العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة الفقه وأصوله

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-17, 04:53 PM   #11
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَنْسُوجٍ أَوْ مُمَوَّهٍ بِذَهَبٍ قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ، وَثِيَابُ حَرِيرٍ وَمَا هُوَ أَكْثَرُهُ ظُهُورًا عَلَى الذّكُورِ، لَا إِذَا اسْتَوَيَا، وَلِضَرُورَةٍ، أَوْ حِكَّةٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ قَمْلٍ، أَوْ جَرَبٍ، أَوْ حَشْوًا، أَوْ كَانَ عَلَمًا أَرْبَعَ أَصَابِعَ فَمَا دُونَ، أَوْرِقَاعًا، أَوْ لَبِنَةَ جَيْبٍ وسُجُفَ فِرَاءٍ، ويُكْرَهُ المُعَصْفَرُ وَالمُزَعْفَرُ لِلرِّجَالِ.

_________________________________
قوله: «على الذكور» يعني يحرم على الذكر استعمال منسوج بذهب أو مموه به، والمنسوج بذهب هو أن يكون فيه خيوط من الذهب تنسج، سواء كانت هذه الخيوط على جميع الثوب أو في جانب منه؛ كالطوق مثلًا أو طرف الكُمّ أو في أي موضع، ولباس الخالص من الذهب بالنسبة للرجل من باب أولى؛ كخاتم من ذهب أو قلادة.
وقوله: «مموه بذهب قبل استحالته» المطلي بالذهب حرام على الرجل، إلا إذا استحال هذا الذهب وتغير لونُه، وصار لو عرض على النار لم يحصل منه شيء، فهذا لا بأس به([1]).
وقوله: «ثياب حرير» أي الحرير الطبيعي دون الصناعي.
وقوله: «وما هو أكثره ظهورًا» أي: يحرم ثوب يكون الحرير أكثره ظهورًا على الذكور، ولو كان الحرير أقل فليس بحرام، مثل أن يكون فيه الحرير خطوطًا إذا نسبناها إلى ما معه من القطن أو الصوف وجدنا أنها الثلث، فالثوب حينئذ حلال اعتبارًا بالأكثر، فإن تساويا فليس بحرام أيضًا.
قوله: «ولضرورة» هذا عائد على الحرير أي: أو لبسه لضرورة، ومن الضرورة ألا يكون عنده ثوب غيره، ومن الضرورة أيضًا أن يكون عليه ثوب، ولكنه احتاج إلى لبسه لدفع البرد.
قوله: «أو حكة» أي: أنه إذا كان فيه حكة جاز لبسه الحرير، وكذا لو كان به «مرض» لا يشفى منه إلا إذا لبس الحرير، أو لبسه يهوِّن المرض عليه، والمرجع في ذلك إلى الأطباء.
قوله: «أو قمل» يقرص الإنسان ويتعبه، والحرير لليونته ونظافته ونعومته يطرد القمل؛ لأنه أكثر ما يكون مع الوسخ، وكذا لو كان به «جرب» ولو بلا حاجة.
قوله: «أو حشوًا» أي: يجوز أن يلبس الإنسان ثوبًا محشوًّا بالحرير، «أو كان عَلَمًا» والعلم معناه: الخط يطرز به الثوب، فإن كان فيه خط من الحرير فهو جائز، لكن بشرط ذكره أن يكون العلم «أربع أصابع فما دون» بأصابع إنسان متوسط وهذا يرجع فيه إلى الوسط.
ومراده في قوله سابقًا: «وما هو أكثره ظهورًا» إذا كان الثوب مشجَّرًا، أو إذا كان فيه أعلام أقل من أربعة أصابع، أما إذا كان علمًا متصلًا فإن الجائز ما كان أربعةأصابع فما دونها.
قوله: «أو رقاعًا أو لبنة جيب»الرقاع: جمع رقعة، أي: لو رقع الثوب بالحرير، فإنه يجوز بقيد أن يكون أربعة أصابع فما دون، وكذلك «لبنة الجيب» والجيب هو الذي يدخل معه الرأس، و«لبنة» هي: ما يوضع من حرير على هذا الطوق.
قوله: «وسجف فراء» الفراء: جمع فروة، وهي مفتوحة من الأمام، و«سجفها»أطرافها؛ فهذا لا بأس به، لكن بشرط أن يكون أربعة أصابع فما دون.
قوله: «ويكره المعصفر والمزعفر للرجال» والمزعفر – وهو المصبوغ بالزعفران- والمعصفر -وهو المصبوغ بالعصفر- يكرهان كراهة تنزيه، فالفقهاء المتأخرون إذا قالوا: يكره؛ فالمراد كراهة التنـزيه.


_________________________________
([1]) التمويه أن يُماع الذهب والفضة، ثم يُغمس فيه الإناء أو نحوه فيكتسب منه لونه، والتطعيم أن يجعل الذهب أو الفضة قطعًا بقدر حفر في الإناء ونحوه وتوضع فيها، والطلاء جعلها كالشريط ليجعلا في شبه حجارة تجعل في الإناء ونحوه ويضرب عليه حتى يلصق به. انظر: حاشية أبي بطين (1/25).



توقيع أم إبراهيم السلفية
[CENTER] [CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]وما من كــاتب إلا سيلقى .. .. .. كتابته وإن فنيت يـــداه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]فلا تكتب بحظك غير شيء .. .. .. يسرك في القيامة أن تراه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[/CENTER]
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-17, 04:54 PM   #12
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَمِنْهَا: اجْتِنَابُ النَّجَاسَاتِ، فَمَنْ حَمَلَ نَجَاسَةً لَا يُعْفَى عَنْهَا، أَوْ لَاقَاهَا بِثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِه لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ طَيَّنَ أَرْضًا نَجِسَةً، أَوْ فَرَشَهَا طَاهِرًا كُرِهَ وَصَحَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ بِطَرْفِ مُصَلًّى مُتَّصِلٍ بِهِ صَحَّتْ إِنْ لَمْ يَنْجَرَّ بِمَشْيِهِ، وَمَنْ رَأَى عَلَيْهِ نَجَاسَةً بَعْدَ صَلَاتِهِ، وَجَهِلَ كَوْنَهَا فِيهَا لَمْ يُعِدْ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ فِيهَا لَكِنْ نَسِيَهَا أَوْ جَهِلَهَا أَعَادَ، وَمَنْ جُبِرَ عَظْمُهُ بِنَجِسٍ لَمْ يَجِبْ قَلْعُهُ مَعَ الضَّرَرِ، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ مِنْ عُضْوٍ، أَوْ سِنٍّ فَطَاهِرٌ.

_________________________________
قوله: «ومنها اجتناب النجاسات» وهذا في البدن والثوب والبقعة، وقوله: «فمن حمل نجاسة لا يعفى عنها»كمن تلَطّخَ ثوبه بنجاسة فهذا حامل لها في الواقع؛ وكذا لو جعل النجاسة في قارورة في جيبه، كَمَنْ أَرَاد أن يُحَلِّلَ البراز أو البول([1]).
قوله: «أو لاقاها» أي: لاقى النجاسة، وإن لم يحملها كمن استند إلى جدار نجس.
قوله: «بثوبه أو بدنه لم تصح صلاته» فإن مس ثوبه شيئًا نجسًا، لكن بدون اعتماد عليه فلا يضر.
قوله: «وإن طين أرضًا نجسة»أي: كساها بالطين وإن سُمِّتت أو زُفّتَت فمثله «أو فرشها طاهرًا»-أي: فرش عليها شيئًا طاهرًا مثل: ثوب أو سجادة- وصلى على هذا الطين الذين كُسِيَتْ به هذه الأرض وهذا الفُرُش«كره وصحت» فصلاته تصح لعدم مباشرته النجاسة، وتكره لاعتماده على ما لا تصح الصلاة عليه.
والصحيح: أنها لا تكره؛ لأنه صلى على شيء طاهر يحول بينه وبين النجاسة ([2]).
قوله: «وإن كانت»النجاسة«بطرف مصلى متصل به صحت» كرجل صلّى على سجادة وطرفها نجس، وهذا الطرف متصل بالذي يصلي عليه، ولكنه لا يباشر النجاسة ولا يلاقيها؛ فصلاته صحيحة «إن لم ينجر بمشيه» أي إذا كانت النجاسة متصلة بشيء متعلق بهذا الرجل، فإن كانت تنجر بمشيه لم تصح صلاته؛ كرجل ربط حبلًا بيده أو ببطنه وربطه في رقبة كلب صغير، فهذا الرجل صلاته لا تصح؛ لأنه إذا مشى انجرَّ الكلب، فهو مستتبع للنجاسة الآن.
وإن كانت لا تنجر صحت صلاته كرجل ربط حبلًا بحجر كبير متلوث بالنجاسة وربط الحبل بيده أو على بطنه، فصلاته صحيحة؛ لأن الحجر الكبير لا تنجر بمشيه.
قوله: «ومن رأى عليه نجاسة بعد صلاته، وجهل كونها فيها لم يعد، وإن علم أنها كانت فيها لكن نسيها أو جهلها أعاد» أي: لا يدري أصابته وهو في الصلاة، أو بعد أن صلى، فلا إعادة عليه.
قوله: «ومن جبر عظمه بنجس لم يجب قلعه مع الضرر»كرجل انكسر عظمه فكسروا عظم كلب وجبروا به عظم الرجل فلا يجوز أن يصلي؛ لأنه حامل للنجاسة، فإن كان بحيث إذا قلعه تضرر وعاد الكسر، وربما لا يجبر فلا يجب قلعه؛ فإن كان قد غطاه اللحم لم يجب التيمم؛ لأنه غير ظاهر، وإن كان لم يغطه وجب التيمم؛ لأن النجاسة ظاهرة، هذا هو المذهب، والصحيح أنه لا يجب التيمم([3]).
قوله: «وما سقط منه»أي من الإنسان«من عضو»كإصبع أو ذراعأو ساق«أو سن فطاهر»إن أعاده في الحال، فلا يلزمه أن يزيله إذا أراد الصلاة.

_________________________________
([1]) قال ابن قاسم النجدي في حاشيته (1/532): «أي ولو كانت النجاسة مسدودة في القارورة، وهي ما يقر فيها الشراب ونحوه، أو يختص بالزجاج، فإذا حمل نجاسة بقارورة لم تصح صلاته لحمله النجاسة في غير معدنها، أشبه ما لو حملها في كمه، أو حمل آجرة باطنها نجس، أو بيضة فيها فرخ ميت، أو بيضة مذرة، أو عنقودًا من عنب حباته مستحيلة خمرًا، لم تصح صلاته، وصوبه في تصحيح الفروع، وقيل: تصح وفاقًا، للعفو عن نجاسة الباطن».

([2]) المذهب أنها تُكْرَه، كما في كشاف القناع (1/290)، وما صححه الشيخ رواية، كما في الإنصاف (1/484).

([3]) المذهب أنه يجب التيمم، كما في كشاف القناع (1/292)، وما صححه الشيخ قول ذكره في الإنصاف (1/489).
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-17, 04:55 PM   #13
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي مَقْبَرَةٍ، وَحُشٍّ، وَحَمَّامٍ، وَأَعْطَانٍ إِبِلٍ، وَمَغْصُوبٍ، وَأَسْطِحَتِهَا، وَتَصِحُّ إِلَيْهَا، وَلَا تَصِحُّ الْفَرِيضَةُ فِي الْكَعْبَةِ وَلَا فَوْقَهَا، وَتَصِحُّ النَّافِلَةُ بِاسْتِقْبَالِ شَاخِصٍ مِنْهَا.

_________________________________
قوله: «ولا تصح الصلاة في مقبرة» بتثليث الباء([1])«وحش» وهو المكان الذي يتخلى فيه الإنسان من البول أو الغائط «وحمام» وهو المغتسل، «وأعطان الإبل» جمع عطن، وهو ما تقيم فيه وتأوى إليه، سواء كانت مبنية بجدران أو محوطة بقوس أو أشجار أو ما أشبه ذلك([2])، «ومغصوب» فلو غصب إنسان من آخر أرضًا وصلى بها فصلاته لا تصح، والصحيح أنها تصح في المكان المغصوب مع الإثم([3]).
قوله: «وأسطحتها» يعني لا تصح في أسطحة هذه الأماكن.
قوله: «وتصح إليها» أي: تصح الصلاة إذا كانت هذه الأماكن في قبلتك، قالوا: وتكره إذا لم يكن هناك حائل ولو كمؤخرة الرَّحْل، ومؤخرة الرحل يكون نصف متر في نصف متر.
قوله:«ولا تصح الفريضة في الكعبة ولا فوقها» أي لا تصح داخلها ولا على سطحها، وأما النذر المقيد في الكعبة فيصح فيها وعليها، مثل: أن يقول: لله عليَّ نذر أن أصلِّي ركعتين في الكعبة، فتصح في الكعبة.
والصحيح في هذه المسألة أن الصلاة في الكعبة صحيحة فرضًا ونفلًا([4]).
قوله: «وتصح النافلة باستقبال شاخص منها»([5]) لابد أن يكون بين يديه شيء شاخص حتى في النافلة، والشاخص: الشيء القائم المتصل بالكعبة المبني فيها، وعلى هذا فلو صلى إلى جهة الباب وهو مفتوح، وهو داخل الكعبة لا تصح؛ فإن وضع لبنة أو لبنتين بين يديه لا تصح أيضًا؛ لأنها ليست منها، وليست متصلة، والمذهب صحة الصلاة فيها.


_________________________________
([1]) قال في الاختيارات: المطبوع مع الفتاوى الكبرى (5/327): «ولا تصح الصلاة في المقبرة ولا إليها، والنهي عن ذلك إنما هو سدًّا لذريعة الشرك، وذكر طائفة من أصحابنا أن القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة؛ لأنه لا يتناول اسم المقبرة، وإنما المقبرة ثلاثة قبور فصاعدًا. وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور، وهو الصواب؛ والمقبرة كل ما قُبِرَ فيه. لا أنه جمع قبر. وقال أصحابنا: وكل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور لا يصلى فيه».

([2]) وأما ما تبيت فيه الإبل أو تُنَاخ فيه لعلفها فلا يمتنع من الصلاة فيه؛ لأنه ليس بعطن. من حاشية أبي بطين (1/101).

([3]) المذهب أنها لا تصح، كما في كشاف القناع (1/295)، وما صححه الشيخ رواية، كما في الإنصاف (1/491).

([4]) المذهب عدم الصحة، كما في كشاف القناع (1/299)، وما صححه الشيخ رواية، كما في الإنصاف (1/496).

([5]) إذا كانت النافلة مما شرع لها الجماعة وكان فعلها داخلها مما تفوت به الجماعة وخارجها لا كان فعلها خارجها أفضل، وهذا مبني على قاعدة مهمة، وهي أن المحافظة على فضيلة متعلقة بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بمكانها، ومن هنا فُضِّلَ النفل في البيت لما فيه من الإخلاص والبعد من الرياء على النفل بالمسجد مع شرفه، وفضل الرمل مع بعده عن البيت على القرب بلا رمل. من حاشية أبي بطين (1/102).
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-17, 04:56 PM   #14
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَمِنْهَا: اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، فَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ إِلَّا لِعَاجِزٍ، وَمُتَنَفِّلٍ رَاكِبٍ سَائِرٍ فِي سَفَرٍ، وَيَلْزَمُهُ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ إِلَيْهَا، وَمَاشٍ يَلَزَمُهُ الِافْتِتَاحُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ إِلَيْهَا، وَفَرْضُ مَنْ قَرُبَ مِنَ الْقِبْلَةِ إِصَابَةُ عَيْنِهَا، وَمَنْ بَعُدَ جِهَتُهَا، فَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِيَقِينٍ، أَوْ وَجَدَ مَحَارِيبَ إِسْلَامِيَّةً عَمِل بِهَا.
وَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا فِي السَّفَرِ بِالْقُطْبِ، وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَنَازِلِهِمَا، وَإِنِ اجْتَهَدَ مُجْتَهِدَانِ فَاخْتَلَفَا جِهَةً، لَمْ يَتبعْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَيَتْبِعُ المُقَلِّدُ أَوْثَقَهُمَا عِنْدَهُ. وَمَنْ صَلّى بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ وَلَا تَقْلِيدٍ قَضَى إِنْ وَجَدَ مَنْ يُقَلّدُهُ، وَيَجْتَهِدُ العَارِفُ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ لِكُلّ صَلَاةٍ، وَيُصَلّي بِالثّانِي، وَلَا يَقْضِي مَا صَلّى بِالْأوَّلِ.


_________________________________
قوله:«ومنها استقبال القبلة»أي: من شروط الصلاة استقبال الكعبة.
قوله: «فلا تصح» الصلاة «بدونه» أي: استقبال القبلة «إلا لعاجز» مثل: أن يكون مريضًا لا يستطيع الحركة وليس عنده أحد يوجهه إلى القبلة، وكذا حال اشتداد الحرب، فيسقط استقبال القبلة، ومثل ذلك لو هرب الإنسان من عدو أو سيل أو حريق أو ما أشبه ذلك، وكذا يسقط استقبالها عن «متنفل راكب سائر في سفر»فخرج المفترض والماشي والمقيم ومن هو في حضر.
قوله: «ويلزمه»أي الراكب «افتتاح الصلاة إليها»أي: إلى الكعبة، ثم بعد ذلك يكون حيث كان وجهه([1]).
قوله: «وماش» معطوف على «راكب» يعني ويسقط استقبال القبلة عن متنفِّل مسافر يمشي على قدميه.
قوله: «ويلزمه»أي: الماشي: «الافتتاح والركوع والسجود إليها» أي: إلى القبلة، أما الراكب فلا يلزمه ركوع ولا سجود، وإنما يومئ إيماء، والصحيح أننا وإن جوَّزْنا للماشي التنفّلَ فإنه لا يلزمه الركوع والسجود إلى القبلة؛ لأن في ذلك مشقة عليه([2])..
قوله:«وفرض من قرب من القبلة إصابة عينها»أي يلزم من قرب من القبلة استقبال عين الكعبة، والقرب؛ أي من أمكنه مشاهدة الكعبة ففرضه استقبال عين الكعبة.
وظاهر كلامهم أن المراد الإمكان الحسِّيّ، وأنه إذا أمكنه المشاهدة حسًّا وجب عليه إصابة العين، وعلى هذا فمن كان في صحن المسجد، فاستقبال عين الكعبة عليه فرض.
وقوله: «من بَعُدَ، جِهَتُهَا» أي: من بعد عن الكعبة بحيث لا يمكنه المشاهدة، فعليه إصابة الجهة.
قوله: «فإن أخبره ثقة بيقين»أي يستدل على القبلة بمشاهدتها، أو بخبر ثقة لكن عن يقين؛ فلو أخبره ثقة بيقين -أي عن مشاهدة- رجل أو امرأة -ولا يشترط التعدد- أن هذه هي القبلة لزم الأخذ بقوله، فلو أخبره الثقة عن اجتهاد فإنه لا يُعْمَل بقوله وهو المذهب([3])، والصواب: أنه لو أخبره ثقة، سواء أخبره عن يقين أو عن اجتهاد فإنه يعمل بقوله([4]).
قوله:«أو وجد محاريب إسلامية»يستدل على القبلة بالمحاريب الإسلامية، ولو كانت غير إسلامية فلا يُعمل بها.
قوله: «ويستدل عليها في السفر بالقطب»وهذا دليل آفاقي، أي: دليل في الأفق، والقطب: نجم خفي جدًّا من جهة الشمال الشرقي بالنسبة للقصيم، قال العلماء: لا يراه إلا حديد البصر في غير ليالي القمر إذا كانت السماء صافية، لكن له جار بَيِّن واضِح، استَدَلّوا به عليه وهو الجَدي.
قوله: «والشمس والقمر»أي: الشمس والقمر يُسْتَدَل بهما على القبلة.
قوله: «ومنازلهما» أي: منازل الشمس والقمر، وهذه لا يعرفها إلا من تمرَّسَ وصار في البر، وليس حوله أنوار كهرباء بحيث يعرف هذه النجوم([5]).
قوله: «وإن اجتهد مجتهدان فاختلفا جهة»المجتهد في جهة القبلة هو: الذي يعرف أدلتها. والمقلد: فرضه التقليد، ولكن سبق أنه لابد أن يكون المقلد يخبر عن يقين على المذهب ([6])..
قوله:«لم يتبع أحدهما الآخر» فلا يجوز أن يتبع أحدهما الآخر، حتى ولو كان أعلم منه وأعرف، ما دام خالفه.
قوله: «ويتبع المقلد أوثقهما عنده» إذا اجتهد مجتهدان إلى القبلة وعندهما مقلد فيتبع أوثقهما، فإن تبع غير الأوثق مع وجود الأوثق فصلاته باطلة.
قوله: «ومن صلى بغير اجتهاد»إن كان يحسنه «ولا تقليد» إن كان لا يحسنه «قضى إن وجد من يقلده»؛ لأنه لم يأت بما يجب عليه، فكان بذلك مفرطًا؛ فيقضي ولو أصاب وهو المذهب؛ فإن لم يجد من يقلده وتحرى فإنه لا تلزمه الإعادة.
قوله: «ويجتهد العارف بأدلة القبلة لكل صلاة»العارف بأدلة القبلة هو: المجتهد؛ فإذا اجتهد مثلًا لصلاة الظهر، وتبين له أن القبلة أمامه ووضع العلامة على القبلة وصلى فصلاته صحيحة، فإذا جاء العصر لا يعتمد على الاجتهاد الأول، ويجب أن يعيد الاجتهاد مرة ثانية.والصواب أنه لا يلزمه أن يجتهد لكل صلاة ما لم يكن هناك سبب، مثل أن يطرأ عليه شك في الاجتهاد الأول، فحينئذ يعيد النظر([7]).
قوله: «ويصلي»أي: المجتهد «بالثاني» أي: بالاجتهاد الثاني «ولا يقضي ما صلى بالأول» أي: إذا تبين له خطؤه.


_________________________________
([1]) قال في الروض المربع بحاشية أبي بطين (1/102): «وراكب المحفة الواسعة والسفينة والراحلة الواقفة يلزمه الاستقبال في كل صلاته»، قال أبو بطين في الحاشية: «إلا ملاحًا فلا يلزمه استقبال القبلة لانفراده بتدبيرها».

([2]) المذهب أنه يلزمه ذلك، كما في كشاف القناع (1/304)، وما صححه الشيخ رواية، كما في الإنصاف (2/4).

([3]) انظر: شرح منتهى الإرادات (1/170).

([4]) وما صوبه قول ذكره في الإنصاف (2/10).

([5]) قال في الروض المربع: «ويستحب تعلم أدلة القبلة والوقت» قال ابن قاسم النجدي في حاشيته عليه (1/560): «وذهب إلى وجوبه على المسافر طائفة، قال في شرح الهداية: وهو متجه، ويحتمل ألا يجب فإن التباس جهة القبلة مما يندر، والمكلف إنما يتعين عليه ما يعم مسيس الحاجة إليه لا ما يندر».

([6]) سبق بيان هذا قريبًا.

([7]) المذهب ما ذكره المصنف، كما في شرح منتهى الإرادات (1/174).
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-17, 04:56 PM   #15
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَمِنْهَا النِّيَّةُ، فَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ عَيْنَ صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْفَرْضِ، وَالْأَدَاءِ، وَالْقَضَاءِ، وَالنَّفْلِ، وَالْإِعَادَةِ نِيَّتَهُنَّ، وَيَنْوِي مَعَ التَّحْرِيمَةِ، وَلَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا بِزَمَنٍ يَسيرٍ فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ قَطَعَهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ تَرَدَّدَ بَطَلَتْ، وَإِذَا شَكَّ فِيهَا اسْتَأنَفَ. وَإِنْ قَلَبَ مُنْفَرِدٌ فَرْضَهُ نَفْلًا فِي وَقْتِهِ المُتَّسَعِ جَازَ، وَإِنِ انْتَقَلَ بِنِيَّةٍ مِنْ فَرْضٍ إِلَى فَرْضٍ بَطَلَا.

_________________________________
قوله: «ومنها» الشرط التاسع والأخير من شروط الصلاة: النية، والثمانية السابقة هي: الإسلام، والعقل، والتمييز، ودخول الوقت، وستر العورة، والطهارة من الحدث، واجتناب النجاسة، واستقبال القبلة.
قوله: «فيجب»على من أراد الصلاة أن ينوي عينها إذا كانت معينة، فلو أراد أن يصلي الظهر فيجب أن ينوي صلاة الظهر، أو أراد أن يصلي الوتر فيجب أن ينوي صلاة الوتر؛ فلو نوى فرض هذا الوقت أو الصلاة مطلقًا فصلاته لم تسقط الفرض على المذهب ويؤجر عليها، فإن كانت غير معينة؛ كالنفل المطلق فينوي أنه يريد أن يصلي فقط بدون تعيين.
والذي يترجح عندي القول بأنه لا يُشْتَرَطُ التعيين فيهما، وأن الوقت هو الذي يعين الصلاة، وأنه يصح أن يصلي أربعًا بنية ما يجب عليه وإن لم يعينه([1]).
قوله: «ولا يشترط في الفرض»أي: لا يُشْتَرط في الفرض نية الفرض، كمن نوى صلاة الظهر لا يشترط أن ينوي أنها فرض، وكذا لا يشترط نية «الأداء والقضاء»وهو الذي فعل بعد وقته المحدد له شرعًا كصلاة الظهر، إذا نام عنها حتى دخل وقت العصر، وكذا لا يشترط نية «النفل»المطلق أو المعين «والإعادة» وهي ما فعل في وقته مرة ثانية، سواء كان لبطلان الأولى أو لغير بطلانها؛ فلا يشترط نية ما مضى اكتفاء بالتعيين.
قوله: «وينوي مع التحريمة»محل النية عند الصلاة أن تكون مقارنة للتحريمة، فإذا أراد أن يكبر كَبَّر، وهو ينوي في نفس التكبير أنها صلاة الظهر أو المغرب أو العشاء([2]).
قوله: «وله تقديمها بزمن يسير في الوقت» فلو نوى الصلاة قبل دخول وقتها ولو بزمن يسير، ثم دخل الوقت وصلى بلا نية فصلاته غير صحيحة.
قوله: «فإن قطعها»أي النية([3])«في أثناء الصلاة أو تردد»أي: تردد في القطع، مثاله: أن يسمع قارعًا يقرع الباب، فَيَتَرَدَّد أأقطع الصلاة أم أستمر؟ فإن الصلاة تبطل؛ لأن استمرار العزم شرط على المذهب([4]).
وقال بعض أهل العلم: إنها لا تبطل بالتردد؛ وذلك لأن الأصل بقاء النية، والتردد هذا لا يبطلها، وهذا القول هو الصحيح ([5]).
قوله: «وإذا شك فيها استأنف» أي: هل نوى أو لم ينو، أو شك هل نوى الصلاة المعينة أو لم ينوها ؟ فإنه يستأنفها.
حكم الانتقال من نية إلى نية:
قوله: «وإن قلب منفرد»فرضه «نفلًا في وقته المتسع جاز، وإن انتقل بنية فرض إلى فرض بطلا» كمن شرع يصلي العصر، ثم ذكر أنه صلى الظهر على غير وضوء، فنوى أنها الظهر فلا تصح صلاة العصر ولا صلاة الظهر، ولو انتقل من فرض إلى فرض بتحريمه، كأن ينتقل من العصر ويكبر للظهر؛ فتبطل صلاة العصر وتصح الظهر. وقوله: «بطلا» تسامح وتغليب، والصواب أن يقول: بطلت الأولى، ولم تنعقد الثانية.


_________________________________
([1]) المذهب وجوب التعيين، كما في شرح منتهى الإرادات (1/176)، وما رجحه الشيخ رواية، كما في الإنصاف (2/19).

([2]) والتلفظ بالنية ليس بشرط، قاله في الروض المربع، قال ابن قاسم النجدي في حاشيته (1/565): «أي فيستحب، والمنصوص عن أحمد وغيره خلافه، بل ذكر شيخ الإسلام أن التلفظ بها بدعة، لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولم ينقل عنه مسلم ولا عن أصحابه أنه تلفَّظَ قبل التكبير بلفظ النية، لا سرًّا ولا جهرًا ولا أمر بذلك؛ فلما لم ينقله أحد علم قطعًا أنه لم يكن، وقال: اتفق الأئمة أنه لا يشرع الجهر بها ولا تكريرها، بل من اعتاده ينبغي تأديبه، وكذا بقية العبادات، والجاهر بها مستحق للتعزير بعد تعريفه، لاسيما إذا آذى به أو كرره، والجهر بها منهي عنه عند الشافعي وسائر أئمة الإسلام، وفاعله مسيئ، وإن اعتقده دينًا خرج عن إجماع المسلمين، ويجب نهيه، وبعض المتأخرين خرج وجهًا من مذهب الشافعي، وغلطه جماهير أصحاب الشافعي، قال الشافعي: إن الصلاة لابد من النطق في أولها، فظن الغالط أنه أراد النطق بالنية، وإنما أراد التكبير، وقال ابن القيم: لم يكن صلى الله عليه وسلم هو ولا أصحابه يقولون: نويت... إلى آخره، ولم يرد عنهم حرف واحد في ذلك، وفي الإقناع: والتلفظ بها بدعة»، وانظر: الإقناع بشرحه كشاف القناع (1/87).

([3]) كأن يقصد خلاص خصم. انظر: حاشية أبي بطين (1/105).

([4]) انظر: شرح منتهى الإرادات (1/176).

([5]) وهو وجه كما في الإنصاف (2/24).
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-17, 04:57 PM   #16
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَتَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَالِائْتِمَامِ، وَإِنْ نَوَى المُنْفَرِدُ الِائْتِمَامَ لَمْ يَصِحَّ فَرْضًا، كَنِيَّةِ إِمَامَتِهِ فَرْضًا، وَإِنِ انْفَرَدَ مُؤْتَمٌّ بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ، وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَأمُومٍ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إِمَامِهِ؛ فَلَا اسْتِخْلَافَ، وَإِنْ أَحْرَمَ إِمَامُ الْحيِّ بِمَنْ أَحْرَمَ بِهِمْ نَائِبُهُ وَعَادَ النَّائِبُ مُؤْتَمًّا صَحَّ.

_________________________________
قوله: «وتجب نية الإمامة والائتمام» أي: يجب أن ينوي الإمام الإمامة، والمأموم الائتمام.
وهو شرط لصحة الصلاة على المذهب، فلو أتى شخص إلى إنسان يصلي فاقتدى به ونوى الائتمام به، وهذا الذي يصلي لم يعلم بأن أحدًا يصلي وراءه، وأنه إمام له فالمذهب أن صلاة الإمام جماعة لا تصح؛ لأنه لم ينو، والمأموم لا تصح صلاته أصلًا؛ لأنه نوى الائتمام بمن لم يكن إمامًا له.
والقول الثاني في المسألة: أنه يصح أن يأتم الإنسان بشخص لم ينو الإمامة وهو أصح([1]).
قوله: «وإن نوى المنفرد الائتمام لم تصح»كمن ابتدأ صلاته منفردًا، ثم حضرت جماعة فصلوا جماعة، فانتقل من انفراده إلى الائتمام بالإمام الذي حضر، فإن صلاته على المذهب لا تصح([2]).
والقول الثاني أنه يصح أن ينوي المنفرد الائتمام، وهو الصحيح([3]).
قوله: «كنية إمامته فرضًا» أي: كما لا يصح أن ينتقل المنفرد إلى إمامة في صلاة الفرض بأن صلى منفردًا؛ ثم حضر شخص أو أكثر، فقالوا: صل بنا، فنوى أن يكون إمامًا لهم.
وعلم من قوله أنه لو انتقل المنفرد إلى الإمام في نفل فإن صلاته تصح، والمذهب عدم الصحة في الفرض والنَّفْل.
قوله: «وإن انفرد مؤتم بلا عذر بَطَلَتْ» فإذا دخل المأموم مع الإمام في الصلاة، ثم طرأ عليه أن ينفرد فانفرد، وأتم صلاته منفردًا وانصرف؛ فإن كان لعذر كتطويل الإمام زائدًا على السنة فصحيح، وإن كان لغير عذر فغير صحيح.
وصلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام، ولهذا يتحمل الإمام عن المأموم أشياء كثيرة، منها: التشهد الأول إذا قام الإمام عنه ناسيًا، ومنها سترة الإمام سترة للمأموم، ولذلك «تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام» ولا يستثنى من ذلك شيء إلا إذا صلى الإمام محدثًا، ونسي أو جهل ولم يعلم بالحدث، أو لم يذكر الحدث إلا بعد السلام، فيلزمه الإعادة، ولا يلزم المأموم الإعادة.
وقوله: «فلا استخلاف» أي: فلا يستخلف الإمام من يتم بهم الصلاة بعد بطلان الصلاة؛ فإن أحس بالحدث مثلًا واستخلف قبل أن تبطل صلاته فهذا جائز، وهذا الذي ذهب إليه المؤلف هو المشهور من المذهب([4])، والقول الثاني في المذهب أنه يستخلف، وأن صلاة المأموم لا تبطل بصلاة الإمام([5]).
وإذا انتقل الإنسان من إمامة إلى ائتمام صَحَّت صلاته في صور؛ منها: «إن أحرم»شخص بقوم نائبًا عن«إمام الحي» أي الراتب الذي تخلف، ثم حضر إمام الحي فتَقَدَّم إلى المحراب فنائبه يتأخر إن وجد مكانًا في الصف؛ وإلا بقي عن يمين الإمام؛ فهنا ينتقل الإمام النائب من إمامة إلى ائتمام وهذا جائز.

_________________________________
([1]) المذهب ما ذكره المصنف، كما في شرح منتهى الإرادات (1/178)، وما صححه الشيخ رواية، كما في الإنصاف (2/28).

([2]) انظر: شرح منتهى الإرادات (1/179).

([3]) وهو رواية، كما في الإنصاف (2/29).

([4]) انظر: شرح منتهى الإرادات (1/181).

([5]) انظر: الإنصاف (2/33).
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-17, 04:59 PM   #17
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

بَابُ صِفَةِ الصَّلاةِ

يُسَنُّ الْقِيَامُ عِنْدَ (قَدْ) مِنْ إِقَامَتِهَا، وَتَسْوِيَةُ الصَّفِّ، وَيَقُولُ: «اللهُ أَكْبَرُ» رَافِعًا يَدَيْهِ، مَضْمُومَتَي الْأَصَابِعِ، مَمْدُودَةً حَذْوَ مِنْكَبَيْهِ كَالسُّجُودِ، ويُسْمِعُ الإِمَامُ مَنْ خَلْفَهُ كَقِرَاءَتِهِ فِي أُولَيَيْ غَيرِ الظّهْرَيْنِ، وَغَيْرَهُ نَفْسَهُ، ثُمَّ يَقْبِضُ كُوعَ يُسْرَاهُ تَحْتَ سُرَّتِهِ، وَيَنْظُرُ مَسْجِدَهُ، ثمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، ثُمَّ يَسْتَعِيذُ وَيُبَسْمِلُ، سِرًّا، وَلَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ.


_________________________________
صفة الصلاة: أي الكيفية التي تكون عليها.
قوله: «يسن»للمأموم «القيام عند (قد) من إقامتها» أي إذا قال المقيم: «قد قامت الصلاة».
هذا إذا رأوا الإمام، فإن لم يروه انتظروا حتى يروا الإمام، ويسن أيضًا «تسوية الصف» بحيث لا يتقدم أحد على أحد، والمعتبر المناكب في أعلى البدن والأكعب في أسفل البدن، والقول الراجح في هذه المسألة وجوب تسوية الصف، وأن الجماعة إذا لم يسووا الصف فهم آثمون ([1]).
قوله: «ويقول»المصلي بلسانه لا بقلبه: «الله أكبر» وهذا ركن لا تنعقد الصلاة بدونه، ولو قال: «الله الأجل، أو الله أجل، أو الله أعظم» أو ما شابه ذلك فإنه لا يجزئ.
قوله: «رافعًا يديه» أي: يقول ذلك في حال رفع يديه حذاء كتفيه([2])«مضمومتي الأصابع» يعني يضم بعضها إلى بعض «ممدودة» غير مقبوضة «حذو منكبيه» هما الكتفان، فيكون منتهى الرفع إلى الكتفين؛ «كالسجود»أي: كما يفعل في السجود إذا سجد؛ فإنه يجعل يديه حذو منكبيه.
قوله: «ويُسمع الإمام من خلفه» فإن كان من خلفه واحدًا فالصوت الخفي يكفي، وإن كان من خلفه جمعًا فيستحب رفع الصوت، وإذا كان لا يسمع صوته من وراءه استعان بمبلّغ يبلغ عنه.
قوله: «كقراءته في أوليي غير الظهرين» أي كما يسمع القراءة في أوليي غير الظهرين، وهما الظهر والعصر.
قوله: «وغيره نفسه» أي: ويسمع المأموم والمنفرد نفسه؛ يعني يتكلم وينطق بحيث يسمع نفسه، فإن أبان الحروف بدون أن يسمع نفسه لم تصح قراءته وتكبيره وفي التكبير لا تنعقد صلاته، ويشترط لوجوب إسماع نفسه ألا يكون هناك مانع من الإسماع، فلو كان يصلي وحوله أصوات مرتفعة فيكفي أن ينطق بحيث يسمع نفسه لولا المانع.
قوله: «ثم يقبض كوع يسراه» أي: بعد التكبير ورفع اليدين يقبض كوع يسراه من حين أن ينزلهما من الرفع، بحيث تكون يده اليمنى واليسرى «تحت سرته، وينظر»أي الإمام والمأموم والمنفرد «مسجده» أي موضع سجوده.
قوله: «ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك»وهاتان الجملتان جامعتان للتنـزيه والإثبات، «وتبارك اسمك»اسم مفرد مضاف فيشمل كل اسم من أسماء الله، «وتعالى جَدّك» تعالى: أي ارتفع ارتفاعًا معنويًّا، والجد بمعنى العظمة، «ولا إله غيرك» هذه هي كلمة التوحيد التي أرسل بها جميع الرسل.
ولا يُستفتح في صلاة الجنازة على المشهور من المذهب.
قوله: «ثم يستعيذ»وفائدة الاستعاذة: ليكون الشيطان بعيدًا عن قلب المرء،«ثم يبسمل» أي: يقول: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}«سرًّا»يعني إذا كانت الصلاة جهرًا.
«وليست»البسملة«من الفاتحة».


_________________________________
([1]) المذهب أنه يسن، كما في شرح منتهى الإرادات (1/182-183)، وما رجحه الشيخ هو اختيار الشيخ تقي الدين، كما في الإنصاف (2/39).

([2]) المراد باليدين هما الكفان؛ فلو قطعت يده من الكوع رفع الساعد ومن المرفق رفع العضد. انظر: حاشية أبي بطين (1/109).
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-17, 04:59 PM   #18
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، فَإِنْ قَطَعَهَا بِذِكْرٍ، أَوْ سُكُوتٍ غَيْرِ مَشْرُوعَيْنِ وَطَالَ، أَوْ تَرَكَ مِنْهَا تَشْدِيدَةً، أَوْ حَرْفًا، أَوْ تَرْتِيبًا لَزِمَ غَيْرَ مَأمُومٍ إِعَادَتُهَا، وَيَجْهَرُ الْكُلّ بِآمِينَ في الجَهْرِيَّةِ، ثُمَّ يَقْرَأ بَعْدَهَا سُورَةً تَكُونُ فَي الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ المُفَصَّلِ، وَفِي المَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِقِرَاءَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ.

_________________________________
قوله: «ثم يقرأ الفاتحة» سُمِّيَتْ فاتحة؛ لأنه افتتح بها المصحف في الكتابة، ولأنها تفتح بها الصلاة في القراءة، ولابد أن يقرأها كاملة مرتَّبَةً بآياتها وكلماتها وحروفها وحركاتها، فلو قرأ ست آيات منها لم تصح، ولو أسقط «الضالين» أو أسقط حرفًا لم تصح، ولو أخلف الحركات فإنها لا تصح إن كان اللحن يحيل المعنى، وإلا صحت، ولا يجوز أن يتعمد اللحن وإن كان لا يحيل المعنى.
قوله: «فإن قطعها بذكر» بأن قال:{الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَيِن} ثم جعل يثني على الله سبحانه وتعالى: سبحان الله والحمد لله... ثم قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}فهذا غير مشروع، وكذا لو قطعها بـ«سكوت» وذلك إذا طال أحدهما، فيجب عليه الإعادة، ذلك إذا كان الذكر أو السكوت «غير المشروعين» فإن كانا مشروعين، كما لو قطعها ليسأل الله أن يكون من الذين أنعم الله عليهم، أو سكت لاستماع قراءة إمامه، وكان يعلم أن إمامه يسكت قبل الركوع سكوتًا يتمكن معه أن يكملها فإن هذا مشروع لا يضر ولو طال.
قوله: «أو ترك منها تشديدة» كترك تشديدة الباء من قوله: «رب العالمين» وإنما لم يصح؛ لأن الحرف المشدد عن حرفين، فإذا ترك التشديد أنقص حرفًا.
قوله: «أو حرفًا» وهذا يقع كثيرًا من الذين يدغمون بسبب إسراعهم في القراءة فلا تصح.
قوله: «أو ترتيبًا» أي أخل بترتيبها، فإنها لا تصح.
قوله: «لزم غيرَ مأموم إعادتها»أي لزمت إعادتها على غير مأموم؛ لأن قراءة الفاتحة في حق المأموم ليست بواجبة، فلو تركها المأموم عمدًا لم يلزمه إعادتها، أما المنفرد فيعيدها من أولها إن فعله متعمدًا([1])، ويبني إن لم يكن عن تعمد.
فإن أبدل الضاد في قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} بالظاء، فالمشهور من المذهب أنها تصح.
قوله: «ويجهر الكل بآمين في الجهرية» أي المنفرد، والمأموم والإمام بالجهرية، ومعنى آمين:اللهم استجب، قال الفقهاء: فإن شدد الميم بطلت الصلاة؛ لأن معناها حينئذ «قاصدين»([2]).
وقوله: «ثم يقرأ بعدها» أي بعد الفاتحة، فلا تُشرع القراءة قبل الفاتحة، فلو نسي وقرأ السورة قبل الفاتحة أعادها بعد الفاتحة.
قوله:«سورة» أي لا بعض السورة، ولا آيات من أثناء السورة، والذي نرى أنه لا بأس أن يقرأ الإنسان آية من سورة في الفريضة وفي النافلة([3]).
قوله: «تكون في الصبح من طوال المفصل» أي تكون السورة في صلاة الصبح من طِوال المفصل، والمفصل ثلاثة أقسام: من {ق} إلى {عم} طوال، ومن {عم} إلى (الضحى) أوساط، ومن (الضحى) إلى آخره قصار، وسمي مفصلًا لكثره فواصله، لأن سوره قصيرة.
قوله:«وفي المغرب من قصاره»هذا هو الأفضل، «وفي الباقي من أوساطه».
وقوله: «لا تصح الصلاة» عام يشمل الفريضة والنافلة «بقراءة خارجة عن مصحف عثمان»ومصحف عثمان - رضي الله عنه - هو الذي جمع الناس عليه في خلافته، وقد نقل إلينا نقلًا متواترًا، لكن هناك قراءات خارجة عن هذا المصحف، وهي قراءات صحيحة ثابتة عمن قرأ بها عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنها تعتبر عند القراء اصطلاحًا شاذة، وإن كانت صحيحة.


_________________________________
([1]) كذا قال في الروض المربع: «إعادة الفاتحة فيستأنفها إن تعمد»، قال أبو بطين في حاشيته عليه (1/112): «قوله: (إن تعمد... إلخ) مفهومه أنه إذا لم يتعمد لم يعد، وهذا صحيح فيما إذا رجع إلى قطع الموالاة في الفاتحة، وأما إذا رجع إلى ترك التشديد أو حرف فلا يصح؛ فإنه لا فرق بين ترك ذلك عمدًا أو غيره، وعلى كل حال في هذا القيد احتمال يجب تمييزه، وهو أن يقال: إن كان من جهة قطع الموالاة في قراءة الفاتحة نظرنا؛ إن كان القطع عمدًا أعادها، وإلا لم يعدها وبنى، وأما إذا كان ترك تشديدة أو حرفًا أعاد الفاتحة بكل حال إن فاتت الموالاة، وإلا أعاد الكلمة، والله أعلم».

([2]) كذا نص في المنتهى بحاشية ابن قائد (1/210)، قال أبو بطين في حاشية الروض المربع (1/112): «مع أنه في شرح الشذور لابن هشام حكى ذلك لغة فيها عن بعضهم».

([3]) المندوب على المذهب سورة كاملة، كما في شرح منتهى الإرادات (1/191)، وفي كشاف القناع أنه تجزئ آية، قال: «إلا أن الإمام أحمد استحب أن تكون الآية طويلة كآية الدين وآية الكرسي»، قال: «والظاهر عدم إجزاء آية لا تستقل بمعنى أو حكم؛ نحو: «ثم نظر»، «مدهامتان». انظر: كشاف القناع (1/342).
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-17, 05:00 PM   #19
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّرًا، رَافِعًا يَدَيْهِ، وَيَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُفْرَّجَتَيِ الْأَصَابِعِ مُسْتَوِيًا ظَهْرُهُ، وَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ قَائِلًا إِمَامًا وَمُنْفَرِدًا: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَبَعْدَ قِيَامِهِمَا: [رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ] وَمَأمُومٌ في رَفْعِهِ: [رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ ] فَقَطْ، ثُمَّ يَخِرُّ مُكَبِّرًا سَاجِدًا عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ: رِجْلَيْهِ، ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ جَبْهَتِهِ مَعَ أَنْفِهِ، وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ لَيْسَ مِنْ أَعْضَاءِ سُجُودِهِ.

_________________________________
قوله: «ثم يركع» الركوع هو الانحناء في الظهر«مكبرًا»؛ أي: بعد القراءة يركع مكبرًا في حال هُويه إلى الركوع، فلا يبدأ قبله ولا يؤخره حتى يصل إلى الركوع، ويكون «رافعًا يديه» مع ابتداء الركوع «ويضعهما»أي كفيه «على ركبتيه» معتمدًا عليهما، وليس مجرد لمس، بحيث تكونا «مفرجتي الأصابع» يعني لا مضمومة، بل مفرجة كأنه قابض ركبتيه، ويكون المصلي «مستويًا ظهره» والاستواء يشمل استواء الظهر في المد واستواءه في العلو والنـزول، يعني لا يقوس ظهره ولا يهصره حتى ينـزل وسطه، ولا ينـزل مقدم ظهره، بل يكون ظهره مستويًا.
والمشهور من المذهب: أنه ينحني بحيث يمكن أن يمس ركبتيه بيديه إذا كان وسطًا، يعني إذا كانت يداه ليستا طويلتين ولا قصيرتين.
قوله: «ويقول»في ركوعه«سبحان ربي العظيم» ومعنى التسبيح: التنـزيه، والعظيم أي في ذاته وصفاته([1])، وظاهر قول المؤلف: أنه لا يزيد عليها شيئًا؛ فلا يقول على المشهور من المذهب: «وبحمده» ([2])، ولكن المشروع أن يقولها أحيانًا؛ لأن ذلك قد جاءت به السنة([3]).
قوله: «ثم يرفع رأسه» أي وظهره -والرفع من الركوع ركن- «قائلًا إمامًا ومنفردًا: سمع الله لمن حمده» فلا يقال قبل الرفع ولا يؤخر لما بعده.
قوله: «وبعد قيامهما»أي الإمام والمنفرد يقولانربنا ولك الحمد، ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد»، ويقول «مأموم» في حال الرفع: ربنا ولك الحمد «فقط» فلا يزيد على ذلك، والصحيح أنه يزيد ما جاءت به السنة([4]).
وقوله:«ثم يخر»ولا يرفع يديه«مكبرًا ساجدًا على سبعة أعضاء: رجليه، ثم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته مع أنفه»وأفادنا المؤلف بالنص الصريح أن الركبتين مقدمتان على اليدين في السجود.
ويسجد على الأرض «ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده» كثوب وغترة ومشلح، وما كان من جنس الأرض، وما كان من غير جنسها؛ فهو عام، لكن لابد أن يكون طاهرًا، ولا يجوز أن يسجد على حائل من أعضاء السجود؛ بأن يضع جبهته على كفيه مثلًا، أو يضع يديه بعضهما على بعض.
فإن رفع عضوًا من أعضائه حال سجوده يدًا أو رجلًا أو نحوهما فإن كان في جميع حال السجود فسجوده لا يصح، وإن كان في أثناء السجودفالعبرة بالأعم والأكثر، فإذا كان الأعم والأكثر أنه ساجد على الأعضاء السبعة أجزأه، وعلى هذا فيكون الاحتياط: ألا يرفع شيئًا، وليصبر حتى لو أصابته حكة في يده مثلًا، أو في فخذه، أو في رجله فليصبر حتى يقوم من السجود.
ومن عجز عن السجود بالجبهة لم يلزمه بغيرها، فإذا كان يستطيع أن يومئ بحيث يكون إلى السجود التام أقرب منه إلى الجلوس التام فهذا لا يلزمه أن يسجد ببقية الأعضاء، فيدنو من الأرض بقدر ما يمكنه ثم يضع يديه.


_________________________________
([1]) قال في الإقناع بشرحه كشاف القناع (1/350): «وإذا رفع رأسه من الركوع فذكر أنه لم يسبح في ركوعه لم يعد إلى الركوع إذا ذكره بعد اعتداله؛ فإن عاد إليه فقد زاد ركوعًا تبطل به الصلاة بعمده؛ فإن فعله ناسيًا أو جاهلًا لم تبطل ويسجد للسهو» قال في كشاف القناع بعده: «أي وجوبًا؛ لأنه زيادة فعلية».

([2]) انظر: كشاف القناع (1/347)؛ حيث قال: «والأفضل الاقتصار عليها من غير زيادة: «وبحمده»، وهو المذكور في مطالب أولي النهى (1/445)، ولكنه قال في شرح منتهى الإرادات (1/194): «والأفضل عدم الزيادة عليه؛ فإن زاد: «وبحمده» فلا بأس».

([3]) وهو رواية، كما في الإنصاف (2/60).

([4]) المذهب ألا يزيد عليه، كما في شرح منتهى الإرادات (1/196)، وما صححه الشيخ رواية، كما في الإنصاف (2/64) أنه يزيد: «ملء السماء... إلى آخره».
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-17, 05:01 PM   #20
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

وَيُجَافِي عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ، وَيُفَرِّقُ رُكْبَتَيْهِ، وَيَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى».

_________________________________
قوله: «ويجافي»المصلي الساجد«عضديه عن جنبيه»يعني يبعدهما حتى لو شاءت أن تمر البهيمة -وهي صغار الغنم- من تحته لمرَّت من شدة مجافاته، ويستثنى من ذلك ما إذا كان في الجماعة وخشي أن يؤذي جاره فإنه لا يستحب له.
ويجافي أيضًا «بطنه عن فخذيه»أي: يرفعه عن فخذيه، وكذلك أيضًا يرفع الفخذين عن الساقين.
«ويفرق ركبتيه» أي: لا يضم ركبتيه بعضهما إلى بعض، وكذلك يفرق رجليه؛ لأن القدمين تابعتين للساقين والركبتين، فإذا كان السنة تفريق الركبتين، فلتكن السنة أيضًا تفريق القدمين، والذي يظهر من السنة أن القدمين تكونان مرصوصتين ([1]) ،وإذا طال السجود فإنه يعتمد على فخذيه إذا شق عليه طول السجود.
قوله: «ويقول سبحان ربي الأعلى» أي: حال السجود يقول ذلك.


_________________________________
([1]) نص في كشاف القناع (1/353) على أنه يفرق بين ركبتيه ورجليه.
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[إعلان] صفحة مدارسة فقه الصلاة // قديم لبنى أحمد فقه الصلاة 57 01-01-14 01:34 PM
إعلان: دورة في شرح باب:صلاة التطوع ــ كتاب الصلاة من متن زاد المستقنع غـسـق أنشطة القاعات الصوتية 0 17-10-11 08:35 PM
الدليل إلى المتون العلمية أمةالله المتون العلمية 58 17-01-08 10:11 PM


الساعة الآن 04:43 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .