العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ > مدارسة تفسير السعدي

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-07-08, 04:02 PM   #1
أم كلثوم
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 23-01-2008
المشاركات: 405
أم كلثوم is on a distinguished road
افتراضي أثر الإيمان باليوم الآخر في سورة الماعون

بسم الله الرحمن الرحيم

الاخوات الفاضلات اللاتي حضرن تفسير سورة الماعون للأستاذة عطاء الخير هنّ اكثر من سيشعر بهذا المقال بعد ان بينت الأستاذة- بارك الله في عمرها وعملها- على مدار الساعة جوانب عظيمة من هذه السورة الكريمة التي لو صُنف في تفسيرا مجلدا لكان قليلا عليها

سورة لا يستغني عن معناها المسلم إن أراد النجاة ... ولا نجاة إلا بالإيمان باليوم الآخر وما يترتب عليه من آثار .

جاء ذكر التكذيب بالدين في الآية الأولى وتبعته وصوفات مترتبة على تكذيبه وجّه الله عز وجل الانظار إليها حتى تُحذر سواء في نفسه او في غيره .

قال الله عز وجل :

{ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ }

قيل ان سبب نزول السورة عام لكل من كان مكذباً بيوم الدين، وذلك لأن إقدام الإنسان على الطاعات وإحجامه عن المحظورات إنما يكون للرغبة في الثواب والرهبة عن العقاب، فإذا كان منكراً للقيامة لم يترك شيئاً من المشتهيات واللذات، فثبت أن إنكار القيامة كالأصل لجميع أنواع الكفر والمعاصي .

{ فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ }


قال البقاعي في الدرر :
قال الإمام أبو جعفر بن الزبير:

أتبع ذلك بذكر صفات قد توجد في المنتمين إلى الإسلام أو يوجد بعضها أو أعمال من يتصف بها وإن لم يكن من أهلها

أي أن هذه الصفات من دفع اليتيم وعدم الشفقة عليه، وعدم الحض على إطعامه والسهو عن الصلاة والمراءاة بالأعمال ومنع الحاجات إن هذه كلها من شأن المكذب بالحساب والجزاء لأن نفع العبد عنها إنما يكون إذ ذاك( وتأمل حق التأمل في الاعمال المذكورة في هذه السورة يتبين لكِ ذلك )
فمن صدق به جرى في هذه الخصال على السنن المشكور والسعي المبرور
ومن كذب به لم يبال بها وتأبط جميعها

فتنزهوا أيها المؤمنون عنها، فليست من صفاتكم في أصل إيمانكم الذي بايعتم عليه، فمن تشبه بقوم فهو منهم، فاحذروا هذه الرذائل .انتهى

فيكون معنى الكلام: لا يفعلونه إن قَدَرُوا، ولا يحثُّون عليه إن عسِروا.

لماذا نص الحق سبحانه على هذين الفعلين بالذات :

وقد جاء هذان الوصفان ايضا في موضع آخر :

" كَلا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ "

وذلك وإن كان التكذيب بيوم الدين، يحمل على كل الموبقات، إلا أنها قد يوجد ما يمنع منها، كالقتل والزنى والخمر لتعلق حق الآخرين، وكذلك السرقة والنهب.

أما إيذاء اليتيم وضياع المسكين، فليس هناك من يدفع عنه، ولا يمنع إيذاء هؤلاء عنهما، وليس لديهما الجزاء الذي ينتظره أولئك منهم على الإحسان إليهم.

وجبلت النفوس على ألا تبذل إلا بعوض، ولا تكف إلا عن خوف، فالخوف مأمون من جانبي اليتيم والمسكين، والجزاء غير مأمول منهما، فلم يبق دافع للإحسان إليهما، ولا رادع عن الإساءة لهما إلا الإيمان بيوم الدين والجزاء، فيحاسب الإنسان على مثقال الذرة من الخير.


الغفلة عن الآخرة ونسيان الموت والانشغال بالدنيا من أعظم ما يقسي القلوب :

لذلك جاء النصح النبوي فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ((زوروا القبور فإنها تذكر الآخرة))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((أكثروا من ذكر هادم اللذات: الموت))، وقال تعالى: " إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون "
قال النسفي عند هذه الآية :
{ إَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا } لا يتوقعونه أصلاً ولا يخطرونه ببالهم لغفلتهم عن التفطن للحقائق أو لا يأملون حسن لقائنا كما يأمله السعداء أو لا يخافون سوء لقائنا الذي يجب أن يخاف { وَرَضُواْ بِٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا } من الآخرة وآثروا القليل الفاني على الكثير الباقي { وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا } وسكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها فبنوا شديداً وأملوا بعيداً { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ ءايَـٰتِنَا غَـٰفِلُونَ } لا يتفكرون فيها.

الإيمان يحي القلوب:

فقد بين تعالى في آية أخرى، أن الإيمان بيوم الدين يحمل صاحبه على إطعام اليتيم والمسكين في قوله تعالى:
{ وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً }[الإنسان: 8].

ثم قال مبيناً الدافع على إطعامهم إياهم:
{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً }
وهو أن المؤمن يخاف من الله يوماً عبوساً، وعبر بالعبوس في حق يوم القيامة، لئلا يعبس هو في وجه اليتيم والمسكين لضعفهما.


يعني نخلص من هذا أنه إذا كانت القسوة وترك نفع الخلق من علامات التكذيب باليوم الآخر فإن من علامات المؤمن الرحمة :

لذلك وصف النبي صلى الله عليه وسلم قلوب أهل الجنة: (إن من أهل الجنة من يدخل الجنة قلوبهم كأفئدة الطير) من الرقة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.

والنبي عليه الصلاة والسلام أزكى عباد الرحمن رحمة، وأوسعهم عاطفة، وأرحبهم صدراً،

" فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ "[آل عمران:159]،
" لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ" [التوبة:128].

و
صفة الرحمة كما هي من أعظم صفات الباري ـ تبارك وتعالى ـ فإنها أيضًا من أعظم صفات المؤمن، فينبغي على المؤمن أن يكون رحيمًا بعباد الله، شفوقًا عليهم، محبًا لهم، يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه.

بل إن الإحسان إلى اليتيم والمسكين من مرققات القلوب :

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّه عليه الصلاة والسلام قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ لَه:( إِنْ أَرَدْتَ تَلْيِينَ قَلْبِكَ فَأَطْعِمْ الْمِسْكِينَ وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيم ) رواه أحمد .

ولما كانت رحمة الضعفاء علامة على الخير، كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين "


لاحظي ان الليونة والرقة والطرواة تكون في الشيء الحي " وجعلنا من الماء كل شيء حي " وحياة القلب في الإيمان ومن اعظم روافده القرآن لذلك يأتي تشبيهه كثيرا في القرآن بالماء

والقسوة والصلابة إنما تكون في الجماد الميت لذلك يأتي تشبيه قلوب الكفار بالحجارة أو أشد قسوة.


اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع و من علم لا ينفع و من عين لا تدمع ومن دعوة لا يستجاب لها .......... آمين



توقيع أم كلثوم


إذا سـرّ بالسراء عمّ سرورها *** وإن مسّ بالضـراء أعقبها الأجـــر

وما منهما إلا لـه فيه نــعمة *** تضيق بها الأوهام والبــر والبحــر



أم كلثوم غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أحاديث صحيحة وأخرى ضعيفة في فضائل سور القرآن سلوى محمد روضة القرآن وعلومه 4 18-11-12 10:53 PM
الإيمان باليوم الآخر مسلمة لله روضة العقيدة 0 17-09-06 01:16 AM


الساعة الآن 02:31 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .