|
دورات بين دفتي كتاب (انتهت) بَيْنَ دِفَّتَي كِتَابٍ مشروع علمي في قراءة كتاب مختار |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
04-09-07, 06:49 PM | #61 |
|نتعلم لنعمل|
|
اذكري أدلة على أن الصبر يعتبر من أوسمة الولاية وقلادات الدين في الإمامة ؟أن أظهر معاني الصبر: حبس النفس على المكرمة وأنه من أصعب المنازل على العامة وأوحشها في طريق المحبة، وإنما كان صعبًا على العامة لأن العامي مبتدئ في الطريق وليس له دربة في السلوك وليس تهذيب المرتاض بقطع المنازل، فإذا أصابته المحن أدركه الجزع وصعب عليه احتمال البلاء وعز عليه وجدان الصبر لأنه ليس في أهل الرياضة فيكون مستوطنًا للصبر، ولا من أهل المحبة فيلتذ بالبلاء في رضا محبوبه…)أهـ.
شهر رمضان ميدانك الرحب لتمارس رياضة الصبر وأنت مُعانٌ في كل فجِ. |
04-09-07, 06:55 PM | #62 |
|نتعلم لنعمل|
|
الحمد لله انتهيت من إجابة الأسئله جزاكم اله خيرا أم البراء والله لا يحرمني منك آمة الرحمن
|
06-09-07, 10:03 PM | #63 |
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها |
القاعدة التاسعة كيفية تحصيل حلاوة الطاعات أما كون الطاعة ذات حلاوة فيدل له قوله صلى الله عليه وسلم : "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً"( )، وقوله صلى الله عليه وسلم : "ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار"( )، ولما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الوصال قالوا: إنك تواصل، قال: "إني لست كهيئتكم، إني أُطعم وأُسقى"( )، وفي لفظ: "إني أظل عند ربي يُطعمني ويسقيني"( )، وفي لفظ: "إن لي مُطعمًا وساقيًا يسقيني"( )، قال ابن القيم: وقد غلُظَ حجاب من ظن أن هذا طعام وشراب حسي للفم، ثم قال: والمقصود أن ذوق حلاوة الإيمان والإحسان أمر يجده القلب تكون نسبته إليه كنسبة ذوق حلاوة الطعام إلى الفم.أهـ. واعلم أولاً أيها السالك في مرضاة إلهك أن كلمات القوم في هذا الباب رسوم، وإرشاداتهم في هذا الباب عموم، ولا تبقى إلا الحقيقة الثابتة في نفسها، وهذه لا ينالها إلا من أناله الله إياها، ومن ذاق عرف، فكن من هذا على ذكر، لأننا سنسوق إليك كلامًا لا يفهمه غليظ الحجاب كثيف الرين، فإن استعصى عليك الفهم فلن نبادر إلى اتهام صلتك بالله، بل نقول أتمم قراءة الباب ونفذ ما سنوصيك به ثم أعد قراءة هذه السطور فإن وجدت الأمر كما وصفنا فاحمد الله الذي أذاقك طعم الإيمان وحلاوة الطاعة. بدءًا يجب أن تعلم (أن الفكر لا يُحَدُّ واللسان لا يصمت، والجوارح لا تسكن، فإن لم تشغلها بالعظائم شُغلت بالصغائر وإن لم تُعملها في الخير عملتْ في الشر. إن في النفوس ركونًا إلى اللذين والهين ونفورًا عن المكروه والشاق، فارفع نفسك ما استطعت إلى النافع الشاق وروّضها وسُسها على المكروه الأحسن، حتى تألف جلائل الأمور وتطمح إلى معاليها، وحتى تنفر عن كل دنية وتربأ عن كل صغيرة، علِّمها التحليق تكره الإسفاف، عرِّفها العزة تنفر من الذل، أّذِقْها اللذات الروحية العظيمة تحقر اللذات الحسية الصغيرة) ( ). ودومًا نلح على علو الهمة باعتبارها عنصرًا جوهريًا في أي سعي عظيم، وأي سعي أعظم من سعي الآخرة، قال تعالى: { وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا }. ثم اعلم- علمت كل خير- أن حلاوة الطاعة ملاكها في جمع القلب والهم والسر على الله ويفسره ابن القيم قائلاً: هو عكوف القلب بكليته على الله عز وجل، لا يلتفت عنه يمنة ولا يسرة، فإذا ذاقت الهمة طعم هذا الجمع اتصل اشتياق صاحبها وتأججت نيران المحبة والطلب في قلبه.. ثم يقول: فلله همةُ نفس قطعت جميع الأكوان وسارت فما ألقت عصا السير إلا بين يدي الرحمن تبارك وتعالى فسجدت بين يديه سجدة الشكر على الوصول إليه، فلم تزل ساجدة حتى قيل لها: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي }، فسبحان من فاوت- بين الخلق في- هممهم حتى ترى بين الهمتين أبعد ما بين المشرقين والمغربين بل أبعد مما بين أسفل سافلين وأعلى عليين، وتلك مواهب العزيز الحكيم: { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } ثم يقول: وهكذا يجد لذة غامرة عند مناجاة ربه وأنسًا به وقربًا منه حتى يصير كأنه يخاطبه و يسامره، ويعتذر إليه تارة ويتملقه تارة ويثني عليه تارة حتى يبقى القلب ناطقًا بقوله: (أنت الله الذي لا إله إلا أنت) من غير تكلف له بذلك بل يبقى هذا حالاً له ومقامًا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه"( )، وهكذا مخاطبته ومناجاته له، كأنه بين يدي ربه فيسكن جأشه ويطمئن قلبه فيزداد لهجًا بالدعاء والسؤال، تذللاً لله الغني سبحانه، وإظهار لفقر العبودية بين يدي عز الربوبية، فإن الرب سبحانه يحب من عبده أن يسأله ويرغب إليه، لأن وصول بره وإحسانه إليه موقوف على سؤاله، بل هو المتفضل به ابتداءًا بلا سبب من العبد ولا توسط سؤاله، بل قدَّر له ذلك الفضل بلا سبب من العبد، ثم أمره بسؤال والطلب منه إظهارًا لمرتبة العبودية والفقر والحاجة واعترافًا بعز الربوبية وكمال غنى الرب وتفرده بالفضل والإحسان، وأن العبد لا غنى له عن فضله طرفة عين، فيأتي بالطلب والسؤال إتيان من يعلم أنه لا يستحق بطلبه وسؤال شيئًا، ولكن ربه تعالى يحب أن يُسأل ويُرغب إليه ويطلب منه.. ثم قال: فإذا تم هذا الذل للعبد: تم له العلم بأن فضل ربه سبق له ابتدءًا قبل أن يخلقه، مع علم الله سبحانه ربه وتقصيره وأن الله تعالى لم يمنعه علمه بتقصير عبده أن يقدر له الفضل والإحسان، فإذا شاهد العبد ذلك اشتد سروره بربه وبمواقع فضله وإحسانه، وهذا فرح محمود غير مذموم قال الله تعالى: { قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } أهـ( ). وهذا كلام راقٍ يحتاج إلى تَرْدادٍ لفهمه، وتجْوالٍ في حنيا نظمه: فأدِمْ جرَّ الحبالِ تقطع الصخر الثَّخينا ولكننا لا ندعك للرسوم والإشارات وعموم تلك العبارات، بل نَلِجُ بك إلى واقع عملي تكابد به حقائق الخدمة، وتتجلى لك من ورائه دقائق علم السلوك، فتستغني- أيها النابه العابد- بالمثال الواحد عن ألف شاهد. فهاك جملة من الطاعات التي يؤديها كل الناس، ولننظر كيف يجب أن تؤدي وتقام. *** |
06-09-07, 10:03 PM | #64 |
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها |
ذكر الله عز وجل قال الفيروز آبادي في القاموس: الذكر بالكسر الحفظ للشيء.. وما زال مني على ذُكر وذِكر أي تذكر. وبهذا تعلم أن الذكر حقيقة في الحفظ والتذكر والاستحضار، واستخدم في الشرع بمعنى جريان اللسان بالثناء على الله وطلب المغفرة منه حتى صار حقيقة شرعية، غير أنه غُلب من العامة على وظيفة اللسان، فأصبح لا يطلق الذكر إلا ويتبادر معنى تحرك اللسان بالأذكار، وشطح غلاة الصوفية فصاروا لا يفهمون من الذكر إلا مجالس الرقص والدفوف، وكل ذلك يتنافى مع كثير من إطلاقات القرآن. يقول الله تعالى: {والذين إذا فعوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} فذِكرُ الله هنا بمعنى استحضار عظمته وحفظه مقامه وتذكّر جلاله وهيبته، يؤيده أنه عطف عليه الاستغفار وهو ذلك، فلو كان معنى {ذكروا الله} أي جري اللسان بذكره لتكرر هكذا: ذكروا الله فذكروه، ولا يقال: إن قوله: {ذكروا الله فاستغفروا} من قبيل عطف الخاص على العام، لأن هذا من باب التأكيد، والتأسيس أولى من التأكيد، فالمتجه عندنا أن ذكر الله الزم صفة للمتقين فهم يستحضرون عظمته ويتذكرون أياديه عليهم فيكون ذلك سببًا في معرفة جرم ذنوبهم فيستغفرون. وتأمل قول الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} تجد أن الذكر هنا أيضًا بمعنى العلم، وإذا أجريت ما ذكرناه لك عن معنى الذكر هنا فهمت ضرورة أن قوله: {فاسألوا أهل الذكر} أي أهل الخوف من الله والخاشعين له والمستحضرين لعظمته وليس هؤلاء إلا العلماء لقوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}. بل إن قوله تعالى: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} فيه إشارة إلى ما قرر ناه، فشأن أهل الإيمان (الذين وردت الآية في سياق وصفهم) توجل قلوبهم بمجرد جريان خواطرهم به عز وجل عند سماع اسم من أسمائه أو صفة من صفاته أو أي شيء يشير إلى مقامه، ولو كان معنى الآية أن المؤمنين توجل قلوبهم بترداد ذكره وجريان اللسان لهجًا بالثناء عليه فليس في ذلك مزية، فمعظم الناس يوجلون عند ترداد الأذكار بحضور قلب، ولكن القليل هم الذين تتفاعل قلوبهم بمجرد ورود الخاطر عن الله. إذا تقرر ذلك نعلم عندئذ أن ذكر الله عز وجل يكون باستحضار عظمته في القلب وليس نوعًا مستقلاً بذاته، لأن جريان اللسان بالذكر دون حراك القلب ليس مقصودًا من الله عز وجل وتقدس، قال تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} وقال صلى الله عليه وسلم : "التقوى ههنا وأشار إلى صدره" رواه مسلم، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" رواه مسلم. وبهذا البيان ندرك أن وظيفة اللسان في الذكر يجب أن تحصّل حضور القلب، بتعظيم الله واستحضار هيبته وجلاله، فما هي الوسائل التي تحقق هذه الثمرة؟ *** وسائل تحصيل حلاوة الذكر أولاً: معرفة المقصود من الذكر وهو إجلال مقام الله والخوف منه وخشيته ومهابته وقدرُهُ حق قدره، وبهذا المعنى يكون الذكر منسحبًا على كل زمان ومكان يوجد فيه الإنسان. ثانيًا: أن يلحظ الذاكر نعمة الله الخليقة لنوالهم شرف ذكره وكرامة ورود كلماته على الخواطر وجريانها في الجوارح مع تلبسها بمعصيته وجحود آلائه ونعمائه. ثالثاً: لزوم جناب الاحتشام عند ذكر الله باستحضار مراقبته وإطلاعه، وكان بعض السلف إذا ذكر الله لم يمد رجليه، وقد وصف الله المؤمنين بأنهم: {إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} ووجل القلب خوفه من الله، قال أبو حيان في تفسيره، وقرأ ابن مسعود: فرقت، وقرأ أُبي: فزغت. رابعًا: أن يستشعر ويستحضر معنى حديث: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه"( ) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم والبيهقي والحاكم، ولا يحولن عطنُ الفلاسفة والمتكلمين والمعطلة والجهمية بينك وبين جمال هذا المعنى وجلاله، فما دمت بنيت في ذهنك مقام الربوبية على الإثبات والتنزيه، فأمِرَّ النصوص كما جاءت كما فعل السلف تنتفع ببركة تلك النصوص. واعلم أن المدد من الله على قدر تقواك وصبرك، وحضور القلب على قدر استجماع الفكر في الذكر، والدليل قوله تعالى: {بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين}. خامسًا: عدم اليأس من تأخر الفتح، فمن أدمن قرع الباب يوشك أن يؤذن له، وملازمة الإلحاح والوقوف بالباب مع الإطراق بانكسار واختجال علامة التوفيق والقبول، تأمل قوله تعالى: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا} تجد أن المخلّف ممتحن في حقيقة الأمر: {ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين}. سادسًا: يقول ابن القيم في الفوائد: من الذاكرين من يبتدئ بذكر اللسان وإن كان على غفلة ثم لا يزال فيه حتى يحضر قلبه فيتواطأ على الذكر، ومنهم من لا يرى ذلك ولا يبتدئ على غفلة بل يسكن حتى يحضر قلبه فيشرع في الذكر بقلبه فإذا قوي استتبع لسانه فتواطأ جميعًا، فالأول ينتقل الذكر من لسانه إلى قلبه والثاني ينتقل من قلبه إلى لسانه من غير أن يخلو قلبه منه بل يسكن أولاً حتى يُحسنَّ بظهور الناطق فيه، فإذا أحس بذلك نطق قلبه ثم انتقل النطق القلبي إلى الذكر اللساني ثم يستغرق في ذلك حتى يجد كل شيء منه ذاكرًا، وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلبُ اللسان وكان من الأذكار النبوية وشهد الذاكر معانيه ومقاصده. أهـ. ومثل هذا لا يحسنه إلا ابن القيم رحمه الله. والمذهب عندنا هو الوسيلة الثانية أي عدم الابتداء على غفلة بل يسكن الذاكر حتى يحضر القلب، وسبيله أن يستحضر نفسه واقفًا بباب الرحمة مطرقًا ينتظر الإذن بالدخول ويجول بقلبه الكسير حول معاني الرحمة والود والقبول، فذلك قمين أن يحضر به القلب. أما لزوم كون.. الذكر من الوارد في السُنَّة فهذا بَدَهي لا نطيل في تقريره، فمن سلك غير طريق محمد صلى الله عليه وسلم أنىّ له الوصول؟ أما شهود م عاني الذكر ومقاصده فهذا من أعظم أبواب حضور القلب والانتفاع بالذكر وخاصة إذا كانت من المعاني الراقية الرفيعة التي صيغت في حنايا سيد الذاكارين صلى الله عليه وسلم. وسنضرب مثالاً في كيفية التفكر والتدبر في الذكر ليكون كالشاهد على غيره من الأذكار، فمن أذكار الصباح والمساء التي يرددها المؤمن قوله صلى الله عليه وسلم: "أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير رب أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكِبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر" رواه مسلم. فيستحضر ما ذكرناه آنفًا ثم يتدبر الكلمات مظهرًا لفقر والاحتياج والمسكنة، ويجول بقلبه في ملك الله وملكوته، فيتحقق عنده حقائق النعم (أصبحنا)، ويبصر عظيم منة الله إذا منَّ عليه بالحياة فأصبح معافى، مع أنه كان آيسًا من إدراك الصباح، كان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء" رواه البخاري، وها هي رعاية الله تتداركه فيرسل لها روحها بعد توفيها، قال تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} ومع غمرة الفرحة بنعمة الله يتدارك نفسه بذكر المنعم حتى لا تضمحل رؤية المنعم في خضم الفرحة بالنعمة فينسب كل النعم بل كل هذا الملك إلى المنصرف الحقيقي فيه (وأصبح الملك لله) ومع نسبة النعمة لصاحبها والبوء لمسديها لا ينبغي أن ينسى العبد شكر ربه والثناء عليه فيحمده (والحمد لله)، ثم يشهد شهادة التوحيد (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وسر ذلك: الإقرار بالألوهية بعد الإقرار بالربوبية، فالربوبية هي التصرف والتدبير والملك وهي متضمنة في قوله: (أصبحنا وأصبح الملك لله) والألوهية هي إثبات استحقاق الله عز وجل بالألوهية أي كونه إلهًا يعبد ولا يعبد أحدٌ معه، ثم يكرر بعض معاني الربوبية الأخرى ويحوم حول بعض أسمائه عز وجل وصفاته ليصُقل قلبه بتوحيد الأسماء والصفات فهو سبحانه (له الملك) أي أنه الملك، (وله الحمد) أي المحمود الحميد. ثم يعترف بشمول قدرة الله لكل الأشياء، والشيء أعم لفظة في اللغة لشمولها الموجود والمعدوم والكبير والصغير والعظيم والحقير، ثم يبدأ بعد جولة الثناء على الله، هذه الجولة التي لا بد أن يشعر فيها بتحليق روحه بين تلك المعاني الراقية، الذي هو مخ العبادة، فيبدأ دعاءه المتناسب مع الزمان، فيسأل ربه خير هذا اليوم وخير ما بعده وكلمة (خير) مفرد مضاف، فيفيد العموم كما قال الأصوليون، فهو سؤال لكل خير ولأي خير أن يناله بفضل من الله ورحمة، ومقتضى سؤال الخير ألا يُبتلى بالشر لأن الشر ليس بخير، ولكنه يؤكد الاستعاذة من الشر بترداد ألفاظها إمعانًا في التذلل وتأكيدًا في المسألة وإلحاحًا في الرغبة. ولما كان الذاكر يستقبل يومًا جديدًا أو ليلة جديدة فإنه يحتاج إلى كل معونة على كل عجز يُقعده عن الانتفاع بيومه وليله، وعجز الإنسان إما أن يكون قدريًا أي لا حيلة له في دفعه، أو كسبيًا، فهو يستعيذ من العجز القدري وهو (سوء الكِبَر) وذلك بأن يبارك له ربه في جوارحه وقوته ونشاطه، ومن العجز الكسبي وهو (الكسل) وذلك بأن يُلهم النشاط وكراهية الدعة والخمول. ولما كان الذاكر في جولة قلبية مع تلك المعاني المناسبة لزمان اليوم والليلة فإنه يفيق بعد تلك الجولة على حقيقة سيره إلى الله وأن غاية مراده من الذكر والاستعاذة من الشرور أن ينجو حقيقة بدخول الجنة والزحزحة عن النار فيتدارك لسانه هذا الذاكر الذي دندن حوله الرسول صلى الله عليه وسلم ومعاذ بن جبل فيردد صدى دندنتهما في الكون بترنيمة السالكين الأبدية (رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر). وفي ذكر القبر في ختام الدعاء والذكر سر عجيب، فإنه بدا ذكره بالتحليق في أرجاء ملك الله الواسع (أصبحنا وأصبح الملك لله) ثم إنه استشعر سعة الكون بشموله قدرته عز وجل وتصرفه فيه، وهو خليق أن يجعله مبهورًا بهذه السعة، فيأتي ذكر القبر ليرده عن هذا التوسع والشعور بالرحابة، ويذكّرَ الضيق الذي ينتظره في القبر وكذا بأهواله وخطوبه. فيا له من ذكر يصعد بالإنسان إلى أعلى عليين ثم ينزل به إلى اسفل سافلين، فإذا هو بعد الذكر قد تجلت له الحقائق ورأى الدنيا وملك الله من زاوية السعة ومن زاوية الضيق فتتضاءل نفسه أمام هذا الإعجاز وتصغر ذاته في عمق هذه المعاني، وهذه هي أحلى فوائد الذكر، أن يجد الذاكر في نفسه قدرة على إدراك حقائق الأمور، فيرى ضالة ذاته، وعظمة ربه، ويبصر تصرف المليك في الكون والخليقة. سابعًا: أفضل أحوال الذكر: يفضل الذكر في الخلوات عنه في الجلوات أي على مشهد من الناس، قال صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين سيظلهم الله في ظله: "ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه". رواه البخاري، والخلوة يجب أن تكون بمنأى عن أعين الناس وعن جلبتهم وضوضائهم، لذا يفضل في الخلوة الهدوء التام والظلام وعدم الإزعاج وقطع لحظات المناجاة، ولا يشرع اتخاذ الخلوات في الجبال والفيافي بما يشبه الرهبنة كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية، بل الخلوة الشرعية تكون في المسجد بالاعتكاف أو في المنازل والبيوتات، ولا يشرع الاعتزال واتخاذ الخلوة في شعب الجبال إلا زمان الفتن التي تعصف بالإيمان والمؤمنين، أما زمن الجهاد والدعوة والإصلاح فلا تشرع العزلة بحال على قول جمهور الفقهاء والمحدثين وأهل السلوك. وثمة آداب أخرى في حق الذاكر يستحب له إتيانها منها لبس أحسن الثياب وتجديد الوضوء والتطيب واستقبال القبلة على الدوام، ودوام الإطراق، ولزوم الأدب في الجلوس، واستصحاب السواك واستعماله. تنبيه: واعلم أيها النابه أن كل ما ذكرناه لك عن الذكر وفقهه وآدابه وأحكامه وأسراره يجري في قراءة القرآن الكريم وتدبره وتفهمه، فهو أعظم الذكر وأحلاه. فاستحضر ما قررناه ونفذه عند تلاوة القرآن الكريم مع ضرورة الإلمام بجملة من فضائل تلاوة القرآن وتدبره في نصوص الكتاب والسنة فإنه خير معوان لك على حب القرآن والانتفاع منه وبه. وسيأتي إن شاء الله فصل خاص حول تلاوة القرآن نلخص فيه كلام الغزالي رحمه الله. |
07-09-07, 02:28 AM | #65 |
~مشارِكة~
|
القاعدة السادسة الإعداد للطاعة ومحاسبة النفس عليها واعلم أن الاستعداد للطاعة ومحاسبة النفس عليها وظيفتان متباينتان، لكنهما متداخلتان أي يتعاقبان ويتوارد أحدهما على الآخر. أما الإعداد للعمل فهو علامة التوفيق وأمارة الصدق في القصد، قال تعالى: { وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً }، والطاعة لابد أن يُمهَّد لها بوظائف شرعية كثيرة حتى تؤتي أكلها ويُجتبني جناها، وخاصة في شهر رمضان حيث تكون الأعمال ذات فضل وثواب وشرف مضاعف لفضل الزمان. فصلاة الجماعة لابد أن تسبق بإحسان الوضوء ونية صادقة حسنة في تحصيل الأجر وزيارة الله عز وجل في بيته وتعظيم أمره والبدار في تلبية ندائه (حي على الصلاة) والمسارعة في سماع خطابه والالتذاذ بمناجاته ولقائه. فعن أبي هريرة عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "صلاة الرجل في جماعة تَضعُفُ صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يُخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يُحدث، تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في الصلاة ما انتظر الصلاة" متفق عليه. ويحتفُّ بهذا الإعداد في التطهر والنيات إعدادٌ نفسي للقْيا الله عز وجل، ويكون ذلك بأمور منها: ترداد الأفكار الشرعية الواردة عند الخروج من البيت والمشي إلى المسجد فإنها مهمة في حضور القلب ومنها عدم فعل ما يتنافى مع الوقار والطمأنينة أثناء المشي إلى المسجد كتشبيك الأصابع وكثرة التلفت والتطلع إلى المارة وزخارف وزهرة الدنيا (وخاصة في هذه العصور) وعدم الإسراع والسعي، وذلك أن المشي إلى الصلاة جزء هام ممهد للخشوع في الصلاة، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة" متفق عليه، وفي رواية لمسلم: "فإن أحدكم إذا كان يعمدُ إلى الصلاة فهو في صلاة" ، ولا ينبغي أن يكثر من الضحك قبل الصلاة وبعدها فإنه يذهب لذة الخشوع ويقسي القلب ويحول بينه وبين الشعور بثمرة الطاعة. وعند دخول المسجد لابد أن يدخله معظمًا مظهرًا الوجل من مهابة المكان وصاحبه، فإن المساجد منازل الرحمة ومهابط البركات، لذا شرع أن يقول الداخل إلى أي مسجد: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم. فإذا دخل المسجد شرع في السنة الراتبة أو النافلة ريثما يقام للصلاة، وأهمية هذه السنة أو النافلة تكمن في تهيئتها وتمهيدها للفريضة لكمال الحضور فيها. ثم يشرع في صلاة الفريضة مستحضرًا ما سنذكره عن وسائل تحصيل لذة الطاعة في الصلاة. ومن جنس هذا الاستعدادُ لصلاة التراويح فإنها من أعظم العبادات في ليالي رمضان، ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وعن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئًا من الشهر حتى بقي سبعٌ فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة (أي قمت بنا الليلة كلها)، قال: فقال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له قيام الليلة" رواه أبو داود بإسناد صحيح. ويشكو كثير من المواظبين على قيام الليل في رمضان من عدم لمسهم لثمرة هذه الصلاة مع اعتقادهم بأهميتها وسعيهم لبلوغ الغاية من أدائها. والحق أن هذه الصلاة المهمة كغيرها تحتاج إلى إعداد وتهيئة، فيلزم الراغب في الانتفاع من صلاة التراويح إقلال الطعام للغاية، ويحبَّذ أن يأتي المسجد وفي بطنه مسُّ من جوع، فإنه مثمر جدًا في حضور القلب، وينبغي عليه أن يتطهر جيدًا ويلبس أحسن الثياب ويأتي الصلاة مبكرًا، وقبيح جدًا أن تفوته صلاة العشاء، فهذا دليل الحرمان وعدم الفقه في الدين، فإن صلاة العشاء في جماعة تعدل قيام نصف ليلة كما في الحديث، فوق كونها فريضة والله عز وجل يقول في الحديث القدسي: "وما تقرب إليّ عبدي بأحب إليّ مما افترضته عليه" رواه البخاري. ثم يستحضر القدوم على الله والوفادة إليه وانتهاز فرصة التعرض لرحمته ومغفرته والعتق من النار، ويذهب إلى المسجد يدفعه الشوق والرغبة في الفضل، ويكدره الحياء من الله وخوف الرد والإعراض، ويطلب مساجد أهل السنة حتى يُوهَبَ للصالحين إن كان من غير المقبولين ثم يستحضر ما ذكرناه من وظائف عند الدخول في الصلاة وأثنائها. أما محاسبة النفس على الطاعات فهذا من أنفع الوظائف التي يقوم بها العابدون في شهر رمضان، والأصل أن المحاسبة وظيفة لازمة للسالك طريق الآخرة، ولكنها تتأكد وتزداد في هذا الشهر. والمحاسبة معناها: فحصُ الطاعة ظاهرًا وباطنًا، وأولاً وآخرًا، بحثًا عن الثمرة ليعرف مأتاها فيحفظَه، وقدرها فينميه، ووصولاً للنقص سابقًا، ليتداركه لاحقًا. والمحاسبة تكون قبل العمل وأثناءه وبعده. أما قبله فبالاستعداد له واستحضار ما قصّر فيه حتى يتلافاه، وأثناءه بمراقبة العمل ظاهرًا وباطنًا أوله وآخره، والمحاسبة بعد العمل بإعادة ذلك العمل. وهذه المحاسبة إذا واظب عليها المرء صارت مسلكًا لا يحتاج إلى تكلّف ومعالجة وسيجد غِبَّ هذه المحاسبة وثمرتها تزايدًا في مقام الإحسان الذي سعى إليه كل السالكون وهي أن يعبد الله كأنه يراه. ومثل هذه المحاسبة ينبغي أن تكون في الخفاء، يحاور نفسه وهواه ويعالج أي قصور بِلوم نفسه وتقريعها وعقابها على كسلها وخمولها. ولا يُنصح بمداومة الاعتماد على أوراد المحاسبة الشائعة، وقد اختلف فيها الناس على طرفين، فمنهم من جعلها وسيلة دائمة للتربية، وطريقة ناجحة لتقويم النفس، ومنهم من بالغ ومنع منها مطلقًا واصفًا إياها بالبدعة، والحق التوسط، نعم هي وسلة لم ترد عن سلف هذه الأمة لكن تشهد لها نظائر في الشرع مثل عد التسبيح بالحصى ونحو ذلك مما ثبت عن الصحابة والتابعين، ثم إننا لا نقول بجواز الاعتماد على تلك الأوراد في كل الأحايين بل ننصح بها في بداية السير وأيضًا لا نُلزم بها أحدًا، ولكن من عوّل عليها في بداية سيره لكون نفسه متمردةً شمُوسًا فنرجو ألا يكون ثمة حرج، شرط عدم توالي اعتماده عليها. والصواب تنشئة النفس على دوام المحاسبة الذاتية والمراقبة الشخصية، وتعويدها على العقاب عند الزلل، فإن هذا من شأنه أن ينقّي العبادة من أي حافز خارجي دخيل على النية الصالحة كرغبة في تسويد ورقة المحاسبة أو نحو ذلك. وقال الحفظي: شـارط النفس وراقب لا تكـن مثل البهائـم ثم حاسـبها وعاتـب وعلـى هـذا فـلازم ثم جاهدها وعاقـب هكذا فعـل الأكـارم لم يزالوا في سـجالِ للنـفـوس محاربـيـنا فاز من قام الليـالي بصــلاة الخاشعـيـنا |
07-09-07, 04:35 PM | #66 |
~نشيطة~
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله حبيبتي الفقيرة لله اعتذر اخيتي عن التاخير وان شاء الله ارد على الاسئلة بعد قليل جمعنا الله على طاعته |
07-09-07, 05:19 PM | #67 |
~نشيطة~
|
سؤال:
تعتبر صلاة التراويح من أعظم العبادات في ليالي رمضان، اذكري دليلا على ذلك؟؟ جواب: التراويح من أعظم العبادات في ليالي رمضان، ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وعن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئًا من الشهر حتى بقي سبعٌ فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة (أي قمت بنا الليلة كلها)، قال: فقال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له قيام الليلة" رواه أبو داود بإسناد صحيح. سؤال: ما الامور التي تساعد على التهيئة والاعداد الصحيح لصلاة التراويح؟؟ جواب: إقلال الطعام للغاية، ويحبَّذ أن يأتي المسجد وفي بطنه مسُّ من جوع، فإنه مثمر جدًا في حضور القلب، وينبغي عليه أن يتطهر جيدًا ويلبس أحسن الثياب ويأتي الصلاة مبكرًا، وقبيح جدًا أن تفوته صلاة العشاء، فهذا دليل الحرمان وعدم الفقه في الدين، فإن صلاة العشاء في جماعة تعدل قيام نصف ليلة كما في الحديث، فوق كونها فريضة والله عز وجل يقول في الحديث القدسي: "وما تقرب إليّ عبدي بأحب إليّ مما افترضته عليه" رواه البخاري.سؤال: مامعنى المحاسبة؟ المحاسبة معناها: فحصُ الطاعة ظاهرًا وباطنًا، وأولاً وآخرًا، بحثًا عن الثمرة ليعرف مأتاها فيحفظَه، وقدرها فينميه، ووصولاً للنقص سابقًا، ليتداركه لاحقًا. سؤال: متى تكون المحاسبة وكيف؟ والمحاسبة تكون قبل العمل وأثناءه وبعده. أما قبله فبالاستعداد له واستحضار ما قصّر فيه حتى يتلافاه، وأثناءه بمراقبة العمل ظاهرًا وباطنًا أوله وآخره، والمحاسبة بعد العمل بإعادة ذلك العمل. سؤال: اذكري دليلا على ان الصبر يعتبر من أوسمة الولاية وقلادات الدين في الامامة؟؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنما تُنال الإمامةُ في الدين بالصبر واليقين، واستدل بقول تعالى: { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }. |
10-09-07, 07:09 AM | #68 |
|نتعلم لنعمل|
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أم البراء إنتهيت من القاعدة 9 وجزاكم الله خيرا
|
11-09-07, 11:35 PM | #69 |
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها |
وسائل تحصيل لذة الصوم وهذا من أعجب الأسرار، ولم أجد أحدًا تكلم فيها بما يشفي، والمقصود أيها السالك: إيقافك على أسرار العبادة وجمال الخدمة وشرف القيام بالأمر، فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، ومقتضى قيامك بأداء العبادة أن تجد ثمرتها، وثمرة العبادة تكليف شرعي، فمثلاً: يقول عن الصلاة: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} أي الصلاة الصحيحة الكاملة، ولكنه لم يتكلم عن لذة العبادة والمناجاة والخطاب وحلاوة القيام بتلك الصلاة وكذلك الصوم حين قال: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} فالتقوى أيضًا كالانتهاء من الفحشاء والمنكر كلاهما مأمور به. وسر عدم التعرض للذة العبادة وجعلها مقصودًا وغاية مباشرة أن هذه اللذة والحلاوة هي من صميم مقام الإحسان "أن تعبد الله كأنك تراه" ولو جُعلت مقصودًا وغاية لعَجَزَ جمهور المكلفين عن أن يحصّلوا هذه اللذة ليتأكدوا من حصول ثمرة العبادة، وليأس كثير من السالكين حيث يجتهدون ولما يأتهم المدد، فكان تكليفهم بالقريب الملموس والسهل اليسير لأن علامات التقوى والانتهاء عن المنكر واضحة، أما باطن هذه الغايات وجوهرها فهو الالتذاذ بالخدمة والشعور بالنسبة (نسبة العبد لربه) كما قال صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الطائف وأذيه أهلها له وإهانتهم لشخصه، قال: "إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي" وهذا من أجمل الألفاظ النبوية الجامعة الخارجة من مشكاة خليل رب العالمين، ولذلك كان سيد الاستغفار سيدًا لما فيه من الشعور بالنسبة ولذة الخطاب: "أنت ربي.. خلقتني وأنا عبدك.. فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". وممـا زادنـي شـرفًا وتيـهًا وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولـي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيًا وكذلك الصوم تتحصل اللذة فيه من الشعور بالنسبة والالتذاذ بالخدمة قال تعالى في الحديث القدسي: "الصوم لي وأن أجزي به…" هذه هي النسبة، وقال: "ترك طعامه وشهوته من أجلي" وهذه هي حقيقة الالتذاذ بالخدمة. ولذلك كان يبس الشفاة من العطش، وقرقرة البطون من الجوه: أهنأ ما لاقاه الصائمون وأمرأ ما ظفر به أولئك الجياع العطشى. فبينما هو يتألم – وقد تلوى من جوع البطن- يتوارد على فؤاده خاطرة: أن هذا الألم يصبر عليه تعظيمًا لحق الله ومهابة لنظره وإطلاعه فيرضى عن حاله ويشبع من رضا الله عنه ولا يطمع في أي نعمة تحول بينه وبين لذة هذا الألم. لكنه سرعان ما يطأطئ منكسرًا وجلاً، خائفًا لئلا يقبل الله منه فيتضافر ألم البطون مع ألم القلوب ويتعاظم هذا الألم حتى تتداركه عناية الله وإمداداته فيفيض عليه من جميل لطفه وإنعامه فيسكن هذان الألمان المتضافران وينقلبان حلاوة غامرة ولذة عامرة بل وشوقًا للقاء الله حتى تتم فرحته التي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم "وفرحة عند لقاء ربه". وإذا تأملت هذه المعاني أدركت سر قوله صلى الله عليه وسلم : "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع" رواه ابن ماجة (صحيح الجامع) وقوله صلى الله عليه وسلم : "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش" رواه الطبراني في الكبير وغره (صحيح الجامع) وربما ضربت كفًا على كف من اجتماع هذه المتناقضات، ألم، ولذة، وجوع، وشبع، وعطش، وريٌّ، ولا يمنعنك هذا العجب من ولوج هذا الطريق والسير فيه، فمن سلكه رأى من آيات ربه الكبرى. فأحسن القصد، وولّد العزم، وتسلح بالهمة، وابدأ السير، وِجدَّ في الترّحال، واطلب الراحة في العناء، وارض عن نفسك إذا كان مسعاها في المعالي، ولا تركن إلى غبن أهل الدنيا، ومنِّ نفسك بالفوز الربيح، وادخر الثمن الغالي لسلعة الله "ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة". *** |
11-09-07, 11:35 PM | #70 |
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها |
وسائل تحصيل لذة الصلاة (اعلم أن هذه المعاني تكثر العبارات عنها ولكن يجمعها ست جمل وهي:
(1) حضور القلب (2) التفهُّم (3) التعظيم (4) الهيبة (5) الرجاء (6) الحياء فلتذكر تفاصيلها ثم أسبابها ثم العلاج في اكتسابها، أما التفصيل: فالأول: حضور القلب، ونعني به أن يفرَّغ القلب عن غير ما هو ملابس له ومتكلمٌ به، فيكون العلم بالفعل والقول مقرونًا بهما، ولا يكون الفكر جائلاً في غيرهما، ومهما انصرف القلب في الفكر عن غير ما هو فيه- وكان في قلبه ذكر لما هو فيه- ولم يكن فيه غفلة عن كل شيء فقد حصل حضور القلب. والثاني: هو التفهم لمعنى الكلام، وهو أمر وراء حضور القلب، فربما يكون القلب حاضرًا مع اللفظ ولا يكون مع معنى اللفظ، فاشتمال القلب حاضرًا على العلم بمعنى اللفظ هو الذي أردناه بالتفهم، وهذا مقام يتفاوت الناس فيه إذ ليس يشترك الناس في تفهم المعاني للقرآن والتسبيحات.. وكم من معان لطيفة يفهمها المصلي في أثناء الصلاة ولم يكن قد خطر بقلبه ذلك قبله؟ ومن هذا الوجه كانت الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر، فإنها تُفَهم أمورًا، تلك الأمور تمنع عن الفحشاء لا محالة. والثالث: التعظيم وهو أمر وراء حضور القلب والفهم، إذ الرجل يخاطب عبده بكلام هو حاضر القلب فيه ومتفهم لمعناه ولا يكون معظمًا له فالتعظيم زائد عليهما. والرابع: وهو الهيبةُ فزائدة على التعظيم بل هي عبارة عن خوف منشؤة التعظيم لأن من لا يخاف لا يسمى هائبًا، والمخافة من العقرب وسوء خلق العبد وما يجري مجراه من الأسباب الخسيسة لا تسمى مهابة، بل الخوف من السلطان المعظم يسمى مهابة، والهيبة خوف مصدرها الإجلال. والخامس: وهو الرجاء فلا شك أنه زائد فكم من معظم ملكًا من الملوك يهابه أو يخاف سطوته ولكن لا يرجو مثوبته، والعبد ينبغي أن يكون راجيًا بصلاته ثواب الله عز وجل كما أنه خائف بتقصيره عقاب الله عز وجل. السادس: وهو الحياء فهو زائد على الجملة لأن مستنده استشعار تقصير وتوهم ذنب، ويتصور التعظيم والخوف والرجاء من غير حياء حيث لا يكون توهم تقصير وارتكاب ذنب. وأما أسباب هذه المعاني الستة: فاعلم أن حضور القلب سببه الهمة فإن قلبك تابع لهمتك فلا يحضر إلا فيما يهمك. ومهما أهمك أمر حضر القلب فيه شاء أم أبى فهو مجبول على ذلك ومسخر فيه والقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلاً بل جائلاً فيما الهمة مصروفة إليه من أمور الدنيا، فلا حيلة ولا علاج لإحضار القلب إلا بصرف الهمة إلى الصلاة، والهمة لا تنصرف إليها ما لم يتبين أن الغرض المطلوب منوط بها وذلك هو الإيمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى وأن الصلاة وسيلة إليها، فإذا أضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا ومهماتها حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاة، وبمثل هذه العلة يحضر قلبك إذا حضرت بين يدي بعض الأكابر ممن لا يقدر على مضرتك ومنفعتك، فإذا كان لا يحضر عند المناجاة مع ملك الملوك الذي بيده الملك والملكوت والنفع والضر فلا تظنَّن أن له سببًا سوى ضعف الإيمان فاجتهد الآن في تقويته. وأما التفهم فسببه بعد حضور القلب إدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى وعلاجه الذي هو علاج إحضار القلب مع الإقبال على الفكر والتشمر لدفع الخواطر، وعلاج دفع الخواطر الشاغلة قطع موادها، أعني النزوع عن تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها، وما لم تنقطع تلك المواد لا تنصرف عنها الخواطر، فمن أحب شيئًا أكثر ذكره، فذكر المحبوب يهجِم على القلب بالضرورة، ولذلك ترى أن من أحب غير الله لا تصفو له صلاة عن الخواطر. وأما التعظيم فهي حالة للقلب تتولد من معرفتين: إحداهما: معرفة جلال الله عز وجل وعظمته وهو من أصول الإيمان، فإن من لا يعتقد عظمته لا تذعن النفس لتعظيمه. والثانية: حقارة النفس وخستها وكونها عبدًا مسخرًا مربوبًا، حتى يتولد من المعرفتين الاستكانة والانكسار والخشوع لله سبحانه فيعبر عنه بالتعظيم، وما لم تمتزج معرفة حقارة النفس بمعرفة جلال الله لا تنتظم حالة التعظيم والخشوع فإن المستغني عن غيره الآمن على نفسه يجوز أن يعرف من غيره صفات العظمة ولا يكون الخشوع والتعظيم حاله، لأن القرينة الأخرى وهي معرفة حقارة النفس وحاجتها لم تقترن إليه. وأما الهيبة والخوف فحالة للنفس تتولد من المعرفة بقدرة الله وسطوته ونفوذ مشيئته فيه مع قلة المبالاة به، وأنه لو أهلك الأولين والآخرين لم ينقص ذلك من ملكه ذرة، هذا مع مطالعة ما يجري على الأنبياء والأولياء من المصائب وأنواع البلاء مع القدرة على الدفع على خلاف ما يشاهد من ملوك الأرض، وبالجملة كلما زاد العلم بالله زادت الخشية والهيبة. وأما الرجاء فسببه معرفة لطف الله عز وجل وكرمه وعميم إنعامه ولطائف صنعه ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاة، فإذا حصل اليقينُ بوعده والمعرفةُ بلطفه انبعث من مجموعها الرجاء لا محالة. وأما الحياء فباستشعاره التقصير في العبادة، وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حق الله عز وجل، ويقوىَ ذلك بالمعرفة بعيوب النفس وآفاتها وقلة إخلاصها وخبث دخيلتها وميلها إلى الحظ العاجل في جميع أفعالها، مع العلم بعظيم ما يقتضيه جلال الله عز وجل، والعلم بأنه مطلع على السر وخطرات القلب وإن دقت وخفيت، وهذه المعارف إذا حصلت يقينًا انبعث منها بالضرورة حالة تسمى الحياء، فهذه أسباب هذه الصفات وكل ما طُلب تحصيله فعلاجه إحضار سببه، ففي معرفة السبب معرفة العلاج، ورابطة جميع هذا الأسباب الإيمان واليقين، أعني به هذه المعارف التي ذكرناها، ومعنى كونها يقينًا انتفاءُ الشك واستيلاؤها على القلب، وبقدر اليقين يخشع القلب، وباختلاف المعاني التي ذكرناها في القلوب انقسم الناس إلى غافل يتمم صلاته ولم يحضر قلبه في لحظة منها، وإلى من يتمم ولم يغب قلبه في لحظة بل ربما كان مستوعب الهم بها بحيث لا يحس بما يجري بين يديه، ولذلك لم يحس مسلم بن يسار بسقوط الاسطوانة في المسجد وقد اجتمع الناس عليها، وبعضهم كان يحضر الجماعة مدة ولم يعرف قط من على يمينه ويساره، وجماعة كانت تصفر وجوههم وترتعد فرائصُهم. وكل ذلك غير مستبعد فإن أضعافه مشاهد في همم أهل الدنيا وخوف ملوك الدنيا مع عجزهم وضعفهم وخساسة الحظوظ الحاصلة منهم حتى يدخل الواحد على ملك أو وزير ويحدثه بمهمته ثم يخرج، ولو سئل عمن حواليه أو ثوب الملك لكان لا يقدر على الإخبار عنه لاشتغال همه عن ثوبه وعن الحاضرين حواليه {ولكل درجات مما عملوا}، فحظ كل واحد من صلاته بقدر خوفه وخشوعه وتعظيمه فإن موقع نظر الله سبحانه القلوبُ دون ظاهر الحركات، ولذلك قال بعض الصحابة صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس يوم القيامة على مثل هيئتهم في الصلاة من الطمأنينة والهدوء ومن وجود النعيم بها واللذة، ولقد صدق، فإنه يحشر كلٌ على ما مات عليه، ويموت على ما عاش عليه، ويراعى في ذلك حال قلبه لا حال شخصه، فمن صفات القلوب تصاغ الصور في الدار الآخرة ولا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم، نسأل الله حسن التوفيق بلطفه وكرمه. *** |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ملف كامل عن شهر شعبان .... | رقية مبارك بوداني | روضة الفقه وأصوله | 25 | 20-06-13 05:22 PM |
الدليل إلى المتون العلمية | أمةالله | المتون العلمية | 58 | 17-01-08 10:11 PM |
أحاديث غير صحيحة عن فضل الأضحية !!! | بشـرى | روضة السنة وعلومها | 3 | 27-12-06 07:38 AM |