08-07-07, 02:36 PM | #1 |
|مديرة معهد أم المؤمنين خديجة|
|
هل العزلة أفضل أم الاختلاط بالناس؟
هل العزلة أفضل أم الاختلاط بالناس؟
* قد ورد في هذا الباب حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "المسلم غذا كان مخالطا الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم". * وفي باب الاعتزال أخرج البخاري حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفرُّ بدينه من الفتن". وثمَّ أدلة أخر كثيرة في هذا الباب.. أما بالنسبة للجواب على مسألة الباب ، فها هي بعض أقوال العلماء فيه: ذكر الخطابي في كتاب "العزلة" - كما نقل عنه الحافظ في "الفتح":(333/11): أن العزلة والاختلاط يختلفان باختلاف متعلقاتهما ، فتحمل الأدلة الواردة في الحض على الاجتماع على ما يتعلق بطاعة الأئمة وأمور الدين ، وعكسها في عكسه ، وأما الاجتماع والافتراق بالأبدان : فمن عرف الاكتفاء بنفسه في حق معاشه ومحافظة دينه فالأولى له الانكفاف عن مخالطة الناس ، بشرط: أن يحافظ على الجماعة والسلام والرد وحقوق المسلمين من العيادة وشهود الجنازة ونحو ذلك ، والمطلوب إنما هو : ترك فضول الصحبة لما في ذلك من شغل البال، وتضييع الوقت عن المهمات، ويجعل الاجتماع بمنزلة الاحتياج إلى الغذاء والعشاء ، فيقتصر منه على ما لابد له منه فهو أروح للبدن والقلب . والله أعلم. وقال القشيري في "الرسالة": طريق من آثر العزلة : أن يعتقد سلامة الناس من شره لا العكس، فإن الأول ينتجه استصغاره نفسه وهي صفة المتواضع ، والثاني شهوده مزية له على غيره ، وهذه صفة المتكبر. وقال الحافظ ابن حجر "فتح الباري"(42/13): وقد اختلف السلف في أصل العزلة ، فقال الجمهور: الاختلاط أولى؛ لما فيه من اكتساب الفوائد الدينية للقيام بشعائر الإسلام وتكثير سواد المسلمين ، وإيصال أنواع الخير إليهم من إعانة وإغاثة وعيادة وغير ذلك. وقال قوم: العزلة أولى لتحقق السلامة ، بشرط: معرفة ما يتعين. وقال النووي: المختار تفضيل المخالطة لمن لا يغلب على ظنه أنه يقع في معصية ، فإذا أشكل الأمر فالعزلة أولى. وقال غيره: يختلف الأحوال فإن تعارضا اختلف باختلاف الأوقات ، فمن يتحتم عليه المخالطة : من كانت له قدرة على إزالة المنكر ، فيجب عليه إما عينا وإما كفاية بحسب الحال والإمكان ، وممن يترجح: من يغلب على ظنه أنه يسلم في نفسه إذا قام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وممن يستوي: من يأمن على نفسه ، ولكنه يتحقق أنه لا يطاع ، وهذا حيث لا يكون هنا فتنة عامة ، فإن وقعت الفتنة ترجحت العزلة لما ينشأ فيها غالبا من الوقوع في المحذور ، وقد تقع العقوبة بأصحاب الفتنة فتعم من ليس من أهلها ، كما قال قال تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) [الأنفال:25]. هذا، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في "مجموع الفتاوي"(425/10) : هل الأفضل للسالك العزلة أو الخلطة؟ فأجاب: هذه المسألة -وإن كان الناس يتنازعون فيها إما نزاعا كليا، وإما حاليا فحقيقة الأمر : أن "لخلطة" تارة تكون واجبة أو مستحبة ، والشخص الواحد قد يكون مأمورا بالمخالطة تارة ، وبالانفراد تارة ، وجماع ذلك: أن "المخالطة" إن كان فيها تعاون على البر والتقوى فهي مأمور بها ، وإن كان فيها تعاون على الإثم والعدوان فهي منهيُّ عنها ، فالاختلاط بالمسلمين في جنس العبادات ، كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين وصلاة الكسوف والاستسقاء ، ونحو ذلك. هو مما أمر الله به ورسوله. وكذلك الاختلاط بهم في الحج وفي غزو الكفار والخوارج المارقين ، وإن كان أئمة ذلك فجارا ، وإن كان في تلك الجماعات فجار ، وكذلك الاجتماع الذي يزداد العبد به إيمانا إما لانتفاعه به ، وإما لنفعه له ونحو ذلك. ولابد للعبد من أوقات ينفرد بها بنفسه في دعائه وذكره وصلاته وفكره ومحاسبة نفسه وإصلاح قلبه ، وما يختص به من الأمور التي لا يشركه فيها غيره ، فهذه يحتاج فيها إلى انفراده بنفسه ، إما في بيته كما قال طاووس:"نعم صومعة الرجل بيته؛ يكف فيها بصره ولسانه" ، وإما في غير بيته. فاختيار المخالطة مطلقا خطأ ، واختيار الانفراد مطلقا خطأ ، وأما مقدار ما يحتاج إليه كل إنسان من هذا وهذا ، وما هو الأصلح له في كل حال ، فهذا يحتاج إلى نظر خاص كما تقدم. ************ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
# أفضل طريقة لحفظ ومراجعة وتثبيت القرءان العظيم # | أم أســامة | روضة القرآن وعلومه | 45 | 21-02-14 09:47 PM |
أيهما أفضل للحائض قراءة القرآن أم الذكر | محبة الجنة | روضـة الفتاوى الشرعية | 1 | 02-06-07 06:14 AM |
** إياك نعبد ** | مسلمة لله | روضة العقيدة | 0 | 16-10-06 03:35 AM |