العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ > دورات بين دفتي كتاب (انتهت)

الملاحظات


دورات بين دفتي كتاب (انتهت) بَيْنَ دِفَّتَي كِتَابٍ مشروع علمي في قراءة كتاب مختار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-08-07, 02:23 PM   #11
أم البراء
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها
افتراضي

في انتظار أجوبتــــــــكم ..

1 - للطاعات مواسم متفاضلة وأيام وأوقات . اذكري بعضها .

2 - فيما تكون العزيمة ؟

3 - قال الحسن " من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره " ما الفوائد المستخرجة من هذا القول ؟



توقيع أم البراء
معهد أم المؤمنين خديجة
رضي الله عنها ..
أنت أغلى ما أملك ..~
أم البراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-08-07, 02:57 PM   #12
ضوء الحياة
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 30-04-2007
المشاركات: 513
ضوء الحياة is on a distinguished road
افتراضي



1 - للطاعات مواسم متفاضلة وأيام وأوقات . اذكري بعضها .
شهر رمضان المبارك .. وست من شوال .. وعشر ذي الحجة وليلة القدر ويوم عرفة واليوم العاشر من محرم .. وغيرها من الأيام والساعات المباركة .

2 - فما تكون العزيمة ؟
العزيمة لا تكون إلا فيما لا تألفه النفس ولا ترغبه ولا تحبه فتحتاج إلى مجاهده في معرفة فضله وبعده مجاهدة النفس في إرادات العجز والكسل .

3 - قال الحسن " من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره " ما الفوائد المستخرجة من هذا القول ؟
في هذه المقولة البسيطة العديد من المعاني العظيمة .. فهو يوجهنا أن نسعى السعي الحثيث في مسابقة أهل الخير والفضل ومسابقتهم في كل أمر فيه طاعة لله وامتثالاً لأوامره حتى نصل إلى الفوز برضوانه سبحانه وجنته .. أما من ينافسنا في أمر دنيوي فعلينا أن نتركها له ولا نصرف طاقتنا على التنافس معه فيها ..




توقيع ضوء الحياة

قال صلى الله عليه وسلم :
" إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ،
فاتقوا الله ، وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله ،
فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته "
ضوء الحياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-08-07, 05:22 PM   #13
أم البراء
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها
افتراضي

القاعدة الرابعة



نبذ البطالة والبطالين ومصاحبة ذوي الهمم




ليس هناك أشأم على السائر إلى الله من البطالة وصحبة البطالين، فالصاحب ساحب، والقرين بالمقارّن يقتدي.


(والبرهان الذي يعطيه السالكون علامة لصدقهم أنهم يأبون غلا الهجرة والانضمام إلى القافلة ويذرون كل رفيق يثبطهم ويزين لهم إيثار السلامة، ينتفضون ويهجرون كل قاعد، ويهاجرون مع المهاجرين إلى الله، ويطرحون أغلال الشهوات وحب الأموال عن قلوبهم)( ).


ولما أراد قاتل المائة أن يتوب حقًا قيل له: اترك أرضك فإنها أرض سوء واذهب إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم. متفق عليه. فلابد لمن أراد تحصيل المغفرة من شهر رمضان أن يترك المُخْلِدين إلى الأرض ويزامل ذوي الهمم العالية كما قال الجنيد: سيروا مع الهمم العالية.


وقد أمر الله خير الخلق صلى الله عليه وسلم بصحبة المجدّين في السير إلى الله وترك الغافلين فقال عز من قائل : { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا }، وقال عز وجل: { وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}، وقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ
الصَّادِقِينَ }.

فلو صحب الإنسان من يظنون أن قيام الساعة من الليل إنجاز باهر فهو مغبون لن يعْدُو قدره، بل سيظل راضيًا عن نفسه مانًّا على ربه بتلك الدقائق التي أجهد نفسه فيها ولكنه لو رأى الأوتاد من حوله تقف الساعات الطوال في تهجد وتبتل وبكاء (وهم مُتَقَالُّونْهَا) فأقل أحواله أن يظل حسيرًا كسيرًا على تقصيره مرددًا.


أنا العبد المخلَّفُ عن أُناسٍ حوَوْا من كل معروفٍ نصيبا


ونبذ البطالة هجيري الناسك في كل زمان، وقد قيل: الراحة للرجالة غفلة.


وقال شعبة بن الحجاج البصري أمير المؤمنين في الحديث: لا تقعدوا فُراغًا فإن الموت يطلبكم.
وقال الشافعي: طلب الراحة في الدنيا لا يصح لأهل المروءات، فإن أحدهم لم يزل تعبان في كل زمان.
وقيل لأحد الزهاد: كيف السبيل ليكون المرء من صفوة الله؟ فقال: إذا خلع الراحة وأعطى المجهود في الطاعة.


وقيل للإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة؟ فقال: عند أول قدم يضعها في الجنة.


أما البحث عن ذوي الهمم والمروءات وأصحاب السرِّ مع الله فهي بُغية كل مخلص في سيره إلى الله، قال زين العابدين: إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه.


وقال الحسن البصري: إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا، لأن أهلنا يُذّكّروننا بالدنيا وإخواننا يُذّكّروننا بالآخرة، قال شاعر:

لعمرك ما مالُ الفتى بذخيرة ولكنَّ إخوان الثقات الذخائرُ


وكان من وصايا السلف انتقاء الصحة، قال الحسن البصري: إن لك من خليلك نصيبًا، وإن لك نصيبًا من ذكر من أحببت، فاتقوا الإخوان والأصحاب والمجالس.


فاجتهد أيها الأريب باحثًا عن أعوان المسير أصحاب الهمم العالية، ابحث عنهم في المساجد بالضرورة، اسأل عنهم في مجالس التقاة، لا تستبعد المفاوز لتصل إليهم ولو اقتضى الأمر أن تعلن في الصحف السيارة.


(مطلوبٌ : معينٌ على الخير في شهر رمضان)


يا له من إعلان ..

مع هذه الصحبة تتحاثون على تدارك الثواني والدقائق، تحاسبون أنفسكم على الزفرات والأوقات الغاليات، لو فرط أحدكم في صلاة الجماعة وجد من يستحثه على عقاب نفسه كما كان يفعل ابن عمر.
ترى البطالين يصلون التراويح سويعة ثم يسهرون ويسمرون ويسمدون وتضيع عليهم صلاة الفجر { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا }.

لا أيها الرشيد، تعال أخبرْك بحال من اجتمعوا على السير إلى الله: أوقاتهم بالذكر وتلاوة القرآن معمورة، مساجدهم تهتز بضجيج البكاء من خشية الله، تراهم ذابلين من خوف الآخرة، وعند العبادة تراهم رواسي شامخات كأنهم ما خلقوا إلا للطاعة، ليس في قاموسهم: فاتتني صلاة الجماعة، دع عنك أصل الصلاة، تراهم في قيامهم وقعودهم مطأطئين على حياء من الله يقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.


ليلهم، وما أدراك ما ليلهم؟ نحيب الثكالى يتوارى عند نشيجهم { كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ } صلاتهم في ظلام تُجلِّلُ بأنوار الكرامة، فهم في حللها يتبخترون، وببهاء مناجاتهم لربهم يتيهون، محى استغفار الأسحار سخائم قلوبهم، فهم في نعيم الأنس يتقلبون، وبلذيذ الخطاب يستمتعون، وهذا (الحفظي) يخبرنا:


والجنيـد يقول طاحـتْ كل عِلْــمٍ وإشــارهْ
ورسـوماتٌ تلاشـتْ وانمحـت تلك العبـارهْ
وركيعـات توالـتْ سحـرًا فيهـا البشـارهْ
ورأينـا فـي المـآل ذلك الكنـز الدّفينـا
فـاز من قـام الليالي بصلاة الخـاشـعـينا


واعلم أيها النبيه إن من تمام سعيك لتحصيل المغفرة من شهر رمضان أن تبحث لك عن شيخ مربّ أريبٍ، قد يكون ظاهرًا أو خفيًا، قد يكون عالمًا أو طالب علم، ولكنك من لحظه ولفظه تعلم أنه صاحب سرّ مع الله، ومثل هؤلاء يشتهر أمرهم غالبًا بين الناس، وإن بالغوا في التخفي فلن تعدم من يدلك عليهم إذا أكثرت التسأل عنهم.


وشرط انتفاعك بهم أن يكونوا من أهل السنة والنسك السلفي، فهؤلاء هم أمنة الأمة وهداتها.
ومثل هؤلاء تنتفع بهديهم ودلهم وسمتهم وبفعالهم قبل أقوالهم، تراهم في الصلاة نموذجًا للرهبوت والتبتل والتنسك، تكبيرتهم في الصلاة وإن خفتت بها أصواتهم فكأنها صرخة في مجرات الكون بحقيقة أكبرية الله.


ركوعهم وسجودهم رمز السجود لكل الكائنات، إذا أبصرت عيناك عبادتهم وددت لو سبحت الخليقة كلها بتسبيحهم، ولعلها تفعل، أما قال الله عن داود: { إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ }.


اللهم إنا نسألك صحبة الصالحين وألحقنا بهم في جنات النعيم.
***
أم البراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-08-07, 04:15 PM   #14
أم البراء
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها
افتراضي

القاعدة الخامسة





إعداد بيان عن عيوبك وذنوبك المستعصية
وعاداتك القارة في سويداء فؤادك لتبدأ
علاجها جديا في رمضان وكذا إعداد
قائمة بالطاعات التي ستجتهد في
أدائها لتحاسب نفسك بعد ذلك عليها




قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا" رواه البخاري.


لأن همة أبناء الآخرة تأبى إلا الكمال، وأقل نقص يعدونه أعظم عيب، قال الشاعر:


ولم أر في عيوب الناس عيبًا كنقص القـادرين على التمـام


وعلى قدر نفاسة الهمة تشرئب الأعناق، وعلى قدر خساستها تثَّاقل إلى الأرض، قال الشاعر:


على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم


وهذا رد على من يقول: ومن لنا بمعصوم عن عيب غير الأنبياء ويردد:


من ذا الذي ترجى سجاياه كلها كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه


فإن هذه القاعدة في التعامل مع الناس، أما معاملة النفس (أيها الأريب) فهي مبنية على التهمة، وعلى طلب الكمال وعدم الرضا بالدون:


فإذا كانت النفوس كبارًا تعبت في مرادها الأجسامُ


فذاك السالك دومًا يستكمل عناصر الإيمان، كلما علم أن ثمة ثلمة، يعزم لذلك عزمة (تأمل) فإذا شرع في الاستكمال، أدرك ضرورة الصفاء فيه، وأن يرفأ ويرتُق بجنس ما وهبه الله من خير آنفًا لئلاً يفضحه النشاز (وجود العيب مع خصال الحُسن) فيعزم لذلك عزمة أخرى فثالثلة تستدعي رابعة في نهضات متوالية حتى يصيب مراده( ) (أي استكمال عناصر الإيمان).


هذه العزمات المتوالية تستحثها في كل زمان، ولكن قد يتسرطن عيب ويتجذر ذنب وتتأصل عادة، ولا يجدي مع مثل هذا أساليب علاج تقليدية، إنما هي عملية جراحية استئصالية تتطلب حميةً متوفرة في شهر رمضان، وهِمةً شحذتها قبيل هذا الزمان المبارك، فما بقي إلا أن تضع مبضع العزيمة الحاد وبجلد وصبر على آلام القطع تستأصل تلك الأورام الناهشة في نسيج إيمانك وتقواك، لا تستعمل أي مخدر، فإن شأن المخدر أن يسافر بك في سمادير السكارى وأوهام الحيارى، فتفيق دون أن تدري بأي الورم لم يُستأصل بكامله، بل بقيت منه مُضغةٌ متوارية ريثما تتسرطن ثانية فإذا كنت مدخنًا أو مبلتى بالنظر أو الوسوسة أ والعشق فبادر إلى تقييد كل هذا البلاء وابدأ العمليات الجراحية في شهر رمضان ولا تتذرع بالتدرج الذي سميناه مخدرًا، بل اهجر الذنب وقاطع المعصية وابتُر العادة ولا تجزع من غزارة النزيف وشدة الآلام، فإنه ثمن العلاج الناجح، وضرورة الشفاء البات الذي لا يغادر سقمًا.
ووجه كون شهر رمضان فرصة سانحة لعلاج الآفات والمعاصي والعادات، إنه شهر حمية أي امتناع عن الشهوات (طعام وجماع) والشهوات مادة النشوز والعصيان، كما أن الشياطين فيه تصفّد وهم أصل كل بلاء يصيب ابن آدم، أضف إلى ذلك: جماعية الطاعة، حيث لا يبصر الصائم في الغالب إلا أمةً تصوم وتتسابق إلى الخيرات فتضعف همته في المعصية وتقوى في الطاعة، فهذه عناصر ثلاثة مهمة تتضافر مع عزيمة النفس الصادقة للإصلاح فيتولّد طقس صحي وظروف مناسبة لاستئصال أي داء.


وقبل كل ذلك وبعده لا يجوز أن ننسى ونغفل عن ديوان العتقاء والتائبين والمقبولين الذي يفتحه الرب جل وعلا في هذا الشهر، وبنظرة عابرة إلى جمهور المتدينين تجد بداياتهم كانت بعبرات هاطلة في سكون ليلةٍ ذات نفحات من ليالي رمضان.


وما لم تتحفّز الهمم لعلاج الآفات في هذا الشهر لن تبقى فرصة لأولئك السالكين أن يبرأوا، فمن حرم بركة رمضان ولم يبرا من عيوب نفسه فيه، فأي زمان آخر يستظل ببركته.


وفي صحيح ابن خزيمة أن جبريل قال: "من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل آمين، فقلت: "أي النبي صلى الله عليه وسلم قال: آمين". الحديث صحيح.


وروى البطراني بسند ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم : "بعدًا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له، إذا لم يفغر له فمتى؟" قال: وروى الطبراني بإسناد فيه نظر عن عبادة بن الصامت مرفوعًا: "أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحُطُّ الخطايا ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرًا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله" الحديث.


أما استحضار أنواع الطاعات وتقييدها وتوطين العزيمة على أدائها في رمضان فهو من أهم ما يُستعدُّ له في هذا الشهر، وعلى هذا الأصل تحمل كل النصوص الواردة في فضل رمضان والاجتهاد فيه، فمعظمها صريح أو ظاهر في أنه قيل قبل رمضان أو في أوله.


ويمنّي بعض الخياليين نفسه بأماني العزيمة التي لا تعدو أن تكون سرابًا يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا.


فنراه يحلم أحلامًا وردية بأن يجتهد في هذا الشهر اجتهادًا عظيمًا، وتراه يرسم لنفسه صور الحلال وأُبهة الولاية، فإذا ما هجم الشهر، قال المسكين: اليوم خمر، وغدًا أمر.


ولو أن هؤلاء كانت لهم قبل شهر رمضان جولات في ميادين الاجتهاد في الطاعة لأنسوا من نفوسهم خيرًا لكنهم طمعوا في نوال القُرب ولما يستكملوا زاد المسير كمثل من ذهب إلى السوق بلا مال فلا يجهد إذا نفسه في المساومة بل يقال له: تنكب لا يقطرك الزحام.


لما قال أنس بن النضر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، ثم رووا لنا أنهم وجدوه في أحُد صريعًا به بضع وستون ما بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، علمنا ما أضمر الرجل.


ولما قال ذلك الصحابي: يا رسول الله ما بايعتك إلا على سهم يدخل ههنا فأدخل الجنة، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : "إن تصدُق الله يصدقُكُ" ثم رووا أن السهم دخل من موضع إشارته، علمنا ما عزم عليه الرجل


على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغُر في عين العظيم العظائم
أم البراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-08-07, 11:27 PM   #15
أم البراء
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها
افتراضي

افتقــــدتك..


هذه أسئلة القاعدة الرابعة والخامسة ..



- اذكري دليلا على أمر الله خير الخلق r بصحبة المجدّين في السير إلى الله وترك الغافلين .
- ما هي العناصر الثلاثة التي ذكرها الكاتب لاصلاح النفوس قبل رمضان؟
- إن تصدق الله يصدقك ..اذكري المثالين الذين ذكرهما الكاتب .
- تحدثي عن دور الصحبة في التقرب إلى الله عزوجل .
- ماذا استفدت من الخمس القواعد الأولى ..

في انتظار أجوبتكم لنبدأ بالقاعدة السادسة عزيزاتي ..
أم البراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-07, 01:12 AM   #16
ضوء الحياة
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 30-04-2007
المشاركات: 513
ضوء الحياة is on a distinguished road
افتراضي

وأنا اشتقت لكِ ..

اذكري دليلا على أمر الله خير الخلق صلى الله عليه وسلم بصحبة المجدّين في السير إلى الله وترك الغافلين .
[وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا] {الكهف:28}

- ما هي العناصر الثلاثة التي ذكرها الكاتب لإصلاح النفوس قبل رمضان؟
هذا السؤال ما عرفت أجاوب عليه

- إن تصدق الله يصدقك ..اذكري المثالين الذين ذكرهما الكاتب .
قصة أنس بن النظر ..حين غاب عن غزوة بدر وأتى للرسول صلى الله عليه وسلم .. وقال : غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، ثم رووا لنا أنهم وجدوه في أحُد صريعًا به بضع وستون ما بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم
وقصة الصحابي الذي أتى للرسول صلى الله عليه وسلم وقال : ما بيعتك إلا على سهم يدخل ها هنا فأدخل الجنة . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن تصدق الله يصدقك " وحين أتى القتال وجدوه وقد دخل السهم في الموضوع الذي أشار له .

- تحدثي عن دور الصحبة في التقرب إلى الله عز وجل .
صحبة تقودك لنور الإيمان بحبها وصدقها .. وصحبه تسحبك إلى ملذات الدنيا ودنوها ..
هنا نحن سنسأل .. فنحن من اختار الصاحب وسار معه في ذات الطريق .. فصديق الخير يقود للخير ولمتابعة الطاعات والتزود بها والتنافس على السبق ..
اللهم أتمم علي صحبتي التي أحب فيك وأحفظها من كل شر ..


- ماذا استفدت من الخمس القواعد الأولى ..
حين أدع الفكر يبحر في حروف وتجارب الآخرين .. أجدني أمام حقيقة هامة .. ( أنا من سأحاسب على فعلي .. وأنا المسئولة عن ذاتي .. متى رفعتها ارتفعت .. ومتى هبطت بها ستنزل إلى الدرك الأسفل )
وهنا يجب علي وعلى بقية أخوتي في الله أن نعلم أننا قادرون على المضي في بناء الذات وفق ما أمر الله .. والأمر لا يحتاج إلا قليل من صبر وصدق عزيمة وتوكل على الله سبحانه وطلب العون منه ..

سنصل حين نشعر بأننا مسئولون ..


ضوء الحياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-07, 03:53 PM   #17
أم البراء
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها
افتراضي

القاعدة السادسة
الإعداد للطاعة ومحاسبة النفس عليها




واعلم أن الاستعداد للطاعة ومحاسبة النفس عليها وظيفتان متباينتان، لكنهما متداخلتان أي يتعاقبان ويتوارد أحدهما على الآخر.


أما الإعداد للعمل فهو علامة التوفيق وأمارة الصدق في القصد، قال تعالى: { وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً }، والطاعة لابد أن يُمهَّد لها بوظائف شرعية كثيرة حتى تؤتي أكلها ويُجتبني جناها، وخاصة في شهر رمضان حيث تكون الأعمال ذات فضل وثواب وشرف مضاعف لفضل الزمان.


فصلاة الجماعة لابد أن تسبق بإحسان الوضوء ونية صادقة حسنة في تحصيل الأجر وزيارة الله عز وجل في بيته وتعظيم أمره والبدار في تلبية ندائه (حي على الصلاة) والمسارعة في سماع خطابه والالتذاذ بمناجاته ولقائه.


فعن أبي هريرة عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "صلاة الرجل في جماعة تَضعُفُ صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يُخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يُحدث، تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في الصلاة ما انتظر الصلاة" متفق عليه.


ويحتفُّ بهذا الإعداد في التطهر والنيات إعدادٌ نفسي للقْيا الله عز وجل، ويكون ذلك بأمور منها: ترداد الأفكار الشرعية الواردة عند الخروج من البيت والمشي إلى المسجد فإنها مهمة في حضور القلب ومنها عدم فعل ما يتنافى مع الوقار والطمأنينة أثناء المشي إلى المسجد كتشبيك الأصابع وكثرة التلفت والتطلع إلى المارة وزخارف وزهرة الدنيا (وخاصة في هذه العصور) وعدم الإسراع والسعي، وذلك أن المشي إلى الصلاة جزء هام ممهد للخشوع في الصلاة، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة" متفق عليه، وفي رواية لمسلم: "فإن أحدكم إذا كان يعمدُ إلى الصلاة فهو في صلاة" ، ولا ينبغي أن يكثر من الضحك قبل الصلاة وبعدها فإنه يذهب لذة الخشوع ويقسي القلب ويحول بينه وبين الشعور بثمرة الطاعة.


وعند دخول المسجد لابد أن يدخله معظمًا مظهرًا الوجل من مهابة المكان وصاحبه، فإن المساجد منازل الرحمة ومهابط البركات، لذا شرع أن يقول الداخل إلى أي مسجد: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم.


فإذا دخل المسجد شرع في السنة الراتبة أو النافلة ريثما يقام للصلاة، وأهمية هذه السنة أو النافلة تكمن في تهيئتها وتمهيدها للفريضة لكمال الحضور فيها.


ثم يشرع في صلاة الفريضة مستحضرًا ما سنذكره عن وسائل تحصيل لذة الطاعة في الصلاة.
ومن جنس هذا الاستعدادُ لصلاة التراويح فإنها من أعظم العبادات في ليالي رمضان، ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وعن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئًا من الشهر حتى بقي سبعٌ فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا قيام هذه الليلة (أي قمت بنا الليلة كلها)، قال: فقال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له قيام الليلة" رواه أبو داود بإسناد صحيح.

ويشكو كثير من المواظبين على قيام الليل في رمضان من عدم لمسهم لثمرة هذه الصلاة مع اعتقادهم بأهميتها وسعيهم لبلوغ الغاية من أدائها.


والحق أن هذه الصلاة المهمة كغيرها تحتاج إلى إعداد وتهيئة، فيلزم الراغب في الانتفاع من صلاة التراويح إقلال الطعام للغاية، ويحبَّذ أن يأتي المسجد وفي بطنه مسُّ من جوع، فإنه مثمر جدًا في حضور القلب، وينبغي عليه أن يتطهر جيدًا ويلبس أحسن الثياب ويأتي الصلاة مبكرًا، وقبيح جدًا أن تفوته صلاة العشاء، فهذا دليل الحرمان وعدم الفقه في الدين، فإن صلاة العشاء في جماعة تعدل قيام نصف ليلة كما في الحديث، فوق كونها فريضة والله عز وجل يقول في الحديث القدسي: "وما تقرب إليّ عبدي بأحب إليّ مما افترضته عليه" رواه البخاري.

ثم يستحضر القدوم على الله والوفادة إليه وانتهاز فرصة التعرض لرحمته ومغفرته والعتق من النار، ويذهب إلى المسجد يدفعه الشوق والرغبة في الفضل، ويكدره الحياء من الله وخوف الرد والإعراض، ويطلب مساجد أهل السنة حتى يُوهَبَ للصالحين إن كان من غير المقبولين ثم يستحضر ما ذكرناه من وظائف عند الدخول في الصلاة وأثنائها.


أما محاسبة النفس على الطاعات فهذا من أنفع الوظائف التي يقوم بها العابدون في شهر رمضان، والأصل أن المحاسبة وظيفة لازمة للسالك طريق الآخرة، ولكنها تتأكد وتزداد في هذا الشهر.


والمحاسبة معناها: فحصُ الطاعة ظاهرًا وباطنًا، وأولاً وآخرًا، بحثًا عن الثمرة ليعرف مأتاها فيحفظَه، وقدرها فينميه، ووصولاً للنقص سابقًا، ليتداركه لاحقًا.


والمحاسبة تكون قبل العمل وأثناءه وبعده.

أما قبله فبالاستعداد له واستحضار ما قصّر فيه حتى يتلافاه، وأثناءه بمراقبة العمل ظاهرًا وباطنًا أوله وآخره، والمحاسبة بعد العمل بإعادة ذلك العمل.


وهذه المحاسبة إذا واظب عليها المرء صارت مسلكًا لا يحتاج إلى تكلّف ومعالجة وسيجد غِبَّ هذه المحاسبة وثمرتها تزايدًا في مقام الإحسان الذي سعى إليه كل السالكون وهي أن يعبد الله كأنه يراه.
ومثل هذه المحاسبة ينبغي أن تكون في الخفاء، يحاور نفسه وهواه ويعالج أي قصور بِلوم نفسه وتقريعها وعقابها على كسلها وخمولها.


ولا يُنصح بمداومة الاعتماد على أوراد المحاسبة الشائعة، وقد اختلف فيها الناس على طرفين، فمنهم من جعلها وسيلة دائمة للتربية، وطريقة ناجحة لتقويم النفس، ومنهم من بالغ ومنع منها مطلقًا واصفًا إياها بالبدعة، والحق التوسط، نعم هي وسلة لم ترد عن سلف هذه الأمة لكن تشهد لها نظائر في الشرع مثل عد التسبيح بالحصى ونحو ذلك مما ثبت عن الصحابة والتابعين، ثم إننا لا نقول بجواز الاعتماد على تلك الأوراد في كل الأحايين بل ننصح بها في بداية السير وأيضًا لا نُلزم بها أحدًا، ولكن من عوّل عليها في بداية سيره لكون نفسه متمردةً شمُوسًا فنرجو ألا يكون ثمة حرج، شرط عدم توالي اعتماده عليها.


والصواب تنشئة النفس على دوام المحاسبة الذاتية والمراقبة الشخصية، وتعويدها على العقاب عند الزلل، فإن هذا من شأنه أن ينقّي العبادة من أي حافز خارجي دخيل على النية الصالحة كرغبة في تسويد ورقة المحاسبة أو نحو ذلك. وقال الحفظي:


شـارط النفس وراقب لا تكـن مثل البهائـم
ثم حاسـبها وعاتـب وعلـى هـذا فـلازم
ثم جاهدها وعاقـب هكذا فعـل الأكـارم
لم يزالوا في سـجالِ للنـفـوس محاربـيـنا
فاز من قام الليـالي بصــلاة الخاشعـيـنا




***
أم البراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-07, 03:57 PM   #18
أم البراء
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها
افتراضي

القاعدة السابعة
مطالعة أحكام الصوم وما يتعلق بشهر رمضان

وهذا من أكد الواجبات، فمفتاح السعادة ومنشور الولاية مرهون بالعلم الصحيح النافع الممهّد للعمل الصالح، وليس ثمة عمل صالح بدون علم نافع.


والعم النافع ينادي على صالح العمل فإن أجابه وإلا ارتحل، وكما وجب على المصلي تعلم ما يقيم به صلاته وعلى المزكّي ما يخرج به زكاته وهلم جرا… فيقبح قبحًا شرعًا أن يتعرض الناسك لأجل مواسم الطاعات وهو مفلس من طرائق المنافسة فقيرًا في زاد المعاملة.


ولابد من معرفة أحكام الصوم وأعذاره وأركانه ومبطلاته ومباحاته وأحكام صلاة التراويح والاعتكاف، وفي حق المرأة أن تتعلم أحكام الصوم في حق الحائض والمستحاضة والنفساء والصوم في حق الحامل والمرضع.


وننصح بالكتب الآتية في تحصيل أحكام الصيام منها مع عدم الامتناع عن سؤال أهل العلم ومراجعتهم عند المشكلات:


1- "زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن القيم (باب: هديه صلى الله عليه وسلم في الصوم).

2- "صفوة الكلام في مسالك الصيام" لأبي إدريس محمد عبد الفتاح (رسالة مختصرة).

3- "فقه السنة" للشيخ سيد سابق مع تمام المنة في التعليق على فقه السنة للشيخ الألباني.
وتجنب أيها الأريب التصدر للفتيا والتبرع بالإفادات حال كونك لست من أهل هذا الشأن، فإنه مشأمة لك ومظلمة لغيرك.

ومما تتأكد مطالعته ما يتعلق بفقه المعاملة مع الرب وما ينبغي فعله في المواسم، وننصح بكتاب "لطائف المعارف" للحافظ ابن رجب رحمه الله.


***




القاعدة الثامنة

إعداد النفس لتذوق عبادة الصبر


قال تعالى: { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }.


فبعض الخليقة تجعل من مواسم الطاعة مرتعًا لنيل اللذات بكل أنواعها، وهو مرتع وخيم على صاحبه، إذ به يخرج من الشهر كما دخل بل أفسد، وتزداد المسافة بينه وبين حقيقة قصد الآخرة، وتتكاثف غيوم الشهوات حائلة بينه وبين الوصول إلى الله.


وإذا كان شهر رمضان هو شهر الصوم والصبر فما أحرانا أن نتذوق حقيقة الصبر لنتذوق حقيقة الصوم.


وأمامك أيها الساعي إلى الخيرات في هذا الشهر صبر عن المحارم، وصبر على الطاعات، ومع ذلك كله صبر على كل بلية تنالك.


وأنواع الصبر هذه هي أوسمة الولاية وقلادات الإماماة في الدين.


كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنما تُنال الإمامةُ في الدين بالصبر واليقين، واستدل بقول تعالى: { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }.


قال ابن القيم رحمه الله( ): "فإنه لا خلاف بين أهل العلم أن أظهر معاني الصبر: حبس النفس على المكرمة وأنه من أصعب المنازل على العامة وأوحشها في طريق المحبة، وإنما كان صعبًا على العامة لأن العامي مبتدئ في الطريق وليس له دربة في السلوك وليس تهذيب المرتاض بقطع المنازل، فإذا أصابته المحن أدركه الجزع وصعب عليه احتمال البلاء وعز عليه وجدان الصبر لأنه ليس في أهل الرياضة فيكون مستوطنًا للصبر، ولا من أهل المحبة فيلتذ بالبلاء في رضا محبوبه…)أهـ.


مما نقلته لك تعلم أيها الحريص على النجاة أن شهر رمضان ميدانك الرحب لتمارس رياضة الصبر وأنت مُعانٌ في كل فجِ.


فعين الله تصنعك، والأبالسة في أصفادها ترمقك، ونفسك ستراها إلى الخير وثابة وعن الشر هيّابة، فلم يبق إلا أن تعالج الخطرات والوساوس الوالجات في حنايا قلبك، ليت شعري ما أشبه قلبك بالمريض في غرفة العناية المركزة، إنه محروم من كل طعام يفسد دورة علاجه، بل محروم من مخاطبة أقرب الأقربين لتتفرغ أجهزة جسمه للانتعاش واسترداد العافية، ثم إنه يتنفس هواءً معقمًا خاليًا من كل تلوث، وتدخل في شرايينه دماء نقية لتمده بأسباب القوة، ويقاس نبضه ودرجة حرارته كل حين ليتأكد الطبيب من تحسن وظائف جسمه، فما أحرى هذا القلب السقيم الذي أوبقته أوزاره، وتعطن بالشهوات، وتلوث بالشبهات، وترهل بمرور الشهور والدهور دون تزكية وتربية، ما أحراه أن يدخل غرفة العناية المركزية في شهور رمضان، فتكون كل إمدادات قوته مادة التقوى وإكسير المحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وطاعتهما.


فلتصدر مرسومًا على نفسك أن تلزم جناب الحشمة في هذا الشهر أمام شهوة البطن وغيره، فإن أعلنت عليك التمرد فلا تتردد في فرض الأحكام الاستثنائية وأصدر قرارًا باعتقال هذه النفس الناشز وأدخلها سجن الإرادة حتى تنقاد لأوامرك إذا صدرت، فإن ازداد تمردها وتجرأت في ثورتها فألهب ظهرها بسياط العزيمة وعنفها على مخالفتها أمرك وعصيانها إرادتك، فإن أبت إلا الشرود فلوّح لها بحكم الإعدام وأنها ليست عليك بعزيزة، فإن تمنعت إدلالاً وطمعًا في عطفك فلابد من تنفيذ حكم الإعدام في ميدان العشر الأواخر بحبسها في معتكف التهذيب حتى تتلاشى تلك النفس المتمردة وتفنى، وتتولد في تلك الليالي والأيام نفس جديدة وادعة مطمئنة تلين لك عند الطاعات إذا أمرتها، وتثور عليك عند المعاصي إذا راودتها، فقد وُلدت ولادة شرعية في مكان وزمان طاهرين ونشأت وتربَّت في كنف الصالحين، فلن تراها بعد ذلك إلا على الخير.



إنها ولادةٌ لنفس ذات إمامة في الدين، تنشأت على مهد الولاية، وترفِّت في سلك الرهبوت والتبتل.


***
أم البراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-07, 06:26 PM   #19
أم البراء
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها
افتراضي

هذه أسئلة القاعدة السادسة والسابعة والثامنة ...

- تعتبر صلاة التراويح من أعظم العبادات في ليالي رمضان . اذكري دليلا على ذلك.
- ما الأمور التي تساعد على التهيئة ولإعداد الصحيح لصلاة التراويح .
- ما معنى المحاسبة؟
- متى تكون المحاسبة وكيف؟
- اذكري أدلة على أن الصبر يعتبر من أوسمة الولاية وقلادات الدين في الإمامة ؟


بارك الله فيكن وسدد الرحمن خطاكن ..
أم البراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-07, 10:00 PM   #20
أم البراء
~ وقــف لله ~
حفيدة خديجة رضي الله عنها
افتراضي

القاعدة التاسعة



كيفية تحصيل حلاوة الطاعات



أما كون الطاعة ذات حلاوة فيدل له قوله صلى الله عليه وسلم : "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً"( )، وقوله صلى الله عليه وسلم : "ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار"( )، ولما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الوصال قالوا: إنك تواصل، قال: "إني لست كهيئتكم، إني أُطعم وأُسقى"( )، وفي لفظ: "إني أظل عند ربي يُطعمني ويسقيني"( )، وفي لفظ: "إن لي مُطعمًا وساقيًا يسقيني"( )، قال ابن القيم: وقد غلُظَ حجاب من ظن أن هذا طعام وشراب حسي للفم، ثم قال: والمقصود أن ذوق حلاوة الإيمان والإحسان أمر يجده القلب تكون نسبته إليه كنسبة ذوق حلاوة الطعام إلى الفم.أهـ.


واعلم أولاً أيها السالك في مرضاة إلهك أن كلمات القوم في هذا الباب رسوم، وإرشاداتهم في هذا الباب عموم، ولا تبقى إلا الحقيقة الثابتة في نفسها، وهذه لا ينالها إلا من أناله الله إياها، ومن ذاق عرف، فكن من هذا على ذكر، لأننا سنسوق إليك كلامًا لا يفهمه غليظ الحجاب كثيف الرين، فإن استعصى عليك الفهم فلن نبادر إلى اتهام صلتك بالله، بل نقول أتمم قراءة الباب ونفذ ما سنوصيك به ثم أعد قراءة هذه السطور فإن وجدت الأمر كما وصفنا فاحمد الله الذي أذاقك طعم الإيمان وحلاوة الطاعة.
بدءًا يجب أن تعلم (أن الفكر لا يُحَدُّ واللسان لا يصمت، والجوارح لا تسكن، فإن لم تشغلها بالعظائم شُغلت بالصغائر وإن لم تُعملها في الخير عملتْ في الشر.


إن في النفوس ركونًا إلى اللذين والهين ونفورًا عن المكروه والشاق، فارفع نفسك ما استطعت إلى النافع الشاق وروّضها وسُسها على المكروه الأحسن، حتى تألف جلائل الأمور وتطمح إلى معاليها، وحتى تنفر عن كل دنية وتربأ عن كل صغيرة، علِّمها التحليق تكره الإسفاف، عرِّفها العزة تنفر من الذل، أّذِقْها اللذات الروحية العظيمة تحقر اللذات الحسية الصغيرة) ( ).


ودومًا نلح على علو الهمة باعتبارها عنصرًا جوهريًا في أي سعي عظيم، وأي سعي أعظم من سعي الآخرة، قال تعالى: { وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا }.


ثم اعلم- علمت كل خير- أن حلاوة الطاعة ملاكها في جمع القلب والهم والسر على الله ويفسره ابن القيم قائلاً: هو عكوف القلب بكليته على الله عز وجل، لا يلتفت عنه يمنة ولا يسرة، فإذا ذاقت الهمة طعم هذا الجمع اتصل اشتياق صاحبها وتأججت نيران المحبة والطلب في قلبه.. ثم يقول: فلله همةُ نفس قطعت جميع الأكوان وسارت فما ألقت عصا السير إلا بين يدي الرحمن تبارك وتعالى فسجدت بين يديه سجدة الشكر على الوصول إليه، فلم تزل ساجدة حتى قيل لها: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي }، فسبحان من فاوت- بين الخلق في- هممهم حتى ترى بين الهمتين أبعد ما بين المشرقين والمغربين بل أبعد مما بين أسفل سافلين وأعلى عليين، وتلك مواهب العزيز الحكيم: { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } ثم يقول: وهكذا يجد لذة غامرة عند مناجاة ربه وأنسًا به وقربًا منه حتى يصير كأنه يخاطبه و يسامره، ويعتذر إليه تارة ويتملقه تارة ويثني عليه تارة حتى يبقى القلب ناطقًا بقوله: (أنت الله الذي لا إله إلا أنت) من غير تكلف له بذلك بل يبقى هذا حالاً له ومقامًا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه"( )، وهكذا مخاطبته ومناجاته له، كأنه بين يدي ربه فيسكن جأشه ويطمئن قلبه فيزداد لهجًا بالدعاء والسؤال، تذللاً لله الغني سبحانه، وإظهار لفقر العبودية بين يدي عز الربوبية، فإن الرب سبحانه يحب من عبده أن يسأله ويرغب إليه، لأن وصول بره وإحسانه إليه موقوف على سؤاله، بل هو المتفضل به ابتداءًا بلا سبب من العبد ولا توسط سؤاله، بل قدَّر له ذلك الفضل بلا سبب من العبد، ثم أمره بسؤال والطلب منه إظهارًا لمرتبة العبودية والفقر والحاجة واعترافًا بعز الربوبية وكمال غنى الرب وتفرده بالفضل والإحسان، وأن العبد لا غنى له عن فضله طرفة عين، فيأتي بالطلب والسؤال إتيان من يعلم أنه لا يستحق بطلبه وسؤال شيئًا، ولكن ربه تعالى يحب أن يُسأل ويُرغب إليه ويطلب منه.. ثم قال: فإذا تم هذا الذل للعبد: تم له العلم بأن فضل ربه سبق له ابتدءًا قبل أن يخلقه، مع علم الله سبحانه ربه وتقصيره وأن الله تعالى لم يمنعه علمه بتقصير عبده أن يقدر له الفضل والإحسان، فإذا شاهد العبد ذلك اشتد سروره بربه وبمواقع فضله وإحسانه، وهذا فرح محمود غير مذموم قال الله تعالى: { قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } أهـ( ).


وهذا كلام راقٍ يحتاج إلى تَرْدادٍ لفهمه، وتجْوالٍ في حنيا نظمه:

فأدِمْ جرَّ الحبالِ تقطع الصخر الثَّخينا



ولكننا لا ندعك للرسوم والإشارات وعموم تلك العبارات، بل نَلِجُ بك إلى واقع عملي تكابد به حقائق الخدمة، وتتجلى لك من ورائه دقائق علم السلوك، فتستغني- أيها النابه العابد- بالمثال الواحد عن ألف شاهد.


فهاك جملة من الطاعات التي يؤديها كل الناس، ولننظر كيف يجب أن تؤدي وتقام.


***
أم البراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ملف كامل عن شهر شعبان .... رقية مبارك بوداني روضة الفقه وأصوله 25 20-06-13 05:22 PM
الدليل إلى المتون العلمية أمةالله المتون العلمية 58 17-01-08 10:11 PM
أحاديث غير صحيحة عن فضل الأضحية !!! بشـرى روضة السنة وعلومها 3 27-12-06 07:38 AM


الساعة الآن 03:07 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .