08-04-09, 11:33 AM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
الاخلاص....
الإخلاص تعريف الإخلاص: قال ابن القيم - رحمه الله – "الإخلاص ألا تطلب على عملك شاهداً غير الله ، ولا مجازياً سواه" وقال الفضلُ بنُ زيادٍ: سألتُ أبا عبد الله - يعني : أحمدَ - عَنِ النِّيَّةِ في العملِ، قلت : كيف النيةُ ؟ قالَ : يُعالجُ نفسَه ، إذا أراد عملاً لا يريدُ به النّاس . وتعرف الأشياء بضدها:ا لإخلاص ضــــده الرياء وقد عرفه لقمان لابنه قال : الرياء :أنْ تطلب ثواب عملك في دار الدنيا ، وإنَّما عمل القوم للآخرة ، قيل له : فما دواء الرياء ؟ قال : كتمان العمل ، قيل له : فكيف يكتم العمل ؟ قال : ما كلفت إظهاره من العمل فلا تدخل فيه إلا بالإخلاص ، وما لم تكلف إظهاره أحب ألا تطلع عليه إلا الله . انظر : تفسير القرطبي 5/182 . أهمية الإخلاص ومنزلته: الإخلاص هو حقيقة الدين، وهو مضمون دعوة الرسل قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} . وقوله: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} . وقوله:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } . الكهف110 وعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - ، قال : سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ : "إنَّمَا الأعمَال بالنِّيَّاتِ وإِنَّما لِكُلِّ امريءٍ ما نَوَى..." اتَّفقَ العُلماءُ على صحَّة هذا الحديث وَتَلَقِّيهِ بالقَبولِ ، وبه صدَّر البخاريُّ كتابَه " الصَّحيح " ، وأقامه مقامَ الخُطبةِ له ، إشارةً منه – رحمه الله - إلى أنَّ كلَّ عملٍ لا يُرادُ به وجهُ الله فهو باطلٌ ، لا ثمرةَ له في الدُّنيا ولا في الآخرةِ. ولهذا قال عبدُ الرَّحمانِ بنُ مهدي : لو صنَّفتُ الأبوابَ ، لجعلتُ حديثَ عمرَ في الأعمالِ بالنِّيَّةِ في كلّ بابٍ ، وعنه أنَّه قال : مَنْ أَرادَ أنْ يصنِّفَ كتاباً ، فليبدأ بحديثِ " الأعمال بالنيات".وهذا الحديثُ أحدُ الأحاديثِ التي يدُورُ الدِّين عليها ، فرُويَ عنِ الشَّافعيِّ أنَّهُ قال : هذا الحديثُ ثلثُ العلمِ ، ويدخُلُ في سبعينَ باباً مِنَ الفقه . النية في كلام السلف: النيةُ التي تُوجَدُ كثيراً في كلام السَّلَفِ المتقدّمين:هي بمعنى تمييزِ المقصودِ بالعمل ، وهل هو لله وحده لا شريكَ له ، أم غيره ، أم الله وغيرُه. النية في كلام النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وسلفِ الأمَّةِ إنَّما يُرادُ بها هذا المعنى غالباً ، فهي حينئذٍ بمعنى الإرادة ، ولذلك يُعبَّرُ عنها بلفظِ الإرادة في القرآن كثيراً ، كما في قوله تعالى : { مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ } وقد يُعَبَّرُ عنها في القرآن بلفظ " الابتغاء " ، كما في قوله تعالى : { إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى}. وقوله : {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ الله } متى يقبل عمل العبد؟ قال الفضيلُ بن عياض في قوله تعالى :{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} ، قال : أخلصُه وأصوبُه . وقال : إنَّ العملَ إذا كان خالصاً ، ولم يكن صواباً ، لم يقبل ، وإذا كان صواباً ، ولم يكن خالصاً ، لم يقبل حتّى يكونَ خالصاً صواباً ، قال : والخالصُ إذا كان لله - عز وجل-، والصَّوابُ إذا كان على السُّنَّة . وقد دلَّ على هذا الذي قاله الفضيلُ قولُ الله - عزوجل - { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } . فلا يقبل عمل العبد إلا بأمرين لا يغني أحدهما كما قال الفضيل بن عياض: الأمران ( الشرطان) هما : أحدهما : أنْ يكونَ العملُ في ظاهره على موافقَةِ السُّنَّةِ ، وهذا هو الذي تضمَّنه حديثُ عائشة : " مَنْ أحدَثَ في أمرنا ما ليس منه فهو رَدٌّ " . والثاني : أنْ يكونَ العملُ في باطنه يُقْصَدُ به وجهُ الله - عز وجل- كما تضمَّنه حديث عمر : " الأعمالُ بالنِّيَّاتِ " . حال العارفين من السلف مع الإخلاص: قال سهلِ بن عبد الله التُّستري : ليس على النَّفس شيءٌ أشقُّ مِنَ الإخلاصِ ؛ لأنَّه ليس لها فيه نصيبٌ . وقال يوسفُ بنُ الحسينِ الرازيُّ : أعزّ شيءٍ في الدُّنيا الإخلاصُ ، وكم اجتهد في إسقاطِ الرِّياءِ. وعن يحيى بن أبي كثير ، قال : "تعلَّموا النِّيَّة ، فإنَّها أبلغُ من العَمَلِ" . وعن زُبَيدٍ اليامي ، قال :" إنِّي لأحبُّ أن تكونَ لي نيَّةٌ في كلِّ شيءٍ ، حتى في الطَّعام والشَّراب ". وعن داود الطَّائيِّ قال : رأيتُ الخيرَ كلَّه إنَّما يجمعُه حُسْنُ النِّيَّة ، وكفاك به خيراً وإنْ لم تَنْصَبْ . قال داود : والبِرُّ هِمَّةُ التَّقيِّ ، ولو تعلَّقت جميع جوارحه بحبِّ الدُّنيا لردَّته يوماً نيَّتُهُ إلى أصلِهِ . وعن سفيانَ الثَّوريِّ ، قال : ما عالجتُ شيئاً أشدَّ عليَّ من نيَّتي ؛ لأنَّها تتقلَّبُ عليَّ . وعن يوسُفَ بن أسباط ، قال : تخليصُ النِّيةِ مِنْ فسادِها أشدُّ على العاملينَ مِنْ طُولِ الاجتهاد. وعن ابن المبارك ، قال : رُبَّ عملٍ صغيرٍ تعظِّمهُ النيَّةُ ، وربَّ عمل كبيرٍ تُصَغِّره النيَّةُ . وقال ابن عجلان : لا يصلحُ العملُ إلاَّ بثلاثٍ : التَّقوى لله ، والنِّيَّةِ الحسنَةِ ، والإصابة . وقال الفضيلُ بنُ عياضٍ : إنَّما يريدُ الله - عز وجل - منكَ نيَّتَك وإرادتكَ . وقال بعضُ العارفينَ: إنَّما تفاضَلُوا بالإرادات ،ولم يتفاضَلُوا بالصَّوم والصَّلاة . وأخيرا أخواتي لنتأمل- بصدق نية- هذا الحديث الذي أقر مضجع الصالحين العارفين فكيف بحالنا نحن المقصرين المفرطين - لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم - : من حديثِ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - : سمعتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول : " إنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقضى يومَ القيامةِ عليه رجلٌ استُشهِدَ ، فأُتِي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه فعرفها ، قال : فما عَمِلتَ فيها ؟ قالَ : قاتلتُ فيكَ حتّى استُشْهِدتُ ، قالَ : كذبتَ ، ولكنَّكَ قاتلتَ ؛ لأنْ يُقَالَ : جَريءٌ ، فقد قيل ، ثمَّ أُمِرَ به ، فسُحِبَ على وجهه ، حتى أُلقي في النَّارِ ، ورجلٌ تعلَّم العلمَ وعلَّمه ، وقرأَ القُرآن ، فأُتِي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه فعرَفها ، قال : فما عملتَ فيها ؟ قال : تعلَّمتُ العِلمَ وعلَّمتُه ، وقرأتُ فيكَ القرآنَ . قال : كذبتَ ، ولكنَّك تعلَّمتَ العلمَ ، ليُقال : عالمٌ ، وقرأتَ القرآنَ ليقال : قارئ ، فقد قيلَ ، ثمَّ أُمِر به ، فسُحِب على وجهه حتّى أُلقي في النّار ، ورجلٌ وسَّع الله عليه ، وأعطاه من أصنافِ المال كلِّه ، فأُتي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه ، فعرفها ، قال : فما عَمِلتَ فيها ؟ قال : ما تركتُ من سبيلٍ تُحبُّ أن يُنفقَ فيها إلاَّ أنفقتُ فيها لكَ ، قال : كذبتَ ، ولكنَّك فعلتَ ، ليُقالَ : هو جوادٌ ، فقد قيلَ ، ثمَّ أُمِر به ، فسُحب على وجهه ، حتى أُلقي في النار " لمَّا بلغ معاويةَ هذا الحديثُ، بكى حتَّى غُشِي عليه ، فلمَّا أفاق ، قال : صدَقَ الله ورسولُه ، قال الله - تعالى- : {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّار} . اللهم ارزقنا من الأعمال أخلصها وأصوبها ولا تفتنا بسوء نيتانا اللهم آمييين المرجع:جامع العلوم والحكم للإمام ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – بتصرف . مع الاستعانة ببعض أقوال أهل العلم . منقول كتبته :كوني مباركه |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الاخلاص للشيخ مشاري خراز | احلام فلسطين | روضة العقيدة | 1 | 10-08-13 11:19 PM |
نزهة طالبة العلم ** الإخلاص ** | أم يوسف و هبة | روضة آداب طلب العلم | 22 | 05-07-07 06:15 PM |