العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة العقيدة

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-01-08, 07:20 PM   #1
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

الوهاب جل جلاله وتقدست أسماؤهالمعنى اللغوي :
قال ابن سيده : وهب الله الشيء يهبه وهباً ووهباً بالتحريك، ووهبت له هبة وموهبة ووهباً إذا أعطيته. ورجل واهب ووهاب ووهوب ووهابة أي : كثير الهبة لأمواله. والهبة : العطية الخالية من الأعواض والأغراض. والوهاب مبالغة على وزن فعال
وروده في الكتاب العزيز :
ورد الاسم ثلاث مرات في القرآن الكريم، مرة في سورة آل عمران في قوله تعالى: رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (آل عمران:8) ،
ومرتين في سورة ص في قوله تعالى : أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (صّ:9) ، وقوله : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (صّ:35)
معنى الاسم في حق الله سبحانه :
قال ابن جرير في تفسير قوله : إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ يعني إنك أنت المعطي عبادك التوفيق والسداد للثبات على دينك وتصديق كتابك ورسلك.
وقال : الوهاب : لمن يشاء من خلقه، ما يشاء من ملك وسلطان ونبوة.
وقال : إنك وهاب ما تشاء لمن تشاء، بيدك خزائن كل شيء تفتح من ذلك ما أردت لمن أردت
وقال الخطابي : (الوهاب) : هو الذي يجود بالعطاء عن ظهر يد من غير استثابةأي : من غير طلب للثواب من أحد.
وقال الحليمي : (الوهاب) : هو المتفضل بالعطايا المنعم بها لا عن استحقاق عليه
وقال النسفي : (الوهاب) : الكثير المواهب المصيب بها مواقعها الذي يقسمها على ما تقتضيه حكمته.
آثار الإيمان بهذا الاسم :
1-إن الوهاب هو الله وحده، بيده خزائن كل شيء، الذي له ملك السموات والأرض ومن فيهن قال تعالى : لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (الشورى:50)
قال ابن كثير : يخبر تعالى أنه خالق السموات والأرض ومالكهما والمتصرف فيهما وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأنه يخلق ما يشاء. ثم قال : فجعل الناس أربعة أقسام منهم من يعطيه البنات، ومنهم من يعطيه البنين، ومنهم من يعطيه النوعين ذكوراً وإناثاً، ومنهم من يمنعه هذا وذاك فيجعله عقيماً لا نسل له ولا ولد له، (إنه عليم) أي : بمن يستحق كل قسم من هذه الأقسام، (قدير) أي : على ما يشاء من تفاوت الناس في ذلك
فالله سبحانه يهب ما يشاء لمن يشاء؛ لأنه مالك المالك، وأما العباد فإنهم ملك لله سبحانه، والعبد لا يملك أن يهب شيئاً على الحقيقة. قال تعالى : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ (النحل: من الآية75) .
2-الفرق بين هبة الخالق والمخلوق :
قال الخطابي رحمه الله : "فكل من وهب شيئاً من عرض الدنيا لصاحبه فهو واهب، ولا يستحق أن يسمى وهاباً إلا من تصرفت مواهبه في أنواع العطايا فكثرت نوافله ودامت، والمخلوقون إنما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حالٍ دون حال، ولا يملكون أن يهبوا شفاءً لسقيم، ولا ولداً لعقيم، ولا هدىً لضال، ولا عافيةً لذي بلاء، والله الوهاب سبحانه يملك جميع ذلك، وسع الخلق جوده، فدامت مواهبه واتصلت مننه وعوائده"
وأكثر الخلق إنما يهبون من أجل عوض ينالونه، كأن يهب لأجل يمدح بين الناس، أو يهب من أجل الثواب في الآخرة
3-النبوة والكتاب هبة من الله يختص بها من يشاء من عباده، وقد أنكر أقوام الرسل هذا الأمر فحكى الله عن قوم صالح عليه السلام أنهم قالوا : أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (القمر:25) .
وقال سبحانه عن كفار قريش : أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (صّ:8-9).
يقول ابن جرير رحمه الله : "يقول تعالى ذكره .. أم عند هؤلاء المشركين المنكرين وحي الله إلى محمد خزائن رحمة ربك يعني مفاتيح رحمة ربك يا محمد، العزيز في سلطانه، الوهاب لمن يشاء من خلقه ما يشاء من ملك وسلطان ونبوة، فيمنعونك يا محمد ما من الله به عليك من الكرامة، وفضلك به من الرسالة".
وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ (العنكبوت: من الآية27).
وقال عن موسى عليه الصلاة والسلام : فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (الشعراء: من الآية21).
وقال سبحانه : وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً (مريم:53) 4-الملك والسلطان هبة من الله سبحانه : وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة: من الآية247).
وقال سبحانه : أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (النساء:53-54) وهذا استفهام إنكار أي : ليس لهم نصيب من الملك بله الله وحده هو المالك الذي يهب ما يشاء لمن يشاء.
وقد دعا سليمان عليه الصلاة والسلام ربه : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (صّ:35) ، دعاه أن يهبه ملكاً لا يكون لأحد من بعده فاستجاب الوهاب سبحانه له : فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (صّ:36-39).
سخر الله له الريح التي تجري بأمره حيث أراد أي : تحمله حيث شاء، والشياطين التي تعمل له ما يشاء من تماثيل ومحاريب وقصور وقدور وجفان، ويغوصون في البحار يستخرجون له اللآلئ. فياله من ملك عظيم يعجز أعظم البشر مالاً وسلطاناً أن يهب شيئاً منه، هَذَا عَطَاؤُنَا (صّ: من الآية39) هذه هبة الله لمن يريد من خلقه .
5-الذرية هبة من الله أيضاً. قال جل ذكره : لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (الشورى:50) وقد مر قريباً كلام ابن كثير عليها.
وقد وهب الله سبحانه بعض الأنبياء الذرية بعد كبر السن ووهن العظم. قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (ابراهيم:39).
وكذا زكريا عليه السلام وهبه الله الولد بعد ما طعن في السن وشاخ، وكانت امرأته عاقراً أيضاً كما بين الله ذلك في مطلع سورة مريم، لكن ذلك لم يمنع زكريا عليه السلام من الطمع في هبة الله الوهاب، فدعا ربه : رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (آل عمران: من الآية38) فاستجاب الله دعاءه : فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (الأنبياء:90) أي : شفى امرأته من العقم، فحملت بيحيى عليه السلام فسبحان الكريم الوهاب.



توقيع ورده الياسيمن
[URL="http://www.manhag.net/ola/details.php?file=204"]
[/URL][URL="http://www.manhag.net/ola/details.php?file=204"]
[/URL]

[SIZE=5][COLOR=purple][I]إذا ذبلت رياحين القلب؛ فحتمًا ستجده تواقًا للعودة إلى الحياة. وإذا سئمت من الخلق جفاءهم، وتراكمت عليك الهموم والأحزان؛ لا تتردد في أن تستعيد البهجة؛ فالطريق إلى السعادة يبدأ بكلام الله. [/I][/COLOR][/SIZE]
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:21 PM   #2
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

العليم ــ العالم ــ العلام
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :
العلم : نقيض الجهل، علم علماً وعلم هو نفسه ورجل عالم وعليم من قوم علماء، وعلام وعلامة إذا بالغت في وصفه بالعلم، أي : عالم جداً. وعلمت الشيء : عرفته وخبرته، وعلم بالشيء : شعر به. والعليم على وزن فعيل من أبنية المبالغة(.
ورود الأسماء في القرآن الكريم :
ورد اسمه (العليم) في مائة وسبعة وخمسين موضعاً من الكتاب منها :
قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (البقرة:32)
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (آل عمران: من الآية154)
وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (المائدة: من الآية97)
بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (النحل: من الآية28)
قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (الأنبياء:4)
يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (الروم: من الآية54)
وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً (النساء: من الآية70)
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (يّـس:38)
أما (العالم) فقد ورد هذا الاسم في القرآن ثلاث عشرة مرة منها :
وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ (الأنعام: من الآية73)
ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة: من الآية94).
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (الرعد:9)
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (التغابن:18)
أما (العلام) فقد ورد هذا الاسم في أربعة مواضع وهي :
قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (المائدة: من الآية109)
تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (المائدة: من الآية116)
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (التوبة:78)
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (سـبأ:48)
المعنى في حق الله تعالى :
قال ابن جرير : إنك أنت يا ربنا العليم من غير تعليم بجميع ما قد كان وما هو كائن، والعالم للغيوب دون جميع خلقك.
وقال : أن الله ذو علم بكل ما أخفته صدور خلقه من إيمان وكفر، وحق وباطل، وخير وشر، وما تستجنه مما لم تجنه بعد(.
وقال الخطابي : هو العالم بالسرائر والخفيات التي لا يدركها علم الخلق، كقوله تعالى : فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (لقمان: من الآية23) ، وجاء على بناء فعيل للمبالغة في وصفه بكمال العلم ولذلك قال سبحانه : وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (يوسف: من الآية76) (، قال ابن منظور رحمه الله : فهو الله العالم بما كان وما يكون قبل كونه، وربما يكون ولما يكن بعد قبل أن يكون، لم يزل عالماً ولا يزال عالماً بما كان وما يكون ولا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، أحاط علمه بجميع الأشياء باطنها وأهرها، دقيقها وجليلها، على أتم الإمكان(.
وقال السعدي : وهو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن والإسرار والإعلان، وبالواجبات والمستحيلات والممكنات، وبالعالم العلوي والسفلي، وبالماضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء(.
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:21 PM   #3
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

الفتاح
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :
الفتح نقيض الإغلاق، والفتح : النصر، والاستفتاح طلب النصر ومنه قوله تعالى : إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ (الأنفال: من الآية19) .
وقال الأزهري (الفتح) : أن تحكم بين قوم يختصمون إليك كما قال سبحانه مخبراً عن شعيب : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (الأعراف: من الآية89) أي : اقض بيننا.
والفتاحة والفتاحة : أن تحكم بين خصمين، والفتاح من أبنية المبالغة
ورود الاسم في القرآن العظيم :
ورد الاسم مفرداً مرة واحدة في قوله تعالى : قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (سـبأ:26) .
وورد بصيغة الجمع مرة واحدة أيضاً في قوله عز وجل : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (الأعراف: من الآية89) .
معنى الاسم في حق الله تعالى :
قال قتادة رحمه الله : افتح بيننا وبين قومنا بالحق : اقضي بيننا وبين قومنا بالحق.
وقال ابن جرير رحمه الله في تفسير الآية السابقة : احكم بيننا وبينهم بحكمك الحق الذي لا جور فيه ولا ظلم، ولكنه عدل وحق. وأن خير الفاتحين يعني : خير الحاكمين
وقال في موضع آخر : وهو الفتاح العليم : القاضى العليم بالقضاء بين خلقه، لأنه لا تخفى عنه خافية ولا يحتاج إلى شهود تعرفه المحق من المبطل
وقال الزجاج : والله تعالى ذكره فتح بين الحق والباطل فأوضح الحق وبينه وأدحض الباطل وأبطله، فهو الفتاح).
وقال الخطابي رحمه الله (الفتاح) : هو الحاكم بين عباده وقال وقد يكون معنى (الفتاح) أيضاً الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده، ويفتح المنغلق عليهم من أمورهم وأسبابهم ويفتح قلوبهم، وعيون بصائرهم ليبصروا الحق، ويكون الفاتح أيضاً بمعنى الناصر كقوله سبحانه : إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ (الأنفال: من الآية19)(
وعلى هذا يكون معنى الاسم :
1-(الفتاح) : الحاكم الذي يقضي بين عباده بالحق والعدل، بأحكامه الشرعية والقدرية.
2-أنه يفتح لهم أبواب الرحمة والرزق وما انغلق عليهم من الأمور.
3-أنه بمعنى الناصر لعباده المؤمنين، وللمظلوم على الظالم، وهذا يعود إلى الأول.
آثار الإيمان بهذا الاسم :
1-الله سبحانه هو الحاكم بين عباده في الدنيا والآخرة بالقسط والعدل، يفتح بينهم في الدنيا بالحق بما أرسل من الرسل، وأنزل من الكتب.
يقول القرطبي رحمه الله في هذا الاسم : ويتضمن من الصفات كل ما لا يتم الحكم إلا به، فيدل صريحاً على إقامة الخلق وحفظهم في الجملة، لئلا يستأصل المقتدرون المستضعفين في الحال.
ويدل على الجزاء العدل على أعمال الجوارح والقلوب في المآل،
ويتضمن ذلك أحكاماً وأحوالاً لا تنضبط بالحد، ولا تحصى بالعد.
وهذا الاسم يختص بالفصل والقضاء بين العباد بالقسط والعدل، وقد حكم الله بين عباده في الدنيا بما أنزل من كتابه، وبين من سنة رسوله، وكل حاكم إما أن يحكم بحكم الله تعالى أو بغيره، فإن حكم بحكم الله فأجره على الله، والحاكم في الحقيقة هو الله تعالى، وإن حكم بغير حكم الله فليس بحاكم إنما هو ظالم : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (المائدة: من الآية45).
2-ذكرنا أن الله سبحانه يحكم بين عباده في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويفتح بينهم بالحق والعدل، وقد توجهت الرسل إلى الله الفتاح سبحانه أن يفتح بينهم وبين أقوامهم المعاندين فيما حصل بينهم من الخصومة والجدال.
قال نوح عليه السلام : قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (الشعراء:117-118) .
وقال شعيب عليه الصلاة والسلام : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (الأعراف: من الآية89).
وقال تعالى : وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (إبراهيم:15)
وقد استجاب الله سبحانه لرسله ولدعاتهم ففتح بينهم وبين أقوامهم بالحق، فنجى الرسل وأتباعهم وأهلك المعاندين المعرضين عن الإيمان بآيات الله وهذا من الحكم بينهم في الحياة الدنيا.
وكذا يوم القيامة فإن الله سبحانه هو الفتاح الذي يحكم بين عباده فيما كانوا يختلفون فيه في الدنيا.
قال سبحانه : قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (سـبأ:26) ففي ذلك اليوم يقضي الله سبحانه ويفصل بين العباد، فيتبين الضال من المهتدي، وهو سبحانه لا يحتاج إلى شهود ليفتح بين خلقه، لأنه لا تخفى عليه خافية وما كان غائباً عما حدث في الدنيا : فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (الأعراف:7) ، وقال سبحانه : وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (يونس:61) (.
وقد سمى الله يوم القيامة بيوم الفتح في قوله سبحانه وتعالى : قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (السجدة:29) .
4-إن الله سبحانه منفرد بعلم مفاتح الغيب التي ذكرها في قوله تعالى : وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ (الأنعام: من الآية59) .
وقد عددها في قوله سبحانه : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (لقمان:34) .
قال القرطبي : مفاتح جمع مفتح هذه اللغة الفصيحة ويقال مفتاح، ويجمع مفاتيح، المفتح عبارة عن كل ما يحل غلقاً محسوساً كان كالقفل على البيت، أو معقولاً كالنظر، ثم قال : وهو في الآية استعارة على التوصل إلى الغيوب كما يتوصل في الشاهد بالمفتاح إلى المغيب عن الإنسان. ولذلك قال بعضهم : هو مأخوذ من قول الناس افتح عليّ كذا أي : اعطني أو علمني ما أتوصل إليه به، فالله تعالى عنده علم الغيب وبيده الطرق الموصلة إليه لا يملكها إلا هو فمن شاء إطلاعه عليها أطلعه ومن شاء حجبه عنها حجبه، ولا يكون ذلك من إفاضته إلا على رسله بدليل قوله تعالى : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ (آل عمران: من الآية179) ، وقوله تعالى : عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (الجـن:26-27)).
وقال في الأسنى : والفتح في اللغة حل ما استغلق من المحسوسات والمعقولات، والله سبحانه هو (الفتاح) لذلك، فيفتح ما تغلق على العباد من أسبابهم، فيغني فقيراً، ويفرج عن مكروب، ويسهل مطلباً وكل ذلك يسمى فتحاً، لأن الفقير المتغلق عليه باب رزقه، فيفتح بالغنى، وكذلك المتحاكمان إلى الحاكم، يتغلق عليهما وجه الحكم فيفتحه الحاكم عليهما، ولذلك سمي الحاكم فتاحاً لأنه يحل ما استغلق من الخصوم، تقول : افتح بيننا، أي احكم، ومنه قول شعيب : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ أي : احكم، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ أي : الحاكمين
5-إن الفتح والنصر من الله سبحانه فهو يفتح على من يشاء ويخذل من يشاء، وقد نسب الله الفتوح لنفسه، لينبه عباده على طلب لنفسه، لينبه عباده على طلب النصر والفتح منه لا من غيره، وأن يعملوا بطاعته وينالوا مرضاته، ليفتح عليهم وينصرهم على أعدائهم. قال تعالى : إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (الفتح:1) وهو خطاب لرسوله الأمين  .
وقال جل ثناؤه : فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ (المائدة: من الآية52) ، وقال سبحانه : وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (الصف:13)
6-إن الله بيده مفاتيح خزائن السماوات والأرض، قال سبحانه : لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (الشورى:12) ، فما يفتحه من الخير للناس لا يملك أحد أن يغلقه عنهم، وما يغلقه لا يملك أحد أن يفتحه عليهم كما قال جل وعلا : مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (فاطر:2) فلو فتح الله المطر على الناس فمن ذا الذي يحبسه عنهم، حتى لو أدى المطر إلى إغراقهم وإهلاكهم مثلما حدث لقوم نوح عليه السلام، فقد وصلت فقد وصلت المياه إلى رؤوس الجبال، فما استطاعوا أن يردوها عن أنفسهم، ولو حبس عن عباده القطر والنبات سنين طويلة لما استطاعوا أيضاً أن يفتحوا ما أغلقه الله سبحانه : وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ (يونس: من الآية107).
7-وقد يفتح الله سبحانه أنواع النعيم والخيرات على الناس استدراجاً لهم، إذا تركوا ما أمروا به، ووقعوا فيما نهوا عنه كما قال سبحانه : فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (الأنعام:44).
8-ومما يفتحه الله على من يشاء من عباده الحكمة والعلم والفقه في الدين، ويكون ذلك بحسب التقوى والإخلاص والصدق، ولذا تجد أن فهم السلف أعمق وعلمهم أو سع ممن جاء بعدهم : وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ (البقرة: من الآية282) ، وقال تعالى : أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (الزمر:22) ، قال القرطبي : وهذا الفتح والشرح ليس له حد، وقد أخذ كل مؤمن منه بحظ، ففاز الأنبياء بالقسم الأعلى، ثم من بعدهم الأولياء، ثم العلماء، ثم عوام المؤمنين، ولم يخيب الله منه سوى الكافرين.
وكان النبي  يقول لأصحابه : (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على  وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليسلم على النبي  وليقل اللهم باعدني من الشيطان).
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:22 PM   #4
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

السميع جل جلاله وتقدست أسماؤه

المعنى اللغوي :
السمع للإنسان وغيره : حس الأذن، أو ما وقر في الأذن من شيء تسمعه، ورجل سميع : أي سامع، ورجل سماع : إذا كان كثير الاستماع لما يقال وينطق كقوله تعالى : سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ (المائدة: من الآية41).
والسميع على وزن فعيل من أبنية المبالغة.
قال الزجاج : ويجيء في كلامهم : سمع بمعنى أجاب
ورود الاسم في القرآن الكريم :
ورد الاسم في الكتاب العزيز حمساً وأربعين مرة منها قوله تعالى :
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (البقرة: من الآية127)
وقوله : قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (المائدة:76)
وقوله سبحانه : إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (لقمان: من الآية28)
وقوله تعالى : إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (سـبأ: من الآية50)
وقوله : وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (المجادلة: من الآية1)
معنى الاسم في حق الله تعالى :
قال ابن جرير رحمه الله : وقوله : وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الشورى: من الآية11) يقول جل ثناؤه واصفاً نفسه بما هو به، وهو يعني نفسه، السميع لما تنطق به خلقه من قول
قال ابن كثير رحمه الله : السميع لأقوال عباده.
وقال الخطابي رحمه الله : (السميع) بمعنى السامع، إلا أنه أبلغ في الصفة، وبناؤه فعيل، بناء المبالغة كقولهم : عليم من عالم، وقدير من قادر.
وهو الذي يسمع السر والنجوى، سواء عنده الجهر والخفوت، والنطق والسكوت.
وقد يكون السماع بمعنى : القول والإجابة كقول النبي  : (اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع) . أي : من دعاء لا يستجاب ومن هذا قول المصلي : "سمع الله لمن حمده
معناه قبل الله حمد من حمده.
قال ابن القيم : "
فعل السمع يراد به أربعة معان :
أحدها : سمع إدراك ومتعلقه الأصوات. الثاني : سمع فهم وعقل ومتعلقه المعاني. الثالث : سمع إجابة وإعطاء ما سئل. الرابع : سمع قبول وانقياد.
فمن الأول : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا (المجادلة: من الآية1)
لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ (آل عمران: من الآية181).
ومن الثاني قوله : لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا (البقرة: من الآية104) ليس المراد سمع مجرد الكلام بل سمع الفهم والعقل ومنه : وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا (البقرة: من الآية285).
ومن الثالث : "سمع الله لمن حمده" وفي الدعاء المأثور : "اللهم اسمع" أي : أجب وأعط ما سألتك.
ومن الرابع : قوله تعالى : سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ (المائدة: من الآية41) أي قابلون له ومنقادون غير منكرين، ومنه على أصح القولين : وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ (التوبة: من الآية47) أي : قابلون ومنقادون أهـ.
فمن معاني (السميع) المستجيب لعباده إذا توجهوا إليه بالدعاء وتضرعوا.

آثار الإيمان باسمه (السميع) :
1-إثبات صفة السمع له سبحانه وتعالى كما وصف الله عز وجل نفسه.
قال الأزهري رحمه الله : والعجب من قوم فسروا (السميع) بمعنى المسمع فراراً من وصف الله بأن له سمعاً، وقد ذكر الله الفعل في غير موضع من كتابه، فهو سميع ذو سمع، بلا تكييف ولا تشبيه بالسمع من خلقه، ولا بصره كبصر خلقه ونحن نصف الله بما وصف به نفسه بلا تحديد ولا تكييف.
وقد بوب البخاري في صحيحه كتاب التوحيد : باب "وكان الله سميعاً بصيراً".
قال ابن بطال : "غرض البخاري في هذا الباب الرد على من قال إن معنى (سميع بصير) عليم؛ قال : ويلزم من قال ذلك أن يشويه بالأعمى الذي يعلم أن السماء خضراء ولا يراها، والأصم الذي يعلم أن في الناس أصواتاً ولا يسمعها.
ولا شك أن من سمع وأبصر أدخل في صفة الكمال ممن انفرد بأحدهما دون الآخر، فصح أن كونه سميعاً بصيراً يفيد قدراً زائداً على كونه عليماً، وكونه سميعاً بصيراً يتضمن أنه يسمع بسمع ويبصر ببصر، كما تضمن كونه عليماً أنه يعلم ولا فرق بين إثبات كونه سميعاً بصيراً وبين كونه ذا سمع وبصر.
قال : وهذا قول أهل السنة قاطبة" أهـ
2-إن سمع الله تبارك وتعالى ليس كسمع أحد من خلقه، فإن الخلق وإن وصفوا بالسمع والبصر كما في قوله تعالى : إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً (الإنسان:2) ، لكن هيهات أن يكون سمعهم وبصرهم كسمع وبصر خالقهم جل شأنه، قد نفى الرب سبحانه المشابهة عن نفسه بقوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الشورى: من الآية11) لأن سمع الله وبصره مستغرق لجميع المسموعات والمرئيات لا يعزب عن سمعه مسموع وإن دق وخفي سراً كان أو جهراً.
عن عائشة رضي الله عنها قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات : لقد جاءت المجادلة إلى النبي  تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (المجادلة: آية1) .
وفي رواية : "تبارك الذي وسع سمعه كل شيء.
وعن أبي موسى الأشعري  قال : كنا مع النبي  في سفر فكنا إذا علونا كبّرنا. فقال : "أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً بصيراً قريباً..."( ).
قال ابن بطال : في هذا الحديث نفى الآفة المانعة من السمع، والآفة المانعة من النظر، وإثبات كونه سميعاً بصيراً قريباً، يستلزم أن لا تصح أضداد هذه الصفات عليه
وفي بيان الفرق بين سمع الخالق والمخلوق، يقول أبو القاسم الأصبهاني خلق الإنسان صغيراً لا يسمع، فإن سمع لا يعقل ما يسمع، فإذا عقل ميز بين المسموعات فأجاب عن الألفاظ بما يستحق، وميز الكلام المستحسن من المستقبح، ثم كان لسمعه مدى إذا جاوزه لم يسمع، ثم إن كلمه جماعة في وقت واحد عجز عن استماع كلامهم، وعن إدراك جوابهم.
والله عز وجل السميع لدعاء الخلق وألفاظهم عند تفرقهم واجتماعهم مع اختلاف ألسنتهم ولغاتهم، يعلم ما في قلب القائل قبل أن يقول، ويعجز عن التعبير عن مراده فيعلم الله فيعطيه الذي في قلبه والمخلوق يزول عنه السمع بالموت والله تعالى لم يزل ولا يزال، يفني الخلق ويرثهم فإذا لم يبق أحدٌ قال : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ  (غافر: من الآية16) فلا يكون من يرد ، فيقول سبحانه : لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (غافر: من الآية16واشتراك المخلوق مع الخالق سبحانه في هذا الاسم لا يعني المشابهة، فإن صفات المخلوق تناسب ضعفه وعجزه وخلقه، وصفات الخالق تليق بكماله وجلاله سبحانه وتعالى.
3-وقد أنكر الله تبارك وتعالى على المشركين الذين ظنوا أن الله لا يسمع السر والنجوى.
فعن عبد الله بن مسعود  قال : اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي ـ أو ثقفيان وقشي ـ كثيرةٌ شحم بطونهم، قليلٌ فقه قلوبهم، فقال أحدهم : أترون أن الله يسمع ما نقول ؟ قال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا. فأنزل الله عز وجل : وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (فصلت:22) .
وكذا قوله تعالى : أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (الزخرف:80) 4-ورد الاسم مقروناً بغيره من الأسماء كقوله تعالى : (سميع عليم) ، (سميع بصير) ، (سميع قريب) ، وهي تدل على الإحاطة بالمخلوقات كلها، وأن الله محيط بها، لا يفوته شيء منها ولا يخفى عليه، بل الجميع تحت سمعه وبصره وعلمه، وفي ذلك تنبيه للعاقل وتذكير، كي يراقب نفسه وما يصدر عنها من أقوال وأفعال، لأن خالقه وربه لا يخفى عليه شيء منها، وأنه سبحانه محصيها عليه ثم يجازي بها في الآخرة إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
ومتى آمن الناس بذلك وتذكروه فإن أحوالهم تتغير من القبيح إلى الحسن ومن الشر إلى الخير.
وإذا نسوا ذلك وتناسوه وغفلوا عنه ففي ذلك ما يكفي لفساد الدنيا وخرابها، والناظر في أحوال الناس يرى ذلك واضحاً جلياً.
5-الله هو (السميع)الذي يسمع المناجاة ويجيب الدعاء عند الاضطرار ويكشف السوء ويقبل الطاعة. وقد دعا الأنبياء الصالحون ربهم سبحانه بهذا الاسم ليقبل منهم طاعتهم أو ليستجيب لدعائهم : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (البقرة: من الآية186) .
فإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام قالا : رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (البقرة: من الآية127) وهما يرفعان قواعد البيت الحرام.
وامرأة عمران عندما نذرت ما في بطنها خالصاً لله لعبادته ولخدمة بيت المقدس قال : فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (آل عمران: من الآية35) ثم أخبر تعالى أنه قبل منها ذلك : فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً (آل عمران: من الآية37) .
ودعا زكريا ربه أن يرزقه ذرية صالحة ثم قال : إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (آل عمران: من الآية38) ، فاستجاب الله دعاءه.
ودعا يوسف عليه السلام ربه أن يصرف عنه كيد النسوة : فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (يوسف:34) .
وأمر بالالتجاء إليه عند حصول وساوس شياطين الإنس والجن ، قال تعالى : وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الأعراف:200) ، قال ابن كثير : سميع لجهل الجاهل عليك ، والاستعاذة به من نزغه ولغير ذلك من كلام خلقه لا يخفى عليه منه شيء ، عليم بما يذهب عنك نزغ الشيطان وغير ذلك من أمور خلقه.
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:23 PM   #5
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

البصير
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :
البصر في الخلق
: حاسة الرؤية، أو حسن العين، والجمع أبصار، ورجل بصير : مبصر خلاف الضرير وهو فعيل بمعنى مفعل، أو هو بمعنى فاعل، وهو أبنية المبالغة، ورجل بصير بالعلم : عالم به، والبصيرة : العلم والفطنة
ورود الاسم في القرآن الكريم :
ورد هذا الاسم في القرآن اثنتين وأربعين مرة "
منها قوله عز وجل : وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (البقرة: من الآية233) .
وقوله تعالى : وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (آل عمران: من الآية15)
وقوله : وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الحديد: من الآية4)
وقوله سبحانه : مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (الملك: من الآية19) .
معنى الاسم في حق الله تعالى :
قال ابن جرير :
يعني جل ثناؤه بقوله : وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (البقرة: من الآية96) والله ذو إبصار بما يعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظ ذاكر، حتى يذيقهم بها العقاب جزاءها. وأصل بصير : مبصر، من قول القائل : أبصرت فأنا مبصر، ولكن صرف إلى فعيل، كما صرف مسمع إلى سميع، وعذاب مؤلم إلى اليم، ومبدع السماوات إلى بديع وما أشبه ذلك
وقال الخطابي :
البصير هو المبصر، ويقال البصير : العالم بخفيات الأمور
وقال ابن كثير :
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (آل عمران: من الآية15 ، 20) أي : هو عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة وهو الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وما ذلك إلا لحكمته ورحمته
وقال الألوسي :
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ أي : خبير بهم وبأحوالهم وأفعالهم
وقال السعدي : (البصير) الذي يبصر كل شيء وإن رق وصغر، فيبصر دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، ويبصر ما تحت الأرضين السبع كما يبصر ما فوق السماوات السبع.
وأيضاً سميع بصير بمن يستحق الجزاء بحسب حكمته، والمعنى الأخير يرجع إلى الحكمة
وعلى هذا يكون لـ (البصير) معنيان :
الأول :
أن له بصر يرى به سبحانه وتعالى.
الثاني :
أنه ذو البصيرة بالأشياء الخبير بها.
آثار الإيمان باسمه (البصير) :
1-إثبات صفة البصر له جل شأنه، لأنه وصف نفسه بذلك وهو أعلم بنفسه
وصفة البصر من صفات الكمال كصفة السميع، فالمتصف بها أكمل ممن لا يتصف بذلك، قال تعالى : قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (الأنعام: من الآية50) .
وقال : مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (هود:24) .
وقد أنكر إبراهيم  على أبيه عندما عبد ما لا يبصر ولا يسمع : لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (مريم: من الآية42) .
وقال تعالى موبخاً الكفار ومسفهاً عقولهم لعبادتهم الأصنام التي هي من الحجارة الجامدة التي لا تتحرك ولا تملك سمعاً ولا بصراً : أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا (الأعراف: من الآية195) .
أي : أنتم أكمل من هذه الأصنام لأنكم تسمعون وتبصرون فكيف تعبودنها وأنتم أفضل منها ؟!
قال الأصبهاني : وأما (البصير) فهذا الاسم يقع مشتركاً، فيقال فلان بصير، ولله المثل الأعلى، والرجل قد يكون صغيراً لا يبصر ولا يميز بالبصر بين الأشياء المتشاكلة، فإذا عقل أصر فميز بين الرديء والجيد، وبين الحسن والقبيح، يعطيه الله هذا مدة ثم يسلبه ذلك، فمنهم من يسلبه وهو حي ومنهم من يسلبه بالموت.
والله بصير لم يزل ولا يزول، والخلق إذا نظر إلى ما بين يديه عمي عما خلفه وعما بعد منه، والله تعالى لا يعزب عنه مثقال ذرة في خفيات مظلم الأرض، وكل ما ذكر مخلوقاً به وصفه بالنكرة، فإذا وصف به ربه وصفه بالمعرفة
2-إن الله تبارك وتعالى بصير بأحوال عباده خبير بها بصير بمن يستحق الهداية منهم ممن لا يستحقها،
بصير بمن يصلح حاله بالغنى والمال، وبمن يفسد حاله بذلك : وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (الشورى:27) ، وهو بصير بالعباد شهيد عليهم، الصالح منهم والطالح،

المؤمن والكافر، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (التغابن:2) ، إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (الإسراء: من الآية96) بصير خبير بأعمالهم وذنوبهم وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (الإسراء: من الآية17) وسيجزيهم عليها أتم الجزاء.
3-ومن علم أن ربه مطلع عليه استحى أن يراه على معصية أو فيما لا يحب.

ومن علم أنه يراه أحسن عمله وعبادته وأخلص فيها لربه وخشع فقد جاء في حديث جبريل عليه السلام عندما سأل النبي  عن الإحسان فقال  : (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)
قال النووي رحمه الله : "هذا من جوامع الكلم التي أوتيها  لأنا لو قدرنا أن أحدنا قام في عبادة وهو يعاين ربه سبحانه وتعالى لم يترك شيئاً مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السمت، واجتماعه بظاهره وباطنه وعلى الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها إلا أتى به.
فقال  : (اعبد الله في جميع أحوالك كعبادتك في حال العيان، فإن التتميم المذكور في حال العيان إنما كان لعلم العبد باطلاع الله سبحانه وتعالى عليه فلا يقدم على تقصير في هذا الحال للاطلاع عليه، وهذا المعنى موجود مع عدم رؤية العبد، فينبغي أن يعمل بمقتضاه، فمقصود الكلام الحث على الإخلاص في العبادة ومراقبة العبد ربه تبارك وتعالى في إتمامه الخشوع والخضوع وغير ذلك)
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:24 PM   #6
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

الحكم ــ الحاكم ــ الحكيم
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :
الحكم والحكيم بمعنى الحاكم ، وهو القاضي ، فهو فعيل بمعنى فاعل ، أو هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها فهو فعيل بمعنى مفعل .
وقيل : الحكم ذو الحكمة ، والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، ويقال لمن يُحسن دقائق الصناعات ويتقنها .. حكيم ، والحكم يجوز أن يكون بمعنى الحاكم مثل قدير بمعنى قادر.
قال الزجاج : "والحكم والحاكم بمعنى واحد، وأصل ( ح ك م ) لأنه يمنع الخصمين من التظالم ، وحكمة الدابة سميت حكمة لأنها تمنعها من الجماح" أهـ .
والحكم : العلم والفقه والقضاء بالعدل ، والحكيم : العالم وصاحب الحكمة .
ورود الاسم في القرآن الكريم :
ورد اسمه (الحكم) في آية واحدة
هي قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً) (الأنعام: من الآية114) .
وورد (الحاكم) بصيغة الجمع في خمس آيات منها :
1-قوله تعالى : (فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) (الأعراف: من الآية87)
2-(رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ)(هود: من الآية45)
3-(أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ)(التين:8)
وأما الاسم (الحكيم) فقد ورد أربعاً وتسعين مرة منها :
1-قوله جل ذكره : وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (البقرة: من الآية 228 ، 240)
2-وقوله : وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (النساء: من الآية26)
3-وقوله : وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (الأنعام: من الآية 18 ، 73 )
4-وقوله : وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيم (النور: من الآية10)
5-وقوله أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (الشورى:
من الآية 51)
6-وقوله : وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً (النساء: من الآية130)
المعنى في حق الله تبارك وتعالى :
قال ابن جرير "في تفسير قوله تعالى : أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً (الأنعام: من الآية114) : قل فليس لي أن أتعدى حكمه وأتجاوزه لأنه لا حكم أعدل منه ولا قائل أصدق منه.
قال القرطبي : والمعنى أفغير الله أطلب لكم حاكماً.
وقال الخطابي : الحكم الحاكم ومنه المثل : "في بيته يؤتى الحكم" وحقيقته هو الذي سلم له الحكم ورد إليه الأمر كقوله تعالى : لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (القصص: من الآية88) ، وقوله : أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (الزمر: من الآية46) .
قال ابن كثير : وقوله تعالى : أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (التين:8) أي : أما هو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحداً.
وقال الحليمي : معنى (الحكم) : وهو الذي إليه الحكم، وأصل الحكم منع الفساد، وشرائع الله تعالى كلها استصلاح العباد
أيهما أبلغ الحكم أو الحاكم :
قيل أن الحكم أبلغ من الحاكم، إذ لا يستحق التسمية بحكم إلا من يحكم بالحق، لأنها صفة تعظيم في مدح ، والحاكم جارية على الفعل ، فقد يسمى بها من يحكم بغير الحق .
قال الراغب الأصفهاني رحمه الله : "ويقال حاكم وحكام لمن يحكم بين الناس، قال الله تعالى : وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ (البقرة: من الآية188) والحكم المتخصص بذلك فهو أبلغ. قال الله تعالى : أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً (الأنعام: من الآية114) ، وقال عز وجل : فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا)(النساء: من الآية35) أهـ ( ).
وقد ورد في الحديث الصحيح ما يفيد كراهة التكني بالحكم.
وأما عن معنى (الحكيم) :
فقد قال الزجاج : الحكيم من الرجال يجوز أن يكون فعيلاً في معنى فاعل ، ويجوز أن يكون في معنى مفعل ، والله حاكم وحكيم.
والأشبه أن تحمل كل واحد منهما على معنى غير معنى الآخر، ليكون أكثر فائدة، فحكيم بمعنى محكم والله تعالى محكمة للأشياء، متقن لها كما قال تعالى : صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (النمل: من الآية88) .
وقال ابن جرير : (الحكيم) الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل.
وقال في موضع : حكيم فيما قضى بين عباده من قضاياه.
قال ابن كثير : الحكيم في أفعاله وأقواله فيضع الأشياء في محالها بحكمته وعدله.
وقال الحليمي : (الحكيم) ومعناه الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب، وإنما ينبغي أن يوصف بذلك لأن أفعاله سديدة، وصنعه متقن، ولا يظهر الفعل المتقن السديد إلا من حكيم، كما لا يظهر الفعل على وجه الاختيار إلا من حي عالم قدير.
وقد أطال ابن القيم رحمه الكلام عن اسمه (الحكيم) في النونية فقال :
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:25 PM   #7
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

الخبير
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :
الحلم بالكسر
: الأناة والعقل ، وجمعه أحلام وحلوم ، وأحلام القوم : حلماؤهم، ورجل حليم من قوم أحلام وحلماء.
وحلم يحلم حلماً
: صار حليماً ، وحلم عنه وتحلم سواء ، تحلم تكلف الحلم.
والحلم :
نقيض السفه.
أما الحلم والحلم فهو الرؤيا والجمع أحلام ، يقال : حلم يحلم .. إذا رأى في المنام
وقال الراغب الحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب
وجمعه أحلام. قال تعالى : أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (الطور:32) ، قيل معناه : عقولهم وليس الحلم في الحقيقة هو العقل ، لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل.
والحليم اسم الفاعل من حلم.
وروده في القرآن الكريم :
ورد الاسم في القرآن إحدى عشر مرة منها :
1-قوله تعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (البقرة: من الآية235)
2-وقوله : قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (البقرة:263)
3-وقوله : وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (الأحزاب: من الآية51)
4-وقوله : إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (فاطر: من الآية41).
معنى الاسم في حق الله تعالى :
قال ابن جرير :
(حليم) يعني أن الله ذو أناة ، لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم.
وقال في موضع :
حليماً عمن أشرك وكفر به من خلقه ، في تركه تعجيل عذابه له.
قال الخطابي :
هو ذو الصفح والأناة ، الذي لا يستفزه غضب، ولا يستخفه جهل جاهل، ولا عصيان عاصٍ.
ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحليم ، إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة والمتأني الذي لا يعجل بالعقوبة.
وقد أنعم بعض الشعراء بيان هذا المعنى في قوله :

لا يدرك المجد أقوام وإن كرموا
حتى يذلوا وإن عزوا لأقوام

ويشتموا فترى الألوان مسفرة
لا صفح ذلك ولكن صفح أحلام

قال ابن الحصار:
فإن قيل : فكيف يتضمن الحلم الأناة ، وقد قال رسول الله  لأشج عبد القيس : (إن فيك لخصلتين يحبهما الله : الحلم والأن فعددهما ؟ فاعلم أن الأناة قد تكون مع عدم الحلم، ولا يصح الحلم أبداً إلا مع الأناة ، والأناة ترك العجلة ، فقد تكون لعارض يعرض ، ولا يكون التحلم أبداً إلا مشتملاً على الأناة ، فتأمله ‍وكذلك
لا يكون الحليم إلا حكيماً ، واضعاً للأمور مواضعها ، عالماً قادراً ، إن لم يكن حلمه متلبساً بالعجز والوهن والضعف ، وإن لم يكن عالماً (كان) تركه الانتقام للجهل ، وإن لم يكن حكيماً ربما كان حلمه من السفه وتتبع أمثال هذا
وقال الأصبهاني :
(حليم) عمن عصاه ؛ لأنه لو أراد أخذه في وقته أخذه فهو يحلم عنه ويؤخره إلى أجله.
وهذا الاسم ـ وإن كان مشتركاً يوصف به المخلوق ـ فحلم المخلوقين حلم لم يكن في الصغر ثم كان في الكبر.
وقد يتغير بالمرض والغضب والأسباب الحادثة ، ويفنى حلمه بفنائه ، وحلم الله عز وجل لم يزل ولا يزول.
والمخلوق يحلم عن شيء ولا يحلم عن غيره ، ويحلم عمن لا يقدر عليه ، والله تعالى حليم مع القدرة.
قال ابن كثير : (حليم غفور) أن يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه ، وهو يحلم فيؤخر وينظر ويؤجل ولا يعجل ، ويستر آخرين ويغفر.

قال ابن القيم في النونية :

وهو الحليم فلا يعاجل عبده
بعقوبة ليتوب من عصيان.

وقال السعدي
: (الحليم) الذي يدر على خلقه النعم الظاهرة والباطنة ، مع معاصيهم وكثرة زلاتهم ، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم ويستعتبهم كي يتوبوا ، ويمهلهم كي ينيبوا.
آثار الإيمان بهذا الاسم :
1-إثبات صفة الحلم لله عز وجل ،
وهو الصفح عن العصاة من العباد ، وتأجيل عقوبتهم رجاء توبتهم عن معاصيهم.
2-وحلم الله سبحانه عن عباده ،
وتركه المعاجلة لهم بالعقوبة، من صفات كماله سبحانه وتعالى ، فحلمه ليس لعجزه عنهم وإنما هو صفح وعفو عنهم ، أو إمهال لهم مع القدرة ، فإن الله لا يعجزه شيء.
قال سبحانه : أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً (فاطر:44) .
وحلمه أيضاً ليس عن عدم علمه بما يعمل عباده من أعمال ، بل هو العليم الحليم الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
قال سبحانه : وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (الأحزاب: من الآية51) .
وحلمه عن خلقه ليس لحاجته إليهم ، إذ هو سبحانه يحلم عنهم ويصفح ويغفر مع استغنائه عنهم ، قال سبحانه : وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (البقرة: من الآية225) .

3-حلم الله عظيم ، يتجلى في صبره سبحانه على خلقه
، والصبر داخل تحت الحلم ، إذ كل حليم صابر ، وقد جاء في السنة وصف الله عز وجل بالصبر ، كما في حديث أبي موسى الأشعري  عن النبي  قال : (ليس أحدٌ ـ أو ليس شيء ـ أصبر على أذى سمعه من الله إنهم ليدعون له ولداً وإنه ليعافيهم ويرزقهم).
قال الحليمى في معنى (الحليم)
: الذي لا يحبس أنعامه وأفضاله عن عباده لأجل ذنوبهم ، ولكن يرزق العاصي كما يرزق المطيع ، ويبقيه وهو منهمك في معاصيه ، كما يبقى البر التقي ، وقد يقيه الآفات والبلايا وهو غافل لا يذكره ، فضلاً عن أن يدعوه كما يقيها الناسك الذي يسأله وربما شغلته العبادة عن المسألة.
وقد أخبر تعالى عن تأخيره لعقاب من أذنب من عباده في الدنيا ، وأنه لو كان يؤاخذهم بذنوبهم أولاً بأول ، لما بقي على ظهر الأرض أحد ، قال سبحانه : وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (النحل:61) ، وقال تعالى : وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (الكهف:58) .
قال ابن جرير :
"ولو يؤاخذ الله عصاة بني آدم بمعاصيهم مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ يعني : من دابة تدب عليها ، وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ يقول : ولكن بحلمه يؤخر هؤلاء الظلمة فلا يعاجلهم العقوبة ، إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً يقول : إلى وقتهم الذي وقت لهم ، فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ يقول : فإذا جاء الهلاك ساعة فلا يمهلون ولا يستقدمون قبله حتى يستوفوا آجالهم" .
فتأخير العذاب عنهم إنما هو رحمة بهم. ولكن الناس يغترون بالإمهال ، لا تستشعر قلوبهم رحمة الله وحكمته، حتى يأخذهم سبحانه بعدله وقوته، عندما يأتي أجلهم الذي ضرب لهم.
ومن العجب أن يريد الله للناس الرحمة والإمهال، ويرفض الجهال منهم والأجلاف تلك الرحمة وذلك الإمهال ، حين يسألون الله أن يعجل لهم العذاب والنقمة !
قال تعالى : وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (يونس:11) .
وقال تعالى : وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (صّ:16) .
وقال عن كفار مكة : وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (لأنفال:32) .
وأمثال ذلك مما وقع من المسرفين السفهاء.
تنبيه :
تأخير العذاب عن الكفار إنما هو في الدنيا فقط ، وأما في الآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون.
فقال الأقليشي
: "أما تأخير العقوبة في الدنيا عن الكفرة والفجرة من أهل العصيان ، فشاهد بالعيان ، لأنا نراهم يكفرون ويعصون ، وهم معافون في نعم الله يتقلبون.
وأما رفع العقوبة في الأخرى ، فلا يكون مرفوعاً إلا عن بعض من استوجبها من عصاة الموحدين.
وأما الكفار فلا مدخل لهم في هذا القسم ، ولا لهم في الآخرة حظ من هذا الاسم ، وهذا معروف بقواطع الآثار ، ومجمع عليه عند أولي الاستبصار" أهـ( ).
4-يجوز إطلاق صفة الحلم على الخلق ، فقد وصف الله عز وجل أنبياءه بذلك ، قال عز من قائل : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (التوبة: من الآية114) .
وقال : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (هود:75) .
وقال حكاية عن قوم شعيب عليه السلام : إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (هود: من الآية87) .
وقال : فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (الصافات:101) يعني بذلك إسحق عليه السلام.
والحلم من الخصال العظيمة التي يريد الله من عباده أن يتخلقوا بها ، وهي خصلة يحبها الله ورسوله كما مر آنفاً في حديث أشج عبد القيس.
قال القرطبي رحمه الله :
"فمن الواجب على من عرف أن ربه حليم على من عصاه ، أن يحلم هو على من خالف أمره ، فذاك به أولى حتى يكون حليماً فينال من هذا الوصف بمقدار ما يكسر سورة غضبه ويرفع الانتقام عمن أساء إليه ، بل يتعود الصفح حتى يعود الحلم له سجية.
وكما تحب أن يحلم عنك مالكك، فاحلم أنت عمن تملك لأنك متعبد بالحلم مثاب عليه قال الله تعالى : وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (الشورى: من الآية40) .
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:26 PM   #8
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

العظيم
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :
العظم خلاف الصغر ، عظم يعظم عظماً وعظاماً كبر ، وهو عظيم وعظام.
وعظم الأمر : كبره. وأعظمه واستعظمه : رآه عظيماً ، فهو معظم.
والتعظيم : التبجيل ، والعظمة : الكبرياء .
والتعظيم في النفس : هو الكبر والزهو والنخوة ، والعظمة والعظموت : الكبر.
وروده في القرآن الكريم :
ورد هذا الاسم تسع مرات منها :
1-قوله تعالى : وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (البقرة: من الآية255)
2-وقوله : عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (التوبة: من الآية129)
3-وقوله : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (النمل:26)
4-وقوله : فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (الواقعة:96) .
معنى الاسم في حق الله تعالى :
قال ابن جرير : "اختلفوا في معنى قوله (العظيم) :
فقال بعضهم : معنى العظيم في هذا الموضع المعظم صرف المفعل إلى فعيل ، كما يقال : العتيق بمعنى المعتق.
فقوله العظيم معناه : الذي يعظمه خلقه ويهابونه ويتقونه.
وقال آخرون : بل تأويل قوله (العظيم) : هو أن له عظمة هي له صفة ، وقالوا : لا نصف عظمته بكيفية ، ولكنا نضيف ذلك إليه من جهة الإثبات ، وننفي عنه أن يكون ذلك على معنى مشابهة العظيم المعروف من العباد ، لأن ذلك تشبيه له بخلقه وليس كذلك.
وأنكر هؤلاء ما قاله أهل المقالة التي قدمنا ذكرها.
وقالوا : لو كان معنى ذلك أنه معظم ، لوجب أن يكون قد كان غير عظيم قبل أن يخلق الخلق ، وأن يبطل ذلك عند فناء الخلق ، لأنه لا معظم له في هذه الأحوال.
وقال آخرون : بل قوله إنه (العظيم) وصف منه نفسه بالعظم.
وقالوا : كل ما دونه من خلقه فبمعنى الصغر ، لصغرهم ، عن عظمته" أ هـ .
وقال الزجاجي : (العظيم) ذو العظمة والجلال في ملكه وسلطانه عز وجل ، كذلك تعرفه العرب في خطبها ومحاوراتها ، يقول قائلهم : من عظيم بني فلان اليوم ؟ أي من له العظمة والرئاسة منهم ؟ فيقال : فلان عظيمهم ، ويقولون : هؤلاء عظماء القوم أي: رؤساءهم ، وذوو الجلالة والرئاسة منهم.
وقالوا في قوله عز وجل : وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (الزخرف:31) ، تأويله : هلا أنزل هذا القرآن على رجل من رجلين عظيمين من القريتين ؟ أي : كان سبيله أن ينزل على عظيم رئيس ، ولم يريدوا به عظم الخلقة" أ هـ .
وقال الأصبهاني : العظمة صفة من صفات الله ، لا يقوم لها خلق، والله تعالى خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضاً ، فمن الناس من يعظم لمال ، ومنهم من يعظم لفضل ، ومنهم من يعظم لعلم ، ومنهم من يعظم لسلطان ، ومنهم من يعظم لجاه.
وكل واحد من الخلق إنما يعظم بمعنى دون معنيى ، والله عز وجل يعظم في الأحوال كلها.
فينبغي لمن عرف حق عظمة الله ، أن لا يتكلم بكلمة يكرهها الله ، ولا يرتكب معصية لا يرضاها الله ، إذ هو القائم على كل نفسٍ بما كسبت.
وقال ابن الأثير : هو الذي جاوز قدره عز وجل حدود العقول ، حتى لا تتصور الإحاطة بكنهه وحقيقته
آثار الإيمان بهذا الاسم :
1-إن الله سبحانه هو العظيم المطلق ، فهو عظيم في ذاته ، عظيم في أسمائه كلها ، عظيم في صفاته كلها ، عظيم في سمعه وبصره ، عظيم في قوته وقدرته ، عظيم في علمه ، فلا يجوز قصر عظمته في شيء دون شيء ، لأن ذلك تحكم لم يأذن به الله.
قال ابن القيم رحمه الله في نونيته مقرراً ذلك :
وهو العظيم بكل معنى يوجب
التعظيم لا يحصيه من إنسان.

فمن عظمته في علمه وقدرته أنه لا يشق عليه أن يحفظ السماوات السبع والأرضين السبع ، ومن فيهما كما قال : وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (البقرة: من الآية255) .
2-الفرق بين عظمة الخالق والمخلوق : أن المخلوق قد يكون عظيماً في حال دون حال ، وفي زمان دون زمان ، فقد يكون عظيماً في شبابه ، ولا يكون كذلك عند شيبه ، وقد يكون ملكاً أو غنياً معظماً في قومه ، فيذهب ملكه وغناه أو يفارق قومه وتذهب عظمته معها ، لكن الله سبحانه هو العظيم أبداً.
قال الحليمي في (العظيم) : ومعناه الذي لا يمكن الامتناع عليه بالإطلاق ، لأن عظيم القوم إنما يكون مالك أمورهم ، الذي لا يقدرون على مقاومته ومخالفة أموره ، إلا أنه وإن كان كذلك ، فقد يلحقه العجز بآفات تدخل عليه فيما بيده فتوهنه وتضعفه ، حتى يستطاع مقاومته ، بل قهره وإبطاله ، والله جل ثناؤه قادر لا يعجزه شيء ، ولا يمكن أن يُعصى كرهاً أو يخالف أمره قهراً ، فهو العظيم إذاً حقاً وصدقاً ، وكان الاسم لمن دونه مجازاً" أهـ.
3-على المسلم أن يعظم الله حق تعظيمه ، ويقدره حق قدره ، وإن كان هذا لا يستقصى ، إلا أن على المسلم أن يبذل قصارى ما يملك لكي يصل إليه.
وتعظيم الله سبحانه وتعالى أولاً ، إنما هو بوصفه بما يليق به من الأوصاف والنعوت التي وصف بها نفسه ، والإيمان بها وإثباتها لله، دون تشبيهها بخلقه ، ولا تعطيلها عما تضمنته من معاني عظيمة.
فمن شبه ومثل ، أو عطل وأول ، فما عظم الله حق تعظيمه.
ومن تعظيمه جل وعلا الإكثار من ذكره في كل وقت وحين ، والبدء باسمه في جميع الأمور ، وحمده والثناء عليه بما هو أهل له ، وتهليله وتكبيره.
ومن تعظيم الله سبحانه أن يطاع رسوله  : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ (النساء: من الآية64) ، فمن أطاع الرسول فقد أطاع المرسل : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (النساء: من الآية80) ، ومن عصاه فقد عصى الله .
ومن تعظيم الله سبحانه أن يعظم رسوله ويوقره ، قال تعالى : لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (الفتح:9) ( ).
وأن لا يقدم على كلامه كلام أحد مهما كانت مكانته ، قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الحجرات:1) .
ومن تعظيم الله سبحانه أن يصدق كتابه ؛ لأنه كلامه ، وأن يحكم في الأرض لأنه شرعه الذي ارتضاه للناس أجمعين ، فمن لم يفعل فما عظم الله حق تعظيمه ، بل التحق بأشباهه من اليهود الذين اتخذوا كتاب الله وراءهم ظهرياً واتبعوا شياطين الإنس والجن.
ومن تعظيم الله سبحانه ، أن تعظم شعائر دينه كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة وغيرها.
قال تعالى : ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (الحج:32)
ومن تعظيم الله سبحانه أن تجتنب نواهيه ومحارمه التي حرمها في كتابه
أو حرمها رسوله  ، قال تعالى : ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ (الحج: من الآية30) ، ومن أعظم ما حرمه الله الشرك بأنواعه ومقابل هذا أن يعمل المسلم بأوامره التي أمر بها ، والتي من أعظمها توحيده وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له.
4-ليس أضل من ذلك الإنسان الذي أبى أن يعبد الله وحده ، وأصر على أن يشرك به ما لا يملك له رزقاً ، ولا يملك له نفعاً ولا ضراً ، من أوثان وأحجار وأشجار ،
أو قبور وأضرحة ، قد صار أصحابها عظاماً نخرة ، فكيف تقضي لهم حاجة ؟ أو تشفي لهم مريضاً ؟ أو ترد لهم غائباً ؟ لكنه العمى والضلال البعيد ، وهم في الآخرة في العذاب الشديد : خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (الحاقة:30-33)
وهذا في المشركين الذين أقروا بخالقهم وخالق السماوات والأرض ، وأنه منزل المطر ومحيي الأرض بعد موتها ، فما بالك بأولئك الشيوعيين الأنجاس الذين أبت نفوسهم العفنة أن تقر بخالقها ورازقها ومدبر أمرها ، والذين يسمون أنفسهم بـ (اليساريين) ، وما أصدق هذه التسمية عليهم فهم أهل اليسار حقاً في الآخرة : وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (الواقعة:41-44) .
4-أمر النبي  أن يُسبح بهذا الاسم في الركوع فقال : (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم) ( ).
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:26 PM   #9
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

الشكور ــ الشاكر
جل جلاله وتقدست أسماؤه
المعنى اللغوي :
الشكر : عرفان الإحسان ونشره وهو الشكور أيضاً. وقيل : الشكر الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف، يقال : شكرته وشكرت له وباللام أفصح>
ورجل شكور : كثير الشكر كما قال تعالى : إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً (الإسراء: من الآية3) ، وهو من أبنية المبالغة ، يقال : شكر له يشكر شكراً وشكوراً وشكراناً.
والشكران : خلاف الكفران.
وأشكر الضرع واشتكر : امتلأ لبناً ، والشكرة : الممتلئة الضرع من النوق. والشكير : ما ينبت في أصل الشجرة من الورق وليس بالكبار. والشكور من الدواب : ما يكفيه العلف القليل ، وقيل : الذي يسمن على قلة العلف ، كأنه يشكر و‘ن كان ذلك الإحسان قليلاً وشكره ظهور نمائه ، وظهور العلف فيه كما في حديث مسلم : (حتى إن الدواب لتشكر من لحومهم).
وقال الزجاج : (الشكور) هو فعول من الشكر ، وأصل الشكر في الكلام : الظهور، وفيه يقال : شكير النبت ، وشكير الضرع إذا امتلأ وامتلاؤه : ظهوره ، ويقال دابة شكور ، وهو السريع السمن، فسرعة سمنته ظهور أثر صاحبه عليه" .
فيكون أصل الشكر في اللغة هو الزيادة والظهور.
الفرق بين الشكر والحمد :
الشكر مثل الحمد إلا أن الحمد أعم منه ، فإنك تحمد الإنسان على صفاته الجميلة وعلى معروفه ، ولا تشكره إلا على معروفه دون صفاته.
قال ثعلب : الشكر لا يكون إلا عن يد ، والحمد يكون عن يد ، وعن غير يد ، فهذا الفرق بينهما.
وقال القرطبي : وتكلم الناس في الحمد والشكر هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ؟ فذهب الطبري والمبرد إلى أنهما بمعنى واحد سواء ، وهذا غير مرضي ، والصحيح : أن الحمد ثناء على الممدوح بصفاته من غير سبق إحسان ، والشكر ثناء على المشكور بما أولى من الإحسان ، وهذا قول علماء اللغة ، الزجاج والقتبي وغيرهما" .
وقال ابن القيم :
والفرق بينهما : أن الشكر أهم من جهة أنواعه وأسبابه ، وأخص من جهة متعلقاته ، والحمد أهم من جهة المتعلقات وأخص من جهة الأسباب.
ومعنى هذا : أن الشكر يكون بالقلب خضوعاً واستكانة ، وباللسان ثناءً واعترافاً ، وبالجوارح طاعةً وانقياداً ، ومتعلقه : النعم دون الأوصاف الذاتية، فلا يقال : شكرنا الله على حياته وسمعه وبصره وعلمه ، وهو المحمود عليها كما هو محمود على إحسانه وعدله ، والشكر يكون على الإحسان والنعم.
فكل ما يتعلق به الشكر يتعلق به الحمد من غير عكس ، وكل ما يقع به الحمد يقع به الشكر من غير عكس ، فإن الشكر يقع بالجوارح والحمد يقع بالقلب واللسان" ,
ورود الاسمين في القرآن الكريم :
ورد (الشكور) في القرآن أربع مرات وهي :
1-(لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (فاطر:30)
(2-إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (فاطر: من الآية34)
3-(وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (الشورى: من الآية23)
4-(إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (التغابن:17) .
وأما (الشاكر) فقد ورد مرتين :
1-(وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (البقرة: من الآية158)
2-(مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (النساء:147
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-08, 07:27 PM   #10
ورده الياسيمن
~صديقة الملتقى~
 
تاريخ التسجيل: 22-10-2007
المشاركات: 952
ورده الياسيمن is on a distinguished road
افتراضي

معنى الاسمين في حق الله تعالى :
قال قتادة : إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (فاطر: من الآية30) ، أي : غفور لذنوبهم شكور لحسناتهم
وقال : إن الله غفور للذنوب ، شكور للحسنات يضاعفها>
قال الخطابي : (الشكور) هو الذي يشكر اليسير من الطاعة فيثيب عليه الكثير من الثواب ، ويعطي الجزيل من النعمة، فيرضى باليسير من الشكر كقوله سبحانه : إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (فاطر: من الآية34)
ومعنى الشكر المضاف إليه : الرضى يسير الطاعة من العبد والقبول له ، وإعظام الثواب عليه ، والله أعلم.
وقد يحتمل أن يكون معنى الثناء على الله عز وجل بالشكور ترغيب الخلق في الطاعة ، قلت أو كثرت ، لئلا يستقلوا القليل من العمل فلا يتركوا اليسير من جملته إذا أعوزهم الكثير منه" أهـ
قال الزجاجي : "فإن قال قائل ك فإذا كان الشكر منه عز وجل إنما هو مجازاة العاملين ومقابلة الأفعال بالثواب والجزاء ، فقولوا إنه يشكر أيضاً أفعال الكفار لأنه يجازيهم عليها.
قيل له : ذلك غير جائز ، لأنا قد قلنا :
إن الشكر في اللغة إنما هو مقابلة المنعم على فعله بالثناء والاعتراف بفعله ، ولما كان المسيء من العباد لا يقال له منهم ، ولم يستحق بذلك شكراً ، بل استحق الذم والسب ، فلم يجز أن يكون الكفار محسنين في أفعالهم فيستحق الجزاء عليها والمقابلة بالجميل ، بل كانوا مسيئين والمسيء مستحق للعقوبة والسب ، فلم يجز أن يسمى الفعل المقابل لفعالهم شكراً"
وقال البيهقي : "هو الذي يشكر اليسير من الطاعة ، ويعطي عليه الكثير من المثوبة. وشكره : قد يكون بمعنى ثنائه على عبده ، فيرجع معناه إلى صفة الكلام ، التي هي صفة قائمة بذاته" أ
فالرب سبحانه وتعالى إذا أثنى على عبده فقد شكره.
وفي (المقصد) : "الرب تعالى إذا أثنى على أعمال عباده فقد أثنى على فعل نفسه؛ لأن أعمالهم من خلقه ، فإن كان الذي أعطى فأثنى شكور ، فالذي أعطى وأثنى على المعطي فهو أحق بأن يكون شكوراً.
فثناء الله تعالى على عباده كقوله تعالى : وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ (الأحزاب: من الآية35) ، وقوله : نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (صّ: من الآية30) ، وما يجري مجراه ، وكل ذلك عطية منه" أ هـ
وقال ابن القيم في "النونية" :
وهو الشكور فلن يضيع سعيهم
لكن يضاعفه بلا حسبان

ما للعباد عليه حق واجب
هو أوجب الأجر العظيم الشان

كلا ولا عمل لديه ضائع
إن كان بالإخلاص والإحسان

إن عذبوا فبعدله أو نعموا
فبفضله والحمد للمنان

قال السعدي : (الشاكر ، الشكور) : الذي يشكر القليل من العمل ، ويغفر الكثير من الزلل ، ويضاعف للمخلصين أعمالهم بغير حساب ، ويشكر الشاكرين ، ويذكر من ذكره ، ومن تقرب إليه بشيء من الأعمال الصالحة تقرب الله منه أكثر
ورده الياسيمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:34 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .