إضاءة: شدة الألفة تزيل الكُلفة.

[مريم بنت خالد]

أعتقد أننا نستطيع بهذه القاعدة البسيطة
أن نستوعب كل ضوابط الاختلاط بين الرجال والنساء ،
وأن نميز بين الحلال والحرام فيها،
القاعدة تقول : "شدة الألفة تزيل الكلفة" .

تستطيع أن تستنتج هذه القاعدة من هذه الأحاديث الأربعة :
1. ( إيَّاكم والدُّخولَ علَى النِّساء فقالَ رجلٌ منَ الأنصارِ : يا رسولَ اللَّهِ أفرأيتَ الحموَ ؟
قالَ : الحَموُ الموتُ ) رواه البخاري
- الحمو: أقارب الزوج وخاصة أخوه.

2. ( حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ،
وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ فَمَا ظَنُّكُمْ ) رواه مسلم
- فما ظنكم: أي هل تظنون أنه سيترك له حسنة واحدة في ميزانه؟

3. - قال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ ، أيُّ الذَّنْبِ أكبرُ عِندَ الله ؟ قال : ( أن تدعوَ للهِ نِدًّا وهو خلَقَك ) .
قال: ثم أيٌّ؟ قال: ( ثم أن تقتُلَ ولَدَك مَخافَةَ أن يَطعَمَ منك ) .
قال: ثم أيٌّ؟ قال: ( أن تُزانِيَ حَليلَةَ جارِك ) .
فأنزَل اللهُ تصديقَها : { وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ} الآية رواه مسلم
- حليلة الجار: زوجته .
..
4. ( لا يخلوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلّا كَانَ ثالِثُهُما الشّيطَان ) صححه الألباني في صحيح الترمذي
مثلما يحدث في مكاتب العمل أو الزمالة في الجامعات والمدارس أو حتى في أعمال البر في الجمعيات الخيرية .

__________________

لو نظرت في هذه الأحاديث الأربعة ستجد أن القاسم المشترك فيها هو
" وجود شدة الألفة " بطبيعة الحال.

فالحمووهو أخو الزوج يحدث بينه وبين زوجة أخيه كلام وأحيانًا مزاح لأنهم تجمعهم عائلة واحدة؛
فبطبيعة الحال كُسر حاجز الكلفة بوجود شدة الألفة.

والساعي على حوائج زوجة المجاهد يبدي اهتمامًا ووُدًّا في غياب رجل البيت؛
فبطبيعة الحال كُسر حاجز الكلفة بوجود شدة الألفة.

وحُسن الجيرة يقتضي حسنَ المعاملة مع الجار وزوجته ،
فبطبيعة الحال كُسر حاجز الكلفة بوجود شدة الألفة.

والخلوة التي تحدث بسبب العمل أو الدراسة أو أي سبب تفتح مجالا للمشاركة في أمور شخصية؛
فبطبيعة الحال كُسر حاجز الكلفة بوجود شدة الألفة.

فكلما وجدت شدة الألفة غلظ الله في العقوبة.
وهكذا تستطيع أن تعرف ضوابط الاختلاط،
وهي بكل بساطة " تجنب وجود الألفة "
__________________

لو تقابل شاب وفتاة كل يوم في المكان نفسه ولو بغير كلام تحدث ألفة تلقائية.
هي فطرة أن ينجذب كل طرف للاخر.
ولو قرأت فتاة لشابٍ خواطره على الفيسبوك تحدث ألفة تلقائيًا ،
فتشعر أنها تعرفه ولا تجد كثير حياء يمنعها من التحدث معه والمزاح أحيانا .
والذين يتقابلون في أعمال دعوية أوخيرية أومناهضة للظلم ،
وكلٌ منهم لا يرى في نفسه ولا في الآخر إلا أنه يعمل لله ،
لكن الألفة تحدث بشكل فطري وتلقائي ،
وحسن الظن المقدم هنا يسبب كوارث أكثر مما يحدث في أوساط غير الملتزمين .
لأن شدة الالفة تذهب بالحياء بشكل تدريجي .

وفي لحظة من ضعف الإيمان وكثرة الهموم والإحساس بالوحدة ينقض الشيطان ويحدث ما يحدث ..
ولا أحد معصوم ،
لا أحد معصوم ،
لا أحد معصوم .

نعم نحسن الظن في مواطن حسن الظن ،
ولكن نحذر أشد الحذر من الوقوع في حبائل الشيطان ،
ونتوقع الضعف البشري من أنفسنا ومن كل البشر .
فلا المشهور معصوم، ولا المنتقبة معصومة، ولا المصلي كل الفرائض في مسجده معصوم،
ولا المجاهد المتوقع الموت في كل لحظة معصوم، ولا الشيخ المربِّي الذي يهدي الله على يديه الناس معصوم .
ولا الصحابة عُصموا؛ فالأصل { وخلق الإنسان ضعيفًا }
__________________

يبقى أمر واحد ، أن تحدد لنفسك ما يسبب الألفة مع الطرف الآخر .
فمما يسبب الألفة:
النظر المباشر وترك غض البصر ،
والكلام المفتوح في أمور شخصية ،
والمزاح الكثير الذي يصحبه ضحك واستئناس وطلب للمزيد من الوقت المرح،
والمحادثات الخاصة التي هي الخلوة بعينها ولو كانت في رسائل مكتوبة خاصة لو لم يكن لها موضوع مقبول .

وقطعا المجتمعات مختلفة والثقافات مختلفة ،
والضوابط قد تتشدد في بعض المجتمعات وتتخفف في بعضها ،
فالضابط الحقيقي ليس كل ذلك
ولكنها التقوى ،
الخوف من الله ومن الحساب .

منقولٌ بتصرُّف
سأُرفِق اسم الكاتب -جزاه الله خيرًا- حينما أتثبت منه إن شاء الله

[دعاء بنت وفقي]

سلمت يمناك ياغالية
نسأله تعالي أن يرزقنا تقواه في السر والعلن .

[ليلى محمد]

سبحان الله
أين بعض المسلمين من كلام الله ورسوله
نقلك رائع وفقكِ الله وسدد خطاكِ آمين

[أم صُهيْب]

كلام سديد ، جزاك الله خيرا وكاتبَه ..

[الأثرية السوفية]

الله يزيد بهاء ونور لا يفارق وجهك

[أروى آل قشلان]

بورك فيكِ ..
للأسف نرى ما يعجز اللسان عن وصفه من زوال الكُلفة .. فإلى الله المشتكى
ونسأله تعالى صلاح الحال