العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . الأقسام الدعوية والاجتماعية . ~ . > روضة الروابط الاجتماعية > روضة المتحابات في الله

الملاحظات


روضة المتحابات في الله للترحيب بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-,تواصل أخوي، مناسبات..

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-01-11, 02:33 AM   #1
لحظة من الدنيا
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 03-08-2010
الدولة: مكة المكرمة
العمر: 13
المشاركات: 15
لحظة من الدنيا is on a distinguished road
m تأليل الإنسان؟

بقلم فضيلة الشيخ : فهد بن سلمان العودة.





لعله سبك جديد لمفهوم تحويل الإنسان إلى آلة .

أردت أن أخرج ذات صباح؛ فوجدتني أعبئ جيوبي بجوال ذات اليمين وآخر ذات الشمال ، وأتفقّد آلة كانت في يدي ، وأتّجه لجهاز المحمول لأصحبه ، وأعيد جهاز التحكم (الريموت) إلى موضعه ، لأخلص بعد ذلك إلى السيارة وتوابعها وملحقاتها !

إنها صحبة تحيط بالإنسان ، بدءاً من نومه حين يضع الْمُنبّه أو الجوّال ، ومروراً بخيالاته قبل النوم, التي هي انعكاس لما رآه على الشاشة, أو في الشبكة العنكبوتية, وقوفاً عند أحلامه المنامية التي أثّرت عليها الشاشة ، ولعل المنام خير تعبير عن التأليل ؛ حيث يتجرّد المرء من المقاومة والتمثيل, ويستسلم للمؤثرات الحقيقية ، ولا يكاد حلم يَمرّ إلا والآلة حاضرة فيه ، ومعظم ما كان خيالاً في المنام في عصور مضت ، أصبح حقيقة ؛ فالإنسان يطير ، ويعيش في عالم من الغرائبيات والعجائب لا ينتهي ، ويشاهد الأموات ، ويسمع حديثهم !

ولعل المنام أكثر تمرّداً من اليقظة على الواقع؛ فلا يزال في الأحلام متسع لمشاهد مركبة, وصور غريبة, لا وجود لها في المشهود الحي ، وهو أكثر تعبيراً عن التأثّر بالأشياء؛ حيث يتجرّد المرء من التكلّف ويستسلم لِلَاوَعْيِه .

وحين يصحو المرء؛ فأوّل ما يفعله هو الاتجاه لمصدر الصوت المنبه ليسكته ، ثم يحرك زرّ الكهرباء ، ليدخل في نوبة جديدة من دوامة الآلة !

وإذا كان الأئمة والأسلاف يتحدثون عن أثر الصحبة؛ حتى تكلم ابن تيمية في كتابه الاقتضاء وغيره, عن أثر صحبة الحيوان ؛ كرعي الإبل أو الغنم ، مشيراً إلى حديث أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه – في الصحيحين , عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « الْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِى أَصْحَابِ الإِبِلِ ، وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِى أَهْلِ الْغَنَمِ » وعقب بقوله: "الآدمي إذا عاشر نوعا من الحيوان اكتسب بعض أخلاقه، ولهذا صار الخيلاء والفخر في أهل الإبل، وصارت السكينة في أهل الغنم، وصار الجمالون والبغالون فيهم أخلاق مذمومة، من أخلاق الجمال والبغال، وكذلك الكلابون، وصار الحيوان الإنسي، فيه بعض أخلاق الناس من المعاشرة والمؤالفة وقلة النّفرة ؛ فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة، توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي "..

فهل نتوقع أن الملابسة الدائمة للآلة لن تكون مؤثرة على الإنسان ؟

وهل نظن أن الإنسان يعجز عن تأنيس الآلة لو أراد ؟

لقد ركن الإنسان إلى المنتج الصناعي لأنه رياضي لا مفاجأة فيه ولا غدر ولا خداع ، بينما الناس يتظاهرون وينافقون ويخادعون ، ونسي كم من البشر كانوا ضحايا الآلة من الأموات والمعاقين الذين يفوقون ضحايا الحروب .

وركن إليه؛ لأنه يمنح التيسير الهائل في الخدمة, واختصار المسافة والوقت, ومعالجة المشكلة؛ ونسي أن في مقابل ذلك ثمناً يدفعه من صحته ، ومن الأعراض الجسدية الناتجة عن الجلوس وعدم الحركة, أو عن الإدمان على المشاهدة ، وتأثير ذلك على العين والأذن والأعصاب والظهر والمخ ، وأشد من ذلك القلب .

إضافة إلى التأثير النفسي بالعزلة عن الناس, وعدم انتظام البرنامج الحياتي ، والانفتاح غير المنضبط على الفُرَص والآفاق والمتغيرات ، وينسى كم يفقد من المشاعر والأحاسيس والمعاني الإنسانية مقابل الراحة والاسترخاء .

وركن إليها بدافع الإغراء بالمزيد من المكاسب المادية والشخصية ، ونسي أن القليل يكفي والكثير يلهي ويطغي :

يَوَدُّ الفَتى طولَ السَلامَةِ وَالغِنى فَكَيفَ تَرى طولَ السَلامَةِ يَفعَلُ

لقد ركن إلى الآلة لأنها لغة العصر وأسلوب حياته ولذا فليس من الحكمة أن يمارس الفرد أو الأسرة قطيعة مع الآلة التي هي إحدى تجليات المنح الإلهية في تسخير الكون, وتسليط الإنسان عليها ..

المشكلة إذاً في سوء الاستخدام ، في الإسراف في ترسيم الآلة في حياتنا وتصرفاتها والاعتماد عليها ، وفي ضعف روح الممانعة والوعي بخطورة تسليم النفس لها ، وفي تجاهل المعنى الإنساني للحياة والعلاقة مع الآخرين ..

بدلاً عن تأليل الإنسان وصبغه بالمادية القاتلة ، وإخضاع تفكيره وأشواقه وتطلعاته ومشاعره لثقلة الحديد ، وصرير المكنة ، ومنطق الحساب ؛ يمكن التفكير في أنسنة الآلة, لتكون رافداً أخلاقياً جديداً لتعزيز العلاقة داخل الأسرة ، والحي ، والمدينة ، بل والأرض كلها ، ومثل هذا لا يجوز أن نعارضه بأنه فكرة مبهمة ، فالمبهم يُحلَل وَيُفَصّل ، ولا بأنه المستحيل ، فما أفلح الإنسان في صنع الآلة إلا بعد ما نزع فكرة المستحيل عن كثير من الخيالات .

إنه المجال الخصب الضخم الذي يتوافق مع قيمنا وعقيدتنا وإنجازنا التاريخي ، ويحقق لنا الحضور الإنساني المتميز ، ويجعلنا نخوض غمار التجربة والمحاولة والشراكة ، بدلاً من الوقوف على الضفاف ، أو الاكتفاء بالمشاهدة ، أو مجرد الاستخدام .

دعونا نتدارس كيف يمكن توظيف المشاهدة أو اللعب أو الإنترنت أو التلفاز للتواصل بيننا , ولتنمية روح الفريق داخل الأسرة, وتعزيز الروابط بين الأصدقاء, وتبادل المعرفة والودّ والمحبة بين شركاء التخصص ، وإعادة العلاقات الباردة بين زملاء الأمس إلى دفئها وحيويتها ، وتسهيل تلقّي الخبرة والتجربة بين جيل الحاضر وجيل المستقبل ، وبين جيل الأمس وجيل اليوم ، وبين المختلفين في جنسهم أو لونهم أو ثقافتهم أو اهتمامهم ..

ربما تسللت الأم إلى بنتها عبر الإنترنت من حيث لا تدري؛ فوجدت روحاً أخرى لم تكن تتوقعها ، واستطاعت أن تعبّر عن حبّها وشوقها وحرصها بما لم تستطعه مكاشفة ومواجهة ، وربما تمكّن الأب من مخاطبة ولده برسالة جوال جميلة, لم تسعفه ملكته اللسانية من البوح بها ، وهي أني أقدم في النهاية بطاقة حب لمن مر هنا , والسلام.





توقيع لحظة من الدنيا
كل مرغوب يتحقق بالله
وكل مرهوب يدفع بالله
لحظة من الدنيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-11, 01:35 PM   #2
عابرة سبيل
إدارة عامة
افتراضي

فعلا الآلة التهمت جميع مساحات حياتنا وهناك من أخذ صفات الآلات في جمودة وعدم إحساسه!
نقل طيب أختي لحظة دنيا
بارك الله فيك..



توقيع عابرة سبيل


العلم..قوة!
عابرة سبيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-01-11, 01:58 PM   #3
روعة الإسلام
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 23-12-2010
الدولة: في نعم الله
العمر: 36
المشاركات: 171
روعة الإسلام is on a distinguished road
افتراضي

ربما تسللت الأم إلى بنتها عبر الإنترنت من حيث لا تدري؛ فوجدت روحاً أخرى لم تكن تتوقعها ، واستطاعت أن تعبّر عن حبّها وشوقها وحرصها بما لم تستطعه مكاشفة ومواجهة ، وربما تمكّن الأب من مخاطبة ولده برسالة جوال جميلة, لم تسعفه ملكته اللسانية من البوح بها ، وهي أني أقدم في النهاية بطاقة حب لمن مر هنا , والسلام.
رااااااااائع


بوركت يداكِ ..



توقيع روعة الإسلام
[COLOR=darkred][B][SIZE=4][COLOR=darkred][B][B][SIZE=3][COLOR=darkred][B][COLOR=darkred][B][SIZE=3][COLOR=darkred][SIGPIC][/SIGPIC][/COLOR][/SIZE][/B][/COLOR][/B][/COLOR][/SIZE][/B][/B][/COLOR][/SIZE][/B]
[B][SIZE=4][COLOR=darkred][B][B][SIZE=3][COLOR=darkred][B][COLOR=darkred][B][SIZE=3][COLOR=darkred]إذا كان يؤذيك حرُّ المصيف وكرب الخريف وبرد الشِّتا[/COLOR][/SIZE][/B][/COLOR][/B][/COLOR][/SIZE][/B][/B][/COLOR][/SIZE][/B]
[SIZE=4][COLOR=darkred][B][B][B][SIZE=3][COLOR=darkred][B][COLOR=darkred][B][SIZE=3][COLOR=darkred]ويلهيك حسن زمان الربيـع فأخذك للعلم قل لي :[/COLOR][COLOR=magenta] [COLOR=red]متى؟؟[/COLOR][/COLOR][/SIZE][/B][/COLOR][/B][/COLOR][/SIZE][/B][/B][/B][/COLOR][/SIZE][/COLOR]
روعة الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:43 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .