العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة التزكية وآداب الطلب > روضة التزكية والرقائق

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-02-07, 03:05 PM   #1
الغريبة الراحلة
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 28-06-2006
المشاركات: 197
الغريبة الراحلة is on a distinguished road
Smile إتحاف الأتقياء بفوائد من حديث الغرباء

الحمد لله مسدي النعم, ومحي الرمم, وباعث محمد بشيرا ونذيرا للأمم, صلوات الله عليه وسلامه عليه, وعلى آله وصحبه أولي العزائم والهمم, وبعد


روى الأمام مسلم في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء"


هذا الحديث الشريف من دلائل النبوة وأمارات صدقه صلى الله عليه وسلم في ما أخبر به, وهو من جوامع كلمه وفواتحه وخواتمه التي اختصه الله بها دون المخلوقين, ففيه جملة نافعة من الحكم والآداب الصالحة, وفيه تثبيت لأهل الحق, وبيان أن الأسلام في أمكنة وأزمنة يعود غريبا بينهم ثم يظهر كما كان أول الأمر غريبا ثم ظهر, ولهذا قال:"سيعود غريبا كما بدأ", فهو لما بدأ كان غريبا ثم ظهر وعرف واستنار نوره استنارة الشمس في النهار وطار ذكره في الأمصار, وصار الناس يتكلمون به واصطبغوا بفضائله وتمشت فيهم أخلاقه كما يتكلم الناس اليوم بالحداثة, فكذلك يعود حتى لا يعرف ثم يظهر ويعرف. فيقل من يعرفه في أثناء الأمر كما كان من يعرفه أولا.

وقد أتت على أعداء هذه الملة قرون ليقولون فيها هل للإسلام أثر؟, ثم أضلهم زمان صاروا يقولون فيه هل يقف شيء أمامه؟

هذه أمارة ظاهرة في هذه الديانة المباركة, بدأت غريبة ولم تزل تقوى حتى انتشرت وعمت, فهكذا تتغرب في كثير من الأمكنة والأزمنة ثم تظهر حتى يقيم الله منارها ويعلي كلمتها ويعز أهلها.


وقد ذكروا أن عمر بن عبد العزيز لما ولي, قد تغرب كثير من الإسلام على كثير من الناس حتى كان منهم من لا يعرف تحريم الخمر. فأظهر الله به في الإسلام ما كان غريبا, وقد حكى الأستاذ الفاضل "عثمان قدري مكانسي" عن غربة الدين والخمار في الجزائر في السبعينات من القرن الغابر, ثم بعد ذلك كيف صارت الديار الجزائرية شعلة دينية وقادة, بعد دروس شرائع الإسلام وأحكامه, ولهذا جاء في الحديث"إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" والتجديد إنما يكون بعد انطماس السبل وخفاء معالم الدين, فتأمل.

ثم إن الغربة والظهور تكون في أمكنة دون أخرى وفي أزمنة مختلفة, وقد يجتمع في زمن واحد في دارين من ديار المسلمين أو أكثر كلا الأمرين, وهذا واقع محسوس مشهود, فانك ترى بعض البلاد الأسلامية الدين فيها ظاهر والشعائر قائمة والسنة عالية مذكورة, وفي أخرى غلب عليها أهل الحداثة والعلمنة وتغولت فيها الضلالة, فاستضعفوا أهل المعرفة والأيمان .

ومع هذا فان أهل الأسلام مهما حصل لهم من الأذى والأغتراب فلا يجوز أن يكون ذلك باعثا لهم على الشك في نصر الله لهم والأرتياب, ولا أن يغتموا بقلة من يعرف حقيقة الإسلام, ولا تضيق صدورهم بذلك ولا يقع لهم شك في دينهم, كما كان الأمر حين بدأ, قال تعالى"فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك" بل إنه كلما خذل الإسلام ناس من أهله أتى الله بقوم يحبهم ويحبونه فيتولون المؤمنين دون الكافرين ويجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم كما قال سبحانه" فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين" وأبوبكروالصحابة هم ممن جاء الله بهم حين ارتدت العرب, وأهل اليمن أيضا وقد قالت جماعة من السلف أن قول الله تعالى" يأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه" أنها في الصحابة الذين قاتلوا أهل الردة, وليست الآية مختصة بهم بل تشملهم وتشمل غيرهم, والقاعدة المعروفة عند الفقهاء أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب, فيدخل فيها من أهل هذا الزمن أصحاب الحركات الإسلامية القائمة بالدين- بعد تخاذل العلماء وانتكاث الحكام- والناظر إلى أعمال هذه الحركات الإسلامية يجدها قد بارك الله فيها وشملها بألطافه وكلأها بالليل والنهار, فرغم قلة الحيلة وضعف الأعوان وتعدي الفجار, فقد حفظوا دعائم الإسلام وعضدوا الدين وحموا البيضة وأقاموا المنار.

وكذلك يحتاج أهل الغربة إلى معرفة البراهين والأدلة العقلية الدالة على صحة الإسلام, نظير ما احتاجوا إليه في أول الأمر, والقرآن طافح بالأدلة المنطقية والأقيسة الشمولية والتمثيلية الصحيحة, وضرب الأمثال العقلية, وذكر الأيات الآفاقية والنفسية الباهرة, والبراهين اليقينية الساطعة فعليهم استقرائها فيه وتفهمها لتثبيت أنفسهم واستزادة يقينهم, ومحاجة خصومهم .

والحق لا يعرف بكثرة الأتباع ولاكن الحق هو ما كان حقا في نفسه, وقد قال بعض السلف"اتبع سبل الهدى وإن قل السالكون واجتنب سبل الردى وإن كثر الهالكون" فلا يقتضي إذا صار غريبا أن المتمسك به يكون في شر, بل هو أسعد الناس كما قال في تمام الحديث"فطوب للغرباء" وطوبى من الطيب, فيكون من جنس السابقين الأولين الذين اتبعوه لما كان غريبا. وهم في الآخرة أعلى الناس درجة وأرفعهم رتبة بعد الأنبياء عليهم السلام بما صبروا.

وجاء في الحديث"إن أمامكم أياما الصابر فيها على دينه كالقابض على الجمر للعامل فيها أجر خمسين رجلا يعمل مثله عمله " .

وروى ابو داود الطيالسي مرفوعا :"أمتي كالمطر لا يدرى أوله خيرأم آخره"
فهؤلاء الذين عضوا على دينهم بالنواجذ في أزمنة الغربة أولها وآخرها وما بين ذلك جمعهم جامع الغربة في إيمانهم لكثرة الكفاروصبرهم على أذاهم وتمسكهم بدينهم, فالأواخر إذا أقاموا الدين وتمسكوا به وصبروا على طاعة ربهم في حين ظهور الشر والفسق والهرج والمعاصي والكبائر كانوا عند ذلك أيضا غرباء, وزكت أعمالهم كما زكت أعمال أوائلهم.

قال القاضي أبو بكر بن العربي" والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بابٌ عظيم هو ابتداء الدين والإسلام، وهو أيضاً انتهاؤه، وقد كان قليلاً في ابتداء الإسلام، وصعب المرام، لغلبة الكفّار على الحق، وفي آخر الزمان أيضاً يعود كذلك، لوعد الصادق، صلّى الله عليه وسلّم، بفساد الزمان، وظهور الفتن، وغلبة الباطل، واستيلاء التبديل والتغيير على الحق من الخلق، وركوب من يأتي سنن من مضى من أهل الكتاب، كما قال، صلّى الله عليه وسلّم: " لتركبنّ سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبٍ خربٍ لدخلتموه" وقال، صلّى الله عليه وسلّم: "بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ" فلا بد، والله تعالى أعلم بحكم هذا الوعد الصادق، أن يرجع الإسلام إلى واحد، كما بدأ من واحد، ويضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى إذا قام من قائم مع احتواشه بالمخاوف وباع نفسه من الله تعالى في الدعاء إليه كان له من الأجر أضعاف ما كان لمن كان متمكّناً منه معاناً عليه بكثرة الدّعاة إلى الله تعالى. "اه

وهذا الذي قاله القاضي أبوبكر رضي الله عنه, في أن الإسلام يرجع إلى واحد كما بدأ من واحد يحتمله قول النبي صلى الله عليه وسلم"ثم يعود غريبا كما بدأ" وهذا إنما يكون في آخر الدنيا أما قبل ذلك فلا

قال الأستاذ الحافل أحمد بن تيمية رضي الله عنه:"ويحتمل أنه في آخر الدنيا لا يبقى مسلما إلا قليل. وهذا إنما يكون بعد الدجال ويأجوج ومأجوج عند قرب الساعة. وحينئذ يبعث الله ريحا تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ثم تقوم الساعة, وأما قبل ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق, لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم, حتى تقوم الساعة" وهذا الحديث في الصحيحين.

ثم قال "فقد أخبر الصادق المصدوق أنه لا تزال طائفة ممتنعة من أمته على الحق أعزاء لا يضرهم المخالف و لا خلاف الخاذل. فأما بقاء الإسلام غريبا ذليلا في الأرض كلها قبل الساعة فلا يكون هذا. "اه

والواجب على المومن إذا رأى تغير الأحوال وتغول أهل الضلال واستفحال الشر والزيغ, وكثر الطاعنين في الملة من الملحدة ومرضى القلوب, الواجب عليه أن يصبر ويحتسب, مع التوكل والثبات على دين الإسلام, وأن يومن بالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وأن العاقبة للتقوى. وهو منهي عن الجزع وأن ينوح كما ينوح أهل المصائب, ويستغفر لذنبه ويسبح ربه بالغدو والإبكار. فان وعد الله حق. والله نسأل أن يعلي بفضله كلمتي الحق والدين, ويذل بقدرته وقيوميته أهل الفساد الظالمين.


كتبه: طه أحمد المراكشي



توقيع الغريبة الراحلة
[CENTER][IMG]http://www.islamiyyat.com/_borders/Animation.gif[/IMG][/CENTER]
[CENTER][COLOR="DarkRed"][SIZE="4"]الإنسان
( جسد و عقل ونفس وقلب وروح)
ولا حياة للإنسان بدون قلب
فالقلب هو مصنع الحياة
وموضع نظر الله سبحانه
وكما نهتم بالقلب لتغذية الجسد
عليناأن نهتم بالقلب لتغذية الروح وهي مسجونة قفص الجسد
إذا أردناأن يكتمل فينا
حقيقة
معنى[/SIZE][/COLOR][/CENTER]

[CENTER][IMG]http://jewelsuae.com/gallery/data/thumbnails/1/5.gif[/IMG] [IMG]http://jewelsuae.com/gallery/data/thumbnails/1/2.gif[/IMG] [IMG]http://jewelsuae.com/gallery/data/thumbnails/1/6.gif[/IMG][/CENTER]

[CENTER][COLOR="DarkGreen"][SIZE="5"][FONT="Verdana"] إن تصـبــــــــري يـــــــا نفــــس حقاً ترفعــــــــــــي
فــــــــــــــــــــي جنـة الرحمــــــــــــن خير المرتــعِ[/FONT][/SIZE][/COLOR][/CENTER]
الغريبة الراحلة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-07, 08:45 AM   #2
أم أســامة
~ كن لله كما يُريد ~
افتراضي

جزيتِ خيراً أختي الغاليـــة .. الغريبة الراحلة ..,
نفع الله بكِ وسدد خطاك ..,

دمتِ بحفظه ..



توقيع أم أســامة
:

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا »
سنن ابن ماجه .


قـال ابـن رجب ـ رحمـه الله ـ: «من مشى في طاعة الله على التسديد والمقاربة فـليبشر، فإنه يصل ويسبق الدائب المجتهد في الأعمال، فليست الفضائل بكثـرة الأعمـال البدنية، لكن بكونها خالصة لله ـ عز وجل ـ صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها. فمن كان بالله أعلم، وبدينه وأحكامه وشرائعه، وله أخوف وأحب وأرجى؛ فهو أفضل ممن ليس كذلك وإن كان أكثر منه عملاً بالجوارح».


" لا يعرف حقيقة الصبر إلا من ذاق مرارة التطبيق في العمل , ولا يشعر بأهمية الصبر إلا أهل التطبيق والامتثال والجهاد والتضحية "

:
أم أســامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ملف كامل عن شهر شعبان .... رقية مبارك بوداني روضة الفقه وأصوله 25 20-06-13 05:22 PM
أحاديث غير صحيحة عن فضل الأضحية !!! بشـرى روضة السنة وعلومها 3 27-12-06 07:38 AM


الساعة الآن 03:57 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .