العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة العقيدة

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-08-06, 11:26 AM   #1
أم هشام
نفع الله بك الأمة
افتراضي بيان أنواع التوحيد الثلاثة من القرآن

- بيان أنواع التوحيد الثلاثة من القرآن‏:‏

سبق أن قلنا‏:‏ إنها مستقرأة من القرآن الكريم‏.‏ والآيات التي تؤخذ منها أنواع التوحيد الثلاثة كثيرة، منها‏:‏

سورة الفاتحة – وهي أول سورة في المصحف – فيها أنواع التوحيد الثلاثة‏:‏ فقوله‏:‏ ‏﴿‏الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏﴾‏ فيه توحيد الربوبية؛ لأن الآية أثبتت ربوبية الله لجميع العالمين- وهم كل ما سوى الله – والرب هو المالك المدبر‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏.‏ مَالِكِ يَومِ الدِّينِ‏﴾‏ فيه توحيد الأسماء والصفات؛ لإثبات وصف الله في الآيتين بالرحمة والملك، وإثبات أسمائه‏:‏ الرحمن، الرحيم، المالك، وقوله‏:‏ ‏﴿‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏﴾‏ فيه توحيد الألوهية؛ لدلالة الآية على وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة‏.‏

كذلك سورة الناس –وهي آخر سورة في المصحف- فيها أنواع التوحيد الثلاثة‏:‏

فقوله‏:‏ ‏﴿‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏﴾‏ هذا توحيد الربوبية‏.‏ ‏﴿‏مَلِكِ النَّاسِ‏﴾‏ هذا توحيد الأسماء والصفات‏.‏ ‏﴿‏إِلَهِ النَّاسِ‏﴾‏ هذا توحيد الألوهية‏.‏

كذلك أول نداء في المصحف هو في نوعي التوحيد، وذلك في قوله تعالى‏:‏ ‏﴿‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏.‏ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً والسَّمَاءَ بِنَاءً وأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وأَنتُمْ تَعْلَمُونَ‏﴾‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 21-22‏]‏‏.‏

لما ذكر سبحانه وتعالى أقسام الناس الثلاثة ‏(‏المؤمنين والكافرين والمنافقين‏)‏ وجه عباده نحو الاهتداء بهداية القرآن، فعقب ذلك بقوله‏:‏ ‏﴿‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ‏﴾‏ وهو نداء عام لكافة الخلق لأمرهم جميعًا بإفراد الله بالعبادة وعدم إشراك أي أحد معه‏.‏ وهذا هو توحيد الألوهية‏.‏

ثم جاء بتوحيد الربوبية دليلاً عليه، فقال‏:‏ ‏﴿‏الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‏.‏ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً والسَّمَاءَ بِنَاءً وأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ‏﴾‏

أليست هذه أفعال الله جل وعلا‏؟‏ هذا توحيد الربوبية، ذكره سبحانه وتعالى دليلاً على توحيد الألوهية وبرهانًا عليه‏.‏ فكما أنه يفعل هذه الأشياء وحده فإنه لا يستحق العبادة أحد غيره؛ بل هي حق خالص له سبحانه‏.‏

ذكر في هذه الآية نوعي التوحيد‏
:‏ توحيد الألوهية؛ لأنه المقصود الأعظم، وذكر توحيد الربوبية دليلاً على الألوهية ومستلزمًا له، وأمر بذلك جميع الناس كما قال في آية أخرى‏:‏ ‏﴿‏ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ‏﴾‏ ‏[‏الذاريات‏:‏ 56‏]‏ فأخبر أن هذين العالمين العظيمين ‏(‏عالم الجن وعالم الإنس‏)‏ لم يخلقا إلا للقيام بعبادة الله وإفراده بها وتوحيده في ألوهيته‏.‏

ثم نهى عن الشرك في آخرها فقال‏:‏ ‏﴿‏فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وأَنتُمْ تَعْلَمُونَ‏﴾‏‏:‏ ‏﴿‏أَندَاداً‏﴾‏‏:‏ أي‏:‏ شركاء تصرفون لهم شيئًا من العبادة ‏﴿‏وأَنتُمْ تَعْلَمُون‏﴾‏ أنه لا شريك له في ربوبيته يشاركه في هذه الأمور‏:‏ خلق السموات والأرض وإنزال المطر وإنبات النبات‏.‏ أنتم تعلمون أنه لا أحد يشارك الله في هذه الأمور، فكيف تشركون معه غيره في العبادة‏؟‏ ‏!‏

وقال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏﴿‏وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ‏﴾‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 163‏]‏ هذا في توحيد الألوهية، والإله معناه‏:‏ المعبود، والألوهية‏:‏ العبادة والحب‏.‏

ومعنى الآية‏:‏ ومعبودكم بحق معبود واحد، ‏﴿‏لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُو‏﴾‏، أي‏:‏ لا معبود بحق سواه‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ‏﴾‏ هذا داخل في توحيد الأسماء والصفات؛ إذ فيه إثبات اسمين لله، وإثبات صفة الرحمة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَواتِ والأَرْضِ واخْتِلافِ الَليْلِ والنَّهَارِ والْفُلْكِ الَتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ومَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوتِهَا وبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ والسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَومٍ يَعْقِلُونَ‏﴾‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 164‏]‏ هذا في توحيد الربوبية، ذكره الله دليلاً وبرهانًا على توحيد الألوهية؛ ولذا أخبر أن في ذلك آيات، أي دلالات وبراهين على استحقاق الله للعبادة دون غيره‏.‏

ففي هذه الآية أقسام التوحيد الثلاثة، وهكذا تجدها متجاورة في القرآن الكريم‏.‏

8- الحكمة من تقرير القرآن لتوحيد الربوبية‏:

والقرآن إنما يذكر توحيد الربوبية –مع أن الكفار مقرون به – من أجل أن يبين دلالته ويقيمه برهانًا على توحيد الألوهية، فيحتج عليهم بما أقروا به من باب الإلزام لهم‏:‏

كيف تقرون لله بالربوبية، ولا تقرون له بالألوهية والعبودية‏؟‏‏!‏

كيف تصرفون العبادة لمن لا يشارك الله في شيء من مخلوقاته‏؟‏‏!‏ هذا من التناقض‏.‏

‏﴿‏قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَواتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَو أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ‏﴾‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 4‏]‏، ‏﴿‏هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ‏﴾‏ ‏[‏لقمان‏:‏ 11‏]‏، ‏﴿‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً ولَو اجْتَمَعُوا لَهُ وإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ والْمَطْلُوبُ‏﴾‏ ‏[‏الحج‏:‏ 73‏]‏ لو سلط الله عليهم الذباب ما استطاعوا أن ينتصروا لأنفسهم منه، والذباب أضعف شيء، فلو سلط الله الذباب والبعوض على الناس ما استطاعوا أن يتخلصوا منه، يقتلون منه ما يقتلون ثم يكثر عليهم ويغمرهم‏.‏

وقيل‏:‏ المعنى لو أن الذباب أخذ شيئًا مما على الصنم من الطيب والزينات التي يجعلونها عليه، فإن الصنم لا يستطيع أن يسترد ما أخذه الذباب منه‏.‏

‏﴿‏ضَعُفَ الطَّالِبُ والْمَطْلُوبُ‏﴾‏‏:‏ ‏﴿‏ضَعُفَ الطَّالِبُ‏﴾‏‏:‏ هو المشرك، ‏﴿‏والْمَطْلُوبُ‏﴾‏‏:‏ هو الصنم، وقيل الذباب‏.‏

إذا كان كذلك فكيف تُجعل هذه شركاء الله الخالق الرازق المحي المميت القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء، سبحانه وتعالى‏؟‏‏!‏ أين العقول‏؟‏‏!‏ وأين الأفهام‏؟‏‏!‏ نسأل الله العافية‏.‏

يتبع إن شاء الله



توقيع أم هشام
من العجائب ، أن البركات التي تنزل على العلم ، تنزل على المجتهد حتى الذي اجتهد في تقليب صفحات الكتاب !!

******************************************
إذا حدّثت ففتش ، وإذا كتبت فقمِّش
******************************************
أم هشام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-06, 11:31 AM   #2
أم هشام
نفع الله بك الأمة
افتراضي تابع : أنواع التوحيد في القرآن

9- التوحيد في آية الكرسي‏:‏

آية الكرسي‏:‏ ‏﴿‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو الحَيُّ القَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولاَ نَومٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَواتِ ومَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ومَا خَلْفَهُمْ ولاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَواتِ والأَرْضَ ولاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وهُو العَلِيُّ العَظِيمُ‏﴾‏‏:‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 255‏]‏

هذه أعظم آية في كتاب الله عز وجل، تشتمل على ربوبية الله وعبادته وعلى أسماء الله وصفاته، جمع الله فيها بين النفي والإثبات‏:‏ نفي النقائص والعيوب عنه، وإثبات الكمال له سبحانه وتعالى‏.‏

وفي أولها توحيد الألوهية‏:‏ ‏﴿‏اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو‏﴾‏ أي‏:‏ لا معبود بحق إلا هو‏.‏ ثم ذكر توحيد الربوبية بقوله‏:‏ ‏﴿‏الحَيُّ القَيُّومُ‏﴾‏ وهذا فيه إثبات الحياة والقيومية لله‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولاَ نَومٌ‏﴾‏‏:‏ هذا نفي، نفى الله عن نفسه النقص والعيب، من صفات النقص المنفية ‏(‏النوم والسِّنة‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏﴿‏لَّهُ مَا فِي السَّمَواتِ ومَا فِي الأَرْضِ‏﴾‏‏:‏ هذا إثبات لربوبيته، فهو مالك السماوات والأرض ومن فيهن‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ‏﴾‏‏:‏ هذا نفي، نفى أن يشفع أحد عنده إلا بإذنه؛ وذلك لكمال عظمته سبحانه وتعالى‏.‏ وأن أحدًا لا يجرؤ أن يشفع عنده إلا بعد إذنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏﴿‏يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ومَا خَلْفَهُمْ‏﴾‏‏:‏ هذا إثبات، فيه إثبات كمال العلم لله عز وجل، يعلم كل شيء‏:‏ الماضي والحاضر والمستقبل، لا يخفى عليه شيء، علمه شامل محيط‏.‏

قوله‏:‏ ‏﴿‏ولاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ‏﴾‏‏:‏ هذا نفي، نفى عن الخلق أن يعلموا شيئًا من علم الله، إلا بما أطلعهم الله عليه، وإلا فإنهم لا يعلمون الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَواتِ والأَرْضَ‏﴾‏‏:‏ الكرسي مخلوق من مخلوقات الله، وهو مخلوق عظيم، السماوات والأرض بالنسبة إليه كسبعة دراهم ألقيت في فلاة –وهي الصحراء الواسعة- أو في ترس –وهو صحن كبير- ما تكون سبعة دراهم في فلاة أو في ترس‏؟‏‏!‏ فكرسي الله جل وعلا أكبر من السماوات والأرض، وهو غير العرش، والعرش أعظم من الكرسي‏.‏
وما الكرسي في العرش إلا كحلقة حديد ألقيت في أرض فلاة‏.‏

هذا الكرسي، فكيف بعرش الرحمن سبحانه وتعالى‏؟‏‏!‏

إذن فالمخلوقات بالنسبة لله صغيرة جدًا وليست بشيء‏.‏ وإذا كان مخلوق من مخلوقات الله -وهو الكرسي- وسع السماوات والأرض وهو دون العرض، فالله جل وعلا أعظم من كل شيء‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏ولاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا‏﴾‏ أي‏:‏ لا يشق عليه سبحانه ولا يثقله، ولا يكرثه حفظ السماوات والأرض، وحمايتهما من الفساد والتغير، وإمساكهما ‏﴿‏وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ‏﴾‏ ‏[‏الحج‏:‏ 65‏]‏، ‏﴿‏رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا‏﴾‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 2‏]‏ ‏﴿‏إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَواتِ والأَرْضَ أَن تَزُولا‏.‏‏.‏‏﴾‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 41‏]‏ والله سبحانه ليس محتاجًا إلى السماوات والأرض، ولا إلى العرش، ولا إلى الكرسي، وليس محتاجًا إلى المخلوقات، وإنما مخلوقاته هي المحتاجة إليه سبحانه وتعالى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏وهُو العَلِيُّ‏﴾‏ بذاته وقدره وقهره فوق عباده ‏﴿‏العَظِيمُ‏﴾‏ الجامع لصفات العظمة والكبرياء‏.‏

فهذه الآية اشتملت على أنواع التوحيد الثلاثة‏.‏

10- التوحيد في سورة الكافرون والإخلاص‏:‏

في القرآن الكريم سور اختصت بتوحيد الألوهية مثل‏:‏ ‏﴿‏قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ‏.‏ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ‏.‏ ولاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ‏.‏ ولاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ‏.‏ ولاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ‏.‏ لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ‏﴾‏ هذه السورة مخصصة لتوحيد الألوهية، توحيد العبادة‏.‏

وسبب نزولها هو‏:‏ أن المشركين طلبوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعبدوا ربه سنة، وهو يعبد آلهتهم سنة (5)(4)‏ فأنزل الله هذه السورة في البراءة من عبادة الأوثان وتخصيص الله جل وعلا بالعبادة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏﴿‏لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ‏﴾‏ كرر هذه الجمل للتأكيد‏.‏
وقوله‏:‏ ‏﴿‏لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ‏﴾‏ هذا من باب البراءة وتيئيس المشركين من هذا المطمع‏.‏

وفي القرآن أيضًا سورة خاصة بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات، هي‏:‏ سورة الإخلاص ‏﴿‏قُلْ هُو اللَّهُ أَحَدٌ‏.‏ اللَّهُ الصَّمَدُ‏.‏ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ‏.‏ ولَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ‏﴾‏، فيها نفي وفيها إثبات، نفي النقائص عن الله، وإثبات صفات الكمال له سبحانه وتعالى، كما في آية الكرسي‏.‏ وهذه السورة خالصة في صفات الله عز وجل، ولهذا جاء أن صحابيًا كان يكثر قراءة هذه السورة، فسئل عن ذلك‏؟‏ فقال‏:‏ إني أحبها؛ لأنها صفة الرحمن، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال‏:‏ ‏(‏أخبروه أن الله تعالى يحبه‏)‏. (5)



يتبع إن شاء الله
أم هشام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-06, 11:32 AM   #3
أم هشام
نفع الله بك الأمة
افتراضي تابع : أنواع التوحيد في القرآن

- أنواع التوحيد في سورة الزمر‏:‏
سورة الزمر من أولها إلى آخرها تدور على التوحيد بأنواعه الثلاثة‏:‏ توحد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات‏.‏ وأنت إذا تأملت السورة من أولها إلى آخرها وجدتها كذلك‏.‏

فقوله‏:‏ ‏﴿‏تَنزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ‏.‏ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ‏.‏ أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ‏﴾‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 1-3‏]‏ وقوله‏:‏ ‏﴿‏قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ‏.‏ وأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَولَ المُسْلِمِينَ‏.‏ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ‏.‏ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي‏﴾‏‏[‏11-14‏]‏ هذا ونحوه في توحيد الألوهية، فالسورة كلها تضمنت أنواع التوحيد الثلاثة‏.‏

وكذلك غيرها من سور القرآن وآياته متضمنة أنواع التوحيد الثلاثة فلا تكاد تجد سورة من القرآن تخلو من ذكر التوحيد، وبعض السور خالصة في نوع واحد أو أكثر من أنواع التوحيد‏.‏ وأكثر السور المكية في بيان التوحيد، والدعوة إليه‏.‏

وهذا يدل على أهمية التوحيد ومكانته من الدين، وأنه يجب على المسلمين العناية به تعلمًا وتعليمًا وعملاً؛ قال تعالى‏:‏ ‏﴿‏فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ولِلْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ‏﴾‏ ‏[‏محمد‏:‏ 19‏]‏ وهذا خطاب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكل واحد من أمته، أمرهم بالتعلم قبل العمل، تعلم العلم، ولا سيما علم التوحيد؛ لأن العمل إذا لم يؤسس على علم ‏!‏ فإنه لا يكون صحيحًا‏.‏

فلا بد أن يتعلم الإنسان أولاً ثم يعمل، ولا يعمل بدون علم‏.‏

ولذا قال سبحانه‏:‏ ‏﴿‏إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وهُمْ يَعْلَمُونَ‏﴾‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 86‏]‏ ‏﴿‏شَهِدَ بِالْحَقِّ‏﴾‏ يعني‏:‏ نطق بلسانه وقال‏:‏ لا إله إلا الله،‏﴿‏وهُمْ يَعْلَمُونَ‏﴾‏ ما يشهدون به من معنى هذه الكلمة ومقتضاها وما تدل عليه، ويعملون بها بعد العلم والمعرفة‏.‏

فلا بد من ثلاثة أمور‏:‏ النطق بلا إله إلا الله وإعلان ذلك ومعرفة معناها، والعمل بمقتضاها ظاهرًا وباطنًا‏.‏

فالقرآن إذن كله في التوحيد وأنواعه، وحقوقه ومكملاته، وجزاء من عمل به وجزاء من أعرض عنه، كله يدور على هذه المعاني‏.‏

هذا هو التوحيد الذي يجب على المسلمين أن يهتموا به قبل كل شيء؛ حتى يتحقق لهم النصر والعز والتمكين في الأرض، فهذه الأمور لا تتحقق إلا بتحقيق التوحيد الذي خلق الله الخلق من أجله وأمرهم به من أولهم إلى آخرهم‏.‏

فكيف يهون من شأن التوحيد‏؟‏‏!‏ فيقال‏:‏ الناس الآن في مشكلات‏!‏ المسلمون في ضيق وفي مضايقة من الأعداء‏!‏

يجب أن يعلم أن أعظم قضايا المسلمين هو الإتيان بالتوحيد، فتجب العناية به قبل كل شيء، وأن نخلص الناس من الجهل بالتوحيد، ونخلصهم من الشرك، والبدع والخرافات؛ حتى يتحقق لهم النصر كما تحقق لمن كان قبلهم من قرون هذه الأمة الذين حققوا التوحيد قولاً وعلمًا وعملاً، فمكن الله لهم في الأرض، كما في قوله تعالى‏:‏ ‏﴿‏وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوفِهِمْ أَمْناً‏﴾‏ لكن بشرط‏:‏ ‏﴿‏يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً‏﴾‏ ‏﴿‏ومَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ‏﴾‏ ‏[‏النور‏:‏ 55‏]‏ أي‏:‏ الخارجون عن طاعة الله عز وجل‏.‏

هذا هو التوحيد، وهذه أنواعه، وهذه أهميته، وهذه دلالة القرآن الكريم عليه‏.‏

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل التوحيد المتمسكين بالكتاب والسنة، الداعين إلى الله على بصيرة، بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن‏.‏

ونسأله أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح ولاة أمور المسلمين وعلماءهم‏.‏

________________________________________
(1) ‏[مدارج السالكين: 468/3 بتصرف]
(2) [‏كما في حديث الإسراء المتواتر، ومن آحاده الحديث المتفق عليه عن أنس‏:‏ البخاري‏:‏ كتاب التوحيد، باب ‏(‏37‏)‏، رقم ‏(‏7517‏)‏، ‏[‏13/583‏]‏‏.‏ ومسلم‏:‏ كتاب الإيمان، باب ‏(‏74‏)‏، رقم ‏(‏162‏)‏‏.‏‏]‏ ‏
(3) ‏[‏أخرجه البخاري ‏(‏رقم 2946‏)‏، ومسلم ‏(‏رقم 21‏)‏‏.‏‏]‏ ‏
(4) [أخرجه ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم في تفسيرهم]
(5) ‏[‏متفق عليه من حديث عائشة‏:‏ البخاري‏:‏ كتاب التوحيد، باب ‏(‏1‏)‏ رقم ‏(‏7375‏)‏، ‏[‏13/425‏]‏ ومسلم‏:‏ كتاب صلاة المسافرين، رقم ‏(‏813‏)‏‏.‏‏]‏ ‏

من موقع الشيخ فوزان
http://www.alfuzan.net/islamLib/view...D=352&CID=2#s1
أم هشام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-06, 11:45 AM   #4
أم هشام
نفع الله بك الأمة
افتراضي

[grade="A0522D FF6347 DEB887 DEB887 A0522D"]نسأل الله أن يحيينا ويميتنا على التوحيد[/grade]
أم هشام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أيهما أولى حفظ القرآن أو طلب العلم الشرعي مسلمة لله روضة آداب طلب العلم 31 02-08-16 12:15 PM
أفلا يتدبرون القرآن؟! /للشيخ عبدالسلام الحصين أم خــالد روضة القرآن وعلومه 15 14-02-10 02:56 AM
نزول القرآن الكريم وتاريخه وما يتعلق به طـريق الشـروق روضة القرآن وعلومه 8 22-12-07 03:50 PM


الساعة الآن 04:03 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .