12-11-09, 10:49 AM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
اسم الله< الطيب> للشيخ/عبد الرزاق البدر
اســـــــــم الله الطيب و من أسماء الله الحسنى الطيب ، ورد هذا الاسم فى حديث أبو هريرة – رضى الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : - يأيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ،الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : (( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )) المؤمنون :51 ، وقال : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )) البقرة : 172 ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : يارب يارب ، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب له " رواه مسلم 0 والمعنى أنه – تعالى – مقدس منزه عن النقائص والعيوب كلها ، لأن أصل الطيب الطهارة والسلامة من الخبث ، والله – جل وعلا – لم يزل ولا يزال كاملاً بذاته وصفاته ، وأفعاله وأقواله صادرة عن كماله ، كمل – سبحانه – ففعل الفعل اللائق بكماله 0 ومن هنا فأسماء الله الحسنى وصفاته العلا دالة على ما يفعله ويقوله ، فإنه – سبحانه – يفعل ويقول ما هو موجب كماله وعظمته ، ولا يفعل ولا يقول ما يناقض ذلك 0 وينتظم تقرير هذا المعنى والدلالة عليه من اسمه الطيب قول المصلى فى التشهد : ( والطيبات ) أى لله – عز وجل – 0 قال ابن القيم – رحمه الله – : " وكذلك قوله : ( الطيبات ) فهى صفة الموصوف المحذوف ، أى الطيبات من الكلمات والأفعال والصفات والأسماء لله وحده ، فهو طيب وأفعاله طيبة وصفاته أطيب شىء ، وأسمائه أطيب الأسماء ، واسمه الطيب ، لا يصدر عنه إلا طيب ، ولا يصعد إليه إلا طيب ، ولا يقرب منه إلا طيب ، فكلمه طيب ، وإليه يصعد الكلم الطيب ، وفعله طيب ، والعمل الطيب يعرج إليه 0 فالطيبات كلها له ، ومضافة إليه وصادرة عنه ومنتهية إليه ، قال النبى - صلى الله عليه وسلم : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً " ، وفى حديث رقية المريض الذى رواه أبو داود وغيره : " أنت رب الطيبين " ولا يجاوره من عباده إلا الطيبون كما يقال لأهل الجنة : (( سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ )) الزمر : 73 0 وقد حكم – سبحانه – فى شرعه وقدره أن الطيبات للطيبين ، فإذا كان هو – سبحانه – الطيب على الإطلاق ، فالكلمات الطيبات ، والأفعال الطيبات ، والصفات الطيبات ، والأسماء الطيبات كلها له – سبحانه – لا يستحقها أحد سواه ، بل ما طاب شىء قط إلا بطيبته – سبحانه – ، فطيب كل ما سواه من آثار طيبته ، ولا تصلح هذه التحية الطيبة إلا له " 0 انتهى كلامه – رحمه الله – 0 وقوله – صلى الله عليه وسلم – فى الحديث المتقدم : " إن الله طيب لا يقل إلا طيباً " يدل على أن الله – سبحانه – لا يقبل من الأعمال والأقوال إلا ما كان موصوفاً بالطيب ، وهو عام فى جميع الأقوال ، فلا يعمل المرء المؤمن إلا صالحاً ، ولا يقول إلا طيباً ، ولا يكتسب إلا طيباً ، ولا ينفق إلا من الطيب ، فإن الطيب توصف به الأعمال والأقوال والاعتقادات ، فكل هذه تنقسم إلى طيب وخبيث ، كما قال الله – تعالى – : (( قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ )) المائدة 100 0 والدين الحنيف كله دين طيب فى عقائده وأحكامه وآدابه 0 فعقائده التى ترجع إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره هى العقائد الصحيحة التى تطمئن لها القلوب وتطيب بها النفوس وتوصل معتقدها والمتمسك بها إلى أجل غاية وأفضل مطلوب 0 وأحكامه وآدابه أطيب الأحكام وأطيب الآداب ، بها صلاح الدين والدنيا والآخرة ، وبفواتها يفوت الصلاح كله . وقد قسم الله – تعالى – الكلام إلى طيب وخبيث ، فقال : (( ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ )) إبراهيم : 24 ، وقال : (( وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ )) إبراهيم : 26 ، وقال – تعالى – : (( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ )) فاطر : 10 ، ووصف الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث ، ووصف المؤمنين بالطيب بقوله – تعالى– ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) فاطر : 10 وإن الملائكة تقول عند الموت : ( اخرجى أيتها النفس الطيبة ، كانت فى الجسد الطيب ) ، وإن الملائكة تسلم عليهم عند دخول الجنة ويقولون لهم : ((طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ )) الزمر : 73 ، وقد ورد فى الحديث أن المؤمن إذا زار أخاً له فى الله تقول له الملائكة : ( طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً ) فالمؤمن كله طيب ، قلبه ولسانه وجسده ، بما سكن فى قلبه من الإيمان ، وظهر على لسانه من الذكر ، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التى هى ثمرة الإيمان وداخلة فى مسماه 0 ولما طاب المؤمن فى هذه الدار فى عقائده وأعماله وأقواله أكرمه الله بدخول دار الطيبين التى لا يدخلها إلا طيب ، قال – سبحانه – : (( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )) النحل : 32 ، وقال –تعالى– : (( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ )) الزمر : 73 ، فعقب دخولها على الطيب بحرف الفاء الذى يؤذن بأنه سبب للدخول ، أى بسبب طيبتكم قيل لكم ادخلوها 0 ومن جاء من أهل الإيمان يوم القيامة يحمل ذنوباً وخطايا وأوزاراً لم يذهب عنه آثارها فى هذه الدار بالتوبة والاستغفار فإنه يحبس عن الجنة حتى يتطهر منها ، فإن لم يظهره الموقف وأهواله وشدائده فلا بد من دخول النار ليخرج خبثه فيها ويتطهر من درنه ووسخه ثم يخرج منها فيدخل الجنة 0 وأما الكفار فإنهم ليس لهم يوم القيامة إلا النار خالدين فيها أبد الآباد ، فإنها دار الخبث فى الأقوال والأعمال والمآكل والمشارب ودار الخبثين ، قال الله – تعالى – : (( لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )) [الأنفال : 37] فالدور يوم القيامة ثلاثة : دار الطيب المحض ، وهى لمن جاء بطيب لا يشينه خبث ، وهم المؤمنون الكمل 0ودار الخبث المحض ، وهى لمن يأتى بخبث لا طيب فيه ، وهم الكفار 0 ودار لمن معهم خبث وطيب ، وهم عصاة الموحدين ، فهؤلاء إذا دخلوا النار فإنهم لا يلحدون فيهم ، بل يعذبون فيها بقدر أعمالهم ثم يخرجون منها ويدخلون الجنة ، فلا يبقى بعد ذلك إلا داران ، دار الطيب المحض ، ودار الخبث المحض 0 اللهم اجعلنا من عبادك الطيبين ، الذين يقال لهم يوم القيامة ((ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ))[الأعراف : 49] *********** كتاب فقه الأسماء الحسنى للشيخ/عبد الرزاق البدر التعديل الأخير تم بواسطة أثر الخير ; 12-11-09 الساعة 10:52 AM |
12-11-09, 06:20 PM | #2 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
جزاك الله خيرا [a7la1=#ff6f00]جنة القرآن[/a7la1] ونفع بما نقلتي.. التعديل الأخير تم بواسطة طالبة الرضوان ; 12-11-09 الساعة 06:30 PM |
13-11-09, 12:10 PM | #3 |
|نتعلم لنعمل|
|
رائع أختي الحبيبة قطوف جنة القرآن
سلمت يمينك |
13-11-09, 01:35 PM | #4 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
(تفريغ) محاضرات قيمة للشيخ عبد الرزاق البدر في شرح فضائل القرآن للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله | الحياة الطيبة | روضة القرآن وعلومه | 2 | 07-10-13 09:40 AM |