02-01-08, 09:27 PM | #9 |
~صديقة الملتقى~
تاريخ التسجيل:
22-10-2007
المشاركات: 952
|
آثار الإيمان بهذا الإيمان :
(الخالق ـ الخلاق ـ البارئ ـ المصور) : 1 (1)-أخبر تعالى عن نفسه أنه هو الخالق وحده وما سواه مخلوق، قال تعالى : قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (الرعد: من الآية16) وقال سبحانه : هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ (فاطر: من الآية3) . فكل ما سوى الله مخلوق محدث، كائن بعد أن لم يكن، وكل المخلوقات سبقها العدم كما قال عز وجل : هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (الإنسان:1) . وهذا قول الرسل جميعاً وأتباعهم، وخالف في ذلك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته وإن لم يكن معدوماً أصلاً، بل لم يزل ولا يزال، ولكن الكتاب يرد ذلك ويرفضه (2)-أن الله سبحانه لم يزل خالقاً كيف شاء ومتى شاء ولا يزال، لقوله سبحانه : كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ (آل عمران: من الآية47) . وقوله : وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ (القصص: من الآية68) ، وقوله سبحانه: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (البروج:15-16). وليس بعد خلق الخلق استفاد اسم (الخالق)، ولا بإحداثه البرية استفاد اسم (الباري)، وذلك من كماله، ولا يجوز أن يكون فاقداً لهذا الكمال، أو معطلاً عنه في وقت من الأوقات، قال تعالى : أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (النحل:17) (3)-إن الله تعالى ذكره خالق كل شيء. قال تعالى : ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (غافر:62). ومن جملة مخلوقاته العباد وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يدل هذا على أن العبد ليس بفاعل على الحقيقة ولا مريد ولا مختار، بل هو فاعل لفعله حقيقة، وأن إضافة الفعل إليه إضافة حق، وأنه يستوجب عليه المدح والذم والثواب والعقاب، ولكن لا يدل هذا أنه واقع بغير مشيئة الله وقدرته. والدليل على أن أفعال العباد مخلوقة قوله تعالى : وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (الصافات:96) فأفعالهم لله تعالى خلق ولهم كسب، ولا ينسب شيء من الخلق لغير الله تعالى، فيكون شريكاً ونداً مساوياً له في نسبة الفعل إليه، وقد نهى الله سبحانه عن ذلك بقوله : فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (البقرة: من الآية22) ، وقد وقع في ذلك القدرية نفاة القدر، الذين جعلوا العباد خالقين مع الله تعالى، ولهذا كانوا "مجوس هذه الأمة" بل أردأ من المجوس من حيث إن المجوس أثبتوا خالقين، خالقاً للخير وخالقاً للشر، وأما هؤلاء فقد أشركوا جميع العباد فى الخلق فقالوا هم يخلقون أفعالهم، وخالفوا بذلك الكتاب والسنة وأهل الحق (4)-خلق الله عظيم محكم فلا يستطيع مخلوق أن يخلق مثله، فضلاً عن أن يخلق أفضل منه، قال سبحانه وتعالى : هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (لقمان:11) ، وفي الآية تحدٍ لجميع الخلق من الجن والإنس وغيرهم. وقد أثبت الله عجزهم عن خلق خلقٍ ضعيف حقير كالذباب مثلاً ولو اجتمعوا على ذلك وتعاونوا عليه، قال عز وجل : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحج:73-74). 0(5) 5-ولذلك حرم الله على عباده أن يصوروا الصور ذات الأرواح لما فيها من مضاهاة لخلق الله، أي تشبيه ما يصنعونه ويصورونه من الصور بما يصنعه ويصوره الله كما جاء في رواية مسلم : "الذين يشبهون بخلق الله وقد وردت أحاديث كثيرة في توعد المصورين بأشد العذاب كقوله : "إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون" وقوله : "إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم"، وهو أمر تعجيز ويستفاد منه صفة تعذيب المصور وهو أن يكلف نفخ الروح في الصورة التي صورها وهو لا يقدر على ذلك فيستمر تعذيبه. قاله الحافظ( وجاء في الحديث القدسي قوله تعالى : (ومن أظلم ممن ذهب ـ أي قصد ـ يخلق خلقاً كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة) فتحداهم الخالق سبحانه وتعالى بأن يخلقوا ذرة وهي النملة الصغيرة، ثم زاد في التحدي بأن طلب منهم أن يخلقوا حبة أو شعيرة وهو من الجماد الذي لا حركة فيه نسبياً إذا ما قيس بالنسبة للنمل الذي يتحرك. وقد قسم النووي رحمه الله المصورين إلى ثلاثة أقسام : أ-من فعل الصورة لتعبد وهو صانع الأصنام ونحوها فهذا كافر وهو أشدهم عذاباً. ب-من فعل الصورة وقصد مضاهاة خلق الله تعالى واعتقد ذلك، فهذا كافر له من أشد العذاب ما للكفار ويزيد عذابه قبح كفره. ج-من لم يقصد بالصورة العبادة ولا المضاهاة فهو فاسق صاحب ذنب كبير ولا يكفر كسائر المعاصي. (6)-وجود هذا الخلق العظيم المحيط بنا من كل ناحية دليل على قدرة الخالق وعلى عظمته وكماله، فالإنسان يعجز في كثير من الأحيان عن معرفة جوانب كثيرة من الأرض التي يعيش عليها، مع أنها صغيرة جداً إذا ما قيست بالنسبة لبقية الكون الفسيح المليء بملايين النجوم المضيئة والشموس والأقمار والتي يعجز عن حصرها أو عدها، وهذا كله في السماء الدنيا، التي فوقها ست سماوات طباق، بعضها فوق بعض وفوقهن جميعاً الكرسي، ومن عظمة خلق هذا الكرسي واتساعه أنه يستوعب السماوات السبع والأرض جميعاً، قال تعالى : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ (البقرة: من الآية255) والعرش أعظم من ذلك والخالق سبحانه فوق العرش، وهو جلت عظمته أكبر من كل شيء وأعظم. وبذلك تعلم أن خلق الإنسان ضعيف جداً، إذا ما قرون بالسماوات السبع والكرسي والعرش كما قال تعالى : لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (غافر:57) ، وقال تعالى : أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (النازعـات:27-29) . (7)-وأخيراً يجب أن نعلم أن الله سبحانه وتعالى ما خلق هذا الخلق العظيم لهواً ولعباً، ولا خلقه عبثاً وإنما خلقه لغاية عظيمة. قال تعالى : أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (المؤمنون:115-116) أي : أفظننتم أنكم مخلوقون عبثاً بلا قصد ولا حكمة لنا فيكم، فتعالى الله أي تقدس وتنزه عن ذلك، ثم ذكر العرش لأنه سقف جميع المخلوقات وقال عز وجل : وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (الأنبياء:16-18) . قال ابن كثير : يخبر الله تعالى أنه خلق السموات والأرض بالحق ـ أي بالعدل ـ ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى وأنه لم يخلق ذلك عبثاً ولا لعباً وأبان تعالى عن هذه الغاية العظيمة بقوله : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (الذاريات:56-57). |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|