العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة التزكية وآداب الطلب > روضة التزكية والرقائق

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-03-07, 05:30 PM   #1
المزدانة بدينها
جُهدٌ لا يُنسى
Lightbulb العجلة المذمومة..........

العجلة المذمومة



الشيخ: عبد العزيز آل الشيخ
نقلاً من موقع المنبر



وصف الله الإنسانَ بأنه عجول، أي: بأن فيه عجلةً في أموره، وتسرُّعاً في أحواله كلِّها؛ لقصور علمه وقلة إدراكه كانت تلك العجلة فيه، وهذا لَفْت نظرٍ له ليتحلى بالصبر والأناءة، ويكبح جماحَ النفس المائلة إلى العجلة في الأحوال كلِّها؛ ولذا النبي -صلى الله عليه وسلم-يقول: (من حُرم الرفقَ حُرم الخيرَ كله)، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (ما وُضع الرفق في شيء إلا زانه، ولا نُزع الرفق من شيء إلا شانه)، فالرفق في الأمور كلِّها مصلحة للعبد في دينه ودنياه، فيدرك برفقه وحكمته وأناءته ما لا يدركه في طيشه وعجلته وتسرُّعه. فكم يفوت عليه بالعجلة أمور يندم على فواتها، وكم تعود العجلة عليه بأمور يندم على فعلها؛ ولذا شرع النبي -صلى الله عليه وسلم-للمسلم صلاةَ الاستخارة قبل أن يُقدم على أمرٍ ما من الأمور، ليسأل الله: إنْ يكن هذا الأمر خيرًا له في الدين والدنيا وعاقب الأمور أن ييسره الله له ويعينه عليه، وإن يكن شرًا له في دينه ودنياه وعاقبة أمره أن يصرفه الله عنه، وما ندم من استخار.

وإذا تأمَّل المسلم كتابَ الله وسنة محمد -صلى الله عليه وسلم-حقَّ التأمل رأى أن العجلةَ مذمومة، وأنه لا خير فيها، أعني العجلة في غير ما أُمرت به من الأوامر الشرعية، فالعجلة في الأمور والتصرفات تعود على الشخص بالندامة شاء أم أبى.

فمن ذلكم نقلُ الأخبار وإشاعة الأخبار، يكون عند بعض الناس عجلة، فأي خبر سمعتْه أذُناه نشر ذلك الخبر وأشاعه من غير تثبت، أهذا الخبرُ حق أم باطل؟ أصدقٌ أم كذب؟ مجرد خبر يسمعه لا يستطيع أن يكتمه؛ بل لا بد أن يشيعه وينشره، ولو كان هذا الخبر غيرَ واقع، ولو كان كذبًا في باطن الأمر؛ ولهذا يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((كفى بالمرء كذبًا أن يحدِّث بكل ما سمع)، فمن حدَّث بكل ما سمع اعتُبر كاذبًا؛ لأن الخبر قد يُستقصى فلا يُرى له صحة، فيُتَّهم بالكذب وهو لم يقصد ذلك، لكن عجلته في الأخبار أوجبت له أن يوصَف بتلك الصفة الخاطئة.

ومن العجلة المذمومة الحكمُ على الأشخاص، وإصدار الحكم على فلان وفلان، بأن فلانًا فاسق، وبأن فلانًا مجروح العدالة، وبأن فلانًا كافر، وبأن فلانًا ذا رأي مخالف للشرع، ونحو ذلك مما قد يستعجل فيه البعض من غير خوف من الله وورع وتأكُّد.

فإذا حكمتَ على أيٍّ كان بحكم فاعلم أن الله سائلك عنه، تحكمُ عليه بالبدعة اللهُ سائلك عن ذلك، تحكمُ بالفسق أو تحكم بالكفر أو تحكم عليه بالعولمة أو تحكم عليه بأي وصف كان، فاتق الله في حكمك قبل أن تُصدره، اتق الله فيه قبل أن تقول، فربما ساء فهمُك لِما نُقل إليك، وربما يكون لمَن نَقل عنه قلةُ إدراك ووعي منه، ولا يحيط بما قال، ولا يدرك حقيقة ما تكلم به، فكان المطلوب الاتصال بذلك الإنسان ومناقشتُه عما قيل عنه: أحق ما نسب إليه أم غير حق؟ أكان عنده تأويلٌ عَرَض له أم كان مجازفًا في الأمور لقلة إيمانه وخوفه من الله؟ المهمُّ أن يكون حكمُك واقعًا على حقائق لا على ظنون وأهواء، فالمصيبة أن تكون الأحكام تنطلق من هوىً في النفس، والهوى يعمي ويصمُّ، {يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَـٰكَ خَلِيفَةً فِى ٱلأرْضِ فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ}، كراهيتُك لبعض الناس وعدم التِئَام طبعك مع طباعهم لا يُجوِّز لك أن تحكم عليهم بالأحكام الجائرة من غير رويَّة في الأمور، فإن من حكم على الناس من غير رويَّة في أموره قد يعود عليه ذلك الأمر بالضرر عليه في نفسه، ومن قال لأخيه: يا عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه، أي: رجع عليه. هكذا يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وإن الله أمرك بالعدل في قولك مع العدوِّ والصديق: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ}، مع العدوِّ والصديق، احكم بالعدل لا بالهوى والظنون الباطلة، {وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ}، ميزانُ حقٍّ أن تلتزمه في الأقوال والأعمال؛ ولهذا الله جل وعلا قال للمؤمنين: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَـٰدِمِينَ}. ومن العجلة المذمومة سرعةُ الانفعال في أدنى خصومة مع الأولاد أو مع الآخرين، فيكون هناك الانفعال وشدة الغضب، ويقيم الدنيا ولا يقعدها بسببٍ تافه يمكن حلُّه وإنهاؤه بدون هذه الأمور التي لا خير فيها، فسرعةُ الانفعال والغضب على كل الأسباب هذه أمور منهيٌّ عنها وعجلة ضارَّة بالإنسان، فبإمكان الإنسان تلافي هذه الأمور وتداركها، والله يقول: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا}.

ومن العجلة المذمومة استعجالُ الداعي في دعائه، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم-أمرنا بالدعاء، ونهانا عن العجلة في طلب الإجابة، وقال: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوتُ دعوت فلم يستجَب لي، فيستحسر ويدع الدعاء) والمسلم يعلم أنه يدعو ربًّا كريمًا قريبًا مجيبًا، لكن له تعالى حكمةٌ في تأخير إجابة دعائك، فربما كان في التأخير خيرًا لك، وأن في إجابة دعائك ضررًا عليك، وربما أُخِّرت إجابةُ دعوتك لتقوى رغبتُك إلى ربك، ويعظم في قلبك تعظيم ربك وكمالُ الافتقار والاحتياج إليه، وذاك أعظم فضلًا لك من أن تقضَى حاجتك.

إن أناءتَك في الأمور تجعلك في راحة وانبساط، وإن عجلتك وطيشَك يجعلك قلقاً دائماً، لا ترتاح ولا تطمئن. فأناءتُك في الأمور وعدم تسرُّعك في الأشياء مما يعود عليك بسلامة قلبك وراحة بالك، واطمئنان نفسك وانشراح صدرك، فكن كذلك ـ أخي المسلم ـ في أحوالك كلها لتكون من المتقين.



توقيع المزدانة بدينها


أختي الحبيبةأم هشام ..سلمتِ وسلمَت أناملك!
المزدانة بدينها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-07, 11:37 AM   #2
أم البراء
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها
افتراضي

جزاك الله خيرا أختي زانها دينها
موضوع قيم ومفيد ..



توقيع أم البراء
معهد أم المؤمنين خديجة
رضي الله عنها ..
أنت أغلى ما أملك ..~
أم البراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .