العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة التزكية وآداب الطلب > روضة التزكية والرقائق

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-04-06, 07:32 AM   #1
حسناء محمد
ما كان لله يبقى
| المديرة العامة |
افتراضي الخـوف

محمد بن إبراهيم الحمد


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن منزلة الخوف من أجلِّ منازل العبودية، وأنفعها، وهي فرض على كل أحد.
قال الله – تعالى -: ( فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) [آل عمران: 175]، وقال: ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) [الرحمن: 46].

تعريف الخوف:

1- قيل: الخوف توقع العقوبة على مجاري الأنفاس.
2- وقيل: الخوف قوة العلم بمجاري الأحكام.
3- وقيل: الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره.
4- وقيل: الخوف غمّ يلحق النفس؛ لتوقع مكروه.

أقوال في الخوف:

1- قال أبو حفص عمر بن مسلمة الحداد النيسابوري: الخوف سراج في القلب، به يبصر ما فيه من الخير والشر، وكل أحد إذا خفته هربت منه، إلا الله - عز وجل - فإنك إذا خفته هربت إليه.
فالخائف من ربه هارب إليه.
2- وقال أبو سليمان: ما فارق الخوف قلباً إلا خرب.
3- وقال إبراهيم بن سفيان: إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها، وطرد الدنيا عنها.
4- وقال ذو النون: الناس على الطريق ما لم يَزُلْ عنهم الخوف؛ فإذا زال الخوف ضلّوا الطريق.

الخوف المحمود:

الخوف المحمود الصادق: هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله - عز وجل - فإذا تجاوز ذلك خِيْفَ منه اليأس والقنوط.
قال أبو عثمان الحِيْري: صدق الخوف هو الورع عن الآثام ظاهـراً، وباطناً.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله.

الخوف الواجب والخوف المستحب:

الخوف الواجب: هو ما حمل على فعل الواجبات، وترك المحرمات.
والخوف المستحب: هو ما حمل على فعل المستحبات، وترك المكروهات.

الجمع بين الخوف والرجاء والحب:

لا بدّ للعبد من الجمع بين هذه الأركان الثلاثة؛ لأن عبادة الله بالخوف وحده طريقة الخوارج؛ فهم لا يجمعون إليه الحبَّ والرجاء؛ ولهذا لا يجدون للعبادة لذة، ولا إليها رغبة، فيجعلون الخالق بمنزلة سلطان جائر.
وهذا يورث اليأس والقنوط من رحمة الله، وغايـتـُه إساءةُ الظن بالله، والكفر به - سبحانه -.
وعبادة الله بالرجاء وحده طريقة المرجئة الذين وقعوا في الغرور والأماني الباطلة، وترك العملِ الصالحِ، وغايـتُـه الخروجُ من الملة.
وعبادة الله بالحب وحده طريقة غلاة الصوفية الذين يقولون: نعبد الله لا خوفاً من ناره، ولا طمعاً في جنته، وإنما حبَّـاً لذاته.
وهذه طريقة فاسدة، ولها آثار وخيمة، منها الأمن من مكر الله، وغايتُه الزندقةُ، والخروج من الدين.
ولهذا قال السلف - رحمهم الله - كلمة مشهورة وهي: " مَنْ عبدَ الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروريٌ - أي خارجي - ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف والحب والرجاء فهو مؤمن موحِّد ".
قال ابن القيم - رحمه الله -: " القلب في سيره إلى الله - عز وجل - بمنزلة الطائر؛ فالمحبة رأسه، والخوف، والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيِّـدُ الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائدٍ وكاسر ".

أيهما يُغلَّب: الخوف أم الرجاء؟

قال ابن القيم - رحمه الله -: " السلف استحبوا أن يُقَوِّي في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوي جناح الرجاء على جناح الخوف، هذه طريقة أبي سليمان وغيره.
وقال: ينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء فَسَدَ.
وقال غيره: أكمل الأحوال اعتدال الرجاء والخوف، وغلبةُ الحب؛ فالمحبة هي المرْكَبُ، والرجاء حادٍ، والخوف سائق، والله الموصل بمنِّه وكرمه ".

أقسام الخوف:

1- خوف السر: وهو خوف التَّأَلُّه، والتعبد، والتقرب، وهو الذي يزجر صاحبه عن معصية مَنْ يخافه؛ خشيةً من أن يصيبه بما شاء من فقر، أو قتل، أو غضب، أو سلب نعمة، ونحو ذلك بقدرته ومشيئته.
فهذا القسم لا يجوز أن يصرف إلا لله - عز وجل - وصَرْفُه له يعد من أجل العبادات، ومن أعظم واجبات القلب، بل هو ركن من أركان العبادة، ومن خشي الله على هذا الوجه فهو مخلص موحِّد.
ومن صرفه لغير الله فقد أشرك شركاً أكبر؛ إذ جعل لله نِداً في الخوف، وذلك كحال المشركين الذين يعتقدون في آلهتهم ذلك الاعتقاد، ولهذا يُخَوِّفون بها أولياء الرحمن، كما قال قوم هود - عليه السلام - الذين ذكر الله عنهم أنهم خوفوا هودًا بآلهتهم فقالوا: ( إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ) [هود: 54].
وكحال عباد القبور؛ فإنهم يخافون أصحاب القبور من الصالحين، بل من الطواغيت كما يخافون الله، بل أشد؛ ولهذا إذا توجَّهَتْ على أحدهم اليمينُ بالله أعطاك ما شئت من الأيمان صادقاً أو كاذباً، فإن كانت اليمين بصاحب التربة لم يُقْدِم على اليمين إن كان كاذبًا.
وما ذاك إلا لأن المدفون في التراب أخوف عنده من الله.
وكذا إذا أصاب أحدًا منهم ظلمٌ لم يطلب كشفه إلا من المدفونين في التراب، وإذا أراد أحدهم أن يظلم أحداً فاستعاذ المظلوم بالله لم يُعذه، ولو استعاذ بصاحب التربة أو بتربته لم يُقْدِمْ عليه بشيء، ولم يتعرض له بالأذى. (*)
2- الخوف من وعيد الله: الذي توعد به العصاة، وهذا الخوف من أعلى مراتب الإيمان، وهو درجات، ومقامات، وأقسام - كما مضى ذكره قبل قليل -.
3- الخوف المحرم: وهو أن يترك الإنسان ما يجب عليه من الجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بغير عذر إلا لخوف الناس.
وكحال من يفر من الزحف؛ خوفاً من لقاء العدو؛ فهذا خوف محرم، ولكنه لا يصل إلى الشرك.
4- الخوف الطبيعي: كالخوف من سَبُع، أو عدوٍّ، أو هدم، أو غرق، ونحو ذلك مما يخشى ضرره الظاهري؛ فهذا لا يُذَمُّ، وهو الذي ذكره الله عن موسى - عليه السلام - في قوله - عز وجل -: ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ ) [القصص: 21]، وقوله: ( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ) [طه: 67].
ويدخل في هذا القسم الخوف الذي يسبق لقاء العـدو، أو يسبق إلقاء الخطب في بداية الأمر؛ فهذا خـوف طبيعـي، ويحـمد إذا حمـل صـاحـبه على أخذ الأهبة والاستعداد، ويذم إذا رجع به إلى الانهزام وترْكِ الإقدام.
5- الخوف الوهمي: كالخوف الذي ليس له سبب أصلاً، أو له سبب ضعيف جداً؛ فهذا خوف مذموم، ويدخل صاحبه في وصف الجبناء، وقد تعوذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجبن؛ فهو من الأخلاق الرذيلة.
ولهذا كان الإيمان التام، والتوكل الصحيح، أعظمَ ما يدفع هذا النوع من الخوف، ويملأ القلب شجاعة؛ فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه الخوف من غير الله، وكلما ضعف إيمانه زاد وقوي خوفه من غير الله.
ولهذا فإن خواص المؤمنين وأقوياءهم تنقلب المخاوف في حقهم أمناً وطمأنينة؛ لقوة إيمانهم، ولسلامة يقينهم، وكمال توكلهم ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ) [آل عمران: 173 - 174]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
ـــــــــــــ
(*) انظر: مدارج السالكين 1/507 ـ ،513 وشروح كتاب التوحيد باب ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ).

15/4/1425هـ







المصدر : موقع دعوة الإسلام
الرابط

التعديل الأخير تم بواسطة حسناء محمد ; 23-04-06 الساعة 08:07 AM
حسناء محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-06, 09:31 AM   #2
حسناء محمد
ما كان لله يبقى
| المديرة العامة |
افتراضي كلمات في الرجاء

محمد بن إبراهيم الحمد




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن الرجاء ركن من أركان العبادة؛ فالعبادة تقوم على الحب، والخوف، والرجاء.

والرجاء عمل عظيم من أعمال القلوب، والنصوص الشرعية متضافرة على ذكره، والثناء في أهله.

قال الله – تعالى -: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) [الإسراء: 57].

فابتغاء الوسيلة إليه طلب القرب منه بالعبودية والمحبة؛ فَذَكَرَ مقاماتِ الإيمان الثلاثة الحب، والخوف، والرجاء.

وقال - تعالى -:(مَنْ كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ) [العنكبوت: 5].

وقال:(أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 218].

وفي صحيح مسلم قال - عليه الصلاة والسلام -: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه ".

وفي الصحيح قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله - عز وجل -: "أنا عند ظن عبدي، فليظن بي ما شاء".

* حد الرجاء:

1- قيل: الرجاء حادٍ يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب، وهو الله والدار الآخرة، ويُطَيِّب لها السير.

2- وقيل: هو الاستبشار بجود فضل الرب - تبارك وتعالى - والارتياح لمطالعة كرمه - سبحانه -.

3- وقيل: هو الثقة بجود الرب - تعالى -.

4- وقيل: هو النظر إلى سعة رحمة الله.

* الجمع بين الخوف والرجاء والحب:

لا بدّ للعبد من سيره إلى الله من الجمع بين الأركان الثلاثة؛ فالحب بمنزلة الرأس للطائر، والخوف والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قُطع الرأس مات الطائر، ومتى فُقِد الجناحان فهو عرضة لكل صائدٍ وكاسر كما قال ابن القيم - رحمه الله -.

* أنواع الرجاء:

أنواع الرجاء ثلاثة، نوعان محمودان، ونوعٌ غرور مذموم؛ فالأولان: رجاءُ رجلٍ عمل بطاعة الله على نور من الله؛ فهو راجٍ لثوابه، ورجل أذنب ذنوباً ثم تاب منها، فهو راجٍ لمغفرة الله - تعالى - وعفوه، وإحسانه، وجوده، وحلمه، وكرمه، فهذان النوعان محمودان.

والثالث: رجاء رجل متمادٍ في التفريط، والخطايا يرجو رحمة الله بلا عمل؛ فهذا هو الغرور، والتمني، والرجاء الكاذب.

* الفرق بين الرجاء والتمني:

الفرق بينهما أن التمني يكون مع الكسل، ولا يسلك صاحبه طريق الجد، والاجتهاد.

والرجاء يكون مع بذل الجهد، وحسن التوكل.

فالأول: كحال من يتمنى أن يكون له أرض يبذرها، ويأخذ زرعها.

والثاني: كحال من يشق أرضه، ويفلَحها، ويبذرها، ويرجو طلوع الزرع.

" تساؤل " أيهما أكمل: رجاءُ المحسنِ ثوابَ إحسانه، أو رجاء المسيء التائب مغفرةَ ربِّه، وعفوه؟

والجواب: أن هذه المسألة وقع فيها خلاف؛ فطائفة رجَّحت رجاء المحسن؛ لقوة أسباب الرجاء معه، وطائفة رجّحت رجاء المذنب التائب؛ لأن رجاءه مُجَرَّدٌ عن علة رؤية العمل، مقرون بالانكسار، وذلة رؤية الذنب.

* الرجاء لا يصح إلا مع عمل:

فقد أجمع العلماء على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل.

أما ترك العمل، والتمادي في الذنوب؛ اعتماداً على رحمة الله، وحسن الظن به - عز وجل - فليس من الرجاء في شيء.

بل هو جهل، وسفه، وغرور؛ فرحمة الله قريب من المحسنين لا من المفرطين، المعاندين، المصرين.

قال ابن القيم - رحمه الله - في شأن المتمادين في الذنوب؛ اتكالاً على رحمة الله: " وهذا الضرب في الناس قد تعلق بنصوص الرجاء، واتَّكل عليها، وتعلق بكلتا يديه، وإذا عوتب على الخطايا، والانهماك فيها - سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله، ومغفرته، ونصوص الرجاء.

وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب " [الجواب الكافي لابن القيم ص67 - 68].

ثم ساق - رحمه الله - أمثلة عديدة لما جاء عن أولئك.

* ضابط حسن الظن:

قال ابن القيم - رحمه الله -: " فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما على انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتَّى إحسان الظن.

فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستندُ حسنِ الظنِّ سعةَ مغفرةِ الله، ورحمته، وعفوه، وجوده، وأنَّ رحمَتَه سبقت غضبَه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو.

قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك أجلُّ، وأكرم، وأجود، وأرحم، وإنما يضع ذلك في محله اللائق به؛ فإنه - سبحانه - موصوف بالحكمة، والعزة، والانتقام، وشدة البطش، وعقوبة من يستحق؛ فلو كان المعوَّلُ حسن الظن على صفاته، وأسمائه لاشترك في ذلك البرُّ والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوُّه؛ فما ينفع المجرمَ أسماؤه، وصفاته، وقد باء بسخطه، وغضبه، وتعرض للعْنته، ووقع في محارمه، وانتهك حرماته؟!

بل حسن الظن ينفع مَنْ تاب، وندم، وأقلع، وبدَّل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة، ثم حسَّن الظن بعدها؛ فهذا هو حسن الظن، والأول غرور، والله المستعان" [الجواب الكافي ص76 - 77].

* فوائد الرجاء:

وبعد أن تبين لنا حدُّ الرجاء، وضوابُطه - فهذه نبذه عن فوائده، وفضائله؛ فالرجاء إذا كان في محله، وعلى وجهه الصحيح يثمر ثمراتٍ عظيمةً؛ فمن فضائل الرجاء، وثمراته ما يلي:

1- إظهار العبودية، والفاقة، والحاجة إلى ما يرجوه العبد من ربه، ويستشرفه من إحسانه، وأنه لا يستغني عن فضله، وإحسانه طرفة عين.

2- أن الرجاء محبوبٌ لله؛ فالله - عز وجل - يحب من عباده أن يرجوه، ويأملوه، ويسألوه من فضله؛ لأنه الملك الحق الجواد؛ فهو أجود من سئل، وأوسع من أعطى.

وأحب ما إلى الجواد أن يُرجى، ويُؤمل، ويُسأل.

3- التخلص من غضب الله؛ فمن لم يسأل الله يغضب الله عليه، والسائل راجٍ، وطالبٌ.

4- أن الرجاء حادٍ يحدو بالعبد في سيره إلى الله، ويطيِّبُ له المسير، ويحثه عليه، ويبعثه على ملازمته؛ فلولا الرجاء لما سار أحد؛ فإن الخوف وحده لا يحرك العبد، وإنما يحركه الحب، ويزعجه الخوف، ويحدوه الرجاء.

5- أن الرجاء يطرحه على عتبة المحبة؛ فإنه كلما اشتدّ رجاؤه، وحصل له ما يرجوه ازداد حبًا لله - تعالى - وشكراً له، ورضاً به، وعنه.

6- أنه يبعثه على أعلى المقامات، وهو مقام الشكر الذي هو خلاصة العبودية؛ فإنه إذا حصل له مرجوّه كان أدعى لشكره.

7- أنه يوجب له المزيد من معرفة الله، وأسمائه، ومعانيها، والتعلق بها؛ فإن الراجي متعلق بأسمائه الحسنى، متعبدٌ، وداعٍ بها.

8 - أن المحبة لا تنفك عن الرجاء؛ فكل واحد منهما يمد الآخر، ويقويه.

9 - أن الخوف مستلزم للرجاء، والرجاء مستلزم للخوف؛ فكل راجٍ خائفٌ، وكل خائف راجٍ.

10- أن العبد إذا تعلق قلبه برجاء ربِّه، فأعطاه ما رجاه كان ذلك ألطفَ موقعاً، وأحلى عند العبد، وأبلغ من حصول ما لم يَرْجُه.

11 - أن في الرجاء من الانتظار، والترقب، والتوقع لفضل الله - ما يوجب تعلق القلب بذكره، ودوام الالتفات إليه بملاحظة أسمائه، وصفاته، وتنقُّلُ القلب في رياضها الأنيقة، وأخذه بنصيبه من كل اسم، وصفة.

[انظر: مدارج السالكين لابن القيم 2/36 - 55]

اللهم إنا نسألك حبك، وخوفك، ورجاءك.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد.

12 / 6 / 1425 هـ





المصدر : موقع دعوة الإسلام
الرابط

التعديل الأخير تم بواسطة حسناء محمد ; 23-04-06 الساعة 09:35 AM
حسناء محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:33 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .