16-09-14, 12:37 PM | #1 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
تعريف القلب والفؤاد لغة واصطلاحاً ...
تعريف القلب والفؤاد لغة واصطلاحاً
تقرأ في هذا الموضوع : تعريف القَلْبُ والفؤاد لغة([1]): لما كان الفؤاد اسماً للقلب، يرادفه أو يختلف عنه قليلاً أو يتقاطعان، فإنا نبين تعريفه معه لغة. القَلْبُ: الفُؤاد([2])، وهو لَحْمَة صنوبرية الشكل في الجانب الأيسر من الصدر متصلة بالجسد بشرايين يسري فيها الدَّم الذي يضخه القلب إلى سائر الجسم([3]). وهذا القلب الحسي، ويطلق القلب لغة على القلب المعنوي الذي سنذكره في الاصطلاح. وقد يعبر بالقَلْب عن العَقْل، كما في قوله تعالى: ﴿ إِن في ذلك لَذِكْرى لمن كان له قَلْبٌ ﴾؛ أَي عَقْلٌ، وقيل معناه: تَفَهُّمٌ وتَدَبُّرٌ. وأصل القَلْبِ في اللغة: تَحْويلُ الشيءِ عن وجهه، قَلَبه يَقْلِبُه قَلْباً، قال تعالى: ﴿ وقَلَّبُوا لك الأُمور ﴾، والجمع : قُلوب وأَقْلُب، وقلب الشيء: تصريفه وصرفه عن وجه إلى وجه، كقلب الثوب وقلب الإنسان أي: صرفه عن طريقته، قال تعالى: ﴿وإليه تقلبون ﴾ [العنكبوت: 21]، والانقلاب: الانصراف، قال: ﴿ انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه ﴾ [آل عمران: 144]، وقيل: سمي القلب قلباً لكثرة تقلبه. وتقليب الشيء : تغييره من حال إلى حال نحو : ﴿ يوم تقلب وجوههم في النار ﴾ [الأحزاب: 66] وتقليب الأمور: تدبيرها والنظر فيها قال: ﴿ وقلبوا لك الأمور ﴾([4]) [التوبة: 48]، وتقليب الله القلوب والبصائر: صرفها من رأي إلى رأي قال: ﴿ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم ﴾ [الأنعام: 110]. والفؤاد: والجمع أفئدة: يرى بعض اللغويين أن القلب والفؤاد بمعنى واحد، ويرى بعضهم أن أحدهما أخص من الآخر، « قال الأَزهري : ورأَيت بعضَ العرب يُسَمِّي لحمةَ القَلْبِ كُلها، شَحْمَها وحِجابَها : قَلْباً وفُؤَاداً، قال: ولم أَرهم يَفْرِقُونَ بينهما؛ قال: ولا أُنْكِر أَن يكون القَلْبُ هي العَلَقة السوداءُ في جوفه »([5])، وقال ابن منظور : « وَرُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: « أَتاكم أَهل اليَمن، هم أَرَقُّ قلوباً، وأَلْيَنُ أَفئدةً »، فوَصَفَ القلوبَ بالرِّقة، والأَفْئِدَة باللِّين، وكأَنَّ القَلْبَ أَخَصُّ من الفؤَاد في الاستعمال، ولذلك قالوا : أَصَبْتُ حَبَّةَ قلبه، وسُوَيْداءَ قلبه »([6])، وربما يكون القلب بمعنى الفؤاد تماماً، لكن النبي صلى الله عليه وسلم وزع الأوصاف إليهما، على سبيل الترادف والتنويع في الكلام، لا على سبيل الافتراق، وقال بعض العلماء: « الفؤاد كالقلب، لكن يقال له فؤاد إذا اعتبر فيه معنى التفؤد أي: التوقد يقال: فأدت اللحم: شويته ولحم فئيد: مشوي »([7]). قوله صلى الله عليه وسلم : « ألا وإن في الجسد مضغة ... القلب » يدل على أن القلب المعنوي هو في القلب المادي الجسمي المسمى بالمضغة. والقلب اصطلاحاً: يأتي بمعانيه اللغوية، فيطلق على تلك المضغة المعروفة، ويطلق على ما يحصل من إدراك وتعقل في تلك المضغة، وبهذا الاعتبار عُرِّف القلب بأنه: « لطيفة ربانية لها بهذا القلب الجسماني الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر تعلق وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان ... ([8]) وهي المدرِك والعالِم من الإنسان والمخاطَب والمطالَب والمعاتَب »([9]). وقوله صلى الله عليه وسلم : « ألا وإن في الجسد مضغة ... القلب » يدل على أن القلب المعنوي هو في القلب المادي الجسمي المسمى بالمضغة. التعريف المختار: والذي أختاره جمعاً بين التعريفات السابقة: القلب: يطلق القلب على اللَّحْمَة الصنوبرية الشكلِ في الجانب الأيسر من الصدر، ويطلق على اللطيفة المعنوية الموجودة في هذه اللحمة، وهو محل الإدراك والتعقل والتفهم، وهو محل الرغبات والأهواء فيتقلب بين رغبة وأخرى، بين خير وشر، وهو محل الإرادة، فيختار إحدى الرغبات، وهو المخاطَب من الإنسان والمطالَب والمعاتَب. وما ذكرناه في التعريف من قولنا: « وهو محل الإدراك والتعقل والتفهم »، وقولنا: « وهوالمخاطَب من الإنسان والمطالَب والمعاتَب »، على اعتبار أن العقل أو العقل الإيماني في القلب، وقد خصصنا الكلام عن العقل في الفصل الأول بغض النظر عن مكانه في القلب أو في الدماغ، وسيكون كلامنا في هذا الفصل مختصاً بأمور القلب الأخرى؛ من خواطر إحساسات ومشاعر ورغبات وإرادة. استعمال مصطلحي القلب والنفس في كتب علم التزكية: أقول: يطلق القلب على ما يحصل فيه التعقل والخواطر والميل والعاطفة والرغبة والهوى والحب والإرادة، كما سنبين ذلك من خلال النصوص القرآنية والنبوية، وغالباً ما يطلق في علم التزكية على هذا المعنى، لكننا نلاحظ أن كثيراً من علماء التزكية ينسبون هذه العواطف والرغبات والميول إلى القلب إذا كانت متجهة نحو الخير والحق، وينسبونها إلى النفس إذا كانت متجهة نحو الشر والباطل، والنفس هنا ما هي إلا القلب، ولكنه اصطلاح جرى التعامل به عند كثير من علماء التزكية، وليس ذلك بعيداً عن مصطلح الشرع فقد استعملت لفظة النفس للقلب فيه أحياناً، كقوله تعالى: ﴿ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ ﴾ [البفرة: 284]([10]). لكن لا ينبغي أن يُظَنَّ أن هذا الاصطلاح مُلزِم ومُضطرِد، بل يمكن أن تُنسب معاني الخير والشر إلى النفس، كما يمكن أن تُنسب إلى القلب أيضاً، وتجد من النصوص ما يؤيد ذلك، وهو الذي جرينا عليه في هذا الكتاب. تنبيه: من خلال استعراض النصوص الواردة في القلب؛ لا يبعد عندي أن يكون القلب قد أطلق ـ في نصوص الشرع ـ على أمرين: فيطلق ليدل على القلب المتعلق بالقلب الحسي، ويطلق ليدل على الأمور المعنوية غير الحسية التي تكون في باطن الإنسان، ولا تظهر، فيكون القلب شاملاً للخواطر والانفعالات النفسية والرغبات والإرادة والنية، وشاملاً للعقل وأعماله من تعقل وتفكر وتذكر وتدبر، وشاملاً للروح، يشمل كل ذلك حقيقة لا مجازاً، على هذا المعنى. وهذا الفهم ليس بعيداً عن معاني اللغة، فقلب الشيء يطلق على داخله الذي يخفى وراء ظاهره، فيكون بمعنى الباطن ([11])، لكن القلب الذي نتكلم عنه مختص بالأمور المعنوية أما ما يُظهِر هذه الأمور من أقوال وأعمال فهو غير القلب، فالأقوال والأعمال تدخل في الحس والظاهر، بالإضافة إلى ما يُرى من الإنسان من جسمه الظاهر. وهذا الفهم ليس بعيداً عن معاني اللغة، فقلب الشيء يطلق على داخله الذي يخفى وراء ظاهره، فيكون بمعنى الباطن([11])، لكن القلب الذي نتكلم عنه مختص بالأمور المعنوية، دون الأمور الحسية التي في باطن الإنسان من معدة وكبد وعظم وغير ذلك. ([1]) انظر: لسان العرب، لابن منظور: ج 1، ص 685 – 687، ومفردات القرآن، للراغب: ج1، ص 1204. ([2]) وسيأتي بيان الفرق بين القلب والفؤاد. ([3]) وبهذا المعنى عرفه بعضهم بأنه: مُضْغةٌ من الفُؤَاد مُعَلَّقةٌ بالنِّياط، أي بالشرايين. ([4]) ويمكن أن يكون المعنى أنهم نظروا في الأمور نظراً يريدون معه تحويلها عن حقيقتها، فيكون القلب هنا بمعنى التحويل المعنوي لا الحسي. ([5]) انظر: لسان العرب، لابن منظور: ج 1، ص 687. قال الخطابي في غريب الحديث ج1 ص 196: « وزعم بعضهم أن الفؤاد غشاء القلب وأن القلب حبته وسويداؤه ». ([6]) انظر: لسان العرب، لابن منظور: ج 1، ص 687. ([7]) مفردات القرآن للراغب: ج1 ص 1142. وانظر: التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي ص 565. ([8]) وقال الجرجاني في التعريف: « ويسميها الحكيم [يعني الفيلسوف]: النفس الناطقة والروح باطنه والنفس الحيوانية مركبه » ومعنى ذلك في تعريف القلب أنه هو محل الإدراك الذي يصدر عنه النطق، ويستمد من الروح قواها، ومحل قيامها الجسم، فلولا الروح ما نطقت ولا أدركت، ولولا الجسم ما وَجَدَت الروح الآلة التي بها تدرك وتنطق. ([9]) التعريفات، للجرجاني: ص 229 رقم 1149 . ([10]) وقد ذكرنا أمثلة أخرى في كلامنا عن النفس ومتى ترد بمعنى القلب، في مقدمات الكتاب. ([11]) كثيراً ما يقول الناس: قَلْبُ الشيء، ويقصدون داخله، ويكون للشيء ظاهر يُخفيه ويَحفظه، قال ابن منظور في لسان العرب 1/688 : «وقَلْبُ كلّ شيءٍ: لُبُّه، وخالِصُه، ومَحْضُه، ... وفي الحديث: إِن لكلِّ شيءٍ قَلْباً، و قلبُ القرآن يس »، وقال 1/686: « وقَلَب الخُبْزَ ونحوَه يَقْلِبه قَلْباً إِذا نَضِج ظاهرُه فَحَوَّله ليَنْضَجَ باطنُه ».
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إنعاش قلب..كيف الطرق؟ وماهي السبل؟ | طيف | روضة التزكية والرقائق | 25 | 10-03-11 03:54 PM |