العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . معهد العلوم الشرعية . ~ . > ๑¤๑ أقسام معهد العلوم الشرعية الدراسية ๑¤๑ > || المستوى الأول || > حلية طالب العلم > أرشيف الفصول السابقة

الملاحظات


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-11-09, 12:02 PM   #1
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي تفريغات للحلية //للـــفائــدة//


||| حلية طالب العلم } ~
للشيخ : بكر أبو زيد
بشرح الشيخ : محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


||| المقدمة } ~
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد

.. [ فقد قرر شيخنا محمد بن صالح العثيمين قراءة كتاب حلية طالب العلم لفضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد وذلك أواخر شهر رجب لعام 1415هـ ] ..

بسم الله الرحمن الرحيم تعليقا على هذه المقدمة ، نحن قررنا هذا بعد مشاورتكم واقتراحاتكم وذلك لأن:
طالب العلم إذا لم يتحل بالأخلاق الفاضلة فإن طلبه للعلم لا فائدة فيه، لابد أن الانسان كلما علم شيئا من الفضائل أو من العبادات أن يقوم به فإن لم يفعل فهو والجاهل سواء بل الجاهل أحسن حالا منه؛ لأن هذا ترك الفضل عن عمد بخلاف الجاهل، ولأن الجاهل ربما ينتفع إذا علم بخلاف من علم ولم ينتفع، فلهذا أحثُّ نفسي وإياكم على التحلي بالأخلاق الفاضلة والصبر والمصابرة والعفو والإحسان بقدر المستطاع. هذا بقطع النظر عن الوصية الكبرى وهي الوصية بتقوى الله عزوجل التي قال الله تعالى فيها ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله).

أما مؤلفُ هذه الحلية فهو أخونا الشيخ : بكر أبو زيد وهو من أكابر العلماء ومن المعروفين بالحزم والضبط والنزاهة لأنه تولى مناصب كثيرة وكلُّ عملهِ فيها يدل على أنه أهلٌ لما تولاه وهو الآن مع لجنة الفتوى التي يرأسها سماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز بالرياض ومع هيئة كبار العلماء فنسأل الله لنا وله التوفيق، ثم إن كلامه في غالب كتبه كلام يدل على تضلعه في اللغة العربية ولهذا يأتي احيانا بألفاظ تحتاج إلى مراجعة مراجعة قواميس اللغة، والذي يظهر انه لا يتكلف ذلك لأن الكلام سلس ومستقيم وهذا يدل على ان الله تعالى اعطاه غريزةً في اللغة العربية لم ينلها كثير من العلماء في وقتنا حتى إنك تكاد تقول إن هذه الفصول كمقامات الحريري ومقامات الحريري معروفة لأكثركم مقامات جيدة وفيها مواعظ وفيها كثير من الكلمات اللغوية التي يستفيد الإنسان منها.




»◦ [ بسم الله الرحمن الرحيم ..
҉ المقدمة ҉

الحمدلله وبعد فأقيِّد معالم هذه الحلية المباركة عام 1408هـ والمسلمون ولله الحمد يعايشون يقظةً علمية تتهلل لها سبحات الوجوه ولا تزال تُنَشِّطُ متقدمةً إلى الترقي والنضوج في أفئدة شباب الامة مجدها ودمها المجددَ لحياتها إذ نرى الكتائب الشبابية تترى يتقلبون في اعطاف العلم مثقلين بحمله يعُلُّون منه وينهلون فلديهم من الطموح والجامعية والاطلاع المدهش والغوص على مكنوناتِ المسائل ما يفرح به المسلمون نصرا فسبحان من يحيي ويميتُ قلوبا، لكن.. لابد لهذه النواة المباركة من الصقل والتعهد في مساراتها كافة نشرا للضمانات التي تكف عنها العثار والتعثر في مثاني الطلب والعمل من تموجاتٍ فكرية وعقدية وسلوكيةٍ وطائفيةٍ وحزبية ..] »◦



||| الــشــــــــرح }~

هذا ماقاله صحيح فإنه في الآونة الأخيرة حصل ولله الحمد من الشباب المحافظ واسعة في شتى المجالات لكنها تحتاج إلى ضمانات وكوابح تضمن بقاء هذه النهضة وهذا الطموح لأن- كل شيء إذا زاد عن حده فإنه سوف يرجع إلى جذره – إذا لم يضبط ويكبح فإنه يكون دمارًا وربما يكون دمارا في المجتمع وربما يكون دمارًا حتى على صاحبه في قلبه، أرأيتم الخوارج عندهم من الإيمان بمحبة كون المسلمين على الحق مالا يوجد في غيرهم لكن هذا قد زاد حتى كفروا المسلمين وأئمة المسلمين وخرجوا عليهم فصاروا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميَّة ) فأنت اضبط قلبك إذا رأيت أنه سوف ينفر بعيدًا وسوف يسلك مسلكًا صعبًا فعليكَ ان تردَّه وأن تعرف ان المقصود إقامة دين الله لا الانتصار للغيرة وثورة النفس، ومعلومٌ انه إذا كان هذا هو المقصود(أعني الانتصار لدين الله) فإن الإنسان سوف يسلك أقرب الطرق إلى حصول هذا المقصود ولو بالمهادنة إذا دعت الحاجة إلى ذلك



»◦[ وقد جعلتُ طوع أيديهم رسالة في التعالم تكشف المندسين بينهم خشية أن يُرْدُوهُم ويضيعوا عليهم امرهم ويبعثروا مسيرتهم في الطلبُ فيَستلوهم وهم لا يشعرون واليوم أخوك يشُّد عضدك ويأخذ بيدك ..] »◦



-فإن الآن هذا الكتاب بعد كتاب التعلم –



»◦[ واليوم أخوك يشُّد عضدك وياخذ بيدك فأجعل طوع بنانك رسالةً تحمل الصفة الكاشفة لحليتك فها أنذا أجعل سن القلم على القرطاس فاتلو ما أرقُمُ لك أنعم الله بكَ عينا..... التحلي بمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق والهدي الحسن والسمت الصالح سمة أهل الإسلام وان العلم وهو أثمن درة في تاج الشرع..] »◦



||| الـشــــــرح } ~

الآن الشيخ بكر يقول – اليوم اخوك يشد عضدك وياخذ بيدك فأجعل طوعَ – فيها التفات من اين؟ من الغيبة إلى الحضور هذا ليس معتادًا عند العلماء في مؤلفاتهم العلمية لكن كما قلنا أولا أن الشيخ يعتمد على البلاغات اللغوية ومعلومٌ أن الانتقال في الأسلوب من غيبة إلى خطاب او من خطاب إلى غيبة أو من مفرد إلى جمع حيث صحَّ الجمع من المعلوم ان هذا سوف يوجب الانتباه لأن الانسان إذا كان يسوغ أسلوب معين مستمرًا عليه انساغت نفسه لكن إذا جاء شيءٌ يغير الأسلوب سوف يتوقف وينتبه ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ) فقال أخذ الله هذا *غيب* وبعثنا *حضور* .

»◦[ وان العلم وهو أثمن درةٍ في تاجِ الشرع المطهر لا يصل إليه إلا المتحلي بآدابه المتخلي بآفاته ولهذا عنون العلماء عنه بالبحث والتنبيه..] »◦



-المتحلي المتخلي فيها جناس ناقص لاختلاف بعض الحروف لكن مع ذلك الشيخ رأى هذا –



»◦[ ولهذا عنون العلماء بالبحث والتنبيه وأفردوها بالتأليف إما على وجه العموم لكافة العلوم أو على وجه الخصوص كآداب حملة القرءان الكريم وآداب المحدِّث وآداب المفتي وآداب القاضي وآداب المحتسب وهكذا . والشأن هنا في الآداب العامة لمن يسلك طريق التعلم الشرعي وقد كان العلماء السابقون يلقنون الطلاب في حلق ... ] »◦


||| الــشـــــــرح }~


أن من يسلك طريق التعلم الشرعي ويشمل أيضا لمن يسلك طريق التعليم الآداب هنا للمتعلم وللمعلم حتى المتعلم له آداب يجب أن يعتني بها

»◦[ وقد كان العلماء السابقون يلقنون الطلاب في حلق العلم آداب الطلب وأدركت خبر آخر العقد في ذلك في بعض حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف إذ كان بعض المدرسين فيه يدرس طلابه كتاب *الزرنوجي* المتوفى سنة 593هـ رحمه الله تعالى المسمى * تعليم المتعلم طريق التعلُّم * فعسى أن يصل أهل العلم هذا الحبل الوثيق الهادي لأقوم طريق فيدرج تدريس هذه المادةِ في فواتح دروس المساجد وفي مواد الدراسة النظامية وأرجو أن يكون هذا التقييد فاتحة خيرٍ في التنبيه على إحياء هذه المادة التي تهذب الطالب وتسلك به الجادة في آداب الطلب وحمل العلم وأدبه مع نفسه، ومع مدرسه، ودرسه، وزميله، وكتابه، وثمرةِ علمه، وهكذا في مراحل حياته . فإليك حلية تحوي مجموعة آداب نواقضها مجموعة آفات فإذا فات أدبٌ منها اقترف المفرط آفةً من آفاته فمُقلٌّ ومستكثر وكما ان هذه الآداب درجات صاعدةٌ إلى السنة فالوجوب فنواقضها دركات هابطة إلى الكراهة فالتحريم..] »◦


||| الــشــــــرح } ~

وذكرالآداب وضدها إن كانت مسنونة يكون ضدها مكروهه وإن كانت واجبة فضدها محرم، ولكن هذا ليس على الإطلاق يعني ليس من ترك كل مسنون فهو مكروه وإلا لقلنا أن كل من ترك سنة في الصلاة يكون قد فعل مكروهًا لكن إذا ترك أدبًا من الآداب الواجبة فإنه يكون فاعلا محرمًا في نفس ذلك الأدب فقط لأنه يكون قد ترك فيه واجبًا وكذلك إذا كان مسنونًا وتركه فينظر إذ تضمن تركه إساءة أدب مع المعلم او مع زملائه فهذا يكون مكروها لا لأنه تركه ولكن لزم منه إساءةُ الأدب والحاصل أنه لا يستقيم ان نقول كل من ترك مسنونا فقد وقع في مكروه أو كل من ترك واجبا فقد وقع في محرم يعني على سبيل الاطلاق بل يقيدها.


»◦[ ومنها مايشمل عموم الخلق من كلِّ مكلَّف ومنها مايختصُّ به طالب العلم ومنها مايدركُ بضرورة الشرع ومنها مايعرف بالطبع ويدل عليه عموم الشرع من الحمل على محاسن الآداب ومكارم الأخلاق ولمئام الاستيفاء لكنَّ سياقتها تجري على ضرب سبيل المثال قاصدًا الدلالة على المهمات فإذا وافَقَت نفسًا صالحةً لها تناولت هذا القليل فكثرته وهذا المجمل ففصلته ومن اخذ بها انتفع ونفع وهي بدورها ماخوذةٌ من أدب من بارك الله في علمهم وصاروا أئمةً يهتدى بهم جمعنا الله بهم في جنته آمين ] »◦






بكرُ بن عبد الله أبو زيد
في اليوم 5 من الشهر 8عام 1408هـ

شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
قديم 10-11-09, 12:02 PM   #2
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
c1 مقرر الاختبار الأول في حلية طالب العلم

حلية طالب العلم

السبت : الشريط الأول

الوجه الأول
محتوى الشريط :
- التعليق على مقدمة الحلية ... الى الفصل الاول" آداب الطالب في نفسه"

- العلم : منزلته ، وبما يكون الاخلاص في طلبه.
- محبة النبي (صلى الله عليه وسلم) وبيان اثرها في تطبيق هديه .

تحميل المادة


الوجه الثاني:
محتوى الشريط
- آداب الطالب في نفسه


تحميل المادة الصوتية

الأحــد : الشريط الثاني







الوجه الأول :

محتوى الشريط
-تابع اداب الطالب في نفسه

- ادب التحلي بالمروءة
- الزهد والورع : اثرهم وبيان الفرق بينهما.
- كيف يتحلى طالب العلم برونقه.


تحميل المادة الصوتية






الوجه الثاني :

محتوى الشريط
- تابع اداب الطالب في نفسه

- ادب الاعراض عن مجالس اللغو
- المروءة: مقتضياتها وبيان الضابط فيها.
- كيف يتعفف طالب العلم عن الترفه ومسالكها


تحميل المادة الصوتية



الاثنين: جزء من الشريط الثالث (إلى الدقيقة 28)


الوجه الأول:

محتوى الشريط
- تابع اداب الطالب في نفسه

- الهيشات : تعريفها وكيف يعرض طالب العلم عنها .
- كيف يتحلى الطالب بالرفق والتأمل والثبات والتثبت؟


تحميل المادة الصوتية



الخميس: الاختبار الأول


التفريـــــــغ:


بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد

.. [ فقد قرر شيخنا محمد بن صالح العثيمين قراءة كتاب حلية طالب العلم لفضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد وذلك أواخر شهر رجب لعام 1415هـ ] ..

بسم الله الرحمن الرحيم تعليقا على هذه المقدمة ، نحن قررنا هذا بعد مشاورتكم واقتراحاتكم وذلك لأن:
طالب العلم إذا لم يتحل بالأخلاق الفاضلة فإن طلبه للعلم لا فائدة فيه، لابد أن الانسان كلما علم شيئا من الفضائل أو من العبادات أن يقوم به فإن لم يفعل فهو والجاهل سواء بل الجاهل أحسن حالا منه؛ لأن هذا ترك الفضل عن عمد بخلاف الجاهل، ولأن الجاهل ربما ينتفع إذا علم بخلاف من علم ولم ينتفع، فلهذا أحثُّ نفسي وإياكم على التحلي بالأخلاق الفاضلة والصبر والمصابرة والعفو والإحسان بقدر المستطاع. هذا بقطع النظر عن الوصية الكبرى وهي الوصية بتقوى الله عزوجل التي قال الله تعالى فيها ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله).

أما مؤلفُ هذه الحلية فهو أخونا الشيخ : بكر أبو زيد وهو من أكابر العلماء ومن المعروفين بالحزم والضبط والنزاهة لأنه تولى مناصب كثيرة وكلُّ عملهِ فيها يدل على أنه أهلٌ لما تولاه وهو الآن مع لجنة الفتوى التي يرأسها سماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز بالرياض ومع هيئة كبار العلماء فنسأل الله لنا وله التوفيق، ثم إن كلامه في غالب كتبه كلام يدل على تضلعه في اللغة العربية ولهذا يأتي احيانا بألفاظ تحتاج إلى مراجعة مراجعة قواميس اللغة، والذي يظهر انه لا يتكلف ذلك لأن الكلام سلس ومستقيم وهذا يدل على ان الله تعالى اعطاه غريزةً في اللغة العربية لم ينلها كثير من العلماء في وقتنا حتى إنك تكاد تقول إن هذه الفصول كمقامات الحريري ومقامات الحريري معروفة لأكثركم مقامات جيدة وفيها مواعظ وفيها كثير من الكلمات اللغوية التي يستفيد الإنسان منها.





»◦ [ بسم الله الرحمن الرحيم ..
҉ المقدمة ҉

الحمدلله وبعد فأقيِّد معالم هذه الحلية المباركة عام 1408هـ والمسلمون ولله الحمد يعايشون يقظةً علمية تتهلل لها سبحات الوجوه ولا تزال تُنَشِّطُ متقدمةً إلى الترقي والنضوج في أفئدة شباب الامة مجدها ودمها المجددَ لحياتها إذ نرى الكتائب الشبابية تترى يتقلبون في اعطاف العلم مثقلين بحمله يعُلُّون منه وينهلون فلديهم من الطموح والجامعية والاطلاع المدهش والغوص على مكنوناتِ المسائل ما يفرح به المسلمون نصرا فسبحان من يحيي ويميتُ قلوبا، لكن.. لابد لهذه النواة المباركة من الصقل والتعهد في مساراتها كافة نشرا للضمانات التي تكف عنها العثار والتعثر في مثاني الطلب والعمل من تموجاتٍ فكرية وعقدية وسلوكيةٍ وطائفيةٍ وحزبية ..] »◦



||| الــشــــــــرح }~

هذا ماقاله صحيح فإنه في الآونة الأخيرة حصل ولله الحمد من الشباب المحافظ واسعة في شتى المجالات لكنها تحتاج إلى ضمانات وكوابح تضمن بقاء هذه النهضة وهذا الطموح لأن- كل شيء إذا زاد عن حده فإنه سوف يرجع إلى جذره – إذا لم يضبط ويكبح فإنه يكون دمارًا وربما يكون دمارا في المجتمع وربما يكون دمارًا حتى على صاحبه في قلبه، أرأيتم الخوارج عندهم من الإيمان بمحبة كون المسلمين على الحق مالا يوجد في غيرهم لكن هذا قد زاد حتى كفروا المسلمين وأئمة المسلمين وخرجوا عليهم فصاروا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميَّة ) فأنت اضبط قلبك إذا رأيت أنه سوف ينفر بعيدًا وسوف يسلك مسلكًا صعبًا فعليكَ ان تردَّه وأن تعرف ان المقصود إقامة دين الله لا الانتصار للغيرة وثورة النفس، ومعلومٌ انه إذا كان هذا هو المقصود(أعني الانتصار لدين الله) فإن الإنسان سوف يسلك أقرب الطرق إلى حصول هذا المقصود ولو بالمهادنة إذا دعت الحاجة إلى ذلك




»◦[ وقد جعلتُ طوع أيديهم رسالة في التعالم تكشف المندسين بينهم خشية أن يُرْدُوهُم ويضيعوا عليهم امرهم ويبعثروا مسيرتهم في الطلبُ فيَستلوهم وهم لا يشعرون واليوم أخوك يشُّد عضدك ويأخذ بيدك ..] »◦



-فإن الآن هذا الكتاب بعد كتاب التعلم –



»◦[ واليوم أخوك يشُّد عضدك وياخذ بيدك فأجعل طوع بنانك رسالةً تحمل الصفة الكاشفة لحليتك فها أنذا أجعل سن القلم على القرطاس فاتلو ما أرقُمُ لك أنعم الله بكَ عينا..... التحلي بمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق والهدي الحسن والسمت الصالح سمة أهل الإسلام وان العلم وهو أثمن درة في تاج الشرع..] »◦



||| الـشــــــرح } ~

الآن الشيخ بكر يقول – اليوم اخوك يشد عضدك وياخذ بيدك فأجعل طوعَ – فيها التفات من اين؟ من الغيبة إلى الحضور هذا ليس معتادًا عند العلماء في مؤلفاتهم العلمية لكن كما قلنا أولا أن الشيخ يعتمد على البلاغات اللغوية ومعلومٌ أن الانتقال في الأسلوب من غيبة إلى خطاب او من خطاب إلى غيبة أو من مفرد إلى جمع حيث صحَّ الجمع من المعلوم ان هذا سوف يوجب الانتباه لأن الانسان إذا كان يسوغ أسلوب معين مستمرًا عليه انساغت نفسه لكن إذا جاء شيءٌ يغير الأسلوب سوف يتوقف وينتبه ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ) فقال أخذ الله هذا *غيب* وبعثنا *حضور* .

»◦[ وان العلم وهو أثمن درةٍ في تاجِ الشرع المطهر لا يصل إليه إلا المتحلي بآدابه المتخلي بآفاته ولهذا عنون العلماء عنه بالبحث والتنبيه..] »◦



-المتحلي المتخلي فيها جناس ناقص لاختلاف بعض الحروف لكن مع ذلك الشيخ رأى هذا –



»◦[ ولهذا عنون العلماء بالبحث والتنبيه وأفردوها بالتأليف إما على وجه العموم لكافة العلوم أو على وجه الخصوص كآداب حملة القرءان الكريم وآداب المحدِّث وآداب المفتي وآداب القاضي وآداب المحتسب وهكذا . والشأن هنا في الآداب العامة لمن يسلك طريق التعلم الشرعي وقد كان العلماء السابقون يلقنون الطلاب في حلق ... ] »◦


||| الــشـــــــرح }~

إن من يسلك طريق التعلم الشرعي ويشمل أيضا لمن يسلك طريق التعليم الآداب هنا للمتعلم وللمعلم حتى المتعلم له آداب يجب أن يعتني بها

»◦[ وقد كان العلماء السابقون يلقنون الطلاب في حلق العلم آداب الطلب وأدركت خبر آخر العقد في ذلك في بعض حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف إذ كان بعض المدرسين فيه يدرس طلابه كتاب *الزرنوجي* المتوفى سنة 593هـ رحمه الله تعالى المسمى * تعليم المتعلم طريق التعلُّم * فعسى أن يصل أهل العلم هذا الحبل الوثيق الهادي لأقوم طريق فيدرج تدريس هذه المادةِ في فواتح دروس المساجد وفي مواد الدراسة النظامية وأرجو أن يكون هذا التقييد فاتحة خيرٍ في التنبيه على إحياء هذه المادة التي تهذب الطالب وتسلك به الجادة في آداب الطلب وحمل العلم وأدبه مع نفسه، ومع مدرسه، ودرسه، وزميله، وكتابه، وثمرةِ علمه، وهكذا في مراحل حياته . فإليك حلية تحوي مجموعة آداب نواقضها مجموعة آفات فإذا فات أدبٌ منها اقترف المفرط آفةً من آفاته فمُقلٌّ ومستكثر وكما ان هذه الآداب درجات صاعدةٌ إلى السنة فالوجوب فنواقضها دركات هابطة إلى الكراهة فالتحريم..] »◦


||| الــشــــــرح } ~

وذكرالآداب وضدها إن كانت مسنونة يكون ضدها مكروهه وإن كانت واجبة فضدها محرم، ولكن هذا ليس على الإطلاق يعني ليس من ترك كل مسنون فهو مكروه وإلا لقلنا أن كل من ترك سنة في الصلاة يكون قد فعل مكروهًا لكن إذا ترك أدبًا من الآداب الواجبة فإنه يكون فاعلا محرمًا في نفس ذلك الأدب فقط لأنه يكون قد ترك فيه واجبًا وكذلك إذا كان مسنونًا وتركه فينظر إذ تضمن تركه إساءة أدب مع المعلم او مع زملائه فهذا يكون مكروها لا لأنه تركه ولكن لزم منه إساءةُ الأدب والحاصل أنه لا يستقيم ان نقول كل من ترك مسنونا فقد وقع في مكروه أو كل من ترك واجبا فقد وقع في محرم يعني على سبيل الاطلاق بل يقيدها.



»◦[ ومنها مايشمل عموم الخلق من كلِّ مكلَّف ومنها مايختصُّ به طالب العلم ومنها مايدركُ بضرورة الشرع ومنها مايعرف بالطبع ويدل عليه عموم الشرع من الحمل على محاسن الآداب ومكارم الأخلاق ولمئام الاستيفاء لكنَّ سياقتها تجري على ضرب سبيل المثال قاصدًا الدلالة على المهمات فإذا وافَقَت نفسًا صالحةً لها تناولت هذا القليل فكثرته وهذا المجمل ففصلته ومن اخذ بها انتفع ونفع وهي بدورها ماخوذةٌ من أدب من بارك الله في علمهم وصاروا أئمةً يهتدى بهم جمعنا الله بهم في جنته آمين] »◦






بكرُ بن عبد الله أبو زيد
في اليوم 5 من الشهر 8عام 1408هـ

شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
قديم 10-11-09, 01:23 PM   #3
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي الشريط الأول من حلية طالب العلم ..


الفصل الأول


Ξ҉Ξ آداب الطالب في نفسه Ξ҉Ξ
أولا: العلمُ عبادة : أصل الأصولِ في هذه الحلية بل ولكل أمر مطلوبٍ علمكَ بأن العلم عبادة، قال بعض العلماء: العلمُ صلاةُ السر وعبادة القلب وعليه فإن شرط العبادة ...


,, ҉ [ الشــــــرح ] ҉ ,,
نعم العلم عبادة لاشك بل هو من أجل العبادات وأفضل العبادات حتى إن الله تعالى جعله في كتابه قسيمًا للجهاد في سبيل الله الجهاد المسلَّح فقال جل وعلا ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) ليتفقهوا يعني بذلك الطائفة القاعدة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم ينذرون، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( من يرد الله به خيرًا يفقههُ في الدين ) فإذا رزقك الله الفقه في دينك والفقه هنا يعنى به العلم بالشرع فيدخل في علم العقائد والتوحيد وغير ذلك فإذا رأيت أن الله من عليك بهذا فاستبشر خيرًا لأن الله تعالى أراد بك خيرًا، وقال الإمام أحمد ( العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته ) قالوا وكيف تصلح النية يا أبا عبد الله؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره.



,, [[ ... وعليه فإن شرط العبادة أولا: إخلاص النية لله سبحانه وتعالى لقوله ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) الآية . وفي حديث الفرد المشهور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الأعمال بالنيات.. ) الحديث ، فإن فقد العلم إخلاص النية انتقل من أفضل الطاعات إلى أحط المخالفات ولا شيء يحطمُ العلم مثل الرياء ، رياء الشرك أو رياء إخلاص ومثل التسميع بأن يقول مسمعًا علمتُ وحفظت وعليه فالتزم التخلص من كل ما يشوب نيتك في صدق الطلب..]] ,,



,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
كذلك إذا قال قائل : بم يكون الإخلاص في طلب العلم ؟
قلنا الإخلاص في طلب العلم يكون في أمور :
الأمر الأول : أن تنوي بذلك امتثال أمر الله لأن الله تعالى أمر بذلك قال: ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) وحث سبحانه وتعالى على العلم والحث على الشيء يسلتزم محبته والرضا به والأمر به .
ثانيًا : أن تنوي بذلك حفظ شريعة الله لأن حفظ شريعة الله يكون بالتعلم والحفظ بالصدور ويكون كذلك بالكتابة كتابة الكتب .
والثالث: أن تنوي بذلك حماية الشريعة والدفاع عنها لأنه لولا العلماء ما حميت الشريعة ولا دافع عنها أحد ولهذا نجد مثلا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم من أهل العلم الذين تصدَّوا لأهل البدع وبيَّنوا بطلان بدعهم نرى أنهم حصلوا على خير كثير .
والرابع: أن تنوي بذلك اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنك لا يمكن أن تتبع شريعته حتى تعلم هذه الشريعة .
هذه أمور أربعة كلها يتضمنها قولنا أنه يجب الإخلاص لله في طلب العلم .



,,[[ وعليه فالتزم التخلص من كل ما يشوب نيتك في صدق الطلب كحب الظهور والتفوق على الأقران وجعله سلمًا لأغراضٍ وأعراض من جاهٍ أو مالٍ أو تعظيم أو سمعة أو طلب محمدة أو صرف وجوه الناس إليك فإن هذه وأمثالها إذا شابت النية أفسدتها وذهبت بركة العلم ولهذا يتعين عليك أن تحمي نيتك من شوب الإرادة لغير الله تعالى بل وتحمي الحمى وللعلماء في هذا أقوال ..]] ,,



,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
هذا صحيح ، ما قاله من وجوب حماية النية من هذه المقاصد السيئة فهو صحيح ، ومن طلب علمًا وهو مما يبتغى به وجه الله لا يريد إلا أن ينال عرضا من الدنيا لم يجد رائحة الجنة نسأل الله العافية، ثم إن هذه المحمدة والجاه والتعظيم وانصراف وجوه الناس إليك ستجده إذا حصلت العلم حتى وإن كانت نيتك سليمة بل إذا كانت نيتك سليمة فهو أقرب إلى حصول هذا لك.
تحمي الحمى : تحمي النية وتحمي ما حولها .. حمى الشيء : ما حوله ، كما في الحديث : " ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه " .




,,[[ وللعلماءِ في هذا أقوالٌ ومواقفٌ بينتُ طرفًا منها في المبحث الأول من كتاب التعالم ويزادُ عليه نهي العلماء عن الطبوليات وهي المسائل التي يرادُ بها الشهرة ..]] ,,



,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
الطُّبوليات: المسائل التي يراد بها الشهرة ، لماذا سميت الطبوليات؟ لأنها مثل الطبل لها صوت ورنين فهذا إذا جاء في مسألة غريبة على الناس واشتهرت عنه كأنها صوت طبل فهذه يسمونها الطبوليات .
ولم أسمع بهذا لكن وجهها واضح.




,,[[ وقد قيل زلةُ العالمِ مضروبٌ لها الطبل، وعن سفيان رحمه الله تعالى أنه قال: كنتُ أوتيتُ فهم القرآن فلمَّا قبِلتُ الصُّرَّةَ سُلبتُه، فاستمسك رحمك الله تعالى بالعروة الوثقى العاصمة من هذه الشوائب ..]] ,,

,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,

هذا سفيان يقول كنت أوتيت فهم القرآن فلما قبلت الصرة سلبته، الصرة يعني من السلطان لما أعطاه سلب فهم القرآن وهؤلاء هم الذين يدركون الأمور ولهذا يتحرز السلف من عطايا السلطان ويقولون إنهم لا يعطوننا إلا ليشتروا ديننا بدنياهم فتجدهم لا يقبلونه ثم إن السلاطين فيما سبق قد تكون أموالهم مأخوذة من غير حلها فيتبرعون عنها أيضا من هذه الناحية ومن المعلوم أنه لا يجوز للعالم أن يقبل هدية السلطان إذا كان السلطان يريد أن تكون هذه العطية مطيةً له يركبها متى شاء بالنسبة لهذا العالم أما إذا كانت أموال السلطان نزيهة ولم يكن يقبل الهدية منه ليبيع دينه بها فقد قال النبي صلى اله عليه وعلى آله وسلم لعمر: " ماجاءك من هذا المال وأنت غير مشهد ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك "، وغرض سفيان رحمه الله تعالى من ذلك *التحذير* من هذا وتبكيت نفسه على ما صنع .




,,[[ فاستمسك رحمك الله تعالى بالعروة الوثقى العاصمة من هذه الشوائب بأن تكون مع بذل الجهد في الإخلاص شديد الخوف من نواقضه عظيم الافتقار والالتجاء إليه سبحانه ويؤثر عن سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله تعالى قوله ( ما عالجت شيئا أشد عليَّ من نيتي ) وعن عمر بن ذرٍّ أنه قال لوالده ..]] ,,

,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
وفي معنى ذلك ما أدري هل هو قول آخر أو نقل بالمعنى ، يقول: ( ما عالجت نفسي على شيءٍ أشد من معالجتها على الإخلاص ) وهذا بمعنى كلام سفيان لأن الإخلاص شديد ولهذا من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه فإنه يدخل الجنة وهو أسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .




,,[[ وعن عمر بن ذر أنه قال لوالده: يا أبي مالك إذا وعظت الناس أخذهم البكاء وإذا وعظهم غيرك لا يبكون ؟ فقال: يا بني ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة ..]] ,,

,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
الله أكبر هذا مثلٌ عظيم ، النائحة الثكلى يعني التي فقدت ولدها هذه تبكي بكاءً من القلب ، والنائحة المستأجرة ما يؤثر نوحها ولا بكاؤها لأنها تصطنع البكاء ، ولكن مثل هذا الكلام الذي يرد عن السلف يجب أن يحسن الظن بهم وأنهم لا يريدون بذلك مدح أنفسهم وإنما يريدون بذلك حث الناس على إخلاص النية والبعد عن الرياء وما أشبه ذلك وإلا لكان هذا تزكيةً للنفس واضحة والله عز وجل يقول ( لا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) لكن السلف رحمهم الله لعلمنا بمقامهم وإخلاصهم يجب أن نحمل ما ورد عنهم مما يحتمل هذا المعنى الفاسد أن نحمله على المعنى الصحيح .
( وفقك الله لرشدك آمين ,, )





,,[[ الشرط الثاني: الخصلة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة : محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيقها بتمحض المتابعة وقفو الأثر للمعصوم.. قال الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) وبالجملة فهذا أصل ..]] ,,

,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
لا شك أن المحبة لها أثر عظيم في الدفع والمنع إذ أن المحب يسعى غاية جهده في الوصول إلى المحبوب فيطلب ما يرضيه وما يقربه منه، ويسعى غاية جهده في اجتناب ما يكرهه محبوبه ويبتعد عنه ولهذا ذكر ابن القيم في *روضة المحبين* أن كل الحركات مبنية على المحبة كل حركات الإنسان وهذا صحيح


يتبع الوجه الثاني
شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
قديم 10-11-09, 01:23 PM   #4
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي الشريط الأول من حلية طالب العلم ..


الفصل الأول


Ξ҉Ξ آداب الطالب في نفسه Ξ҉Ξ
أولا: العلمُ عبادة : أصل الأصولِ في هذه الحلية بل ولكل أمر مطلوبٍ علمكَ بأن العلم عبادة، قال بعض العلماء: العلمُ صلاةُ السر وعبادة القلب وعليه فإن شرط العبادة ...


,, ҉ [ الشــــــرح ] ҉ ,,
نعم العلم عبادة لاشك بل هو من أجل العبادات وأفضل العبادات حتى إن الله تعالى جعله في كتابه قسيمًا للجهاد في سبيل الله الجهاد المسلَّح فقال جل وعلا ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) ليتفقهوا يعني بذلك الطائفة القاعدة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم ينذرون، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( من يرد الله به خيرًا يفقههُ في الدين ) فإذا رزقك الله الفقه في دينك والفقه هنا يعنى به العلم بالشرع فيدخل في علم العقائد والتوحيد وغير ذلك فإذا رأيت أن الله من عليك بهذا فاستبشر خيرًا لأن الله تعالى أراد بك خيرًا، وقال الإمام أحمد ( العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته ) قالوا وكيف تصلح النية يا أبا عبد الله؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره.



,, [[ ... وعليه فإن شرط العبادة أولا: إخلاص النية لله سبحانه وتعالى لقوله ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) الآية . وفي حديث الفرد المشهور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الأعمال بالنيات.. ) الحديث ، فإن فقد العلم إخلاص النية انتقل من أفضل الطاعات إلى أحط المخالفات ولا شيء يحطمُ العلم مثل الرياء ، رياء الشرك أو رياء إخلاص ومثل التسميع بأن يقول مسمعًا علمتُ وحفظت وعليه فالتزم التخلص من كل ما يشوب نيتك في صدق الطلب..]] ,,



,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
كذلك إذا قال قائل : بم يكون الإخلاص في طلب العلم ؟
قلنا الإخلاص في طلب العلم يكون في أمور :
الأمر الأول : أن تنوي بذلك امتثال أمر الله لأن الله تعالى أمر بذلك قال: ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) وحث سبحانه وتعالى على العلم والحث على الشيء يسلتزم محبته والرضا به والأمر به .
ثانيًا : أن تنوي بذلك حفظ شريعة الله لأن حفظ شريعة الله يكون بالتعلم والحفظ بالصدور ويكون كذلك بالكتابة كتابة الكتب .
والثالث: أن تنوي بذلك حماية الشريعة والدفاع عنها لأنه لولا العلماء ما حميت الشريعة ولا دافع عنها أحد ولهذا نجد مثلا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم من أهل العلم الذين تصدَّوا لأهل البدع وبيَّنوا بطلان بدعهم نرى أنهم حصلوا على خير كثير .
والرابع: أن تنوي بذلك اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنك لا يمكن أن تتبع شريعته حتى تعلم هذه الشريعة .
هذه أمور أربعة كلها يتضمنها قولنا أنه يجب الإخلاص لله في طلب العلم .



,,[[ وعليه فالتزم التخلص من كل ما يشوب نيتك في صدق الطلب كحب الظهور والتفوق على الأقران وجعله سلمًا لأغراضٍ وأعراض من جاهٍ أو مالٍ أو تعظيم أو سمعة أو طلب محمدة أو صرف وجوه الناس إليك فإن هذه وأمثالها إذا شابت النية أفسدتها وذهبت بركة العلم ولهذا يتعين عليك أن تحمي نيتك من شوب الإرادة لغير الله تعالى بل وتحمي الحمى وللعلماء في هذا أقوال ..]] ,,



,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
هذا صحيح ، ما قاله من وجوب حماية النية من هذه المقاصد السيئة فهو صحيح ، ومن طلب علمًا وهو مما يبتغى به وجه الله لا يريد إلا أن ينال عرضا من الدنيا لم يجد رائحة الجنة نسأل الله العافية، ثم إن هذه المحمدة والجاه والتعظيم وانصراف وجوه الناس إليك ستجده إذا حصلت العلم حتى وإن كانت نيتك سليمة بل إذا كانت نيتك سليمة فهو أقرب إلى حصول هذا لك.
تحمي الحمى : تحمي النية وتحمي ما حولها .. حمى الشيء : ما حوله ، كما في الحديث : " ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه " .




,,[[ وللعلماءِ في هذا أقوالٌ ومواقفٌ بينتُ طرفًا منها في المبحث الأول من كتاب التعالم ويزادُ عليه نهي العلماء عن الطبوليات وهي المسائل التي يرادُ بها الشهرة ..]] ,,



,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
الطُّبوليات: المسائل التي يراد بها الشهرة ، لماذا سميت الطبوليات؟ لأنها مثل الطبل لها صوت ورنين فهذا إذا جاء في مسألة غريبة على الناس واشتهرت عنه كأنها صوت طبل فهذه يسمونها الطبوليات .
ولم أسمع بهذا لكن وجهها واضح.




,,[[ وقد قيل زلةُ العالمِ مضروبٌ لها الطبل، وعن سفيان رحمه الله تعالى أنه قال: كنتُ أوتيتُ فهم القرآن فلمَّا قبِلتُ الصُّرَّةَ سُلبتُه، فاستمسك رحمك الله تعالى بالعروة الوثقى العاصمة من هذه الشوائب ..]] ,,

,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,

هذا سفيان يقول كنت أوتيت فهم القرآن فلما قبلت الصرة سلبته، الصرة يعني من السلطان لما أعطاه سلب فهم القرآن وهؤلاء هم الذين يدركون الأمور ولهذا يتحرز السلف من عطايا السلطان ويقولون إنهم لا يعطوننا إلا ليشتروا ديننا بدنياهم فتجدهم لا يقبلونه ثم إن السلاطين فيما سبق قد تكون أموالهم مأخوذة من غير حلها فيتبرعون عنها أيضا من هذه الناحية ومن المعلوم أنه لا يجوز للعالم أن يقبل هدية السلطان إذا كان السلطان يريد أن تكون هذه العطية مطيةً له يركبها متى شاء بالنسبة لهذا العالم أما إذا كانت أموال السلطان نزيهة ولم يكن يقبل الهدية منه ليبيع دينه بها فقد قال النبي صلى اله عليه وعلى آله وسلم لعمر: " ماجاءك من هذا المال وأنت غير مشهد ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك "، وغرض سفيان رحمه الله تعالى من ذلك *التحذير* من هذا وتبكيت نفسه على ما صنع .




,,[[ فاستمسك رحمك الله تعالى بالعروة الوثقى العاصمة من هذه الشوائب بأن تكون مع بذل الجهد في الإخلاص شديد الخوف من نواقضه عظيم الافتقار والالتجاء إليه سبحانه ويؤثر عن سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله تعالى قوله ( ما عالجت شيئا أشد عليَّ من نيتي ) وعن عمر بن ذرٍّ أنه قال لوالده ..]] ,,

,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
وفي معنى ذلك ما أدري هل هو قول آخر أو نقل بالمعنى ، يقول: ( ما عالجت نفسي على شيءٍ أشد من معالجتها على الإخلاص ) وهذا بمعنى كلام سفيان لأن الإخلاص شديد ولهذا من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه فإنه يدخل الجنة وهو أسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .




,,[[ وعن عمر بن ذر أنه قال لوالده: يا أبي مالك إذا وعظت الناس أخذهم البكاء وإذا وعظهم غيرك لا يبكون ؟ فقال: يا بني ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة ..]] ,,

,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
الله أكبر هذا مثلٌ عظيم ، النائحة الثكلى يعني التي فقدت ولدها هذه تبكي بكاءً من القلب ، والنائحة المستأجرة ما يؤثر نوحها ولا بكاؤها لأنها تصطنع البكاء ، ولكن مثل هذا الكلام الذي يرد عن السلف يجب أن يحسن الظن بهم وأنهم لا يريدون بذلك مدح أنفسهم وإنما يريدون بذلك حث الناس على إخلاص النية والبعد عن الرياء وما أشبه ذلك وإلا لكان هذا تزكيةً للنفس واضحة والله عز وجل يقول ( لا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) لكن السلف رحمهم الله لعلمنا بمقامهم وإخلاصهم يجب أن نحمل ما ورد عنهم مما يحتمل هذا المعنى الفاسد أن نحمله على المعنى الصحيح .
( وفقك الله لرشدك آمين ,, )





,,[[ الشرط الثاني: الخصلة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة : محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيقها بتمحض المتابعة وقفو الأثر للمعصوم.. قال الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) وبالجملة فهذا أصل ..]] ,,

,, ҉[ الشــــــرح ] ҉ ,,
لا شك أن المحبة لها أثر عظيم في الدفع والمنع إذ أن المحب يسعى غاية جهده في الوصول إلى المحبوب فيطلب ما يرضيه وما يقربه منه، ويسعى غاية جهده في اجتناب ما يكرهه محبوبه ويبتعد عنه ولهذا ذكر ابن القيم في *روضة المحبين* أن كل الحركات مبنية على المحبة كل حركات الإنسان وهذا صحيح


يتبع الوجه الثاني
شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
قديم 10-11-09, 02:36 PM   #5
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

نــكــمل

..҉[[ الْخُصْلَةُ الْجامِعَةُ لِخَيْرَيْ الدُّنْيا وَالآخِرَة؛ (مَحَبَّةُ الله تَعالى وَمَحَبَّةُ رَسولِهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَتَحْقيقِها بِتَمَحضِ الْمُتابَعَةِ وَقُفُوِ الأَثَرِ لِلمْعصومِ.
قالَ الله تَعالى: " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" [ آل عمران: 31 ]] ҉..


الـــشـــرح


لا شك أن المحبة لها أثر عظيم في الدفع والمنع، إذ أن المُحب يسعى غاية جهده في الوصول إلى محبوبه، فيطلب ما يرضيه وما يقرِّبه منه، ويسعى غاية جهده لاجتناب م يبغضه محبوبه، ويبتعد عنه. ولهذا ذكر ابن القيم في (روضة المحبين): أن كل الحركات مبنية على المحبة، كل حركات الإنسان، وهذا صحيح لأن الإرادة لا تقع من شخص عاقل إلا لشيء يرجو نفعه أو يدفع ضرره، وكل إنسان يحب ما ينفعه، ويكره ما يضره، فالمحبة في الواقع هي القائد والسائق إلى الله عزوجل تقود الإنسان وتسوقه، وانظر إلى الذين كرهوا ما أنزل الله، كيفَ قال الله:
"ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّه فَأَحْبَطَ أَعْمَالهم"ْ[ محمد: 9]

صارت نتيجتهم الكفر، لأنهم كرهوا ما أنزل الله، فالمحبة كما قال الشيخ هي: الجامعة لخيري الدنيا والآخرة.
أما محبة الرسول عليه الصلاة والسلام فإنها تحملك على متابعته ظاهراً وباطناً لأن الحبيب يُقلِّد محبوبه حتى في أمور الدنيا، تجده مثلاً يقلده في اللباس.. في الكلام، حتى في الخط، نحن نذكر بعض الطلبة في زماننا كانوا يُقلِّدون الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في خطه، مع أن خطه- رحمه الله- ضعيف، ما تقدر تقرأه، لكن من شدة محبتهم له، فالإنسان كلما أحب شخصاً حاول أن يكون مثله في خصاله.
فإذا أحببت النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذه المحبة سوف تقودك إلى اتباعه صلوات الله وسلامه عليه.
ثم ذكر الآية التي يسميها علماء السلف آية المحنة، يعني الإمتحان، لأن قوماً ادَّعوا أنهم يحبون الله فقال الله تعالى:
"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي"[ آل عمران: 31]

أين الجواب؟ الجواب المتوقع: فاتبعوني تصْدُقوا في دعواكم، لأن الشرط والمشروط، إن كنتم تحبون الله فاتبعوني تصدقوا في دعواكم، لكن جاء الجواب: فاتبعوني يحببكم الله، إشارة إلى أن الشأن كل الشأن أن يحبك الله عزوجل، هذا هو الثمرة، وهو المقصود، لا أن تحب الله، لأن كل إنسان يدَّعي ذلك وربما يكون ظاهرك محبة الله، لكن في قلبك شيء، لا يقتضي أن الله يحبك، فتبقى غير حاصل على الثمرة.





..҉[[ وَبِالْجُمْلَةِ؛ فَهذا أَصْلٌ مِنْ هذِهِ (الْحِلْيَةِ) وَيَقَعان مِنْها مَوْقِعَ التّاجِ مِنَ الحُلَّةِ، فيا أَيُّها الطَّلاب! ها أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَرَبَّعْتُمِ للدَّرْسِ وَتَعَلَقْتُمْ بَأَنَفَسِ عِلْقٍ (طَلَبِ الْعِلْمِ)؛ فَأُوَصّيكُمْ وَنَفْسيَ بِتَقْوى الله تعَالى في السِّرِ وَالْعَلانِيَّةِ؛ فَهِيَ الْعُدَّة، وَهِيَ مَهْبِطَ الْفَضائلِ، وَمُتَنَزَّلِ الْمَحامِدَ، وَهيَ مَبْعَثُ القُوَّةِ، وَمِعْراجُ السُّمُو، والرّابِط الْوَثيق عَلى الْقُلوبِ عَنِ الْفِتَنِ، فَلا تُفَرِّطوا.]] ҉..


الـــشـــرح

صدق- رحمه الله وعفا عنه- ويدل على ذلك قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا"[ الأنفال: 29]

تفرِّقون به بين الحق والباطل، وبين الضار والنافع، وبين الطاعة والمعصية، وبين أولياء الله وأعداء الله.. إلى غير ذلك.
وتارة يحصل هذا الفرقان بوسيلة العلم، يفتح الله على الإنسان من العلوم، وييسر له تحصيلها أكثر ممن لا يتقي الله.
وتارة يحصل له هذا الفرقان بما يلقيه الله تعالى في قلبه من الفراسة.
قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن يكن فيكم محدثون فعمر)
فالله تعالى يجعل لمن اتقاه فراسة يتفرس بها. فتكون موافقةً للصواب.
فقوله تعالى: "يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا" يشمل الفرقان بوسائل العلم والتعلم، والفرقان بوسائل الفراسة والإلهام أن الله تعالى يُلهم الإنسان التقي ما لا يُلهم غيره، وربما يظهر لك هذا في مجراك في طلب العلم، تمر بك أيام تجد قلبك خاشعاً منيباً إلى الله، مقبلاً عليه، متقياً له، فيفتح الله عليك مفاتح ومعالم كثيرة، ويمر بك غفلة ينغلقُ قلبك، وكل هذا تحقيق لقول الله تبارك وتعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ"[ الأنفال: 29]

إذا غفر الله للعبد أيضاً فتح عليه أبواب المعرفة قال الله تعالى:"إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) واسْتَغْفِرِ اللهَ"[ النساء: 105- 106]

ولهذا قال بعض العلماء: ينبغي للإنسان إذا اسْتُفتي أن يقدِّم استغفار الله حتى يبين له الحق، لأن الله قال: " لِتَحْكُمَ"، ثم قال: " واسْتَغْفِرِ اللهَ".





..҉[[2- كُنْ عَلى جادَّة السَّلَفِ الصّالِحِ: كُنْ سَلَفِياً عَلى الجادَّة؛ طَريق السَّلَفِ الصّالِحِ مِنَ الصَّحابَةِ رَضِيَ الله عَنْهُمْ، فَمَنْ بَعْدِهِمْ مِمَّنْ قَفا أَثَرَهُمْ في جَميعِ أَبْوابِ الدّينِ؛ مِنَ التَّوْحيدِ، وَالْعِباداتِ، وَنَحْوِها، مُتَمَيِّزاً بِالتْزامِ آثارِ رَسولِ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْظيفِ السُّنَنِ عَلى نَفْسِكَ، وَتَرْكِ الْجِدالَ، وَالْمِراءَ، وَالْخَوْضِ في عِلْمِ الْكَلامِ، وَما يَجْلبُ الآثامَ، وَيَصُدُّ عَنِ الشَّرْعِ..]] ҉..




الـــشـــرح
هذا من أهم ما يكون، أن الانسان يكون على طريقة السلف الصالح في جميع أبواب الدين، من التوحيد والعبادات والمعاملات وغيرها.
كذلك أيضا يترك الجدال والمراء، لأن الجدال والمراء هو الباب الذي يقفل طريق الصواب، فإن الجدال والمراء يحمل المرء على أن يتكلم وينتصر لنفسه فقط، حتى لو بان له الحق تجده: إما أن ينكره، وإما أن يؤولِّه على وجه مستكره انتصاراً لنفسه وإرغاماً لخصمه على الأخذ بقوله.
فإذا رأيت من أخيك جدالاً ومراءً، بحيث يكون الحق واضحاً ولكنه لم يتبعه ففر منه فرارك من الأسد، وقل: ليس عندي إلا هذا، اتركه.
وكذلك الخوض في علم الكلام مضيعة للوقت، لأنه يخوض في أشياء من أوضح الأشياء. مرَّ عليَّ اليوم في دراسة بعض الطلبة، يقول: ما هو العقل؟


عرِّفه لي لغةً واصطلاحاً وعرفاً وشرعاً؟!!


هذا ماله تعريف، لكن علم الكلام أدخل علينا الأشياء هذه، يجد الواحد مرة: إيش العقل هذا؟ سبحان الله!!
الظاهر أن الذي يقعد يفكر في تعريف العقل صار مجنوناً لأن هذا أمر واضح ما يحتاج إلى تعريف، لكن هؤلاء – أهل الكلام- صَدّوا الناس عن الحق وعن المنهج السلفي البسيط بما يوردونه من الشبهات والتعريفات والحدود وغيرها.
وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في الرد على المنطقيين، يتبين لك الأمر، أو في (نقض المنطق) وهو مختصر وأوضح لطالب العلم، يتبين لك ما هم عليه من الضلال، ما الذي حمل علماء جهابذة على أن يسلكوا باب التأويل في باب الصفات؟! إلا علم الكلام.
لو كان كذا لكان كذا، لو كان مستوٍ على العرش حقيقة لزم أن يكون محدوداً لماذا؟ لأن العرش محدود!! لو كان يُرى لزم أن يكون في جهة، ولو كان في جهة لكان جسماً، وهلم جرَّى.. يعطونك من هذا الكلام الذي يضيعك، وهم يظنون أنهم يهدونك سواء السبيل.

فإذاً من المهم لطالب العلم أن يترك الجدال والمراء، وأن يترك ما يَرِدُ على ذهنه من الإيرادات، اترك هذه الأشياء، لا تتنطع، اجعل علمك سهلاً ميسِّراً.
يعني الأعرابي يأتي ببعيره يسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن مسائل الدين، ثم ينصرف بدون مشقة، لأنه ليس عنده إلا التسليم، أما المناقشات والمراء والجدال، فهذا يضر الإنسان، فالشيخ أبو بكر جزاه الله خيراً ألمح إلى هذا الأمر، وما يجلب الآثام ويصد عن الشرع.




..҉[[ قالَ الذَّهبِيِّ- رَحِمَهُ الله تَعالى- : ( وَصَحَّ عَنِ الداّرقُطْنِيّ أَنَّهُ قال ما شَيْءٌ أَبْغَضُ إلِيَّ مِنْ عِلْمِ الْكَلامِ. قْتُ: لَمْ يَدْخُلِ الرَّجُلَ أَبَداً في عِلْمِ الْكَلامِ وَلا الْجِدالِ، وَلا خاضَ في ذلك، بَلْ كانَ سَلَفِياً..]] ҉..

الـــشـــرح

يبغضه مع أنه لم يدخل فيه، لكن لما له من نتائج سيئة، وتطويل بلا فائدة وتشكيك لما هو متيقن، وإرباك للأفكار، وهجر للآثار، ولهذا ليس شيءٌ فيما أرى أضر على المسلمين في عقائدهم من علم الكلام والمنطق، وكثير من علماء الكلام الكبار أقَّروا في آخر حياتهم أنهم على دين العجائز، ورجعوا إلى الفطرة الأولى، لِما علموا من علم الكلام.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في (الفتوى الحموية): [ وأكثر من يُخاف عليه الضلال، هم المتوسطون من علماء الكلام، لأن من لم يدخل فيه فهو في عافية منه، ومن دخل فيه وبلغ غايته فقد عرف بطلانه وفساده ورجع].
وصدق رحمه الله، وهذا هو الذي يُخاف في كل علم، يُخاف من الأنصاف الذين ما عرفوا الطريق لأنهم لم يروا أنفسهم أنهم لم يدخلوا في العلم فيتركوه لغيرهم، ولم يبلغوا غاية العلم والرسوخ فيه فيَضلون ويُضلون.
لكن علم الكلام خطير لأنه يتعلق بذات الرب وصفاته ولأنه يبطل النصوص تماماً ويحكِّم العقل، ولهذا كان من قواعدهم: أن ما جاء في النصوص من صفات الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: قسم أقره العقل، فهذا نقره بدلالة العقل لا بدلالة السمع.
الثاني: قسم نفاه العقل، فيجب علينا نفيه دون تردد لأن العقل نفاه، ولكن عقل من ؟! قال الإمام مالك رحمه الله: ليت شعري بأي عقل تنكر الكتاب والسنة أو كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أخذنا بقوله وتركنا من أجله الكتاب والسنة هذا لا يمكن.
الثالث: قسم لم يرد العقل بنفيه ولا بإثباته، فمن قال: إن شرط الإثبات دلالة العقل، قال: يُرد، لأن العقل لم يثبته، ومن قال: إن من شرط قبوله أن لا يرده العقل، قال: إنه يُقبل، وأكثرهم يقول: إنه يُرد ولا يُقبل، لأن من شرط إثباته أن يدل عليه العقل.

وبعضهم يتوقف، قالوا: إذا لم يثبته العقل ولم ينفه، فالواجب علينا أن نتوقف وكل هذه قواعد ما أنزل الله بها من سلطان، ضلوا بها وأضلوا والعياذ بالله، وارتبكوا وشكُّوا وتحيَّروا، ولهذا أكثر الناس شكًّا عند الموت هم أهل الكلام، يترددون: هل الله جوهر أم عَرَض؟ هل هو قائم بنفسه أو بغيره؟ هل يفعل أم لا يفعل؟ هكذا.. عند الموت فيموت وهو شاكٌّ، نسأل الله السلامة والعافية.
لكن إذا كانت طريقته طريقة السلف الصالح، سهل عليه الأمر ولم يرد على قلبه شك ولا تشكيك ولا تردد.

شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
قديم 10-11-09, 02:36 PM   #6
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

نــكــمل

..҉[[ الْخُصْلَةُ الْجامِعَةُ لِخَيْرَيْ الدُّنْيا وَالآخِرَة؛ (مَحَبَّةُ الله تَعالى وَمَحَبَّةُ رَسولِهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَتَحْقيقِها بِتَمَحضِ الْمُتابَعَةِ وَقُفُوِ الأَثَرِ لِلمْعصومِ.
قالَ الله تَعالى: " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" [ آل عمران: 31 ]] ҉..


الـــشـــرح


لا شك أن المحبة لها أثر عظيم في الدفع والمنع، إذ أن المُحب يسعى غاية جهده في الوصول إلى محبوبه، فيطلب ما يرضيه وما يقرِّبه منه، ويسعى غاية جهده لاجتناب م يبغضه محبوبه، ويبتعد عنه. ولهذا ذكر ابن القيم في (روضة المحبين): أن كل الحركات مبنية على المحبة، كل حركات الإنسان، وهذا صحيح لأن الإرادة لا تقع من شخص عاقل إلا لشيء يرجو نفعه أو يدفع ضرره، وكل إنسان يحب ما ينفعه، ويكره ما يضره، فالمحبة في الواقع هي القائد والسائق إلى الله عزوجل تقود الإنسان وتسوقه، وانظر إلى الذين كرهوا ما أنزل الله، كيفَ قال الله:
"ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّه فَأَحْبَطَ أَعْمَالهم"ْ[ محمد: 9]

صارت نتيجتهم الكفر، لأنهم كرهوا ما أنزل الله، فالمحبة كما قال الشيخ هي: الجامعة لخيري الدنيا والآخرة.
أما محبة الرسول عليه الصلاة والسلام فإنها تحملك على متابعته ظاهراً وباطناً لأن الحبيب يُقلِّد محبوبه حتى في أمور الدنيا، تجده مثلاً يقلده في اللباس.. في الكلام، حتى في الخط، نحن نذكر بعض الطلبة في زماننا كانوا يُقلِّدون الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في خطه، مع أن خطه- رحمه الله- ضعيف، ما تقدر تقرأه، لكن من شدة محبتهم له، فالإنسان كلما أحب شخصاً حاول أن يكون مثله في خصاله.
فإذا أحببت النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذه المحبة سوف تقودك إلى اتباعه صلوات الله وسلامه عليه.
ثم ذكر الآية التي يسميها علماء السلف آية المحنة، يعني الإمتحان، لأن قوماً ادَّعوا أنهم يحبون الله فقال الله تعالى:
"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي"[ آل عمران: 31]

أين الجواب؟ الجواب المتوقع: فاتبعوني تصْدُقوا في دعواكم، لأن الشرط والمشروط، إن كنتم تحبون الله فاتبعوني تصدقوا في دعواكم، لكن جاء الجواب: فاتبعوني يحببكم الله، إشارة إلى أن الشأن كل الشأن أن يحبك الله عزوجل، هذا هو الثمرة، وهو المقصود، لا أن تحب الله، لأن كل إنسان يدَّعي ذلك وربما يكون ظاهرك محبة الله، لكن في قلبك شيء، لا يقتضي أن الله يحبك، فتبقى غير حاصل على الثمرة.





..҉[[ وَبِالْجُمْلَةِ؛ فَهذا أَصْلٌ مِنْ هذِهِ (الْحِلْيَةِ) وَيَقَعان مِنْها مَوْقِعَ التّاجِ مِنَ الحُلَّةِ، فيا أَيُّها الطَّلاب! ها أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَرَبَّعْتُمِ للدَّرْسِ وَتَعَلَقْتُمْ بَأَنَفَسِ عِلْقٍ (طَلَبِ الْعِلْمِ)؛ فَأُوَصّيكُمْ وَنَفْسيَ بِتَقْوى الله تعَالى في السِّرِ وَالْعَلانِيَّةِ؛ فَهِيَ الْعُدَّة، وَهِيَ مَهْبِطَ الْفَضائلِ، وَمُتَنَزَّلِ الْمَحامِدَ، وَهيَ مَبْعَثُ القُوَّةِ، وَمِعْراجُ السُّمُو، والرّابِط الْوَثيق عَلى الْقُلوبِ عَنِ الْفِتَنِ، فَلا تُفَرِّطوا.]] ҉..


الـــشـــرح

صدق- رحمه الله وعفا عنه- ويدل على ذلك قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا"[ الأنفال: 29]

تفرِّقون به بين الحق والباطل، وبين الضار والنافع، وبين الطاعة والمعصية، وبين أولياء الله وأعداء الله.. إلى غير ذلك.
وتارة يحصل هذا الفرقان بوسيلة العلم، يفتح الله على الإنسان من العلوم، وييسر له تحصيلها أكثر ممن لا يتقي الله.
وتارة يحصل له هذا الفرقان بما يلقيه الله تعالى في قلبه من الفراسة.
قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن يكن فيكم محدثون فعمر)
فالله تعالى يجعل لمن اتقاه فراسة يتفرس بها. فتكون موافقةً للصواب.
فقوله تعالى: "يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا" يشمل الفرقان بوسائل العلم والتعلم، والفرقان بوسائل الفراسة والإلهام أن الله تعالى يُلهم الإنسان التقي ما لا يُلهم غيره، وربما يظهر لك هذا في مجراك في طلب العلم، تمر بك أيام تجد قلبك خاشعاً منيباً إلى الله، مقبلاً عليه، متقياً له، فيفتح الله عليك مفاتح ومعالم كثيرة، ويمر بك غفلة ينغلقُ قلبك، وكل هذا تحقيق لقول الله تبارك وتعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ"[ الأنفال: 29]

إذا غفر الله للعبد أيضاً فتح عليه أبواب المعرفة قال الله تعالى:"إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) واسْتَغْفِرِ اللهَ"[ النساء: 105- 106]

ولهذا قال بعض العلماء: ينبغي للإنسان إذا اسْتُفتي أن يقدِّم استغفار الله حتى يبين له الحق، لأن الله قال: " لِتَحْكُمَ"، ثم قال: " واسْتَغْفِرِ اللهَ".





..҉[[2- كُنْ عَلى جادَّة السَّلَفِ الصّالِحِ: كُنْ سَلَفِياً عَلى الجادَّة؛ طَريق السَّلَفِ الصّالِحِ مِنَ الصَّحابَةِ رَضِيَ الله عَنْهُمْ، فَمَنْ بَعْدِهِمْ مِمَّنْ قَفا أَثَرَهُمْ في جَميعِ أَبْوابِ الدّينِ؛ مِنَ التَّوْحيدِ، وَالْعِباداتِ، وَنَحْوِها، مُتَمَيِّزاً بِالتْزامِ آثارِ رَسولِ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْظيفِ السُّنَنِ عَلى نَفْسِكَ، وَتَرْكِ الْجِدالَ، وَالْمِراءَ، وَالْخَوْضِ في عِلْمِ الْكَلامِ، وَما يَجْلبُ الآثامَ، وَيَصُدُّ عَنِ الشَّرْعِ..]] ҉..




الـــشـــرح
هذا من أهم ما يكون، أن الانسان يكون على طريقة السلف الصالح في جميع أبواب الدين، من التوحيد والعبادات والمعاملات وغيرها.
كذلك أيضا يترك الجدال والمراء، لأن الجدال والمراء هو الباب الذي يقفل طريق الصواب، فإن الجدال والمراء يحمل المرء على أن يتكلم وينتصر لنفسه فقط، حتى لو بان له الحق تجده: إما أن ينكره، وإما أن يؤولِّه على وجه مستكره انتصاراً لنفسه وإرغاماً لخصمه على الأخذ بقوله.
فإذا رأيت من أخيك جدالاً ومراءً، بحيث يكون الحق واضحاً ولكنه لم يتبعه ففر منه فرارك من الأسد، وقل: ليس عندي إلا هذا، اتركه.
وكذلك الخوض في علم الكلام مضيعة للوقت، لأنه يخوض في أشياء من أوضح الأشياء. مرَّ عليَّ اليوم في دراسة بعض الطلبة، يقول: ما هو العقل؟


عرِّفه لي لغةً واصطلاحاً وعرفاً وشرعاً؟!!


هذا ماله تعريف، لكن علم الكلام أدخل علينا الأشياء هذه، يجد الواحد مرة: إيش العقل هذا؟ سبحان الله!!
الظاهر أن الذي يقعد يفكر في تعريف العقل صار مجنوناً لأن هذا أمر واضح ما يحتاج إلى تعريف، لكن هؤلاء – أهل الكلام- صَدّوا الناس عن الحق وعن المنهج السلفي البسيط بما يوردونه من الشبهات والتعريفات والحدود وغيرها.
وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في الرد على المنطقيين، يتبين لك الأمر، أو في (نقض المنطق) وهو مختصر وأوضح لطالب العلم، يتبين لك ما هم عليه من الضلال، ما الذي حمل علماء جهابذة على أن يسلكوا باب التأويل في باب الصفات؟! إلا علم الكلام.
لو كان كذا لكان كذا، لو كان مستوٍ على العرش حقيقة لزم أن يكون محدوداً لماذا؟ لأن العرش محدود!! لو كان يُرى لزم أن يكون في جهة، ولو كان في جهة لكان جسماً، وهلم جرَّى.. يعطونك من هذا الكلام الذي يضيعك، وهم يظنون أنهم يهدونك سواء السبيل.

فإذاً من المهم لطالب العلم أن يترك الجدال والمراء، وأن يترك ما يَرِدُ على ذهنه من الإيرادات، اترك هذه الأشياء، لا تتنطع، اجعل علمك سهلاً ميسِّراً.
يعني الأعرابي يأتي ببعيره يسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن مسائل الدين، ثم ينصرف بدون مشقة، لأنه ليس عنده إلا التسليم، أما المناقشات والمراء والجدال، فهذا يضر الإنسان، فالشيخ أبو بكر جزاه الله خيراً ألمح إلى هذا الأمر، وما يجلب الآثام ويصد عن الشرع.




..҉[[ قالَ الذَّهبِيِّ- رَحِمَهُ الله تَعالى- : ( وَصَحَّ عَنِ الداّرقُطْنِيّ أَنَّهُ قال ما شَيْءٌ أَبْغَضُ إلِيَّ مِنْ عِلْمِ الْكَلامِ. قْتُ: لَمْ يَدْخُلِ الرَّجُلَ أَبَداً في عِلْمِ الْكَلامِ وَلا الْجِدالِ، وَلا خاضَ في ذلك، بَلْ كانَ سَلَفِياً..]] ҉..

الـــشـــرح

يبغضه مع أنه لم يدخل فيه، لكن لما له من نتائج سيئة، وتطويل بلا فائدة وتشكيك لما هو متيقن، وإرباك للأفكار، وهجر للآثار، ولهذا ليس شيءٌ فيما أرى أضر على المسلمين في عقائدهم من علم الكلام والمنطق، وكثير من علماء الكلام الكبار أقَّروا في آخر حياتهم أنهم على دين العجائز، ورجعوا إلى الفطرة الأولى، لِما علموا من علم الكلام.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في (الفتوى الحموية): [ وأكثر من يُخاف عليه الضلال، هم المتوسطون من علماء الكلام، لأن من لم يدخل فيه فهو في عافية منه، ومن دخل فيه وبلغ غايته فقد عرف بطلانه وفساده ورجع].
وصدق رحمه الله، وهذا هو الذي يُخاف في كل علم، يُخاف من الأنصاف الذين ما عرفوا الطريق لأنهم لم يروا أنفسهم أنهم لم يدخلوا في العلم فيتركوه لغيرهم، ولم يبلغوا غاية العلم والرسوخ فيه فيَضلون ويُضلون.
لكن علم الكلام خطير لأنه يتعلق بذات الرب وصفاته ولأنه يبطل النصوص تماماً ويحكِّم العقل، ولهذا كان من قواعدهم: أن ما جاء في النصوص من صفات الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: قسم أقره العقل، فهذا نقره بدلالة العقل لا بدلالة السمع.
الثاني: قسم نفاه العقل، فيجب علينا نفيه دون تردد لأن العقل نفاه، ولكن عقل من ؟! قال الإمام مالك رحمه الله: ليت شعري بأي عقل تنكر الكتاب والسنة أو كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أخذنا بقوله وتركنا من أجله الكتاب والسنة هذا لا يمكن.
الثالث: قسم لم يرد العقل بنفيه ولا بإثباته، فمن قال: إن شرط الإثبات دلالة العقل، قال: يُرد، لأن العقل لم يثبته، ومن قال: إن من شرط قبوله أن لا يرده العقل، قال: إنه يُقبل، وأكثرهم يقول: إنه يُرد ولا يُقبل، لأن من شرط إثباته أن يدل عليه العقل.

وبعضهم يتوقف، قالوا: إذا لم يثبته العقل ولم ينفه، فالواجب علينا أن نتوقف وكل هذه قواعد ما أنزل الله بها من سلطان، ضلوا بها وأضلوا والعياذ بالله، وارتبكوا وشكُّوا وتحيَّروا، ولهذا أكثر الناس شكًّا عند الموت هم أهل الكلام، يترددون: هل الله جوهر أم عَرَض؟ هل هو قائم بنفسه أو بغيره؟ هل يفعل أم لا يفعل؟ هكذا.. عند الموت فيموت وهو شاكٌّ، نسأل الله السلامة والعافية.
لكن إذا كانت طريقته طريقة السلف الصالح، سهل عليه الأمر ولم يرد على قلبه شك ولا تشكيك ولا تردد.

شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
قديم 10-11-09, 03:12 PM   #7
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي تآآآبع الوجه الثاني من الشريط الأول ..

*҉[[ وَهؤلاءِ هُمْ (أَهْلُ السُّنَةِ وَالْجَماعَةِ)، الْمُتَّبِعونَ آثارَ رَسولِ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ كَما قالَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابن تَيْمِيَّةِ – رَحِمَهُ الله تَعالى- : [ وَأَهْلُ السُّنَةِ: نَقاوَةُ الْمُسْلِمينَ، وَهُمْ خَيْرُ النّاسِ للنّاسِ]. فَالزَمِ السَّبيلَ." وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ "[ سورة الأنعام:153]] ҉*

||| الــشــــــــرح }~


اعلم أن من المتأخرين من قال: إن أهل السنة ينقسمون إلى قسمين: مفوِّضة ومؤوِّلة، وجعلوا الأشاعرة، والماتريدية، وأشباهمم من أهل السنة، وجعلوا المفوِّضة هم السلف، فأخطؤوا في فهم السلف وفي منهجهم، لأن السلف لا يفوضون المعنى إطلاقاً، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن القول بالتفويض من شر أقوال أهل البدع، والإلحاد)، واستدل بذلك بأننا إذا كنا لا ندري معاني ما أخبر الله به عن نفسه من أسماء وصفات، جاءنا الفلاسفة وقالوا: أنتم جهال، ونحن الذين عندنا العلم، ثم يتكلموا بما يريدون، وقالوا: إن المراد بالنص كذا وكذا، ومعلوم أن معنىً للنص خيرٌ من توقفٍ فيه وأنه ليس له معنىً.
فانتبهوا لهذا، لأن بعض الناس يرى أن أهل السنة والجماعة يدخل فيهم المتكلمون من الأشاعرة والماتريدية وغيرهم.


ثم يقول – من العجب العجاب- طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم.
سبحان الله !! وكيف تكون طريقة السلف أسلم وطريقة الهلف أعلم وأحكم؟ وهل يمكن أن تكون طريق أعلم وأحكم وليست أسلم؟ بل يلزم من كون طريقة السلف أعلم وأحكم أن تكون أسلم بلا شك، لأن شخصاً يقول: هذا النص له معنىً وأنا أؤمن به، أعلم بلا شك وأحكم من شخص يقول: لا أدري، فلا سلامة إلا بالعلم والحكمة، فهذا تناقض عظيم، ولهذا كان القول الصحيح في هذه العبارة: أن طريقة السلف أعلم وأسلم وأحكم.

ويلزم من كوننا نحث الطلبة على منهج السلف، يلزم من ذلك تحريضهم على معرفة منهج السلف، فنطالع الكتب المؤلفة في ذلك، كـ (سير أعلام النبلاء)، وغيرها حتى نعرف طريقهم، ونسلك هذا المنهج القويم.


*҉[[ 3- مُلازَمَةُ خَشْيَةِ الله تَعالى:
التَّحَلّي بِعِمارَةِ الظّاهِرِ وَالْباطِنِ بِخَشْيَةِ الله تَعالى؛ مُحافِظاً عَلى شَعائِر الإسْلامِ، وَإِظْهارِ السُّنَةِ وَنَشْرِها بِالْعَمَلِ بِها وَالدَّعْوَةِ إِلَيْها؛ دالاًّ عَلى الله بِعِلْمِكَ وَسَمْتِكَ وَعَمَلِكَ، مُتَحَلِياًّ بِالرُّجولَةِ، وَالْمُساهَلَةِ، وَالسَّمَتِ الصَالِحِ. وَمَلاكُ ذلكَ خَشْيَةُ الله تَعالى، وَلِهذا قالَ الإمامُ أَحْمَد – رَحِمَهُ الله تَعالى- : (أَصْلُ الْعِلْمِ خَشَيْةُ الله تَعالى) ]] ҉*



||| الــشــــــــرح }~



وهذا الذي قاله الإمام أحمد صحيح: أصل العلم خشية الله، وخشية الله هي الخوف المبني على العلم والتعظيم، ولهذا قال الله تعالى : "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"
[فاطر: 28]

فالإنسان إذا علم الله عزوجل حق العلم، وعرفه حق المعرفة، فلا بد أن يكون في قلبه خشية الله؛ لأنه إذا علم ذلك علم عن رب عظيم عن رب قوي عن رب قاهر عن رب عالم بما يسر ويخفي الإنسان، فتجده يقوم بطاعة الله عزَّ وجلَّ أتم قيام : "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ".
قال العلماء: والفرق بين الخشية والخوف: أن الخشية تكون من عظم المخشي، والخوف من ضعف الخائف، وإن لم يكن المخوف عظيماً، ولهذا يخاف الصبي من فتى أكبر منه قليلاً.
والحاصل: أن الخشية تكون من عظم المخشي، والخوف يكون من نقص الخائف،ولهذا بعض الناس يخاف من لاشيء لأنه رعديد يعني جبان ولهذا يضرب المثل بالرجل يخاف من ظلاله، ولكن قد يقال: خِفِ الله.
"فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"
[ آل عمران: 175]
وهنا في مقابلة فعل هؤلاء الذين يخافون من الناس.


*҉[[ فَالزَمْ خَشْيَةَ الله في السِّرِ والْعَلَنِ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْبَرِيَّةِ مَنْ يَخْشى الله تَعالى وَما يَخْشاهُ إِلاّ عالِمٍ، إِذَنْ فَخَيْرُ الْبَرِيَّةِ هُوَ الْعالِم، وَلا يَغِبْ عَنْ بالِكَ أَنَّ الْعاِلمَ لا يُعَدُّ عالِماً إِلاّ إِذا كانَ عامِلاً، وَلا يَعْمَلُ الْعالِمُ بِعِلْمِهِ إلا إِذا لَزِمَتْهُ خَشْيَةُ الله.
وَأَسْنَدَ الْخَطيبُ الْبَغْدادَيّ – رَحِمَهُ الله تَعالى- بِسَنَدٍ فيه لَطيفَةٍ إِسْنادِيَّةٍ بِرِوايَةِ آباءٍ تِسْعَة، فَقال: أَخْبَرَنا أَبو الْفَرَجْ عَبْدِ الوَّهاب بن عَبْدِ الْعَزيز بن الْحارِثِ بن أسَد بن اللَّيْثِ بنْ سُلَيْمان بن الأّسْوَدِ بن سُفْيانٍ بن زَيْدٍ ابْنِ أُكَيْنَةَ بن عَبْدِ الله التَّميمي من حفظه؛ قال: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أبِي يَقُول: سَمِعْتُ عَلِيّ بنْ أَبي طالِبٍ يَقول: (هَتَفَ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجابَهُ، وَإِلا ارْتَحَلْ)وَهذا اللَّفْظُ بِنَحْوِهِ مَرْوِيٌّ عَنْ سُفْيانِ الثَّوْرِيِّ رَحِمُه الله تَعالى- ]] ҉*



||| الــشــــــــرح }~


قوله: (لا يعد عالماً) يعني عالماً ربانياً، وأما كونه عالماً ضد الجاهل، فهذا يُقال، إن الذي ألف (المنجد) رجل نصراني وفيه من معرفة اللغة العربية الشيء الكثير، وإن كان فيه غلطات كثيرة وأشياء تؤخذ عليه من الناحية الدينية، لكن العالم الذي يعمل بعلمه هو الذي يصدق عليه أنه عالم رباني، لأنه يربي نفسه أولاً، ثم يربي غيره ثانياً.
(هتف العلم...) إذاً لابد من العمل بما علم، لأنه إذا لم يعمل بعلمه صار من أول ما تسعر بهم النار يوم القيامة.

وعالم بعلمه لم يعملاً معذبٌ من قبل عباد الوثن


هذه واحدة، إذا لم يعمل بعلمه، أورث الفشل في العلم وعدم البركة ونسيان العلم لقول الله تعالى:
"فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ"

[ المائدة: 13]

وهذا النسيان يشمل النسيان الذهني والعملي، قد يكون بمعنى ينسونه ذهنيًّاً، أو بمعنى ينسونه: يتركونه، لأن النسيان في اللغة العربية يُطلق بمعنى الترك.أما إذا عمل الإنسان بعلمه فإن الله تعالى يزيده هدىً .قال تعالى: "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى" [ محمد: 17]

ويزيده تقوى، ولهذا قال: "وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ" إذا عمل بعلمه ورثه الله تعالى علم مالم يعلم، ولهذا روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.
وتُروى هذه اللفظة: العلم يهتف بالعمل – يعني يدعوه- فإن أجابه وإلا ارتحل –أي العلم -، وهذا واضح لأنك إذا عملت بالعلم تذكرته كلما عملت.
وأضرب لكم مثلا برجل عرف صفة الصلاة من السنة وصار يعمل بها كلما صلى
هل ينسى ما علم؟ لا ينسى، لأنه تكرر، لكن لو ترك العمل به نسي، وهذا دليل محسوس على أن العمل بالعلم يوجب ثبات العلمولا ينساه.



*҉[[ 4- دَوامَ الْمُراقَبَةِ:
التَّحَلي بِدَوامِ الْمَراقَبَةِ لله تَعالى في السِّرِ وَالْعَلَنِ؛ سائِراً إِلى رَبِّكَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجاءِ، فَإِنَّهُما لِلْمُسْلِمِ كَالجناحَيْنِ لِلطَّائِرِ، فَأَقْبِلْ عَلى الله بِكُلِّيََتِكَ، وَليَمْتَلِئ قَلْبَكَ بِمَحَبَّتِهِ، وَلِسانَكَ بِذِكْرِهِ، وَالاسْتِبْشارِ وَالْفَرَحِ وَالسُّرورِ بِأَحْكامِهِ وَحِكَمهِ سُبْحانَهُ.]] ҉*



||| الــشــــــــرح }~


هذا من المهم؛ دوام المراقبة لله، وهذا من ثمرات الخشية أن الإنسان يكون مع الله دائماً يعبد الله كأنه يراه.
يقوم للصلاة فيتوضأ وكأنه ينفذ قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ"[ المائدة: 6]

يقوم يتوضأ وكأنه ينظر إلى رسول الله صلى اله عليه وسلم وهو يتوضأ، ويقول: (من توضأ نحو وضوئي هذا)، كمال المراقبة.. وهذا أمر مهم.

وقوله: (يكون سائراً بين الخوف والرجاء فإنهما للمسلم كالجناحين للطائر) هذا أحد الأقوال في هذه المسألة، وهي: هل الأولى للإنسان أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء؟ أو يغلِّب جانب الخوف؟ أو يغلِّب جانب الرجاء؟

الإمام أحمد رحمه الله يقول: ينبغي أن يكون خوفه ورجاه واحداً فأيهما غلب هلك صاحبه.
ومن العلماء من يفصٍّل ويقول: إذا هممت بطاعة فغلب جانب الرجاء، فإنك إذا فعلتها قبلها الله منك ورفعك بها درجات-من أجل أن تقوى -، وإذا هممت بمعصية فغلب جانب الخوف حتى لا تقع فيها، فعلى ذلك يكون التغليب لأحدهما بحسب حال الإنسان.


ومنهم من قال: بحسب الحال على وجه آخر، فقال: أما في المرض فيغلب جانب الرجاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه).

ولأنه إذا غلب في حالة المرض جانب الخوف فربما يدفعه ذلك إلى القنوط من رحمة الله، في حال الصحة يغلب جانب الخوف لأن الصحة مدعاة للفساد كما قال الشاعر الحكيم:

إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة

والذي أرى: أن الإنسان يجب أن يعامل حاله بما تقتضيه الحال، وأن أقرب الأقوال في ذلك: أنه إذا عمل خيراً فيغلب جانب الرجاء، وإذا همَّ بسيئة فليغلب جانب الخوف، هذا أحسن ما أراه في هذه المسألة الخطيرة العظيمة.
إذا قال قائل: تغليب جانب الرجاء هل يجب أن يكون مبنياً على سبب صالح للرجاء، أو يكون رجاء المفلسين، الإجابة: الأولى.
إنسان مثلاً يعصي الله دائماً وأبداً ويقول: رحمة الله واسعة، هذا غلط، لأن إحسان الظن بالله ورجاء الله لا بد أن يكون هناك سبباً ينبني عليه الرجاء وإحسان الظن، وإلا كان مجرد أمنية، والتمني كما يقول عامة أهل نجد: التمني رأس مال المفاليس- الي ماعندهم شيء-.



*҉[[ 5- خَفْضُ الْجَناحِ وَنَبْذُ الخُيَلاءِ وَالْكِبْرِياء:
تَحَلَّ بِآدابِ النَّفْسِ؛ مِنَ الْعَفافِ، وَالْحِلْمِ، وَالصَّبْرِ، وَالتَّواضُعِ لِلْحَقِّ، وَسُكونِ الْطائِرِ؛ مِنَ الْوَقارِ، وَالرَّزانَةِ، وَخَفْضِ الْجَناحِ، مُتَحَمِّلاً ذُلَّ التَّعَلُّمِ لِعَزَّةِ الْعِلْمِ، ذَليلاً لِلْحَقِّ. ]] ҉*




||| الــشــــــــرح }~

قوله: (تحلَّ بآداب النفس..) لأن المقام يقتضي هكذا أن يكون عند طالب العلم عفة عما في أيدي الناس، وعفة عما يتعلق بالنظر المحرم، وحلم لا يُعاجل بالعقوبة إذا أساء إليه أحد، وصبر على ما يحصل من الأذى مما يسمعه إما من عامة الناس وإما من أقرانه وإما من معلمه فليصبر وليحتسب، والتواضع للحق وكذلك للخلق، يتواضع للحق بمعنى: أنه متى بان له الحق خضع له ولم يبغ سواه بديلاً، وكذلك للخلق فكم من طالب فتح على معلمه أبواباً ليست على بالٍ منه، ولا تحقرنَّ شيئاً.
وقوله: (سكون الطائر، من الوقار..) هذه أيضاً ينبغي لطالب العلم أن يبتعد عن الخفة سواء في مشيته أو في معاملته للناس وألا يكثر من القهقهة التي تُميت القلب وتذهب الوقار، بل يكون خافضاً للجناح متحلياً بالآداب التي تليق بطالب العلم,

وقوله: (متحملاً ذل التعلم لعزة العلم) هذا جيد، يعني أنك لو أذللت نفسك للتعلم، فإنما تطلب عزَّ هذا العلم، فيكون تذليلها بالتعلم؛ لأنه ينتج ثمرة طيبة.



*҉[[ وَعَلَيْهِ؛ فَاحْذَرْ نَواقِضَ هذِهِ الآداب، فَإِنَّها مَعَ الإِثْمِ تُقيمُ عَلى نَفْسِكَ شاهِداً عَلى أَنَّ في الْعَقْلِ عِلَّةً، وَعَلى حِرْمانٍ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ، فَإِيّاكَ وَالْخُيَلاءِ؛ فَإِنَّهُ نِفاقٌ وَكِبْرِياءٌ، وَقَدْ بَلَغَ مِنْ شِدَّةِ التَّوَقّي مِنْهُ عِنْدَ السَّلَفِ مَبْلَغاً ]] ҉*



||| الــشــــــــرح }~

الخيلاء هذه تحدث للإنسان طالب العلم، وللإنسان كثير المال، وللإنسان سديد الرأي، وكذلك في كل نعمة أنعم الله بها على العبد، ربما يحدث له فيها خيلاء.
والخيلاء هي: إعجاب بالنفس مع ظهور ذلك على هيئة البدن، كما جاء في الحديث: (من جرَّ ثوبه خيلاء...)
فالإعجاب يكون بالقلب فقط. فإن ظهرت آثاره فهو خيلاء.

وقوله: (فإنه نفاق وكبرياء) أما كونه (كبرياء) فواضح، وأما كونه: (نفاق) فلأن الإنسان يُظهربمظهر أكبر من حجمه الحقيقي، وهكذا المنافق يظهر بمظهر المخلص المناصح وهو ليس كذلك.



*҉[[ وَمِنْ دَقيقِهِ ما أَسْنَدَهُ الذَّهْبِيِّ في تَرْجَمْةِ عَمْرو بن الأَسْوَدِ الْعَنْسِّي الْمُتَوَفّى في خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوان- رَحِمَهُ الله تَعالى- أَنَّهُ كانَ إِذا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ قَبَضَ بِيَمينِهِ عَلى شِمالِهِ، فَسَئُلِ عَنْ ذلكَ؟ فَقالَ: مَخافَةَ أَنْ تُنافِقَ يَدي.
قُلْتُ: يُمْسِكُها خَوْفاً مِنْ أَنْ يَخْطُرَ بِيَدِهِ في مَشْيِتهِ؛ فَإِنَّ ذلِكَ مِنَ الْخُيَلاءِ، وَهذا الْعارِضُ عَرض لِلْعَنْسِيِّ- َرحِمَهُ الله تَعالى-.
وَاحْذَرْ داءَ الْجَبابِرَةَ: (الْكِبر)؛ فَإِنَّ الْكِبْرَ وَالْحِرْصَ وَالْحَسَدَ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ الله بِهِ، فَتَطاوُلُكَ عَلى مُعَلِّمِكَ كِبْرِياء، وَاسْتِنْكافُكَ عَمَّنْ يُفيدُكَ مِمَّنْ هُوَ دونَكَ كِبْرِياء، وَتَقْصيرُكَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ حَمْأَةَ كِبرٍ، وَعُنْوانُ حِرْمانٍ.

الْعِلْمُ حَرْبٌ لِلْفَتِيِّ الْمُتَعالي كَالسَّيْلِ حَرْبٌ لِلْمَكانِ الْعالي ]] ҉*






شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
قديم 10-11-09, 03:12 PM   #8
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي تآآآبع الوجه الثاني من الشريط الأول ..

*҉[[ وَهؤلاءِ هُمْ (أَهْلُ السُّنَةِ وَالْجَماعَةِ)، الْمُتَّبِعونَ آثارَ رَسولِ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ كَما قالَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابن تَيْمِيَّةِ – رَحِمَهُ الله تَعالى- : [ وَأَهْلُ السُّنَةِ: نَقاوَةُ الْمُسْلِمينَ، وَهُمْ خَيْرُ النّاسِ للنّاسِ]. فَالزَمِ السَّبيلَ." وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ "[ سورة الأنعام:153]] ҉*

||| الــشــــــــرح }~


اعلم أن من المتأخرين من قال: إن أهل السنة ينقسمون إلى قسمين: مفوِّضة ومؤوِّلة، وجعلوا الأشاعرة، والماتريدية، وأشباهمم من أهل السنة، وجعلوا المفوِّضة هم السلف، فأخطؤوا في فهم السلف وفي منهجهم، لأن السلف لا يفوضون المعنى إطلاقاً، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن القول بالتفويض من شر أقوال أهل البدع، والإلحاد)، واستدل بذلك بأننا إذا كنا لا ندري معاني ما أخبر الله به عن نفسه من أسماء وصفات، جاءنا الفلاسفة وقالوا: أنتم جهال، ونحن الذين عندنا العلم، ثم يتكلموا بما يريدون، وقالوا: إن المراد بالنص كذا وكذا، ومعلوم أن معنىً للنص خيرٌ من توقفٍ فيه وأنه ليس له معنىً.
فانتبهوا لهذا، لأن بعض الناس يرى أن أهل السنة والجماعة يدخل فيهم المتكلمون من الأشاعرة والماتريدية وغيرهم.


ثم يقول – من العجب العجاب- طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم.
سبحان الله !! وكيف تكون طريقة السلف أسلم وطريقة الهلف أعلم وأحكم؟ وهل يمكن أن تكون طريق أعلم وأحكم وليست أسلم؟ بل يلزم من كون طريقة السلف أعلم وأحكم أن تكون أسلم بلا شك، لأن شخصاً يقول: هذا النص له معنىً وأنا أؤمن به، أعلم بلا شك وأحكم من شخص يقول: لا أدري، فلا سلامة إلا بالعلم والحكمة، فهذا تناقض عظيم، ولهذا كان القول الصحيح في هذه العبارة: أن طريقة السلف أعلم وأسلم وأحكم.

ويلزم من كوننا نحث الطلبة على منهج السلف، يلزم من ذلك تحريضهم على معرفة منهج السلف، فنطالع الكتب المؤلفة في ذلك، كـ (سير أعلام النبلاء)، وغيرها حتى نعرف طريقهم، ونسلك هذا المنهج القويم.


*҉[[ 3- مُلازَمَةُ خَشْيَةِ الله تَعالى:
التَّحَلّي بِعِمارَةِ الظّاهِرِ وَالْباطِنِ بِخَشْيَةِ الله تَعالى؛ مُحافِظاً عَلى شَعائِر الإسْلامِ، وَإِظْهارِ السُّنَةِ وَنَشْرِها بِالْعَمَلِ بِها وَالدَّعْوَةِ إِلَيْها؛ دالاًّ عَلى الله بِعِلْمِكَ وَسَمْتِكَ وَعَمَلِكَ، مُتَحَلِياًّ بِالرُّجولَةِ، وَالْمُساهَلَةِ، وَالسَّمَتِ الصَالِحِ. وَمَلاكُ ذلكَ خَشْيَةُ الله تَعالى، وَلِهذا قالَ الإمامُ أَحْمَد – رَحِمَهُ الله تَعالى- : (أَصْلُ الْعِلْمِ خَشَيْةُ الله تَعالى) ]] ҉*



||| الــشــــــــرح }~



وهذا الذي قاله الإمام أحمد صحيح: أصل العلم خشية الله، وخشية الله هي الخوف المبني على العلم والتعظيم، ولهذا قال الله تعالى : "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"
[فاطر: 28]

فالإنسان إذا علم الله عزوجل حق العلم، وعرفه حق المعرفة، فلا بد أن يكون في قلبه خشية الله؛ لأنه إذا علم ذلك علم عن رب عظيم عن رب قوي عن رب قاهر عن رب عالم بما يسر ويخفي الإنسان، فتجده يقوم بطاعة الله عزَّ وجلَّ أتم قيام : "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ".
قال العلماء: والفرق بين الخشية والخوف: أن الخشية تكون من عظم المخشي، والخوف من ضعف الخائف، وإن لم يكن المخوف عظيماً، ولهذا يخاف الصبي من فتى أكبر منه قليلاً.
والحاصل: أن الخشية تكون من عظم المخشي، والخوف يكون من نقص الخائف،ولهذا بعض الناس يخاف من لاشيء لأنه رعديد يعني جبان ولهذا يضرب المثل بالرجل يخاف من ظلاله، ولكن قد يقال: خِفِ الله.
"فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"
[ آل عمران: 175]
وهنا في مقابلة فعل هؤلاء الذين يخافون من الناس.


*҉[[ فَالزَمْ خَشْيَةَ الله في السِّرِ والْعَلَنِ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْبَرِيَّةِ مَنْ يَخْشى الله تَعالى وَما يَخْشاهُ إِلاّ عالِمٍ، إِذَنْ فَخَيْرُ الْبَرِيَّةِ هُوَ الْعالِم، وَلا يَغِبْ عَنْ بالِكَ أَنَّ الْعاِلمَ لا يُعَدُّ عالِماً إِلاّ إِذا كانَ عامِلاً، وَلا يَعْمَلُ الْعالِمُ بِعِلْمِهِ إلا إِذا لَزِمَتْهُ خَشْيَةُ الله.
وَأَسْنَدَ الْخَطيبُ الْبَغْدادَيّ – رَحِمَهُ الله تَعالى- بِسَنَدٍ فيه لَطيفَةٍ إِسْنادِيَّةٍ بِرِوايَةِ آباءٍ تِسْعَة، فَقال: أَخْبَرَنا أَبو الْفَرَجْ عَبْدِ الوَّهاب بن عَبْدِ الْعَزيز بن الْحارِثِ بن أسَد بن اللَّيْثِ بنْ سُلَيْمان بن الأّسْوَدِ بن سُفْيانٍ بن زَيْدٍ ابْنِ أُكَيْنَةَ بن عَبْدِ الله التَّميمي من حفظه؛ قال: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أَبي يَقول: سَمِعْتُ أبِي يَقُول: سَمِعْتُ عَلِيّ بنْ أَبي طالِبٍ يَقول: (هَتَفَ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجابَهُ، وَإِلا ارْتَحَلْ)وَهذا اللَّفْظُ بِنَحْوِهِ مَرْوِيٌّ عَنْ سُفْيانِ الثَّوْرِيِّ رَحِمُه الله تَعالى- ]] ҉*



||| الــشــــــــرح }~


قوله: (لا يعد عالماً) يعني عالماً ربانياً، وأما كونه عالماً ضد الجاهل، فهذا يُقال، إن الذي ألف (المنجد) رجل نصراني وفيه من معرفة اللغة العربية الشيء الكثير، وإن كان فيه غلطات كثيرة وأشياء تؤخذ عليه من الناحية الدينية، لكن العالم الذي يعمل بعلمه هو الذي يصدق عليه أنه عالم رباني، لأنه يربي نفسه أولاً، ثم يربي غيره ثانياً.
(هتف العلم...) إذاً لابد من العمل بما علم، لأنه إذا لم يعمل بعلمه صار من أول ما تسعر بهم النار يوم القيامة.

وعالم بعلمه لم يعملاً معذبٌ من قبل عباد الوثن


هذه واحدة، إذا لم يعمل بعلمه، أورث الفشل في العلم وعدم البركة ونسيان العلم لقول الله تعالى:
"فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ"

[ المائدة: 13]

وهذا النسيان يشمل النسيان الذهني والعملي، قد يكون بمعنى ينسونه ذهنيًّاً، أو بمعنى ينسونه: يتركونه، لأن النسيان في اللغة العربية يُطلق بمعنى الترك.أما إذا عمل الإنسان بعلمه فإن الله تعالى يزيده هدىً .قال تعالى: "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى" [ محمد: 17]

ويزيده تقوى، ولهذا قال: "وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ" إذا عمل بعلمه ورثه الله تعالى علم مالم يعلم، ولهذا روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.
وتُروى هذه اللفظة: العلم يهتف بالعمل – يعني يدعوه- فإن أجابه وإلا ارتحل –أي العلم -، وهذا واضح لأنك إذا عملت بالعلم تذكرته كلما عملت.
وأضرب لكم مثلا برجل عرف صفة الصلاة من السنة وصار يعمل بها كلما صلى
هل ينسى ما علم؟ لا ينسى، لأنه تكرر، لكن لو ترك العمل به نسي، وهذا دليل محسوس على أن العمل بالعلم يوجب ثبات العلمولا ينساه.



*҉[[ 4- دَوامَ الْمُراقَبَةِ:
التَّحَلي بِدَوامِ الْمَراقَبَةِ لله تَعالى في السِّرِ وَالْعَلَنِ؛ سائِراً إِلى رَبِّكَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجاءِ، فَإِنَّهُما لِلْمُسْلِمِ كَالجناحَيْنِ لِلطَّائِرِ، فَأَقْبِلْ عَلى الله بِكُلِّيََتِكَ، وَليَمْتَلِئ قَلْبَكَ بِمَحَبَّتِهِ، وَلِسانَكَ بِذِكْرِهِ، وَالاسْتِبْشارِ وَالْفَرَحِ وَالسُّرورِ بِأَحْكامِهِ وَحِكَمهِ سُبْحانَهُ.]] ҉*



||| الــشــــــــرح }~


هذا من المهم؛ دوام المراقبة لله، وهذا من ثمرات الخشية أن الإنسان يكون مع الله دائماً يعبد الله كأنه يراه.
يقوم للصلاة فيتوضأ وكأنه ينفذ قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ"[ المائدة: 6]

يقوم يتوضأ وكأنه ينظر إلى رسول الله صلى اله عليه وسلم وهو يتوضأ، ويقول: (من توضأ نحو وضوئي هذا)، كمال المراقبة.. وهذا أمر مهم.

وقوله: (يكون سائراً بين الخوف والرجاء فإنهما للمسلم كالجناحين للطائر) هذا أحد الأقوال في هذه المسألة، وهي: هل الأولى للإنسان أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء؟ أو يغلِّب جانب الخوف؟ أو يغلِّب جانب الرجاء؟

الإمام أحمد رحمه الله يقول: ينبغي أن يكون خوفه ورجاه واحداً فأيهما غلب هلك صاحبه.
ومن العلماء من يفصٍّل ويقول: إذا هممت بطاعة فغلب جانب الرجاء، فإنك إذا فعلتها قبلها الله منك ورفعك بها درجات-من أجل أن تقوى -، وإذا هممت بمعصية فغلب جانب الخوف حتى لا تقع فيها، فعلى ذلك يكون التغليب لأحدهما بحسب حال الإنسان.


ومنهم من قال: بحسب الحال على وجه آخر، فقال: أما في المرض فيغلب جانب الرجاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه).

ولأنه إذا غلب في حالة المرض جانب الخوف فربما يدفعه ذلك إلى القنوط من رحمة الله، في حال الصحة يغلب جانب الخوف لأن الصحة مدعاة للفساد كما قال الشاعر الحكيم:

إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة

والذي أرى: أن الإنسان يجب أن يعامل حاله بما تقتضيه الحال، وأن أقرب الأقوال في ذلك: أنه إذا عمل خيراً فيغلب جانب الرجاء، وإذا همَّ بسيئة فليغلب جانب الخوف، هذا أحسن ما أراه في هذه المسألة الخطيرة العظيمة.
إذا قال قائل: تغليب جانب الرجاء هل يجب أن يكون مبنياً على سبب صالح للرجاء، أو يكون رجاء المفلسين، الإجابة: الأولى.
إنسان مثلاً يعصي الله دائماً وأبداً ويقول: رحمة الله واسعة، هذا غلط، لأن إحسان الظن بالله ورجاء الله لا بد أن يكون هناك سبباً ينبني عليه الرجاء وإحسان الظن، وإلا كان مجرد أمنية، والتمني كما يقول عامة أهل نجد: التمني رأس مال المفاليس- الي ماعندهم شيء-.



*҉[[ 5- خَفْضُ الْجَناحِ وَنَبْذُ الخُيَلاءِ وَالْكِبْرِياء:
تَحَلَّ بِآدابِ النَّفْسِ؛ مِنَ الْعَفافِ، وَالْحِلْمِ، وَالصَّبْرِ، وَالتَّواضُعِ لِلْحَقِّ، وَسُكونِ الْطائِرِ؛ مِنَ الْوَقارِ، وَالرَّزانَةِ، وَخَفْضِ الْجَناحِ، مُتَحَمِّلاً ذُلَّ التَّعَلُّمِ لِعَزَّةِ الْعِلْمِ، ذَليلاً لِلْحَقِّ. ]] ҉*




||| الــشــــــــرح }~

قوله: (تحلَّ بآداب النفس..) لأن المقام يقتضي هكذا أن يكون عند طالب العلم عفة عما في أيدي الناس، وعفة عما يتعلق بالنظر المحرم، وحلم لا يُعاجل بالعقوبة إذا أساء إليه أحد، وصبر على ما يحصل من الأذى مما يسمعه إما من عامة الناس وإما من أقرانه وإما من معلمه فليصبر وليحتسب، والتواضع للحق وكذلك للخلق، يتواضع للحق بمعنى: أنه متى بان له الحق خضع له ولم يبغ سواه بديلاً، وكذلك للخلق فكم من طالب فتح على معلمه أبواباً ليست على بالٍ منه، ولا تحقرنَّ شيئاً.
وقوله: (سكون الطائر، من الوقار..) هذه أيضاً ينبغي لطالب العلم أن يبتعد عن الخفة سواء في مشيته أو في معاملته للناس وألا يكثر من القهقهة التي تُميت القلب وتذهب الوقار، بل يكون خافضاً للجناح متحلياً بالآداب التي تليق بطالب العلم,

وقوله: (متحملاً ذل التعلم لعزة العلم) هذا جيد، يعني أنك لو أذللت نفسك للتعلم، فإنما تطلب عزَّ هذا العلم، فيكون تذليلها بالتعلم؛ لأنه ينتج ثمرة طيبة.



*҉[[ وَعَلَيْهِ؛ فَاحْذَرْ نَواقِضَ هذِهِ الآداب، فَإِنَّها مَعَ الإِثْمِ تُقيمُ عَلى نَفْسِكَ شاهِداً عَلى أَنَّ في الْعَقْلِ عِلَّةً، وَعَلى حِرْمانٍ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ، فَإِيّاكَ وَالْخُيَلاءِ؛ فَإِنَّهُ نِفاقٌ وَكِبْرِياءٌ، وَقَدْ بَلَغَ مِنْ شِدَّةِ التَّوَقّي مِنْهُ عِنْدَ السَّلَفِ مَبْلَغاً ]] ҉*



||| الــشــــــــرح }~

الخيلاء هذه تحدث للإنسان طالب العلم، وللإنسان كثير المال، وللإنسان سديد الرأي، وكذلك في كل نعمة أنعم الله بها على العبد، ربما يحدث له فيها خيلاء.
والخيلاء هي: إعجاب بالنفس مع ظهور ذلك على هيئة البدن، كما جاء في الحديث: (من جرَّ ثوبه خيلاء...)
فالإعجاب يكون بالقلب فقط. فإن ظهرت آثاره فهو خيلاء.

وقوله: (فإنه نفاق وكبرياء) أما كونه (كبرياء) فواضح، وأما كونه: (نفاق) فلأن الإنسان يُظهربمظهر أكبر من حجمه الحقيقي، وهكذا المنافق يظهر بمظهر المخلص المناصح وهو ليس كذلك.



*҉[[ وَمِنْ دَقيقِهِ ما أَسْنَدَهُ الذَّهْبِيِّ في تَرْجَمْةِ عَمْرو بن الأَسْوَدِ الْعَنْسِّي الْمُتَوَفّى في خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوان- رَحِمَهُ الله تَعالى- أَنَّهُ كانَ إِذا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ قَبَضَ بِيَمينِهِ عَلى شِمالِهِ، فَسَئُلِ عَنْ ذلكَ؟ فَقالَ: مَخافَةَ أَنْ تُنافِقَ يَدي.
قُلْتُ: يُمْسِكُها خَوْفاً مِنْ أَنْ يَخْطُرَ بِيَدِهِ في مَشْيِتهِ؛ فَإِنَّ ذلِكَ مِنَ الْخُيَلاءِ، وَهذا الْعارِضُ عَرض لِلْعَنْسِيِّ- َرحِمَهُ الله تَعالى-.
وَاحْذَرْ داءَ الْجَبابِرَةَ: (الْكِبر)؛ فَإِنَّ الْكِبْرَ وَالْحِرْصَ وَالْحَسَدَ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ الله بِهِ، فَتَطاوُلُكَ عَلى مُعَلِّمِكَ كِبْرِياء، وَاسْتِنْكافُكَ عَمَّنْ يُفيدُكَ مِمَّنْ هُوَ دونَكَ كِبْرِياء، وَتَقْصيرُكَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ حَمْأَةَ كِبرٍ، وَعُنْوانُ حِرْمانٍ.

الْعِلْمُ حَرْبٌ لِلْفَتِيِّ الْمُتَعالي كَالسَّيْلِ حَرْبٌ لِلْمَكانِ الْعالي ]] ҉*






شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
قديم 11-11-09, 08:23 PM   #9
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »


داء الجبابرة وهو (الكبر) وقد فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم بأجمع تفسير وأبينه وأوضحه فقال: (الكبر بطر الحق، وغمط الناس). وبطر الحق: هو ردُّ الحق، وغمط الناس: يعني احتقارهم وازدرائهم.


وقوله: (إن الكبر والحرص والحسد أول ذنب عُصى الله به) يريد فيما نعلم لأننا نعلم أن أول من عصى الله عزوجل هو الشيطان حين أمره الله تبارك وتعالى أن يسجد لآدم لكن منعه الكبرياء، أبى واستكبر وقال: "أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا"[ الإسراء: 611]

وقال: "هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ"[ الإسراء: 62]


وقال: "أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ"[ الأعراف: 12]


فقوله: (أول ذنب عُصى الله به) يعني باعتبار ما نعلم، وإلا فإن الله تعالى قال للملائكة:" إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ"[ البقرة: 30]


قال أهل العلم: إنما قال الملائكة ذلك لأنه كان على الأرض أمة من قبل آدم وبنيه، وكانوا يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء.


ثم ذكر أمثلة، قال: (تطاولك على معلمك كبرياء) التطاول يكون باللسان ويكون أيضاً بالانفعال، قد يمشي مع معلمه وهو يتبختر، ويقول فعلت وفعلت، وكذلك أيضاً استكبارك عما يفيدك من علوم كبرياء، وهذا يقع أيضاً لبعض الطلبة إذا أخبره أحد بشيء وهو دونه في العلم يستكبر ولا يقبل.


وقوله: (تقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر، وعنوان حرمان) نسأل الله العافية، هذا نوع من الكبر، ألاّ تعمل بالعلم.


وقوله: ( العلم حرب للفتى المتعالي) يعني أن الفتى المتعالي لا يمكن أن يُدرك العلم، لأن العلم حرب له، (كالسيل حرب للمكان العالي)، صحيح؟ نعم، المكان العالي ينفض عنه السيل يميناً وشمالاً ولا يستقر عليه.





..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ فَالزَمْ – رَحِمَكَ الله- اللُّصوقَ إِلى الأَرْضِ، وَالإِزْراءَ عَلى نَفْسِكَ، وَهَضْمِها، وَمُراغَمَتِها عِنْدَ الاسْتِشْرافِ لِكِبْرياءٍ أَوْ غَطْرَسَةٍ، أَوْ حُبِّ ظُهورٍ، أَوْ عُجُبٍ.. وَنَحْوِ ذلكَ مِنْ آفاتِ الْعِلْمِ الْقاتِلَةِ لَهُ، الْمُذْهِبَةِ لِهَيْبَتِهِ، الْمُطْفِئَةِ لنِورِهِ، وَكُلَّما ازْدَدَتْ عِلْماً أَوْ رِفْعَةً في وِلايَةٍ، فَالزَمْ ذلكِ؛ تَحْرُزْ سَعادَةً عُظْمى، وَمَقاماً يُغْبِطُكَ عَلَيْهِ النّاسُ، وَعَنْ عَبْدِ الله بن الإِمام الْحُجَّة الرّاوِيَةِ في الْكُتُبِ السِّتَةِ بَكْرٍ بن عَبْدِ الله الْمُزْنّي- رَحِمَهُما الله تَعالى- قال:
سَمِعْتُ إنْساناً يُحدِّث عَنْ أَبي، أَنَّهُ كانَ واقِفاً بِعَرَفَةَ، فَرَقَّ، فَقال: (لَوْلا أَنّي فيهمْ؛ لَقُلْتُ: قَدْ غُفِرَ لَهُمْ)، خَرَّجَهُ الذَّهْبِيِّ، ثُمَّ قال: (قُلْتُ: كَذلِكَ يَنْبَغي لِلْعَبْدِ أَنْ يُزْري عَلى نَفْسِهِ وَيَهْضُمُها). ] *-৲.˛




« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »




وهذه العبارات التي تطلق عن السلف، مثل هذا يريدون به التواضع، وليسوا يريدون أنهم يُغَلِّبون جانب سوء الظن بالله عزوجل أبداً، لكنهم إذا رأوا ما هم عليه خافوا وحذروا وجرت منهم هذه الكلمات، وإلا فإن الأولى للإنسان أن يُحسن الظن بالله ولا سيما في هذا المقام، في مقام عرفة الذي هو مقام تضرع إلى الله عزوجل ومقام استغفار، ويقول مثلاً: إن الله لم ييسر لي الوصول إلى هذا المكان إلا من أجل أن يغفر لي لأني أسأله المغفرة، والله تعالى يقول:


" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"[غافر: 60]


لكن تظهر هذه العبارات من السلف من باب التواضع وسوء الظن بالنفس لا بالله عزَّ وجل.






..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ - الْقَناعَةُ وَالزَّهادَة:
التَّحَلي بِالقَّناعَةِ وَالزَّهادَة، وَحَقيقَةُ الزّهُدْ: (الزُّهْد بِالحَرامِ، وَالابْتِعادِ عَنِ حِماه؛ بِالكَفِّ عَنِ الْمُشْتَبَهاتِ وَعَنِ التَّطَلُّعِ إِلى مافي أَيْدي النّاس"] *-৲.˛


« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »




التحلي بالقناعة من أهم خصال طالب العلم، يعني أن يقتنع بما اتاه الله عز وجل ولا يطلب أن يكون من الأغنياء والمترفين، لأن بعض طلبة العلم وغيرهم تجد يريد أن يكون في مصاف الأغنياء والمترفين، فيتكلف النفقات في المأكل والمشرب والملبس والمفرش ثم يثقل كاهله من الديون، وهذا خطا؛ لكن عليك بالقناعة فهي خير زاد للمسلم.


قال: (وحقيقة الزهد...) كأنه أراد بالزهد هنا الورع، لأن هناك ورعاً وزهداً.
والزهد أعلى مقاماً من الورع، لأن الورع ترك ما يضر في الآخرة والزهد ترك مالا ينفع في الآخرة، بينهما فرق.
الفرق الذي بينهما: المرتبة التي ليس فيها ضرر وليس فيها نفع، فالوَرِع لا يتحاشاها، والزاهِد يتحاشاها ويتركها، لأنه لا يريد إلا ما ينفعه في الآخرة.





..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ وَيُؤْثرُ عَنِ الإِمامِ الشّافِعّي- رَحِمَهُ الله تَعالى- :
لَوْ أَوْصى إِنْسانٌ لأَعْقَلِ النّاسِ؛ صُرِفَ إِلى الزُّهادِ.] *-৲.˛





« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »




الله أكبر !! يعني في الوصية لو قال: أوصيت لأعقل الناس،يُصرف لمن؟ إلى الزهاد، لأن الزهاد هم أعقل الناس، حيث تجنبوا مالا ينفعهم في الآخرة، وهذا الذي قاله رحمه الله ليس على إطلاقه، لأن الوصايا والأوقاف والهبات والرهون وغيرها ترجع إلى معناها في العُرف، فإذا كان أعقل الناس في عرفنا الزهاد صُرف لهم ما أوصى به الزهاد، وإذا كان أعقل الناس هم ذوو المروءة والوقار والكرم بالمال والنفس صُرف إليهم.






..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ وعن محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى لما قيل له: ألا تصنف كتابا في الزهد؟ قال:
“قد صنفت كتاباً في البيوع”(4).
يعنى:”الزاهد من يتحرز عن الشبهات، والمكروهات، في التجارات، وكذلك في سائر المعاملات والحرف” ا هـ.] *-৲.˛


« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »



لما طلب منه ان يصنف في الزهد قال قد صنفت كتابا في البيوع لان من عرف البيوع وأحكامها وتحرز من الحرام واستحل الحلال , فإن هذا هو الزاهد






..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ وعليه، فليكن معتدلاً في معاشه بما لا يشينه، بحيث يصون نفسه ومن يعول، ولا يرد مواطن الذلة والهون.
وقد كان شيخنا محمد الأمين الشنقيطى المتوفى في 17/12/1393هـ رحمه الله تعالى متقللاً من الدنيا، وقد شاهدته لا يعرف فئات العملة الورقية، وقد شافهني بقوله:“لقد جئت من البلاد شنقيط ومعي كنز قل أن يوجد عند أحد، وهو (القناعة)، ولو أردت المناصب، لعرفت الطريق إليها، ولكني لا أوثر الدنيا على الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية”.
فرحمه الله تعالى رحمه واسعة آمين.] *-৲.˛


« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »


هذا كلام من الشيخ الشنقيطي , وأشباهه من أهل العلم , لا يريدون بذلك تزكية النفس , إنما يريدون نفع الخلق , وأن يقتدي الناس بهم , وأن يكونوا على هذا الطريق . لأننا نعلم هذا من أحوالهم أي من أحوال العلماء , فهم أبعد الناس عن ذلك .
وهو رحمه الله كما ذكره الشيخ أبو بكر من الزهاد . اذا رأيته لا تقول الا انه رجل من أهل البعث , حتى العباءة تجد انها عباءة عادية , ولا يهتم بهندام نفسه ,رحمه الله تعالى





..҉ المتن҉ ..



.¨ ̅ *[- التحلي برونق العلم:
التحلي بـ (رونق العلم) حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، ولزوم المحجة، بعمارة الظاهر والباطن، والتخلي عن نواقضها.] *-৲.˛





« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »




إن حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، قد سبق الاشارة اليها وأنه ينبغي لطالب العلم أن يكون أسوة صالحة في هذه الأمور ,




..҉ المتن҉ ..
.¨ ̅ *[ وعن ابن سيرين رحمه الله تعالى قال:“كانوا يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم”.
وعن رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى أنه قال لرجل:“حدثنا، ولا تحدثنا عن متماوت ولا طعان”.


متماوت : أي ليس نشيطا في فعل الخير .
طعان :أي ساب , يطعن الناس ويسب فيهم .
رواهما الخطيب في ”الجامع”، وقال [1]:“يجب على طالب الحديث أن يتجنب: اللعب، والعبث، والتبذل في المجالس، بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، فإنما يستجاز من المزاح بيسيره ونادره وطريفة، والذي لا يخرج عن حد الأدب وطريقة العلم، فأما متصلة وفاحشة وسخيفه وما أوغر منه الصدور وجلب الشر، فإنه مذموم، وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر، ويزيل المروءة” اهـ.] *-৲.˛



« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »





إن هذا من أحسن ما قيل في الآداب , آداب طالب العلم , أن يتجنب اللعب والعبث , الا ما جاء بالشريعة , كاللعب برمحه وسيفه وفرسه , لأن ذلك يعينه على الجهاد في سبيل الله ,وفي وقتنا الحاضر اللعب بالبنادق الصغيرة ,فهذا لا باس به

والعبث هو ان يفعل فعلا لا داعي له , أو يقول قولا لا داعي له . كذلك التبذل في المجالس , بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، لا سيما عند عامة الناس , اما عند أصحابك وأقرانك فالأمر أهون , اما امام العامة فإياك ان تفتح باب الامتهان على نفسك فإن ذلك يذهب الهيبة من قلوب الناس , فلا يهابونك ولا يهابون العلم الذي تأتي به .





شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
قديم 11-11-09, 08:23 PM   #10
شموخ الهمه
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »


داء الجبابرة وهو (الكبر) وقد فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم بأجمع تفسير وأبينه وأوضحه فقال: (الكبر بطر الحق، وغمط الناس). وبطر الحق: هو ردُّ الحق، وغمط الناس: يعني احتقارهم وازدرائهم.


وقوله: (إن الكبر والحرص والحسد أول ذنب عُصى الله به) يريد فيما نعلم لأننا نعلم أن أول من عصى الله عزوجل هو الشيطان حين أمره الله تبارك وتعالى أن يسجد لآدم لكن منعه الكبرياء، أبى واستكبر وقال: "أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا"[ الإسراء: 611]

وقال: "هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ"[ الإسراء: 62]


وقال: "أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ"[ الأعراف: 12]


فقوله: (أول ذنب عُصى الله به) يعني باعتبار ما نعلم، وإلا فإن الله تعالى قال للملائكة:" إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ"[ البقرة: 30]


قال أهل العلم: إنما قال الملائكة ذلك لأنه كان على الأرض أمة من قبل آدم وبنيه، وكانوا يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء.


ثم ذكر أمثلة، قال: (تطاولك على معلمك كبرياء) التطاول يكون باللسان ويكون أيضاً بالانفعال، قد يمشي مع معلمه وهو يتبختر، ويقول فعلت وفعلت، وكذلك أيضاً استكبارك عما يفيدك من علوم كبرياء، وهذا يقع أيضاً لبعض الطلبة إذا أخبره أحد بشيء وهو دونه في العلم يستكبر ولا يقبل.


وقوله: (تقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر، وعنوان حرمان) نسأل الله العافية، هذا نوع من الكبر، ألاّ تعمل بالعلم.


وقوله: ( العلم حرب للفتى المتعالي) يعني أن الفتى المتعالي لا يمكن أن يُدرك العلم، لأن العلم حرب له، (كالسيل حرب للمكان العالي)، صحيح؟ نعم، المكان العالي ينفض عنه السيل يميناً وشمالاً ولا يستقر عليه.





..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ فَالزَمْ – رَحِمَكَ الله- اللُّصوقَ إِلى الأَرْضِ، وَالإِزْراءَ عَلى نَفْسِكَ، وَهَضْمِها، وَمُراغَمَتِها عِنْدَ الاسْتِشْرافِ لِكِبْرياءٍ أَوْ غَطْرَسَةٍ، أَوْ حُبِّ ظُهورٍ، أَوْ عُجُبٍ.. وَنَحْوِ ذلكَ مِنْ آفاتِ الْعِلْمِ الْقاتِلَةِ لَهُ، الْمُذْهِبَةِ لِهَيْبَتِهِ، الْمُطْفِئَةِ لنِورِهِ، وَكُلَّما ازْدَدَتْ عِلْماً أَوْ رِفْعَةً في وِلايَةٍ، فَالزَمْ ذلكِ؛ تَحْرُزْ سَعادَةً عُظْمى، وَمَقاماً يُغْبِطُكَ عَلَيْهِ النّاسُ، وَعَنْ عَبْدِ الله بن الإِمام الْحُجَّة الرّاوِيَةِ في الْكُتُبِ السِّتَةِ بَكْرٍ بن عَبْدِ الله الْمُزْنّي- رَحِمَهُما الله تَعالى- قال:
سَمِعْتُ إنْساناً يُحدِّث عَنْ أَبي، أَنَّهُ كانَ واقِفاً بِعَرَفَةَ، فَرَقَّ، فَقال: (لَوْلا أَنّي فيهمْ؛ لَقُلْتُ: قَدْ غُفِرَ لَهُمْ)، خَرَّجَهُ الذَّهْبِيِّ، ثُمَّ قال: (قُلْتُ: كَذلِكَ يَنْبَغي لِلْعَبْدِ أَنْ يُزْري عَلى نَفْسِهِ وَيَهْضُمُها). ] *-৲.˛




« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »




وهذه العبارات التي تطلق عن السلف، مثل هذا يريدون به التواضع، وليسوا يريدون أنهم يُغَلِّبون جانب سوء الظن بالله عزوجل أبداً، لكنهم إذا رأوا ما هم عليه خافوا وحذروا وجرت منهم هذه الكلمات، وإلا فإن الأولى للإنسان أن يُحسن الظن بالله ولا سيما في هذا المقام، في مقام عرفة الذي هو مقام تضرع إلى الله عزوجل ومقام استغفار، ويقول مثلاً: إن الله لم ييسر لي الوصول إلى هذا المكان إلا من أجل أن يغفر لي لأني أسأله المغفرة، والله تعالى يقول:


" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"[غافر: 60]


لكن تظهر هذه العبارات من السلف من باب التواضع وسوء الظن بالنفس لا بالله عزَّ وجل.






..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ - الْقَناعَةُ وَالزَّهادَة:
التَّحَلي بِالقَّناعَةِ وَالزَّهادَة، وَحَقيقَةُ الزّهُدْ: (الزُّهْد بِالحَرامِ، وَالابْتِعادِ عَنِ حِماه؛ بِالكَفِّ عَنِ الْمُشْتَبَهاتِ وَعَنِ التَّطَلُّعِ إِلى مافي أَيْدي النّاس"] *-৲.˛


« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »




التحلي بالقناعة من أهم خصال طالب العلم، يعني أن يقتنع بما اتاه الله عز وجل ولا يطلب أن يكون من الأغنياء والمترفين، لأن بعض طلبة العلم وغيرهم تجد يريد أن يكون في مصاف الأغنياء والمترفين، فيتكلف النفقات في المأكل والمشرب والملبس والمفرش ثم يثقل كاهله من الديون، وهذا خطا؛ لكن عليك بالقناعة فهي خير زاد للمسلم.


قال: (وحقيقة الزهد...) كأنه أراد بالزهد هنا الورع، لأن هناك ورعاً وزهداً.
والزهد أعلى مقاماً من الورع، لأن الورع ترك ما يضر في الآخرة والزهد ترك مالا ينفع في الآخرة، بينهما فرق.
الفرق الذي بينهما: المرتبة التي ليس فيها ضرر وليس فيها نفع، فالوَرِع لا يتحاشاها، والزاهِد يتحاشاها ويتركها، لأنه لا يريد إلا ما ينفعه في الآخرة.





..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ وَيُؤْثرُ عَنِ الإِمامِ الشّافِعّي- رَحِمَهُ الله تَعالى- :
لَوْ أَوْصى إِنْسانٌ لأَعْقَلِ النّاسِ؛ صُرِفَ إِلى الزُّهادِ.] *-৲.˛





« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »




الله أكبر !! يعني في الوصية لو قال: أوصيت لأعقل الناس،يُصرف لمن؟ إلى الزهاد، لأن الزهاد هم أعقل الناس، حيث تجنبوا مالا ينفعهم في الآخرة، وهذا الذي قاله رحمه الله ليس على إطلاقه، لأن الوصايا والأوقاف والهبات والرهون وغيرها ترجع إلى معناها في العُرف، فإذا كان أعقل الناس في عرفنا الزهاد صُرف لهم ما أوصى به الزهاد، وإذا كان أعقل الناس هم ذوو المروءة والوقار والكرم بالمال والنفس صُرف إليهم.






..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ وعن محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى لما قيل له: ألا تصنف كتابا في الزهد؟ قال:
“قد صنفت كتاباً في البيوع”(4).
يعنى:”الزاهد من يتحرز عن الشبهات، والمكروهات، في التجارات، وكذلك في سائر المعاملات والحرف” ا هـ.] *-৲.˛


« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »



لما طلب منه ان يصنف في الزهد قال قد صنفت كتابا في البيوع لان من عرف البيوع وأحكامها وتحرز من الحرام واستحل الحلال , فإن هذا هو الزاهد






..҉ المتن҉ ..


.¨ ̅ *[ وعليه، فليكن معتدلاً في معاشه بما لا يشينه، بحيث يصون نفسه ومن يعول، ولا يرد مواطن الذلة والهون.
وقد كان شيخنا محمد الأمين الشنقيطى المتوفى في 17/12/1393هـ رحمه الله تعالى متقللاً من الدنيا، وقد شاهدته لا يعرف فئات العملة الورقية، وقد شافهني بقوله:“لقد جئت من البلاد شنقيط ومعي كنز قل أن يوجد عند أحد، وهو (القناعة)، ولو أردت المناصب، لعرفت الطريق إليها، ولكني لا أوثر الدنيا على الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية”.
فرحمه الله تعالى رحمه واسعة آمين.] *-৲.˛


« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »


هذا كلام من الشيخ الشنقيطي , وأشباهه من أهل العلم , لا يريدون بذلك تزكية النفس , إنما يريدون نفع الخلق , وأن يقتدي الناس بهم , وأن يكونوا على هذا الطريق . لأننا نعلم هذا من أحوالهم أي من أحوال العلماء , فهم أبعد الناس عن ذلك .
وهو رحمه الله كما ذكره الشيخ أبو بكر من الزهاد . اذا رأيته لا تقول الا انه رجل من أهل البعث , حتى العباءة تجد انها عباءة عادية , ولا يهتم بهندام نفسه ,رحمه الله تعالى





..҉ المتن҉ ..



.¨ ̅ *[- التحلي برونق العلم:
التحلي بـ (رونق العلم) حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، ولزوم المحجة، بعمارة الظاهر والباطن، والتخلي عن نواقضها.] *-৲.˛





« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »




إن حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، قد سبق الاشارة اليها وأنه ينبغي لطالب العلم أن يكون أسوة صالحة في هذه الأمور ,




..҉ المتن҉ ..
.¨ ̅ *[ وعن ابن سيرين رحمه الله تعالى قال:“كانوا يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم”.
وعن رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى أنه قال لرجل:“حدثنا، ولا تحدثنا عن متماوت ولا طعان”.


متماوت : أي ليس نشيطا في فعل الخير .
طعان :أي ساب , يطعن الناس ويسب فيهم .
رواهما الخطيب في ”الجامع”، وقال [1]:“يجب على طالب الحديث أن يتجنب: اللعب، والعبث، والتبذل في المجالس، بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، فإنما يستجاز من المزاح بيسيره ونادره وطريفة، والذي لا يخرج عن حد الأدب وطريقة العلم، فأما متصلة وفاحشة وسخيفه وما أوغر منه الصدور وجلب الشر، فإنه مذموم، وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر، ويزيل المروءة” اهـ.] *-৲.˛



« °·.¸.•°°·.¸.•°الشرح ·.¸.•°°·.¸.•° »





إن هذا من أحسن ما قيل في الآداب , آداب طالب العلم , أن يتجنب اللعب والعبث , الا ما جاء بالشريعة , كاللعب برمحه وسيفه وفرسه , لأن ذلك يعينه على الجهاد في سبيل الله ,وفي وقتنا الحاضر اللعب بالبنادق الصغيرة ,فهذا لا باس به

والعبث هو ان يفعل فعلا لا داعي له , أو يقول قولا لا داعي له . كذلك التبذل في المجالس , بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، لا سيما عند عامة الناس , اما عند أصحابك وأقرانك فالأمر أهون , اما امام العامة فإياك ان تفتح باب الامتهان على نفسك فإن ذلك يذهب الهيبة من قلوب الناس , فلا يهابونك ولا يهابون العلم الذي تأتي به .





شموخ الهمه غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[تفريغ] تفريغات دروس شرح كتاب التوحيد مع فضيلة الشيخ محمد حسن عبد الغفار حفظه الله 2 \ قديم لبنى أحمد أرشيف الفصول السابقة 10 31-12-13 12:36 PM


الساعة الآن 01:05 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .