العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . بوابة الملتقى . ~ . > موسـميات > قســـم الحـــج

الملاحظات


قســـم الحـــج أحكام، فتاوي، أشرطة، كتب متعلقة بالحج

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-11-10, 09:19 AM   #1
أم أســامة
~ كن لله كما يُريد ~
افتراضي السُّورة العجيبة (لمن شاء الحجَّ بقلبه ودمعته) .

بسم الله الرحمن الرحيم


السُّورة العجيبة


(لمن شاء الحجَّ بقلبه ودمعته)


عصام بن صالح العويَّد



أنزل الله سبحانه في كتابه العظيم سورتين تبينان للناس كيف يكون الحج إلى بيته المعظم ، هما : سورة الحج وسورة البقرة ، أما سورة البقرة وهي الثانية نزولا فهي سورة (أوامر ونواهي) ولذا جاء التأكيد فيها على الأقوال والأفعال وأحكام الإتمام والمنهيات والكفارات ، وبدأت بزمن الحج (الأهلة) وختمت بذكر الله في الأيام المعدودات ، وتأتي الإشارة فيها للتقوى تنبيهً على هذا الأصل العظيم .



وأما سورة الحج فهي (سورة قلبية) فآيات الحج فيها غالبها عن حج القلب (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى منكم) ، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) .



فمن جمع بينهما في حجته جمع الخير كله ، ومن انتقص منهما أو من أحدهما اُنتقص من حجه بقدر نقصه ، وإنَّ مما تظاهرت النصوص في الدلالة عليه أن كمال أو نقص (حج القلب) أعظمُ أثراً في قبول الحج أو رده من أثر (أعمال الجوارح) مع الضرورة لهما جميعاً ، ولكن (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) ، فليس الكمال في تعظيم القلب لهذه الشعائر كالكمال في سنن الطواف والسعي والرمي ونحوها ، ولا الخدش في لباس التوحيد كالخدش في لباس الإحرام ، ولا تطهير القلب من الرياء والعجب والكبر كتطهير اللسان من العبث وتطهير البدن من التفث والثياب من الوسخ . وكلاهما دين قد تعبدنا الله به لكن الأول أصل والثاني فرع له ، وبينهما تلازم ظاهر إلا في حال صلاح الظاهر مع فساد الباطن .



وما أحسن قول القائل في شأن المسير إلى الله :



قطع المسافة بالقلوب إليه لا *** بالسير فوق مقاعد الركبان




·السورة العجيبة :



تتابع الأئمة ابن سلامة البغدادي وأبو بكر الغزنوي وابن حزم الأندلسي وابن تيمية الحراني ـ رحمهم الله ـ على أنها : من أعاجيب سور القرآن .


وقد تدبرتها دهراً ليس بالقليل ، ونظرت في تفاسير السلف وأئمة المحققين من المتأخرين فما ركنتُ إلى وصف يخصها إلا أنها "سورة الأحبار" لعمق معانيها ، وصعوبة الربط بين سياقاتها ، وكثرة الخلاف العالي بين الفحول في أوجه تفسيرها .



فمن خصائص هذه السورة :


-أنه لم يجتمع في القرآن كلِّه : المكي والمدني والليلي والنهاري والسفري والحضري والحربي والسلمي والناسخ والمنسوخ والمحكمُ والمتشابه والشتائي والصيفي إلا في سورة الحج .


-ولا يُدرى أهي مكية أو مدنية والخلاف فيها بين الجُلة من الصحب الكرام .


-ولم تسمَ سورة باسم ركن من أركان الإسلام إلا "الحج" ، ولا يعرف لها غير هذا الاسم .


-ولم تجتمع سجدتان في سورة من القرآن إلا فيها ، روى الإسماعيلي في مستخرجه : أن عمر رضي الله عنه قال : فضلت سورة الحج بسجدتين .


-ولم تفتتح سورة في النصف ألأخير من القرآن بـ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ" إلا سورة الحج .


-وفي القرآن بضع وستون مثلا لم يقل الله عز وجل (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) إلا في مَثَل سورة الحج .


-وفيها ذكر القلوب الأربعة : الأعمى والمريض والقاسي والمخبت الحي المطمئن إلى الله ، ولم تجتمع هذه الأربعة إلا في سورة الحج .


-وفيها الآية التي لم تترك خيرًا إلا جمعته (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .


فهذه ثمانُ خصائصٍ تميزت بها عن أخواتها من سور القرآن .



·مقصود السُّورة :


يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن مقصودها : تضمنت منازل المسير إلى الله ، بحيث لا يكون منزلة ولا قاطع يقطع عنها .


وكلام هذا الإمام يحققه أن السورة سميت باسم الحج ، والحج في اللغة : هو القصد إلى معظم ، وأعظم مقصود هو الله العظيم سبحانه ، والناس كلهم سائرون إلى هذا العظيم في جلاله وجماله ورحمته وعذابه جل في علاه .



فهي علامات ومنارات للسائر ، في أي طريق يسلك ؟ ثم كيف يسير ؟ وما هو زاده ؟ ومن أي شيء يحاذر؟



وأول هذه العلامات في السورة :


هو الأدب في أسلوب الخطاب حتى مع الكافر ، فإن النداء بـ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) إنما يراد به المشركون كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما ، وهذا ظاهر فعلى كثرة النداءات في القرآن لم يأت الخطاب بـ (يا أيها المشركون) ولا (يا أيها الذين أشركوا) في القرآن كله ، بل جاءت آيتان فقط (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) و (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، بينما تكرر الندء بـ (يا أيها الذين آمنوا) في تسعة وثمانين موضعاً ، وتكرر أيضا النداء بـ (يا أهل الكتاب) و(يا بني إسرائيل) وغيرها كثير ، والقرآن خطاب للمشركين كما هو لغيرهم ولا يوجد نداء لهم إلا (يا أيها الناس) فكان كما قاله ترجمان القرآن رضي الله عنه .



وقد عَددتُ في الوجه الأول فقط من هذه السورة العظيمة عشر علامات لمن أراد المسير إلى ربه وهي : التلطف في الخطاب .. والقوة فيه .. والعناية بالقلب أولا .. واستعمال التخويف بالآخرة .. والتفصيل في هذا .. والتحذير من أهل الذكاء وأصحاب الألسنة إذا مارَوا وموهوا وزخرفوا الباطل بما أُوتوا من دهاء وخِلاَبَةٍ فهولاء أتباع الأكابر مِن (كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ) .. وضرورة اليقين الماحي لأدنى ريب بالبعث .. والاستدلال بالرؤية البصرية للرؤية القلبية .. ودلائل قوة الجبار في خلقه .. وضعف الإنسان في خلقته .


وامض في هذا ستجد عجباً من هدايات السورة ودلالاتها .



·الحاج مع سورة الحج :



الحاج قاصد للبيت العتيق ولابد له في مسيره هذا من علامات تهديه حتى يصل إلى مقصوده ، فجاءت علامات ودلالات القرآن للحاج ظاهرة تلوح في السورة ، فأقولها لكل حاج ـ صادحاً بها ـ : عجباً لحاج يقصد الحج ولم يتدبر سورة الحج !!


فهي تجمع بين مسير الحاج إلى البيت العتيق بقدميه وبين مسيره إليه بقلبه ، تجمع بين تلبية القلب وتلبية اللسان ، تجمع بين رميه الجمار بيديه ورميه بقلبه ، بين نحره الهدي بيديه وبين نحره مع حضور قلبه .



فإن سألت : كيف نحج بقلوبنا مع جوارحنا ؟


فالجواب ـ والعلم عند الله ـ أن رحى آيات هذه السورة العجيبة يدور على (التعظيم) ، فمن أراد ذلك فعليه أن يُدخل في قلبه تعظيم ما عظم الله فيها بكثرة النظر والتدبر في آياتها وبما أمرت به أن يُعظّم ، ويجتهد في قلبه أعظم الاجتهاد لتحقيق ذلك فيه ، ويصبر ويصابر ويقطع الساعات والليالي ويطيل الفكرة ويذرف الدمعة في الخلوة حتى يُفتح له ، وهذه أمور قلبية ليس لها إلا طول المجاهدة .




توقيع أم أســامة
:

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا »
سنن ابن ماجه .


قـال ابـن رجب ـ رحمـه الله ـ: «من مشى في طاعة الله على التسديد والمقاربة فـليبشر، فإنه يصل ويسبق الدائب المجتهد في الأعمال، فليست الفضائل بكثـرة الأعمـال البدنية، لكن بكونها خالصة لله ـ عز وجل ـ صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها. فمن كان بالله أعلم، وبدينه وأحكامه وشرائعه، وله أخوف وأحب وأرجى؛ فهو أفضل ممن ليس كذلك وإن كان أكثر منه عملاً بالجوارح».


" لا يعرف حقيقة الصبر إلا من ذاق مرارة التطبيق في العمل , ولا يشعر بأهمية الصبر إلا أهل التطبيق والامتثال والجهاد والتضحية "

:
أم أســامة غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .