الجمعة 17 ذو القعدة 1445هـ الموافق 26 مايو 2024م

حياكم الله جميعا 

هذه قناتي في التليجرام ينشر فيها النتاج العلمي والفكري . 


قناة عبد السلام بن إبراهيم الحصين

رب أرني كيف تحيي الموتى؟

المقالة

Separator
رب أرني كيف تحيي الموتى؟
1212 زائر
28-06-2013 03:16
د. عبد السلام بن إبراهيم الحصين

لم يكن إبراهيم الخليل شاكًا حين سأل ربه كيف يحيى الموتى؛ لأن السؤال بكيف يكون عن شيء متقرر، لا عن شيء مشكوك فيه، ولو كان شاكًا لقال: هل تحيي الموتى؟ ويدل على ذلك جوابه لسؤال ربه: أولم تؤمن؟ حيث قال: بلى، ثم ذكر سبب سؤاله بقوله: ولكن ليطمئن قلبي، أي ليسكن ويهدأ باليقين الذي يستيقنه، وليزاداد يقينًا، وإيمانًا إلى إيمانه، فهو قد تيقن ذلك بخبر الله تعالى، ولكنه أحب أن يشاهده عيانًا؛ ليحصل له مرتبة عين اليقين، ولتنقطع عنه وساوس الشيطان.

إن الشك -الذي هو تردد بين طرفين لا مزية لأحدهما- كفر، ولا يجتمع مع الإيمان، وهذا الشك ليس هو المقصود في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نحن أحق بالشك من إبراهيم، إذ قال: {رب أرني كيف تحيى الموتى؟ قال: أو لم تؤمن. قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي}))، رواه البخاري ومسلم، وإنما المقصود بالشك هنا الخواطر التي ترد على النفس، والوساوس التي يلقيها الشيطان، فإذا كان إبراهيم الخليل قد عرض له مثل ذلك، فنحن أولى أن يعرض لنا مثل ذلك، وإذا كان الله قد رضي من الخليل أن يقول بلى، فكذلك الله يرضى منا أن نؤمن بذلك، حتى وإن كان الشيطان يوسوس لنا، ويدخل علينا بعض الشك، فلن يضرنا ذلك، ما دام أن أصل الإيمان موجود، ولهذه كانت هذه الآية أرجى آية في كتاب الله، فعن محمد بن المنكدر قال: التقى عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، فقال ابن عباس لابن عمرو بن العاص: أي آية في القرآن أرجى عندك؟ فقال عبد الله بن عمرو: قول الله عز وجل: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} الآية، فقال ابن عباس: لكن أنا أقول: قول الله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} رضي من إبراهيم قولَه: {بَلَى} قال: فهذا لما يعترض في النفوس ويوسوس به الشيطان، رواه ابن جرير والحاكم في مستدركه.

إن النفس البشرية جبلت على التعلق بمعرفة ما غاب عنها، وقد أظهر الله من الدلائل على قدرته في عالم الشهادة ما يغني عن التعلق بعالم الغيب ورؤيته، وما تزال الآيات الدالة على أن الله حق، وأن رسله قد جاؤوا بالحق، وأن وعده حق، تتابع إلى يومنا هذا، كما قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}، وكل منا في هذا الزمن يستطيع أن يرى كيف يحيى الله الموتى، عن طريق متابعة تطور الجنين في بطن أمه، منذ وجوده حيوانًا منويًا لا يرى بالعين المجردة، إلى أن يتلقح ببييضة المرأة، ثم يكون علقة، ثم مضغة، ثم تنفخ فيه الروح، ثم تتحول المضغة إلى عظام، ثم تكسى العظام لحمًا، فيكون خلقًا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين، فمن كان في شك من البعث فلينظر إلى قدرة الله تبارك وتعالى في خلقه لنفسه، وخلقه لغيره من الخلق، إن الذي خلقه قادر على أن يحيى الموتى، ويبعث من في القبور، ويحشر الناس ليوم النشور.

   طباعة 
0 صوت

روابط ذات صلة

Separator
المقالة السابق
المقالات المتشابهة المقالة التالي

جديد المقالات

Separator
رأس مكارم الأخلاق - ركن المقالات