العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة العقيدة

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-01-08, 09:27 PM   #31
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

آثار الإيمان بهذا الإيمان :
(الخالق ـ الخلاق ـ البارئ ـ المصور)
:
1
(1)-أخبر تعالى عن نفسه أنه هو الخالق وحده وما سواه مخلوق، قال تعالى :
قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (الرعد: من الآية16) وقال سبحانه :
هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ (فاطر: من الآية3) .
فكل ما سوى الله مخلوق محدث، كائن بعد أن لم يكن، وكل المخلوقات سبقها العدم كما قال عز وجل : هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (الإنسان:1) . وهذا قول الرسل جميعاً وأتباعهم، وخالف في ذلك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته وإن لم يكن معدوماً أصلاً، بل لم يزل ولا يزال، ولكن الكتاب يرد ذلك ويرفضه
(2)-أن الله سبحانه لم يزل خالقاً كيف شاء ومتى شاء ولا يزال، لقوله سبحانه : كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ (آل عمران: من الآية47) .
وقوله : وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ (القصص: من الآية68) ، وقوله سبحانه: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (البروج:15-16).
وليس بعد خلق الخلق استفاد اسم (الخالق)، ولا بإحداثه البرية استفاد اسم (الباري)، وذلك من كماله، ولا يجوز أن يكون فاقداً لهذا الكمال، أو معطلاً عنه في وقت من الأوقات، قال تعالى : أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (النحل:17)
(3)-إن الله تعالى ذكره خالق كل شيء. قال تعالى : ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (غافر:62).
ومن جملة مخلوقاته العباد وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يدل هذا على أن العبد ليس بفاعل على الحقيقة ولا مريد ولا مختار، بل هو فاعل لفعله حقيقة، وأن إضافة الفعل إليه إضافة حق، وأنه يستوجب عليه المدح والذم والثواب والعقاب، ولكن لا يدل هذا أنه واقع بغير مشيئة الله وقدرته.
والدليل على أن أفعال العباد مخلوقة قوله تعالى :
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (الصافات:96) فأفعالهم لله تعالى خلق ولهم كسب، ولا ينسب شيء من الخلق لغير الله تعالى، فيكون شريكاً ونداً مساوياً له في نسبة الفعل إليه، وقد نهى الله سبحانه عن ذلك بقوله : فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (البقرة: من الآية22) ، وقد وقع في ذلك القدرية نفاة القدر، الذين جعلوا العباد خالقين مع الله تعالى، ولهذا كانوا "مجوس هذه الأمة" بل أردأ من المجوس من حيث إن المجوس أثبتوا خالقين، خالقاً للخير وخالقاً للشر، وأما هؤلاء فقد أشركوا جميع العباد فى الخلق فقالوا هم يخلقون أفعالهم، وخالفوا بذلك الكتاب والسنة وأهل الحق
(4)-خلق الله عظيم محكم فلا يستطيع مخلوق أن يخلق مثله، فضلاً عن أن يخلق أفضل منه، قال سبحانه وتعالى : هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (لقمان:11) ، وفي الآية تحدٍ لجميع الخلق من الجن والإنس وغيرهم.
وقد أثبت الله عجزهم عن خلق خلقٍ ضعيف حقير كالذباب مثلاً ولو اجتمعوا على ذلك وتعاونوا عليه، قال عز وجل : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحج:73-74).
0(5) 5-ولذلك حرم الله على عباده أن يصوروا الصور ذات الأرواح لما فيها من مضاهاة لخلق الله، أي تشبيه ما يصنعونه ويصورونه من الصور بما يصنعه ويصوره
الله كما جاء في رواية مسلم : "الذين يشبهون بخلق الله وقد وردت أحاديث كثيرة في توعد المصورين بأشد العذاب كقوله  : "إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون" وقوله  : "إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم"، وهو أمر تعجيز ويستفاد منه صفة تعذيب المصور وهو أن يكلف نفخ الروح في الصورة التي صورها وهو لا يقدر على ذلك فيستمر تعذيبه. قاله الحافظ(
وجاء في الحديث القدسي قوله تعالى : (ومن أظلم ممن ذهب ـ أي قصد ـ يخلق خلقاً كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة) فتحداهم الخالق سبحانه وتعالى بأن يخلقوا ذرة وهي النملة الصغيرة، ثم زاد في التحدي بأن طلب منهم أن يخلقوا حبة أو شعيرة وهو من الجماد الذي لا حركة فيه نسبياً إذا ما قيس بالنسبة للنمل الذي يتحرك.
وقد قسم النووي رحمه الله المصورين إلى ثلاثة أقسام :
أ-من فعل الصورة لتعبد وهو صانع الأصنام ونحوها فهذا كافر وهو أشدهم عذاباً.
ب-من فعل الصورة وقصد مضاهاة خلق الله تعالى واعتقد ذلك، فهذا كافر له من أشد العذاب ما للكفار ويزيد عذابه قبح كفره.
ج-من لم يقصد بالصورة العبادة ولا المضاهاة فهو فاسق صاحب ذنب كبير ولا يكفر كسائر المعاصي.
(6)-وجود هذا الخلق العظيم المحيط بنا من كل ناحية دليل على قدرة الخالق وعلى عظمته وكماله، فالإنسان يعجز في كثير من الأحيان عن معرفة جوانب كثيرة من الأرض التي يعيش عليها، مع أنها صغيرة جداً إذا ما قيست بالنسبة لبقية الكون الفسيح المليء بملايين النجوم المضيئة والشموس والأقمار والتي يعجز عن حصرها أو عدها، وهذا كله في السماء الدنيا، التي فوقها ست سماوات طباق، بعضها فوق بعض وفوقهن جميعاً الكرسي، ومن عظمة خلق هذا الكرسي واتساعه أنه يستوعب السماوات السبع والأرض جميعاً، قال تعالى : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ (البقرة: من الآية255) والعرش أعظم من ذلك والخالق سبحانه فوق العرش، وهو جلت عظمته أكبر من كل شيء وأعظم.
وبذلك تعلم أن خلق الإنسان ضعيف جداً، إذا ما قرون بالسماوات السبع والكرسي والعرش كما قال تعالى : لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (غافر:57) ، وقال تعالى : أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (النازعـات:27-29) .
(7)-وأخيراً يجب أن نعلم أن الله سبحانه وتعالى ما خلق هذا الخلق العظيم لهواً ولعباً، ولا خلقه عبثاً وإنما خلقه لغاية عظيمة. قال تعالى : أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (المؤمنون:115-116) أي : أفظننتم أنكم مخلوقون عبثاً بلا قصد ولا حكمة لنا فيكم، فتعالى الله أي تقدس وتنزه عن ذلك، ثم ذكر العرش لأنه سقف جميع المخلوقات
وقال عز وجل : وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (الأنبياء:16-18) .
قال ابن كثير :
يخبر الله تعالى أنه خلق السموات والأرض بالحق ـ أي بالعدل ـ ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى وأنه لم يخلق ذلك عبثاً ولا لعباً
وأبان تعالى عن هذه الغاية العظيمة بقوله : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (الذاريات:56-57).



توقيع ورده الياسيمن
[URL="http://www.manhag.net/ola/details.php?file=204"]
[/URL][URL="http://www.manhag.net/ola/details.php?file=204"]
[/URL]

[SIZE=5][COLOR=purple][I]إذا ذبلت رياحين القلب؛ فحتمًا ستجده تواقًا للعودة إلى الحياة. وإذا سئمت من الخلق جفاءهم، وتراكمت عليك الهموم والأحزان؛ لا تتردد في أن تستعيد البهجة؛ فالطريق إلى السعادة يبدأ بكلام الله. [/I][/COLOR][/SIZE]
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-08, 09:28 PM   #32
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

الرازق ــ الرزاق
جل جلاله وتقدست أسماؤه

المعنى اللغوي :
الرزق ما ينتفع به، يقال : رزق الخلق رزقاً ورزقاً، فالرزق بفتح الراء هو المصدر الحقيقي، والرزق بكسر الراء الاسم ويجوز أن يوضع موضع المصدر، والجمع أرزاق، والرزاق من أبنية المبالغة
ورود الاسمين في القرآن الكريم :
ورد الاسم مفرداً مرة واحدة في قوله تعالى :
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (الذاريات:58) .
وورد بصيغة الجمع خمس مرات منها قوله تعالى :
وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (المائدة: من الآية114)
، وقوله تعالى : وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (الجمعة: من الآية11)
وقوله سبحانه : وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (سـبأ: من الآية39).
معنى الاسمين في حق الله تعالى :
قال ابن جرير :
هو الرازق خلقه المتكفل بأقواتهم
قال الخطابي :
هو المتكفل بالرزق والقائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها وسع الخلق كلهم رزقه ورحمته، فلم يختص بذلك مؤمناً دون كافر، ولا ولياً دون عدو، يسوقه إلى الضعيف الذي لا حيل له، ولا متكسب فيه، كما يسوقه إلى الجلد القوي ذي المرة السوي،
قال سبحانه : وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (العنكبوت:60) .
وقوله تعالى : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا  (هود: من الآية6) (
وقال الحليمي في معنى :
(الرازق) : المفيض على عباده ما لم يجعل لأبدانهم قواماً إلا به، والمنعم عليهم بإيصال حاجتهم من ذلك إليهم، لئلا تتنغص عليهم لذة الحياة بتأخره عنهم ولا يفقدوها أصلاً لفقدهم إياه.
وقال في معنى (الرازق) : وهو الرازق رزقاً بعد رزق، والمكثر الموسع له
قال ابن الأثير :
(الرزاق) : وهو الذي خلق الأرزاق وأعطى الخلائق أرزاقها وأوصلها إليهم).
وقال السعدي :
(الرزاق) لجميع عباده فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، ورزقه لعباده نوعان :
1-رزق عام شمل البر والفاجر، والأولين والآخرين وهو رزق الأبدان.
2-ورزق خاص وهو رزق القلوب، وتغذيتها بالعلم والإيمان.
والرزق الحلال الذي يعين على صلاح الدين، وهذا خاص بالمؤمنين على مراتبهم منه بحسب ما تقتضيه حكمته ورحمته
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-08, 09:29 PM   #33
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

آثار الإيمان بهذين الاسمين :
1-إن المتفرد بالرزق هو الله وحده لا شريك له، وقال عز وجل : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (فاطر:3) .
وقال سبحانه : قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (سـبأ:24) ينبه الله عباده إلى الاستدلال على توحيده وإفراده بالعبادة، أنه سبحانه هو المستقل بالخلق والرزق لا يشاركه أحد في ذلك، وإذا كان كذلك، فليفرد بالعبادة ولا يشرك به غيره من الأصنام والأنداد، ولهذا قال تعالى بعد ذلك : لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ
أي : كيف تصرفون بعد هذا البيان عن عبادة الله وحده.
2-إن الله عز وجل متكفل برزق من في السماوات والأرض، قال سبحانه : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا (هود: من الآية6).
وقال تعالى : وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ (العنكبوت: من الآية60) ، قال ابن كثير أي : لا تطيق جمعه ولا تحصيله، ولا تدخر شيئاً لغد،
اللَّهُ يَرْزُقُهَا أي : يقيض لها رزقها على ضعفها وييسره عليها، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه حتى الذر قرار الأرض والطير في الهواء، والحيتان في الماء( ).
3-قال القرطبي : والفرق بين القوت والرزق:
أن القوت ما به قوام البنية مما يؤكل ويقع به الاغتذاء.
والرزق كل ما يدخل تحت ملك العبد : مما يؤكل ومما لا يؤكل، وهو مراتب أعلاها ما يغذي.
وقد حصر رسول الله  وجوه الانتفاع في الرزق في قوله :
(يقول ابن آدم مالي مالي !! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت، وما سوى ذاك فذاهب وتاركه للناس) مسلم(2959)
4-وكل ذلك بلا ثقل ولا كلفة ولا مشقة، قال الطحاوي رحمه الله :
(رازق بلا مؤنة) بل لو سألوه جميعاً فأعطاهم لم ينقص ذلك من ملكه شيئاً، كما جاء في قوله تعالى في الحديث القدسي : (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) (. ( مسلم (2577)


5-إن الله سبحانه لم يختص برزقه من آمن في الحياة الدنيا، وإنما كان الرزق في الدنيا للجميع، للمؤمنين والكافرين، وهذا من عظيم لطفه سبحانه كما قال : اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (الشورى:19) .
وعن أبي موسى الأشعري قال قال النبي  : (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدعون له الولد ، ثم يعافيهم ويرزقهم) (البخاري 6099 )
ومعناه : أن الله سبحانه واسع الحلم حتى مع الكافر الذي ينسب له الولد فهو يعافيه ويرزقه.
6-إن الله سبحانه متحكم في أرزاق عباده فيجعل من يشاء غنياً كثير الزرق، ويقتر على آخرين، وله في ذلك حكم بالغة.
قال تعالى : وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ (النحل: من الآية71) .
وقال سبحانه : إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (الإسراء:30).
قال ابن كثير أي :
خبير بصير بمن يستحق الفقر(فمن العباد من لا يصلح حاله إلى بالغنى فإن أصابه الفقر فسد حاله ، ومنهم العكس.
وقال ابن كثير في معنى قوله تعالى :
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ (الشورى:من الآية 27)
: ولو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق لحملهم على البغي والطغيان من بعضهم على بعض أشراً وبطراً،
ثم قال تعالى : وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (الشورى:من الآية 27)
وهكذا كقوله سبحانه : وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (الحجر:21).
[u]7-كثرة الرزق في الدنيا لا تدل على محبة الله تعالى، ولكن الكفار لجهلهم ظنوا ذلك، وقد قال تعالى عنهم : [/
U]وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (سـبأ: 35-37) .
فظن الكفار والمترفون أن كثرة الأموال والأولاد دليل على محبة الله لهم واعتنائه بهم، وأنه ما كان ليعطيهم هذا في الدنيا ثم يعذبهم في الآخرة،
وقد رد الله هذا بقوله :
أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (المؤمنون:55-56) .
ثم قال تعالى : وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى أي : ليست كثرة الأموال والأولاد هي التي تقرب من الله أو تبعد، إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً أي : إنما يقرب من الله الإيمان به، وعمل البر والصالحات
. وهذا كقوله  : (إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم) وفي رواية : (ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم). مسلم (2564)
وبين الله تعالى أنهم يرضون بالحياة الدنيا وأرزاقها ويطمئنون إليها ويفرحون بها لأنهم لا يرجون بعثاً ولا حساباً، غافلين عن الآخرة وأهوالها.
قال سبحانه : إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (يونس:7-8) ، وقال سبحانه : اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (الرعد:26) ولم يعلموا أن الدنيا عند الله لا تزن شيئاً كما جاء في حديث سهل ابن سعد قال : قال رسول الله  : (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء).
ولذلك فإن الله يعطيها لمن يحب ولمن لا يحب فليس كثرة الرزق دليلاً على الكرامة ولا قلته دليلاً على الإهانة : فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (الفجر:15-16).
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-08, 09:31 PM   #34
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

8-إن تقوى الله وطاعته سبب عظيم للرزق والبركة فيه
. قال سبحانه عن أهل الكتاب : وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ والإنجيل وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ (المائدة: من الآية66) .
وقال تعالى : وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (لأعراف: من الآية96) .
وقال جل شأنه : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (الطلاق: من الآية2 ، من الآية3) أي : من جهة لا تخطر بباله ،
وقال سبحانه : وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً (الجـن:16) ، وتأذن بالزيادة لمن شكر : وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (إبراهيم: من الآية7) .
9-والعكس صحيح أيضاً فإن المعصية تنقص الرزق والبركة، لأن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته،.
قال سبحانه : ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم:41) ،
قيل : الفساد في البر القحط وقلة النبات وذهاب البركة، والفساد في البحر انقطاع صيده بذنوب بني آدم. وقيل : هو كساد الأسعار وقلة المعاش.
10-أعظم رزق يرزق الله به عباده هو الجنة التي أعدها الله لعباده الصالحين وخلق فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكل رزق يعد الله به عباده الصالحين في القرآن فغالباً ما يراد به الجنة:
كقوله تعالى : لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (سـبأ:4) ،.
وقوله تعالى : وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (الحج:58) .
وقوله سبحانه وتعالى : وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً (الطلاق: من الآية11) ، فهو أحسن الرزق وأكمله وأفضله وأكرمه، لا ينقطع ولا يزول : إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (صّ:54) .
الله ارزقنا جنتك ورضوانك وأنت خير الرازقين
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-08, 09:37 PM   #35
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

الغافر ــ الغفور ــ الغفار
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :

أصل الغفر التغطية والستر، غفر الله له ذنوبه أي : سترها، وكذا غفر الشيب بالخضاب وأغفره أي : ستره، والمغفرة : التغطية.
ورود الأسماء في القرآن الكريم :
سمى الله نفسه بالغفور: في إحدى وتسعين آية.
وأما اسمه (الغفار): فقد جاء في حمس آيات.
فعلم أن ورود (الغفور) في القرآن الكريم أكثر بكثير من (الغفار)
و (الغفار) أبلغ من (الغفور) وكلاهما من أبنية المبالغة.

وقال سبحانه : نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الحجر:49)
وقوله سبحانه : فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (نوح:10)
معنى الاسم في حق الله تعالى :قال الزجاج :
ومعنى الغفر في حق الله سبحانه هو الذي يستر ذنوب عباده ويغطيهم بستره
وقال الخطابي :
فالغفار الستار لذنوب عباده، والمسدل عليهم ثوب عطفه ورأفته، ومعنى الستر في هذا : أنه لا يكشف أمر العبد لخلقه ولا يهتك ستره بالعقوبة التي تشهره في عيونهم
وقال الحليمي :
(الغافر) هو الذي يستر على المذنب، ولا يؤاخذه فيشهره ويفضحه.
(الغافر) : وهو المبالغ في الستر، فلا يشهر المذنب لا في الدنيا ولا في الآخرة.
(الغفور) : وهو الذي يكثر منه الستر على المذنبين من عباده، ويزيد عفوه على مؤاخذته
وقال السعدي :
(العفور ـ الغفور ـ الغفار) : الذي لم يزل ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً، كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته، كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه، وقد وعد بالمغفرة والعفو لمن أتى بأسبابها، قال تعالى : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (طـه:82).

آثار الإيمان بهذه الأسماء :
1-وصف الله سبحانه وتعالى نفسه بأنه غفار للذنوب والخطايا والسيئات لصغيرها وكبيرها، وحتى الشرك إذا تاب منه الإنسان واستغفر ربه، قبل الله توبته وغفر له ذنبه.
قال تعالى :
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر:53) .
وقال تعالى :
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (النساء:110) . فمهما عظمت ذنوب هذا الإنسان فإن مغفرة الله ورحمته أعظم من ذنوبه التي ارتكبها.
قال تعالى :
إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ (النجم: من الآية32) .
وقد تكفل الله سبحانه بالمغفرة من تاب وآمن، قال تعالى :
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (طـه:82).
بل من فضله وجوده وكرمه أن تعهد بأن يبدلا سيئات المذنبين إلى حسنات،
قال تعالى عن التائبين :
فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (الفرقان: من الآية70) .
2-ولكن لا يجوز للمسلم أن يسرف في الخطايا والمعاصي والفواحش بحجة أن الله غفور رحيم، فالمغفرة إنما تكون للتائبين الأوابين.
قال تعالى : إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً (الإسراء: من الآية25) .
وقال سبحانه :
إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (النمل:11) .
فاشترط تبدل الحال من عمل المعاصي والسيئات إلى عمل الصالحات والحسنات لكي تتحقق المغفرة والرحمة,.
وقوله تعالى :
إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (النساء: من الآية48 ، 116)
يبين أن المقيم على الشرك حتى الوفاة لا غفران له لأنه لم يبدل حسناً بعد سوء، وكذا قوله تعالى عن المنافقين :
سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ
(المنافقون: من الآية6) لأنهم لم يخلصوا دينهم لله ولم يصلحوا من أحوالهم.
وأما إذا حصل ذلك فإن المغفرة تحصل لهم مع المؤمنين.
قال تعالى : إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (النساء:146) .
فلابد من الأخذ بالأسباب المؤدية إلى المغفرة، وأما إن مات وهو مقيم على الكبائر من غير أن يتوب فإن مذهب أهل السنة والجماعة أنه ليس له عهد عند الله بالمغفرة والرحمة، بل إن شاء غفر له وعفا عنه بفضله.
كما قال عز وجل :
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (النساء: من الآية48 ، 116) ، وإن شاء عذبه في النار بعدله، ثم يخرجه منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته، ثم يدخله الجنة، وذلك للموحدين خاصة.
3-اتصاف الله سبحانه وتعالى بأنه (غفار) للذنوب والسيئات، فضل من الله ورحمة عظيمة للعباد، لأنه غني عن العالمين، لا ينتفع بالمغفرة لهم، لأنه سبحانه لا يضره كفرهم أصلاً، ولا يغفر لهم خوفاً منهم أيضاً، لأنه قوي عزيز، قد قهر كل شيء وغلبه ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وقد نبه الله عباده إلى هذا الأمر في القرآن الكريم عدة مرات، باقتران اسمه (الغفور) مع (العزيز) كقوله تعالى :
إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (فاطر: من الآية28) .
وقوله تعالى : خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (الزمر:5) ، فمع عزته وقهره إلا إنه غفور رحيم.
الفرق بين العفو والغفران :
قال بعض العلماء : إن الغفران ستر لا يقع معه عقاب.
والعفو :إنما يكون بعد وجود عذاب وعتاب
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-01-08, 09:40 PM   #36
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

يتبع بأذن الله,,,,
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:19 PM   #37
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

القاهر ــ القهار
جل جلاله وتقدست أسماؤه

المعنى اللغوي : القهر الغلبة والأخذ من فوق، وقهر يقهره قهراً : غلبه، وتقول أخذتهم قهراً، أي: من غير رضاهم، وأقهر الرجال : صار أصحابه مقهورين
وقال الزجاج : القهر في وضع العربية : الرياضة والتذليل، يقال : قهر فلان الناقة: إذا راضها وذللها
وروده في القرآن العظيم :
(القهار) فعال، مبالغة من (القاهر) فيقتضي تكثير القهر،
وقد ورد الاسم (القاهر) في الكتاب العزيز مرتين :
1-في قوله تعالى : وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (الأنعام:18)
2- قوله تعالى : وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً (الأنعام: من الآية61).
و (القهار) ورد ست مرات:
منها1- قوله تعالى : قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (الرعد: من الآية16) 2- وقوله تعالى " لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (غافر: من الآية16) .
معنى الاسمين في حق الله تعالى :
قال ابن جرير :
(القاهر) المذلل المستعبد خلقه العالي عليهم، وإنما قال فوق عباده لأنه وصف نفسه تعالى بقهره إياهم ومن صفة كل قاهر شيئاً أن يكون مستعليا عليه، فمعنى الكلام إذاً : والله الغالب عباده المذلل لهم، العالي عليهم بتذليله لهم وخلقه إياهم، فهو فوقهم بقهره إياهم وهم دونه
وقال ابن كثير :
وهو (القاهر) فوق عباده أي : هو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل شيء، ودانت له الخلائق وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوه وقدرته على الأشياء، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت قهره وحكمه
وقال الخطابي :
(القهار) : هو الذي قهر الجبابرة من عتاة خلقه بالعقوبة وقهر الخلق كلهم بالموت
وقال الزجاج :
والله تعالى قهر المعاندين بما أقام من الآيات والدلالات على وحدانيته وقهر جبابرة خلقه بعز سلطانه وقهر الخلق كلهم بالموت
وقال الحليمي :
(قاهر) معناه : إنه يدبر خلقه خلقه بما يريد، فيقع في ذلك ما يشق ويثقل ويغم ويحزن، ويكون منه سلب الحياة أو نقص الجوارح، فلا يستطيع أحد رد تدبيره، والخروج من تقديره.
وقيل في (القهار) : أن يقهر ولا يقهر بحال
آثار الإيمان بهذين الاسمين :
1-إن القهار على الحقيقة هو الله وحده سبحانه، هو قهر وغلب عباده أجمعين، حتى إن أعتى الخلق يتضاءل ويتلاشى أمام قهر الله وجبروته، فها هو الموت الذي كتبه على عباده، لا يستطيع الخلق رده أو دفعه عن أنفسهم، ولو أوتوا من القوة والجبروت ما أوتوا، وقد ذكر الله الموت قريباً من وصفه بـ (القاهر) ليذكرهم بشيء قد قهرهم به أجمعين وذلك في قوله : وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (الأنعام:61-62).
ومما قهرهم به أيضاً : الأمراض والمصائب والنكبات التي لا يملكون ردها عن أنفسهم.
وما أحسن قول من قال : القهار الذي طاحت عند صولته صولة المخلوقين، وبادت عند سطوته قوى الخلائق أجمعين، قال تعالى : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (غافر: من الآية16) فأين الجبابرة والأكاسرة ؟ عند ظهور هذا الخطاب وأين الأنبياء والمرسلون، والملائكة المقربون في هذا العتاب، وأين أهل الضلال والإلحاد، والتوحيد والإرشاد، وأين آدم وذريته، وأين إبليس وشيعته، وكأنهم بادوا وانقضوا زهقت النفوس، وتبددت الأرواح وتلفت الأجسام والأشباح، وتفرقت الأوصال، وبقي الموجود الذي لم يزل ولا يزال
2-وأما صفة القهر في الخلق، فغالباً ما تكون مذمومة لقيامها على الظلم والطغيان، والتسلط على الضعفاء والفقراء كما قال فرعون لعنه الله : سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (الأعراف: من الآية127) ، وقال تعالى : فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (الضحى:9) أي : لا تسلط عليه بالظلم وادفع إليه حقه، وخص اليتيم لأنه لا ناصر له غير الله تعالى :، فغلظ في أمره بتغليظ العقوبة على ظالمه، وقوله : وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (الضحى:10) أي لا تزجره ولا تغلظ له القول.
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (الضحى:11) قال القرطبي : وهذه هي النعمة العظمى، وهي ما من الله عليه من الرسالة والنبوة والخلة والمحبة والعلم والحكمة، فأوجب عليه أن يظهر ذلك ويشيعه ويحدث به، ويعلم الجاهل غير ممتن عليه ولا متطاول ولا قاهر له.
وكذلك قال معاوية بن الحكم السلمي : "فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني" الحديث أخرجه مسلم
وقرئ فلا تقهر بالكاف وهي قراءة عبد الله بن مسعود، قال الكسائي : كهره وقهره بمعنى.
3-قوله تعالى : وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ (الأنعام: من الآية61) يستفاد منه صفة العلو لله سبحانه على عباده، سواء علو المكانة والرتبة، أو علو المكان والجهة، وقد تضافرت أدلة الكتاب والسنة عليه ـ أي الثاني ـ كقوله تعالى : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (طـه:5) وقوله : أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ (الملك: من الآية16) 
4-أنه سبحانه هو الذي قهر الخلق جميعاً على ما أراد.
5-إن الله هو القهار المستحق للعبادة والألوهية، وما سواه من الألهة فإنما هي مخلوقات عاجزة مقهورة، لا تملك أن ترد الضر عن نفسها فكيف تقهر غيرها، وبهذا جادل نبي الله يوسف عليه السلام صاحبه في السجن فقال : يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (يوسف:39) فبين لهم أن آلهتهم متعددة متفرقة، والعابد لها متحير أيها يرضي، وأيها مسخرة ومقهورة لله وفي قبضته، وليس لها من الألوهية إلا الاسم الذي أعطى لها زوراً وبهتاناً دون حجة ولا برهان : مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ (يوسف: من الآية40).
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:20 PM   #38
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

الوهاب جل جلاله وتقدست أسماؤهالمعنى اللغوي :
قال ابن سيده : وهب الله الشيء يهبه وهباً ووهباً بالتحريك، ووهبت له هبة وموهبة ووهباً إذا أعطيته. ورجل واهب ووهاب ووهوب ووهابة أي : كثير الهبة لأمواله. والهبة : العطية الخالية من الأعواض والأغراض. والوهاب مبالغة على وزن فعال
وروده في الكتاب العزيز :
ورد الاسم ثلاث مرات في القرآن الكريم، مرة في سورة آل عمران في قوله تعالى: رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (آل عمران:8) ،
ومرتين في سورة ص في قوله تعالى : أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (صّ:9) ، وقوله : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (صّ:35)
معنى الاسم في حق الله سبحانه :
قال ابن جرير في تفسير قوله : إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ يعني إنك أنت المعطي عبادك التوفيق والسداد للثبات على دينك وتصديق كتابك ورسلك.
وقال : الوهاب : لمن يشاء من خلقه، ما يشاء من ملك وسلطان ونبوة.
وقال : إنك وهاب ما تشاء لمن تشاء، بيدك خزائن كل شيء تفتح من ذلك ما أردت لمن أردت
وقال الخطابي : (الوهاب) : هو الذي يجود بالعطاء عن ظهر يد من غير استثابةأي : من غير طلب للثواب من أحد.
وقال الحليمي : (الوهاب) : هو المتفضل بالعطايا المنعم بها لا عن استحقاق عليه
وقال النسفي : (الوهاب) : الكثير المواهب المصيب بها مواقعها الذي يقسمها على ما تقتضيه حكمته.
آثار الإيمان بهذا الاسم :
1-إن الوهاب هو الله وحده، بيده خزائن كل شيء، الذي له ملك السموات والأرض ومن فيهن قال تعالى : لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (الشورى:50)
قال ابن كثير : يخبر تعالى أنه خالق السموات والأرض ومالكهما والمتصرف فيهما وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأنه يخلق ما يشاء. ثم قال : فجعل الناس أربعة أقسام منهم من يعطيه البنات، ومنهم من يعطيه البنين، ومنهم من يعطيه النوعين ذكوراً وإناثاً، ومنهم من يمنعه هذا وذاك فيجعله عقيماً لا نسل له ولا ولد له، (إنه عليم) أي : بمن يستحق كل قسم من هذه الأقسام، (قدير) أي : على ما يشاء من تفاوت الناس في ذلك
فالله سبحانه يهب ما يشاء لمن يشاء؛ لأنه مالك المالك، وأما العباد فإنهم ملك لله سبحانه، والعبد لا يملك أن يهب شيئاً على الحقيقة. قال تعالى : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ (النحل: من الآية75) .
2-الفرق بين هبة الخالق والمخلوق :
قال الخطابي رحمه الله : "فكل من وهب شيئاً من عرض الدنيا لصاحبه فهو واهب، ولا يستحق أن يسمى وهاباً إلا من تصرفت مواهبه في أنواع العطايا فكثرت نوافله ودامت، والمخلوقون إنما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حالٍ دون حال، ولا يملكون أن يهبوا شفاءً لسقيم، ولا ولداً لعقيم، ولا هدىً لضال، ولا عافيةً لذي بلاء، والله الوهاب سبحانه يملك جميع ذلك، وسع الخلق جوده، فدامت مواهبه واتصلت مننه وعوائده"
وأكثر الخلق إنما يهبون من أجل عوض ينالونه، كأن يهب لأجل يمدح بين الناس، أو يهب من أجل الثواب في الآخرة
3-النبوة والكتاب هبة من الله يختص بها من يشاء من عباده، وقد أنكر أقوام الرسل هذا الأمر فحكى الله عن قوم صالح عليه السلام أنهم قالوا : أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (القمر:25) .
وقال سبحانه عن كفار قريش : أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (صّ:8-9).
يقول ابن جرير رحمه الله : "يقول تعالى ذكره .. أم عند هؤلاء المشركين المنكرين وحي الله إلى محمد خزائن رحمة ربك يعني مفاتيح رحمة ربك يا محمد، العزيز في سلطانه، الوهاب لمن يشاء من خلقه ما يشاء من ملك وسلطان ونبوة، فيمنعونك يا محمد ما من الله به عليك من الكرامة، وفضلك به من الرسالة".
وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ (العنكبوت: من الآية27).
وقال عن موسى عليه الصلاة والسلام : فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (الشعراء: من الآية21).
وقال سبحانه : وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً (مريم:53) 4-الملك والسلطان هبة من الله سبحانه : وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة: من الآية247).
وقال سبحانه : أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (النساء:53-54) وهذا استفهام إنكار أي : ليس لهم نصيب من الملك بله الله وحده هو المالك الذي يهب ما يشاء لمن يشاء.
وقد دعا سليمان عليه الصلاة والسلام ربه : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (صّ:35) ، دعاه أن يهبه ملكاً لا يكون لأحد من بعده فاستجاب الوهاب سبحانه له : فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (صّ:36-39).
سخر الله له الريح التي تجري بأمره حيث أراد أي : تحمله حيث شاء، والشياطين التي تعمل له ما يشاء من تماثيل ومحاريب وقصور وقدور وجفان، ويغوصون في البحار يستخرجون له اللآلئ. فياله من ملك عظيم يعجز أعظم البشر مالاً وسلطاناً أن يهب شيئاً منه، هَذَا عَطَاؤُنَا (صّ: من الآية39) هذه هبة الله لمن يريد من خلقه .
5-الذرية هبة من الله أيضاً. قال جل ذكره : لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (الشورى:50) وقد مر قريباً كلام ابن كثير عليها.
وقد وهب الله سبحانه بعض الأنبياء الذرية بعد كبر السن ووهن العظم. قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (ابراهيم:39).
وكذا زكريا عليه السلام وهبه الله الولد بعد ما طعن في السن وشاخ، وكانت امرأته عاقراً أيضاً كما بين الله ذلك في مطلع سورة مريم، لكن ذلك لم يمنع زكريا عليه السلام من الطمع في هبة الله الوهاب، فدعا ربه : رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (آل عمران: من الآية38) فاستجاب الله دعاءه : فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (الأنبياء:90) أي : شفى امرأته من العقم، فحملت بيحيى عليه السلام فسبحان الكريم الوهاب.
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:21 PM   #39
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

العليم ــ العالم ــ العلام
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :
العلم : نقيض الجهل، علم علماً وعلم هو نفسه ورجل عالم وعليم من قوم علماء، وعلام وعلامة إذا بالغت في وصفه بالعلم، أي : عالم جداً. وعلمت الشيء : عرفته وخبرته، وعلم بالشيء : شعر به. والعليم على وزن فعيل من أبنية المبالغة(.
ورود الأسماء في القرآن الكريم :
ورد اسمه (العليم) في مائة وسبعة وخمسين موضعاً من الكتاب منها :
قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (البقرة:32)
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (آل عمران: من الآية154)
وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (المائدة: من الآية97)
بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (النحل: من الآية28)
قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (الأنبياء:4)
يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (الروم: من الآية54)
وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً (النساء: من الآية70)
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (يّـس:38)
أما (العالم) فقد ورد هذا الاسم في القرآن ثلاث عشرة مرة منها :
وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ (الأنعام: من الآية73)
ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة: من الآية94).
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (الرعد:9)
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (التغابن:18)
أما (العلام) فقد ورد هذا الاسم في أربعة مواضع وهي :
قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (المائدة: من الآية109)
تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (المائدة: من الآية116)
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (التوبة:78)
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (سـبأ:48)
المعنى في حق الله تعالى :
قال ابن جرير : إنك أنت يا ربنا العليم من غير تعليم بجميع ما قد كان وما هو كائن، والعالم للغيوب دون جميع خلقك.
وقال : أن الله ذو علم بكل ما أخفته صدور خلقه من إيمان وكفر، وحق وباطل، وخير وشر، وما تستجنه مما لم تجنه بعد(.
وقال الخطابي : هو العالم بالسرائر والخفيات التي لا يدركها علم الخلق، كقوله تعالى : فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (لقمان: من الآية23) ، وجاء على بناء فعيل للمبالغة في وصفه بكمال العلم ولذلك قال سبحانه : وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (يوسف: من الآية76) (، قال ابن منظور رحمه الله : فهو الله العالم بما كان وما يكون قبل كونه، وربما يكون ولما يكن بعد قبل أن يكون، لم يزل عالماً ولا يزال عالماً بما كان وما يكون ولا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، أحاط علمه بجميع الأشياء باطنها وأهرها، دقيقها وجليلها، على أتم الإمكان(.
وقال السعدي : وهو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن والإسرار والإعلان، وبالواجبات والمستحيلات والممكنات، وبالعالم العلوي والسفلي، وبالماضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء(.
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:21 PM   #40
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

الفتاح
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :
الفتح نقيض الإغلاق، والفتح : النصر، والاستفتاح طلب النصر ومنه قوله تعالى : إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ (الأنفال: من الآية19) .
وقال الأزهري (الفتح) : أن تحكم بين قوم يختصمون إليك كما قال سبحانه مخبراً عن شعيب : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (الأعراف: من الآية89) أي : اقض بيننا.
والفتاحة والفتاحة : أن تحكم بين خصمين، والفتاح من أبنية المبالغة
ورود الاسم في القرآن العظيم :
ورد الاسم مفرداً مرة واحدة في قوله تعالى : قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (سـبأ:26) .
وورد بصيغة الجمع مرة واحدة أيضاً في قوله عز وجل : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (الأعراف: من الآية89) .
معنى الاسم في حق الله تعالى :
قال قتادة رحمه الله : افتح بيننا وبين قومنا بالحق : اقضي بيننا وبين قومنا بالحق.
وقال ابن جرير رحمه الله في تفسير الآية السابقة : احكم بيننا وبينهم بحكمك الحق الذي لا جور فيه ولا ظلم، ولكنه عدل وحق. وأن خير الفاتحين يعني : خير الحاكمين
وقال في موضع آخر : وهو الفتاح العليم : القاضى العليم بالقضاء بين خلقه، لأنه لا تخفى عنه خافية ولا يحتاج إلى شهود تعرفه المحق من المبطل
وقال الزجاج : والله تعالى ذكره فتح بين الحق والباطل فأوضح الحق وبينه وأدحض الباطل وأبطله، فهو الفتاح).
وقال الخطابي رحمه الله (الفتاح) : هو الحاكم بين عباده وقال وقد يكون معنى (الفتاح) أيضاً الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده، ويفتح المنغلق عليهم من أمورهم وأسبابهم ويفتح قلوبهم، وعيون بصائرهم ليبصروا الحق، ويكون الفاتح أيضاً بمعنى الناصر كقوله سبحانه : إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ (الأنفال: من الآية19)(
وعلى هذا يكون معنى الاسم :
1-(الفتاح) : الحاكم الذي يقضي بين عباده بالحق والعدل، بأحكامه الشرعية والقدرية.
2-أنه يفتح لهم أبواب الرحمة والرزق وما انغلق عليهم من الأمور.
3-أنه بمعنى الناصر لعباده المؤمنين، وللمظلوم على الظالم، وهذا يعود إلى الأول.
آثار الإيمان بهذا الاسم :
1-الله سبحانه هو الحاكم بين عباده في الدنيا والآخرة بالقسط والعدل، يفتح بينهم في الدنيا بالحق بما أرسل من الرسل، وأنزل من الكتب.
يقول القرطبي رحمه الله في هذا الاسم : ويتضمن من الصفات كل ما لا يتم الحكم إلا به، فيدل صريحاً على إقامة الخلق وحفظهم في الجملة، لئلا يستأصل المقتدرون المستضعفين في الحال.
ويدل على الجزاء العدل على أعمال الجوارح والقلوب في المآل،
ويتضمن ذلك أحكاماً وأحوالاً لا تنضبط بالحد، ولا تحصى بالعد.
وهذا الاسم يختص بالفصل والقضاء بين العباد بالقسط والعدل، وقد حكم الله بين عباده في الدنيا بما أنزل من كتابه، وبين من سنة رسوله، وكل حاكم إما أن يحكم بحكم الله تعالى أو بغيره، فإن حكم بحكم الله فأجره على الله، والحاكم في الحقيقة هو الله تعالى، وإن حكم بغير حكم الله فليس بحاكم إنما هو ظالم : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (المائدة: من الآية45).
2-ذكرنا أن الله سبحانه يحكم بين عباده في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويفتح بينهم بالحق والعدل، وقد توجهت الرسل إلى الله الفتاح سبحانه أن يفتح بينهم وبين أقوامهم المعاندين فيما حصل بينهم من الخصومة والجدال.
قال نوح عليه السلام : قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (الشعراء:117-118) .
وقال شعيب عليه الصلاة والسلام : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (الأعراف: من الآية89).
وقال تعالى : وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (إبراهيم:15)
وقد استجاب الله سبحانه لرسله ولدعاتهم ففتح بينهم وبين أقوامهم بالحق، فنجى الرسل وأتباعهم وأهلك المعاندين المعرضين عن الإيمان بآيات الله وهذا من الحكم بينهم في الحياة الدنيا.
وكذا يوم القيامة فإن الله سبحانه هو الفتاح الذي يحكم بين عباده فيما كانوا يختلفون فيه في الدنيا.
قال سبحانه : قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (سـبأ:26) ففي ذلك اليوم يقضي الله سبحانه ويفصل بين العباد، فيتبين الضال من المهتدي، وهو سبحانه لا يحتاج إلى شهود ليفتح بين خلقه، لأنه لا تخفى عليه خافية وما كان غائباً عما حدث في الدنيا : فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (الأعراف:7) ، وقال سبحانه : وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (يونس:61) (.
وقد سمى الله يوم القيامة بيوم الفتح في قوله سبحانه وتعالى : قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (السجدة:29) .
4-إن الله سبحانه منفرد بعلم مفاتح الغيب التي ذكرها في قوله تعالى : وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ (الأنعام: من الآية59) .
وقد عددها في قوله سبحانه : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (لقمان:34) .
قال القرطبي : مفاتح جمع مفتح هذه اللغة الفصيحة ويقال مفتاح، ويجمع مفاتيح، المفتح عبارة عن كل ما يحل غلقاً محسوساً كان كالقفل على البيت، أو معقولاً كالنظر، ثم قال : وهو في الآية استعارة على التوصل إلى الغيوب كما يتوصل في الشاهد بالمفتاح إلى المغيب عن الإنسان. ولذلك قال بعضهم : هو مأخوذ من قول الناس افتح عليّ كذا أي : اعطني أو علمني ما أتوصل إليه به، فالله تعالى عنده علم الغيب وبيده الطرق الموصلة إليه لا يملكها إلا هو فمن شاء إطلاعه عليها أطلعه ومن شاء حجبه عنها حجبه، ولا يكون ذلك من إفاضته إلا على رسله بدليل قوله تعالى : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ (آل عمران: من الآية179) ، وقوله تعالى : عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (الجـن:26-27)).
وقال في الأسنى : والفتح في اللغة حل ما استغلق من المحسوسات والمعقولات، والله سبحانه هو (الفتاح) لذلك، فيفتح ما تغلق على العباد من أسبابهم، فيغني فقيراً، ويفرج عن مكروب، ويسهل مطلباً وكل ذلك يسمى فتحاً، لأن الفقير المتغلق عليه باب رزقه، فيفتح بالغنى، وكذلك المتحاكمان إلى الحاكم، يتغلق عليهما وجه الحكم فيفتحه الحاكم عليهما، ولذلك سمي الحاكم فتاحاً لأنه يحل ما استغلق من الخصوم، تقول : افتح بيننا، أي احكم، ومنه قول شعيب : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ أي : احكم، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ أي : الحاكمين
5-إن الفتح والنصر من الله سبحانه فهو يفتح على من يشاء ويخذل من يشاء، وقد نسب الله الفتوح لنفسه، لينبه عباده على طلب لنفسه، لينبه عباده على طلب النصر والفتح منه لا من غيره، وأن يعملوا بطاعته وينالوا مرضاته، ليفتح عليهم وينصرهم على أعدائهم. قال تعالى : إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (الفتح:1) وهو خطاب لرسوله الأمين  .
وقال جل ثناؤه : فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ (المائدة: من الآية52) ، وقال سبحانه : وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (الصف:13)
6-إن الله بيده مفاتيح خزائن السماوات والأرض، قال سبحانه : لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (الشورى:12) ، فما يفتحه من الخير للناس لا يملك أحد أن يغلقه عنهم، وما يغلقه لا يملك أحد أن يفتحه عليهم كما قال جل وعلا : مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (فاطر:2) فلو فتح الله المطر على الناس فمن ذا الذي يحبسه عنهم، حتى لو أدى المطر إلى إغراقهم وإهلاكهم مثلما حدث لقوم نوح عليه السلام، فقد وصلت فقد وصلت المياه إلى رؤوس الجبال، فما استطاعوا أن يردوها عن أنفسهم، ولو حبس عن عباده القطر والنبات سنين طويلة لما استطاعوا أيضاً أن يفتحوا ما أغلقه الله سبحانه : وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ (يونس: من الآية107).
7-وقد يفتح الله سبحانه أنواع النعيم والخيرات على الناس استدراجاً لهم، إذا تركوا ما أمروا به، ووقعوا فيما نهوا عنه كما قال سبحانه : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (الأنعام:44).
8-ومما يفتحه الله على من يشاء من عباده الحكمة والعلم والفقه في الدين، ويكون ذلك بحسب التقوى والإخلاص والصدق، ولذا تجد أن فهم السلف أعمق وعلمهم أو سع ممن جاء بعدهم : وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ (البقرة: من الآية282) ، وقال تعالى : أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (الزمر:22) ، قال القرطبي : وهذا الفتح والشرح ليس له حد، وقد أخذ كل مؤمن منه بحظ، ففاز الأنبياء بالقسم الأعلى، ثم من بعدهم الأولياء، ثم العلماء، ثم عوام المؤمنين، ولم يخيب الله منه سوى الكافرين.
وكان النبي  يقول لأصحابه : (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على  وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليسلم على النبي  وليقل اللهم باعدني من الشيطان).
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .