العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . معهد العلوم الشرعية . ~ . > ๑¤๑ بوابة معهد العلوم الشرعية ๑¤๑ > المكتبة الصوتية للدروس العلمية > الدروس العلمية للشيخ محمد العويد - رحمه الله تعالى -

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-02-18, 10:02 PM   #2
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

الطاعة طريق للتوبة


هناك تلازم أغلبي بين ارتكاب المعصية – وبالذات الكبيرة - وبين الضعف في فعل الطاعة ، وكلما ازداد ارتكاب المعصية ازداد ترك الطاعة ، ويكون السبيل للتغيير – شرعاً - مشتملاً على هذين الأمرين لأن التوبة تعني فعل الطاعة وترك المعصية ، لكن لو تأملنا في حال العاصي؛ لوجدنا أنه لم يتعمد ابتداءً ترك الطاعة ، لكنه تركها عندما أغرق في المعصية ، وهذا التأمل يجعلنا نكتشف أنه ربما يكون الحل تماماً كتركه للطاعة ، فيكون فعله للطاعة حافزاً لترك المعصية .
والسؤال المهم : لماذا هذا الحل ؟
والجواب عنه أن من يريد التوبة ربما يكون متشبثاً بالمعصية وتركه لها صعب؛ فيستصعب الحل إذا كان شرطاً للتوبة لكن إذا كان من ضمن الحلول فعل الطاعة للتغلب على ارتكاب المعصية فحينئذ يكون سبيل التوبة سهلا عليه .
ولذا فنحن نجد كثيراً ممن استقاموا ، كانت استقامتهم بسبب فعلهم للطاعات ، ولم يكن ترك المعصية سبباً رئيساً كفعلهم للطاعات .
وينبغي التنبه إلى أننا هنا لا ندعو إلى تهميش المعصية وارتكابها ولكننا نعيش ظرفاً في إقناع العاصي بترك معاصيه عن طريق السبيل التي تصلح له وتؤثر فيه .
ولهذه الطريقة فوائد :
أولاً : أن هذه الطريقة تكون نتائجها أوقع لأن النفوس جبلت على الضعف أمام المغريات والمعاصي ، فلو كان السبيل الوحيد للتوبة ترك المعاصي مرة واحدة لكان في هذا صعوبة أن يطبق هذا المفهوم ، بسبب ضعف الإيمان .
ثانياً : أن هذه الطريقة ليست دعوة للمعصية لأن الشخص في أصله عاصٍ .
ثالثاً : أن فيها تحقيقاً لنصف التوبة وهو الإقبال على الطاعة ، وتحقيق النصف أولى من عدم تحقيق شيء .
وقد يتساءل شخص ما عن شرعية هذه الطريقة ، وذلك لأن التوبة تعني الانخلاع من المعاصي والتجرد بالطاعة لله تعالى ، وهذا الكلام وإن كان صحيحاً إلا أن مفهوم التوبة بهذا الاعتبار يعني المحصلة من التوبة بينما الاعتبار الأشمل لها ، يعني الرجوع إلى الله بفعل الطاعة وترك المعصية ، والتوبة متلازمة مع فعل الطاعة كتلازمها مع ترك المعصية بمعنى أن المغفرة من فعل المعاصي من نواتج الطاعات كما هي من نواتج ترك المعاصي ، ومن الأدلة التي تثبت هذا المفهوم وتوضحه :
1- قوله تعالى :
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت : 45] .
فالصلاة طاعة ، بل هي أعظمها ، ومع ذلك هي طريق صحيح لترك المعاصي .
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " متفق عليه . فالحج طاعة ومع ذلك فهي سبيل لمغفرة الذنوب .
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . متفق عليه . ورمضان بهذا الاعتبار سبب لمغفرة الذنوب .
وهذه العبادات الثلاث العظيمة الصلاة والحج والصيام كلها طريق للتوبة ، ولا نبالغ إذا قلنا إن كل طاعة يفعلها العاصي هي طريق مؤدٍّ إلى ترك المعصية ، وهذا من فضل الله الواسع

محمد بن عبد الله العويد
المشرف العام على ملتقى الداعيات


المصدر:
http://www.islamtoday.net/nawafeth/a...-43-204392.htm
عمادة إشراف معهد العلوم الشرعية العالمي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-02-18, 10:04 PM   #3
|علم وعمل، صبر ودعوة|
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الإعجاب بين الفتيات
الإعجاب بين الناس أمر طبعي لا غرابة فيه ، لأن بعض الناس يتميز بما يجعله محط أنظار الآخرين وتقديرهم وإعجابهم ، وإذا كنا بطبيعتنا البشرية ننجذب نحو من نعجب به ، إلا أن هذا الانجذاب لا بد له ضوابط تحد من التهور فيه .
والذي يظهر - والله أعلم – أن مسألة الإعجاب ليست حادثة جديدة ، بل هي قديمة جداً ، حتى إن تحول الإعجاب إلى ظاهرة مشينة ليس جديداً فيها أيضاً ، ويظل السؤال المهم في ذلك : ما هو الجديد فيها ؟
الجديد في الإعجاب أنه وصل إلى مراحل سيئة من الشذوذ العاطفي والأخلاقي ، خرجت حتى عن الحدود المعروفة للمعصية ، مما يعني أن الظاهرة قد انتشرت بشكل كبير .
والإعجاب بمفهومه الشرعي السائغ ليس عيباً ولا خللاً تربوياً ، بل هو من الممارسات الطبيعية للنفس البشرية التي تتأثر بحسن التعامل وحسن المنظر ، بل وبحسن ما يقابلها ، مما يدعونا إلى التأني في إطلاق الحكم على الإعجاب من حيث المبدأ .
وإذا كان الكثير ممن كتبوا عن الإعجاب ، تحدثوا عنه كظاهرة سلبية فلأن الإعجاب تجاوز الحد الشرعي بمراحل كثيرة وجرف معه تياراً كبيراً من الشباب والفتيات ، وصل في أحيان ليست بالقليلة إلى تصرفات شاذة من قبل بعض المعجبين أو المعجبات ، مما جعل الرؤية السائدة للإعجاب على أنه خلل تربوي .
وإذا كان الإعجاب قد وصل إلى هذه الحال فالحاجة ماسة إلى معرفة الأسباب التي أدت إلى وصوله إلى تلك الحال ، ومن خلال رصد بعض ظواهر الإعجاب بين الفتيات يتبين أن البداية لم يكن مقصوداً منها الوصول إلى التعلق التام أو غيره من التصرفات المشينة ، وإنما كانت مجرد إعجاب بلباس أو حسن خلق أو غيرها من صور الإعجاب الطبعي ، ومع مرور الأيام تنامى و تحول إلى إعجاب ممقوت اتخذ صوراً شتى من صور التعلق المحرم .
ويمكن ذكر أهم الأسباب وراء انتشار هذه الظاهرة ، وما وصلت إليه ، على أننا ينبغي أن ننظر إلى المؤثرات كعوامل رئيسة في انتشار وتثبيت هذه الظاهرة .
وتشخيص مثل هذه الحالات لا يتم من خلال قراءة أو اطلاع ، فلابد فيه من اقتحام لغمار بيئة المعجبات للوقوف على المدى الذي وصل إليه ، ومعرفة الأسباب التي أدت إليه ، مع الأخذ بالحسبان أن مخرجات التربية تعددت بتطور الحياة ، ولم يعد البيت هو المؤثر الوحيد .

ومن الأسباب لوجود هذه الظاهرة وانتشارها ما يلي :
1- ضعف التربية الدينية :
بعض البيئات التي تعيش فيها الفتاة تفتقر إلى النموذج المثالي أو على الأقل المعتدل ، فتعيش الفتاة حياة خالية من أي دور تربوي هادف ، ولا ترى أمام ناظريها سوى أب وأم ، همهم الدراسة وتلبية الطلبات ، دون أن يكون للدين أثر في حسبانهم .
وماذا نتوقع من فتاة لا ترى إلا نماذج فاسدة منذ قدمت على الدنيا ؟
وبعض البيوت ينعدم فيها التأثير الشرعي ، ولا تجد الفتاة فيه أي معرفة دينية يمكن أن تتربى عليها ، بل حتى فيما يتعلق بها من أحكام فقهية خاصة ، فتنشأ على جهل مضاعف ، جهل في الفضيلة ، وجهل في تعبدها لربها ، وتعيش مع ذلك غياباً عن المفهوم الحقيقي للتربية الدينية ، وما دام أن البيت يخلو من مربٍ فاضل ومربيةٍ فاضلة فإن سوء التربية سوف يكون نتيجة مؤكدة ، إلا من رحمها الله وأراد لها الخير .
2- غياب القدوة التربوية للفتاة :
سواء كان في البيت أو المدرسة أو بين أقاربها أو الأماكن التي تذهب إليها ، مما يرسخ مفهوم القدوة الفاسدة في كل مجتمع تختلط به ، فيأتي إعجابها بما تراه وتستمع إليه .
والفتاة بطبعها تتأثر كغيرها من الناس فتحب وتكره ، وتفرح وتغضب ، ويعتريها من الشعور ما يعتري غيرها ، بل إن الفتاة بحكم رقتها الطبيعية تتأثر في غالب أوقاتها أكثر من غيرها .
3- إطلاق الحواس دون تمحيص :
فتنظر إلى كل شيء يقع ناظرها عليه وتستمع إلى كلام وتنظر إلى صورة أو مشهد دون أن يكون هناك مقياس شرعي وتفريق بين ما حرم الله وبين ما أباحه ، فضلاً عن إغراقها في المباحات .
وهذا من أهم أسباب الإعجاب المحرم الذي تقع فيه الفتاة ، وذلك أن الحواس تتأثر بما يطرقها كثيراً فتتعود عليه ويتحول من متعة في الرؤية إلى إدمان عليه ، حتى تصل إلى النقطة التي يصعب معها الرجوع منه .
4- الفراغ العاطفي :
وهو ما تحدثت به بعض الفتيات ، وكيف أنه جر الكثير منهن إلى البحث عمن يشبع هذه العاطفة ، وكان من الوسائل للحصول عليها البحث عمن يستحق أن تفرغ فيه العاطفة .
وقد قمت ببعض الجولات على بعض مواقع الشات ( chatting ) ورأيت بعيني فتيات كثيرات انحرفن بإعجابهن المذموم بسبب الفراغ العاطفي وعدم اهتمام الأسرة بذلك ، وقد صرح لي بعضهن بذلك ، متذرعات بإهمال أهلهن لهن ، وعدم وجود من يسمع صوتها في البيت ، أو يلقي لها بالاً .
5- استغلال بعض المنحرفات لطيبة بعض الفتيات :
وهذا يتم بتلبس لباس المحبة والبحث عن المصلحة ، فتندمج الفتاة معها وتحس بالقرب منها وتتطور العلاقة بينهما بحجة التناسب بينهما ، حتى إن بعض الفاسدات تتقمص أموراً تصلح لمن أعجبت بها ، تلبيساً عليها بأنها الصديقة التي تتوافق معها .
6- التجمل الزائد والظهور بمظهر المبالغة :
وهذا من الأسباب الكبيرة ، لأن النفوس جبلت على حب التجمل وهو في مجتمعات النساء أكثر منه في مجتمعات الرجال ، ولكون الشارع الحكيم أجاز للمرأة أن تتجمل أمام النساء بصورة تختلف عن الرجال فإن بعض النساء تبالغ في الزينة بما يخالف الزينة المباحة فتظهر كثير من مفاتنها ويصادف ذلك بعض النساء اللاتي وقعن في شرك الشذوذ فتعجب بها وتنظر إليها نظرات شهوة ، ثم تكتمل فصول المأساة حتى تصل إلى ما لا يحمد عقباه .
7- فساد الإعلام :
وهو من الأسباب التي ترسخ مفهوم الإعجاب بانتقاء وقح مقصود منه إفساد الفتيات ونشر الإعجاب بصورته الشاذة بينهن ، والإعلام يرسخ هذا المفهوم من خلال عدة إجراءات تبين بوضوح لمن تأمل ،وأنه يسعى جاهداً لذلك ، ومن الأساليب التي يتخذها في ذلك :
- عرضه للمسلسلات الهابطة والأغنيات الماجنة بإخراج متميز ، يخاطب فيه المشاعر العاطفية للفتاة .
- محاولة اختيار المشاهد المثيرة للغرائز ، وتكرارها وتنويعها بصورة تجعل البصر على يتعود عليها ، حتى تصبح جزءاً مما تحبه وتطلبه الفتاة .
- الاعتماد على ثقافة الشاذين في هذه الجوانب بتنظيرا ت شوهاء من قبل مأجورين يسعون لإخراج الفتاة من عفتها وحيائها إلى حياة الشذوذ العاطفي .
وغيرها من الأساليب التي يتفنن الإعلام الهابط بوسائله المتعددة في الإفساد .
8- غياب دور المربيات :
والمربيات هن القدوة الحسنة ، وهن من ينبغي أن يتصدى للجذب التربوي ، لكن بعض المربيات ربما تخاف من الوقوع في شرك أحد المعجبات فتؤثر فيها ، فهي كمن يفر بنفسه من الفتن ، وهذا الأمر بحد ذاته مقبول ابتداءً إذا تأكد لديها الضعف في هذا الجانب ، لكن مما ينبغي له أن تحاول المربية أن تنمي هذا الجانب لديها ، لأن أمر التعلق سوف يصطدم كثيراً بمشروعها التربوي ، فيكون تنمية جانب الإيمان عندها بمثابة الحاجز – بإذن الله – من الوقوع في شرك الإعجاب المذموم .
كما أن الخوف المبالغ فيه من الإعجاب المذموم لا مبرر له إذا عرفنا أنه لا بد من تحقق قدر من الإعجاب يكون وسيلة للتأثير على الفتيات ، ويمكن للمربية بحكمتها أن تحول إعجاب الفتاة إلى ثقة تستطيع من خلالها التأثير عليها بترسيخ المفاهيم الإيمانية لديها ، خصوصاً وأن المعجبة تحاول أن تتقمص شخصية من أعجبتها .
9- الحرية الزائدة :
وهذا من الأسباب الخطيرة التي أدت إلى تطور العلاقات بين الفتيات ، بحكم وجود الحرية التامة في اختيار الصديقة وممارسة ما تشاء معها ، وهو ما يمكن أن يعبر عنه بغياب دور الرقيب ، وغالب الخلل في ذلك هو الخلط بين الثقة وبين الحرية ، إذ إن الثقة مما يطلب بناؤها في الأبناء وتعزيزها لديهم ، وإعطاؤهم مساحة من الحرية يمارسمون فيها ثقتهم ، فالحرية من تطبيقات الثقة المطلوبة ، وهي التي تتطلب مراقبة دقيقة .
خطورة الإعجاب :
تكمن خطورة الإعجاب في عدة أمور ، لا تظهر غالباً إلا بعد تغلغلها في القلب والفكر ، وهذه الإشكالية تجعل عدداً من الحالات ليس بالقليل يصعب حله ، إلا بعد بذل جهد كبير ، ولذا فمن المهم أن تتعرف الفتاة على خطورة الإعجاب قبل أن تتعلق به وتقع في شركه .
ويمكن ذكر أهم الأمور التي تبين خطورة الإعجاب :
1- أن الإعجاب متعلق بالقلب ، وتعلق القلب مما يصعب تغييره ، فيحتاج إلى رصيد إيماني ومعالجة كبيرة للقلب ، ولعظم عمل القلب فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الدعاء بثبات القلب كما ثبت عن أنس قال
: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول : " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " فقلت : يا نبي الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا ؟ قال : " نعم إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء " . رواه الترمذي وابن ماجه .
2- أن الإعجاب في الغالب يؤدي إلى حالات من المبالغة و الشذوذ في الإعجاب بالفتاة الأخرى ، يصل أحيانا إلى ارتكاب سوءات خلقية شاذة .
3- أنه سبب في الغالب لذهاب الحياء ، الذي هو ستار الفضيلة للفتاة .
4- أنه سبب في الوقوع في المحرمات لأن الغالب في الإعجاب أن أحد المعجبتين واقعة في معاصي كثيرة ، فتنجرف الأخرى معها فيما حرم الله ، ومنه نعلم أن التأثير في الإعجاب للطرف الأسوأ .
5- أن بعض الحالات تسببت في تعرف الفتاة على الشباب .
العلاج :
لكل مشكلة حل ولكل داء دواء ، كما في الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء " . رواه البخاري
ومن أهم الأمراض التي نزل لها الدواء أمراض النفوس والتي من أخطرها الإعجاب المحرم ، لأن القلب إذا تعلق يصعب تغييره .
ونحن نعلم أن المريض يتناول الدواء فربما يشفى حتى ولو أخذ الدواء مع كره له ، وحتى لو أجبر على تناوله ، لكننا نعلم في ذات الوقت أن أمراض القلوب مما يستحيل شفاؤها إلا بالإقبال على الدواء بحرص وشوق ، ورغبة في الشفاء والتغيير .
والإعجاب مرض قلبي يجتمع فيه صعوبة الرجوع لمن ضعف أمام دائه وبين سهولة الشفاء منه لمن صفا قلبه لخالقه وشعر بخطورة الداء وأقبل على الله إقبال التائب اللائذ بربه ، وحينئذ يعينه ربه ويسهل له ترك ما تعلق قلبه به ، والله تعالى مع عبده المنيب .
وإن من أهم الأمور التي يمكن التخلص بها من الإعجاب :
1- المداومة على ذكر الله تعالى :
فإن كان سبب الإعجاب دوام ذكر المحبوب والتعلق به ، ذلك أن التعلق بالله تعالى ودوام ذكره ، يفرغ القلب من التعلق المذموم إلى التعلق المحمود وهو التعلق بمن لا يستحق أن يتعلق به إلا هو .
والقلب لا بد له من تعلق فإن تعلق بالله استغنى به عن غيره ، وإن تعلق بغيره وكله الله إلى ما تعلق به فأصبح عبداً له ذليلاً إليه حقيراً بين يديه .
عن عيسى بن حمزة قال : دخلت على عبد الله بن عكيم و به حمرة فقلت : ألا تعلق تميمة ؟ فقال : نعوذ بالله من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تعلق شيئا وكل إليه " . رواه أبو داود
2- تغيير البيئة المؤثرة :
وفي الغالب أن الصداقة سبب للإعجاب ، فإن الصديقة تؤثر على صديقتها ويكون بينهما من الإعجاب الشيء الكثير ، بل وقد تكون أحد الصديقتين ممن تعيش حالة شذوذ أو تعلقات مذمومة تجر صاحبتها إليه ، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " . رواه أحمد والترمذي وأبو داود وهو صحيح .

3- مصاحبة الصالحات :
ممن يحملن قلوباً إيمانية تكتسب منهن الصفات الحسنة وتستمع منهن الكلمات المضيئة التي تنير دربها وتسلك بها سبيل التقيات ، وإن مصاحبة الصالحات وصية النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح
عن أبي سعيد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي " . رواه الترمذي وأبو داود والدارمي .
4- القراءة في سير المؤمنات :
وخصوصاً من يمثلن القدوة الحسنة ، ومن يكون الإعجاب بهن أمراً مطلوباً ، سواء في ذلك الصحابيات أو التابعيات أو حتى من المعاصرات من المؤمنات التقيات .
5- القراءة في سير السابقين من أهل الخاتمة السيئة :
وفي الكتاب والسنة من ذلك الشيء الكثير ، مثل فرعون الذي أعجبه تكبره وطغيانه فادعى الإلوهية ، كما قال تعالى : {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ }القصص38
وزاد إعجابه عندما استخف بقومه فأطاعوه لذلك كما قال تعالى : {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ }الزخرف54
ومثله قارون عندما أعجبه حاله و ماله كما قال تعالى : قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ{78} فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ .
ومثلهم زوجة أبي لهب وزوجها عندما حاربا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه فأنزل الله فيهم سورة تتلى ، يقول الله تعالى : تبت يدا أبي لهب وتب (1) ما أغنى عنه ماله وما كسب (2) سيصلى نارا ذات لهب (3) وامرأته حمالة الحطب (4) في جيدها حبل من مسد (5) .
وهذه القصص تنفع المؤمنة في نسف مفهوم الإعجاب بالنفس والغير ، وتجعل الدنيا حقيرة لا تستحق أن يعجب بها فضلاً أن يعجب بشيء من متاعها الزائل .
6- تذكر حال الدنيا :
فالدنيا زائلة لا محالة ، وكل ما فيها إلى زوال ، وكل ما تراه الفتاة من جمال ومتعة سوف ينتهي ، ولن يبقى إلا العمل الصالح .
إن متعة الآخرة لا يوازيها متعة ، ولو تفكرت الفتاة المعجبة بحال الدنيا ومقارنتها بحال الآخرة لزهدت فيما هي واقعة فيه ولاستحقرت إعجابها ، واستبدلته بهمة عالية وعمل دؤوب لتحصيل الآخرة .
إن التفريق بين الدنيا والآخرة بميزانه الحقيقي لا يتم إلا لمن تأملت في حقيقة الدنيا الآخرة ، ولذا فهذا الميزان لا يتأتى إلا لمن تدبرت نصوص الشرع في التفريق بينهما .
والله عز وجل قد ذم الدنيا كلها ببيان حال الآخرة كما قال تعالى : {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت64
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم " . رواه الترمذي وابن ماجه وهو صحيح .
بل إن الدنيا مدتها لا تستحق أن يحرص عليها ، عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم نام على حصير فقام وقد أثر في جسده فقال ابن مسعود : يا رسول الله لو أمرتنا أن نبسط لك ونعمل . فقال : " ما لي وللدنيا ؟ وما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها " . رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وهو صحيح .


ولذا فالواجب الحرص على الاعتصام بكتاب الله تعالى و على انتقاء الصاحبات والتأكد من صلاحهن ، وعدم الإكثار من الصديقات ، فالخيرات قليل ، وقليل مؤمن خير من كثير عاصي .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين


محمد بن عبد الله العويد
المشرف على موقع أريد حلا
والمنتدى الإسلامي في شبكة بيت حواء
الملفات المرفقة
نوع الملف: doc الإعجاب للشيخ العويد رحمه الله.doc‏ (64.5 كيلوبايت, المشاهدات 385)
عمادة إشراف معهد العلوم الشرعية العالمي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-18, 07:05 PM   #4
الإدارة العامة
الإدارة العامة للملتقى
 
تاريخ التسجيل: 23-03-2006
المشاركات: 2,676
الإدارة العامة تم تعطيل التقييم
افتراضي الفتور

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

كلمات في الفتور

الفتور أمر طبعي يصيبنا جميعاً ، والغالب أنه يصيب من يغرق في جانب من جوانب العبادات فيجد فتوراً وقلة في الحماس فيتأثر لذلك خوفاً منه أن يكون ذلك انتكاساً عن طريق الخير ، والأمر ليس كذلك ، بل تعبير عن حاجة النفس للاعتدال لكنها أتت بصورة المصادمة
وحتى مع الاعتدال فقد تصاب النفس ببعض الفتور وهو تعبير عن تعب النفس وإجهادها وأنها حملت ما لا تحتمل
ليس بالأمر السيء تماماً إذا ما استثمر استثماراً إيجابياً ، والصحابة مع قوة إيمانهم كان يصيبهم بعض الفتور ، فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كما في الحديث الصحيح : عن حنظلة بن الربيع الأسيدي قال : لقيني أبو بكر فقال : كيف أنت يا حنظلة ؟ قلت : نافق حنظلة قال : سبحان الله ما تقول ؟ قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا قال أبو بكر : فو الله إنا لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : نافق حنظلة يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما ذاك ؟ " قلت : يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة " ثلاث مرات . رواه مسلم
فلنلاحظ جميعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستنكر الفتور ، ولم يجعله معصية بل جعله أمراً عادياً ، ولذا لم يتفاجأ أو يأمرهم بمراجعة نفوسهم وإيمانهم ، كما لم يأمرهم أن يحاسبوا أنفسهم ، بل ذكر أمراً مهماً وهو ( ساعة وساعة ) ، وهو دليل على أن الترويح عن النفس مطلب شرعي استجابة لطبيعة البشر .
والذي يبدو أن السبب وراء استمرار الفتور هو الحماس الزائد لدى الكثير ممن يملأ وقته بالعبادات والطاعات ولا يجعل لنفسه وقتاً يرتاح فيه ويجدد نشاطه .
والرسول عليه الصلاة والسلام استنكر على الذين أرادوا أن يجعلوا وقتهم كله في عبادات محضة :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : " أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني . متفق عليه
فنلاحظ هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل سنته في عدم الاستغراق في العبادات كل الوقت ، وأن هديه عليه الصلاة والسلام في التوسط والاعتدال .
والسر في هذا كي لا يمل المسلم من العبادات فيتركها أو يتهاون فيها ، وفي الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا أيها الناس ! عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا و إن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه و إن قل . متفق عليه .
وفي طلب العلم يحصل فتور كثير ، وكثير من طلاب وطالبات العلم أصابهم فتور فبعضهم تسبب الفتور بتركه للعلم ، وبعضهم تنبه لنفسه واعتدل ، فكان الفتور الذي أصابه خيراً له ، فكما يقال رب ضارة نافعة .
والسبب في حصول الفتور يمكن إجماله في عدة أمور :
من أسباب الفتور :
1- إجهاد النفس في تحصيل العلم ، ونسيان حقها من الراحة والدعة
2- خوف فوات العلم وتحصيله مما يحفز لإجهادها
3- التنافس الغير صحيح ، فكل أعطاه الله تعالى قدرات وتوجهات محددة
4- عدم التخطيط السليم وضع برنامج محدد للعلم ، والتعامل مع الطلب بصورة عشوائية
5- الازدحام في استغلال الوقت بكثرة الدروس دون تبصر
العلاج :
إذا عرف السبب عرف العلاج ، وخير من العلاج وجود الوقاية قبل البدء في الطلب فمما ينبغي لطالبة العلم قبل البداية في الطلب أن تتعرف على المنهج الصحيح للعلم والذي تعرف فيه قدراتها وإمكانياتها وتوجهاتها
والحلول لعلاج الفتور :
1- التوازن بين الحقوق والواجبات وإعطاء كل ذي حق حقه لأن النفس مطالبة بعدة حقوق فإن أُغرق في جانب أصاب بقية الجوانب جور
عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك ؟ . قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا . فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل قال فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال نم فنام ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن فصليا فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( صدق سلمان . رواه البخاري
2- الاستشارة : وهي ما يصحح المسار ، وبالذات إذا كان المستشار من أهل الخبرة والمعرفة ، وممن مر بتجارب فإن هذا مما يعين على حسن الطلب وعلى تجاوز الكثير من الأخطاء
3- إعطاء النفس حقها من الراحة والترفيه كما سبق في حديث ( ساعة وساعة )
4- الاقتصاد في الطلب وعدم تحميل النفس مالا تطيق
عن عائشة قالت : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة فقال من هذه ؟ فقلت امرأة لا تنام تصلي قال عليكم من العمل ما تطيقونه فو الله لا يمل الله حتى تملوا وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه . رواه مسلم
5- السير على منهج واضح : وهذا يعني عدم التخبط ، لأن عدم الوضوح في منهج الطلب يغيب الأهداف ، ويضع الطالبة أمام مناهج وطرق كثيرة فتتنقل من طريقة إلى أخرى فتضيع على نفسها حسن المنهج وتفوت على نفسها الفائدة ، وتجد نفسها بعد فترة طويلة أنها لم تستفد شيئاً .


المصدر:
http://ma3had-alredwan.com/vb/t1122/



توقيع الإدارة العامة
(فَمن صحت لَهُ معرفَة ربه وَالْفِقْه فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته علم يَقِينا أَن المكروهات الَّتِي تصيبه والمحن التي تنزل بِهِ فِيهَا ضروب من الْمصَالح وَالْمَنَافِع التي لَا يحصيها علمه وَلَا فكرته بل مصلحَة العَبْد فِيمَا يكره أعظم مِنْهَا فِيمَا يحب).
من كتاب الفوائد لابن القيم.
الإدارة العامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-18, 07:25 PM   #5
الإدارة العامة
الإدارة العامة للملتقى
 
تاريخ التسجيل: 23-03-2006
المشاركات: 2,676
الإدارة العامة تم تعطيل التقييم
افتراضي

كان شمعة تحترق

كثيراً ما نسمع هذه العبارة وأمثالها ، مثل : أفنى عمره في تربية أبنائه ، كنت أعمل دواماً إضافياً من أجل أبنائي ، لم يتزوج أو لم تتزوج براً بأمها ، وغيرها كثير ، وهي عبارات تدل على المبالغة في العطاء والبذل ، ونسيان حظ النفس بصورة لا داعي لها ، ولو قلت لأحدهم: "لا تبالغ في برك لوالديك" لاستهجن كلامك واعتبره نوعاً من الدعوة إلى العقوق ، ولَعَبَّر لك عن أن حياته كلها وقف على والديه ، بينما هو يؤمن بصحة عبارة : " لا تبالغ في العبادة" ، مع أن حق الله تعالى أولى من حق الوالدين.
وعلى ضوء هذا التصور أطلت علينا مبالغات لا حاجة لها ، بل وبعضها فيه مبالغة كبيرة ، تتنافى مع الشريعة من حيث إن الشرع يوجب على المسلم أن يراعي حقه إيجاباً ؛ حتى لا ينقلب على حقوق الغير ، وألا يستهلك نفسه في أداء حق الغير؛ حتى لا يبقى له ما يقدمه لنفسه ، وفي الحديث الصحيح (إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ) رواه البخاري عن أبي جحيفة رضي الله عنه
والناس أغلبهم بين مقصر في حقوق الغير وبين مبالغ في إعطائهم حقوقهم بقدر زائد ، فهم أحوج ما يكونون إلى التوازن ، والوسط هو ما دعت إليه نصوص الشرع من الاهتمام بالنفس والغير.
إن القصور في هذا الفهم أوجد تَصَوُّراً لبعضهم أن بعض التصرفات هي الحق ، كمن يعتقد أن تقبيل رجل أمه هو غاية البر وحده ، أو أن زيارة والديه كل يوم هو البر ، ومن لم يزرهما كل يوم ، ففيه عقوق ، وليس في نصوص الشرع أن يصل البر إلى هذه الصورة ، فالخلل لديه – إذاً - في مفهوم البر جعله يمارس بِرَّا مبالغاً فيه؛ وليس مطلوباً شرعاً ، والغالب أن مثل هذا يمل من بِرِّهِ ويتركه – ربما – إلى العقوق ، والتوسط هو الطريق الصحيح ، وقد ثبت في الحديث الصحيح (يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّ». وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ ) رواه مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
إن بعض الناس منذ أن يتزوج إلى أن يتزوج آخر أبنائه ، وهو لا يعر ف راحة في حياته ، فيباشر حياته معهم في كل تفاصيلها ، فيتحمل كل أخطائهم ، ويدخل في كل مشكلة تحدث لهم ، ويدقق في كل صغيرة وكبيرة ، ولا يدري أنه يستهلك صحته وجسده وروحه ، وغالب هؤلاء يجد نفسه بعد الكبر وحيداً مليئاً بالأمراض لا سند له ، ولا يحس به أحد ، والسبب أنه قد هضم حق نفسه ولم يعط نفسه حقها من الراحة والمتعة.
إن على الإنسان أن يفكر في نفسه قبل الآخرين ، في تعبده قبل عبادة الآخرين ، وصحته قبل صحة الآخرين ، ونفسيته قبل نفسية الآخرين ، وأن يترك للآخرين شيئاً من شأنهم.
إن هذا الكلام لا يعني الأنانية وإهمال من يعول ، وترك باب الإحسان ، كلا ، لكن التوازن مطلوب وتوزيع الحقوق والواجبات ، بين النفس والآخرين هو الطريق السليم – ولا غير – للقيام بدور صحيح في هذه الحياة

محمد عبد الله العويد
المشرف على ملتقى الداعيات


المصدر:
https://www.islamtoday.net/bohooth/a...-43-204953.htm
الإدارة العامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-18, 07:35 PM   #6
الإدارة العامة
الإدارة العامة للملتقى
 
تاريخ التسجيل: 23-03-2006
المشاركات: 2,676
الإدارة العامة تم تعطيل التقييم
افتراضي

من تأخر زواجها

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سئلت عن تأخر الزواج وأسبابه أكثر من مرة ، مما يعني أن هذه المشكلة قد انتشرت وعمت ، فأحببت المشاركة بشيء من الأمور الشرعية التي يحسن فعلها والالتزام بها لتحصيل كل مطلوب ، ومنها الزوج الصالح .
تأخر الزواج له أسباب تختلف من فتاة لأخرى ، ولا يمكن الجزم بأن السبب سحر أو عين ، وكثير من الدجالين يوهمون الفتيات اللاتي يتأخر زواجهن بأن السبب هو أنها مصابة بالسحر أو بالعين فتنساق الفتاة لشروطهم بسبب تصديقها وبسبب ضغط الواقع عليها ، ولذا فالواجب الحذر من ذلك .
ولا أعلم دعاء خاصاً للزواج ، ولكن هناك أسباب شرعية يتحصل بها المسلم على ما يريد إن هو صدق مع الله بها ، والله تعالى يعين عبده الصادق .
ومن الأمور التي تعين على الزواج بإذن الله تعالى :
1- كثرة الدعاء : والاهتمام بآداب الدعاء وتحري الأوقات الفاضلة ، والإلحاح على الله تعالى بالدعاء والتضرع إليه بقلب خاشع متضرع .
والحرص على الالتزام بدعوات المكروب الثابتة الصحيحة وهي :
- لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
- لا إله إلا الله الحليم العظيم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش الكريم .
- اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك وفي قبضتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو ألهمت عبادك أو استأثرت به في مكنون الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي وجلاء همي وغمي .
- اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين و أصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت .
والإسرار بالدعاء عند الخلوة بقلب خاشع وتمعن في كلمات الدعاء وبدؤه بالحمد وختمه بالصلاة على رسول الله مما يجعل الدعاء أفضل وأقرب للاستجابة .
وهناك تنبيه في مسألة الدعاء : وهي أنه لا ينبغي الاستعجال بحصول المطلوب ، ولذا فمن أسباب استجابة الدعاء عدم الاستعجال وقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي . رواه البخاري ومسلم
2- نية التحصين وطلب الستر : فإن النية الحسنة من أعظم الأسباب لتحصيل المقصود ، والله عز وجل إذا علم صدق نية عبده كان معه وحقق له ما يريد ولو بعد حين ، بل إن الله تعالى يجعل العاقبة خيراً له مما يؤمل .
3- الصدقة ولو بالقليل : وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صدقة السر تطفئ غضب الرب .
وإذا رضي الله عن عبده يسر له أمره وحقق له ما يريد .
وأفضل الصدقة صدقة السر كما في الحديث ، وتحري المحتاج لها أفضل من مجرد إخراجها .
4- التحلي بالصبر : والاستعانة به مع الصلاة على قضاء الحوائج ومنها الزواج ، وقد قال الله تعالى : {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }البقرة45
5- الحرص على الأوراد التي تجلب البركة للبيت وتطرد الشياطين ، والالتزام بقراءة سورة البقرة فإنها سبب لطرد الشياطين من البيوت ، ويحبذ قراءتها في البيت كاملة كل يوم .
عن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة " . رواه مسلم
6- كثرة الاستغفار : فإنه سبب لتحصيل المطلوب بإذن الله ، وقد قال الله تعالى : فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12} . سورة نوح
وقد ذكر في هذه الآية البنين ، فهي دليل على تحصيل البنين وتحصيل الوسيلة وهي الزواج يكون من باب أولى .
ومن الصيغ التي ينصح بها في الاستغفار :
- أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه
- أستغفر الله وأتوب إليه

وليعلم أن كل عبادة تقرب إلى الله تعالى فإنها سبب بإذن الله تعالى لحصول المطلوب
والله أعلم


المصدر: منتدى بيت حواء
https://forum.hawahome.com/t151079.html
الإدارة العامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-18, 07:47 PM   #7
الإدارة العامة
الإدارة العامة للملتقى
 
تاريخ التسجيل: 23-03-2006
المشاركات: 2,676
الإدارة العامة تم تعطيل التقييم
افتراضي

حكم الانتساب إلى منتديات العلاقات الزوجية الخاصة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

انتشر في المنتديات في الآونة الأخيرة الحديث حول العلاقات الزوجية الخاصة والإغراق في ذكر مسائل الجماع ومقدماته ، ويتم ذلك للأسف في منتديات مختلطة ، فيها المتزوجون وغير المتزوجين ، وقد رأيت بنفسي بعضاًَ من تلك الكتابات التي تخلو من أي حياءٍ ، والذي لاحظته أن هذا الموضوع أثر في كثيرين ممن أعجبهم التحدث في مثل هذه المواضيع ، بل رأيت أن بعض الفتيات أدمنت الدخول والتعليق بصورة تدل على تأثرها الكبير بهذه المواضيع ، وهذه الإشكالية تسببت في نزع حياء بعضهن ، وتعريض حياء الأخريات للخطورة ، كما أنني قرأت بعض المواضيع فوجدته لا ينفع إلا في نزع الحياء والإثارة فقط ، وليس من ورائه أي فائدة تذكر .
وإنني أجزم أن وراء مثل هذه المواضيع من يترصد للفتيات ويتربص بهن ، لكن كعادة فتياتنا للأسف ، لابد من ضحايا ، وهذا ما يجعل التنبيه على مثل هذه المسائل مطلوباً .
ومن الحجج التي يذكرها من يدخلون في مثل هذه المنتديات ، أنهم يريدون الفائدة طلباً لتحقيق متعة الجماع المثلى ، مستدلين بأن الدين يدعو إلى الاهتمام والمعرفة ، وفي الحقيقة أن مثل هذه المواضيع تنزع الحياء المحمود ولا تبقي إلا اهتمامات سخيفة تتشبع بها العقول فتقلب الحياة من كرامة إلى جريٍ وراء إشباع الغريزة ، كما أنها ربما تتسبب بالشذوذ للرجل والمرأة .
وليقف كل من الشاب والفتاة وقفة صادقة مع أنفسهم
هل حققت لهم هذه المواضيع توازناً نفسياً وغريزياً ؟
أم أنها جرأتهم على نزع ما تبقى من حياء وعفة ؟
إن المتتبع لهذه المواضيع لا يمكن أن يرى بعينيه توازناً
ولا يعتقد معتقد أننا نحرم المعرفة بما ينفع الزوجين من حسن معاشرة بينهما ، كلا ، فمثل هذه الأمور مطلوب من الرجل والمرأة معرفتها لإشباع الغريزة الفطرية بينهما ، لكننا صرنا نرى طرحاً شاذاً يؤجج المشاعر ويذهب بالأحاسيس ، ويصيب من ينغمس فيه بالإغراق في الحديث والبحث فيه ، حتى تحول الاستمتاع إلى كافة الحواس ، وهذا خروج بالفطرة والحاجة البشرية عن مستواها المعقول .
وفي رأيي أن الانتساب إلى مثل هذه المنتديات محرم لما يلي :
1- أن هذه المنتديات فيها المتزوج وغيره ، وفيها الصالح والفاسد ، ومثل هذه المنتديات أصبحت مستقراً لبعض أصحاب العقول المريضة .
وعندما تقرأ الفتاة التي لم تتزوج والشاب الذي لم يتزوج مثل هذه المواضيع ، فماذا نتصور أن يحقق لديهما ؟ غير الإثارة الجنسية ، في وسط مختلط .
2- أن أغلب المواضيع المطروحة مستقاة من الغرب ، الذي وصل في هذه الأمور إلى حالات من الشذوذ
3- أن الإكثار من الحديث حول هذه المواضيع لم يكن من هدي سلف الأمة ، بل كان الحياء صبغتهم وتاج رؤوس نسائهم .
4- أنه لم يحقق الاعتدال في تحقيق الاتزان المطلوب ، بل وصل إلى أن أصبح الشغل الشاغل لبعض من يرتادون هذه المنتديات .
5- أن هذه المواضيع لا تلتزم بالضوابط الشرعية ، فالسمة البارزة لمن يرتادها الجهل المطبق
فالواجب التحذير من الدخول إلى هذه المنتديات وعلى من دخلها أن يتركها إلى غير رجعة
كما أرجو ممن لديه القدرة على نشر هذا الموضوع تنبيهاً للشباب والفتيات أن ينشره ويحتسب الأجر في ذلك
والله أعلم


المصدر:
منتدى بيت حواء
https://forum.hawahome.com/t184882.html
الإدارة العامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هدية عبر الايميل ((محبة الله ورضاه )) ؟؟؟؟!!!! كريمة عاشور روضة المتحابات في الله 4 21-09-10 02:42 AM
السيره النبويه ورده الياسيمن روضة السنة وعلومها 84 13-03-08 07:39 PM


الساعة الآن 01:55 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .