"(مسافر مع القرآن )"

[رقية مبارك بوداني]

بسم الله ، والحَمدُ لله ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسول الله .. وبعد ،

السَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُه ،،


القُرآنُ ، وما أدراكَ ما القُرآن !
كلامُ الرَّحمَن ، وشِفاءُ الأرواح والأبدان .
الماهِرُ به مع الملائكةِ الكِرام ، وتاليه له أُجورٌ بكُلِّ حَرفٍ يتلوه .
فهنيئًا لِمَن قرأه وتدبَّره ، وعاش معه بقلبه وبدنه ، وجعله نِبراسَ حياته .

فشدُّوا العَزم يا أحِبَّة ، وخُذُوا قرارًا جادًّا بحِفظِهِ وإتقانِهِ .

وهُنا سأعرِضُ لكم بعضَ القواعِدِ والأسرار التي تُعينُنا - بإذن اللهِ -
على حِفظِ كتاب اللهِ تعالى وتثبيتِه وإتقانِه ،
والتي فرَّغتُها مِن حلقات برنامج ( مُسافِر مع القُرآن )
للشيخ / فهد الكندري .

لم تُعجبني الموسيقى في البرنامج ، لكنْ أعجبتني الفِكرة والطَّرح
والقواعِد التي طرحها الشيخ .


لذا كونوا بالقُرب ؛ لنستفيدَ معًا ، ونُفيدَ غيرَنا ، ونتعلَّمَ ، ونُعلِّمَ ، وننشُرَ .

جعلنا اللهُ وإيَّاكُم مِن أهل القُرآن ، العاملينَ به ، المُرتقينَ به في دَرجاتِ الجِنان ()

م ن ق و ل
جزى الله خيرا الأخت بسمة صاحبة الموضوع ....

[رقية مبارك بوداني]

قبل أن تبدأ بحِفظ كتاب الله عَزَّ وجَلَّ ، عليكَ أن تتَّبِعَ قواعِدَ مُهِمَّة وأساسيَّة .

( 1 ) أهَمُّ قاعدةٍ من القواعِد التي تُعينُكَ - بإذن الله - على حِفظ القُرآن الكريم هِيَ :
الإخلاصُ للهِ سُبحانه وتعالى .

إذا أردتَ أن تحفظَ كتابَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، ابتعِد عن كُلِّ شوائب الدُّنيا ،
واجعَل هذا العَملَ للهِ سُبحانه وتعالى .

رَبُّ العالَمين يقولُ : (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ )) البينة/5 .
ويقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ )) مُتَّفقٌ عليه .

إذا كانت نيَّتُكَ أن تحفَظَ القُرآنَ للهِ سُبحانه وتعالى ، أتتكَ الفُتوحاتُ .
كُلُّ أمرٍ يمنعُكَ من الحِفظ يُسهِّلُه اللهُ لكَ ، يرفعُ قَدْرَكَ ، يُبعِدُ عنكَ الشُّرورَ ، بهذا الحِفظ .

( 2 ) نِعمةُ اللُّغةِ : هُناك أُناسٌ لا يتكلَّمونَ اللُّغةَ العربيَّةَ ويحفظونَ القُرآنَ .
امتَنَّ اللهُ سُبحانه وتعالى علينا بنِعمةِ اللُّغةِ العربيَّةِ .

الذي يَحفظُ القُرآنَ في تُركيا مثلًا لا يتكلَّمُ اللُّغةَ العربيَّة .
يُريدُ أن يَحفظَ القُرآنَ يجلِسُ سَنةً كاملةً يتعلَّمُ الحُروفَ ويتعلَّمُ القِراءةَ من المُصحف .
بعد هذه السَّنةِ يبدأ بحِفظ القُرآن .

وإذا حَفِظَ القُرآنَ كاملًا بعد سنتين ونِصف أو ثلاث سنواتٍ ،
هو حافِظٌ للقُرآن ، لكنْ لا يفهمُ أيَّ شيءٍ فيه .

كأنَّ ابنَكَ الآنَ في الرَّوضةِ أو الحَضانةِ يَحفَظُ (( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ))
أو (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) ، حافِظ ، لكنْ تسألُهُ عن معناها لا يَعرف .

هذا الذي في تُركيا قد يكونُ عُمُره ثلاثين وأربعين وحافِظ ، لكنْ بلا فَهم ؛
لأنَّه لا يَعرفُ اللُّغةَ العربيَّةَ .

أنتَ الآن لو سألتَ جَدَّكَ أو جَدَّتَكَ أو أيَّ أحدٍ من كِبار السِّنِّ -
حتى لو لم يَعرف القِراءة والكِتابة - تسألُه عن معنى الآياتِ يعرف .

تسألُه : ما معنى (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) ؟ يَعرِف .

تسألُه : ما معنى (( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ )) ؟ يَعرف ويُجيبُكَ .

( 3 ) لا تُسَوِّف حِفظَ القُرآن الكريم ، لا تُؤخِّر .
ابدأ من الآن وضَع لكَ هدفًا أن تحفظ القُرآنَ .
لا تَخَف من الفشل ، لا تَخَف من عَدم تحقيق الهَدف .
القُرآنُ ليس صَعبًا .
القُرآنُ مُيَسَّرٌ من الله سُبحانه وتعالى ، ولكنْ يحتاجُ منكَ عزيمة .

[رقية مبارك بوداني]

( 4 ) إذا عَزمتَ أن تحفظَ القُرآنَ ، وأنتَ تحفظُ القُرآنَ لا تيأس .
في هذه الرِّحلة الجَميلة ( الرِّحلة القُرآنيَّة ) قد تَمُرُّ عليكَ صُعوباتٌ وعقباتٌ كثيرةٌ جِدًّا .
لا تجعلك هذه العقباتُ في يومٍ من الأيام تَتَّخِذُ قرارًا بأن تترك حِفظ القُرآن .
وإذا جاهدتَ نفسكَ ، سيُيَسِّرُ اللهُ لَكَ كُلَّ الأمور ؛
لأنَّكَ تُريدُ أن تحفظَ القُرآنَ لوَجه الله سُبحانه وتعالى .
يقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ : (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )) العنكبوت/69 .
سيُيَسِّرُ اللهُ لكَ ، ولكنْ لا تيأس .


( 5 ) لماذا تحفظُ القُرآنَ ؟
هذه قاعدة أساسيَّة ومُهمة لحِفظ القُرآن الكريم .
إذا عَزمتَ على حِفظ القُرآن وبدأتَ بحِفظِهِ ، فعليكَ أن تُحَدِّدَ نِيَّاتِكَ .
حَدِّد نِيَّاتِكَ في الحِفظ .
مثلًا : ضَع هَدفًا من أهدافِكَ : إذا أنا حَفِظتُ القُرآنَ ، بإذن الله سأتقرَّبُ من هذا القُرآن ،
ويكونُ القُرآنُ معي دائمًا في بيتي وفي عَملي وفي المَسجد وفي السيَّارة وفي كُلِّ مكان .
هذا هَدفٌ وهذه نِيَّةٌ جميلةٌ ورائعةٌ .

شخصٌ آخَر يُريدُ أن يَحفظَ القُرآن حتى يكونَ من أهل اللهِ سُبحانه وتعالى ،
(( أهلُ القُرآن هُم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه )) صَحَّحه الألبانيُّ في صحيح الترغيب .

شخصٌ آخَر يُريدُ أن يحفظَ القُرآن كَيْ يُعلِّمَ القُرآنَ ، كما قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّم : (( خيرُكم مَن تعلَّمَ القُرآنَ وعلَّمَه )) رواه البُخاريُّ .

شخصٌ آخَر يُريدُ بحِفظ كتاب الله سُبحانه وتعالى أن يُلْبِسَ والِدَيْه تاجَ الوَقار
يومَ القيامةِ .

هذه نِيَّاتٌ طيِّبةٌ وجميلةٌ ورائعةٌ ومُهِمَّةٌ .

ونقولُ : [ تحديد النِّيَّات ] ؛ لأنَّكَ في رِحلتِكَ مع القُرآن وأنتَ تحفظُ القُرآنَ
في المُنتصَف أو في آخِر الرِّحلة قد تشعرُ بفُتورٍ أو ملَلٍ بحِفظ كتاب الله
سُبحانه وتعالى ، وتحديدُ النِّيَّاتِ في البِدايةِ يُساعِدُكَ على أن تُجَدِّدَ هِمَّتَكَ
وتُجَدِّدَ نِيَّتَكَ وتبدأ مرَّةً أُخرى بحِفظ كتاب الله سُبحانه وتعالى .


( 6 ) في حِفظِكَ لكتاب الله عَزَّ وجَلَّ ، عليكَ أن
تُخَصِّصَ وقتَكَ وجُهْدَكَ لهذا الحِفظ .
وهذا الأمرُ قاعدةٌ من أهَمِّ القواعِدِ في حِفظِكَ لكتاب الله عَزَّ وجَلَّ .

اليومَ إذا أردتَ أن تحفظَ القُرآنَ ، لا تَقُل : أنا ما عندي وقتٌ .
لا تَقُل : اليومَ أحفَظُ وعَشرة لا .

لا تجعل حِفظَ القُرآن بالنسبةِ لكَ في يومِكَ ثانويًّا .
القُرآنُ عَزيزٌ ، لا تجعله من فُضُول أوقاتِكَ .

[نور الهدى 1]

جزاك الله خيرا
رائع

[مريم طه]

اللهم ارزقني حفظ كتابك يا ارحم الراحمين

[أم محمد التميمي]

جزاك الله خيرا معلمتنا الغالية : أم حاتم دائما مواضيعك مما يبعث فينا النشاط بفضل الله تعالى .
ولكن لديا سؤال وهو : كيف يجمع الواحد بين المراجعة للحفظ بعد أن يكثر المحفوظ والحفظ الجديد وترتيل ؟

[رقية مبارك بوداني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور الهدى 1

جزاك الله خيرا
رائع

وجزاك خيرا أختي ، مرورك عطر الصفحة ..

[رقية مبارك بوداني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم طه

اللهم ارزقني حفظ كتابك يا ارحم الراحمين

آمين، آمين، آمين ،اللهم استجب ..

[رقية مبارك بوداني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الوهاب الجزائرية

جزاك الله خيرا معلمتنا الغالية : أم حاتم دائما مواضيعك مما يبعث فينا النشاط بفضل الله تعالى .
ولكن لديا سؤال وهو : كيف يجمع الواحد بين المراجعة للحفظ بعد أن يكثر المحفوظ والحفظ الجديد وترتيل ؟

جزاك الله خيرا على المرور العطر أختي الحبيبة
بالنسبة لاستفسارك غاليتي ، التوفيق أولا من الله سبحانه وتعالى ، ثم بعد ذلك الأخذ بالأسباب ، القرآن يحتاج جهدا ، وتفرغا ،وعزما ، ونظاما ، لابد أن تسيري وفق خطة ممنهجة ، ومدروسة ، ومتوازية ، منظمة بمعنى أنك تسطرين برنامجا خاصا لكل مرحلة من مراحل الحفظ ، فحفظ القرآن يحتاج الى ثلاثة مراحل مهمة جدا حتى ينتج عنه حافظة متقنة للقرآن ، وهذه الخطة تسمى ـ ثلاثية الحفظ ـ
~ الخطوة الأولى : خطوة الحفظ وفيه طرق متعددة وهذا الرابط سيفيدك كثيرا :
https://saaid.net/Quran/22.htm
~ الخطوة الثانية : خطوة التثبيت وهي مرحلة جد مهمة خلال الحفظ ، إذا الزمت بها سترين النتيجة المذهلة التي لم تخطر لك على بال ..
وكثيرا ما يخلط راغب حفظ القرآن بين التثبيت والمراجعة ، ولا يعلم أن هناك فرقا بينهما ...
والتثبيت هو أن تكرري الربع الذي حفظت خلال اليوم ، أو ما حددتيه من صفحات ، ولو نصف صفحة يوميا ، المهم أن تكرريه عشر مرات ، أو عشرين ، أوأكثر كلما زاد عدد التكرار ، كلما كان أفضل ..
وتثبيت الحفظ هو أصعب مرحلة ، لأن الحفظ سهل ، وميسور ، والمراجعة مرحلة يسهلها عليك التثبيت أما إذا انتقلت من الحفظ الى المراجعة دون المرور على التثبيت فسيصعب عليك الاتقان ، لذلك التثبيت هو الأهم بينهما ..
~ الخطوة الثالثة : المراجعة فبعد أن تحفظي ،وتثبتي المقرر ننقله الى الخطوة الأخيرة ، وهي المواجعة فلا تغفلي أبدا عن مراجعة محفوظك ، سيري وفق برنامج يومي تحددين فيه كم المراجعة ، على حسب مقدار المحفوظ الذي معك ، فمثلا معك 6 أحزاب يلزمك مراجعة حزب يوميا موزعا على 6 أيام الأسبوع واليوم السابع يبقى للإستراحة ، ولابد منها حتى تستجمعي قواك ، ثم تبدئين مجددا ، وهكذا كلما زدت في المحفوظ ، كلما زادت المراجعة ، فإذا اجتمع لديك 12 حزبا سيكون عندك كم من المراجعة في اليوم ؟؟
سيكون عندك حزبان يوميا ، وهذا الحفظ ، والمراجعة تسمى حفظ تراكمي حتى يصير عندك القرآن بحول الله وقوته كالفاتحة ..
((واعلمي أن الانقطاع عن المراجعة سيؤدي بك تراكم نفسي ثم شعور
بالإحباط ثم تراخ وانقطاع ثم إصدار الحكم على النفس بأني لا أصلح
للحفظ , فلا تعطي لنفسك فرصة للتراخي وتتركي حبل المراجعة بل واصلي
واستمري وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ,
فلذا من المهم والضروري استمرار المراجعة ولو كانت نصف صفحة المهم
أن تعيشي مع القرآن وتعيشي الهدف الذي تسيرين إليه والصعوبات التي
تواجهينها مع إيجابيات تحصلينها أفضل بكثير من كونك تعيشي الأحلام
الوردية دون أدنى إنجاز ))

بالنسبة لورد التلاوة اجعلي لك جزءا يوميا لا تحيدين عنه مهما صرفك عنه صارف ، فكما قال أهل هذا الفن ، وأهل الأداء : التلاوة وقود الحفظ ...
أسأل الله أن ييسر لنا حلقات بهذا المنهج في ملتقانا الحبيب ـ وهذا هو المنهج الذي أعتمده كمعلمة في المسجد مع الطالبات ، وأعطى نتيجة مبهرة ...
وفقك الله حبيبتي لحفظ كتابه ، وجعلني وإياك من أهله وخاصته ...

تنبيه مهم جدا : إخلاص زائد إرادة زائد تنظيم وقت يساوي : حافظة قرآن متقنة ..