الجمعة 17 ذو القعدة 1445هـ الموافق 26 مايو 2024م

حياكم الله جميعا 

هذه قناتي في التليجرام ينشر فيها النتاج العلمي والفكري . 


قناة عبد السلام بن إبراهيم الحصين

القول الراجح في آخر وقت لصلاة العشاء؟

الفتوى

Separator
القول الراجح في آخر وقت لصلاة العشاء؟
11792 زائر
07/01/2008
الشيخ عبد السلام بن إبراهيم الحصين
السؤال كامل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في تحديد الوقت الآخر لصلاة العشاء أرجو منكم يا شيخ بسط المسألة وبيان القول الراجح وهل صحيح أن المرأة إذا طهرت من الحيض قبل صلاة الفجر فإنها تقضي المغرب والعشاء؟
جواب السؤال

اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

القول الأول: إن آخر وقت العشاء الاختياري هو ثلث الليل.

وهذا قول عمر بن الخطاب، وأبي هريرة، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، والشافعي في أحد قوليه، ورواية عن أحمد.

واستدلوا بما يلي:

1- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ: الصَّلَاةَ، نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ فَقَالَ: ((مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ غَيْرُكُمْ)) ... وَكَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ. متفق عليه.

وفي رواية عند النسائي أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((صَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ)).

قال في النيل: الْحَدِيثُ رِجَالُ إسْنَادِهِ فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إلَّا شَيْخَ النَّسَائِيّ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ صَدُوقٌ.

وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة ذات ليلة حتى ذهب ثلث الليل.

وروى البخاري عن أبي برزة أنهم يصلون إلى ثلث الليل.

وروى مسلم عن أبي موسى في الرجل الذي سأل عن مواقيت الصلاة، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء في اليوم الآخر بعدما ذهب ثلث الليل.

وحديث جبريل حين أم النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت مرتين، وفي الثانية صلى به العشاء حين ذهب ثلث الليل، وقد رواه الترمذي وأحمد، وغيرهما.

القول الثاني: إن آخر وقت العشاء الاختياري هو نصف الليل.

وهو قول الحنفية، وقول للشافعي اختاره جمع من أصحابه، ورواية عن أحمد.

واستدلوا بما يلي:

1- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَخَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ, ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ قَالَ: ((قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا أَمَا إنَّكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا)), قَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ خَاتـمهِ لَيْلَتئِذٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ)). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

3- عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا صَلَّيْتُمْ الْفَجْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ قَرْنُ الشَّمْسِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ إِذَا صَلَّيْتُمْ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَحْضُرَ الْعَصْرُ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ الْمَغْرِبَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَسْقُطَ الشَّفَقُ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)). رواه مسلم.

قال الشوكاني في نيل الأوطار:

"وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا مُتَعَيِّنٌ؛ لِوُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ: لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الزِّيَادَةِ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ.

الثَّانِي: اشْتِمَالُهَا عَلَى الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، وَتِلْكَ أَفْعَالٌ فَقَطْ، وَهِيَ لَا تُعَارِضُ الْأَقْوَالَ.

وَالثَّالِثُ: كَثْرَةُ طُرُقِهَا.

وَالرَّابِعُ: كَوْنُهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.

فَالْحَقُّ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ اخْتِيَارِ الْعِشَاءِ نِصْفُ اللَّيْلِ".

وهذا القول هو الصحيح؛ لما سبق.

بقيت مسألة تتعلق بوقت العشاء، وهي هل لها وقت اضطرار، كالعصر، أو أن الوقت ينتهي بذهاب ثلث الليل على القول الأول، وبذهاب نصف الليل على القول الثاني، للعلماء في ذلك قولان:

القول الأول: للعشاء وقت اضطرار، وهو يمتد إلى أن يطلع الفجر الصادق.

وبهذا قال جمهور أهل العلم، من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.

واستدلوا بحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِيهِ: ((لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى)).

ووجه الاستدلال منه: أن ظَاهِره امْتِدَادُ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى، واستثني من ذلك صَلَاةُ الْفَجْرِ؛ فَإِنَّهَا مَخْصُوصَةٌ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ بِالْإِجْمَاعِ.

واستدلوا بحديث لا يثبت، وهو: ((وآخر وقت العشاء حين يطلع الفجر)).

قال الطحاوي في شرح معاني الآثار:

"ثم أردنا أن ننظر, هل بعد خروج نصف الليل من وقتها شيء؟

فنظرنا في ذلك؛ فإذا يونس قد حدثنا قال: أنا ابن وهب قال: أنا يحيى بن أيوب, وعبد الله بن عمر, وأنس بن عياض, عن حميد الطويل, قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ذات ليلة إلى شطر الليل، ثم انصرف، فأقبل علينا بوجهه بعدما صلى بنا، فقال: ((قد صلى الناس ورقدوا, لم تزالوا في صلاة ما انتظرتموها)).

حدثنا نصر بن مرزوق, قال: ثنا علي بن معبد, قال: ثنا إسماعيل بن جعفر, عن حميد, عن أنس مثله.

حدثنا فهد قال: ثنا عبد الله بن صالح, قال: حدثني الليث, قال: حدثني يحيى بن أيوب, عن حميد, عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

ففي هذه الآثار أنه صلاها بعد مضي نصف الليل، فذلك دليل أنه قد كانت بقية من وقتها بعد مضي نصف الليل.

وقد روي عنه ذلك أيضا ما هو أدل من هذا، حدثنا علي بن معبد وأبو بشر الرقي قالا: ثنا حجاج بن محمد, عن ابن جريج قال: أخبرني المغيرة بن حكيم, عن أم كلثوم بنت أبي بكر أنها أخبرته عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل, وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى وقال: ((إنه لوقتها, لولا أن أشق على أمتي)). ففي هذا أنه صلاها بعد مضي أكثر الليل, وأخبر أن ذلك وقت لها.

فثبت بتصحيح هذه الآثار أن أول وقت العشاء الآخرة من حين يغيب الشفق، إلى أن يمضي الليل كله, ولكنه على أوقات ثلاثة؛ فأما من حين يدخل وقتها إلى أن يمضي ثلث الليل, فأفضل وقت صليت فيه، وأما من بعد ذلك إلى أن يتم نصف الليل, ففي الفضل دون ذلك، وأما بعد نصف الليل ففي الفضل دون كل ما قبله.

قد روي أيضا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقتها أيضا ما يدل على ما ذكرنا.

حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد, عن أيوب, عن نافع, عن أسلم، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب: "إن وقت العشاء الآخرة إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل, ولا تؤخروه إلى ذلك, إلا من شغل, ولا تناموا قبلها, فمن نام قبلها, فلا نامت عيناه". قالها ثلاثا.

فهذا عمر قد روي عنه أيضا ما حدثنا ابن أبي داود, قال: ثنا أبو عمر الحوضي, قال: ثنا يزيد بن إبراهيم, قال: ثنا محمد بن سيرين، عن المهاجر، أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى: "أن صلِّ صلاة العشاء من العشاء إلى نصف الليل" أي حين شئت.

حدثنا أبو بكرة, قال: ثنا وهب, قال: ثنا هشام بن حسان, عن محمد بن سيرين, عن المهاجر مثله.

حدثنا علي بن شيبة قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا عبد الله بن عون, عن محمد, عن المهاجر, مثله وزاد: "ولا أدري ذلك إلا نصفا لك".

ففي هذا أنه قد جعل له أن يصليها إلى نصف الليل، وقد جعل ذلك نصفها.

وقد روي عنه أيضا في ذلك, ما حدثنا أبو بكرة, قال: ثنا أبو أحمد قال: ثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت، ح: وحدثنا حسين بن نصر, قال: ثنا أبو نعيم, قال: ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت, عن نافع بن جبير قال: كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى: "وصل العشاء أي الليل شئت ولا تغفلها".

ففي هذا أنه جعل الليل كله وقتا لها على أنه لا يغفلها، فوجه ذلك - عندنا - على أن تركه إياها إلى نصف الليل إغفال لها, وتركه إياها إلى أن يمضي ثلث الليل ليس بإغفال لها، بل هو مؤاخذ بالفضل الذي يطلب في تقديمها في وقتها, وما بين هذين الوقتين نصفا بين الأمرين, أي أنه دون الوقت الأول, وفوق الوقت الثاني، فقد وافق هذا أيضا ما صرفنا إليه معنى ما قدمنا ذكره, مما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه في ذلك من قوله ما حدثنا يونس, قال: ثنا عبد الله بن يوسف, قال: ثنا الليث، ح: وحدثنا ربيع المؤذن, قال: ثنا شعيب بن الليث, قال: ثنا الليث, عن يزيد بن أبي حبيب, عن عبيد بن جريج, أنه قال لأبي هريرة رضي الله عنه: ما إفراط صلاة العشاء؟ قال: "طلوع الفجر".

فهذا أبو هريرة رضي الله عنه قد جعل إفراطها الذي به تفوت طلوع الفجر، وقد روينا عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه صلى العشاء في اليوم الثاني -حين سئل عن مواقيت الصلاة- بعدما مضى ساعة من الليل، وفي حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وقت العشاء إلى نصف الليل)).

فثبت بذلك أن وقتها إلى طلوع الفجر ولكن بعضه أفضل من بعض".

وروى ابن أبي شيبة أثر عمر، فقال:

حدثنا أبو أسامة عن عبد الله عن نافع عن صفية ابنة أبي عبيد أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد يوقت لهم الصلاة, قال: "صلوا صلاة العشاء إذا غاب الشفق, فإن شغلتم فما بينكم وبين أن يذهب ثلث الليل، ولا تشاغلوا عن الصلاة, فمن رقد بعد ذلك فلا أرقد الله عينه يقولها ثلاث مرات".

وهذه الآثار المروية تحتاج إلى دراسة، وتتبع، وبعضها يدل على المقصود، وبعضها يدل على نقيضه.

القول الثاني: ليس للعشاء وقت اختيار واضطرار، بل وقتها واحد، فمن فاته وقتها فإنه يفعلها قضاء.

وهذا قول أبي سعيد الاصطخري من الشافعية، وابن حزم.

واستدلوا بما روى مسلم عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا صَلَّيْتُمْ الْفَجْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ قَرْنُ الشَّمْسِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ إِذَا صَلَّيْتُمْ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَحْضُرَ الْعَصْرُ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ الْمَغْرِبَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ يَسْقُطَ الشَّفَقُ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)).

قال ابن حزم:

"وأما قوله -أي أبي حنيفة-، وقول مالك, والشافعي: إن وقت العتمة يمتد إلى طلوع الفجر, ... فخطأ ظاهر; لأنه دعوى بلا دليل, وخلاف لجميع الأحاديث أولها عن آخرها، وما كان هكذا فهو ساقط بيقين, وقد احتج في هذا بعض من ذهب إلى ذلك من أصحابنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت أخرى))، وراموا بهذا اتصال وقت العتمة بوقت صلاة الصبح، فإن هذا لا يدل على ما قالوه أصلا, وهم مجمعون معنا -بلا خلاف من أحد من الأمة- أن وقت صلاة الفجر لا يمتد إلى وقت صلاة الظهر، فصح أن هذا الخبر لا يدل على اتصال وقت كل صلاة بوقت التي بعدها, وإنما فيه معصية من أخر صلاة إلى وقت غيرها فقط, سواء اتصل آخر وقتها بأول الثانية لها, أم لم يتصل، وليس فيه أنه لا يكون مفرطا أيضا من أخرها إلى خروج وقتها, وإن لم يدخل وقت أخرى, ولا أنه يكون مفرطا; بل هو مسكوت عنه في هذا الخبر, ولكن بيانه في سائر الأخبار التي فيها نص على خروج وقت كل صلاة".

ولم يظهر لي الراجح في هذه المسألة، وإن كنت أميل إلى القول الأول؛ لظهور دليله، ولما روي فيه عن الصحابة -إن صح الخبر عنهم-.


وأما مسألة قضاء العشاء والمغرب، والظهر والعصر لمن طهرت في آخر هذين الوقتين، ففيه نزاع:

القول الأول: تقضي الصلاتين معًا.

وهو قول المالكية، والشافعية والحنابلة، وروي عن جمع من التابعين.

لكن اختلفوا في مقدار الوقت الذي إذا أدركته وجب عليها أن تقضي الصلاتين:

فالمالكية يرون أنه إن بقي زمن يكفي لأداء خمس ركعات، وجبت الظهر والعصر، وإلا وجبت العصر فقط، وسقطت الظهر؛ لأنه لم يبق لها ما يكفي لفعلها، وإن طهرت قبل الفجر وقد بقي ما يسع أربع ركعات؛ ثلاث للمغرب، وواحدة للعشاء، وجبت عليها المغرب والعشاء، وإن لم يبق إلا ما يكفي ثلاث ركعات وجبت العشاء، وسقطت المغرب، لسقوط وقتها.

وأما الشافعية فروي عنهم مثل قول المالكية، وروي أنها إذا أدركت مقدار ركعة فقد وجبت عليها الصلاتين.

وأما الحنابلة فروي عنهم أنها إذا أدركت مقدار ركعة، وروي أنها إذا أدركت مقدار تكبيرة.

واستدلوا بما يلي:

عن عبد الرحمن بن عوف قال: "إذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّتْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ صَلَّتْ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ"، رواه ابن أبي شيبة.
عن ابن عباس، مثل قول عبد الرحمن.
إن وقت الثانية وقت للأولى حال العذر, فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها, كما يلزمه فرض الثانية.


القول الثاني: لا يجب عليها إلا فعل الصلاة التي أدركت وقتها.

وهذا قول الحنفية، وقال به من التابعين الحسن البصري، وغيره، ورجحه ابن عثيمين.

واستدلوا بما يلي:

قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)). فذكر في الحديث أنه أدرك العصر فقط، ولم يذكر أنه يدرك بذلك الظهر.
إن وقت الأولى خرج في حال العذر, فلم تجب، كما لو لم يدرك من وقت الثانية شيئًا.
والذي يظهر والله أعلم عدم وجوب صلاة الظهر والمغرب؛ لأنها خرج وقتها وهي معذورة، والوقتان إنما يكونان وقتًا واحدًا عند وجود ما يبيح الجمع، وهنا لم يوجد ما يبيحه، ولو قلنا تجب الظهر والمغرب، لوجب أن نقول تجب العصر والعشاء على من أدركت وقتًا من الظهر يمكن فعلها فيه ثم حاضت؛ لأنها صارت من أهل الأعذار، وهذا القول ضعيف، ولم يقل به أصحاب القول الأول، إلا رواية عند الحنابلة، وهي من المفردات.

وأما ما روي عن الصحابة فمحمول على أنها طهرت قبل خروج الظهر بقليل، أو قبل خروج وقت المغرب بقليل، فوجب عليها قضاء الصلاتين معًا؛ لأنها أدركت منهما وقتًا يمكنها أن تفعل فيه ركعة.

وإن صلت احتياطًا فهو أولى.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله

جواب السؤال صوتي
   طباعة 

جديد الفتاوى

Separator