العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . الأقسام الدعوية والاجتماعية . ~ . > روضة الداعيات إلى الله > خواطر دعوية

الملاحظات


خواطر دعوية واحة للخواطر الدعوية من اجتهاد عضوات الملتقى أو نقلهن وفق منهج أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-12-09, 05:08 PM   #1
ام عبد الرحمن
~صديقة الملتقى~
افتراضي قصة رائعة ومحزنة جدا



بســم الله الـرحمــن الرحيــم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,,,

قصة صبر امرأة على زوجها السكير(حقيقية)
هذه القصة طويلة بعض الشيء ولكنها مفيدة ومؤثرة جداً
حقاً أجمل قصة قرأتها وأتعلمت منها كتير
رجاء لكل من يحاول الدعوة لله سبحانه وتعالى ولو في حدود ضيقة, أكمل قراءة القصة إلى نهايتها لعلك تستفيد منها وتفيد بها إن شاء الله.

~.~.~.~.~.~.~.~.~
في إحدى المدن بالمملكة كانت هناك امرأة تسكن مع زوجها وأولادها وبناتها في إحدى الأحياء وكان المسجد ملاصق لبيتها تماماً إلا أن الله ابتلاها بزوج سكير.
لا يمر يوم أو يومين إلا ويضربها هي وبناتها وأولادها ويخرجهم إلى الشارع.
كان أغلب من في الحي يشفقون عليها وعلى أبنائها وبناتها إذا مروا بها ويدخلون إلى المسجد لأداء الصلاة ثم ينصرفون إلى بيوتهم ولا يساعدونها بشيء ولو بكلمة عزاء، وكم كانوا يشاهدون تلك المرأة المسكينة وبناتها وأولادها الصغار بجوار باب بيتها تنتظر زوجها المخمور أن يفتح لها الباب ويدخلها بعد أن طردها هي وأولادها ولكن لا حياة لمن تنادي، فإذا تأكدت من أنه نام جعلت أحد أبنائها يقفز إلى الداخل ويفتح لها، وتدخل بيتها وتقفل باب الغرفة على زوجها المخمور إلى أن يستيقظ من سكره وتبدأ بالصلاة و البكاء بين يدي الله عز وجل تدعو لزوجها بالهداية والمغفرة.
لم يستطع أحد من جماعة المسجد بما فيهم إمام المسجد والمؤذن أن يتحدث مع هذا الزوج السكير وينصحه، ولو من أجل تلك المرأة المعذبة وأبنائها لمعرفتهم أنه رجل سكير لا يخاف الله باطش له مشاكل كثيرة مع جيرانه في الحي فظ غليظ القلب لا ينكر منكراً ولا يعرف معروف وكما نقول بالعامية (خريج سجون) فلا يكاد يخرج من السجن حتى يعود إليه.
الزوجة المسكينة كانت تدعو لزوجها السكير في الثلث الأخير من الليل وتتضرع إلى الله بأسمائه العلى وبأحب أعمالها لديه أن يهدي قلب زوجها إلى الإيمان، وأكثر أيامها كانت تدعو له بينما هي وأبناءها تعاني الأمرين فلا أحد يرحمها من هذا العناء غير الله فلا أخوة ولا أب ولا أم يعطف عليها الكل قد تخلى عنها والكل لا يحس بها وبمعاناتها فقد أصبحت منبوذة من الجيران والأهل بسبب تصرفات زوجها.
في إحدى المرات وبينما كانت تزور إحدى صديقاتها في حي آخر مجاور لهم تكلمت وفتحت صدرها لصديقتها وشرحت لها معاناتها وما يفعله بها زوجها وببناتها وأبناءها إذا غاب تحت مفعول المسكر، تعاطفت معها قلباً وقالباً وقالت لها: اطمئني، سوف أكلم زوجي لكي يزوره وينصحه وكان زوجها شاباً صالحاً حكيماً ويحب الخير للناس ويحفظ كتاب الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فوافقت بشرط أن لا يقول له بأنها هي التي طلبت هذا حتى لا يغضب منها زوجها السكير ويضربها ويطردها من البيت إلى الشارع مرة أخرى لو علم بذلك، فوافقت على أن يكون هذا الأمر سر بينهما فقط .
ذهب زوج صديقتها إلى زوجها بعد صلاة العشاء مباشرة لزيارة زوج تلك المرأة وطرق الباب عليه فخرج له يترنح من السكر ففتح له الباب فوجده إنسان جميل المنظر له لحية سوداء طويلة ووجه يشع من النور والجمال ولم يبلغ الخامسة والعشرين من عمره والزوج السكير كان في الأربعين من عمره على وجهه علامات الغضب والبعد عن الله عز وجل فنظر إليه وقال له: من أنت وماذا تريد؟
فقال له: أنا فلان بن فلان وأحبك في الله وجئتك زائراً ولم يكد يكمل حديثه حتى بصق في وجهه وسبه وشتمه وقال له بلهجة عامية شديدة الوقاحة: لعنة الله عليك يا كلب، هذا وقت يجيء فيه الناس للزيارة، انقلع عسى الله لا يحفظك أنت وأخُوتك اللي تقول عليها.
كانت تفوح من الزوج السكير رائحة الخمرة حتى يخيل له أن الحي كله تفوح منه هذه الرائحة الكريهة، فمسح ما لصق بوجهه من بصاق وقال له: جزاك الله خيراً قد أكون أخطأت وجئتك في وقت غير مناسب ولكن سوف أعود لزيارتك في وقت آخر إن شاء الله، فرد عليه الزوج السكير أنا لا أريد رؤية وجهك مرة أخرى وإن عدت كسّرت رأسك وأغلق الباب في وجه الشاب الصالح وعاد إلى بيته وهو يقول الحمد لله الذى جعلني أجد في سبيل الله وفي سبيل ديني هذا البصاق وهذا الشتم وهذه الإهانة، وكان في داخله إصرار على أن ينقذ هذه المرأة وبناتها من معاناتها، أحس بأن الدنيا كلها سوف تفتح أبوابها له إذا أنقذ تلك الأسرة من الضياع.
فأخذ يدعو الله لهذا السكير في مواطن الاستجابة ويطلب من الله أن يعينه على أن ينقذ تلك الأسرة من معاناتها إلى الأبد، كان الحزن يعتصر قلبه وكان شغله الشاغل أن يرى ذلك السكير من المهتدين.
فحاول زيارته عدة مرات وفي أوقات مختلفة فلم يجد إلا ما وجد سابقاً حتى أنه قرر في إحدى المرات أن لا يبرح من أمام بيته إلا ويتكلم معه فطرق عليه الباب يوماً من الأيام فخرج إليه سكران يترنح كعادته وقال له: ألم أطردك من هنا عدة مرات لماذا تصر على الحضور وقد طردتك؟!!
فقال له: هذا صحيح ولكني أحبك في الله وأريد الجلوس معك لبضع دقائق والله عز وجل يقول على لسان نبيه صلى الله عليه و سلم: « من عاد أخ له في الله ناداه مناد من السماء أن طبت وطاب ممشاك وتبؤت من الجنة منزلاً».
فخجل السكير من نفسه أمام إلحاح هذه الشاب المستمر رغم ما يلاقاه منه وقال له ولكن أنا الآن أشرب المسكر وأنت يبدو في وجهك الصلاح والتقوى ولا يمكنني أن أسمح لك لكي ترى ما في مجلسي من خمور احتراما لك فقال له: أدخلنى في مكانك الذي تشرب فيه الخمر ودعنا نتحدث وأنت تشرب خمرك فأنا لم آتي إليك لكى أمنعك من الشرب بل جئت لزيارتك فقط فقال السكير: إذا كان الأمر كذلك فتفضل بالدخول فدخل لأول مرة بيته بعد أن وجد الأمرّين في عدم استقباله وطرده وأيقن أن الله يريد شيئاً بهذا الرجل.
أدخله إلى غرفته التى يتناول فيها المسكر وتكلم معه عن عظمة الله وعما أعد الله للمؤمنين في الجنة وما أعد للكافرين في النار وفي اليوم الآخر وفي التوبة وأن الله يحب العبد التائب إذا سأله الهداية ثم تكلم في أجر الزيارة وما إلى ذلك وأن الله يفرح بتوبة العبد التائب فإذا سأله العبد الصالح قال الله له لبيك عبدي (مرة واحدة) وإذا سأله العبد المذنب العاصى لربه قال الله له لبيك لبيك لبيك عبدي (ثلاث مرات) وكان يرى أسارير الرجل السكير تتهلل بالبشر وهو ينصت إليه بجوارحه كلها ولم يحدثه عن الخمرة وحرمتها أبداً وهو يعلم أنها أم الكبائر وخرج من عنده بعد ذلك دون كلمة واحدة في الخمر فأذن له بالخروج على أن يسمح له بين الحين والحين بزيارته فوافق وانصرف.
بعد ذلك بأيام عاد إليه فوجده في سكره، وبمجرد أن طرق الباب عليه رحب به وأدخله إلى المكان الذى يسكر فيه كالعادة فتحدث ذلك الشاب عن الجنة وما عند لله من أجر للتائبين النادمين ولاحظ بأن السكير بدأ يتوقف عن الشرب بينما هو يتكلم فأحس أنه أصبح قريباً منه وأنه بدأ يكسر أصنام الكؤوس في قلبه شيئاً فشيئاً، وأن عدم مواصلته للشرب دليل على أنه بدأ يستوعب ما يقال له، فأخرج من جيبه زجاجة من الطيب الفاخر غالية الثمن فأهداها له وخرج مسرعاً وكان سعيداً بما تحقق له من هذه الزيارة من تقدم ملحوظ .
فعاد بعد أيام قليلة لهذا الرجل فوجده في حالة أخرى تماماً وإن كان في حالة سكر شديدة ولكن هذه المرة بعد أن تكلم الشاب عن الجنة وما فيها من نعيم أخذ يبكي السكير كالطفل الصغير ويقول لن يغفر الله لي أبداً، لن يغفر الله لي أبداً وأنا أكره المشائخ وأهل الدين والاستقامة وأكره الناس جميعاً وأكره نفسي وإنني حيوان سكير لن يقبلني الله ولن يقبل توبتي حتى وإن تبت، فلو كان الله يحبني ما جعلني أتعاطى المسكرات ولا جعلني بهذه الحالة وهذا الفسق والفجور الذى أعيش فيه من سنوات مضت، فقال له: الشاب الصالح وهو يحتضنه أن الله يقبل توبتك وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له وأن باب التوبة مفتوح ولن يحول بينك وبين الله أحد وأن السعادة كلها في هذا الدين وأن القادم سوف يكون أجمل لو سألت الله الهداية بقلب صادق مخلص وما عليك إلا أن تسأل الله مخلصاً في طلب الهداية والله عز وجل يقبلك وأن قيمته عند الله عظيمة، وأشار إليه بأنه على سفر الآن مع مجموعة من أصدقائه المشائخ إلى مكة المكرمة وعرض عليه أن يرافقهم فقال له: السكير وهو منكسر القلب ولكن أنا سكران وأصدقائك المشائخ لن يقبلوا بمرافقتي فقال له: لا عليك هم يحبونك مثلي ولا مانع لديهم أن ترافقهم بحالتك الراهنة فكل ما في الأمر هو أن نذهب إلى مكة المكرمة للعمرة فإذا انتهينا عدنا إلى مدينتنا مرة أخرى وخلال رحلتنا سوف نسعد بوجودك بيننا فقال السكير: وهل تسمحون لي أن آخذ زجاجتي معي فأنا لا أستغني عنها لحظة واحدة فقال له: الشاب الصالح بكل سرور خذها معك إن كان لابد من أخذها
منقول
يتبع




بســم الله الـرحمــن الرحيــم

إليكم التكملة


كانت نظرة هذا الشاب الصالح بعيدة جداً جداً رغم خطورة أن يحمل زجاجة الخمر في سيارته وأن يحمل معه شخصاً سكيراً وسكران في نفس الوقت فالطريق إلى مكة ممتلئ بدوريات الشرطة ولكنه قرر المجازفة من أجل إنقاذ هذه المرأة وأبناءها فمن يسعى لتحقق هدف عظيم تهون عنده الصغائر.
فقال له: قم الآن واغتسل وتوضأ والبس إحرامك فخرج إلى سيارته وأعطاه ملابس الإحرام الخاصة به على أن يشتري هو غيرها فيما بعد، فأخذها ودخل إلى داخل البيت وهو يترنح وقال لزوجته أنا سوف أذهب إلى مكة للعمرة مع المشايخ فتهللت أسارير زوجته فرحاً بهذا الخبر وأعدت حقيبته ودخل إلى الحمام يغتسل وخرج ملتفاً بإحرامه وهو مازال في حالة سكره وكان الرجل الشاب الصالح البطل المغامر يستعجله حتى لا يعود في كلامه فلا يرافقهم، ولم يصدق أن تأتي هذه الفرصة العظيمة لكي ينفرد به عدة أيام ويبعده عن السكر وأصدقاء السوء فلو أفاق فربما لن يذهب معهم أو يدخل الشيطان له من عدة أبواب فيمنعه من مرافقته فعندما خرج إليه أخذه ووضعه في سيارته وذهب مسرعاً به بعد أن اتصل على أصدقائه من الأخوة الملتزمين الذين تظهر عليهم سمات الدين والصلاح والتقوى لكي يمر عليهم في منازلهم ويصطحبهم في هذه الرحلة التاريخية.
انطلقت السيارة باتجاه مكة المكرمة، وكان الشاب الصالح على مقودها وبجواره السكير وفي المقعدة الخلفية اثنان من أصدقائه الذى مر عليهم وأخذهم معه، فقرؤوا طوال الطريق قصار السور وبعض الأحاديث النبوية من صحيح البخاري وكلها في التوبة وفي الترغيب والترهيب بما عند الله من خير جزيل وفي فضائل الأعمال، كان السكير لا يعرف قراءة الفاتحة و(يلخبط) بها ويكسر فيها كيفما شاء، و عندما يأتي الدور عليه يقرؤونها قبله ثلاثة مرات حتى يصححوا له ما أخطأ فيها بدون أن يقولوا له أنت أخطأت وأنه لا يعقل أن يخطىء أحد في الفاتحة، وهكذا حتى انتهوا من قراءة قصار السور عدة مرات، وقرؤوا الأحاديث المختلفة في فضائل الأعمال وهو يسمع ولا يبدي حراك وقبل الوصول إلى مكة قرروا الثلاثة الأصدقاء أن لا يدخلوا مكة إلا وقد أفاق تماماً صاحبهم من السكر فقرروا المبيت في إحدى الاستراحات على الطريق بحجة أنهم تعبوا ويريدون النوم إلى الصباح ومن ثم يواصلون مسيرهم وكان يلح عليهم بأنه بإمكانه قيادة السيارة على أن يناموا هم أثناء قيادته السيارة فهو لن يأتيه النوم أبداً فقالوا له جزاك الله خير وبارك الله فيك نحن نريد أن نستمتع برحلتنا هذه بصحبتك وأن نقضي أكبر وقت ممكن مع بعضنا البعض فوافق على مضض ودخلوا إحدى الاستراحات المنتشرة على الطريق وأعدوا فراش صاحبهم السكير وجعلوه بينهم حتى يرى ما سوف يفعلونه فقاموا يتذاكرون آداب النوم وكيف ينامون على السنة كما كان المصطفى عليه الصلاة والسلام ينام وكان ينظر إليهم ويقلدهم وما هى إلا بضع دقائق حتى نام ذلك السكير في نوم عميق.
استيقظوا الثلاثة قبل الفجر وأخذوا يصلون في جوف الليل الأخير ويدعون لصاحبهم الذي يغط في نومه من مفعول الكحول وكانوا يسجدون يبكون بين يدى الله أن يهديه ويرده لدينه رداً جميلاً وبينما هو نائم إذ استيقظ ورآهم يصلون قبل الفجر ويبكون ويشهقون بين يدي الله سبحانه وتعالى فدخل في نفسه شيئاً من الخوف وبدأ يستفيق من سكره قليلاً قليلاً، وكان يراقب ما يفعله أولئك الشباب في الليل من تحت الغطاء الذى كان يخفى به جسده الواهي وهمومه الثقيلة وخجله الشديد منهم ومن الله عز وجل.
فأخذ يسأل نفسه كيف أذهب مع أناس صالحين يقومون الليل ويبكون من خشية الله وينامون ويأكلون على سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم وأنا بحالة سكر، وتشابكت الأسئلة في رأسه حتى بدا غير قادر على النوم مرة أخرى، بعد فترة من الزمن أذن المؤذن للفجر فعادوا إلى فرشهم وكأنهم ناموا الليل مثل صاحبهم وما هي إلا برهة حتى أيقظوه لصلاة الفجر ولم يعلموا بأنه كان يراقب تصرفاتهم من تحت الغطاء فقام وتوضأ ودخل المسجد معهم وصلى الفجر وقد كان متزناً أكثر من ذي قبل حيث بدأت علامات السكر تنجلي تماماً من رأسه فصلى الفجر معهم وعاد إلى الاستراحة بصحبة أصدقائه الذين أحبهم لصفاتهم الجميلة وتمسكهم بالدين وإكرامهم له والتعامل معه بإنسانية راقية لم يرها من قبل.
بعدها أحضروا طعام الإفطار وكانوا يقومون بخدمته وكأنه أمير وهم خدم لديه ويكرمونه ويسلمون على رأسه ويلاطفونه بكلمات جميلة بين الحين والحين، فشعر بالسعادة بينهم وأخذ يقارن بينهم وبين جيرانه الذي يقول بأنه يكرههم.
انفرجت أسارير الرجل بعد أن وضع الفطور فتذاكروا مع بعضهم البعض آداب تناول الطعام والطعام موجود بين أيديهم هو يسمع ما يقال فأكلوا طعامهم وجلسوا حتى ساعة الإشراق فقاموا وصلوا صلاة الإشراق وعادوا إلى النوم ثانية حتى الساعة العاشرة صباحاً لكي يتأكدوا من أن صاحبهم أفاق تماماً من سكره، ورجع لوضعه الطبيعي فانفرد بصاحبه قليلاً وقال له:
كيف أخذتني وأنا سكران مع هؤلاء المشايخ الفضلاء سامحك الله سامحك الله، ثم أني وجدت زجاجتي في السيارة فمن أحضرها فقال له الشاب الصالح: أنا أحضرتها بعد أن رأيتك مصر على أخذها وأنك لن تذهب معنا إلا بها فقال له: وهل شاهدها أصحابك فقال له: لا لم يشاهدوها فهي داخل كيس أسود لا يظهر منها شيئاً فقال الحمد لله أنهم لم يشاهدوها.
تحركوا بعد ذلك إلى مكة وصاحبهم معهم ونفس ما قاموا به في بداية رحلتهم قاموا به بعد أن تحركوا فقرؤوا قصار السور وبعض الأحاديث في الترغيب والترهيب أثناء رحلتهم ولكن لاحظوا هذه المرة أنه بدأ يحاول قراءة قصار السور بشكل أفضل من السابق وخلال الطريق تنوعت قراءاتهم فوصلوا إلى مكة المكرمة ودخلوا إلى البيت الحرام وكانوا يكرمون صاحبهم السكير كرماً مبالغاً فيه في بعض الأحيان أملاً في هدايته فطافوا وسعوا وشربوا من زمزم فاستأذنهم أن يذهب إلى الملتزم فأذنوا له وذهب فأمسك بالملتزم وأخذ يبكي بصوت يخيل للشاب الصالح الذي كان يرافقه ويقف بجواره أن أركان الكعبة تهتز من بكاء السكير ونحيبه وأن دموعه أغرقت الساحة المحيطة بالكعبة فكان يسمع بكاءه فيبكي مثله ويسمع دعائه فيؤمن خلفه كان يئن وصاحبه يئن مثله، كان منظراً مروعاً أن ترى منظر بهذا الشكل، كان يدعو الله:
أن يقبل توبته ويعاهد الله أن لا يعود إلى الخمرة مرة أخرى وأن يعينه على ذلك، فلم يكن يعرف من الدعاء غير يا رب ارحمني يا رب أسرفت كثيراً فارحمني أنت رب السموات والأرض إن طردتني من باب رحمتك فلمن ألتجئ، إن لم تتب علي فمن سواك يرحمني يا رب إن أبواب مغفرتك مفتوحة وأنا أدعوك يا رب فلا تردني خائباً.
كان دعائه مؤثراً جداً لدرجة أنه أبكى المجاورين له، كان بكائه مريراً جداً تشعر بأن روحه تصعد إلى السماء حين يدعو ربه، كان يبكي ويستغيث حتى ظن صاحبه أن قلبه كاد أن ينفطر، استمر على هذا المنوال أكثر من ساعة وهو يبكي وينتحب ويدعو الله وصاحبه من خلفه يبكي معه.
منظر مؤثر فعلاً حين يجهش بالبكاء رجلاً تجاوز الأربعين ومتعلق بأستار الكعبة، وأكثر ما جعله يبكي هو أنه كان يقول يا رب إن زوجتي أضربها وأطردها إذا غبت في سكري فتب علي يا رب مما فعلت بها، يا رب إن رحمتك وسعت كل شيء وأسألك يا رب أن تسعني رحمتك، يا رب إني أقف بين يديك فلا تردني صفر اليدين.
يا رب إن لم ترحمني فمن سواك يرحمني، يا رب إني تائب فاقبلني فقل لي يا رب لبيك لبيك لبيك عبدي، يا رب إني أسألك لا تشح بوجهك عني.
يا رب أنظر إلي فإنني ملأت الأرض بالدموع على ما كان مني، يا رب إني بين يديك، وضيف عليك في بيتك الحرام فلا تعاملني بما يعاملني به البشر فالبشر يا رب إن سألتهم منعوني وإن رجوتهم احتقروني، يا رب اشرح صدري وأنر بصيرتي واجعل اللهم نورك يغشاني وكره إلي حب الخمور ما أحييتني يا رب لا تغضب مني ولا تغضب عليّ فكم أغضبتك بذنوبي التي لا تحصى وكنت أعصيك وأنت تنظر إلي.
كان صديقه في هذه الأثناء يطلب منه الدعاء له فكان يزداد بكاءه ويقول يا رب أمن مثلي يطلب الدعاء؟!! يا رب إني عصيتك خمس وعشرين عاماً فلا تتركني ولا تدعني أتخبط في الذنوب، يا رب إني فاسق فاجر أقف ببابك فاجعلني من عبادك الصالحين، يا رب إني أسألك الهداية وما قرب إليها من قول أو عمل وأنا خاشع ذليل منكسر بين يديك، يا رب إن ذنوبي ملأت الأرض والسموات فتب علي يا أرحم الراحمين واغفر جميع ذنوبي يا رب السموات والأرض.
فيشهق ويبكي وأحياناً يغلبه البكاء فلا تسمع إلا صوت حزين متقطع من النحيب والبكاء.
أذن المؤذن لصلاة العصر فجلسوا للصلاة والسكير التائب مازال متعلقاً بأستار الكعبة يبكي حتى أشفق عليه صديقه وأخذه إلى صفوف المصلين كى يصلي ويستريح من البكاء، أخذه معه وهو يحتضنه كأنه أمه أو كأنه أباه فصلى ركعتين قبل صلاة العصر كانت كلها بكاء بصوت منخفض يقطع القلب ويدخل القشعريرة في أجساد من حوله، إن دعاء زوجته في الليل قد تقبله الله وإن دعاء الشاب الصالح قد نفع وأثمر، وإن دعاء أصدقائه في الليل له قد حقق المقصود من رحلتهم، إن الدعاء صنع انسان آخر بين ليلة وضحاها، فبدأ يرتعد صاحبهم خوفاً من الله حين أحس بحلاوة الإيمان.
إن الدعاء في ظهر الغيب حقق النتيجة التي تدله على الهداية، لقد أشفق عليه أصحابه في هذه الرحلة من بكاءه، انقضت الصلاة وخرجوا يبحثون عن فندق مجاور للحرم ولازالت الدموع تملأ وجهه، كان أحدهم يحفظ القرآن عن ظهر قلب هو الآخر، وكان متواضعاً لدرجة كبيرة جداً لا تراه إلا مبتسماً فعندما رأى إقبال صاحبهم التائب إلى الله زاد في إكرامه وبالغ وأصر إلا أن يحمل حذاء ذلك التائب إلا هو وأن يضعه تحت قدميه عند باب الحرم، هذا التصرف من حافظ القرآن فجر في صدره أشياء لا يعلمها إلا الله بل يعجز الخيال عن وصفها حين توصف.
وفعلاً حمل حذائه مع حذائه وخرج به إلى خارج الحرم ووضعهما في قدميه وهو فرح بما يقوم به، استأجروا فندق مطل على الحرم، وجلسوا به خمسة أيام وكان صاحبهم يتردد على الحرم في كل الصلوات ويمسك بالملتزم ويبكي ويبكي كل من حوله، وفي الليل كان يقوم الليل ويبكى فتبكي معه الأسرة والجدران، ولا تكاد تراه نائماً أبداً ففي النهار يبكي في الحرم وفي الليل قائماً يصلي ويدعو الله بصوت يملؤه البكاء، وبعد أن مضت رحلتهم عادوا إلى مدينتهم وهم في طريق العودة طلب من صديقه أن يوقف السيارة قليلاً فأوقفها بناء على طلبه فأخرج التائب زجاجة الخمر من ذلك الكيس الأسود أمام صديقه ومرافقيه وسكب ما فيها وقال لهم اشهدوا على يوم الموقف العظيم أني لن أعود إليها ثانية وأخذ يسكب ما فيها وهو يبكي على ذنوبه التى ارتكبها ويعدد ما فعله بأسبابها وكانت عيون مرافقيه تغرغر بالدموع وتحشر كلمات تنطق من أعينهم لا يعرفون كيف يعبرون عنها فكانت الدموع أبلغ من لغة الكلام فبكوا.
وتحركوا بعد ذلك وهم يبكون مثله، وبدأ الصمت يختلط بالنحيب وبدأ البكاء يختلط بالبكاء، وقبل أن يصلوا إلى مدينتهم قالوا له: الآن تدخل إلى بيتك متهلل الوجه عطوفاً رحيماً بأهلك وأعطوه نصائح عديدة في كيفية التعامل مع الأبناء والزوجة بعد أن من الله عليه بالهداية وأن يلزم جماعة المسجد المجاور له وأن يتعلم أمور دينه من العلماء الربانين، فالله عز وجل يقبل توبة التائب ويفرح بها ولكن الاستمرار على الهداية والتوبة من موجبات الرحمة والهداية فكان يقول والله لن أعصي الله أبداً فيقولون له إن شاء الله والدموع تملأ أعينهم.
وصل إلى بيته ودخل على زوجته وأبنائه وبناته وكان في حال غير الحال التي ذهب بها لم تحاول الزوجة أن تخفي فرحتها بما شاهدته فأخذت تبكي وتضمه إلى صدرها وأخذ يبكي هو الآخر ويقبل رأسها ويقبل أبنائه وبناته واحدا تلو الآخر وهو يبكي، وما هي إلا فترة وجيزة حتى استقام على الصلاة في المسجد المجاور له وبدأت علامات الصلاح تظهر عليه فأصبح ذو لحية ناصفها البياض وبدأ وجهه يرتسم عليه علامات السعادة والسرور وبدأ كأنه مولود من جديد.
استمر على هذا الحال فترة طويلة، فطلب من إمام المسجد أن يساعد المؤذن في الأذان للصلاة يومياً فوافق وأصبح بعد ذلك المؤذن الرسمي لهذا المسجد بعد أن انتقل المؤذن الرئيسي إلى الرفيق الأعلى، وبدأ يحضر حلقات العلم والدروس والمحاضرات بالمسجد ثم قرر أن يحفظ القرآن فبدأ بالحفظ فحفظه كاملاً عن ظهر قلب وخلال هذه الفترة كان صديقه الشاب الحليم يزوره باستمرار ويعرفه على أهل الخير والصلاح حتى أصبح من الدعاة إلى الله واهتدى على يديه العديد من أصدقائه الذين كانوا يشربون الخمر معه فيما مضى، وأصبح إمام للمسجد المجاور له ولا يزال بحفظ الله ورعايته إلى يومنا هذا من الدعاة وإماماً لمسجد الحي.

منقول للفائدة
~.~.~.~.~.~.~
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين



توقيع ام عبد الرحمن
ام عبد الرحمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-09, 06:59 PM   #2
ام زكرياء عمر
~مشارِكة~
افتراضي

جزاك الله بخير اختي ام عبد الرحمن قصة مؤثرة جدا اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك



توقيع ام زكرياء عمر
]
ام زكرياء عمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-09, 08:50 PM   #3
إيمان مصطفى عمر
|مديرة معهد العلوم الشرعية|
افتراضي

جزاك الله خيرا أختي ام عبد الرحمن
كلماتي تقف عاجزة أمام ما قرأت
نسأل الله الهداية لجميع المسلمين وان يقبل توبة التائبين
انه كريم مجيب الدعاء
إيمان مصطفى عمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-09, 09:35 PM   #4
صفا
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 11-01-2009
المشاركات: 49
صفا is on a distinguished road
افتراضي

ماشاءالله تبارك الله قصه رائعه ومؤثره جدا جزاك الله خيرا اختي ام عبدالرحمن
نسال الله لنا الهدايه ولجميع المسلمين
صفا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-09, 08:36 PM   #5
ام عبد الرحمن
~صديقة الملتقى~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكن وجزاكم خيرا
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه
ام عبد الرحمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-09, 09:09 PM   #6
حفيدة ابن تيمية
~مشارِكة~
افتراضي

جزاك الله خيراًعلى هذه القصة اختى أم عبد الرحمن
حفيدة ابن تيمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-09, 02:06 PM   #7
ناهد عبدالسلام احمد
جُهدٌ لا يُنسى
a السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكى الله كل خير ام عبد الرحمن فياليت كل غافل يتعلم من هذه القصة وان قدرة الله فوق كل شئ ويغفر الذنوب جميعا



توقيع ناهد عبدالسلام احمد
ناهد عبدالسلام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-12-09, 01:54 PM   #9
سارة بنت محمد
نفع الله بك الأمة
 
تاريخ التسجيل: 09-05-2009
المشاركات: 663
سارة بنت محمد is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم

عندي إشكال :

:وهو أن في القصة :" جالس شارب الخمر حال شربه الخمر ، وحمل معه زجاجة الخمر في رحلة العمرة "

الرجل الصالح حمل زجاجة الخمر في رحلة العمرة ليتألف قلب الرجل العاصي هل هذا يجوز ؟؟

الرجل الصالح جالس شارب خمر حال شربه هل هذا يجوز؟؟

الفتوى التي نقلتيها لا علاقة لها بالمسألة لأن كوني أزور العصاة في بيوتهم والدعوة هذا صواب ثم صواب أما كوني أشاركهم في المعصية لكي أدعوهم فهنا المسألة

السؤال هل يجوز لك اختي أن تذهبي لفتاة شاربة خمر وتجالسيها وهي تشرب الخمر (لاحظي تجالسيها حال شربها الخمر) لتدعيها وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن شاربها وحاملها وساقيها ومن يجلس مع الشارب حال شربه ,....الخ حديث لعن شارب الخمر

- لعنت الخمر على عشرة وجوه لعنت الخمر بعينها وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 7/12
خلاصة الدرجة: إسناده صحيح

هنا الاشكال

بنفس المنطق

سيقال : يجوز أن أذهب لاخت تنم فاجلس معها وهي تنم وتلوك اعراض الناس ولا أغير الحوار وولا أنكر عليها لتسكت وأفعل هذا لكي اتألف قلبها حتى إذا قلت لها هذا لا يجوز تقبل

هذا الفعل صار ينتشر والسؤال هل الدعوة غلى الله بمعصية الله تأتي بنتيجة ؟؟؟

وسيترتب عليها أن الأخت المنتقبة تخلع النقاب لكي تتقرب إلى العاصيات ويقبلن دعوتها والأاخ الملتحي يحلق لحيته ليتقرب الى العوام ويقبوا دعوته .....................الخ
سارة بنت محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-12-09, 11:47 AM   #10
عبد السلام بن إبراهيم الحصين
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: 08-02-2007
المشاركات: 867
عبد السلام بن إبراهيم الحصين is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خيرا أختي المباركة على إيراد هذه القصة، والتي تدل على أثر الدعاء في هداية الناس، وأثر الصبر وحسن التخطيط، وبذل الجهد والطاقة في دعوة الناس وإرشادهم إلى طريق الخير والهدى...
كما أشكر الأخت الفاضلة سارة بنت محمد على حرصها في معرفة الطريق الصحيح للدعوة، وعدم الوقوع في المحرمات لأجل دعوة الناس..
وأحب أن أبين رأيي في هذا الموضوع، فأقول:
الدعوة إلى الله عمل عظيم، وهي تحتاج إلى حكمة وموعظة حسنة، ومجادلة بالتي هي أحسن، وصبر على الأذى، وحلم في التعامل مع الخلق..
وهي منهج رباني إلهي بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، وحمله من بعده الصحابة والتابعون..
والمتأمل في نصوص الشريعة من كتاب وسنة، ومن تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يلحظ أنها تنهى عن مشاركة أهل المنكر في فعلهم، أو الرضا به وموافقة أهله عليه، أو فعله لأجلهم، ويلحظ أيضًا أنها تجيز السكوت عن بعض المنكرات إذا كان من الممكن إزالتها بعد ذلك، وكان هناك منكر أعظم منها يراد إزالته..
يقول الله تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين، وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون}.
أمر الله تعالى نبيه في هذه الآية -والأمة له تبع- أن يعرض عن مجالس الخائضين في دين الله بالباطل، وأنه إذا نسي وقعد معهم فليبادر إلى الخروج وترك مجالستهم، وأن من اتقى الله تعالى وجلس معهم مع تقواه وعدم خوضه في هذه الأحاديث وكان يأمرهم بالخير، وينهاهم عن الشر، فليس عليه من حسابهم شيء، وأنه محسن بذلك الفعل لما يقع به من الوعظ وتخفيف الشر.
وقد زعم بعض أهل العلم أن قوله :{وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء} منسوخ بقوله تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم}، والصواب عدم النسخ، وأن آية الأنعام محكمة، وأن المقصود بها النهي عن الجلوس مع عدم الإنكار، والنهي عن الجلوس بدون فائدة، مع وجود هذا المنكر فلا يحل لك الجلوس، أما إذا كان الجلوس بقصد النهي عن المنكر وتخفيف الشر فليس هذا من المشاركة في المنكر، بل من تغيير المنكر
يقول ابن سعدي في تفسيره:
{ فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} يشمل الخائضين بالباطل، وكل متكلم بمحرم أو فاعل لمحرم؛ فإنه يحرم الجلوس والحضور عند حضور المنكر الذي لا يقدر على إزالته، هذا النهي والتحريم لمن جلس معهم ولم يستعمل تقوى الله، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم، أو يسكت عنهم وعن الإنكار، فإن استعمل تقوى الله تعالى بأن كان يأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم فيترتب على ذلك زواله وتخفيفه فهذا ليس عليه حرج ولا إثم، ولهذا قال:{وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون} أي ولكن ليذكرهم ويعظهم لعلهم يتقون الله تعالى، وفي هذا دليل على أنه ينبغي أن يستعمل المذكِّر من الكلام ما يكون أقرب إلى حصول مقصود التقوى، وفيه دليل على أنه إذا كان التذكير والوعظ مما يزيد الموعوظ شرا إلى شره كان تركه هو الواجب لأنه إذا ناقض المقصود كان تركه مقصودا".
وقد روى الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة وجابر وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدارعليها الخمر)).
وهذا النهي لمن كان يجلس بلا إنكار، أو راض بفعلهم مقر لهم، أو لا يستطيع أن يغير، وليس في نيته تغييره، وأما إذا كان قصده بالجلوس إزالة المنكر، ولكن شيئًا فشيئًا فهذا لا بأس بجلوسه.
ولا يلزم من جلوسه بقصد إنكار المنكر أن يفعل فعلهم، فلا يجوز له أن يشرب، ولا يجوز للمرأة أن تكشف حجابها لأجل الدعوة، إلا في حالات خاصة، وهي الضرورة، فإن الضرورات تبيح المحظورات، وهذه لها تفصيل في غير هذا المكان.
وقد أخبر الله في كتابه أن مؤمن آل فرعون كان يكتم إيمانه، وكان يقيم في مجلس آل فرعون، وقد مدحه الله تعالى على فعله وما قام به من جهود، ولم يذمه لمقامه بينهم.
فالذي يظهر لي والله أعلم أنه لا بأس بالجلوس في مجلس يشرب فيه الخمر إذا كان مقصود الجلوس الدعوة وتغيير المنكر، ويترتب على جلوسه إزالة هذا المنكر أو تخفيفه.
وهذه المسائل يختلف القول فيها بحسب النظر إلى ما يتحقق فيه المصلحة، أويندفع به من المفسدة.
والله أعلم..
عبد السلام بن إبراهيم الحصين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتب رائعة وثمينة و مفيدة جدا أم الخطاب78 مكتبة طالبة العلم المقروءة 8 10-08-15 09:11 PM
درس مفيــد : كيف تحفظ القرآن؟ أم أســامة روضة القرآن وعلومه 25 26-07-10 03:39 AM
قصة علي بن الجهم مع المتوكل: قصة لا تصح! أم عمر الأثرية روضة اللغة العربية وعلومها 4 13-10-06 08:49 PM


الساعة الآن 03:55 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .