريضة . إذا نحن نسأل الله عز وجل وندعوه بهذا الدعاء ونكرر لشدة حاجة العبد أن يهديه الله عز وجل والمحروم من حرمه الله . وكم نحتاج أن يهدينا الله سبحانه و تعالى ولو أضلنا من الذي يستطيع أن يردنا ؟ لا أحد . ولهذا وجب علي الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة في صلاته لضروراته إلي ذلك , العبد محتاج ومضطر إلي مثل هذا الدعاء . شدة حاجة العبد إلي الهداية . ما في عبد سبحان الله يستطيع أن يستغني عن الله في هذا . ربما كل أمر يصبر عليه إلا أن العبد يكون مآله إلي الضلال ويكون الأمر بالنسبة له ما يقلق !! يعني تخيلوا أنفسنا لو كنا من أهل الضلال, نسأل الله عز وجل أن يمن علينا بالهدايه ويثبتنا عليها ويقبضنا إليه غير مبدلين ولا مغيرين . يعني أمر الهدايه أمر عظيم ونحن متحاجون إليه مضطرون إليه هذا الصراط ؛ الصراط المستقيم وهو أقرب طريق موصل للحق وأنتم تعلمون الطريق المستقيم أقرب طريق موصل بين نقطتين سبحان الله العظيم . نعم هذا الصراط ( صراط الذين أنعمت عليهم . غير المغضوب عليهم ولا الضآلين ) ( صراط الذين أنعمت عليهم ) هذا الصراط صراط من ؟( صراط الذين أنعمت عليهم ). من هم المنعم عليهم ؟ المنعم عليهم ذكرهم الله عز وجل في أية ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) يعني الفئة التي انعم الله عز وجل عليها هي التي وفقها وهداها للطريق أو الصراط المستقيم وهم علي مراتب ليسوا علي درجة واحدة فأكمل الخلق النبيين . أكمل الناس الذين انعم الله عز وجل عليهم هم من كمل العبودية . من هم ؟ النبيين . أعلي مرتبه في الخلق النبوة ثم يأتي بعدها يعني دون النبوة , من كمل العبودية لله عز وجل كاد أن يكون نبياً لولا أن الله عز وجل لم يصطفيه الصديّقي . الصديقين بلغوا من التصديق والإيمان إلي درجة أنهم لحقوا بالدرجة الثانية بعد النبيين . هذه المرتبة الصديّقيه التي منها أبو بكر الصديق رضي الله عنه . والشهداء والصالحين هؤلاء المنعم عليهم . وهم درجات يتفاوتون حتى في المرتبة الواحدة , الصديّقون يتفاوتون والشهداء يتفاوتون والصالحون يتفاوتون في مراتب العبودية لله عز وجل درجات . فنحن نسأل الله عز وجل أن يجعلنا نسلك طريق المنعم عليهم . هؤلاء المنعم عليهم كيف استطاعوا أن يصيبوا الصواب في سلوك طريق الإسلام ؟ طبعاً هنا ذكرت هذه الطوائف حتى نقتدي بهم ورأينا كيف أثني الله عز وجل عليهم . كيف استطاعوا ذلك ؟ بالعلم النافع والعمل الصالح هذه أسباب الهداية , هذا طريق المنعم عليهم , هكذا بلغوا هذا الطريق . وتفاوتوا سبحان الله العظيم في مراتب الولاية . وهؤلاء لما هدوا إلي الصراط للإسلام ؛ إنما هدوا إليه بالعلم بعد توفيق الله عز وجل وهدوا للعمل ( غير المغضوب عليهم ) . من هم المغضوب عليهم ؟ اليهود , (ولا الضآلين ) من هم ؟ النصارى . إذا نحن في الصلاة نسأل الله أن نكون من المنعم عليهم ونسلك طريقهم ونسير معهم في نفس الطريق ولا يجعلنا من المغضوب عليهم ولا الضآلين . إذاً الناس لا يخرجون عن طوائف ثلاثة : 1"منهم من عرف الحق يعني تعلم لكن ترك العمل به . يحفظون كتبهم عن ظهر قلب , هؤلاء الذين غضب الله عز وجل عليهم لأنهم لم يعملون بعلمهم . هذا ليس سبيل موصل إلي الصراط المستقيم , هذا طريق معوج . .2" في طريق معوج أخر سلكه الضالين هؤلاء تركوا العلم وعملوا علي جهالة , تركوا الحق علي جهل وضلال . هذا طريق غير موصل في الدنيا لأنهم لم يلزموا طريق الحق , وليس موصل في الأخره ينقطع بهم هذا الطريق , طريق معوج . لذلك عمر بن الخطاب لما نظر لهذا النصراني الراهب وهو خارج من صومعته أو ديره وقد خط في وجهه خطان أسودان من كثرة البكاء , بكي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال تذكرت قول الله عز وجل ( عاملة ناصبة . تصلى ناراً حامية ) هذا الراهب الذي حبس نفسه علي العبادة لكنه طريق معوج وغير موصل ينقطع به هذا الطريق . عامل ! شوف الآية تفاجئك ( عاملة ناصبة ) واجتهدت في العبادة لكن الجزاء ( تصلى ناراً حامية ) نعوذ بالله من غضبه . فإذاً هاتان طائفتان ضلوا طريق الحق . هذين الطريقين لسنا بحاجه لهما لان هذين الطريقين غير موصلين , بقي طريق واحد وهو طريق المنعم عليهم . الذين عرفوا الحق وعملوا به . ولذلك لا تقولوا هذه الآية بعيدة عنا , هذه الآية إذا أردنا أن ننزلها من كلام العلماء : أن كل من ترك من العلماء العمل بالعلم فإن فيه شبه باليهود , وكل من ترك من هذه الأمة سواء من العلماء أو من غيرهم العلم وعبد الله علي جهل ففيه شبه بالنصارى. وأما الذي تعلم وعمل فإنه من المنعم عليهم . إذاً وافق طريق المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , إذاً هذه معلومات نحتاج إليها أن نعرف أن ليس هناك طريق موصل إلي الله عز وجل إلا بالعلم . لابد من العلم, العلم بالعقيدة العلم بالشريعة العلم بحق الله عز وجل العلم بما يجب علينا . لا يعيش الإنسان هكذا يمضي عمر الإنسان كله لا يعرف من هذه الأمور شيء, فإذا وقف بين يدي الله عز وجل لا يعرف بما يجيب . عليه أن يتعلم وعليه أن يعمل بما تعلمه وعليه أن يجتهد لأنه ما خلق إلا لوظيفة واحدة وهى عبادة الله عز وجل . فهذه السورة علي إيجازها قد احتوت على ما لم تحتوى عليه سوره من سور القرآن . سبحان الله هذه السورة العظيمة تضمنت أنواع التوحيد الثلاثة . يتبع <<<<< التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 20-10-08 الساعة 02:24 PM |
![]() |
![]() |
#4 |
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
|
![]() سنعطي الفوائد في الآيات السابقة ونكمل إن شاء الله الفوائد عموماً من السورة . من فوائد هذه الآية ( اهدنا الصراط المستقيم ) : 1" لجوء الإنسان إلي الله عز وجل بعد استعانته به علي العبادة قول الله عز وجل ( إياك نعبد وإياك نستعين ) فبعد أن يستعين بالله علي العبادة يلجأ إلي الله عز وجل أن يهديه إلي الصراط المستقيم . فالعبد محتاج إلي الإخلاص في العبادة ( إياك نعبد ), ويحتاج إلي استعانة يتقوي بها علي العبادة وهذا أخذناه من قوله تعالي ( وإياك نستعين ) . ويحتاج إتباع الشريعة وهذا أخذناه من قول الله عز وجل ( اهدنا الصراط المستقيم ) والصراط المستقيم الشريعة التي جاء بها الرسول صلي الله عليه وسلم . إذا العبد يحتاج أن يكون حاله حال العبد اللاجئ إلي الله , لجوء الإنسان إلي ربه عز وجل بعد استعانته به علي العبادة إلي أن يسأل الله الهداية أن يهديه إلي الصراط المستقيم . لأنه محتاج أن يتبع شريعة محمد صلي الله عليه وسلم ويحقق ويطبق تفاصيلها , وهذا لا يمكن أن يتأتي إلا بسؤال الله عز وجل أن يهديه ويدله ويوفقه أن يسلك هذا الطريق . 2" من فوائد هذه الآية أيضا أن الصراط ينقسم إلي قسمين مستقيم ومعوج فما كان موافقاً للحق فهو مستقيم , وما كان خلاف ذلك فهو معوج , ولذلك الله عز وجل يقول في موضع آخر ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ) . فإذاً الصراط ينقسم إلي قسمين أو نوعين مستقيم ومعوج والذي سلكه المنعم عليهم هو المستقيم , والمعوج هو الذي سلكه المغضوب عليهم من اليهود والضلاال من النصارى وغيرهم . ***************************** *في قوله تعالي ( اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين ) من فوائد هذه الآية 1" إسناد النعمة إلي الله تعالي وحده في هداية الذين أنعم عليهم , لاحظ الآية ( اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت ) يعني أنت يا رب الذي أنعمت عليهم . وهذا جميل أن نستشعر أن المنعم هو الله . لا تشغل بالنعمةعن المنعم . وقد يظل الإنسان في تأمل هذا الأمر وينسي أن المنعم الحق علي الحقيقة هو الله عز وجل . ( اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم ) المنعم عليهم حقيقة هو الله عز وجل لما هداهم إلي الصراط المستقيم فسلكوه . وأنت تريد أيضاً في الصلاة وأنت تصلي أن يهديك الله مثل ما هداهم . أنت تتذكر أن المنعم الحقيقي هو الله سبحانه وتعالي , أنعمت أنت عليهم وهذه نسبة إسناد النعمة إلي الله عز وجل , إضافتها إلي الله . وهذه أيضاً من أسباب سبحان الله إجابة الدعاء ؛ أن الإنسان يتذكر يعني يعترف لله عز وجل يقر لما يدعو . هذه السورة انزلها الله عز وجل علينا يعلمنا كيف يدعو العبد ربه . فإنه فعلاً يجعل بين يدي دعائه سبحان الله العظيم في انكسار لله عز وجل اعتراف ثناء علي الله عز وجل , أدب مع الله . اعتراف بالنعمة يعني الإنسان يتبرأ من كل حول وقوة حتى ما يسأله يظهر أنه معترف ومقر أن هذه النعمة التي أسالها منك يا رب حين ما خصصت بها أناس وتفضلت علّي فهي محض فضل منك ومنة يا رب . وهذا يجعل العبد يشعر بالافتقار الشديد لله عز وجل . ما يدعو دعاء المتكبر إنما دعاء الذي تبرأ من حوله وقوته وعرف أن المنعم الحق هو الله عز وجل . 2" أيضاً من فوائد هذه الآية انقسام الناس إلي ثلاثة أقسام : قسم أنعم الله عليهم , قسم مغضوب عليهم , قسم ضالون . طبعاً من أسباب بعد الإنسان عن الصراط المستقيم ؛ الجهل , ممكن يختص بالمعاصي ,الهوى والنفس والشيطان , العناد والاستكبار كل هذه أمور صارفه قد تبعد الإنسان عن الصراط المستقيم . فالإنسان إذا حاسب نفسه يعرف وين يضع نفسه , يعرف وين الخلل , يعرف من أين أُتي . 3" ومنها أنه يقدم الأشد فالأشد . بدأ بالذين سلكوا الطريق المعوج من المغضوب عليهم . لا شك أن المغضوب عليهم أشد من الضآلين , ذلك لأنهم خالفوا الحق بعد ما عرفوه وهذا أشد أن الإنسان يعرف الحق , وهذا يجعلنا ننتبه إلي خطورة أني أعرف أن هذا حق , وأعرف أن هذا حرام وأعرف أن هذا خطأ وأستمر فيه . أخشي من عقوبة الله عز وجل وأخشى من غضب الله لأنه قال ( المغضوب عليهم ) يعني سبحان الله العظيم ممكن الإنسان يقع في مثل هذا الأمر فينال غضب من الله عز وجل . يعني من علم الحق وتركه يُخشي عليه من غضب الله عز وجل . هو على خطر لأنه قد فعل أمور توجب غضب الرب عز وجل وهذا شيء خطير . هذه السورة سبحان الله على إيجازها قد احتوت علي ما لم تحتوي عليه سورة من سور القرآن . ********************************* الفوائد التي استنبطها الشيخ السعدي رحمة الله عليه من هذه السورة : 1" - تضمنت أنواع التوحيد الثلاثة . فأثبتت توحيد الربوبيه , من أين أخذ إثبات توحيد الربوبيه؟ من قوله ( رب العالمين ) . وأيضاً أثبتت توحيد الألوهيه وهو إفراد الله بالعبادة . من أين نأخذه ؟ ( الحمد لله ) لان الحمد لله لا لغيره , فالحمد عباده لا نصرفها إلا لله , ( إياك نعبد وإياك نستعين ) كلها عبادات . وأيضاً أثبتت هذه السورة توحيد الأسماء والصفات , وهو إثبات صفات الكمال لله سبحانه وتعالي التي أثبتها لنفسه والتي أثبتها الرسول صلي الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه , وهذا من أين نأخذه ؟ من كل الأسماء اللي وردت بالسورة الرحمن الرحيم رب , ونأخذه أيضاً من الحمد لان الحمد في تعريف الشيخ السعدي الثناء . وتعريف أخر وصف الله بالكمال في ذاته وأسمائه وصفاته . سبحان الله هذه السورة علي إيجازها وقصرها لكنها أثبتت أنواع التوحيد الثلاثة وهو حق الله . 2" - وتضمنت إثبات النبوة (اهدنا الصراط المستقيم ) هذه الآية تضمنت إثبات النبوة كيف ؟ توضيح الصراط المستقيم عن طريق الرسل . كيف نعبد الله ؟ نحن نريد أن نعبد الله عز وجل , من الذي يوضح لنا طريقة العبادة وتفاصيل الإسلام من الصلاة والزكاة والحج وغيره ؟ يعني (اهدنا الصراط المستقيم ) هي هداية الدلالة والإرشاد وهذا ممتنع بدون الرسالة . 3" - وأيضاً أثبتت هذه السورة الجزاء علي الأعمال , الله يجازي علي العمل , من أين نأخذه ؟ ( مالك يوم الدين ) هو مالك يوم الجزاء والمجازة والقيامة والحساب , هو مالك له لذلك سيجازى كل واحد علي صنيعه في هذا اليوم بالعدل لا شك . 4" - وتضمنت إثبات القدر وأن العبد فاعل حقيقةً خلافاً للقدرية والجبرية . من أين أخذناه ؟ ( غير المغضوب عليهم ) الغضب هذا قدر . الغضب وقع بسبب ماذا ؟ بسبب تركهم للعمل . أو حتى الإنعام ( أنعمت عليهم ) أن الذي قدر المقاديير في الإنعام أو الغضب أو الضلال هو الله عز وجل, ورغم ذلك العبد له قدرة وإرادة ما يقول أنا مجبور , إنما لله سبحان الله العظيم له إرادة واختيار وجعل للعبد أيضاً إرادة واختيار . ما يقول العبد أنا مجبور , نقول له لست مجبوراً إنما أنت الذي سلكت طريق المغضوب عليهم بتركك للعمل بالعلم , هؤلاء المغضوب عليهم ما سبب الغضب عليهم ؟ أنهم تركوا العمل بالعلم فهل جبروا علي هذا ؟ لم يجبروا إنما هم الذين اختاروا هذا الطريق المعوج . وأيضاً إثبات القدر ,أن الله هو الذي يقدر المقاديير سبحانه وتعالي وما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن . ولذلك العبد يلجأ إلي الله ويسأله الهداية لأنه يعلم أن الله هو الذي يقدر المقاديير . الله هو الذي يقدر كل شيء ( إن كل شيء خلقنه بقدر ) حتى الهداية بقدر . فلذلك العبد ما يقول من عقلي وإرادتي أنا إذا شئت اهتديت وإذا شئت تركت الهداية, لأنه محتاج إلي الله والله هو الذي يقدر الهداية والضلال . لذلك أنت تسأل الله عز وجل وتقول ( اهدنا الصراط المستقيم ) ولا تقول إنني مجبور علي أنني لا أصلي, ولا أنني سلكت طريق المغضوب عليهم , الله هو الذي أضلني , نقول لك لا !! الله أعطاك أدوات الاختيار وأعطاك ما يعينك ؛ أرسل لك الرسل وأنزل الكتب وأعطاك عقل وأعطاك أدوات تعينك علي تلقي التكليف وأنت بنفسك اخترت الطريق المعوج والطريق القصير الذي لا يوصلك إلي المقصود طبعاً تحت إرادة الله سبحانه وتعالي . فإذاً ردت علي القدرية والجبرية وأثبتت القدر لله عز وجل , بل تضمنت الرد علي جميع أهل البدع والضلال في قوله تعالي ( اهدنا الصراط المستقيم ) لأنه معرفة الحق والعمل به وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك . يعني أنت لما تسأل الله عز وجل أن يهديك إلي الصراط المستقيم فقد لزمت السنة ولزمت الطريق القويم واتبعت النبي صلي الله عليه وسلم , هو طريق واحد ليس طريق أهل البدع وأهل الضلال. تم بحمد الله وفضله تفسير سورة الفاتحة أقول قولي هذا واستغفر الله فاستغفروه لعلكم ترحمون , وصلي اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمين تسليما كثيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته تم بحمد الله الدرس الرابع
التعديل الأخير تم بواسطة إيمان مصطفى عمر ; 20-10-08 الساعة 02:24 PM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[تفريغ] تفريغ الدروس الصوتية لمادة حلية طالب العلم | سـمـا | أرشيف الفصول السابقة | 7 | 19-12-13 11:35 AM |