10-11-15, 06:00 PM | #11 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
سابع صفات عباد الرحمن
& ..............& &.. اجتناب القتل .. & { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } (الفرقان 68) & ..............& لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا }، وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا } وعن حالهم مع الله { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } وعن خوفهم من عذاب الله ورجائهم في عفوه ورحمته { والذينَ يَقولونَ رَبنا اصرِف عنّا عَذابَ جَهنّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } ثم وصف حالهم في أموالهم فقال تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } & ..............& ومع هذه الطائفة الراضية المرضية الذين ذكرهم الله لنا في كتابه نموذجًا يحتذى ويقتدى به ووقفنا في أوصافهم عند قوله تعالى: { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا } (الفرقان:68) & ..............& فهم لا يدعون إلا الله وحده وبهذا حافظوا على الهدف الأول من رسالات الله إلى خلقه ، وهو العقيدة ، ولكن الشرائع الإلهية لم تأت لحفظ الدين والعقيدة فحسب ، إنما جاءت لحفظ الدماء والأنفس وحفظ الإعراض والحرمات والأنساب والعقول والأموال. فمن هنا قرن الله هذه الصفة بصفة أخرى فقال: { وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } والقرآن قرن القتل بالشرك لبشاعة هذه الجريمة وفظاعتها. الشرك اعتداء على الدين ، والقتل اعتداء على الحياة ، والحياة وديعة أودعها الله تعالى لصاحبها ، فكيف يجني القاتل على حياة غيره، وهذه الحرمة متعلقة بكل مسلم ، وكذلك من عاهد المسلمين بعقد ذمة أو هدنة أو أمان ، بل كل من سالم المسلمين فلا يجوز قتله كما قال تعالى: { فإن اعتَزَلوكُم فَلم يُقاتُلوكُم وألَقَوا إليَكُمُ السَّلَمَ فمَا جَعلَ اللهُ لكُم عَليهِم سَبيلا } (النساء:90) & ..............& ولقد بلغ من تحريم الإسلام هذه الجريمة النكراء: أن الله تعالى جعل قتل النفس الواحدة تعدل جريمة قتل الناس جميعا، وذلك لأن حق الحياة ثابت لكل نفس فَقَتْلُ واحدةٍ من هذه النفوس يعتبر تعديًا على الحياة البشرية كلها، كما قال عز وجل: { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } (المائدة/32) ومن اجترأ على قتل مسلم فقد عصى الله ورسوله، وارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، مما يجر عليه الوبال والوعيد الشديد، قال عز وجل: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } (النساء/93) & ..............& وحينما بعث النبي صلى الله عليه وسلم، كان القتل فاشيا في أهل الجاهلية، يزهقون الأرواح عدوانًا وظلمًا، وتثور بينهم الحروب الطاحنة التي يروح ضحيتها الكثير من النفوس البريئة عند أتفه الأسباب، فعمل صلى الله عليه وسلم على القضاء على ذلك، وأكد ما جاء في كتاب الله من النهي عن القتل و العدوان على النفس المعصومة. مُنَدِدًا صلى الله عليه وسلم غاية التنديد بمن يرتكب ذلك، مُبيِّنًا ما توعد الله به مَن أقدَمَ على إزهاق روح معصوم الدم بغير حق من شديد العقاب وسوء الحال والمآل، فقال صلى الله عليه وسلم: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتلرجل مسلم) رواه النسائي. & ..............& فإذا علمنا أن قتل المؤمن أعظم من زوال الدنيا علمنا خطورة وفظاعة القتل العمد بما لا يمكن للغة البشر أن تصفه وقد جمعه من أوتي جوامع الكلم في هذا اللفظ الوجيز ولحرمة هذه الدماء عند الله جل وعلا وأنها ليست رخيصة يسفكها من شاء في أي وقت شاء بل هي عظيمة عند الله جل وعلا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار ) رواه الترمذي عن أبي هريرة. ولقد بلغ من تحذيره صلى الله عليه وسلم عن قتل النفس، أن الإعانة على ذلك ولو بأدنى إعانة مشاركة للقاتل في الجريمة تستوجب لصاحبها المقت والطرد من رحمة الله ورضوانه. فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة، لقي الله عز وجل مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله » رواه ابن ماجه بسند ضعيف. & ..............& ولذا فإن أول ما يُقضى فيه يوم القيامة هو الدماء ،كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أولُ ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة في الدماء ) رواه البخاري. ولا منافاة بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن أول ما يُحاسب به العبدُ يوم القيامة من عمله صلاته ) رواه أبو داود. فهذا حق بينه وبين الله والدماء حق العباد. وقد ورد عند النسائي وأبي داود من حديث ابن مسعود بلفظ: ( أول ما يحاسب به العبد الصلاة وأول ما يقضى بين الناس الدماء ) صححه الألباني. & ... ( وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ) ( إِلَّا بِالْحَقِّ ) إذن متى يجوز قتل النفس بحق؟ & ..............& حدد النبي صلى الله عليه وسلم حالات ثلاث فقال: ( لا يحلُ دمُ امرئ مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث النفسُ بالنفسُ ، والثيب الزاني ، التارك لدينه المفارقُ للجماعة ) رواه البخاري ومسلم. فأما الحالة الأولى: فهي القصاص العادل من القاتل فوقوع القصاص عليه يضمن الحياة للمجتمع كله. كما قال تعالى: { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (البقرة :179) نعم .. حياةٌ بردع هؤلاء الذين يفكرون مجرد تفكير في الاعتداء على الناس. وحياةٌ بكفَّ أهل المقتول عن الثأر قد لا يقف عند القاتل بل يتعداه إلى أهله ممن لا ذنب لهم ولا جريرة. وحياةٌ يأمن فيها كل فرد على نفسه لأنه يعلم يقيناً أن هناك قصاصاً عادلاً ينتظر كل من يتعدى حدود الله. أما الحالة الثانية: التي يجوز فيها القتلُ بالرجم فهي للثيب الزاني. والحالة الثالثة: التي يجوز فيها القتلُ، تكون لمن ترك دينه وخرج على الجماعة وانضم إلى جماعة أخرى مخالفة يعطيها ولاؤه، ويعادي جماعته الأصلية ، فهذا أشبه بما يسمى في عصرنا ( خيانة الأمة والوطن ) ولا يعاقب بذلك من ارتد في نفسه ولم يجاهر بردته فهذا حسابه على الله. ولا بد أن يستتاب المرتد ويناقش وتزال عنه الشبهة التي دفعته للردة وذلك من خلال العلماء. هذه هي الحالات الثلاث التي تبيح قتل المسلم على يد ولي الأمر أو من ينوب عنه. أما فيما عدا هذه الحالات فإنه لا يجوز أبداً قتل النفس. & ..............& & ... حكم من قتل نفسه فمات منتحراً: ولم ينتف هذا الوعيد الرهيب في حق من قتل نفسه منتحراً والعياذ بالله بل هو خالد في النار. لما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تردى من جبل (أي ألقى بنفسه) فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساهُ في نار جهنم خالداً فيها أبداً ، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري. يتوجأ: من الوجأ وهو الطعن بالسكين ونحوه. & ..............& & ... حكم إجهاض الجنين المشوه: الحكم الشرعي للجنين المشوه يتلخص في أمرين: الأول: علاج هذه التشوهات فإذا أمكن علاج الجنين وهو في بطن أمه - إذا تحقق الأطباء من وجود هذه التشوهات - فإن هذا هو الواجب. الثاني: الإجهاض: وهل يصار إليه أو لا يصار إليه إذا لم يتمكن الأطباء من علاج هذه التشوهات؟ حكمه: هذه التشوهات يقسمها الفقهاء في الوقت الحاضر إلى نوعين: النوع الأول: التشوهات التي تصل قبل نفخ الروح. يعني: يكتشف أن هذا الجنين قد حصلت له عيوب خلقية قبل نفخ الروح. فهذا أكثر المعاصرين يجوزون إجهاض الجنين في هذه المرحلة لقاعدة: ارتكاب أخف الضررين، فالإجهاض ضرر وخروجه معيباً عيباً خلقياً ضرر عليه وعلى والديه. النوع الثاني: اكتشاف العيوب والتشوهات الخلقية بعد نفخ الروح. فهذا لا يجوز إجهاضه؛ لما ورد من الأدلة على حرمة قتل النفس لأنه بعد نفخ الروح أصبح نفساً معصومة لا يجوز الإقدام على قتلها وانتهاك حرمتها. لكن أكثر المعاصرين من العلماء يجوّزون إجهاض الجنين بعد نفخ الروح إذا كان في بقائه ضرر محقق على أمه، وعلى هذا إذا كان الجنين مشوهًا خلقيًا ومريضًا ومرضه سيؤدي إلى تضرر الأم - هلاك محقق- فيجوز الإجهاض. أما إذا كان الضرر ظنيًا فلا يجوز الإجهاض حينئذ لأنه قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق. * تنبيه: نلاحظ أن بعض الأطباء يفترضون الأسوأ لإبراء ذمتهم من أي تبعات قانونية وقد رأيت ذلك في العديد من الحالات قالوا بموتها أو بتشوهها وهؤلاء الأطفال أحياء يرزقون إلى الآن وولدوا أصحاء معافين ، فعلى الزوجين استشارة أكثر من طبيب ومراجعة أكثر من مستشفى في هذا الأمر ، ولله الأمر من قبل ومن بعد. & ..............& & ... حكم القتل الخطأ: وقد بينه الله جل وعلا في سورة النساء بقوله: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً } (النساء:92) فالحالة الأولى: أن يقع القتل على مؤمن أهله مؤمنون في دار الإسلام. وفي هذه الحالة يجب تحرير رقبة مؤمنة وديةٌ تسلمُ إلى أهل القتيل. فأما تحرير الرقبة المؤمنة فهو تعويض للمجتمع المسلم عن قتل نفس بعتق نفس مؤمنة أخرى. وأما الدية فتسكين لثائرة نفوس أهل القتيل وشراء لخواطرهم بعد ما فجعوا في قتيلهم وتعويض لهم عن بعض ما فقدوه إلا أن يتصدَّقوا ويتنازلوا عن هذا الحق تسامحاً وتعاطفاً. الحالة الثانية: أن يقع القتل على مؤمن وأهله محاربون للإسلام في دار الحرب. وفي هذه الحالة يجب تحرير رقبة مؤمنة لتعويض النفس المؤمنة التي قتلت لكن لا يجوز دفع الدية لقوم القتيل المحاربين حتى لا يستعينوا بها على قتال المسلمين ، إذا لا مكان ولا مجال هنا لاسترضاء أهل القتيل لأنهم محاربون وأعداء للإسلام والمسلمين. أما الحالة الثالثة: فهي أن يقع القتل على مؤمن أو على غير مؤمن قومه معاهدون أي لهم عهد هدنة أو عهد ذمة. وفي هذه الحالة يجب أن تدفع الدية إلى أهله المعاهدين ولو لم يكن القتيل مؤمناً لأن عهدهم مع المؤمنين يجعل دماءهم مصونة كدماء المسلمين ويجب أيضاً على القاتل أن يعتق رقبة مؤمنة ، وفي عصرنا الحاضر لا يوجد عبيد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا. هذه هي أحكام القتل الخطأ. & ..............& & ... وأخيراً: هل للقاتل المتعمد توبة ؟ اختلف العلماء في هذه المسألة: روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة فَرَحَلْتُ فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال هذه الآية { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً ....... } هي آخر ما ترك وما نسخها شيء. وذهب أهل السنة وما عليه المحققون من علماء السلف أن القاتل المتعمد إن تاب تاب الله عليه لأن الأخذ بظاهر آية النساء ومن يقتل مؤمنا متعمداً ليس بأولى من الأخذ بظاهر قوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } (الشورى:25) ثم إن الجمع بين (آية النساء) و (آية الفرقان) ممكن فلا نسخ ولا تعارض وذلك بحمل الحكم المطلق في (آية النساء) على الحكم المقيد في (آية الفرقان) لا سيما وقد اتفقا في الحكم والسبب فيكون معناه: { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } (النساء:93) { إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً } (الفرقان:70) & ..............& وأما الأحاديث التي تذكر هذا أيضاً فهي كثيرة منها: ما رواه البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فمن وفَىَّ منكم فأجره على الله ، ومن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله عليه ، فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه) رواه البخاري. وكذلك حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا, فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ, فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا, فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لا, فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً, ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ, فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ, فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ, انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا؛ فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُد اللَّهَ مَعَهُمْ وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ, فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ, فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ الْعَذَابِ, فَقَالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ, وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ, فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ, فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الأََرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ, فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ, فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ, قَالَ قَتَادَةُ: فَقَالَ الْحَسَنُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ ) رواه البخاري ومسلم. & ..............& فالخلاصة: أن من قتل مؤمناً متعمداً فتاب تاب الله عليه. أما إن لم يتب وأصر على الذنب حتى وافى ربه على ما هو عليه من شؤم المعصية. { فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } (النساء:93) التعديل الأخير تم بواسطة أَمَةُ الله ; 10-11-15 الساعة 06:08 PM |
13-11-15, 08:05 PM | #12 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
ثامن صفات عباد الرحمن
& ..............& &.. اجتناب الزنا .. & { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } (الفرقان 68) & ..............& لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه. وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا } ، وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا } وعن حالهم مع الله { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } وعن خوفهم من عذاب الله ورجائهم في عفوه ورحمته { والذينَ يَقولونَ رَبنا اصرِف عنّا عَذابَ جَهنّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } ثم وصف حالهم في أموالهم فقال تعالى :{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } & ..............& وبعد كلامنا عن التوحيد واجتناب القتل نتحدث اليوم عن صفة أخرى داخلة في المنهيات وهي اجتناب الزنا (وَلَا يَزْنُونَ) فالإسلام دين الطهر والعفة والنقاء، جاء لينظم الغريزة البشرية ويهذبها ويجريها في مجراها الطبيعي. يقول ابن القيم رحمه الله: [ أصول المعاصي كلها ثلاثة: تعلق القلب بغير الله، وطاعة القوة الغضبية، وطاعة القوة الشهوانية. فغاية التعلق بغير الله الشرك وأن يدعوا مع الله إلها آخر. وغاية طاعة القوة الغضبية القتل. وغاية طاعة القوة الشهوانية الزنا ] ومن هنا نهى الإسلام عن الزنا ونهى عن كل ذريعة توصل إليه أو تقرب منه ، فحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية ، وحرم النظر بشهوة ، وحرم التبرج بالزينة ، بتطهير البيئة الإسلامية من أسباب الإغراء والفساد. وحرم الإسلام كل ما يغري الناس بالفواحش؛ فلا تظهر في المجتمع المسلم صورة عارية، ولا أغنية ماجنة، ولا أدب مكشوف. وحرص الإسلام على إقامة سياج كبير أو سور عال يحول بين المسلم وبين وقوعه في فاحشة الزنا ، فبدأ بتربية الفرد على أن يعف نفسه بغض بصره، سواء كان رجلًا أم امرأة { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } (النور/30:31) وأمر المسلم أن يستعف حتى يجد القدرة على الزواج الحلال { وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } (النور:33) وروى الترمذي من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق. وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج" & ..............& & ... لماذا حرم الإسلام الزنا؟ حرم الإسلام الزنا واعتبره من كبائر الإثم لمصلحتنا ؛ فليس لله حاجة في أن يحلل أو يحرم ، إن الله لا تنفعه طاعتنا ولا تضره معصيتنا ، وإنما يحلل الطيب ويحرم الخبيث. فإذا حرم الزنا فهو لتزكية الإنسان والسمو به ، إنه يريد أن يحمي إيمان المؤمن فلا يكون إلا عبدًا لله ، لا عبدًا للغريزة ، ولا عبدًا للشهوة ، ولا عبدًا للمرأة ، ولا لأي شيء ، إلا أن يكون عبدًا لله تبارك وتعالى. ومن هنا جاء الحديث: (لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) رواه البخاري ومسلم. لأنه في حال الزنا ينزع منه الإيمان ؛ فالإيمان سربال (قميص) يسربله الله من يشاء ، فإن زنى ينخلع عنه هذا السربال ويكون عليه كالظلة، فإذا تاب رجع إليه سربال الإيمان. كما جاء في الحديث عن أبي هريرة: (( إذا زنا أحدكم خرج منه الإيمان وكان عليه كالظلة ،فإذا انقلع رجع إليه الإيمان )) رواه أبو داود. إنه يريد أن يحمي المؤمن ، ويريد أن يحمي أخلاقه ، لا يريد أن يكون المؤمن كالحيوان يفعل ما يشتهي، وما يوسوس إليه الشيطان، ونفسه الأمَّارة بالسوء. وقد مَيَّزَ الله الإنسان بالعقل ليفكر قبل أن يقدم على أي أمر، ويفعل ما ينبغي وبحكمة مستنيرًا بنور الشرع وهدايته. & ..............& ومع حرص الإسلام على العناية بأخلاق المسلم وحماية أخلاقه فإنه يريد أن يحمي صحته ، لأن المجتمع إذا أطلقت فيه الغرائز انتشرت فيه الأمراض المعدية انتشار النار في الهشيم ، وقد ابتلى الله الزناة بالأمراض الجنسية الخطيرة كالسيلان والزهري. هذه الأمراض الخطيرة سلطها الله على الناس جزاء خروجهم على الفطرة التي فطر الناس عليها ، وهي أن يكون للمرأة رجلا واحدا من خلال الزواج ، ليكوّنا الأسرة التي هي نواة المجتمع. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من وقوع سخط الله عند انتشار الفواحش فقال: (( لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم )) رواه الحاكم وصححه الألباني. فالإسلام حرم الزنا لمصلحة الفرد وسلامته وسلامة المجتمع ، ومن هنا شَرِعَ الله النكاح وحَرِّمَ السِّفَاح ، وحَمَى الإنسان من اختلاط الأنساب. يخرج الطفل إلى الدنيا لا يدري من أبوه ؟ ويتشكك الأب أهذا الذي يربيه ابنه أم ابن غيره ؟ ومن تلبيس إبليس أن كثير من الناس يظنون أن الملتزمين بهذا الدين يعيشون حياة كآبة لا فرح فيها ولا مرح ، وأن كل الفرح والمرح في معصية الله، ولا يعرف هؤلاء الجهلاء كم يعيش العصاة في حزن وشقاوة. فالبلاد الغربية رغم ما فيها من حرية الحب ، هي أكبر البلاد نسبة في الانتحار. إذن لم يحل القوم المشكلة ، إنهم كلما ازدادوا شربًا ازدادوا عطشًا، فلا حل ولا استقرار إلا داخل الإطار الصحيح وهو الزواج. & ..............& & ... الشذوذ الجنسي (السحاق) : وهو صورة من صور انتكاس الفطرة قديمًا وحديثاً، وهو عبارة عن اشتهاء الرجل للرجل واشتهاء المرأة للمرأة، وعقوبته مثل عقوبة الزنا. وفي هذه القضية نقول: إن الحياة لا تقوم إلا على زوجين مختلفين هما الذكر والأنثى، لا على مثلين متشابهين، فاستغناء الرجال عن النساء، أو استغناء النساء عن الرجال، يعني فناء البشرية. فالأصل في الإنسان أنه مجبول على أن يميل إلى الجنس الآخر، فالرجل يميل إلى المرأة، والمرأة تميل إلى الرجل ، ولا يستغني أحدهما عن الآخر. والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان من ذكر وأنثى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى } . وفي آية أخرى: { وجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إلَيْهَا } . والقرآن ذكر أن الكون قائم على الزوجية، وليس على المِثلية، وقاعدة الزوجية قاعدة كونية { سبْحَانَ الَذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ ومِنْ أَنفُسِهِمْ ومِمَّا لا يَعْلَمُونَ } ، { ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } فكل ما يضاد الفطرة ليس من ورائه مصلحة لا للإنسان ولا لغيره من الأحياء. & ..............& وقد حكى القرآن الكريم لنا قصة قرية ارتكبت الخبائث وهي قرية قوم لوط الذين قال لهم نبيهم: { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِينَ وتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } ووصفهم بالعدوان والجهل وبالإسراف { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } وفي آية أخرى وصفهم بالإفساد { قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى القَوْمِ المُفْسِدِينَ } وقد عاقب قوم لوط وخسف بهم الأرض، فقد جعل عاليها سافلها وأمطر عليها: { حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ، مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ } ، كل حجر ذهب لصاحبه ليصيبه، فالحجارة للأشخاص ، والبلدة أصبح عاليها سافلها ، وما حدث لهذه القرية يجب أن يكون مَثَلًا وعبرةً للناس إلى يوم القيامة؛ حيث يظل التهديد الإلهي قائمًا بنص قوله تعالى: { ومَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ }.. & ..............& & ... هل باب التوبة مفتوح أمام العصاة؟ نعم مفتوح أمام العصاة ، فبإمكانهم أن يتوبوا إلى الله وباب التوبة مفتوح: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً } وفي صفات عباد الرحمن التي نتناولها يقول تعالى: { والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهاً آخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلاَّ بِالْحَقِّ ولا يَزْنُونَ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ ويَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إلاَّ مَن تَابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } وسوف نتكلم إن شاء الله عن التوبة. & ..............& نسأل الله لشبابنا عفة يوسف عليه السلام وطهارة مريم عليها السلام. وأن ييسر الزواج وأن يكثر من نسل المسلمين. التعديل الأخير تم بواسطة أَمَةُ الله ; 13-11-15 الساعة 08:10 PM |
13-11-15, 09:04 PM | #13 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
تاسع صفات عباد الرحمن
& ..............& &.. التوبة النصوح .. & { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) } (سورة الفرقان) & ..............& لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا } ، وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا } وعن حالهم مع الله { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } وعن خوفهم من عذاب الله ورجائهم في عفوه ورحمته { والذينَ يَقولونَ رَبنا اصرِف عنّا عَذابَ جَهنّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } ثم وصف حالهم في أموالهم فقال تعالى :{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } & ..............& ولقد وصفهم الله بعمل الخيرات واجتناب السيئات فهم { لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ } ومن فعل شيئا من هذه الكبائر (يَلْقَ أَثَامًا) أي جزاءً ونكالًا. { يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } عذاب مضاعف يكرر عليه ويغلظ ، وعذاب جهنم ليس يوم ولا يومين ولا سنة ولا سنتين ...إنه الخلود (وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) ومع العذاب المادي هناك إهانة نفسية معنوية، إنه يخلد في هذا العذاب حقيرًا مُهانًا ذليلًا ، مهما كانت مكانته في الدنيا فهو عند الله ذليل. هذا شأن من يرتكبون تلك الكبائر، لكن هل سُدَّ عليهم الباب ؟ فلا رحمة ينتظرونها ولا عفو يرتقبونه ؟ كلا فقد استثنى الله عز وجل: { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } هكذا فتح الله باب التوبة على مصراعيه ، وهذا من رحمة الله بعباده فهو سبحانه يعلم ضعفهم ، وما أودع فيهم من الغرائز ، ويعلم وسوسة الشيطان لهم ، علم الله ذلك ففتح لهم باب التوبة وهو سبحانه الذي سمى نفسه التواب وأخبر أنه: { يُحِبُ التَّوابينَ ويُحِبُ المُتَطَهرين } (البقرة:222) & ..............& فلو شاء لخلقنا ملائكة لا نعصي، لكنه خلقنا بشرًا ، نُصِيبُ ونُخْطِئ ونستغفر ونتوب فيتوب الله علينا ، فلابد لأسماء الله الحسنى أن تعمل عملها، فإن من أسماء الله تعالى: الغفار والعفو والتواب. فإذا كان الإنسان متطهراً لا يُذنب، فعن من يعفو الله؟ وعلى من يتوب الله؟ ولمن يغفر الله؟ ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: (( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا فتستغفروا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم )) رواه مسلم عن أبي هريرة. & ..............& ولهذا كانت الذنوب طبيعية من الإنسان. لكن غير الطبيعي: أن يستمرئ الإنسان المعاصي، وأن يستمر في طريق الذنوب، ولا يرجع إلى الله، هذا هو الخطر. الخطر: الاستمرار في الخروج عن الله، الخطر: في عدم اليقظة التي ترد الإنسان إلى الله بعد شروده، ولهذا كان هناك أشياء جعلها الله مطهرات، ومكفرات للذنوب التي تقع من الإنسان، أول هذه المطهرات: التوبة. والتوبة تغسل الإنسان من الذنب كما يغسل الماء الجسم من الوسخ، إذا صحت بأركانها وشروطها فمن تاب تاب الله عليه. (( والتائب من الذنب كمن لا ذنب له )) & ..............& ولذلك سئل بعض السلف: هل إذا تبت تاب الله عليّ؟ قال: بل إذا تاب الله عليك تبت، أما قرأت قول الله تعالى: { ثُمّ تابَ عَليهِم لِيَتوبوآ إنَّ اللهَ هُوَ التَّوابُ الرَّحِيم } أي أن توبة الله عليك أسبق من توبتك إليه، ومعنى توبة الله عليك: أن يوفقك إلى التوبة، ما دام قد حركك لتتوب وتندم وترجع إليه. فهذا دليل على أنه قد تاب عليك. & ..............& إن آدم أبا البشر أخطأ ونسي ولم يجد له الله عزما، ولكنه سرعان ما راجع نفسه، وعاد يقرع باب ربه، ويقول: { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (الأعراف:23) { فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } (البقرة:37) & ..............& التوبة هي الممحاة التي منحها الله للإنسان، ليستطيع أن يغسل بها ذنوبه، وأن يتطهر بها من ماضيه، وأن يتحرر من آثاره، { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (النور:31) والله تعالى يقول في كتابه: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ } فهم مذنبون ومسرفون على أنفسهم بمعاصي الله، لكنه يقول (قُلْ يَا عِبَادِيَ) أي لم يحرمهم من شرف العبودية لله والانتساب إلى الله، فكل الذنوب تمحى بالتوبة حتى الشرك: { قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ } & ..............& والإمام الحسن البصري لما قرأ في سورة البروج قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الحَرِيقِ } فهم شقوا الأخاديد ووضعوا فيها النار، وحرقوا فيها المؤمنين، والقرآن مع ذلك فتح لهم الباب ليتوبوا، ثم لم يتوبوا، فهل هناك أكثر من هذا؟ قال سبحان الله فعلوا ما فعلوا ثم عرض عليهم التوبة. & ..............& فليس هناك ذنب يستعصي على التوبة، وعندنا في صحيح البخاري قصة الرجل قاتل التسعة وتسعين نفسًا، وعندما ذهب إلى أحد العباد قال له: اذهب أنت ليست لك توبة، فقال له: أنا ليس لي توبة سأكمل بك المائة، فاليأس يجعل الإنسان يفعل ما يشاء، وعندما ذهب إلى عالم لم يغلق في وجهه باب التوبة، وقال له: انتقل فقط من قرية طالحة إلى قرية صالحة. & ..............& & ... حقيقة التوبة ومعناها: إن التوبة ليست كلامًا يقال باللسان، كما يظن بعض الناس، حين يقول: تبتُ إلى الله، ورجعتُ إلى الله، وندمتُ على معصية الله، وعزمتُ على طاعة الله ... لا ... هذا ليس هو التوبة ؛ فالتوبة مزيج مُركَّب من عدة أشياء: * أولها: الندم على معصية الله: كما سئل أنس أقال النبي صلى الله عليه وسلم (الندم توبة ؟ قال نعم ) رواه أحمد وصححه الشيخ أحمد شاكر. أن يغمر القلب شعور بالأسى والحسرة على ما فرط في جنب الله، شعور يشبه شعور الثلاثة الذين خُلِفوا، حين: { ضَاقَت عَليهِم الأرضُ بِما رَحُبَت وضاقَت عَليهِم أنفُسَهُم وظَنوآ أن لَّا مَلجَأ مِنَ اللهِ إلآ إليه ثُمّ تابَ عَليهِم لِيَتوبوآ إنَّ اللهَ هُوَ التَّوابُ الرَّحيم } (التوبة:118) ضاقت عليهم الدنيا بسعتها وضاقت عليهم أنفسهم: { وظَنوآ أن لَّا مَلجَأ مِنَ اللهِ إلآ إليه } هذا هو شعور التائب وهذا معنى الندم. & ..............& * الركن الثاني للتوبة: العزم الصادق ألا يعود إلى الذنب: العزم على الطاعة، وعلى ترك المعصية، لا بد من هذه العزيمة الأكيدة فيكون التائب ساعة التوبة قاطع العزم كحد السيف ، حتى وإن زَلَّ بعد ذلك قد يغلبه هواه ، قد يستجيب للشيطان ، المهم ساعة التوبة العزم الأكيد ألا يعود للذنب. & ..............& * الركن الثالث للتوبة: أن يقلع بالفعل عن الذنب: لأن التوبة رجوع عن المعصية إلى الطاعة ، وعن السيئات إلى الحسنات ، رجوع عن طريق الشيطان إلى طريق الرحمن ، فلا بد من تغيير الطريق ، وتغيير صحبة السوء ، كما قال تعالى: { يا أيُها الذينَ آمَنوا توبوا إلى اللهِ تَوبةً نَّصوحًا } والتوبة النصوح معناها الخالصة من الغش ، ليست توبة الكذابين الذين يتوبون بألسنتهم وقلوبهم مُصِرَّةٌ على المعصية. ثم شيء آخر، وهو أن يعمل صالحًا بالفعل، مكان السيئات يبدِّلها حسنات وصالحات، يُغيِّر ما كان عليه ... [[ بدل قول الزور يتكلم الحق ،، إذا كان يغتاب المسلمين فليجعل من حسناته أن يدعو لهم ،، وإن كان يؤذي الناس فليكن من حسناته تقديم النفع للناس ،، بدل عمل السوء يعمل صالحًا ،، بدل بيئة السوء يُغيِّرها إلى بيئة حسنة، بيئة صالحة، تُساعده على فعل الخير ... ]] لا بد من هذا ... ومن هنا جعل القرآن بعد التوبة ... الإيمان والعمل الصالح: { إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عملًا صَالِحًا } (الفرقان:70) & ..............& & ... لماذا جعل الإيمان والعمل الصالح بعد التوبة ؟ وقد قرن الله التوبة بالإيمان، لأن المعاصي -وخاصة الكبائر- تخدش الإيمان وتجرحه، فـــ "لا يزنى الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن" متفق عليه. فلا بد أن يُجدِّد إيمانه بالتوبة ... وأن يعمل بعد ذلك صالحًا. فإذا استجمعت التوبة شرائطها، فإن الله يقبلها كما قال تعالى: { وَهُوَ الذي يَقبَلُ التَّوبَةَ عَن عِبادِه ويَعفو عَنِ السَّيئات ويَعلَمُ ما تَفعَلون } (الشورى) قوله تعالى: { فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا } في معنى قوله { يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } قولان: أحدهما: أن حياتهم قد تغيرت ، وأعمالهم قد تبدلت. فهم تحولوا من حياة المعصية إلى الطاعة ، ومن الأخلاق السيئة إلى الأخلاق الحسنة ، ومن الرياء إلى الإخلاص. وقال عطاء بن أبي رباح: هذا في الدنيا يكون الرجل على صفة قبيحة، ثم يبدله الله بها خيرًا. وقال الحسن البصري: أبدلهم الله بالعمل السيء العمل الصالح ، وأبدلهم بالشرك إخلاصًا ، وأبدلهم بالفجور إحصانًا ، وبالكفر إسلامًا. & ..............& والقول الثاني: أن تلك السيئات الماضية تنقلب بالتوبة النصوح حسنات ، وما ذاك إلا لأنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر؛ فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار، فيوم القيامة وإن وجده مكتوبًا عليه فإنه لا يضره وينقلب حسنة في صحيفته. كما ثبتت السنة بذلك وصحت به الآثار المروية عن السلف رضي الله عنهم فعن أبي ذر رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إني لأعرف آخر أهل النار خروجًا من النار وآخر أهل الجنة دخولًا إلى الجنة ; يؤتى برجل فيقول: نحّوا عنه كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها قال: فيقال له: عملت يوم كذا: كذا وكذا وعملت يوم كذا: كذا وكذا ، فيقول: نعم لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئًا ، فيقال: فإن لك بكل سيئة حسنة. فيقول: يا رب عملت أشياء لا أراها ههنا، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه )) رواه مسلم. & ..............& & .... موانع التوبة: ولكن ... ما الذي يُعجز الناس عن التوبة؟ ما الذي يُؤخرهم أن يتوبوا؟ هذه مسألة لا بد أن نعرفها. إن الذي يُؤخر الناس عن التوبة عدة أمور: * أولها: التسويف: التسويف ... طول الأمل ... اعتقاد الإنسان أنه لا يزال له في العُمر مُتسع، وفي الحياة مدى بعيد. فابن العشرين يظن أن أمامه مُتَّسَع ، ومثله ابن الثلاثين وابن الأربعين ... كل إنسان عنده طول أمل ... وهذا للأسف يُضيِّع على الناس فُرص التوبة، فمَن الذي يدري أيعيش اليوم أم لا يعيش؟ مَن الذي يدري إذا خرج من بيته أيعود إليه حيًّا أم يعود إليه ميتًا؟ أيعود إليه حاملاً أم يعود محمولاً؟ تزوَّد من التقوى فإنك لا تدري *** إذا جنَّ ليل هــل تعيش إلى الفجر؟ فكم من صحيح مات من غير عِلَّة *** وكم من سقيم عـاش حينًا من الدهر وكم من فتى يُمسي ويُصبح آمنًا **** وقد نُسجت أكفانه وهو لا يــدري & ..............& * الأمر الثاني: هو الاستهانة بالمعصية: الاستهانة بالمعصية ... الاستخفاف بها، استصغار المعصية ... يظن أن هذا شيء بسيط، وهذا ليس من شأن المؤمن ، والقرآن يشير إلى هذا الأمر، حينما تحدث بعض المسلمين عن حديث الإفك. { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } (سورة النور) وجاء في الحديث: (( المؤمن يري ذنبه كالجبل، يخاف أن يقع عليه، والمنافق يري ذنبه كذباب وقع على أنفه فقال هكذا وهكذا )) رواه البخاري عن ابن مسعود. أي أطاره من على أنفه ... وهذا هو الذي جعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يذهب إلى حذيفة ويستحلفه بالله هل ذكره له النبي من المنافقين أم لا؟ والعلماء يقولون: ما خَشِيَ النفاق إلا مؤمن ، ولا آمنه إلا منافق، فالمنافق آمِنٌ على نفسه، إنما المؤمن يخشى أن يكون داخلاً في المنافقين وهو لا يدري. ومرض بعض الصالحين، فدخل عليه مَن يعوده، فوجده يبكي بكاءً حارًا، فقيل له: يا أبا فلان ... مالك تبكي؟ وأنت الذي فعلت وفعلت ... ما رأينا عليك حُرمة انتهكتَها، ولا فريضة تركتَها ... فقال: والله ما أبكي على ذلك، ولكن أبكي لأني أخاف أن أكون قد أتيت ذنبًا أحسبه هينًا وهو عند الله عظيم. وقد قال بعض السلف: لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر من عصيت. & ..............& * المانع الثالث: الاتكال على عفو الله: ثم هناك مانع نفسي آخر هو الاتكال على عفو الله، وهذه أمنية يبذُرها الشيطان في قلب بعض الناس: { يأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا } (الأعراف:169) هكذا كان يفعل اليهود ... يأخذون متاع الحياة الدنيا ويقولون: سيغفر لنا، ينظرون إلى جانب العفو والمغفرة، ولا ينظرون إلى جانب البطش والعقاب، والله تعالى يقول: { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ } (الحجر:49،50) وكما قال الحسن البصري: كذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل ، صحيح أن رحمته وسعت كل شيء، ولكن لمَن كتب هذه الرحمة؟ إنه يقول: { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ } (الأعراف:156) ويقول: { إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } (الأعراف:56) فإذا نظر الإنسان إلى قوله تعالى: { غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْب } فيكمل الآية: { شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ } (غافر:3) & ..............& * أما المانع الرابع: الاحتجاج بالقدر: وبعض الناس يقول: ربنا كتب عليّ هذا. هذه حقيقة، فالله كتب مقادير كل شيء... لكن لا يجوز الاحتجاج بالقدر، فنحن نرضى بالقدر، ونؤمن به، لكن لا نجعله حجة لنا، وأهل الشرك هم الذين فعلوا ذلك، حيث قالوا: { لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا } (سورة الأنعام) فكيف عرفت أن ربنا كتب عليك هذا؟ وإن كنت عرفت هذا فيما مضى بحكم الوقوع، فكيف عرفت في القادم إن ربنا كتب لك الطاعة أو المعصية؟ فهذا شأن الإنسان المؤمن يتأدب بأدب العبودية، ولا يُنسب المعصية إلى الله -عز وجل- وتحدث القرآن عمن يستغفرون: { وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } فهم اتهموا أنفسهم، ولم يقولوا إن ربنا هو الذي فعل بنا، لكنهم قالوا: نحن الذين قصرنا فجرى علينا ما جرى. & ..............& أيها الإخوة: ينبغي أن نُسارع بالتوبة ... ينبغي أن نُبادر فنُراجع حسابنا مع الله عز وجل، ونصحح أخطاءنا، ونقف على باب ربنا مُستغفرين تائبين، نقول: { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (الأعراف:23) خير ما نخرج به من دنيانا توبة صادقة نصوح، نكفر بها سيئاتنا، ونغسل بها أوزارنا، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } (التحريم:8) أسأل الله عز وجل، أن يتوب علينا، وأن يوفقنا إلى التوبة الصادقة النصوح.. إنه سميع قريب. التعديل الأخير تم بواسطة أَمَةُ الله ; 13-11-15 الساعة 09:12 PM |
20-11-15, 08:37 PM | #14 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
عاشر صفات عباد الرحمن
& ..............& &.. ترك شهادة الزور والإعراض عن اللغو .. & { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } (سورة الفرقان:72) & ..............& لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا }، وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا } وعن حالهم مع الله { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } وعن خوفهم من عذاب الله ورجائهم في عفوه ورحمته { والذينَ يَقولونَ رَبنا اصرِف عنّا عَذابَ جَهنّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } ثم وصف حالهم في أموالهم فقال تعالى:{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } ثم وصفهم الله بعمل الخيرات واجتناب السيئات فهم { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) } & ..............& واليوم نتناول صفة جديدة وهي الواردة في قوله تعالى: { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } (سورة الفرقان:72) & ..............& وقد فسر العلماء قوله تعالى: { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } بتفسيرين: & ... التفسير الأول: لا يشهدون من الشهادة، أي: لا يشهدون شهادة الزور فلا يورطون أنفسهم في هذه الكبيرة ، التي هي من أكبر الكبائر. كما في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟" قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وكان متكئًا فجلس ثم قال: "ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت ) أي إشفاقًا عليه من تكراراها كثيرًا. وقد كررها النبي صلى الله عليه وسلم ليستشعر المسلمون خطورة شهادة الزور وما يترتب عليها من نصرة للظالم وهضمًا وضياعًا للحقوق. ولخطورة شهادة الزور غير رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هيئته مستشعرًا خطرًا على كيانِ الأمة من دخول الزور عليها فيُفسدُ واقعها ويوقعها في الضررِ والحرجِ والفسادِ. & ..............& & ... حقيقة الشهادة: الشهادة هي نقل الأمر على حقيقتِهِ والإدلاء به على الحالةِ التي وقع بها دون تبديل أو تغيير أو تحريفٍ. وشهادة الزور هي الكذب المتعمد في الشهادة لإبطال الحق وكذلك كتمان الشهادة لإبطال الحق. والله سبحانه يقول في كتمان شهادة الحق: { وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ } (البقرة/283) كم من حقوق ضيعت ؟ وكم من حرمات انتهكت ؟ وكم من أعراض أهينت ؟ وكم من دماء أريقت ؟ وكم من أرواح أزهقت ؟ وكم من شعوب اضطهدت ؟ ....وكم وكم بسبب كتمان الناس شهادة كان ينبغى أن تقال. ولهذا قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } (النساء:135) وقوَّامين صيغة مبالغة، أي كثيري القيام ، ثم لعلمه سبحانه وتعالى أنَّ هذه الأمور تقع في النفوسِ لضعفها حذَّر منها ونص عليها ( وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ) يصل الأمر بالإنصافِ والتجرد ومراقبة الله في الأمر، ومغالبة الهوى والانتصار للحق أن يشهد الإنسان على نفسه؟!. ( أَوْ الْوَالِدَيْنِ ) والترتيب مقصود، فأولى الناس بالإنسان وأقربهم إليه هما الوالدان، وصلة الأبوة وعلاقة الأمومة لها سلطان على النفس، إن وجد أنَّ الأمرَ يورد أباه مهلكًا أو يورد أمه أذى وضررًا غلبته عاطفة البنوة فتمنى لو دفع هذا الضرر عن أبيه وهذا الأذى عن أمه، برًّا بهِ أو بها فيما يظن. لكنَّ الله سبحانه وتعالى يُحذِّره أنَّ عدل الله فوق البر، وفوق الأمومة والأبوة، وأنه ينبغي أن يكون الحق مجردًا لله تبارك وتعالى { إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا } وشهادة الحق هي التي تعلي كلمة الله في الأرض، والشاهدون بالحق هم الذين يقومون بالشهادة ، لا يبالون بما يصيبهم في سبيل الله. { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ } (المعارج:33) فهم لا يخافون لومة لائم، يؤدون الشهادة على وجهها، بلا تغييرٍ ولا تحريفٍ ولا كتمانٍ ولا زيادةٍ ولا نقصانٍ. وما وقعنا في هذا الواقع المُرِّ الأليم إلا بسبب كتمان شهادة الحق. فلو أن كل مسلم من المسلمين الآن شهد شهادة حق، لبدل الله وغير الله هذا الواقع. لكن هذا يجامل ، وهذا يداهن ، وذاك ينافق ، فيضيع الحق بين هذه المجاملات الكاذبة على حساب الحق، أو على حساب دين الله جل وعلا. & ..............& & ... اتساع معنى الزور: الزور: هو الميل عن الحق الثابت إلى الباطل الذي لا حقيقة له.. قولا وفعلا، مثال ذلك قوله تعالى: { وإنَّهُم لَيقولونَ مُنكَرًا مِن القَولِ وزورا } (المجادلة:1) فالمسلم لا يقول زورًا ، ولا يشهد زورًا، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إني أعوذ بك أن أقول زورًا ، أو أغشى فجورًا ، أو أكون بك مغرورًا ) وعلى هذا المعنى يدخل في شهادة الزور علماء السلطان الذين يكتمون الحق وما أنزل الله من البينات مع علمهم به.. ويبررون للحكام ظلمهم. بل يظهرون ما هو باطل ويدعون الناس إليه ويزينونه لهم بزخرف القول كذبًا على الله ورسوله. ويدخل في ذلك من يبرر مواقف وأعمال حزبه أو جماعته مهما كانت خطئًا.. فيقبلها ويستميت بالدفاع عنها لمجرد أنها صدرت عن جماعته. ويدخل في هذا الشهادة على أحد بدون علم أو بالباطل بدافع حسد أو عداوة ويشمل كذلك نقل كلام أحد الناس على آخرين دون التحقق منه قال تعالى: { إن جآءَكُم فاسِقٌ بِنَبأٍ فَتَبَيَنوا } (الحجرات:6) ومنها تزكية الإنسان بما ليس أهله، فإن التزكية شهادة فإن كانت بخلاف الواقع فإن المُزكي شاهد زور حيث شهد بخلاف الواقع. والكثير يتهاونون في هذه القضية .. فيذكي شخصًا لوظيفة لا يكون أهلًا لها أو يبالغ في الثناء على عمل لم يتقنه، أو إعطاء نفسه لقبًا أو شهادة لم يحصل عليها. وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ) فالتضخيم شهادة كاذبة لما فيه إسناد الأمر لغير أهله وتضييع للأمانة. & ..............& & ... التفسير الثاني: لا يشهدون من الشهود أي لا يحضرون مجالس الزور فشهادة الزور تعني (رؤية الزور) وهو الحضور والمشاركة في مجالس الباطل بأنواعها، وحضور مجالس الباطل ومشاهدته ومخالطة أهله دون النكير عليهم أمر عظيم الحرمة، شديد الخطر حيث يدل على ضعف الإيمان إذ لا يُقر المنكر إلا عاجز أو فاسد .. وهذا أقل أحواله أن يترك المكان وأن ينكر في قلبه وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل. عن عبد الله ابن مسعود قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل ـ يعني على المعصية ـ فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ) رواه الإمام أحمد وأبو داوود. ونهى الله تعالى حضور مجالس المعاصي ومخالطة العصاة ، وكذلك نهى عن حضور المجالس التي تشتمل على الخوض في آيات الله والاستهزاء بها أو الكفر فيها { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ } (النساء:140) فجعل الجالسين معهم دون إنكار والخائضين في آيات الله الكافرين المستهزئين بها سواء. & ..............& & ... معنى: { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } قال ابن كثير رحمه الله: أي لا يحضرون الزور وإذا اتفق مرورهم به مروا ولم يتدنسوا منه بشيء ، ثم ذكر ما رواه ابن أبي حاتم بسنده عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه مرّ بلهو فلم يقف، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريمًا ) متأولًا الآية: { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } ومما يدخل في ذلك حضور المجالس التي يُجهر فيها بالمعاصي وكبائر الذنوب كترك الصلاة وعقود الربا والرشوة ، وإقرارها ولو بالسكوت. فقد لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من شهد الباطل مقرًا له سواء كان منتفعًا أو غير منتفع ونفى عنه الإيمان لاشتراكه في التواطؤ والرضا بالباطل. فقد روي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يُدار عليها خمر ) رواه النسائي بسند جيد. فعباد الرحمن مشغولون بآخرتهم عن دنياهم ، بإصلاح النفس عن مجاراة غيرهم في الباطل ، مشغولون بالجد عن الهزل بالبناء عن الهدم. & ..............& نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأن يحفظ ألسنتنا ، وأن يطهر قلوبنا ، وأن يرحم ضعفنا ، وأن يجبر كسرنا ، وأن يستر عيوبنا ، إنه جواد كريم اللهم آمين. التعديل الأخير تم بواسطة أَمَةُ الله ; 20-11-15 الساعة 08:43 PM |
20-11-15, 08:55 PM | #15 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
الصفة الحادية عشر من صفات عباد الرحمن
& ..............& &.. التجاوب مع كتاب الله .. & { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } (سورة الفرقان:73) & ..............& لا زلنا نعيش مع عباد الرحمن، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وقد حدثنا الله عن حالهم في أنفسهم أنهم { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا }، وأما حالهم مع الناس فهو حال من لا يشغل نفسه بالسفهاء ولا يخاطب الجاهلين إلا سلاما { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا } وعن حالهم مع الله { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } وعن خوفهم من عذاب الله ورجائهم في عفوه ورحمته { والذينَ يَقولونَ رَبنا اصرِف عنّا عَذابَ جَهنّم إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } ثم وصف حالهم في أموالهم فقال تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } ثم وصفهم الله بعمل الخيرات واجتناب السيئات فهم { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) } ، ثم وصفهم الله بأنهم { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } & ..............& واليوم نتناول صفة جديدة وهي الواردة في قوله تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا } (سورة الفرقان:73) & ..............& إذن فعباد الرحمن متجاوبون مع آيات الله ، فهم مع آيات الله لا يقعون عليها وقوع الصم ولا العميان ، بل قلوبهم مفتوحة واعية ،وآذانهم صاغية. والمسلم يتجاوب بمشاعره مع القرآن الكريم، عند الوعد يستبشر، وعند الوعيد يوجل قلبه ويخاف، كما قال الله تعالى: { إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً } (الأنفال:2) & ..............& إن القرآن كلام الله الذي أنزله ليعمل به ويكون منهاج حياة للناس، ولا شك أن قراءة القرآن قربة وطاعة من أحب الطاعات إلى الله، لكن مما لا شك فيه أيضا أن القراءة بغير فهم ولا تدبر ليست هي المقصودة، بل المقصود الأكبر أن يقوم القارئ بالنظر إلى معاني القرآن، وجمع الفكر على تدبره وتعقله، والبحث في أسراره وحِكَمه. & ... ما مفهوم التدبر؟ - التدبر يعني التأمل في معاني القرآن، أي أن لا يكون فقط همه أنه يقرأ الحروف، دون أن يفهم للقرآن معنى، فالقرآن يقول: { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } (محمد:24) و { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً } (النساء:82) & ..............& & ... الرسول صلى الله عليه وسلم يتدبر القرآن: عن حذيفة رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة. ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة؛ فمضى. ثم افتتح آل عمران فقرأها، ثم افتتح النساء فقرأها. يقرأ مترسلاً، إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ". رواه مسلم. وبكى صلى الله عليه وسلم حين قرأ عليه ابن مسعود من سورة النساء قوله تعالى: { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً } (النساء:41) وكان صلى الله عليه وسلم يدعو الأمة إلى التدبر وفهم معاني القرآن، فحين نزل قوله تعالى: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (آل عمران:190، 191) قال صلى الله عليه وسلم: "ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها". & ..............& & .... السلف الصالح يتدبرون القرآن: كان كثير من الصحابة يهمه التدبر، ولا يهمه أنه ينتهي إلى آخر السورة، كان بعضهم يقف عند عشر آيات يقرؤها ويحفظها، ويفهمها، ويحاول أن يطبقها، ثم إذا انتهى منها انتقل إلى العشر الأخرى بعدها. عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: "كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرئ عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم" . وكان ابن عباسٍ رضي الله عنهما يقول: "ركعتان في تفكرٍ خيرٌ من قيام ليلة بلا قلب". وكان الفضيل – رحمه الله – يقول: "إنما نزل القرآن ليُعمل به فاتخذ الناس قراءته عملاً. قيل: كيف العمل به؟ قال: ليحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهيه، ويقفوا عند عجائبه". عن محمد بن كعب القُرَظِي قال: "لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ(إذا زلزلت) و(القارعة) لا أزيد عليهما، وأتردد فيهما، وأتفكر أحبُّ إليَّ من أن أَهُذَّ القرآن (أي أقرأه بسرعة)". وعمليًا كان منهم من يقوم بآية واحدة يرددها طيلة الليل يتفكر في معانيها ويتدبرها. ولم يكن همهم مجرد ختم القرآن؛ بل القراءة بتدبر وتفهم. & ..............& & ... مفهوم خاطئ لمعنى التدبر: إن مما يصرف كثيرا من المسلمين عن تدبر القرآن ، اعتقادهم صعوبة فهم القرآن ، وهذا خطأ في مفهوم تدبر القرآن ، وانصراف عن الغاية التي من أجلها أنزل فالقرآن كتاب هداية لكل الناس ، وهو كتاب هدى ورحمة وبشرى للمؤمنين ، كتابٌ قد يسَّر الله تعالى فهمه وتدبره ،كما قال تعالى: { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } (القمر:17) إن فهم الوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب ، والعلم بالله واليوم الآخر ؛ لا يشترط له فهم المصطلحات العلمية الدقيقة ، من نحوية وبلاغية وأصولية وفقهية. فمعظم القرآن بيِّنٌ واضح ظاهر ، يدركه أي مسلم يفهم اللغة العربية ، فحينما سمع الأعرابي. قول الله تعالى: { فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } (الذاريات:23) قال: من ذا الذي أغضب الجبار حتى يقسم. ففهم القرآن وتدبره ليس صعبا بحيث نغلق عقولنا ، ونعلق فهمه كله بالرجوع إلى كتب التفسير. إن إغلاق عقولنا عن تدبر القرآن بحجة عدم معرفة تفسيره ، والاكتفاء بقراءة ألفاظه مدخل من مداخل الشيطان على العبد ليصرفه عن الاهتداء به. وإذا سلمنا بهذه الحجة فما المانع إذا أشكل عليك معنى آية أن تبادر وتسارع للبحث عن معناها والمراد بها لا أن تغلق عقلك فتقرأ دون تدبر أو تترك القراءة. إذن فالمسلم غير المتخصص في العلوم الشرعية لا يحتاج إلى التوسع في التفسير ومعرفة أوجه القراءات والأحكام الفقهية ، إنما يكفيه أن يعرف المعنى ثم يتدبر الآية. & ..............& يتبع بإذن الله مع ... & ...المعينات على تدبر القرآن:. . . التعديل الأخير تم بواسطة أَمَةُ الله ; 20-11-15 الساعة 09:03 PM |
20-11-15, 09:36 PM | #16 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
اللهم اجعلنا من عباد الرحمن ، وارزقنا صفاتهم ............
بورك فيك أخية .. |
25-11-15, 10:41 PM | #17 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
اللهم آمين.
وبارك الله فيكِ أختي. |
25-11-15, 10:42 PM | #18 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
& ...المُعينات على تدبر القرآن:
& ..............& & المُعين الأول: حب القرآن: من المعلوم أن القلب إذا أحب شيئًا تعلق به ، واشتاق إليه، والقلب إذا أحب القرآن تلذذ بقراءته ، وانشرح لفهمه ووعيه فيحصل بذلك التدبر والفهم ، وبالعكس إذا لم يوجد الحب فإن إقبال القلب على القرآن يكون صعبًا ، وانقياده إليه يكون شاقًا لا يحصل إلا بمجاهدة ومغالبة. والواقع يشهد لصحة ما ذكرت ، فإننا مثلًا نجد أن الطالب الذي لديه حماس ورغبة وحب لدراسته يستوعب ما يقال له بسرعة فائقة وبقوة ، وينهي متطلباته وواجباته في وقت وجيز ، بينما الآخر لا يكاد يعي ما يقال له إلا بتكرار وإعادة ، وتجده يذهب معظم وقته ولم ينجز شيئًا من واجباته. & ..............& .. يقول عثمان بن عفان ( والله لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله ) وعن عبد الله بن المبارك قال: سألت سفيان الثوري قلت: الرجل إذا قام إلى الصلاة أي شيء ينوي بقراءته وصلاته ؟ قال: ينوي أنه يناجي ربه " يقول الشاعر محمد إقبال: يا بني اقرأ القرآن وكأنه عليك أنزل. قال ابن القيم: " إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوتـــه وسماعـــه ، وألق سمعك ، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه ، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم " & ..............& & .. دعاء لحب القرآن: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما قال عبد قطُّ إذا أصابه هم أو حزن: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحًا. قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات قال أجل ينبغي لمن سمعهنّ أن يتعلمهنّ" رواه أحمد ، وصححه الألباني. & ..............& & ... وقفة مع قوله ( ربيع قلبي ونور صدري ) الربيع: هو المطر المنبت للربيع (النبات والزهور ...)، فسأل الله أن يجعل القرآن ربيع قلبه أي الماء الذي يسقي قلبه فيحييه ويقويه بعد أن كان قاسيًا مريضًا. وقوله: ( ربيع قلبي ونور صدري ) لأنه إذا نزل الربيع بأرض أحياها، أما النور، فإنه ينتشر ضوؤه عن محله. فلما كان الصدر حاويًا للقلب جعل الربيع في القلب والنور في الصدر لانتشاره. وما ظننا بصدر دخله نور القرآن هل يبقى فيه شيء من القلق أو الهم أو المرض؟ وما ظنكم بقلب دخله روح القرآن كيف تكون قوته وثباته. & ..............& فهذا الدعاء حاجتنا إليه كبيرة ومن علامات استجابة هذا الدعاء أن يشرح الله صدرك لكثرة قراءة القرآن ، والقيام به، وتدبره يتبع بإذن الله مع ... المُعين الثاني: " الترتيل"التعديل الأخير تم بواسطة أَمَةُ الله ; 25-11-15 الساعة 10:48 PM |
26-11-15, 02:53 PM | #19 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
& المُعين الثاني: الترتيل:
الترتيل: يعني الترسل والتمهل، والتأني حين القراءة ، مع مراعاة أحكام التجويد. قال تعالى: { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } (المزمل:4) & ..............& قال ابن كثير: أي اقرأه على تمهل فإنه يكون عونًا على فهم القرآن وتدبره. وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه. قالت عائشة رضي الله عنها: " كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها "رواه مسلم. وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يقطع قراءته آية آية : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } رواه أحمد. يتبع بإذن الله مع ... المُعين الثالث: "الجهر والتَّغَنِّي بالقراءة" |
26-11-15, 03:10 PM | #20 |
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|
& ..............&
&... المُعين الثالث: الجهر والتغني بالقراءة. الجهر: هو رفع الصوت بالقراءة. والتغني: هو التطريب والتلحين وتزيين الصوت بالقراءة وفق ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ " رواه البخاري. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ ، يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ" رواه البخاري ومسلم. ومعنى أذن: أي استمع. وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا - أَيِ اسْتِمَاعًا - لِلرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ " سنن ابن ماجه. & ..............& إن الجهر بما يدور في القلب أعون على التركيز والانتباه ولذلك تجد الإنسان يلجأ إليه قسرا عندما تتعقد الأمور ويصعب التفكير. إن البعض عند قراءته للقرآن يسر بقراءته طلبا للسرعة وقراءة أكبر قدر ممكن وهذا خطأ ومن الواضح غياب قصد التدبر في مثل هذه الحالة. والجهر درجات: أدناها أن يُسمع المرء نفسه، مع تحريك أدوات النطق من لسان وشفتين. وأعلاها أن يُسمع مَنْ قرب منه ، فما دونه ليس بجهر، وما فوقه يُعيق التدبر ويُرهق القارئ. ومما يضبط لك مقدار الجهر أن يكون كـقراءة الإمام بالصلاة. وكلما كان الصوت مشدودًا حيًا، كان أعون على التدبر وطرد الوساوس والأفكار المتطفلة على القلب أثناء القراءة. & ..............& & ... فوائد الجهر بقراءة القرآن: من فوائد الجهر بقراءة القرآن ما يلي: - استماع الملائكة الموكلة بسماع الذكر لقراءة القارئ. - هروب وفرار الشياطين عن القارئ والمكان الذي يقرأ فيه. يقول أبو هريرة -رضي الله عنه- : " الْبَيْتُ يُتْلَى فِيهِ كِتَابُ اللَّهِ كَثُرَ خَيْرُهُ ، وَحَضَرَتْهُ الْمَلائِكَةُ , وَخَرَجَتْ مِنْهُ الشَّيَاطِينُ ، وَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي لَمْ يُتْلَ فِيهِ كِتَابُ اللَّهِ ضَاقَ بِأَهْلِهِ ، وَقَلَّ خَيْرُهُ ، وَحَضَرَتْهُ الشَّيَاطِينُ ، وَخَرَجَتْ مِنْهُ الْمَلائِكَةُ " . & ..............& & ..كيفية التغني: التغني يحصل بالـتلحين وشد الصوت ، ألا نلاحظ المطربين كيف يتلاعبون بالعواطف ويسيلون الدموع بكلام غير مفهوم أو بكلام فاسد ، فكيف إذا كان مثل هذا التغني بكلام الله تعالى؟ . إن حسن الصوت له ارتباط قوي بخشوع القلب ، وبينهما تلازم كبير، فكل واحد منهما يؤثر في الآخر، فـخشوع القلب يؤدي إلى قوة التغني، وقوة التغني تؤدي إلى خشوع القلب وهكذا. والمتأمل لأحكام التجويد يجد أن معظم التغني يدور على أمرين هما: - المد. - والغنة. ولكل منهما مواضع وأحكام من ركز عليهما تحسنت قراءته كثيرا ، وأمكنه التغني بالقرآن ، وزيادة مستوى تدبره للقرآن. & ..............& يتبع بإذن الله مع ... المُعين الرابع: "العمل به"التعديل الأخير تم بواسطة أَمَةُ الله ; 26-11-15 الساعة 03:13 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|