العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة السنة وعلومها

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-08-12, 02:09 PM   #1
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي كتاب سبل السلام شرح بلوغ المرام شرح العلامه الصنعاني

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمته وبركاته

اسال الله ان يبارك لنا في رمضان ويعيننا على صيامه وقيامه

راح انزل احاديث مع شرحها نقلته بعض الاحاديث وليست كلها من كتاب اسمه سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدله الاحكام شرح العلامه الصنعاني إذا كان في غلط فسامحونا

اول شي راح نبدا بكتاب الجامع

أي الجامع لأبواب ستة:

"الأدب"

"والبر والصلة"

"والزهد والورع"

"والترهيب من مساوىء الأخلاق"

"والترغيب في مكارم الأخلاق"

"والذكر والدعاء".


الكتاب الاول : : كتاب الجامع ::

الأول:
باب الأدب

وعَنْ أَبي هُريرة رضي اللّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "انظُرُوا إلى مَنْ هُوَ أَسْفلَ مِنْكُمْ ولا تنظرُوا إلى مَنْ هُوَ فَوْقَكُم فهُوَ أَجْدرُ أَنْ لا تزدروا نعمةَ الله عليكم" مُتّفقٌ عَلَيْهِ.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "انظُروا إلى من هو أَسْفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوْقكم) وقوله: (فهو أجْدرُ) بالجيم والدال المهملة فراء أحق (أَن لا تزدروا) تحتقروا (نعمةَ الله عليكُمْ") علة للأمر والنهي معاً (متفق عليه).
الحديث إرشاد للعبد إلى ما يشكر به النعمة.
والمراد بمن هو أسفل من الناظر في الدنيا فينظر إلى المبتلى بالأسقام وينتقل منه إلى ما فضل به عليه من العافية التي هي أصل كل إنعام، وينظر إلى من في خلقه نقص من عمى أو صمم أو بكم، وينتقل إلى ما هو فيه من السلامة عن تلك العاهات التي تجلب الهم والغم.
وينظر إلى من ابتلي بالدنيا وجمعها والامتناع عما يجب عليه فيها من الحقوق ويعلم أنه فضل بالإقلال وأنعم عليه بقلة تبعة الأموال في الحال والمآل، وينظر إلى من ابتلي بالفقر المدقع أو الدين المفظع ويعلم ما صار إليه من السلامة من الأمرين وتقرّ بما أعطاه ربه العين،
وما من مبتلى في الدنيا بخير أو شر إلا ويجد من هو أعظم منه بلية فيتسلى به ويشكر ما هو فيه مما يرى غيره ابتلي به.
وينظر من هو فوقه في الدين، فيعلم أنه من المفرّطين، فبالنظر الأول يشكر ما لله عليه من النعم، وبالنظر الثاني يستحي من مولاه ويقرع باب المتاب بأنامل الندم فهو بالأول مسرور بنعمة الله، وفي الثاني منكسر النفس حياء من مولاه. وقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "إذا نظر أحدكم إلى ما فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه".


--------------------

وعنْهُ رضي اللّهُ عَنْهُ قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا انتعلَ أَحدُكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشِّمال، وَلْتكن اليُمنى أوَّلَهُما تُنْعَلُ وآخرهُما تنزع" مُتفقٌ عليه.
(وعنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا انتعل أَحدكُم فليبدأ باليمين وإذا نزع) أي نعله (فليبدأ بالشمال ولتكن اليمنى أوَّلهُما تُنْعل وآخرهما تنزع". أخرجه مسلم) إلى قوله بالشمال، وأخرج باقيه مالك والترمذي وأبو داود.
ظاهر الأمر الوجوب، ولكنه ادعى القاضي عياض الإجماع على أنه للاستحباب.
قال ابن العربي: البداءة باليمين مشروعة في جميع الأعمال الصالحة، لفضل اليمين حساً في القوة، وشرعاً في الندب إلى تقديمها.
قال الحليمي: إنما يبدأ بالشمال عند الخلع لأن اللبس كرامة، لأنه وقاية للبدن، فلما كانت اليمين أكرم من اليسرى بدأ بها في اللبس وأخرت في النزع لتكون الكرامة لها أدوم وحصتها منها أكثر.
وقال ابن عبد البرّ: من بدأ في الانتعال باليسرى أساء لمخالفة السنّة. ولكن لا يحرم عليه لبس نعليه.
وقال غيره: ينبغي أن تنزع النعل من اليسرى ويبدأ باليمين، ولعل ابن عبد البرّ يريد أنه لا يشرع له الخلع. إذا بدأ باليسرى ثم يستأنف لبسهما على الترتيب المشروع لأنه قد فات محله. وهذا الحديث لا يدل على استحباب الانتعال. لأنه قال: "إذا انتعل أحدكم" ولكنه يدل عليه ما أخرجه مسلم. "استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل" أي يشبه الراكب في خفة المشقة وقلة النصب وسلامة الرجل من أذى الطريق، فإن الأمر إذا لم يحمل على الإيجاب فهو للاستحباب.

-------------------------

وعَنْ عمرو بن شُعيبٍ عَنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّه رضي الله عنهم قالَ: قالَ رسول اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "كُلْ واشرب والْبَس وتَصدَّقْ في غير سَرَفٍ ولا مَخِيلةٍ" أَخرجهُ أَبو داود وأَحمد وعلّقهُ البُخاريُّ.
(وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كلْ واشربْ والْبس وتصدَّقْ في غَيْر سرَف ولا مخيلة") بالخاء المعجمة ومثناة تحتية وزن عظيمة: التكبر (أخرجه أبو داود وأحمد وعلقه البخاري).
دل على تحريم الإسراف في المأكل والمشرب والملبس والتصدق.
وحقيقة الإسراف مجاوزة الحد في كل فعل أو قول وهو في الإنفاق أشهر، والحديث مأخوذ من قوله تعالى: { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا } ( الاعراف 31 ) وفيه تحريم الخيلاء والكبر.
قال عبد اللطيف البغدادي: هذا الحديث جامع لفضائل تدبير الإنسان نفسه. وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة، فإن السرف في كل شيء مضر بالجسد ومضر بالمعيشة، ويؤدي إلى الإتلاف، فيضر بالنفس إذ كانت تابعةً للجسد في أكثر الأحوال، والمخيلة تضر بالنفس حيث تكسبها العجب، وتضر بالآخرة حيث تكسب الإثم، وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس. وقد علق البخاري عن ابن عباس : "كل ما شئت واشرب ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سرف ومخيلة".

التعديل الأخير تم بواسطة حياة بنت عبد السلام ; 01-08-12 الساعة 02:23 PM
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-12, 02:12 PM   #2
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الثاني:

باب البر والصلة


البِر: بكسر الموحدة هو التوسع في فعل الخير. والبر بفتحها التوسع في الخيرات وهو من صفات الله تعالى.
والصِلة: بكسر الصاد المهملة مصدر وصله كوعده، في النهاية: تكرر في الحديث ذكر صلة الأرحام وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن تعدّوا وأساءوا، وضد ذلك قطيعة الرحم. ا هــــ.

عنْ أبي هُريرة رضي اللّهُ عنهُ قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ لهُ في رزقهِ، وأَنْ يُنْسَأ في أَثره فَلْيصلْ رَحِمَهُ" أَخرجه البُخاري.
(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "من أحبَّ أن يبسط) مغير صيغته: أي يبسط الله (لهُ في رزْقهِ) أي يوسع له فيه (وأَنْ يُنسأَ لهُ) مثله في ضبطه. بالسين المهملة مخففة أي يؤخر له (في أَثرهِ) بفتح الهمزة والمثلثة فراء أي أجله (فليصل رحمهُ" أخرجه البخاري).
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة : "أن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأجل" وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً "صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار" وأخرج أبو يعلى من حديث أنس مرفوعاً "إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ويدفع بهما ميتة السوء" وفي سنده ضعف.
قال ابن التين: ظاهر الحديث أي حديث البخاري معارض لقوله تعالى: {فأذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ( الاعراف 34 , النحل 61 ) قال: والجمع بينهما من وجهين.

أحدهما: أن الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة،
وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة،
وصيانته عن تضييعه في غير ذلك،
ومثل هذا ما جاء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقاصر أعمار أمته بالنسبة إلى أعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر.
وحاصله أن صلة الرحم تكون سبباً للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل فكأنه لم يمت.
ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده بتأليف ونحوه، والصدقة الجارية عليه، والخلف الصالح.

وثانيهما: أن الزيادة على حقيقتها وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، والذي في الآية بالنسبة إلى علم الله كأن يقال للملك مثلاً: إن عمر فلان مائة إن وصل رحمه وإن قطعها فستون وقد سبق في علمه أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} ( الرعد 39 ) والمحو والاثبات بالنسبة إلى مافي علم الملك ومافي أم الكتاب وأما الذي في علم الله فلا محو فيه البته ويقال له : القضاء المبرم ويقال الاول القضاء المعلق
والوجه الاول أليق فإن الاثر مايتبع الشئ فإذا أخر حسن أن يحمل على الذكر الحسن بعد فقد المذكور ورجحه الطيبي وأشار إليه في الفائق ويؤيده ماأخرجه الطبراني في الصغير بسند ضعيف عن أبي الدرداء قال ذكر عند رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم من وصل رحمه أنسى له في أجله فقال إنه ليس زياده في عمره قال تعالى: {فأذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ( الاعراف 34 , النحل 61 ) ولكن الرجل تكون له الذرّية الصالحة يدعون له من بعده" وأخرجه في الكبير مرفوعاً من طريق أخرى.
وجزم ابن فورك بأن المراد بزيادة العمر نفي الآفات عن صاحب البر في فهمه وعقله، قال غيره: في أعم من ذلك وفي علمه ورزقه.
ولابن القيم في كتاب الداء والدواء كلام يقضي بأن مدة حياة العبد وعمره هي مهما كان قلبه مقبلاً على الله ذاكراً له مطيعاً غير عاص فهذه هي عمره.
ومتى أعرض القلب عن الله تعالى واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياة عمره، فعلى هذا معنى أنه ينسأ له في أجله أي يعمر الله قلبه بذكره وأوقاته بطاعته،

---------------------------------

ــــ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهُما عن النَّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "رِضى الله في رِضى الوالِدين، وسَخْطُ الله في سَخْطِ الوالدين". أخرجه الترمذي، وصحَّحه ابنُ حبان، والحاكم.
وعن عبدُ الله بن عَمْرو بنِ العاص رضي الله عنهما عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: رِضا الله في رِضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم.
الحديث دليل على وجوب إرضاء الولد لوالديه وتحريم إسخاطهما
فإن الأول فيه مرضاة الله،
والثاني فيه سخطه
فيقدم رضاهما على فعل ما يجب عليه من فروض الكافية كما في حديث ابن عمر "أنه جاء رجل يستأذنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في الجهاد فقال: أحي والداك؟ قال: نعم، قال ففيهما فجاهد"، وأخرج أبو داود من حديث أبي سعيد "أن رجلاً هاجر إلى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم من اليمن فقال: يا رسول الله إني قد هاجرت قال: هل لك أهل باليمن؟ فقال: أبواي، قال: أذنا لك؟ قال: لا قال: فارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما" وفي إسناده مختلف فيه وكذلك غير الجهاد من الواجبات.

وإليه ذهب جماعة من العلماء كالأمير حسين ذكره في الشفاء والشافعي
فقالوا: يتعين ترك الجهاد إذا لم يرض الأبوان إلا فرض العين كالصلاة فإنها تقدم وإن لمن يرض بها الأبوان بالإجماع.
وذهب الأكثر الى أنه يجوز فعل فرض الكفاية والمندوب وإن لم يرض الأبوان ما لم يتضرر بسبب فقد الولد، وحملوا الأحاديث على المبالغة في حق الوالدين وأنه يتبع رضاهما ما لم يكن في ذلك سخط الله كما قال تعالى {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان15

قلت: الآية إنما هي فيما إذا حملاه على الشرك ومثله غيره من الكبائر، وفيه دلالة على أنه لا يطيعهما في ترك فرض الكفاية والعين، لكن الإجماع خصص فرض العين.

وأما إذا تعارض حق الأب وحق الأم فحق الأم مقدم لحديث البخاري "قال رجل: يا رسول الله من أحق بحسن صحبتي؟ قال: أمك ــــ ثلاث مرات ــــ ثم قال: أبوك" فإنه دل على تقديم رضا الأم على رضا الأب.
قال ابن بطال: مقتضاه أن يكون للأم ثلاث أمثال ما للأب قال: وكأن ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع.
قلت: وإليه الإشارة بقوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً} ( الاحقاف 15 ) ومثلها: {حملته أمه وهناً على وهن}. لقمان 14 )


قال القاضي عياض: ذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل على الأب في البر، ونقل الحارث المحاسبي الإجماع على هذا،

واختلفوا في الأخ والجد من أحق ببره منهما؟ فقال القاضي: الأكثر الجد وجزم به الشافعية.
ويقدم من أدلى بسببين على من أدلى بسبب، ثم القرابة من ذوي الرحم، ويقدم منهم المحارم على من ليس بمحرم، ثم العصبات، ثم المصاهرة، ثم الولاء، ثم الجار، وأشار ابن بطال إلى أن الترتيب حيث لا يمكن البر دفعة واحدة.

وورد في تقديم الزوج ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه الحاكم من حديث عائشة "سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي الناس أعظم حقاً على المرأة قال: زوجها، قلت: فعلى الرجل؟ قال: أمه" ولعل مثل هذا مخصوص بما إذا حصل التضرر للوالدين فإنه يقدم حقهما على حق الزوج جميعاً بين الأحاديث.


------------------------------------


وعَنْ ابن مَسْعُود رضي اللّهُ عنْهُ قال: قال رسولُ اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ دَلَّ على خير فلَهُ مِثْلُ أَجْر فاعله" أَخرَجَهُ مُسْلمٌ.

دل الحديث على أن الدلالة على الخير يؤجر بها الدال عليه كأجر فاعل الخير،
وهو مثل حديث "من سن سنّة حسنة في الإسلام كان له أجرها وأجر من عمل بها"
والدلالة تكون بالإشارة على الغير بفعل الخير،
وعلى إرشاد ملتمس الخير على أنه يطلبه من فلان،
والوعظ والتذكير وتأليف العلوم النافعة.
ولفظ خير يشمل الدلالة على خير الدنيا والآخرة فلله درّ الكلام النبوي ما أشمل معانيه وأوضح مبانيه ودلالته على خير الدنيا والآخرة.


--------------------------------


وَعَنْ ابن عُمرَ رضي الله عَنْهُما عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "مَن اسْتعاذكمْ بالله فأَعيذوه، ومَنْ سألكمْ بالله فأَعطوهُ ومَنْ أَتى إليكم معْروفاً فكافئُوهُ فإنْ لم تجدوا فادعوا له" أَخْرجهُ البيْهَقِيُّ.
وقد أخرجه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم وفيه زيادة: "ومن استجار بالله فأجيروه، ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه
" وفي رواية "فإن عجزتم عن مكافأته فادعوا له حتى تعلموا أن قد شكرتم. فإن الله يحب الشاكرين"
وأخرج الترمذي وقال: حسن غريب "ومن أعطي عطية فوجد فليجز بها فإن لم يجد فليْثن، فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر ومن تحلى بباطل فهو كلابس ثوبي زور".

والحديث دليل على أن من استعاذ بالله من أي أمر طلب منه غير واجب عليه فإنه يعاذ ويترك ما طلب منه أن يفعل، وأنه يجب إعطاء من سأله بالله وإن كان قد ورد أنه لا يسأل بالله إلا الجنة.
فمن سأل من المخلوقين بالله شيئاً وجب إعطاؤه إلا أن يكون منهياً عن إعطائه،
وقد أخرج الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح إلا شيخه ــــ وهو ثقة على كلام فيه ــــ من حديث أبي موسى الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ملعون من سأل بوجه الله؛ وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجراً" بضم الهاء وسكون الجيم أي أمراً قبيحاً لا يليق،
ويحتمل ما لم يسأل سؤالاً قبيحاً أي بكلام يقبح، ولكن العلماء حملوا هذا الحديث على الكراهة، ويحتمل أنه يراد به المضطر، ويكون ذكره هنا أن منعه مع سؤاله بالله أقبح وأفظع، ويحمل لعن السائل على ما إذا ألح في المسألة حتى أضجر المسؤول.
ودل الحديث على وجوب المكافأة للمحسن، إلا إذا لم يجد فإنه يكافئه بالدعاء، وأجزأه إن علم أنه قد طابت نفسه أو لم تطب به، وهو ظاهر الحديث.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-12, 02:18 PM   #3
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الثالث :

باب الزهد والورع


الزهد: هو قلة الرغبة في الشيء، وإن شئت قلت: قلة الرغبة عنه.
وفي اصطلاح أهل الحقيقة: بغض الدنيا والإعراض عنها،
وقيل: ترك راحة الدنيا لراحة الآخرة، وقيل: أن يخلو قلبك مما خلت منه يدك.
وقيل: بذل ما تملك ولا تؤثر ما تدرك. وقيل: ترك الأسف على معدوم، ونفي الفرح بمعلوم. قاله المناوي في تعريفاته.

وأخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبي ذرّ مرفوعاً "الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يديك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب منك فيها لو أنها بقيت لك" انتهى فهذا التفسير النبوي يقدّم على كل تفسير.

والورع: تجنب الشبهات خوف الوقوع في محرّم، وقيل: ترك ما يريبك ونفي ما يعيبك؛ وقيل: الأخذ بالأوثق وحمل النفس على الأشق؛ وقيل: النظر في المطعم واللباس، وترك ما به بأس. وقيل: تجنب الشبهات، ومراقبة الخطرات.

---------------------------

وعن ابن عُمَر رضي الله عَنْهُما قال: أَخذَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بمنْكبيَّ فقال: "كُنْ في الدنيا كأَنّك غريبٌ أَوْ عابر سبيل" وكان ابن عمرَ يقولُ: إذا أمْسيتَ فلا تنتظر الصَّباح، وإذا أصْبحتَ فلا تنتظر المساءَ، وخُذْ منْ صحتك لسَقمك ومِنْ حيَاتك لموتِك. أخْرجه البُخاريُّ.
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بمنكبيَّ) يروى بالإفراد والتثنية، وهو بكسر الكاف، مجمع الكتف والعضد
(فقال: "كُنْ في الدُّنْيا كأَنّك غريبٌ أَوْ عابرُ سبيل" وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لسقمك ومن حياتك لموتك. أخرجه البخاري).

الغريب: من لا مسكن له يأويه، ولا سكن يأنس به، ولا بلد يستوطن فيه، قيل في المسيح: سعد المسيح يسيح لا ولد يموت ولا بناء يخرب. وعطف "عابر سبيل" من باب عطف الترقي و "أو" ليست للشك بل للتخيير أو الإباحة، والأمر للإرشاد.

والمعنى: قدر نفسك ونزلها منزلة من هو غريب أو عابر سبيل، لأن الغريب قد يستوطن؛ ويحتمل أن "أو" للإضراب والمعنى؛ بل كن في الدنيا كأنك عابر سبيل لأن الغريب قد يستوطن بلداً بخلاف عابر السبيل، فهمه قطع المسافة إلى مقصده، والمقصد هنا إلى الله {وأن إلى ربك المنتهى}. النجم 42 )

قال ابن بطال لما كان الغريب قليل الانبساط إلى الناس بل هو مستوحش منهم لا يكاد يمر بمن يعرفه فيأنس به فهو ذليل في نفسه خائف وكذلك عابر السبيل لا ينفذ في سفره إلا بقوته وتخفيفه من الأثقال غير متشبث بما يمنعه عن قطع سفره، معه زاده وراحلته يبلغانه إلى ما يغنيه من مقصده،
وفي هذا إشارة إلى إيثار الزهد في الدنيا وأخذ البلغة مهنا والكفاف، فكما لا يحتاج المسافر إلى أكثر مما يبلغه إلى غاية سفره فكذلك المؤمن لا يحتاج في الدنيا إلى أكثر مما يبلغه المحل،
وقوله: "وكان ابن عمر إلخ" قال بعض العلماء: كلام ابن عمر متفرع من الحديث المرفوع وهو متضمن لنهاية تقصير الأجل من العاقل إذا أمسى ينبغي له أن لا ينتظر الصباح إذا أصبح ينبغي له أن لا ينتظرالمساء بل يظن أن أجله يدركه قبل ذلك.

وفي كلامه الأخبار بأنه لا بد للأنسان من الصحة والمرض فيغتنم أيام صحته وينفق ساعاته فيما يعود عليه نفعه فإنه لا يدري متى ينزل به مرض يحول بينه وبين فعل الطاعة ولأنه إذا مرض كتب له ما كان يعمل صحيحاً فقد أخذ من صحته لمرضه حظه من الطاعات.
وقوله: "من حياتك لموتك" أي خذ من أيام الحياة والصحة والنشاط لموتك بتقديم ما ينفعك بعد الموت وهو نظير حديث:"بادروا بالأعمال سبعاً ما تنتظروا إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فإنه شر منتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر" أخرجه الترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة.


--------------------------

ـــ وعن ابن عباس قال: كُنْتُ خَلُفَ النَّبِي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يوماً، فقال: "يا غُلام، احْفَظِ الله يَحْفَظْكَ، احْفَظِ الله تَجِدْهُ تُجَاهَك، وإذا سألت فاسألِ اللَّه، وإذا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّه". رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يوماً فقال: "( يا غلام احفظ الله يحفظك ) جواب الأمر (احفظ الله تجده) مثله (تجاهك) في القاموس وجاهك وتجاهك مثلين تلقاء وجهك، (وإذا سألت) حاجة من حوائج الدارين، (فاسأل الله) فإن بيده أمورهما، "وإذا استعنت فاستعن بالله" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح،
وتمامه: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك جفت الأقلام وطويت الصحف"، وأخرجه أحمد عن ابن عباس بإسناد حسن

بلفظ:"كنت رديف النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقال: يا غلام أو يا غليم إلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن؟ فقلت: بلى. قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، قد جف القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق جميعاً أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله تعالى لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكربة وأن مع العسر يسراً"

وله ألفاظ أخر وهو حديث جليل أفرده بعض علماء الحنابلة بتصنيف مفرد فإنه اشتمل على وصايا جليلة.
والمراد من قوله:"احفظ الله" أي حدوده وعهوده وأوامره ونواهيه. وحفظ ذلك هو الوقوف عند أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتناب، وعند حدوده أن لا يتجاوزها ولا يتعدى ما أمر به إلى ما نهى عنه، فيدخل في ذلك فعل الواجبات كلها وترك المنهيات كلها.

وقال تعالى: {والحافظون لحدود الله} [التوبة:112] وقال: {هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ} [سورة ق:32] فسر العلماء الحفيظ بالحافظ لأوامر الله، وفسر بالحافظ لذنوبه حتى يرجع منها فأمره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بحفظ الله يدخل فيه كل ما ذكر وتفاصيلها واسعة.
وقوله: "تجده أمامك" وفي اللفظ الآخر "يحفظك"، والمعنى متقارب أي تجده أمامك بالحفظ لك من شرور الدارين جزاء وفاقاً من باب "وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم" ( البقره 40 ) يحفظه في دنياه عن غشيان الذنوب وعن كل أمر مرهوب ويحفظ ذريته من بعده كما قال تعالى: {وكان أبوهما صالحاً}. الكهف 82 )

وقوله: "فاسأل الله" أمر بإفراد الله عزّ وجلّ بالسؤال وإنزال الحاجات به وحده، وأخرج الترمذي مرفوعاً "سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل" وفيه من حديث أبي هريرة مرفوعاً "من لا يسأل الله يغضب عليه" وفيه "إن الله يحب الملحين في الدعاء" وفي حديث آخر: "يسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع".

وقد بايع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جماعة من الصحابة على أن لا يسألوا الناس شيئاً منهم: الصدّيق وأبو ذرّ وثوبان، وكان أحدهم يسقط سوطه أو يسقط خطام ناقته فلا يسأل أحداً أن يناوله، وإفراد الله بطلب الحاجات دون خلقه يدل له العقل والسمع، فإن السؤال بذل لماء الوجه وذل لا يصلح إلا لله تعالى، لأنه القادر على كل شيء، الغني مطلقاً والعباد بخلاف هذا.

وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه، عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حديث قدسي فيه: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر" وزاد في الترمذي وغيره "وذلك بأني جواد واجد ماجد أفعل ما أريد عطائي كلام وعذابي كلام إذا أردت شيئاً فإنما أقول له كن فيكون".

وقوله: "إذا استعنت فاستعن بالله" مأخوذ من قوله: {وإيّاك نستعين} ( الفاتحه 5 ) أي نفردك بالاستعانة. أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يستعين بالله وحده في كل أموره، أي إفراده بالاستعانة على ما يريده وفي إفراده تعالى بالاستعانة فائدتان:
فالأولى: أن العبد عاجز عن الاستقلال بنفسه في الطاعات.
والثانية: أنه لا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عزّ وجلّ فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول.

وفي الحديث الصحيح "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز" وعلم صلى الله عليه وآله وسلم العباد أن يقولوا في خطبة الحاجة: "الحمد لله نستعينه" وعلم معاذاً أن يقول دبر الصلاة: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" فالعبد أحوج شيء إلى مولاه في طلب إعانته على فعل المأمورات وترك المحظورات والصبر على المقدورات. قال يعقوب صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الصبر على المقدور: {والله المستعان على ما تصفون}. يوسف 18 )
وما ذكر من هذه الوصايا النبوية لا ينافي القيام بالأسباب، فإنها من جملة سؤال الله والاستعانة به، فإن من طلب رزقه بسبب من أسباب المعاش المأذون فيها رُزق من جهته فهو منه تعالى، وإن حرم فهو لمصلحة لا يعلمها ولو كشف الغطاء لعلم أن الحرمان خير من العطاء، والكسب الممدوح المأجور فاعله عليه هو ما كان لطلب الكفاية له ولمن يعوله، أو الزائد على ذلك إذا كان يعدّه لقرض محتاج أو صلة رحم أو إعانة طالب علم أو نحوه من وجوه الخير لا لغير ذلك، فإنه يكون من الاشتغال بالدنيا وفتح باب محبتها الذي هو رأس كل خطيئة.

وقد ورد في الحديث "كسب الحلال فريضة" أخرجه الطبراني والبيهقي والقضاعي عن ابن مسعود مرفوعاً وفيه عباد بن كثيرضعيف. وله شاهد من حديث أنس عند الديلمي "طلب الحلال واجب" ومن حديث ابن عباس مرفوعاً "طلب الحلال جهاد" رواه القضاعي ومثله في الحلية عن ابن عمر.

قال العلماء: الكسب الحلال مندوب أو واجب إلا للعالم المشتغل بالتدريس والحاكم المستغرقة أوقاته في إقامة الشريعة، ومن كان من أهل الولايات العامة كالإمام فترك الكسب بهم أولى لما فيه من الاشتغال عن القيام بما هم فيه. ويرزقون من الأموال المعدّة للمصالح.


--------------------------------

وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) أخرجه الترمذي وابن ماجه وسنده قوي .
(وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كلُّ بني آدمَ خطّاءُ) أي كثيرو الخطأ إذ هو صيغة مبالغة (وخير الخطّائين التّوَّابُون" أخرجه الترمذي وابن ماجه وسنده قوي).
والحديث دال على أنه لا يخلو من الخطيئة إنسان لما جبل عليه هذا النوع من الضعف وعدم الانقياد لمولاه في فعل ما إليه دعاه وترك ما عنه نهاه؛

ولكنه تعالى بلطفه فتح باب التوبة لعباده، وأخبر أن خير الخطائين التوابون المكثرون للتوبة على قدر كثرة الخطأ، وفي الأحاديث أدلة على أن العبد إذا عصى الله وتاب تاب الله عليه ولا يزال كذلك ولن يهلك على الله إلا هالك.

وقد خص من هذا العموم يحيــــى بن زكريا عليه السلام فإنه قد ورد أنه ما همّ بخطيئة.
وروي أنه لقيه إبليس ومعه معاليق من كل شيء فسأله عنها فقال: هي الشهوات التي أصيب بها بني آدم فقال: هل لي فيها شيء؟ قال: ربما شبعت فشغلناك عن الصلاة والذكر قال: هل غير ذلك، قال: لا قال: لله عليّ أن لا أملأ بطني من طعام أبداً فقال إبليس: لله عليّ أن لا أنصح مسلماً أبداً.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-12, 02:18 PM   #4
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الرابع:


باب الترهيب من مساوىء الأخلاق


وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "الظُّلْمُ ظُلُماتٌ يوْمَ القيامة" متفق عليه.

الحديث من أدلة تحريم الظلم
وهو يشمل جميع أنواعه،
سواء كان في نفس أو مال أو عرض، في حق مؤمن أو كافر أو فاسق.
والإخبار عنه بأنه ظلمات يوم القيامة فيه ثلاثة أقوال:
قيل: هو على ظاهره فيكون ظلمات على صاحبه لا يهتدي يوم القيامة سبيلاً حيث يسعى نور المؤمنين يوم القيامة بين أيديهم وبأيمانهم،
وقيل: إنه أريد بالظلمات الشدائد وبه فسر قوله تعالى: {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر} ( الانعام 63 ) أي من شدائدها،

وقيل: إنه كناية عن النكال والعقوبات.


---------------

ـــ وعن محمود بنِ لَبِيد رَضِيَ الله عَنْهُ قال: قال رَسُولُ اللَّه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم:" إنَّ أخوَفَ ما أخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّركَ الأصْغِرُ: الرِّيَاءُ". أخرجه أحمد بإسناد حسن.
وعن محمود بن لبيد رضي الله عنه هو محمود بن لبيد الأنصاري الأشهلي ولد على عهد رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وحدث عنه أحاديث، قال البخاري: له صحبة، وقال أبو حاتم: لا تعرف له صحبة، وذكره مسلم في التابعين،

قال ابن عبد البر: الصواب قول البخاري وهو أحد العلماء مات سنة ست وتسعين، قال, قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر كأنه قيل: ما هو؟ فقال صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: الرياء. أخرجه أحمد بإسناد حسن

الرياء : مصدر راءي
فاعل ومصدره يأتي على بناء مفاعلة وفعال وهو مهموز العين لأنه من الرؤية ويجوز تخفيفها بقلبها ياء

وحقيقته لغة أن يرى غيره خلاف ما هو عليه وشرعاً أن يفعل الطاعة ويترك المعصية مع ملاحظة غير الله أو يخبر بها أو يجب أن يطلع عليها لمقصد دنيوي من مال أو نحوه.

وقد ذمه الله في كتابه وجعله من صفات المنافقين في قوله: {يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً} [النساء: 142]،
وقال: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً} ،
وقال: {فويل للمصلين} ـ إلى قوله ـ [اي[ {الذين هم يراءون} [الماعون: 5 , 6 ) ،
وورد فيه من الأحاديث الكثيرة الطيبة الدالة على عظمة عقاب المرائي فإنه في الحقيقة عابد لغير الله،
وفي الحديث القدسي:"يقول الله تعالى: من عمل عملاً أشرك فيه غيري فهو له كله وأنا عنه بريء وأنا أغنى الأغنياء عن الشرك".
واعلم أن الرياء يكون بالبدن وذلك بإظهار النحول والاصفرار ليوهم بذلك شدة الاجتهاد والحزن على أمر الدين وخوف الآخرة،
وليدل بالنحول على قلة الأكل وبتشعث الشعر ودرن الثوب يوهم أن همه بالدين ألهاه عن ذلك

وأنواع هذا واسعة وهو ليرى انه من اهل الدين ويكون في القول بالوعظ في المواقف ويذكر حكايات الصالحين ليدل على عنايته بأخبار السلف وتبحره في العلم ويتأسف على مقارفة الناس للمعاصي والتأوه من ذلك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحضرة الناس
والرياء بالقول لا تنحصر أبوابه، وقد تكون المراءاة بالأصحاب والأتباع والتلاميذ فيقال: فلان متبوع قدوة

والرياء باب واسع إذا عرفت ذلك فبعض أبواب الرياء أعظم من بعض لاختلافه باختلاف أركانه،
وهي ثلاثة المراءى به -- والمراءى لأجله -- ونفس قصد الرياء
فقصد الرياء لا يخلو من أن يكون مجرداً عن قصد الثواب أو مصحوباً بإرادته، والمصحوب بإرادة الثواب لا يخلو عن أن تكون إرادة الثواب أرجح أو أضعف أو مساوية فكانت أربع صور،
الأولى
أن لا يكون قصد الثواب بل فعل الصلاة مثلاً ليراه غيره، وإذا انفرد لا يفعلها وأخرج الصدقة لئلا يقال: إنه بخيل، وهذا أغلظ أنواع الرياء وأخبثها وهو عبادة للعباد،
الثانية
قصد الثواب لكن قصداً ضعيفاً بحيث إنه لا يحمله على الفعل إلا مراءاة العباد ولكنه قصد الثواب فهذا كالذي قبله،
الثالثة
تساوي القصدان بحيث لم يبعثه على الفعل إلا مجموعهما ولو خلى عن كل واحد منهما لم يفعله فهذا تساوي صلاح قصده وفساده فلعله يخرج رأساً برأس لا له ولا عليه،
الرابعة
أن يكون إطلاع الناس مرجحاً أو مقوياً لنشاطه ولو لم يكن لما ترك العبادة. قال الغزالي: والذي نظنه والعلم عند الله أنه لا يحبط أصل الثواب ولكنه ينقص ويعاقب على مقدار قصد الرياء ويثاب على مقدار قصد الثواب، وحديث "أنا أغنى الأغنياء عن الشرك" محمول على ما إذا تساوى القصدان أو أن قصد الرياء أرجح،



وأما المراءى به وهو الطاعات فيقسم إلى الرياء بأصول العبادات وإلى الرياء بأوصافها وهو ثلاث درجات:
الرياء بالإيمان
وهو إظهار كلمة الشهادة وباطنه مكذب فهو مخلد في النار في الدرك الأسفل منها وفي هؤلاء أنزل الله تعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله} ( المنافقون 1 ) وقريب منهم الباطنية الذين يظهرون الموافقة في الاعتقاد ويبطنون خلافه، ومنهم الرافضة أهل التقية الذين يظهرون لكل فريق أنهم منهم تقية.
والرياء بالعبادات كما قدّمناه
وهذا إذا كان الرياء في أصل المقصد وأما إذا عرض الرياء بعد الفراغ من فعل العبادة لم يؤثر فيه إلا إذا ظهر العمل للغير وتحدث به. وقد أخرج الديلمي مرفوعاً "إن الرجل ليعمل عملاً سراً فيكتبه الله عنده سراً فلا يزال به الشيطان حتى يتكلم به فيمحى من السر ويكتب علانية فإن عاد تكلم الثانية محى من السر والعلانية وكتب رياء".

وأما إذا قارن باعث الرياء باعث العبادة ثم ندم في أثناء العبادة فأوجب البعض من العلماء الاستئناف لعدم انعقادها.
وقال بعضهم: يلغو جميع ما فعله إلا التحريم،
وقال بعض: يصح لأن النظر إلى الخواتم كما لو ابتدأ بالإخلاص وصحبه الرياء من بعده،
قال الغزالي: والقولان الآخران خارجان عن قياس الفقه.

وقد أخرج الواحدي في أسباب النزول جواب جندب بن زهير لما قال للنبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إني أعمل العمل لله وإذا اطلع عليه سرني فقال صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا شريك لله في عبادته" وفي رواية "إن الله لا يقبل ما شورك فيه" رواه ابن عباس، وروي عن مجاهد أنه جاء رجل إلى النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقال: إني أتصدق وأصل الرحم ولا أصنع ذلك إلا لله فيذكر ذلك مني فيسرني وأعجب به. فلم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم له شيئاً حتى نزلت الآية يعني قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً}. الكهف 110 )

ففي الحديث دلالة على أن السرور بالاطلاع على العمل رياء، ولكنه يعارضه ما أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال: حديث غريب قال: قلت: يا رسول الله بينا أنا في بيتي في صلاتي إذ دخل عليّ رجل فأعجبني الحال التي رآني عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لك أجران"؛ وفي الكشاف من حديث جندب أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال له: "لك أجران أجر السر وأجر العلانية" وقد يرجح هذا الظاهر قوله تعالى: {ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول} ( التوبه 99 ) فدل على أن محبة الثناء من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا تنافي الإخلاص ولا تعدّ من الرياء.

ويتأول الحديث الأول بأن المراد بقوله: "إذا اطلع عليه سرني" لمحبته للثناء عليه، فيكون الرياء في محبته للثناء على العمل وإن لم يخرج العمل عن كونه خالصاً، وحديث أبي هريرة ليس فيه تعرّض لمحبة الثناء من المطلع عليه. وإنما هو مجرد محبة لما يصدر عنه وعلم به غيره.
ويحتمل أن يراد بقوله فيعجبه أي يعجبه شهادة الناس له بالعمل الصالح لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "أنتم شهداء الله في الأرض" وقال الغزالي: أما مجرّد السرور باطلاع الناس إذا لم يبلغ أمره بحيث يؤثر في العمل فبعيد أن يفسد العبادة.


-------------


وعَنْهُ رضي اللّهُ عنهُ أَنَّ رجلاً قالَ: يا رسولَ اللّهِ أَوْصِيني، قال: "لا تغضب" فردَّدَ مراراً قالَ: "لا تَغْضبْ" أَخرجه الْبُخَاريُّ.
(وعنه رضي الله عنه) أي أبي هريرة (أن رجلاً قال: يا رسول الله أوصني. قال: "لا تغضب" فردّد مراراً قال: "لا تغضب" أخرجه البخاري).
جاء في رواية أحمد تفسيره بأنه جارية ــــ بالجيم ــــ ابن قدامة، وجاء في حديث أنه سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت: يا رسول الله قل لي قولاً أنتفع به وأقلل. قال: "لا تغضب ولك الجنة" وورد عن آخرين من الصحابة مثل ذلك.
والحديث نهى عن الغضب
وهو كما قال الخطابي: نهى عن اجتناب أسباب الغضب وعدم التعرض لما يجلبه،
وأما نفس الغضب فلا يتأتى النهي عنه لأنه أمر جبلي.
وقال غيره: وقع النهي عما كان من قبيل ما يكتسب فيدفعه بالرياضة،
وقيل: هو نهي عما ينشأ عنه الغضب وهو الكبر، لكونه يقع عند مخالفة أمر يريده فيحمله الكبر على الغضب، والذي يتواضع حتى تذهب عنه عزة النفس يسلم من شر الغضب.
وقيل: معناه لا تفعل ما يأمرك به الغضب.
قيل: إنما اقتصر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على هذه اللفظة لأن السائل كان غضوباً.
وكان صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يفتي كل أحد بما هو أولى به،

قال ابن التين: جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: "لا تغضب" خيري الدنيا والآخرة، لأن الغضب يؤول إلى التقاطع، ومنع الرفق، ويؤول إلى أن يؤذي الذي غضب عليه بما لا يجوز، فيكون نقصاً في دينه انتهى.

ويحتمل أن يكون من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى لأن الغضب ينشأ عن النفس والشيطان فمن جاهدهما حتى يغلبهما مع ما في ذلك من شدّة المعالجة كان أملك لقهر نفسه عن غير ذلك بالأولى. وتقدّم كلام يتعلق بالغضب وعلاجه.



-------------


وعن أَبي هريرة رضي الله عنهُ أنَّ رسول اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "أَتَدْرونَ ما الغِيبَةُ؟" قالوا: الله ورسولهُ أَعْلمُ، قال: "ذكرُك أخاك بما يكْرهُ" قيلَ: أَفرأَيْت إنْ كان في أَخي ما أقولُ؟ قال: "إنْ كانَ فيه ما تقولُ فقد اغْتبتهُ، وإنْ لم يكن فيه فقد بهتّهُ" أَخرجَهُ مُسْلمٌ.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: "أتدرون ما الغيبةُ؟") بكسر الغين المعجمة (قالوا: الله ورسوله أعلم قال: "ذكرُك أَخاكَ بما يكرهُ" قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لمْ يكُنْ فيه فقدْ بهتّهُ") بفتح الموحدة وفتح الهاء من البهتان (أخرجه مسْلمٌ).
الحديث كأنه سيق لتفسير الغيبة المذكورة في قوله تعالى: {ولا يغتب بعضكم بعضاً} ( الحجرات 12 )
ودل الحديث على حقيقة الغيبة، قال في النهاية: هي أن تذكر الإنسان في غيبته بسوء وإن كان فيه.

قال النووي في الأذكار تبعاً للغزالي: ذكر المرء بما يكره سواء كان في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو حركته أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به ذكر سوء سواء ذكر باللفظ أو بالرمز أو بالإشارة،
قال النووي: ومن ذلك التعريض في كلام المصنفين كقولهم قال من يدّعي العلم أو بعض من ينسب إلى الصلاح أو نحو ذلك مما يفهم السامع المراد به،
ومنه قولهم عند ذكره: الله يعافينا؛ الله يتوب علينا؛ نسأل الله السلامة، ونحو ذلك؛ فكل ذلك من الغيبة.

وقوله: "ذكرك أخاك بما يكره" شامل لذكره في غيبته وحضرته وإلى هذا ذهب طائفة، ويكون الحديث بياناً لمعناها الشرعي.

وأما معناها لغة فاشتقاقها من الغيب يدل على أنها لا تكون إلا في الغيبة.

ورجح جماعة أن معناها الشرعي موافق لمعناها اللغوي،

ورووا في ذلك حديثاً مسنداً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ما كرهت أن تواجه به أخاك فهو غيبة"

فيكون هذا إن ثبت مخصصاً لحديث أبي هريرة، وتفاسير العلماء دالة على هذا،
ففسرها بعضهم بقوله: ذكر العيب بظهر الغيب،
وآخر بقوله: هي أن تذكر الإنسان من خلفه بسوء وإن كان فيه. نعم ذكر العيب في الوجه حرام لما فيه من الأذى وإن لم يكن غيبة.
وفي قوله: "أخاك" أي أخ الدين دليل على أن غير المؤمن تجوز غيبته وتقدّم الكلام في ذلك.
قال ابن المنذر: في الحديث دليل على أن من ليس بأخ كاليهودي والنصراني وسائر أهل الملل ومن قد أخرجته بدعته عن الإسلام لا غيبة له، وفي التعبير عنه بالأخ جذب للمغتاب عن غيبته لمن يغتاب لأنه إذا كان أخاه فالأولى الحنوّ عليه، وطي مساويه، والتأويل لمعايبه لا نشرها بذكرها.

وفي قوله: "بما يكره" ما يشعر بأنه إذا كان لا يكره ما يعاب به كأهل الخلاعة والمجون فإنه لا يكون غيبة.

وتحريم الغيبة معلوم من الشرع ومتفق عليه.

وإنما اختلف العلماء هل هو من الصغائر أو الكبائر؟
فنقل القرطبي الإجماع على أنها من الكبائر.
واستدل لكبرها بالحديث الثابت "إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام" وذهب الغزالي وصاحب العمدة من الشافعية إلى أنها من الصغائر،
قال الأوزاعي لم أرَ من صرح أنها من الصغائر غيرهما. وذهب المهدي إلى أنها محتملة بناءً على ما لم يقطع بكبره فهو محتمل كما تقوله المعتزلة.
قال الزركشي: والعجب ممن يعد أكل الميتة كبيرة ولا يعد الغيبة كذلك والله أنزلها منزلة أكل لحم الآدمي أي ميتاً. والأحاديث في التحذير من الغيبة واسعة جداً دالة على شدّة تحريمها.

واعلم أنه قد استثنى العلماء من الغيبة أموراً ستة:
الأولى:
التظلم فيجوز أن يقول المظلوم فلان ظلمني وأخذ مالي أو أنه ظالم، ولكن إذا كان ذكره لذلك شكاية على من له قدرة على إزالتها أو تخفيفها ودليله قول هند عند شكايتها له صلى الله عليه وآله وسلم من أبي سفيان إنه رجل شحيح.
الثاني:
الاستعانة على تغيير المنكر بذكره لمن يظن قدرته على إزالته فيقول: فلان فعل كذا، في حق من لم يكن مجاهراً بالمعصية.
الثالث:
الاستفتاء بأن يقول للمفتي: فلان ظلمني بكذا فما طريقي إلى الخلاص عنه، ودليله أنه لا يعرف الخلاص عما يحرم عليه إلا بذكر ما وقع منه.
الرابع:
التحذير للمسلمين من الاغترار، كجرح الرواة والشهود ومن يتصدّر للتدريس والإفتاء مع عدم الأهلية، ودليله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "بئس أخو العشيرة" وقوله صلى الله عليه وآله وسلم "أما معاوية فصعلوك" وذلك أنها جاءت فاطمة بنت قيس تستأذنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وتستشيره وتذكر أنه خطبها معاوية بن أبي سفيان وخطبها أبو جهم فقال: "معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، ثم قال: انكحي أسامة" الحديث.
الخامس:
ذكر من جاهر بالفسق أو البدعة كالمكاسين وذوي الولايات الباطلة، فيجوز ذكرهم بما يجاهرون به دون غيره، وتقدّم دليله في حديث "اذكروا الفاجر".
السادس:
التعريف بالشخص بما فيه من العيب كالأعور والأعرج والأعمش ولا يرد به نقصه وغيبته، وجمعها ابن أبي شريف في قوله:
الذم ليس بغيبة في ستة
متظلم ومعرّف ومحذِّر
ولمظهر فسقاً ومستفت ومن
طلب الإعانة في إزلة منكر


----------------


وَعَنْ قُطبة بن مالك رضي الله عنْهُ قال: كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقولُ: "اللهُمَّ جَنِّبني مُنْكراتِ الأخلاق والأعمال والأهواءِ والأدواءِ" أَخرجهُ الترمذيُّ وصحَحهُ الحاكم واللفظ لهُ..
(وعن قطبة) بضم القاف وسكون الطاء المهملة وفتح الموحدة (ابن مالك رضي الله عنه) يقال له التغلبي بالمثناة الفوقية والغين المعجمة ويقال الثعلبي بالمثلثة والعين المهملة (قال: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: "اللّهُمَّ جَنّبْني مُنْكرات الأخْلاق والأهواءِ والأدواءِ" أخرجه الترمذي وصحّحه الحاكم واللفظ له).
التجنيب: المباعدة أي باعدني،
والأخلاق: جمع خلق،
قال القرطبي: الأخلاق أوصاف الإنسان التي يعامل بها غيره، وهي محمودة ومذمومة.
فالمحمودة على الإجمال: أن تكون مع غيرك على نفسك فتنتصف منها ولا تنتصف لها،

وعلى التفصيل: العفو والحلم والجود والصبر وتحمل الأذى والرحمة والشفقة وقضاء الحوائج والتودّد ولين الجانب ونحو ذلك.

والمذمومة: ضد ذلك وهي منكرات الأخلاق التي سأل صلى الله عليه وآله وسلم ربه أن يجنبه إياها في هذا الحديث.

وفي قوله: "اللهم كما حسنت خَلْقي فحسّن خُلُقِي" أخرجه أحمد وصححه ابن حبان، وفي دعائه صلى الله عليه وآله وسلم في الافتتاح "واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها سواك، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها غيرك".
ومنكرات الأعمال: ما ينكر شرعاً أو عادة، ومنكرات الأهواء جمع هوى، والهوى هو ما تشتيه النفس من غير نظر إلى مقصد يحمد عليه شرعاً،
ومنكرات الأدواء جمع داء وهي الأسقام المنفرة التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتعوّذ منها كالجذام والبرص، والمهلكة: كذات الجنب وكان صلى الله عليه وآله وسلم يستعيذ من سيء الأسقام.



---------------


ـــ وعن أبي صرمة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم:"من ضارَّ مسلماً ضارَّهُ اللَّه، ومن شاقَّ مسلماً شقَّ اللَّه علَيه". أخرجه أبو داود، والترمذي، وحسنه.
وعن أبي صرمة بكسر الصاد المهملة وسكون الراء اشتهر بكنيته واختلف في اسمه اختلافاً كثيراً وهو من بني مازن بن النجار شهد بدراً وما بعدها من المشاهد
قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم:" من ضار مسلماً ضاره الله ومن شاق مسلماً شق الله عليه" أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه
أي من أدخل على مسلم مضرة في ماله أو نفسه أو عرضه بغير حق ضاره الله أي جازاه من جنس فعله وأدخل عليه المضرة. والمشاقة المنازعة أي من نازع مسلماً ظلماً وتعدياً أنزل الله عليه المشقة جزاء وفاقاً. والحديث تحذير من أذى المسلم بأي شيء.


--------------


وعن أنَس رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "طوبى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عنْ عيوب النّاس" أَخرجهُ البزَّارُ بإسنادٍ حسنٍ.
طوبى: مصدر من الطيب، أو اسم شجرة في الجنّة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها.
والمراد أنها لمن شغله النظر في عيوبه، وطلب إزالتها أو الستر عليها عن الاشتغال بذكر عيوب غيره والتعرف لما يصدر منهم من العيوب، وذلك بأن يقدم النظر في عيب نفسه إذا أراد أن يعيب غيره فإنه يجد من نفسه ما يردعه عن ذكر غيره.



---------------


وعنْ سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "الْعَجَلَةُ منَ الشّيطان" أَخرجَهُ التِّرمذي وقالَ: حَسَنٌ.
العجلة: هي السرعة في الشيء، وهي مذمومة فيما كان المطلوب فيه الأناة، محمودة فيم يطلب تعجيله من المسارعة إلى الخيرات ونحوها، وقد يقال: لا منافاة بين الأناة والمسارعة، فإن سارع بتؤده وتأنَّ فيتم له الأمران والضابط أن خيار الأمور أوسطها.



---------------



وَعَنْ بهزْ بن حكيم عنْ أبيهِ عَنْ جدِّه رضي اللّهُ عنهمْ قالَ: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "وَيْلٌ للذي يحدث فيكْذبُ لِيُضْحك به القومَ ويلٌ لهُ ثمَّ ويْلٌ لهُ" أَخرجهُ الثلاثةُ وإسْنادُهُ قَويٌّ.
(وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنهم) معاوية بن حيدة رضي الله عنهما (قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ويْلٌ للذي يُحدّث فيكذب ليُضْحك به القَوْمَ، ويْلٌ لَهُ ثمَّ ويلٌ لَهُ" أخرجه الثلاثة وإسناده قوي).
وحسنه الترمذي وأخرجه البيهقي.
والويل الهلاك، ورفعه على أنه مبتدأ خبره الجار والمجرور، وجاز الابتداء بالنكرة لأنه من باب: سلام عليكم.
وفي معناه الأحاديث الواردة في تحريم الكذب على الإطلاق،
مثل حديث "إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار" سيأتي وأخرج ابن حبان في صحيحه "إياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار" ومثله عند الطبراني
.
وأخرج أحمد من حديث ابن لهيعة "ما عمل أهل النار؟ قال: الكذب. فإن العبد إذا كذب فجر وإذا فجر كفر وإذا كفر دخل النار" وأخرج البخاري أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الطويل، ومن جملته قوله "رأيت الليلة رجلين أتياني قالا لي: الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب الكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق" في حديث رؤياه صلى الله عليه وآله وسلم والأحاديث في الباب كثيرة.
والحديث دليل على تحريم الكذب لإضحاك القوم، وهذا تحريم خاص.
ويحرم على السامعين سماعه إذا علموه كذباً، لأنه إقرار على المنكر بل يجب عليهم النكير أو القيام من الموقف.

وقد عدّ الكذب من الكبائر، قال الروياني من الشافعية: إنه كبيرة ومن كذب قصداً ردت شهادته، وإن لم يضر بالغير، لأن الكذب حرام بكل حال،
وقال المهدي: إنه ليس بكبيرة، ولا يتم له نفي كبره على العموم، فإن الكذب على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أو الإضرار بمسلم أو معاهد كبيرة.
وقسم الغزالي الكذب في الإحياء إلى- واجب- ومباح- ومحرم
وقال: إن كل مقصد محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً فالكذب فيه حرام، وإن أمكن التوصل إليه بالكذب وحده فمباح إن أنتج تحصيل ذلك المقصود، وواجب إن وجب تحصيل ذلك وهو إذا كان فيه عصمة من يجب إنقاذه،
وكذا إذا خشي على الوديعة من ظالم وجب الإنكار والحلف، وكذا إذا كان لا يتم مقصود حرب أو إصلاح ذات البين أو استمالة قلب المجنى عليه إلا بالكذب فهو مباح،
وكذا إذا وقعت منه فاحشة كالزنا وشرب الخمر وسأله السلطان فله أن يكذب، ويقول: ما فعلت.
ثم قال: وينبغي أن تقابل مفسدة الكذب بالمفسدة المترتبة على الصدق، فإن كانت مفسدة الصدق أشدّ فله الكذب، وإن كانت بالعكس أو شك فيها حرم الكذب، وإن تعلق بنفسه استحب أن لا يكذب، وإن تعلق بغيره لم تحسن المسامحة بحق الغير. والحزم تركه حيث أبيح.
واعلم أنه يجوز الكذب اتفاقاً في ثلاث صور كما أخرجه مسلم في الصحيح قال ابن شهاب: لم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث:
الحرب، -
والإصلاح بين الناس -
وحديث الرجل امرأته، -
وحديث المرأة زوجها. قال القاضي عياض: لا خلاف في جواز الكذب في هذه الثلاث الصور. وأخرج ابن النجار عن النواس بن سمعان مرفوعاً "الكذب يكتب على ابن آدم إلا في ثلاث: الرجل يكون بين الرجلين ليصلح بينهما، والرجل يحدث امرأته ليرضيها بذلك، والكذب في الحرب".
قلت: نظر في حكمة الله ومحبته لاجتماع القلوب كيف حرّم النميمة وهي صدق لما فيها من إفساد القلوب وتوليد العداوة والوحشة، وأباح الكذب ــــ وإن كان حراماً ــــ إذا كان لجمع القلوب وجلب المودّة وإذهاب العداوة.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-12, 02:19 PM   #5
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الخامس:

باب الترغيب في مكارم الأخلاق

وعَنْ أَبي هُريرة رضي اللّهُ عنهُ قال: قال رسول اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأَحبُّ إلى الله من المؤمنِ الضَّعيف وفي كُلَ خيرٌ، احْرص على ما ينفعك، واستعنّ باللّهِ ولا تَعْجزْ، وإنّ أَصابكَ شيءٌ فلا تقُلْ لَوْ أَني فعلتُ (كذا) كان كذا وكذا، ولكنْ قُلْ قدَّرَ الله وما شاءَ فَعَلَ فإنَّ لوْ تفْتَحُ عَمَلَ الشّيطان" أَخرجَهُ مُسْلمٌ.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المُؤمنُ القويُّ خيرٌ وأَحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كُل) من القوي والضعيف (خيرٌ) لوجود الإيمان فيهما (احرص) من حرص يحرص كضرب يضرب ويقال: حرص كسمع (على ما ينفعك) في دنياك ودينك (واستعن بالله) عليه (ولا تعجز) بفتح الجيم وكسرها (وإنْ أَصابك شيءٌ فلا تقُلْ لو أَني فعلْتُ) كذا (كان كذا وكذا، ولكن قُلْ: قَدَّرَ الله وما شاءَ) اللّهُ (فعلَ فإنَّ لوْ تفتْحُ عملَ الشيْطان" أخرجه مسلم).

المراد من القوي قوي عزيمة النفس في الأعمال الأخروية، فإن صاحبها أكثر إقداماً في الجهاد وإنكار المنكر، والصبر على الأذى في ذلك، واحتمال المشاق في ذات الله والقيام بحقوقه، من الصلاة والصوم وغيرهما.
والضعيف بالعكس من هذا، إلا أنه لا يخلو عن الخير لوجود الإيمان فيه، ثم أمره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بالحرص على طاعة الله وطلب ما عنده، وعلى طلب الاستعانة به في كل أموره، إذ حرص العبد بغير إعانة الله لا ينفعه.
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأكثر ما يجني عليه اجتهاده
ونهاه عن العجز، وهو التساهل في الطاعات،

وقد استعاذ منه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بقوله: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن؛ ومن العجز والكسل" وسيأتي.
ونهاه بقوله: "إذا أصابه شيء"، من حصول ضرر أو فوات نفع عن أن يقول: "لو"
قال بعض العلماء: هذا إنما هو لمن قال معتقداً ذلك حتماً، وأنه لو فعل ذلك لم يصبه قطعاً، فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله وأنه لا يصيبه إلا ما شاء الله فليس من هذا.
واستدل له بقول أبي بكر في الغار "ولو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا" وسكوته صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.

قال القاضي عياض: وهذا لا حجة فيه لأنه إنما أخبر عن أمر مستقبل وليس فيه دعوى لرد قدره بعد وقوعه،
قال: وكذا جميع ما ذكره البخاري في باب ما يجوز من اللوّ كحديث "لولا حدثان قومك بالكفر" الحديث و "لو كنت راجماً بغير بينة" و "لولا أن أشق على أمتي" وشبيه ذلك فكله مستقبل ولا اعتراض فيه على قدر، فلا كراهية فيه، لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يفعل لولا المانع وعما هو في قدرته فأما ما ذهب فليس في قدرته.

قال القاضي: فالذي عندي في معنى الحديث: أن النهي على ظاهره وعمومه لكن نهي تنزيه.
ويدل عليه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "فإن لو تفتح عمل الشيطان"
قال النووي: وقد جاء من استعمال لو في الماضي قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى" وغير ذلك فالظاهر أن النهي إنما هو إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه، فيكون نهي تنزيه لا تحريم.
وأما من قاله تأسفاً على ما فاته من طاعة الله وما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا فلا بأس به وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث.



وعنه رضي الله عنهُ قالَ: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "المؤمنُ مِرْآةُ المؤْمن" أَخرجهُ أَبو داودَ بإسْنادٍ حسن.
أي المؤمن لأخيه المؤمن كالمرآة التي ينظر فيها وجهه، فالمؤمن يطلع أخاه على ما فيه من عيب وينبهه على إصلاحه ويرشده إلى ما يزينه عند مولاه تعالى وإلى ما يزينه عند عباده، وهذا داخل في النصيحة.



وعن ابن مَسْعودٍ رضي الله عنْهُ قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "اللهمَّ كما حَسّنْتَ خَلْقي فَحَسِّنْ خُلُقي" رواهُ أحمدُ وصحّحهُ ابنُ حِبّان.
(وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اللهمَّ كما حَسّنت خَلْقِي) بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام (فَحَسِّنْ خُلُقِي") بضمها وضم اللام (رواه أحمد وصححه ابن حبان).
قد كان صلى الله تعالى عليه وسلم من أشرف العباد خلقاً وخلقاً وسؤاله ذلك اعترافاً بالمنة وطلباً لاستمرار النعمة وتعليماً للأمة.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-12, 02:20 PM   #6
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

السادس:

باب الذكر والدعاء
الذكر: مصدر ذكر وهو ما يجري على اللسان والقلب، والمراد به ذكر الله
"والدعاء": مصدر دعا وهو الطلب، ويطلق على الحث على فعل الشيء، نحو دعوت فلاناً استعنته.
ويقال: دعوت فلاناً سألته. ويطلق على العبادة وغيرها.

واعلم أن الدعاء ذكر الله وزيادة؛ فكل حديث في فضل الذكر يصدق عليه، وقد أمر الله تعالى عباده بدعائه فقال: {ادعوني أستجب لكم} ( غافر 60 ) وأخبرهم بأنه قريب يجيب دعاءهم فقال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}.البقره 186 )

وسماه مخ العبادة ففي الحديث عند الترمذي من حديث أنس مرفوعاً "الدعاء مخ العبادة" وأخبر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن الله تعالى يغضب على من لم يدعه،

فإنه أخرج البخاري في الأدب المفرد من حديث أبي هريرة مرفوعاً "من لم يسأل الله يغضب عليه"، وأخبر صلى الله عليه وآله وسلم أنه تعالى يحب أن يسأل، فأخرج الترمذي من حديث ابن مسعود مرفوعاً "سلوا الله من فضله فإنه يحب أن يسأل" والأحاديث في الحث عليه كثيرة،

وهو يتضمن حقيقة العبودية والاعتراف بغنى الرب وافتقار العبد، وقدرته تعالى وعجز العبد، وإحاطته تعالى بكل شيء علماً.

فالدعاء يزيد العبد قرباً من ربه، واعترافاً بحقه،

ولذا حث صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم على الدعاء وعلم الله عباده دعاءه بقوله: {ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} ( البقره 286 ) الايه ونحوها،
وأخبرنا بدعوات رسله وتضرعهم حيث قال أيوب: { أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} ( الانبياء 83 )
وقال زكريا عليه السلام: {رب لا تذرني فرداً} ( الانبياء 89 )وقال: {فهب لي من لدنك ولياً} ( مريم 5 )
وقال أبو البشر: {ربنا ظلمنا أنفسنا}( الاعراف 23 )الايه
وقال يوسف: {ربي قد ءاتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث} إلى قوله {توفني مسلماً وألحقني بالصالحين}.( يوسف 101 )
وقال يونس:: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [الأنبياء:87]،
ودعا نبينا صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في مواقف لا تنحصر عند لقاء الأعداء وغيرها، ودعواته في الصباح والمساء والصلوات وغيرها معروفة. فالعجب من الاشتغال بذكر الخلاف بين من قال التفويض والتسليم أفضل من الدعاء! فإن قائل هذا ما ذاق حلاوة المناجاة لربه ولا تضرعه واعترافه بحاجته وذنبه.

واعلم أنه قد ورد من حديث أبي سعيد عند أحمد:"إنه لا يضيع الدعاء بل لا بد للداعي من إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها" وصححه الحاكم

وللدعاء شرائط ولقبوله موانع قد أودعناها أوائل الجزء الثاني من (( التنوير شرح الجامع الصغير)) وذكرنا فائدة الدعاء مع سبق القضاء.


وعن شدَّاد بن أَوس رضي اللّهُ عنْهُ قالَ: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "سَيّد الاستغفار أَن يقول العبْدُ: اللهمَّ أَنْتَ ربي لا إلهَ إلا أنتَ، خَلَقْتني وأَنا عبدُكَ وأَنا على عَهْدِكَ وَوَعْدِك ما استطعت، أَعوذُ بكَ منْ شرِّ ما صنَعْتُ، أَبوءُ لك بنعمتك عليَّ وأَبوءُ لك بذنبي فاغفرْ لي فإنّهُ لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت" أَخرجهُ البخاري.
وتمام الحديث "من قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة".

قال الطيبي: لما كان هذا الدعاء جامعاً لمعاني التوبة استعير له اسم "السيد" وهو في الأصل الرئيس الذي يقصد إليه في الحوائج. ويرجع إليه في الأمور، وجاء في رواية الترمذي "ألا أدلك على سيد الاستغفار".

وفي حديث جابر عند النسائي "تعلموا سيد الاستغفار" وقوله: "لا إله إلا أنت خلقتني" ووقع في رواية: "اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت خلقتني" وزاد فيه "آمنت لك مخلصاً لك ديني".

وقوله: "وأنا عبدك" جملة مؤكدة لقوله: "أنت ربي"، ويحتمل: "أنا عبدك" بمعنى عابدك فلا يكون تأكيداً ويؤيده عطف قوله: "وأنا على عهدك" ومعناه كما قال الخطابي: أنا على ما عاهدتك عليه وواعدتك من الإيمان بك وإخلاص الطاعة لك ما استطعت ومتمسك به ومستنجز وعدك في المعونة والأجر.

وفي قوله: "ما استطعت" اعتراف بالعجز والقصور عن القيام بالواجب من حقه تعالى.
قال ابن بطال: يريد بالعهد الذي أخذه الله على عباده حيث أخرجهم أمثال الذرّ ( وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم) ( الاعراف 172 ) فأقرّوا له بالربوبية وأذعنوا له بالوحدانية، وبالوعد ما قال على لسان نبيه أن من مات لا يشرك بي شيئاً أن يدخل الجنة.

ومعنى "أبوء" أقرّ وأعترف وهو مهموز وأصله البواء ومعناه اللزوم. ومنه: بوّأه الله منزلاً أي أسكنه، فكأنه ألزمه به "وأبوء بذنبي" أعترف به وأقرّ.

وقوله: "فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" اعترف بذنبه أولاً ثم طلب غفرانه ثانياً.
وهذا من أحسن الخطاب وألطف الاستعطاف كقول أبي البشر: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ( . ( الاعراف 23 )

وقد اشتمل الحديث على الإقرار بالربوبية لله تعالى. وبالعبودية للعبد في التوحيد له وبالإقرار بأنه الخالق، والإقرار بالعهد الذي أخذه على الأمم.
والإقرار بالعجز عن الوفاء من العبد، والاستعاذة به تعالى من شر السيئات نحو "نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا" والإقرار بنعمته على عباده، وأفردها للجنس، والإقرار بالذنب، وطلب المغفرة وحصر الغفران فيه تعالى.
وفيه أنه لا ينبغي طلب الحجات إلا بعد الوسائل.

وأما ما استشكل به من أنه كيف يستغفر وقد غفر له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهو أيضاً معصوم، فإنه من الفضول لأنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أخبر بأنه يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم سبعين مرّة.

وعلمنا الاستغفار فعلينا التأسي والامتثال لا إيراد السؤال والإشكال، وقد علم هذا من خاطبهم بذلك فلم يوردوا إشكالاً ولا سؤالاً ويكفينا كونه ذكر الله على كل حال، وهو مثل طلبنا للرزق. وقد تكفل به وتعليمه لنا على ذلك {وارزقنا وأنت خير الرازقين} ( المائده 114 ) وكله تعبد وذكر الله تعالى.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-12, 02:29 PM   #7
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الكتاب الثاني : : كتاب القضاء ::


القضاء: بالمدّ الولاية المعروفة وهو في اللغة: مشترك بين أحكام الشيء والفراغ منه، ومنه {فقضاهن سبع سماوات} وبمعنى إمضاء الأمر ومنه {وقضينا الى بني إسرائيل} وبمعنى الحتم والإلزام ومنه: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إيّاه}.
وفي الشرع: إلزام ذي الولاية بعد الترافع؛ وقيل: هو الإكراه بحكم الشرع في الوقائع الخاصة لمعين أو جهة، والمراد بالجهة كالحكم لبيت المال أو عليه.

وفيه ابواب :

باب القضاء
باب الشهادات
باب الدعاوى البينات



الاول :

باب القضاء

عَنْ بريدةَ رضي الله عنهُ قال: قال رسولُ اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "القضاة ثلاثةٌ: اثنان في النّار وواحد في الجنّةِ: رجلٌ عَرَفَ الحقَّ فقضى بهِ فهوَ في الجنّةِ، ورجلٌ عرف الحقَّ فلم يقضِ بهِ وجارَ في الحكم فهُوَ في النّار، ورجلٌ لمْ يعْرف الحقَّ فقضى للناس على جَهْل فَهُوَ في النّار" رواهُ الأربعةُ وصحّحهُ الحاكمُ.

(عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "القُضاة ثلاثةٌ: اثنان في النار وواحدٌ في الجنة) وكأنه قيل: من هم؟ فقال: (رجلٌ عرفَ الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجلٌ عرف الحقَّ فلم يقضِ به وجار في الحكم فهو في النّار، ورجلٌ لمْ يعرف الحقَّ فقضى للنّاس على جهْلٍ فهو في النّار" رواه الأربعة وصححه الحاكم).

وقال في علوم الحديث: تفرّد به الخراسانيون وروته مراوزة، قال المصنف: له طرق غير هذه جمعتها في جزء مفرد.
والحديث دليل على أنه لا ينجو من النار من القضاء إلا من عرف الحق وعمل به، والعمدة العمل، فإن من عرف الحق ولم يعمل به فهو ومن حكم بجهل سواء في النار.

وظاهره أن من حكم بجهل وإن وافق حكمه الحق فإنه في النار، لأنه أطلقه وقال: "فقضى للناس على جهل" فإنه يصدق على من وافق الحق وهو جاهل في قضائه ــــ أنه قضى على جهل، وفيه التحذير من الحكم بجهل، أو بخلاف الحق مع معرفته به.

والذي في الحديث أن الناجي من قضى بالحق عالمً به، والإثنان الآخران في النار، وفيه أنه يتضمن النهي عن تولية الجاهل القضاء.

قال في مختصر شرح السنّة: إنه لا يجوز لغير المجتهد أن يتقلد القضاء ولا يجوز للإمام توليته،

قال: والمجتهد من جمع خمسة علوم: علم كتاب الله،

وعلم سنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،

وأقاويل علماء السلف من إجماعهم واختلافهم.

وعلم اللغة،

وعلم القياس. وهو طريق استنباط الحكم من الكتاب والسنّة إذا لم يجده صريحاً في نص كتاب أو سنة أو إجماع،

فيجب أن يعلم من علم الكتاب الناسخ والمنسوخ، والمجمل والمفسر، والخاص والعام، والمحكم والمتشابه، والكراهة والتحريم، والإباحة والندب، ويعرف من السنّة هذه الأشياء،

ويعرف منها الصحيح والضعيف والمسند والمرسل،

ويعرف ترتيب السنة على الكتاب، وبالعكس،

حتى إذا وجد حديثاً لا يوافق ظاهره الكتاب اهتدى إلى وجه محمله، فإن السنة بيان للكتاب فلا تخالفه، وإنما تجب معرفة ما ورد منها من أحكام الشرع دون ما عداها من القصص والأخبار والمواعظ.

وكذا يجب أن يعرف من علم اللغة ما أتى في الكتاب والسنّة من أمور الأحكام دون الإحاطة بجميع لغات العرب؛ ويعرف أقاويل الصحابة والتابعين في الأحكام، ومعظم فتاوى فقهاء الأمة، حتى لا يقع حكمه مخالفاً لأقوالهم، فيأمن فيه خرق الإجماع، فإذا عرف كل نوع من هذه الأنواع فهو مجتهد وإذا لم يعرفها فسبيله التقليد ا هــــ.

-----------------------------

وعَنْهُ رضي الله عنهُ قال: قالَ رسولُ اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنّكم ستحرصُون على الإمارة وستكونُ ندامة يوْمَ القيامة، فَنِعْمَت المرضعة وبئستِ الفاطمةُ" رواهُ البخاريُّ.

(وعنه) أي أبي هريرة رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّكم ستحرصون على الإمارة) عام لكل إمارة من الإمامة العظمى إلى أدنى إمارة ولو على واحد (وستكون ندامة يوم القيامة فنعْم المُرضعة) أي في الدنيا (وبئست الفاطمة") أي بعد الخروج منها (رواه البخاري).

قال الطيبي: تأنيث الإمارة غير حقيقي فترك تأنيث "نعم" وألحقه ببئس نظراً إلى كون الإمارة حينئذٍ داهية دهياء، وقال غيره: أنث في لفظ وتركه في لفظ للافتتان وإلا فالفاعل واحد.

وأخرج الطبراني والبزار بسند صحيح من حديث عوف بن مالك بلفظ: "أولها: ملامة، وثانيها: ندامة، وثالثها: عذاب يوم القيامة، إلا من عدل" وأخرج الطبراني من حديث زيد بن ثابت يرفعه "نعم الشيء الإمارة لمن أخذها بحقها وحلها، وبئس الشيء الإمارة لمن أخذها بغير حقها تكون عليه حسرة يوم القيامة" وهذا يقيد ما أطلق فيما قبله.

وقد أخرج مسلم من حديث أبي ذرّ قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني قال: "إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدّى الذي عليه فيها".

قال النووي: هذا أصل عظيم في اجتناب الولاية لا سيما لمن كان فيه ضعف، وهو في حق من دخل فيها بغير أهلية ولم يعدل فإنه يندم على ما فرط فيه إذا جوزي بالجزاء يوم القيامة، وأما من كان أهلاً لها وعدل فيها فأجره عظيم، كما تضافرت به الأخبار، ولكن في الدخول فيها خطر عظيم، ولذلك امتنع الأكابر منها، فامتنع الشافعي لما استدعاه المأمون لقضاء الشرق والغرب. وامتنع منه أبو حنيفة لما استدعاه المنصور فحبسه وضربه، والذين امتنعوا من الأكابر جماعة كثيرون. وقد عدّ في النجم الوهاج جماعة.

(تنبيه): في قوله: "ستحرصون" دلالة على محبة النفوس للإمارة لما فيها من نيل حظوظ الدنيا ولذاتها ونفوذ الكلمة،
ولذا ورد النهي عن طلبها كما أخرج الشيخان أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال لعبد الرحمن: "لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها" وأخرج أبو داود والترمذي عنه صلى الله عليه وآله وسلم "من طلب القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكل إليه، ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكاً يسدّده"

وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "و الله إنا لا نولي هذا الأمر أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه" حرص بفتح الراء قال الله تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} ( يوسف 103 )

ويتعين على الإمام أن يبحث عن أرضى الناس وأفضلهم فيوليه، لما أخرجه الحاكم والبيهقي أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "من استعمل رجلاً على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله تعالى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين"،
وإنما نهى عن طلب الإمارة لأن الولاية تفيد قوة بعد ضعف، وقدرة بعد عجز تتخذها النفس المجبولة على الشر وسيلة إلى الانتقام من العدو، والنظر للصديق. وتتبع الاغراض الفاسدة ولا يوثق بحسن عاقبتها. ولا سلامة مجاورتها فالأولى أن لا تطلب ما أمكن.

وإن كان قد أخرج أبو داود بإسناد حسن عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم"من طلب قضاء المسلمين حتى يناله. فغلب عدله جوره فله الجنة ومن غلب جوره عدله فله النار".
----------------------------------------
ـــ وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقول: إذا حَكَمَ الحَاكِمُ فاجْتَهَدَ ثمَّ أصَابَ فلَهُ أَجران، وإذا حَكَمَ فاجتهدَ ثمَّ أخطأَ فلهُ أجر" متَّفق عليه.

وعن عمرو ابن العاص أنه سمع رسول لله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقول أذا حكم الحاكم أي إذا أراد الحكم لقوله: فاجتهد فإن الاجتهاد قبل الحكم، ثم أصاب فله أجران فإذا حكم واجتهد ثم أخطأ أي لم يوافق ما هو عند الله تعالى من الحكم، [فله أجر. متفق عليه]

الحديث من أدلة القول بأن الحكم عند الله في كل قضية واحد معين قد يصيبه من أعمل فكره وتتبع الأدلة ووفقه الله فيكون له أجران: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة. والذي له أجر واحد هو من اجتهد فأخطأ فله أجر الاجتهاد.

واستدلوا بالحديث على أنه يشترط أن يكون الحاكم مجتهداً. قال الشارح وغيره وهو المتمكن من أخذ الأحكام من الأدلة الشرعية

قال: ولكنه يعز وجوده بل كاد يعدم بالكلية ومع تعذره فمن شرطه أن يكون مقلداً مجتهداً في مذهب إمامه. ومن شرطه أن يتحقق أصول إمامه وأدلته، وينزل أحكامه عليها فيما لم يجده منصوصاً من مذهب إمامه اهـ.

قلت: ولا يخفى ما في هذا الكلام من البطلان. وإن تطابق عليه الأعيان وقد بينا بطلان دعوى تعذّر الاجتهاد في رسالتنا المسماة بإرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد بما لا يمكن دفعه وما أرى هذه الدعوى التي تطابقت عليها الأنظار إلا من كفران نعمة الله عليهم

فإنهم ــــ أعني المدّعين لهذه الدعوى والمقرّرين لها ــــ مجتهدون يعرف أحدهم من الأدلة ما يمكنه بها الاستنباط مما لم يكن قد عرفه عتاب بن أسيد قاضي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على مكة ولا أبو موسى الأشعري قاضي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اليمن ولا معاذ بن جبل قاضيه فيها وعامله عليها ولا شريح قاضي عمر وعلي رضي الله عنهم على الكوفة.


ويدل لذلك قول الشارح: فمن شرطه أي المقلد أن يكون مجتهداً في مذهب إمامه وأن يتحقق أصوله وأدلته أي ومن شرطه أن يتحقق أصول إمامه وأدلته وينزل أحكامه عليها فيما لم يجده منصوصاً من مذهب إمامه، فإن هذا هو الاجتهاد الذي حكم بكيدودة عدمه بالكلية وسماه متعذراً، فهلا جعل هذا المقلد إمامه كتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عوضاً عن إمامه وتتبع نصوص الكتاب والسنّة عوضاً عن تتبع نصوص إمامه، والعبارات كلها ألفاظ دالة على معانٍ فهلا استبدل بألفاظ إمامه ومعانيها ألفاظ الشارع ومعانيها ونزل الأحكام عليها إذا لم يجد نصاً شرعياً عوضاً عن تنزيلها على مذهب إمامه فيما لم يجده منصوصاً؟.


تالله لقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، من معرفة الكتاب والسنّة إلى معرفة كلام الشيوخ والأصحاب وتفهم مرامهم، والتفتيش عن كلامهم. ومن المعلوم يقيناً أن كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أقرب إلى الأفهام وأدنى إلى إصابة المرام فإنه أبلغ الكلام بالإجماع، وأعذبه في الأفواه والأسماع وأقربه إلى الفهم والانتفاع ولا ينكر هذا إلا جلمود الطباع ومن لاحظ له في النفع والانتفاع.


والأفهام التي فهم بها الصحابة الكلام الإلهي والخطاب النبوي هي كأفهامنا وأحلامهم كأحلامنا، إذ لو كانت الأفهام متفاوتة تفاوتاً يسقط معه فهم العبارات الإلهية، والأحاديث النبوية لما كنا مكلفين ولا مأمورين ولا منهيين لا اجتهاداً ولا تقليداً؛ أما الأول فلاستحالته، وأما الثاني فلأنا لا نقلد حتى نعلم أنه يجوز لنا التقليد، ولا نعلم ذلك إلا بعد فهم الدليل من الكتاب والسنّة على جوازه لتصريحهم بأنه لا يجوز التقليد في جواز التقليد، فهذا الفهم الذي فهمنا به هذا الدليل نفهم به غيره من الأدلة من كثير وقليل، على أنه قد شهد المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه يأتي من بعده من هو أفقه ممن في عصره وأوعى لكلامه حيث قال "فرب مبلغ أفقه من سامع" وفي لفظ "أوعى له من سامع" والكلام قد وفينا حقه في الرسالة المذكورة.


ومن أحسن ما يعرفه القضاة كتاب عمر رضي الله عنه الذي كتبه إلى أبي موسى الذي رواه أحمد والدارقطني والبيهقي قال الشيخ أبو إسحاق: هو أجل كتاب، فإنه بين آداب القضاة وصفة الحكم وكيفية الاجتهاد واستنباط القياس.


ولفظه "أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنّة متبعة؛ فعليك بالعقل والفهم وكثرة الذكر، فافهم إذا أدلى إليك الرجل الحجة، فاقضِ إذا فهمت وامضِ إذا قضيت. فإنه لا ينفع تلكم بحق لا نفاذ له. آس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك. البينة على المدعي واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً، أو حرّم حلالاً. ومن ادّعى حقاً غائباً أو بينة فاضرب له أمداً ينتهي إليه فإن جاء ببينة أعطيته حقه، وإلا استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ في العذر وأجلى للعمى.


ولا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل.
الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما ليس في كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، ثم اعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور عند ذلك واعمد إلى أقربها إلى الله تعالى وأشببها بالحق.


المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلوداً في حدّ، أو مجرّباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً في ولاء أو نسب أو قرابة، فإن الله تعالى تولى منكم السرائر، وادرأ بالبينات، والأيمان، وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذّي بالناس عند الخصومة، والتنكر عند الخصومات، فإن القضاء عند مواطن الحق يوجب الله تعالى به الأجر ويحسن به الذكر. فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس، ومن تخلق للناس بما ليس في قلبه شانه الله تعالى، فإن الله لا يقبل من العباد إلا ما كان خالصاً. فما ظنك بثواب من الله في عاجل رزقه، وخزائن رحمته والسلام" ا هــــ.

ولأمير المؤمنين عليّ عليه السلام في عهد عهده إلى الأشتر لما ولي مصر فيه عدة مصالح وآداب ومواعظ وحكم وهو معروف في النهج لم أنقله لشهرته.

وقد أخذ من كلام عمر رضي الله عنه أنه ينقض القاضي حكمه إذا أخطأ ويدل له ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود عليه السلام فقضى به للكبرى، فخرجتا إلى سليمان فأخبرتاه فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما نصفين فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى".
وللعلماء قولان في المسألة: قول إنه ينقضه إذا أخطأ، والآخر لا ينقضه لحديث "وإن أخطأ فله أجر". قلت: ولا يخفى أنه لا دليل فيه لأن المراد أخطأ ما عند الله وما هو في نفس الأمر من الحق، وهذا الخطأ لا يعلم إلا يوم القيامة أو بوحي من الله تعالى. والكلام في الخطأ الذي يظهر له في الدنيا من عدم استكمال شرائط الحكم أو نحوه.

---------------------------------------

وعنْ أبي بكرة رضي الله عنهُ قالَ: سمعتُ رسولَ اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَقُولُ: "لا يحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثنَيْنِ وهُو غَضْبانُ" مُتّفق عليه.

النهي ظاهر في التحريم، وحمله الجمهور على الكراهة،

وترجم النووي في شرح مسلم له: بباب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان،

وترجم البخاري: بباب هل يقضي القاضي أو يفتي المفتي وهو غضبان؟ وصرح النووي بالكراهة في ذلك.

وإنما حملوه على الكراهة نظراً إلى العلة المستنبطة لذلك، وهي أنه لما رتب النهي على الغضب والغضب بنفسه لا مناسبة فيه لمنع الحكم، وإنما ذلك لما هو مظنة لحصوله، وهو تشويش الفكر ومشغلة القلب عن استيفاء ما يجب من النظر وحصول هذا قد يفضي إلى الخطأ عن الصواب.

ولكنه غير مطرد مع كل غضب ومع كل إنسان، فإن أفضى الغضب إلى عدم تمييز الحق من الباطل فلا كلام في تحريمه، وإن لم يفضِ إلى هذا الحدّ فأقل أحواله الكراهة.
وظاهر الحديث أنه لا فرق بين مراتب الغضب، ولا بين أسبابه، وخصه البغوي وإمام الحرمين بما إذا كان الغضب لغير الله، وعلل: بأن الغضب لله يؤمن معه من التعدّي، بخلاف الغضب للنفس، واستبعده جماعة لمخالفته لظاهر الحديث والمعنى الذي لأجله نهي عن الحكم معه.

ثم لا يخفى أن الظاهر في النهي التحريم، وأن جَعْل العلة المستنبطة صارفة إلى الكراهة بعيد.

وأما حكمه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم مع غضبه في قصة الزبير فلما علم من أن عصمته مانعة عن إخراج الغضب له عن الحق، ثم الظاهر أيضاً عدم نفوذ الحكم مع الغضب، إذ النهي يقتضي الفساد. والتفرقة بين النهي للذات والنهي للوصف كما يقوله الجمهور غير واضح كما قرر في غير هذا المحل.

وقد ألحق بالغضب الجوع والعطش المفرطان، لما أخرجه الدارقطني والبيهقي بسند تفرد به القاسم العمري وهو ضعيف عن أبي سعيد الخدري أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "لا يقضي القاضي إلا وهو شبعان ريان" وكذلك ألحق به كل ما يشغل القلب ويشوش الفكر من غلبة النعاس أو الهم أو المرض أو نحوها.
------------------

وعنْ أُمِّ سَلَمة رضي اللّهُ عنها قالت: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنكمْ تختصمُون إليَّ ولعلَّ بعضكمْ أنْ يكونَ أَلحنَ بحُجّتِهِ منْ بعض فأقضي له على نحو ما أَسْمع مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْت لهُ منْ حق أَخيه شيئاً فإنما أَقطعُ لهُ قطعةً من النّار" مُتّفقٌ عليه.

(وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنكم تختصمون إليَّ فَلَعَلَّ بعضكمْ أَن يكون أَلحنَ بحجته منْ بعض فأَقضي لهُ على نحو ما أسمع منْهُ، فمنْ قطعتُ لهُ منْ حقِّ أَخيه شيئاً) زاد في رواية: "فلا يأخذه" رواه ابن كثير في الإرشاد (فإنما أَقطع لهُ قطعة من النار" متفق عليه).

اللحن: هو الميل عن جهة الاستقامة، والمراد أن بعض الخصماء يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره.

وقوله: "على نحو ما أسمع" من الدعوى والإجابة والبينة أو اليمين، وقد تكون باطل في نفس الأمر فيقطع من مال أخيه قطعة من نار، باعتبار ما يؤول إليه من باب {إنما يأكلون في بطونهم ناراً}.( النساء 10 )

والحديث دليل على أن حكم الحاكم لا يحل به للمحكوم له ما حكم له به على غيره إذا كان ما ادعاه باطلاً في نفس الأمر، وما أقامه من الشهادة كاذباً؛ وأما الحاكم فيجوز له الحكم بما له والإلزام به. وتخليص المحكوم عليه مما حكم به لو امتنع وينفذ حكمه ظاهراً، ولكنه لا يحل به الحرام إذا كان المدعي مبطلاً وشهادته كاذبة. وإلى هذا ذهب الجمهور.

وخالف أبو حنيفة فقال: إنه ينفذ ظاهراً وباطناً وأنه لو حكم الحاكم بشهادة زور أن هذه المرأة زوجة فلان حلت له، واستدل بآثار لا يقوم بها دليل، وبقياس لا يقوى على مقاومة النص.

وفي الحديث دليل أنه صلى الله عليه وآله وسلم يقر على الخطأ، وقد نقل الاتفاق عن الأصوليين أنه لا يقرّ فيما حكم فيه باجتهاده بناءً على جواز الخطأ في الأحكام.

وجمع بين اتفاقهم وما أفاده الحديث: بأن مرادهم أنه لا يقر فيما حكم فيه باجتهاده بناءً على جواز الخطأ عليه فيه، وذلك كقصة أسارى بدر والإذن للمتخلفين.

وأما الحكم الصادر عن الطريق التي فرضت كالحكم بالبينة أو يمين المحكوم عليه فإنه إذا كان مخالفاً للباطن لا يسمى الحكم به خطأ بل هو صحيح، لأنه على وفق ما وقع به التكليف من وجوب العمل بالشاهدين، وإن كانا شاهدي زور فالتقصير منهما.

أما الحاكم فلا حيلة له في ذلك ولا عتب عليه بسببه. بخلاف ما إذا أخطأ في الاجتهاد الذي وقع الحكم على وفقه، مثل أن يحكم بأن الشفعة مثلاً للجار وكان الحكم في ذلك في علم الله أنها لا تثبت إلا للخليط، فإنه إذ كان مخالفاً للحق الذي في علم الله فيثبت فيه الخطأ للمجتهد على من يقول الحق مع واحد وهذا هو الذي تقدم أنه إذا أخطأ كان له أجر.

واستدل بالحديث على أنه لا يحكم الحاكم بعلمه لأنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يمكنه اطلاعه على أعيان القضايا مفصلاً، كذا قاله ابن كثير في الإرشاد قلت: وفيه تأمل لأنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إنما أخبر أنه يحكم على نحو ما يسمع ولم ينفِ أنه يحكم بما علم، والتعليل بقوله: "فإنما أقطع له قطعة من النار" دال على أن ذلك في حكمه بما يسمع، فإذا حكم بما علمه فلا تجري فيه العلة.

------------------------------------------

وعنْ أَبي مريم الأزديِّ رضي الله عنه عنِ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "منْ ولاه الله شيئاً من أَمور المسلمين فاحتجب عن حاجتهم وفقيرهمْ احتجب الله دونَ حاجتهِ" أخرجه أبو داودَ والترمذيُّ.

(وعن أبي مريم الأزدي رضي الله عنه) هو صحابي اسمه عمرو بن مرة الجهني روى عنه ابن عمه أبو الشماخ وأبو المعطل وغيرهما (عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "من ولاهُ الله شيئاً من أَمور المسلمين فاحتجب عن حاجتهم وفقيرهم احْتجب الله دونَ حاجته". أخرجه أبو داود والترمذي).

ولفظه عند الترمذي: "ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته" وأخرجه الحاكم عن أبي مخيمرة عن أبي مريم وله قصة مع معاوية. وذلك أنه قال لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من ولاه الله ــــ الحديث" فجعل معاوية رجلاً على حوائج المسلمين. ورواه أحمد من حديث معاذ بلفظ "من ولي من أمور المسلمين شيئاً فاحتجب عن أولي الضعف والحاجة احتجب الله تعالى عنه يوم القيامة" ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس بلفظ "أيما أمير احتجب عن الناس فأهملهم احتجب الله تعالى عنه يوم القيامة" وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في هذا الحديث منكر.

وأخرج الطبراني برجال ثقات إلا شيخه ــــ فإنه قال المنذري: لم يقف فيه على جرح ولا تعديل ــــ من حديث أبي جحيفة أنه قال لمعاوية: سمعت من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حديثاً أحببت أن أضعه عندك مخافة أن لا تلقاني: سمعت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقول: "يا أيها الناس من ولي منكم عملا فحجب بابه عن ذي حاجة للمسلمين حجبه الله أن يلج باب الجنة، ومن كانت همته الدنيا حرّم الله عليه جواري فإني بعثت بخراب الدنيا ولم أبعث بعمارتها".

والحديث دليل على أنه يجب على من ولي أمراً من أمور عباد الله أن لا يحتجب عنهم، أن يسهل الحجاب، ليصل إليه ذو الحاجة من فقير وغيره، وقوله: "احتجب الله عنه" كناية عن منعه له من فضله وعطائه ورحمته.

---------------------------------------

أبي هُريرة رضي الله عنهُ قال: "لعن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم الرَّاشي والمرتشي في الحكم" رواهُ أَحمد والأربعة وحسّنهُ الترمذي وصحّحه ابنُ حِبّان.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"لعن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم الراشي والمُرْتشي) في النهاية: الراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل. والمرتشي الآخذ (في الحكم" رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان).


وزاد أحمد "والرائش هو الذي يمشي بينهما" وهو السفير بين الدافع والآخذ، وإن لم يأخذ على سفارته أجراً، فإن أخذ فهو أبلغ.
ولهُّ شاهدٌ منْ حديث عبد الله بن عمرو عِنْدَ الأربعةِ إلا النسائي.
إلا أنه لم يذكر فيه لفظ "في الحكم" وكذا في رواية أبي داود لم يذكرها إنما زادها في رواية الترمذي.

والرشوة حرام بالإجماع سواء كانت للقاضي أو للعامل على الصدقة أو لغيرهما. وقد قال تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون}( البقره 188 ) وحاصل ما يأخذه القضاة من الأموال على أربعة أقسام رشوة وهدية وأجرة ورزق.

فالأول: الرشوة

إن كانت ليحكم له الحاكم بغير حق؛ فهي حرام على الآخذ والمعطي، وإن كانت ليحكم له بالحق على غريمه فهي حرام على الحاكم دون المعطي، لأنها لاستيفاء حقه، فهي كجعل الآبق وأجرة الوكالة على الخصومة، وقيل: تحرم لأنها توقع الحاكم في الإثم.

وأما الهدية، وهي الثاني:

فإن كانت ممن يهاديه قبل الولاية فلا تحرم استدامتها، وإن كان لا يهدى إليه إلا بعد الولاية فإن كانت ممن لا خصومة بينه وبين أحد عنده جازت وكرهت، وإن كانت ممن بينه وبين غريمه خصومة عنده فهي حرام على الحاكم والمهدي. ويأتي فيه ما سلف في الرشوة على باطل أو حق.

وأما الأجرة وهي الثالث:

فإن كان للحاكم جراية من بيت المال ورزق حرمت بالاتفاق، لأنه إنما أجري له الرزق لأجل الاشتغال بالحكم، فلا وجه للأجرة، وإن كان لا جراية له من بيت المال جاز له أخذ الأجرة على قدر عمله ــــ غير حاكم ــــ فإن أخذ أكثر مما يستحقه حرم عليه، لأنه إنما يعطى الأجرة لكونه عمل عملا لا لأجل كونه حاكماً؛ فأخذه لما زاد على أجرة مثله غير حاكم إنما أخذها لا في مقابلة شيء بل في مقابلة كونه حاكماً ولا يستحق لأجل كونه حاكماً شيئاً من أموال الناس اتفاقاً، فأجرة العمل أجرة مثله، فأخذ الزيادة على أجرة مثله حرام، ولذا قيل: إن تولية القضاء لمن كان غنياً أولى من تولية من كان فقيراً.

وذلك لأنه لفقره يصير متعرّضاً لتناول ما لا يجوز له تناوله إذا لم يكن له رزق من بيت المال.
قال المصنف: لم ندرك في زماننا هذا من يطلب القضاء إلا وهو مصرح بأنه لم يطلبه إلا لاحتياجه إلى ما يقوم بأوده، مع العلم بأنه لا يحصل له شيء من بيت المال ا هــــ.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-12, 02:30 PM   #8
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الثاني :

باب الشهادات

الشهادة: مصدر شهد ــــ جمع لإرادة الأنواع،

قال الجوهري: الشهادة خبر قاطع، والشاهد حامل الشهادة ومؤديها لأنه مشاهد لما غاب عن غيره.

وقيل: مأخوذة من الإعلام من قوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} ( ال عمران 18 ) أي علم.


عن زيد بن خالد الجهنيِّ رضي اللّهُ عَنْهُ أنَّ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "ألا أُخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بالشهادة قبْل أنْ يُسأَلها" رواه مسلمٌ.


دل على أن خير الشهداء من يأتي بالشهادة لمن هي له قبل أن يسأله، إلا أنه يعارضه الحديث الثاني وهو حديث عمران وفيه "ثم يكون قوم يشهدون ولا يستشهدون" في سياق الذم لهم.

ولما تعارضا اختلف العلماء في الجمع بينهما على ثلاثة أوجه.

الأول:

أن المراد بحديث زيد إذا كان عند الشاهد شهادة بحق لا يعلم بها صاحب الحق، فيأتي إليه فيخبره بها، أو يموت صاحبها فيخلف ورثة فيأتي إليهم فيخبرهم بأنه عنده لهم شهادة، وهذا أحسن الأجوبة وهو جواب يحيــــى بن سعيد شيخ مالك.

الثاني:

أن المراد بها شهادة الحسبة، وهي ما لا تتعلق بحقوق الآدميين المختصة بهم محضاً، ويدخل في الحسبة ما يتعلق بحق الله تعالى أو ما فيه شائبة منه كالصلاة والوقف والوصية العامة ونحوها. وحديث عمران المراد به الشهادة في حقوق الآدميين المحضة.

الثالث:

أن المراد بقوله "أن يأتي بالشهادة قبل أن يسألها": المبالغة في الإجابة، فيكون لقوّة استعداده كالذي أتى بها قبل أن يسألها، كما يقال في حق الجواد إنه ليعطي قبل الطلب.

وهذه الأجوبة مبنية على أن الشهادة لا تؤدى قبل أن يطلبها صاحب الحق.
ومنهم من أجاز ذلك عملاً برواية زيد وتأول حديث عمران بأحد تأويلات:

الأول:

أنه محمول على شهادة الزور؛ أي يؤدون شهادة لم يسبق لهم بها علم، حكاه الترمذي عن بعض أهل العلم.

الثاني:

أن المراد إتيانه بالشهادة بلفظ الحلف نحو أشهد بالله ما كان إلا كذا، وهذا جواب الطحاوي.

الثالث:

أن المراد به الشهادة على ما لا يعلم مما سيكون من الأمور المستقبلة، فيشهد على قوم بأنهم من أهل النار وعلى قوم بأنهم من أهل الجنة من غير دليل، كما يصنع ذلك أهل الأهواء؛ حكاه الخطابي. والأول أحسنها.


-------------------------------

وَعَنْ أَبي بكرةَ رضي اللّهُ عَنْهُ "عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أَنّه عَدَّ شهادة الزُّور في أكبر الكبائر" مُتّفقٌ عَليْهِ في حديثٍ طويلٍ.

في حديث ولفظه: أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ــــ ثلاثاً ــــ؟" قالوا: بلى،
قال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين". وجلس وكان متكئاً ثم قال: "ألا وقول الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.

تقدم تفسير شهادة الزور،

قال الثعلبي: الزور تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل إلى من سمعه أو رآه بخلاف ما هو به، فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق،

وقد جعل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قول الزور عديلاً للإشراك ومساوياً له.

قال النووي: وليس على ظاهره المتبادر وذلك لأن الشرك أكبر بلا شك، وكذلك القتل فلا بدّ من تأويله،

وذلك بأن التفضيل لها بالنظر إلى ما يناظرها في المفسدة، وهي التسبب في أكل المال بالباطل فهي أكبر الكبائر بالنسبة إلى الكبائر التي يتسبب بها إلى أكل المال بالباطل فهي أكبر من الزنا ومن السرقة

وإنما اهتم صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بإخبارهم عن شهادة الزور،، وجلس وأتى بحرف التنبيه وكرر الإخبار لكون قول الزور وشهادة الزور أسهل على اللسان، والتهاون بها أكثر، ولأن الحوامل عليه كثيرة من العداوة والحسد وغيرها،

فاحتيج إلى الاهتمام بشأنه بخلاف الإشراك، فإنه ينبو عنه قلب المسلم، ولأنه لا تتعدّى مفسدته إلى غير المشرك، بخلاف قول الزور فإنه يتعدّى إلى من قيل فيه، والعقوق يصرف عنه كرم الطبع والمروءة.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-12, 02:32 PM   #9
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

الثالث :

الدعاوى والبينات


"الدعاوى" جمع دعوى.

وهي اسم مصدر من ادّعى شيئاً إذا زعم أن له حقاً أو باطلاً.

"والبينات" جمع بينة وهي الحجة الواضحة، سميت الحجة بينة لوضوح الحق وظهوره بها.


عن ابن عباس رضي اللّهُ عنهُما أنَّ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "لو يُعطى النّاسُ بدَعْواهم لادَّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأَموالهم، ولكن اليمينُ على المدَّعى عليه" مُتّفقٌ عَليَهِ، وللبيهقي بإسناد صحيح "البيِّنةُ على المدَّعِي واليمين على مَنْ أَنكَرَ".


(عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: "لَوْ يُعطَى الناسُ بدعواهم لادعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالهمْ ولكن اليمين على المدعى عليه" متفق عليه وللبيهقي) أي من حديث ابن عباس (بإسناد صحيح: "البينةُ على المدعي واليمين على منْ أنكر").


وفي الباب عن ابن عمر عند ابن حبان، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عند الترمذي.

والحديث دال على أنه لا يقبل قول أحد فيما يدعيه لمجرد دعواه، بل يحتاج إلى البينة أو تصديق المدّعى عليه، فإن طلب يمين المدّعى عليه فله ذلك، وإلى هذا ذهب سلف الأمّة وخلفها.

قال العلماء: والحكمة في كون البينة على المدّعي أن جانب المدعي ضعيف، لأنه يدّعي خلاف الظاهر، فكلف الحجة القوية وهي البينة فيقوى بها ضعف المدّعي، وجانب المدعى عليه قوي لأن الأصل فراغ ذمّته فاكتفي منه باليمين، وهي حجة ضعيفة.


-----------------------

وعنْ أبي أُمامةَ الحارثي رضي الله عنْهُ أنَّ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "من اقتطعَ حَقَّ امْرىءٍ مُسلمٍ بيمينه فَقدْ أَوْجب الله لَهُ النار وحرَّمَ عليه الجنّة" فقالَ لهُ رجلٌ: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول اللّهِ؟ قال: "وإن كان قضيباً من أراك" رواه مُسلمٌ.

الحديث دليل على شدّة الوعيد لمن حلف ليأخذ حقاً لغيره أو يسقط عن نفسه حقاً، فإنه يدخل تحت الاقتطاع لحق المسلم، والتعبير بحق المرء المسلم يدخل فيه ما ليس بمال شرعاً، كجلد الميتة ونحوه.

وذكر المسلم خرج مخرج الغالب، وإلا فالذمي مثله في هذا الحكم،

قيل: ويحتمل أن هذه العقوبة تختص بمن اقتطع بيمينه حق المسلم لا حق الذمي وإن كان محرماً فله عقوبة أخرى، وإيجاب النار وتحريم الجنة مقيد بما إذا لم يتب ويتخلص من الحق الذي أخذه باطلاً، ثم المراد باليمين: اليمين الفاجرة وإن كانت مطلقة في الحديث


-------------------------

وَعَنْ جابرٍ رضي اللّهُ عنْهُ أَنَّ رسولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "مَنْ حلفَ على منْبري هذا بيمين آثمة تبوَّأَ مقعده من النار" رواهُ أحمدُ وأبو داودَ والنسائي وصحّحهُ ابنُ حِبّان.
وأخرجه النسائي برجال ثقات من حديث أبي أمامة مرفوعاً "من حلف عند منبري هذا بيمين كاذبة يستحل بها مال امرىءٍ مسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً".

والحديث دليل على عظمة إثم من حلف على منبره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كاذباً.

واختلف العلماء في تغليظ الحلف بالمكان والزمان هل يجوز للحاكم أو لا؟ والحديث لا دليل فيه على أحد القولين إنما فيه عظمة إثم من حلف على منبره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كاذباً.

وذهب الهادوية والحنفية والحنابلة: إلى أنه لا تغليظ بزمان ولا مكان وأنه لا يجب على الحالف الإجابة إلى ذلك.

وذهب الجمهور: إلى أنه يجب التغليظ في الزمان والمكان قالوا: ففي المدينة على المنبر، وفي مكة بين الركن والمقام، وفي غيرهما في المسجد الجامع، وكأنهم يقولون في الزمان ينظر إلى الأوقات الفاضلة كبعد العصر وليلة الجمعة ويومها ونحو ذلك.


احتج الأولون بإطلاق أحاديث "اليمين على المدعى عليه" وبقوله: "شاهداك أو يمينه".
واحتج الجمهور بحديث جابر وحديث أبي أمامة وبفعل عمر وعثمان وابن عباس وغيرهم من السلف. واستدلوا للتغليظ بالزمان بقوله تعالى: {تحبسونها من بعد الصلاة} ( المائده 106 ) قال المفسرون: هي صلاة العصر.

وقال آخرون: يستحب التغليظ في الزمان والمكان ولا يجب. وقيل: هو موضع اجتهاد للحاكم إذا رآه حسناً ألزم به.


---------------------


وعن أَبي هريرة رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ثلاثة لا يُكلمهم اللّهُ يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهمْ ولهمْ عذابٌ أَليمٌ: رجُلٌ على فَضْل ماءٍ بالفلاةِ يمْنَعُهُ من ابن السّبيل، وَرَجُلٌ بايعَ رَجُلاً بسلعةٍ بعْد العصر فحَلف له بالله لأخذَها بكذا وكذا فَصَدقَهُ وَهُوَ على غير ذلكَ، ورجُلٌ بايعَ إماماً لا يُبايعُهُ إلا للدنيا فإن أَعْطاه منها وفّى، وإن لمْ يُعْطِهِ مِنْها لمْ يَفِ" مُتّفقٌ عليهِ.


(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: "ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم) هذا كناية عن غضبه تعالى وإشارة إلى حرمانهم من رحمته (ولا يزكيهم) أي لا يطهرهم عن أدناس الذنوب بالمغفرة (وله عذابٌ أَليمٌ: رجلٌ على فضل ماءٍ بالفلاة يمنعُهُ من ابن السّبيل، ورجلٌ بايع رجلاً بسلعة بعدَ العصر فحلف لهُ بالله لأخَذَهَا بكذا وكذا، فصَدَّقَهُ، وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إماماً لا يبايعهُ إلا للدنْيا فإن أَعطاهُ مِنْها وفى وإن لمْ يُعْطِهِ منها لمْ يَفِ" متفق عليه).


قوله: "على فضل ماء" أي على ماء فاضل عن كفايته، فهذا منع ما لا حاجة إليه من هو محتاج له، وتقدم الكلام عليه في كتاب البيع. وقوله "وصدقه" أي المشتري وضمير "هو" للأخذ مصدر قوله لأخذها لدلالة فعله عليه مثل {اعدلوا هو أقرب للتقوى} ( المائده 8 ) أي والأخذ على غير ما حلف عليه فهذا ارتكب أمرين عظيمين الحلف بالله والكذب في قيمة السلعة. وخص بعد العصر لشرف الوقت، وهو من أدلة من غلظ بالزمان.

وقوله: "بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا" أي لما يعطيه منها. والوعيد يحتمل أنه لمجموع ما ذكر من المبايعة لأجل الدنيا، فإنها نية غير صالحة، ولعدم الوفاء بالخروج عن الطاعة وتفريق الجماعة.

والأصل في بيعة الإمام أن يقصد بها إقامة الشريعة ويعمل بالحق، ويقيم ما أمر الله بإقامته، ويهدم ما أمر الله بهدمه.

ووقع في البخاري "ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم" فيكون من توعد بهذا النوع من الوعيد أربع.

وفي مسلم مثل حديث أبي هريرة قال: "وشيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر" وأخرج أيضاً من حديث أبي ذرّ مرفوعاً "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا منّة، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره" فحصل من مجموع الأحاديث تسع خصال إن جعلنا المنفق سلعته بالحلف الكاذب والذي حلف بعد العصر لقد أعطي كذا وكذا: شيئاً واحداً، وإن جعلناهما شيئين كما هو الظاهر، فإن المنفق سلعته بالكذب أعم من الذي يحلف لقد أعطي ــــ فتكون عشراً.
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-12, 02:33 PM   #10
حياة بنت عبد السلام
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 24-12-2011
المشاركات: 12
حياة بنت عبد السلام is on a distinguished road
افتراضي

دعواتكم للاخوات الذين بذلوا الجهد

والسلام مسك الختام
حياة بنت عبد السلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتب رائعة وثمينة و مفيدة جدا أم الخطاب78 مكتبة طالبة العلم المقروءة 8 10-08-15 09:11 PM
الدليل إلى المتون العلمية أمةالله المتون العلمية 58 17-01-08 10:11 PM
بلوغ المرام فى أدلة الأحكام @@ كتاب الصلاة الجزء الأول @@ للشيخ محمد المنجد @@ هام فرشى التراب مكتبة طالبة العلم الصوتية 0 26-12-06 09:37 PM


الساعة الآن 03:13 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .