29-12-06, 03:03 PM | #1 |
~ ما كان لله يبقى ~
|
عشرُ مزايا لوقفة الجمعة يوم عرفة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من كتاب زاد المعاد لابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى : ( ولهذا كان لوقفة الجمعة يومَ عرفة مزية على سائر الايام من وجوه متعدّدة. احدها: اجتماعُ اليومين اللذين هما افضلُ الايام. الثاني: انه اليومُ الذي فيه ساعة محققة الاِجابة، واكثر الاقوال انها اخر ساعة بعد العصر واهل الموقف كلُّهم اذ ذاك واقفون للدعاء والتضرع. الثالث: موافقتُه ليوم وقفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. الرَّابع: ان فيه اجتماعَ الخلائق مِن اقطار الارض للخطبة وصلاة الجمعة، ويُوافق ذلك اجتماعَ اهل عرفة يومَ عرفة بعرفة، فيحصُل مِن اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدعاء والتضرع ما لا يحصُل في يوم سواه. الخامس: ان يوم الجمعة يومُ عيد، ويومَ عرفة يومُ عيد لاهل عرفة، ولذلك كره لمن بعرفة صومه، وفي النسائي عن ابي هريرة قال: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ)، وفي اسناده نظر، فان مهدي بن حرب العبدي ليس بمعروف، ومداره عليه، ولكن ثبت في الصحيح من حديث ام الفضل (ان ناساً تمارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرفَةَ في صِيَام رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال بعضُهم: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ فَاَرْسَلَتْ الَيْهِ بقَدَحِ لَبنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ، فَشَربَهُ). وقد اختلف في حكمة استحباب فطر يوم عرفة بعرفة، فقالت طائفة: لِيتقوى على الدعاء، وهذا هو قولُ الخِرقي وغيره، وقال غيرهم - منهم شيخ الاِسلام ابن تيمية -: الحِكمة فيه انه عيد لاهل عرفة، فلا يُستحب صومُه لهم، قال: والدليلُ عليه الحديث الذي في (السنن) عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: (يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَايَّامُ مِنَى عِيدُنَا اهلَ الاِسلامِ). قال شيخنا: وانما يكون يومُ عرفة عيداً في حق اهلِ عرفة، لاجتماعهم فيه، بخلاف اهل الامصار، فانهم انما يجمعون يوم النَحر، فكان هو العيدَ في حقهم، والمقصود انه اذا اتفق يومُ عرفة، ويومُ جمعة، فقد اتفق عيدانِ معاً. السادس: انه موافق ليوم اكمال اللّه تعالى دينَه لعباده المؤمنين، واتمامِ نعمته عليهم، كما ثبت في (صحيح البخاري) عن طارق بن شهاب قال: جاء يهوديٌ الى عمرَ بنِ الخطاب فقال: يَا اَمِيرَ المُؤمِنِين ايَةٌ تَقْرَؤونَهَا في كِتَابِكُمْ لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ وَنَعْلَمُ ذَلِكَ اليَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، لاتَّخَذْنَاهُ عِيداً، قَالَ: ايُ اَيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ اَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَاَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة:3] فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: اِنِّي لاَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَنَحْنُ وَاقِفُونَ مَعَهُ بِعَرَفَةَ. السابع: انه موافق ليوم الجمع الاكبر، والموقفِ الاعظم يومِ القيامة، فان القيامة تقومُ يومَ الجمعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ ادَمُ، وَفِيهِ اُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ اُخْرِجَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْاَلُ اللَّهَ خَيْرَاً اِلاَّ اَعْطَاهُ اِيَّاهُ) ولهذا شرع اللَّهُ سبحانه وتعالى لِعباده يوماً يجتمعون فيه، فيذكرون المبدا والمعاد، والجنَّة والنَّار، وادَّخر اللَّهُ تعالى لهذه الاُمَّة يومَ الجمعة، اذ فيه كان المبداُ، وفيه المعادُ، ولهذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرا في فجره سورتي (السجدة) و (هل اتى على الاِنسان ) لاشتمالهما على ما كان وما يكونُ في هذا اليوم، مِن خلق ادم، وذكر المبدا والمعاد، ودخولِ الجنَّة والنَّار، فكان تذَكِّرُ الامَّة في هذا اليوم بما كان فيه وما يكون، فهكذا يتذكَّر الاِنسانُ باعظم مواقف الدنيا - وهو يومُ عرفة - الموقفَ الاعظم بين يدي الرب سبحانه في هذا اليوم بعينه، ولا يتنصف حتى يستقرَّ اهل الجنة في منازلهم، واهل الناَّر في منازلهم. الثامن: ان الطاعةَ الواقِعَة مِن المسلمين يومَ الجُمعة، وليلةَ الجمعة، اكثر منها في سائر الايام، حتى ان اكثرَ اهل الفجور يَحترِمون يوم الجمعة وليلته، ويرون ان من تَجَرَّا فيه على معاصي اللَّهِ عز وجل، عجَّل اللَّهُ عقوبته ولم يُمهله، وهذا امر قد استقرَّ عندهم وعلموه بالتجارِب، وذلك لِعظم اليومِ وشرفِهِ عند اللّه، واختيارِ اللّه سبحانه له من بين سائر الايام، ولا ريب ان للوقفة فيه مزيةً على غيره. التاسع: انه موافق ليوم المزيد في الجنة، وهو اليومُ الذي يُجمَعُ فيه اهلُ الجنة في وادٍ اَفْيحَ، ويُنْصَبُ لهم مَنَابِرُ مِن لؤلؤ، ومنابِرُ من ذهب، ومنابرُ من زَبَرْجَدٍ وياقوت على كُثبَانِ المِسك، فينظرون الى ربِّهم تبارك وتعالى، ويتجلى لهم، فيرونه عِياناً ويكون اسرعُهم موافاة اعجلَهم رواحاً الى المسجد، واقربُهم منه اقربَهم من الاِمام، فاهلُ الجنة مشتاقون الى يوم المزيد فيها لما ينالون فيه من الكرامة، وهو يوم جمعة، فاذا وافق يوم عرفة، كان له زيادةُ مزية واختصاص وفضل ليس لغيره. العاشر: انه يدنو الرّبُّ تبارك وتعالى عشيةَ يومِ عرفة مِن اهل الموقف، ثم يُباهي بهم الملائكة فيقول: (مَا اَرَادَ هؤُلاءِ، اُشْهِدُكُم انِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم) وتحصلُ مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعةُ الاِجابة التي لاَ يَرُدُّ فيها سائل يسال خيراً فيقربُون منه بدعائه والتضرع اليه في تلك الساعة، ويقرُب منهم تعالى نوعين من القُرب، احدهما: قربُ الاِجابة المحققة في تلك الساعة، والثاني: قربه الخاص من اهل عرفة، ومباهاتُه بهم ملائكته، فتستشعِرُ قلوبُ اهل الاِيمان بهذه الامور، فتزداد قوة الى قوتها، وفرحاً وسروراً وابتهاجاً ورجاء لفضل ربها وكرمه، فبهذه الوجوه وغيرها فُضِّلَتْ وقفةُ يومِ الجمعة على غيرها. وامّا ما استفاض على السنة العوام بانها تعدل ثنتين وسبعين حجة، فباطل لا اصل له عن رسول صلى الله عليه وسلم، ولا عن احد من الصحابة والتابعين والله اعلم). |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
يوم عرفة من صحيح السنة المطهرة | بشـرى | روضة السنة وعلومها | 3 | 31-01-07 08:40 PM |