العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . معهد العلوم الشرعية . ~ . > ๑¤๑ أرشيف الدروس العلمية في معهد العلوم الشرعية๑¤๑ > أرشيف المقررات الدراسية في الخطة السابقة > حلقة الفقه وأصوله > فقه الصيام

الملاحظات


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-12-13, 04:34 AM   #1
لبنى أحمد
| طالبة في المستوى الثالث |
افتراضي دليل المعتكف



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

دليل المعتكف
، من محاضرة في فقه الصوم للشيخة عبير عزمي حفظها الله ، مع تخريج الأحاديث وإيراد أقوال أهل العلم .

تعريف الإعتكاف:
لغةً: لزوم الشىء وحبس النفس عليه , خيراً كان أم شراً , قال تعالى { إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} (52) سورة الأنبياء
اصطلاحًا : لزوم المسجد و الإقامة فية بنية التقرب إلى الله عز و جل.
تعرف آخر : هو إقامة مخصوصة في زمن مخصوص بشروط مخصوصة
حكمه : سنة مأكدة ؛لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ديمومته عليها .
دليله :من القرآن : قال تعالى (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) [البقرة 125].
وقال تعالى : ( إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواءً العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ) الحج 25
وقال تعالى ( ولاتباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) البقرة 187.
و من السنة : فعل النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعتكفُ في كلِّ رمضانَ عشْرَةَ أيامٍ، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه اعتكفَ عشرين يومًا" [صحيح البخاري : رقم2044]
و الإجماع أي إجماع أهل السنة من أهل الحل والعقد .
أركانه : المكث في المسجد
شروطه : النية ، فلا بد أن تكون النية خالصة لوجه الله لقوله تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} ، وقوله صلى الله عليه وسلم :" إنما الأعمال بالنيات " ، والنية في المذهب الشافعي ركن ، والصحيح الراجح أنها شرط لأنها خارج ماهية العمل ولا بد من ديمومتها حكمًا لا ذكرًا . وسواء كانت ركنًا أو شرطًا فهي لا تصح العبادة إلا بها .
شروط المعتكف :
1 ـ أن يكون مسلمًا : لقوله تعالى { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه}
وحديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول اللهِ ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم. فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم. واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" [صحيح مسلم :رقم19]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسولَ اللهِ ! ابنُ جدعانِ . كان في الجاهليةِ يصلُ الرَّحِمَ . ويُطعِمُ المسكينَ . فهلْ ذاكَ نافعهُ ؟ قال لا ينفعهُ . إنهُ لم يقُلْ يومًا : ربِّ اغفرْ لي خَطيئتي يومَ الدِّينِ"[صحيح مسلم :رقم 214]
2 ـ العقل : عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رُفِعَ القلَمُ عن ثَلاثٍ ، عنِ النَّائمِ حتَّى يستَيقظَ ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يَكْبرَ ، وعنِ المَجنونِ حتَّى يعقلَ أو يُفيقَ [صحيح :صحيح النسائي :رقم3432].
والعقل مناط التكليف والمجنون فاقد لأهلية الخطاب والعبادة .
3 ـ أن يكون مميزًا : فالبلوغ ليس بشرط لصحة الاعتكاف، فيصح الاعتكاف من الصبي المميز؛ لأنه من أهل العبادة، فيصح منه الاعتكاف كما يصح منه صوم التطوع
4 ـ أن يكون خاليًا من الموانع الشرعية: كالحيض والنفاس
ـ ويصح اعتكاف المرأة بإذن زوجها والعبد بإذن سيده ، فعن عائِشةَ قالَت : كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أرادَ أن يعتَكِفَ صلَّى الفجرَ ثمَّ دخلَ معتَكَفَهُ قالت وإنَّهُ أرادَ أن يعتكِفَ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ قالَت فأمَرَ ببنائِهِ فضُرِبَ فلمَّا رأيتُ ذلِكَ أمَرتُ ببنائي فضُرِبَ قالَت وأمرَ غيري مِن أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ببنائِهِ فضُرِبَ فلمَّا صلَّى الفجرَ نظرَ إلى الأبنيَةِ فقالَ ما هذِهِ آلبرَّ تُردنَ قالت فأمرَ ببنائِهِ فقوِّضَ وأمر أزواجُه بأبنيتِهنَّ فقُوِّضَت ثُمَّ أخَّرَ الاعتِكافَ إلى العَشرِ الأُوَلِ يَعني مِن شوَّالٍ "[صحيح : صحيح أبي داود :رقم2464].
قال ابن حجر رحمه الله تعالى في شرحه هذا الحديث معللاً ردَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- إياهن عن الاعتكاف: وكأنه -صلى الله عليه وسلم- خشي أن يكون الحامل لهن على ذلك المباهاة والتنافس الناشئ عن الغيرة حرصاً على القرب منه خاصة، فيخرج الاعتكاف عن موضوعه، أو لما أذن لعائشة وحفصة أولاً كان ذلك خفيفاً بالنسبة إلى ما يفضي إليه الأمر من توارد بقية النسوة على ذلك، فيضيق المسجد على المصلين، أو بالنسبة إلى أن اجتماع النسوة عنده يصيره كالجالس في بيته، وربما شغلنه عن التخلي لما قصد من العبادة فيفوت مقصود الاعتكاف
فلزوج أن يمنع زوجته من الإعتكاف حتى لو أذن لها ثم تراجع لأن طاعته واجبة والإعتكاف مستحب فيقدم الواجب على المستحب .
شروط المُعتكف فيه :
ـ جمهور أهل العلم أن الإعتكاف لا يصح إلا في المسجد ، لقوله تعالى ( ولاتباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) البقرة 187.
فلا يصح للمرأة أن تعتكف في بيتها ، لحديث عائشة السابق
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: "المسجد شرط للاعتكاف؛ لأن النساء شرع لهن الاحتجاب في البيوت، فلو لم يكن المسجد شرطاً ما وقع ما ذُكر من الإذن والمنع، ولاكتفى لهن بالاعتكاف في مساجد بيوتهن".
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : "إن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأزواجه وأصحابه إنما اعتكفوا في المسجد مع المشقة في ملازمته، فلو جاز في البيت لفعلوه ولو مرة لا سيما النساء؛ لأن حاجتهن إليه في البيوت أكثر"
وقد أطلق الشافعي كراهته لهن في المسجد الذي تصلى فيه الجماعة، واحتج بحديث عائشة -رضي الله عنها- السابق، فإنه دالٌّ على كراهة الاعتكاف للمرأة إلا في مسجد بيتها؛ لأنها تتعرض لكثرة من يراها.
ـ واختلف الجمهور في هذا المسجد، فذهب الأحناف والحنابلة إلى أنه يصح في كل مسجد يصلى فيه الصلوات الخمس وتقام فيه الجماعة .
وذهب مالك والشافعي إلى أنه يصح في كل مسجد ، لكن يستحب أن يكون في المسجد الجامع .
قال الشافعي: "والاعتكاف في المسجد الجامع أحب إلينا، وإن اعتكف في غيره فمن الجمعة إلى الجمعة، وإذا أوجب على نفسه اعتكافاً في مسجد فانهدم المسجد اعتكف في موضع منه، فإن لم يقدر، خرج من الاعتكاف، وإذا بُني المسجد رجع فبنى على اعتكافه".
وحجة مالك والشافعي -رحمهما الله- على أن الاعتكاف يكون في المسجد الجامع قول عائشة - رضي الله عنها -: " ولا اعتكافَ إلا في مسجدِ جماعةٍ"[صحيحه الألباني في إرواء الغليل :رقم 4/163]
ـ والبعض قالوا أنه لا يصح إلا في المساجد الثلاثة ؛لأن النبي اعتكف في المسجد النبوي ، و عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه أنه قال: يا رسولَ اللهِ، إني نذرتُ في الجاهليةِ أن أعتكفَ ليلةً في المسجدِ الحرامِ؟. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أوفِ نذرَكَ . فاعتكفَ ليلةً. [صحيح البخاري :رقم2042].
والصحيح الراجح أنه يجوز في أي مسجد تقام في الجماعة والأفضل أن تقام فيه الجمعة حتى لا يضطر للخروج .
أنواع الإعتكاف : الإعتكاف إما مسنون أو واجب وذلك إذا أوجبه المرء على نفسه ؛ أي النذر .
صوم المعتكف :
ـ بعض أهل العلم قالوا لا اعتكاف إلا بصوم وهو قول مالك والأوزاعي وبعض الصحابة وأهل العلم .
واعتمدوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ، أي أنه صائم وحتى لما قضى اعتكافه قضاه في الأيام الأولى من شوال وهي أيام صوم .
ـ وذهب البعض أنه لا يشترط الصوم وهو المعتمد عند الشافعية والصحيح الراجح ؛ لأن الاعتكاف قربة مطلقة غير مقيدة بزمان وفي حديث عمر رضى الله عنهما أنه قال :يا رسول الله إنى نذرت فى الجاهلية أن اعتكف ليلة فى المسجد الحرام , فقال : أوف بنذرك , ففى امر رسول الله صلى الله عليه و سلم له بالوفاء بالنذر دليل على أن الصوم ليس شرطاً فى صحة الاعتكاف
قال ابن حجر: ( استدل به على جواز الاعتكاف بغير صوم لأن الليل ليس ظرفاً للصوم فلو كان شرطاً لأمره النبي صلى الله عليه وسلم به (
وقال ابن قدامة : ( ولو كان الصوم شرطاً لما صح اعتكاف الليل) المقني 2/154.
وقت الاعتكاف :
للشافعي قولان : الأول : لا بد أن يكون يومًا أوليلة ، واستدلوا بحديث عمر رضي الله عنه السابق .
الثاني : حتى وإن قضى ساعات بنية الاعتكاف صح ذلك وهو العتمد عندهم ولكن يستحب أن يكون يومًا أو ليلة خروجًا من الخلاف .
والصحيح الراجح قول الأحناف والمالكية بأنه لايجوز الاعتكاف إلا أن يكون يومًا أو ليلة .
كيف يحسب هذا اليوم أو الليلة ؟
إذا أراد أن يعتكف ليلة لابد أن يدخل قبل أذان المغرب إلى أذان الفجر .وإذا أراد أن يعتكف يومًا يدخل قبل أن يؤذن الفجر إلى أذان المغرب .عن عائِشةَ قالَت : كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أرادَ أن يعتَكِفَ صلَّى الفجرَ ثمَّ دخلَ معتَكَفَهُ [صحيح :صحيح أب داود:رقم 2464].
مستحبات الإعتكاف :
ـ "يستحب للمعتكف ان يُكثر من نوافل العبادات , و يشغل نفسة بالصلاه و تلاوة القرآن و التسبيح و التحميد و التهليل و التكبير و الاستغفار و الصلاه و السلام على النبى صلى الله عليه و سلم و الدعاء و نحوذلك من الطاعات و العبادات التى تقرب العبد من ربه عز و جل , و يمكنه أيضاً القراءة فى كتب التفسير او الحديث و غيرها او الجلوس فى حلق الذكر و العلم"[فقه السنة ].
ـ يستحب أن يتخذ خباء في صحن المسجد ، عن أبي سعيد الخدري أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ اعتكف العشرَ الأُوَّلَ من رمضانَ . ثم اعتكف العشرَ الأوسطَ . في قبةٍ تركيةٍ على سدتها حصيرٌ" [صحيح مسلم :رقم1167].
مكروهات الاعتكاف :
ويكره له ان يشغل نفسة بشىء غير العبادات و الطاعة مثل الكلام فى غير المفيد او العمل فى شىء غير الطاعات و يُكره له الامساك عن الكلام ظناُ له ان ذلك يقربه من الله عز و جل , عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : بينما النبى صلى الله عليه و سلم يخطب , إذا هو برجل قائم فسأل عنه , فقالوا : أبو اسرائيل , نذر أن يقوم و لا يقعد و لا يستظل و لا يتكلم و يصوم , فقال النبى صلى الله عليه و سلم (( مُره فليتكلم و ليستظل و ليقعد و لُيتم صومة )) [رواه البخاري ]وعن على رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه و سلم قال (( لا يُتم بعد احتلام و لاصُمات يوم إلى الليل"[صحيح:صحيح الجامع :رقم7609].
مبطلات الاعتكاف :
1 ـ الخروج من المسجد لغير حاجة : لحديث عائشة رضي الله عنها: (وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة، إذا كان معتكفاً[صحيح مسلم :رقم 297].
2 ـ الردة لقوله تعالى : {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65].
3 ـ زوال العقل إما بجنون أو سكر
4 ـ وجود موانع شرعية كالحيض والنفاس أو الجنابة طول الوقت دون أن يغتسل.
5 ـ الوطء : لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
ـ والاحتلام خارج عن إرادته فلا يبطل به الاعتكاف ، ولمس الرجل لزوجته بدون شهوة لا يبطل الاعتكاف على الراجح ، دليله حديث عائشة رضي الله عنها : " كان يُخرِجُ رأسَه من المسجدِ، وهو معتكِفٌ، فأَغسِلُه وأنا حائضٌ" [صحيح البخاري :رقم 2030].
وإذا كان بشهوة من لمس أو قبلة أو مقدمات الجماع ونحوه فالأحناف والحنابلة على أنه قد أتى بما يحرم عليه لكنه لايفسد اعتكافه إلا أن ينزل .
والشافعية عندهم قولان : قول بأنه يفسد قياسًا على الوطء والجماع وهو المعتمد عندهم، وقول بأنه لا يفسد.
يقول ابن رشد في الاعتكاف:( وسبب اختلافهم هل الاسم المتردد بين الحقيقة والمجاز له عموم وخصوص وهو أحد أنواع الاسم المشترك فمن ذهب إلى أن له عموما قال إن المباشرة في قوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ينطلق على الجماع وما دون الجماع ومن لم ير عموما وهو الأشهر الأكثر قال يدل إما على الجماع وإما على ما دون الجماع فإذا قلنا إنه يدل على الجماع بإجماع بطل أن يدل على غير الجماع لأن الاسم الواحد لا يدل على الحقيقة والمجاز معا ومن أجرى الإنزال بمنزلة الوقاع فلأنه في معناه ومن خالف فلأنه لا ينطلق عليه الاسم حقيقة)2767
والصحيح الراجح أنها تطلق على الجماع دون غيره وهي مسألة خلافية والأولى بالمرء أن يترفع عن هذا الأمر .

يتبع



توقيع لبنى أحمد

التعديل الأخير تم بواسطة لبنى أحمد ; 19-12-13 الساعة 03:17 AM
لبنى أحمد غير متواجد حالياً  
قديم 14-12-13, 06:10 PM   #2
لبنى أحمد
| طالبة في المستوى الثالث |
افتراضي


مايباح للمعتكف

1 ـ خروجه من معتكفه؛ لتوديع أهله؛ قالت صفية: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت، فانقلبت، فقام معي؛ لِيَقْلِبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجـلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم، أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "على رسْلِكما؛ إنها صفية بنت حُيَيّ". قالا: سبحان الله ،يارسول اللّه. قال: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً". أو: قال "شرّاً" [ رواه البخاري،ومسلم].
ترجيل شعره، وحلق رأسه، وتقليم أظفاره، وتنظيف البدن من الشعر والدرن، ولبس أحسن الثياب، والتطيب بالطيب؛ قالت عائشة رضي الله عنها : "كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكون معتكفاً في المسجد، فيناولني رأسه من خلَلال حجرة، فأغسل رأسه - وقال مسدد: فأرَجِّله _ وأنا حائض".[رواه البخاري،ومسلم ،وأبوداود].
3 ـ الخروج للحاجـة التي لابد منها؛قالت عائشة رضي الله عنها : "كان رسـول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف، يُدني إلي رأسه،فأرَجِّله،وكان لايدخل البيت،إلالحاجة الإنسان". [رواه البخاري،ومسلم،وغيرهما].
وقال ابن المنذر : (أجمع العلماء على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول؛ لأن هذا مما لابدمنه، ولايمكن فعله في المسجد، وفي معناه، الحاجة إلى المأكول والمشروب، إذا لم يكن له من يأتيه به،فله الخروج إليه، وإن بغته القيء، فله أن يخرج؛ ليقيء خارج المسجد، وكل ما لابد منه، ولايمكن فعله في المسجد، فله خروجه إليه، ولايفسداعتكافه مالم يطل)انتهى.
ـ ومثل هذا الخروج الغسل من الجنابة،وتطهيرالبدن،والثوب من النجاسة.

فرعيات :
ـ لايشترط أنه طالما خرج أن يسرع بل يمشي على هيئته ولايبطئ عن مشيته بشكل زائد عن الحد .
ـ إذا مرض مرضًا خفيفًا مثل صداع أوحمى خفيفة ليس له أن يخرج، لكن إذا مرض مرضًا شديدًا يؤدي به إلى التهلكة أويتعبه استمرارية الاعتكاف فله أن يبطلا عتكافه .
ـ إذا خرج ظلمًا وقهرًا أوطرد من المكان فليس عليه حرج.
ـ إذاخرج لشهادة قضائية وهناك من ينوب عنه بطل اعتكافه، أما إن تعين أداء هذه الشهادة عليه فله أن يخرج،وعند الشافعي وجهان : الأول : أنه يبطل اعتكافه والثاني: أنه لايبطل وهو المعتمد والراجح، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر : "لَأَنْ أمْشِيَ مع أخِي المسلمِ في حاجةٍ أحَبُّ إليَّ من أنْأ عتكِفَ ف يالمسجدِ شهْرًا "[حسن :صحيحالجامع :رقم176].
ـوله أن يخرج لصلاة الجمعة والبعض قالوا أنه يبطل اعتكافه
ـ لوخاف فوات الحج وجب عليه الخروج له؛لأنه فريضةل ابد من أدائها .
ـ الخروج لزيارة المريض أو للجنازة ، وهي من الأمور التي قد تكون فرض كفاية فالأفضل ألا يخرج وكل ماورد في ذلك أحاديث لا يعتد بها .
قال الخطابي: وقالت طائفة للمعتكف أن يشهد الجمعة، ويعود المريض، ويشهد الجنازة. وروي ذلك عن علي _ رضي اللّه عنه _ وهو قول سعيد بن جبير، والحسن البصري، والنخعي.
قال علي بن أبي طالب: إذا اعتكف الرجل، فليشهد الجمعة، وليحضر الجنازة، وليعد المريض، وليأت أهله يأمرهم بحاجته، وهو قائم.
قال إبراهيم النخعي: كانوا يستحبون للمعتكف أن يشترط هذه الخصال - وهن له، وإن لم يشترط - عيادة المريض، ولا يدخل سقفاً، ويأتي الجمعة، ويشهد الجنازة، ويخرج إلى الحاجة. قال: ولا يدخل المعتكف سقيفة، إلا لحاجة.

هل يصح التتابع في الإعتكاف ؟
ـ إذا كان نذرًا واشترط فيه التتابع فلا بد أن يأتي به متتابعًا ، وإن لم يشترط فلا حرج أن يكون متفرقًا .
ـ وإذا حاضت المرأة المعتكفة أو فوجئت الحامل بطلق على غير وقته فيخرجان وجوبًا ، ولا ينقطع التتابع بذلك؛ لأنه خارج عن الإرادة ومثل ذلك لو تعرض لإدرار بول أو إسهلا مفاجئ أو مرض عارض .

قضاء الاعتكاف
ـ إذا كان نذرًا وجب قضاؤه بلا خلاف ، أما إن كان مستحبًا فيستحب قضاؤه إن كان نقضه لسبب وجيه ، وكان معتادًا عليه ودليله حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى اعتكافه في شوال .
نذر الاعتكاف
ـ إذا نذر المرء الاعتكاف في مسجد معين هل يلزمه أن يتقيد بهذا المسجد ؟
الأمر فيه سعة وقال أهل العلم إذا كان نذره في المساجد الثلاثة فيتبع في ذلك ماهو أعلى ، وإذا نذر أن يعتكف في الأدنى جاز له أن يوفيه في مسجد أعلى ، وإن نذر في مسجد أعلى فلا يجوز له أن يوفيه في الأدنى .
مثال ذلك : إذا نذر أن يعتكف في المسجد الحرام فلا يجوز أن يوفي بنذره في المسجد النبوي أو المسجد الأقصى ، وإن نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى جاز له أم يوفيه في المسجد الحرام أو المسجد النبوي لأنه أعلى .

والله أعلم وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن .


التعديل الأخير تم بواسطة لبنى أحمد ; 14-12-13 الساعة 06:27 PM
لبنى أحمد غير متواجد حالياً  
قديم 15-12-13, 08:24 PM   #3
لبنى أحمد
| طالبة في المستوى الثالث |
افتراضي



بحث خاص عن اعتكاف المرأة في المسجد

اعتكاف المرأة في المسجد
الحمد لله وصلى الله على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الاعتكاف سنة مؤكدة بالإجماع.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا، إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذراً، فيجب عليه1.
ومما يدل على أنه سنة: فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومداومته عليه، تقرباً إلى الله تعالى، وطلباً لثوابه، واعتكاف أزواجه معه وبعده، ويدل على أنه غير واجب: أن أصحابه لم يعتكفوا، ولا أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- به إلا من أراده2.
وهو المكث في المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة3.
واعتكاف المرأة في المسجد جائز، وقد ورد عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ فَأَذِنَ لَهَا، وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَهَا فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ فَبُنِيَ لَهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا صَلَّى انْصَرَفَ إِلَى بِنَائِهِ، فَبَصُرَ بِالْأَبْنِيَةِ فَقَالَ: (مَا هَذَا) قَالُوا: بِنَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أَالْبِرَّ أَرَدْنَ بِهَذَا؟ مَا أَنَا بِمُعْتَكِفٍ) فَرَجَعَ فَلَمَّا أَفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ4.
قال ابن حجر رحمه الله تعالى في شرحه هذا الحديث معللاً ردَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- إياهن عن الاعتكاف: وكأنه -صلى الله عليه وسلم- خشي أن يكون الحامل لهن على ذلك المباهاة والتنافس الناشئ عن الغيرة حرصاً على القرب منه خاصة، فيخرج الاعتكاف عن موضوعه، أو لما أذن لعائشة وحفصة أولاً كان ذلك خفيفاً بالنسبة إلى ما يفضي إليه الأمر من توارد بقية النسوة على ذلك، فيضيق المسجد على المصلين، أو بالنسبة إلى أن اجتماع النسوة عنده يصيره كالجالس في بيته، وربما شغلنه عن التخلي لما قصد من العبادة فيفوت مقصود الاعتكاف5.

مسألة:
قال ابن حجر في الفتح في شرح حديث عائشة السابق ذكره: قال ابن المنذر وغيره: في الحديث: إن المرأة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها، وأنها إذا اعتكفت بغير إذنه كان له أن يخرجها6.
فإن كان بإذنه هل له أن يرجع فيمنعها؟ خلاف على ثلاثة أقوال:
الأول: إذا أذن لها الزوج ثم منعها أثم بذلك، وامتنعت. وهذا قول أهل الرأي.
الثاني: ليس له ذلك، وبهذا قال مالك، وهذا الحديث حجة عليهم.
الثالث: له أن يرجع فيمنعها7.


وهل المسجد شرط للاعتكاف أم لا وما الأفضل في حق المرأة؟ أقوال:
القول الأول: لا تعتكف إلا في مسجد غير مسجد بيتها، قال ابن حجر رحمه الله: المسجد شرط للاعتكاف؛ لأن النساء شرع لهن الاحتجاب في البيوت، فلو لم يكن المسجد شرطاً ما وقع ما ذُكر من الإذن والمنع، ولاكتفى لهن بالاعتكاف في مساجد بيوتهن8.
وقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل عن اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، فقال: بدعة، وأبغض الأعمال إلى الله البدع، لا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الصلاة.
وروى عمرو بن دينار، عن جابر9، أنه سئل عن امرأة جعلت عليها أن تعتكف في مسجد بيتها، قال: لا يصلح، لتعتكف في مسجد، كما قال الله: {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (187) سورة البقرة10.
القول الثاني: لا تعتكف إلا في مسجد بيتها، ويجوز في غيره مع الكراهة، وقد أطلق الشافعي كراهته لهن في المسجد الذي تصلى فيه الجماعة، واحتج بحديث عائشة -رضي الله عنها- السابق، فإنه دالٌّ على كراهة الاعتكاف للمرأة إلا في مسجد بيتها؛ لأنها تتعرض لكثرة من يراها.
القول الثالث: شرط الحنفية لصحة اعتكاف المرأة أن تكون في مسجد بيتها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك الاعتكاف في المسجد، لما رأى أبنية أزواجه فيه، وقال: (آلبِرَّ تُرِدْنَ)، ولأن مسجد بيتها موضع فضيلة صلاتها، فكان موضع اعتكافها، كالمسجد في حق الرجل11.
وقد رجح ابن قدامة رحمه الله القول الأول، معللاً بأن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- استأذنه في الاعتكاف في المسجد، فأذن لهن، ولو لم يكن موضعاً لاعتكافهن، لما أذن فيه، ولو كان الاعتكاف في غيره أفضل لدلهن عليه، ونبههن عليه، ولأن الاعتكاف قربة يشترط لها المسجد في حق الرجل، فيشترط في حق المرأة كالطواف، وحديث عائشة حجة لن12.
وقال ابن رجب -رحمه الله-: وهؤلاء جعلوا مساجد البيوت حكمها حكم المساجد في الاعتكاف، ولو كان هذا صحيحاً لاعتكف أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في مساجد بيوتهن، وإنما كن يعتكفن في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-13.
قال النووي رحمه الله: إن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأزواجه وأصحابه إنما اعتكفوا في المسجد مع المشقة في ملازمته، فلو جاز في البيت لفعلوه ولو مرة لا سيما النساء؛ لأن حاجتهن إليه في البيوت أكثر14.


حالات قد تقع فيها المعتكفة:
§ المعتكفة إذا توفي عنها زوجها فيها قولان:
الأول: أن المعتكفة إذا توفي زوجها لزمها الخروج لقضاء العدة، وبهذا قال الشافعي.
الثاني: تمضي في اعتكافها حتى تفرغ منه، ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتد فيه؛ لأن الاعتكاف المنذور واجب15، والاعتداد في البيت واجب، فقد تعارض واجبان فيقدم أسبقهما وبهذا قال ربيعة ومالك وابن المنذر16.
§ المستحاضة إذا أرادت الاعتكاف:
أما الاستحاضة فلا تمنع الاعتكاف؛ لأنها لا تمنع الصلاة ولا الطواف، وقد قالت عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: (اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي)17.
إذا ثبت هذا فإنها تتحفظ وتتلجم؛ لئلا تلوث المسجد، فإن لم يمكن صيانته منها خرجت من المسجد؛ لأنه عذرٌ وخروجٌ لحفظ المسجد من نجاستها، فأشبه الخروج لقضاء حاجة الإنسان18.


§ إذا حاضت المعتكفة:
إذا حاضت المعتكفة فيجب خروجها من المسجد وهذا لا خلاف فيه؛ لأن الحيض حدث يمنع اللبث في المسجد، فهو كالجنابة، وآكد منه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: {لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ19}20.
وعلى المرأة أن تلتزم بشروط وآداب الخروج من البيت، فلا تخرج متعطرة ولا متزينة ولا متبرجة ولا متغنجة، فخروجها قد يحرم من أصله إذا كان مسبباً للفتنة، فحينئذ لا يجوز لها الخروج إطلاقًا، وحيث أمنت الفتنة جاز.
وهنا أمر يجدر التنبيه عليه، وهو أن المرأة تراعي زوجها وأولادها والقيام بحقهم دون تفريط، فلا ينبغي أن تقصر في حق أيٍّ منهم، فحق الزوج عظيم، ومقامها في تربية أولادها عظيم أيضاً.
ولا بأس في حق المرأة الكبيرة التي قد وجد من يخفف عنها من أعباء البيت من بناتها، وكذا التي لم يعد لها من أعمال منزلها وشؤونه شيء ككبيرات السن والقواعد من النساء, أو إن كان زوجها معتكفاً ولا حاجة إليها، فهؤلاء لهن أن يعتكفن، وعلى مريدة الاعتكاف أن تراعي بيتها وشؤونه أولاً، وترعى مصالحه ومستلزماته، ثم تعتكف إن شاءت.
أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لمرضاته، وأن يهدينا للقيام بطاعاته، وأن يسدد أعمالنا في رضاه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على رسوله وسلم.

الهامش
1 المغني لابن قدامة: (6/208، 209) وكتاب الإجماع لابن المنذر: (53)، وشرح النووي على مسلم: (4/201).

2 المغني لابن قدامة: (6/209).
3 شرح النووي على مسلم: (4/201).
4 صحيح البخاري: (1904) صحيح مسلم: (2007) واللفظ للبخاري.
5 فتح الباري لابن حجر: (6/323).
6 المصدر السابق.
7 المصدر السابق.
8 المصدر السابق.
9 قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في فتح الباري لابن رجب: (3/184): (وجابر هذا يحتمل أنه جابر بن عبد الله الصحابي، ويحتمل أنه جابر بن زيد أبو الشعثاء التابعي).
10 فتح الباري لابن رجب: (3/184).
11 بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: (4/319)، المغني لابن قدامة: (6/217، 218)، فتح الباري لابن حجر: (6/322)، وشرح النووي على مسلم: (4/201).
12 المغني: (6/218).
13 فتح الباري لابن رجب: (3/184).
14 شرح النووي على مسلم: (4/201).
15 وهذا مبني على أن الشروع في التطوع ملزم كالنذر، كما هو عند الأحناف، انظر بدائع الصنائع: (4/298).
16 المغني لابن قدامة: (6/245).
17 صحيح البخاري: (1896)
18 المغني: (6/249).
19 سنن أبي داود: (201) وضعفه الألباني.
20 المغني: (6/248).
منقول من موقع إمام المسجد



التعديل الأخير تم بواسطة لبنى أحمد ; 15-12-13 الساعة 08:55 PM
لبنى أحمد غير متواجد حالياً  
قديم 15-12-13, 09:18 PM   #4
لبنى أحمد
| طالبة في المستوى الثالث |
افتراضي


الاعتكاف والنوم في المساجد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، أما بعد:

فإن من الأمور التي يحتاجها المسلم ليتفقه فيها في أيام شهر رمضان مسألة الاعتكاف في المساجد والنوم فيها, والاعتكاف في اصطلاح الفقهاء: لزوم مسجدٍ لطاعة الله تعالى.
وقد اختلف العلماء في مكان الاعتكاف على قولين:-
القول الأول: أن الاعتكاف لا يصح إلا في مسجد؛ وسواء أكان المعتكف رجلاً أم امرأة, وهذا مذهب جمهور العلماء, وقد حكاه القرطبي في تفسيره إجماع1.

واختلف الجمهور في هذا المسجد، فمن قائل: الحرمين فقط. ومن قائل: المساجد الثلاثة, وذهب مالك والشافعي -رحمهما الله تعالى- إلى أن الاعتكاف يكون في المسجد الجامع. وقيل: في كل مسجد تقام فيه جماعة, قال به الشافعي في رواية عنه، وبعض الحنابلة.
قال الشافعي: "والاعتكاف في المسجد الجامع أحب إلينا، وإن اعتكف في غيره فمن الجمعة إلى الجمعة، وإذا أوجب على نفسه اعتكافاً في مسجد فانهدم المسجد اعتكف في موضع منه، فإن لم يقدر، خرج من الاعتكاف، وإذا بُني المسجد رجع فبنى على اعتكافه".
ويرى بعض العلماء: أنه يتمه في مسجد آخر. وحجة مالك والشافعي -رحمهما الله- على أن الاعتكاف يكون في المسجد الجامع قول عائشة - رضي الله عنها -: "وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ"2.
ولأن الإشارة في قول الله – تعالى -: وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ3 ، إلى ذلك الجنس من المساجد. وقد قال بهذا علي وابن مسعود من الصحابة -رضي الله عنهم-. وقيل: لو اعتكف رجلان في مسجد وأقاما الجماعة فيه صح اعتكافهما.
القول الثاني: أنه يصح الاعتكاف في غير المسجد, وحكى ابن حجر: أن محمد بن عمر بن لبابة المالكي أجاز الاعتكاف في كل مكان. ومذهب الأحناف - رحمهم الله تعالى- جواز اعتكاف المرأة في مسجد بيتها (المكان المخصص لصلاتها فيه) وأجازه بعض أصحاب مالك, وبعض أصحاب الشافعي، وهو القول القديم للشافعي, والذين أوجبوا اعتكافها بالمسجد قالوا: لا يشترط أن تقام فيه الجماعة؛ لأنها ليست واجبة عليها. والمسجد الذي لا تقام فيه الجماعة ليس بأمان عليها؛ لكونه إما خرباً ، وإما مهجوراً لفساده، أو نحو ذلك، فجلوسها فيه خطر عليها إذا كانت وحيدة أو مع نساء.

الأدلة:

استدل الجمهور بما يلي:-
1- قال الله تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ، الآية . الشاهد: عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد وجه الدلالة: أن الله - سبحانه وتعالى - حرم المباشرة على المعتكف بالمسجد، وسكت عن غيره؛ مما دل على أن المسجد هو موضع الاعتكاف.
2 - عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ, فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ -وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ- قَالَ: (مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ, وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا, وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ) فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ(أي: قطـر) فَبَصُرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ»4.
الشاهد: "فوكف المسجد". ووجه الدلالة: أن المسجد هو المكان المعروف للاعتكاف، وهو الذي اعتكف فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأعوام التي ذكرها راوي الحديث.
3- عن عائشة -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ»5.
الشاهد: "كان يعتكف" . . . ثم اعتكف أزواجه من بعده. ووجه الدلالة: أن اعتكاف النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوجاته أمهات المؤمنين كان في المسجد وهن نساء؛ ويشهد لهذا أن عائشة قالت: «اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ, فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي»6.
وهذا نص بجواز اعتكاف المرأة بالمسجد مع زوجها إذا أذن لها وأمنت عليها الفتنة؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يعتكف إلا بالمسجد.
وكذلك قصة الأخبية لعائشة وحفصة وزينب -رضي الله عنهن- حيث ضربنها في المسجد ليعتكفن مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
4- عن نافع قال: "أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ (أي: ابن عمر) -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ الْمَسْجِدِ"7.
الشاهد: "يعتكف فيه.... من المسجد". ووجه الدلالة: أنه ثبت بالأدلة القطعية المتواترة من السنة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف في المسجد، حتى حفظ الصحابة مكان اعتكافه، والعبادات توقيفية، وقد نصت الآية السابقة: على أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد، وكذلك فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يعتكف إلا في المسجد.
5- حكي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل عن امرأة جعلت عليها أن تعتكف في مسجد بيتها، فقال: "بدعة، وأبغض الأعمال إلى الله البدع". وهذا لأن مسجد بيتها لا يسمى مسجداً حقيقة ولا حكماً.

واستدل الفريق الثاني بما يلي:-
1 - ثبوت الأحاديث الصحيحة الدالة على أن صلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد؛ وفي قعر دارها أفضل من فنائها، والاعتكاف مثل الصلاة عبادة تؤدى في المكان المخصص للصلاة، فمسجد بيتها هو معتكفها.
2 - حديث عائشة -رضي الله عنها- في الأخبية، حيث قالت: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ إِذَا أَخْبِيَةٌ -خِبَاءُ عَائِشَةَ وَخِبَاءُ حَفْصَةَ وَخِبَاءُ زَيْنَبَ- فَقَالَ: (آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ؟) ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ»8.
الشاهد: "ثم انصرف فلم يعتكف". ووجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قطع الاعتكاف بعد أن نواه؛ وذلك لوجود النساء بالمسجد؛ مما دل على أن اعتكاف المرأة في مسجد بيتها أفضل.
3 - قال الجصاص في الاعتكاف: "وتخصيصه بمساجد الجماعات لا دلالة عليه"9.

المناقشة:
يمكن مناقشة أدلة الفريق الثاني بما يلي:-
ا - أما قياس الاعتكاف على الصلاة، فإنه لا يصح؛ لأن القياس لا يجري في العبادات, ولو كان القياس جارياً، لكان باطلاً هنا؛ لاختلاف الاعتكاف عن الصلاة.
2 - أما قصة الأخبية فيجاب بأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يترك الاعتكاف لوجود النساء، وإنما تركه لما رأى أن الحامل لهن هو الغيرة، ويحتمل أن المعتكف في المسجد مع أهله قد لا يكون معتكفاً؛ بل يكون كالذي يسكن المسجد, وعلى هذا فلا دلالة في قصة الأخبية على بطلان اعتكاف النساء، ولا على أن اعتكافهن في البيت أفضل من المسجد.
3 - أما قول الجصاص -رحمه الله تعالى- فيجاب عنه بأن المساجد إنما بنيت لصلاة الجماعة، والمعتكف إنما يريد الثواب من الله تعالى، فكيف يترك صلاة الجماعة المفروضة عليه ليفعل سنة يتطوع بها؟!. وأما أنه لا دلالة عليه فلم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من أصحابه، ولا السلف الصالح -رحمهم الله جميعاً- أنهم اعتكفوا في بيوتهم، أو في مساجد لا تقام فيها الصلاة.

النوم في المسجد:
وأما بالنسبة لجواز النوم في المسجد فهو قول الجمهور؛ لما روى البخاري وغيره عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم)10.
وروى –أيضاً- عن سهل بن سعد قصة فيها أن علي بن أبي طالب غاضَبَ فاطمة-رضي الله عنهما- فلم يقل عندها, ونام في المسجد وقت القيلولة حتى سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب....الخ)11. وروي –أيضاً- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال :"رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء إما إزار وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم فمنها ما يبلغ
نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته"12.
ومعلوم أن هذا العدد لا تتسع لهم الصفّة الصغيرة، فدل على أنهم ينامون في زوايا المسجد، إلا من وجد منهم مأوىً، فمن استغنى منهم استقل في منزله, بل ثبت في الصحيح عن عائشة –رضي الله عنها- أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها, فأسلمت، فكان لها خباء في المسجد أو حفش ...الحديث)13. والخباء : الخيمة من وبر أو غيره. والحفش: البيت الصغير.
وفيه إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين، رجلاً كان أو امرأة عند أمن الفتنة، وإباحة استظلاله فيه بالخيمة ونحوها.
وقد ثبت في الصحيح -كما مر بنا آنفاً- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده», وأذن مرة لعائشة في الاعتكاف معه فبنت لها خباء، ثم بنت حفصة لها خباء...الخ)".
ومعلوم أن المعتكف ينام في المسجد، ويأكل فيه ويشرب فيه، ويتخذه مستقراً ليتفرغ فيه للعبادة.
وقد روى الإمام أحمد –رحمه الله- أن أبا ذر -رضي الله عنه- كان يخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا فرغ من خدمته أوى إلى المسجد، وكان هو بيته يضطجع فيه، وذكر أنه قال: فأين أنام وهل لي بيت غيره, ولعلّ أبا ذر كان من أهل الصفة الذين ليس لهم مأوى سوى المسجد، فينام فيه كغيره للحاجة، مع علمه بحرمة المسجد، ووجوب العناية وتنظيفه عن الفضلات والقذر. ويمكن القول بأن الأصل جواز النوم في المسجد للمعتكف ولغيره, لكن ينبغي التنبيه على أن لبيوت الله حرمة, فقد يمنع المبيت في المساجد في أوقات وظروف معينة بسبب انتشار عدم المبالاة بحرمات الله من السرقات وغيرها من الأخلاق الفاسدة, لكن هذا ليس على إطلاقه فهو يختلف من بيئة إلى أخرى, ثم إنه ينبغي الإشارة مع مثل هذه الظروف أن يكون هناك ملحقاً للمسجد يجعل للنوم في حالات خاصة أو طارئة وخاصة عابري السبيل الذين تنقطع بهم السبل, بدلاً من إغلاق بيوت الله بهذه الحجج, وذلك لتسلم المساجد من الأذى وحتى لا يُضيَّق على عباد الله من أبناء السبيل ونحوهم, والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين14.


الهامش
1 تفسير القرطبي - (2/333).

2 رواه أبو داود -2115- (6/471)وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود:(حسن صحيح).

3(187) سورة البقرة.

4 رواه البخاري -1887- (7/158)

5 رواه البخاري -1886- (7/157) ومسلم -2006- (6/91).

6 رواه البخاري -1896- (7/176).

7 رواه مسلم -2003- (6/88).

8 رواه البخاري -1893- (7/170).

9 أحكام القرآن للجصاص - (2/106).

10 رواه البخاري -421- (ج 2 / ص 222).

11 رواه البخاري -422- (2/223) ومسلم -4426- (12/135).

12 رواه البخاري -423- (2/224).

13 رواه البخاري -420- (ج 2 / ص 220).

14 استفيد الموضوع(بتصـــرف) من: 1- أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية لـ(إبراهيم بن صالح الخضيري)
2- فصول ومسائل تتعلق بالمساجد لـ(عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين).



منقول من موقع إمام المسجد





التعديل الأخير تم بواسطة لبنى أحمد ; 15-12-13 الساعة 09:22 PM
لبنى أحمد غير متواجد حالياً  
قديم 18-12-13, 03:49 AM   #5
لبنى أحمد
| طالبة في المستوى الثالث |
افتراضي




أقل زمن للاعتكاف

ما أقل مقدار للاعتكاف ؟ فهل يمكن أن أعتكف وقتا قصيراً أم لا بد من اعتكاف عدة أيام ؟.

الحمد لله

اختلف العلماء في أقل زمن للاعتكاف .
فذهب جمهور العلماء إلى أن أقله لحظة ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد .
انظر : الدر المختار (1/445) ، المجموع (6/489) ، الإنصاف (7/566) .
قال النووي في المجموع (6/514) :
وَأَمَّا أَقَلُّ الاعْتِكَافِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لُبْثٌ فِي الْمَسْجِدِ , وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْكَثِيرُ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ حَتَّى سَاعَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ اهـ باختصار .
واستدلوا على هذا بعدة أدلة :
1- أن الاعتكاف في اللغة هو الإقامة ، وهذا يصدق على المدة الطويلة والقصيرة ولم يرد في الشرع ما يحدده بمدة معينة .
قال ابن حزم : "والاعتكاف في لغة العرب الإقامة .. فكل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف .. مما قل من الأزمان أو كثر ، إذ لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد ، ووقتاً من وقت" اهـ . المحلى (5/179) .
2- روى ابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : إني لأمكث في المسجد الساعة ، وما أمكث إلا لأعتكف . احتج به ابن حزم في المحلى (5/179) وذكره الحافظ في الفتح وسكت عليه . والساعة هي جزء من الزمان وليست الساعة المصطلح عليها الآن وهي ستون دقيقة .
وذهب بعض العلماء إلى أن أقل مدته يوم وهو رواية عن أبي حنيفة وقال به بعض المالكية .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/441) :
"الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة ، لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك ، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجبا بالنذر وهو في المرأة والرجل سواء" اهـ .


الإسلام سؤال وجواب
لبنى أحمد غير متواجد حالياً  
قديم 19-12-13, 01:59 AM   #6
لبنى أحمد
| طالبة في المستوى الثالث |
افتراضي




اشتراط الخروج في الاعتكاف


وفيه مسائل:

المسألة الأولى: حكمه.

المسألة الثانية: نوعاه.

المسألة الثالثة: فائدته.

المسألة الأولى : حكمه :
اختلف العلماء في جواز الشرط وصحته في الاعتكاف على قولين:
القول الأول: جوازه وصحته.
وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، وبه قال كثير من السلف كالحسن وقتادة وعطاء، وإبراهيم النخعي، وغيرهما [95].
القول الثاني: عدم جوازه وعدم صحته.
وهو مذهب المالكية [96].
قال ابن رشد: "وسبب اختلافهم تشبيههم الاعتكاف بالحج في أن كليهما عبادة مانعة لكثير من المباحات" [97].
الأدلة:
استدل الجمهور بالأدلة الآتية:
1 - قولـه صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم" [98]، وهذا عام يشمل الاعتكاف[99].
2 - حديث ضباعة بن الزبير رضي الله عنهما، وفيه قولـه صلى الله عليه وسلم لها: "حجي واشترطي قولي: اللهم محلي حيث حبستني" [100].
وجه الدلالة: أن الإحرام ألزم العبادات بالشروع، ويجوز مخالفته بالشرط، فالاعتكاف من باب أولى.
3 - ما روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما "في المجاور لـه نيته" أي شرطه [101]. لكنه ضعيف.
4 - أنه يجب الاعتكاف بعقده فكان الشرط إليه فيه كالوقف.
5 - أن الاعتكاف لا يختص بقدر فإذا شرط الخروج فكأنه نذر القدر الذي أقامه [102].
دليل المالكية: عدم ورود الشرط في الاعتكاف.
قال الإمام مالك: "لم أسمع أحدًا من أهل العلم يذكر في الاعتكاف شرطًا، وإنما الاعتكاف عمل من الأعمال مثل الصلاة والصيام والحج وما أشبه ذلك من الأعمال ما كان من ذلك فريضة أو نافلة فمن دخل في شيء من ذلك فإنما يعمل بما مضى من السنة، وليس لـه أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه المسلمون لا من شرط يشترطه ولا يبتدعه" [103].
ونوقش هذا الاستدلال: أنه وإن لم يرد في الاعتكاف بخصوصه فقد ورد جواز الشرط العام الشامل للاعتكاف، وكذا ورد في الإحرام وهو ألزم العبادات فألحق به الاعتكاف.

المسألة الثانية: نوعاه

وفيها أمران:

الأمر الأول: أن يكون عامًا.

الأمر الثاني: أن يكون خاصًا.
الأمر الأول: أن يكون الشرط عامًا، كأن يقول: إذا عرض لي عارض، أو شغل، أو مرض ونحو ذلك خرجت.
فمذهب الشافعية والحنابلة وبه قال ابن حزم [104]، صحة هذا الشرط سواء كان الاعتكاف واجبًا أو تطوعًا.
لما تقدم من الأدلة على صحة الشرط في الاعتكاف.
والقول الثاني: عدم صحته.
وبه قال بعض الشافعية [105].
لأنه شرط مخالف لمقتضى الاعتكاف فبطل كما لو شرط الخروج للجماع.
ونوقش هذا التعليل: بعدم التسليم فإنه قياس مع الفارق، فإن شرط الخروج أباحه الشارع بخلاف الجماع فقد حرمه الشارع.
الترجيح:
الراجح – والله أعلم - صحة الشرط العام؛ لعموم أدلة صحة الشرط في الاعتكاف.
فعلى هذا عند الشافعية [106]: يخرج لكل شغل ديني، أو دنيوي مباح.
فالديني مثل: صلاة الجمعة، والجماعة، وعيادة المريض، ونحو ذلك.
والدنيوي المباح: مثل لقاء سلطان أو اقتضاء غريم ونحوه.
وليس من الشغل الفرجة والنزهة والنظارة.
وعند الحنابلة [107]: يخرج لكل قربة كعيادة مريض، أو صلاة جنازة، أو زيادة عالم ونحو هذا.
أو أمر مباح لا ينافي الاعتكاف كأكله في بيته، أو مبيته فيه إذا احتاج إلى ذلك.
فإن كان ينافي الاعتكاف؛ كالجماع، أو المباشرة، أو الفرجة، أو النزهة، أو البيع للتجارة، أو التكسب بالصنعة في المسجد أو غيره لم يجز لـه ذلك لما يأتي.
الأمر الثاني: أن يكون خاصًا، فإن كان قربة كعيادة مريض، وصلاة جنازة، وحضور مجلس علم فجائز عند أبي حنيفة [108]، والشافعية [109]، والحنابلة [110].
وإن كان غير قربة فعند الحنابلة يشترط أن يحتاجه ولا ينافي الاعتكاف.
وكذا عند الشافعية: يشترط أن يكون مباحًا مقصودًا غير مناف للاعتكاف.
فقول الحنابلة: "أن يحتاجه" مثل المبيت في بيته، وأكله فيه.
وقول الشافعية: "مباحًا" خرج المحرم كالسرقة.
وقولهم: "مقصود" خرج غير المقصود كالنزهة والفرجة.
وقولهم: "غير مناف للاعتكاف" خرج الجماع ونحوه مما ينافي للاعتكاف [111].
وعن الإمام أحمد: لا يصح الشرط لغير القربة، جزم به القاضي وابن عقيل واختاره المجد[112].


المسألة الثالثة: فائدة الاشتراط
أما في الاعتكاف المستحب ففائدته عدم بطلانه بالخروج لأجل الشرط.
وأما في الاعتكاف الواجب بنذر:
ففائدته عند الشافعية: في الاعتكاف المتتابع لا يلزمه تدارك ما فاته فكأنه قال: نذرت هذا الزمن والمشروط مستثنى منه [113].
وفائدته عند الحنابلة: سقوط التدارك أي القضاء في المدة المعينة كنذر اعتكاف شهر رمضان.
وأما في المدة المطلقة كنذر شهر متتابع ففائدة الشرط البناء على ما سبق مع سقوط الكفارة[114].

الهامش
[95] مصنف عبدالرزاق 4/355، ومصنف ابن أبي شيبة 3/89، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1/476، وروضة الطالبين 2/402، ومغني المحتاج 1/457، والكافي لابن قدامة 1/371، والإنصاف 3/376.
[96] المدونة مع المقدمات 1/198، الموطأ مع شرح الزرقاني 2/207، القوانين الفقهية ص85.
[97] بداية المجتهد 1/317.
[98] أخرجه البخاري معلقًا بصيغة الجزم في الإجارة، أجرة السمسرة 4/451 فتح.
[99] شرح الزركشي 3/10.
[100] أخرجه البخاري في النكاح، باب الأكفاء في الدين ح5089، ومسلم في الحج، باب جواز اشتراط المحرم ح1207 2/867.
[101] أخرجه عبد الرزاق 4/355، وفي إسناده مبهم.
[102] المغني 4/471، والكافي لابن قدامة 1/372.
[103] الموطأ مع شرح الزرقاني 2/207.
[104] روضة الطالبين 2/402، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/611، والمحلى 5/187.
[105] روضة الطالبين 2/402.
[106] روضة الطالبين 2/402.
[107] المغني 4/471، والكافي 1/372، والمبدع 3/76.
[108] الدر المختار 2/246.
[109] روضة الطالبين 2/402.
[110] المغني 4/471، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/611، والمبدع 3/76.
[111] روضة الطالبين 2/402، ومغني المحتاج 2/457.
[112] الإنصاف والشرح الكبير 2/612.
[113] روضة الطالبين 2/402، ومغني المحتاج 2/457.
[114] الشرح الكبير مع الإنصاف 7/613، والمبدع 3/76.


منقول من شبكة الألوكة

التعديل الأخير تم بواسطة لبنى أحمد ; 19-12-13 الساعة 02:03 AM
لبنى أحمد غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:52 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .