18-12-06, 12:46 PM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
من أحداث السيرة فى شهر ذى القعدة -- صلح الحديبية
من أحداث السيرة فى شهر ذى القعدة
****************************** صلح الحديبية وفيها كانت وقعة الحديبية . وعدة الصحابة إذ ذاك ألف وأربعمائة . وهم أهل الشجرة وأهل بيعة الرضوان خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بهم معتمرا ، لا يريد قتالا . فلما كانوا بذي الحليفة قلد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث عينا من خزاعة يخبره عن قريش . حتى إذا كان قريبا من عسفان أتاه عينه فقالا : إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا جموعا ، وهم مقاتلوك ، وصادوك عن البيت . حتى إذا كان ببعض الطريق قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - إن خالد بن الوليد بكراع الغميم ، فخذوا ذات اليمين .. فما شعر بهم خالد حتى إذا هو بغبرة الجيش . فانطلق يركض نذيرا . وانطلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - حتى إذا كان في ثنية المرار ، التي يهبط عليهم منها : بركت راحلته فقال الناس حل حل . فقالوا : خلأت القصواء فقال « ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل . ثم قال والذي نفس محمد بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات اللَّه إلا أعطيتهم إياها » ثم زجرها فوثبت به . فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية ، على ثمد قليل الماء . فلم يلبث الناس أن نزحوه . فشكوا إليه . فانتزع سهما من كنانته . وأمرهم أن يجعلوه فيه فواللَّه ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه . وفزعت قريش لنزوله . فأحب أن يبعث إليهم رجلا . فدعا عمر فقال يا رسول اللَّه ليس لي بمكة أحد من بني عدي بن كعب يغضب لي إن أوذيت ، فأرسل عثمان . فإن عشيرته بها ، وإنه يبلغ ما أردت . فدعاه فأرسله إلى قريش ، وقال أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا ، وادعهم إلى الإسلام وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيبشرهم بالفتح وأن اللَّه عز وجل مظهر دينه بمكة حتى لا يتخفى فيها الإيمان . فانطلق عثمان . فمر على قريش . فقالوا : إلى أين ؟ فقال بعثني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أدعوكم إلى اللَّه وإلى الإسلام ويخبركم أنه لم يأت لقتال . وإنما جئنا عمارا . قالوا : قد سمعنا ما تقول . فانفذ إلى حاجتك . وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص ، فرحب به . وحمله على الفرس وأردفه أبان حتى جاء مكة . وقال المسلمون قبل أن يرجع خلص عثمان من بيننا إلى البيت فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون قالوا : وما يمنعه يا رسول اللَّه وقد خلص ؟ قال ذلك ظني به ألا يطوف بالكعبة حتى نطوف معه . واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح . فرمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق الآخر . فكانت معركة . وتراموا بالنبل والحجارة . وصاح الفريقان وارتهن كل منهما من فيهم . وبلغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أن عثمان قد قتل . فدعا إلى البيعة . فتبادروا إليه وهو تحت الشجرة فبايعوه على ألا يفروا . فأخذ بيد نفسه وقال هذه عن عثمان . ولما تمت البيعة رجع عثمان فقالوا له اشتفيت من الطواف بالبيت . فقال بئسما ظننتم بي والذي نفسي بيده لو مكثت بها سنة ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وسلم بالحديبية ما طفت بها حتى يطوف . ولقد دعتني قريش إلى الطواف فأبيت . فقال المسلمون رسول اللَّه أعلم باللَّه وأحسننا ظنا . وكان عمر أخذ بيد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - للبيعة وهو تحت الشجرة فبايعه المسلمون كلهم . لم يتخلف إلا الجد بن قيس . وكان معقل بن يسار آخذا بغصنها يرفعه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - . وكان أول من بايعه أبو سنان وهب بن محصن الأسدي وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات في أول الناس ووسطهم وآخرهم . فبينا هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء في نفر خزاعة - وكانوا عيبة نصح لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - من أهل تهامة - فقال إني تركت ابن لؤي وعامر بن لؤي : قد نزلوا أعداد مياه الحديبية ، معهم العوذ المطافيل . وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . فقال إنا لم نجئ لقتال أحد وإنما جئنا معتمرين وإن قريشا نهكتهم الحرب وأضرت بهم . فإن شاءوا ماددتهم ويخلوا بيني وبين الناس . فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جموا ، وإن أبوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ، أو لينفذن اللَّه أمره .قال بديل سأبلغهم ما تقول . فانطلق حتى أتى قريشا ، فقال إني قد جئتكم من عند هذا الرجل وسمعته يقول قولا . فإن شئتم عرضته عليكم . فقال سفهاؤهم لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشيء . وقال ذوو الرأي منهم هات ما سمعته يقول قال سمعته يقول كذا وكذا . فقال عروة بن مسعود إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته . فقالوا : ائته . فأتاه . فجعل يكلمه . فقال له نحوا من قوله لبديل . فقال عروة أي محمد أرأيت لو استأصلت قومك ، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى ، فواللَّه إني لأرى أوشابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك . فقال أبو بكر : امصص بظر اللات أنحن نفر عنه وندعه ؟ . قال عروة من ذا يا محمد ؟ قال أبو بكر . قال أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي - لم أجزك بها - لأجبتك . وجعل يكلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - ويرمق أصحابه . فواللَّه ما انتخم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم . فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمر ابتدروا أمره . وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه . وإذا تكلم خفضوا أصواتهم . وما يجدون إليه النظر تعظيما له . فرجع عروة إلى أصحابه فقال أي قوم واللَّه لقد وفدت على الملوك - كسرى ، وقيصر . والنجاشي - واللَّه إن رأيت ملكا يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمدا . واللَّه ما انتخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده . ثم أخبرهم بجميع ما تقدم ثم قال وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها . قال رجل من بني كنانة دعوني آته فقالوا : ائته . فلما أشرف على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - قال هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن . فابعثوها له ففعلوا واستقبله القوم يلبون فلما رأى ذلك . قال سبحان اللَّه ! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت . فرجع إلى أصحابه فأخبرهم . فبينا هم كذلك إذ جاء سهيل بن عمرو . فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - « قد سهل لكم من أمركم » فقال هات اكتب بيننا وبينك كتابا . فدعا الكاتب وهو علي بن أبي طالب - فقال « اكتب بسم اللَّه الرحمن الرحيم » فقال سهيل : أما الرحمن فما أدري ما هو ؟ ولكن اكتب باسمك اللَّهم كما كنت تكتب . فقال المسلمون واللَّه لا نكتبها إلا بسم اللَّه الرحمن الرحيم فقال -صلى اللَّه عليه وسلم - « اكتب باسمك اللَّهم » ثم قال « اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول اللَّه » فقال سهيل واللَّه لو نعلم أنك رسول اللَّه ما صددناك عن البيت ولكن اكتب محمد بن عبد اللَّه فقال « إني رسول اللَّه وإن كذبتموني ، اكتب محمد بن عبد اللَّه » ثم قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - « على أن تخلوا بيننا وبين البيت . فنطوف به » فقال سهيل واللَّه لا تحدث العرب أننا أخذنا ضغطة ولكن ذاك من العام المقبل . فقال سهيل وعلى ألا يأتيك رجل منا ، وإن كان على دينك ، إلا رددته إلينا فقال المسلمون سبحان اللَّه ! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما ؟ . فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل وقد خرج من أسفل مكة يرسف في قيوده حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين . فقال سهيل هذا أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - « إنا لم نقض الكتاب بعد » فقال إذا واللَّه لا أصالحك على شيء أبدا . فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - « فأجزه لي » قال ما أنا بمجيزه لك . قال بلى فافعل قال ما أنا بفاعل . قال أبو جندل يا معشر المسلمين كيف أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ؟ ألا ترون ما لقيت ؟ ألا ترون ما لقيت ؟ وكان قد عذب في اللَّه عذابا شديدا - قال عمر بن الخطاب : واللَّه ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ . فأتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - فقلت : يا رسول اللَّه ألست نبي اللَّه ؟ قال : بلى . قلت : ألسنا على حق وعدونا على الباطل ؟ قال بلى . قلت علام نعطي الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم اللَّه بيننا وبين أعدائنا ؟ فقال « إني رسول اللَّه وهو ناصري » . ولست أعصيه . قلت . أو لست تحدثنا : أنا نأتي البيت ونطوف به ؟ قال بلى ، أفأخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا . قال فإنك آتيه ومطوف به . قال فأتيت أبا بكر . فقلت له مثلما قلت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم . ورد علي كما رد علي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - سواء وزاد فاستمسك بغرزه حتى تموت . فواللَّه إنه لعلى الحق . فعملت لذلك أعمالا . فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا قال فواللَّه ما قام منهم رجل حتى قالها ثلاث مرات » . فلما لم يقم منهم أحد قام ولم يكلم أحدا منهم حتى نحر بدنه ودعا حالقه . فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا . وجعل بعضهم يحلق بعضا ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما . ثم جاء نسوة مؤمنات فأنزل اللَّه { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ } - حتى بلغ - { بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } (1) فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك . وفي مرجعه -صلى اللَّه عليه وسلم - أنزل اللَّه سورة الفتح { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا }{ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } - الآية فقال عمر أو فتح هو يا رسول اللَّه ؟ قال نعم . قال الصحابة هذا لك يا رسول اللَّه فما لنا ؟ فأنزل اللَّه { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ } - الآيتين إلى قوله - { فَوْزًا عَظِيمًا } (1) . ولما رجع إلى المدينة جاءه أبو بصير - رجل من قريش - مسلما ، فأرسلوا في طلبه رجلين وقالوا : العهد الذي بيننا وبينك . فدفعه إلى الرجلين . فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة . فنزلوا يأكلون من تمر لهم . فقال أبو بصير لأحدهما : إني أرى سيفك هذا جيدا . فقال أجل . واللَّه إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت فقال أرني أنظر إليه . فأمكنه منه . فضربه حتى برد . وفر الآخر . حتى بلغ المدينة . فدخل المسجد . فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - « لقد رأى هذا ذعرا » فلما انتهى إليه قال قتل واللَّه صاحبي ، وإني لمقتول . فجاء أبو بصير ، فقال يا نبي اللَّه قد أوفى اللَّه ذمتك ، قد رددتني إليهم فأنجاني اللَّه منهم . فقال -صلى اللَّه عليه وسلم - « ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد » . فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم . فخرج حتى أتى سيف البحر . وتفلت منهم أبو جندل . فلحق بأبي بصير . فلا يخرج من قريش رجل - قد أسلم - إلا لحق به . حتى اجتمعت منهم عصابة . فواللَّه ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها ، فقاتلوهم وأخذوا أموالهم . فأرسلت قريش إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - تناشده اللَّه والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمن . المصدر (كتاب مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم) للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[1] مظاهر الحب الكاذب ! | بنت التوحيد | روضة السنة وعلومها | 2 | 01-04-08 03:03 PM |