08-12-07, 12:09 AM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
البدوي بين يدي عمر رضى الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم جبلة بن الأيهم آخر ملوك الغساسنة جاء إلى مكة المكرمة في موسم الحج في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وأعلن إسلامه لأنّه لم يبقَ سواه من الأمراء والملوك العرب الذين دانوا للإسلام وسلّموا له طواعية ، فأشهرَ إسلامه ، ومازالت في نفسه أبَّهةَ الملك والسلطان واستعلاء الإمارة والإدارة ، ثمّ نزل إلى الكعبة يطوفُ بها وإذا ببدويٍ فقيرٍ من قبيلة فزارة يطوف مع الطائفين حولَ الكعبة ، وبطريقِ الخطأ يدوسُ الفزاري البدوي على رداء وعباءةِ الأمير الغساني إبن الأيهم فيسقطُ الرداء .. تسقط العباءة أرضاً ، فيأخذهُ عنفوانُ الجهل ونزعة الأمارة والملك والسلطان فيلتفت إلى الفزاري ويلطمه فيهشّم أنفه ثم يكمل طوافه .. يذهب البدويّ الفزاريّ إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه بلسان الحال والمقال ، قال عمر : من فعل بك هذا ؟ قال : جبلة بن الأيهم الأميرُ الغسّاني . قال : ولمَ ؟ . قال : دست بطريق الخطأ على ردائه فسقط من على مَنكبيه حول الكعبة ، فاستدعى عمر الأمير الذي أعلن إسلامه لتوِّه ، فقال : إيتوني بابن أيهم من فوره ، فجاؤوا به ووقف جبلة بن الأيهم والبدوي الفزاري وعمر ثالثهما ، ويجري هذا الحوار . قال عمر : يا ابن أيهم جاءني منذ قليل .. بدوي من فزارة .. بمشهدٍ يبعثُ في النفس المرارة .. بجراحٍ تتكلم ودماءٍ تتظلم .. فسألناه فألقى فادحَ الوزرِ عليك .. بيديك .. أصحيح ما ادعى هذا الفزاري ؟. قال جبلة : - وهو مازال في شموخِ الأمارة وعنفوان السلطة – قال : نعم يا أمير المؤمنين هذا لا يُنكر عندي أو يرد أنا أدَّبتُ الفتى أخذت حقي بيدي داسَ ردائي . قال عمر : يا ابن أيهم نزواتُ العُنجهيّة .. ورياحُ الجاهليّة .. قد دفناها ، وأقمنا فوقها صَرحاً جديداً ، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيدا .. أرضِ الفتى لا بدَّ من إرضائه . قال جبلة : كيف هذا يا أمير المؤمنين ..كيف ترضى .. أن يخرَّ النجمُ أرضا .. إنّه سُوَقة ، وأنا صاحب تاج . قال عمر: يا ابن أيهم دولةُ العدلِ أقمناها كلُّ شبرٍ فيها بحدِّ السيفِ يداوى وأعزُّ الناس بالعبدِ والمملوكِ والصعلوكِ تساوى .. أرضِ الفتى لا بدَّ من إرضائه مازالَ ظفرك عالقاً بدمائهِ أو ليهشمنَّ الآن أنفك .. وتنال منه ما فعلته كفُّك . قال جبلة : أمهلني حتى المساء فأعتذر له أمام الناس ، ثم هرب جبلة ، ولم يعتذر للفزاري البدويّ ، وارتدَّ عن الإسلام وعادَ إلى جاهليته وقيلَ تنصَّر ، ولم يندم عمر ولم يقل خسرتُ أميراً أو خسرتُ صاحب سلطة لأنَّ العدل هو أساس قيام الدول و المجتمعات .. المساواة بكل صورها وألوانها هي الكفيلُ الوحيد .. بقوة وتماسك الأمة فيما بينهاونظرةُ المساواة بين الناس دون النظر لمواقعهم ومراتبهم ومناصبهم وتفاوتهم الطبقي في الغنى والفقر .. إن هذا هو الضمان الوحيد لكي يبقى أي بلد متماسكاً يشدُّ بعضه بعضا ، وخصوصاً في أوقات الأزمات والنكبات والمحن . مقتطعة من النص الكامل لخطبة ألقاها الداعية الدكتور محمود آغاسي في حلب بجامع الإيمان وذلك في 27 - 7 – 2007 م, و القصة موجودة في سيرة عمر رضي الله عنه و لكن بصياغة أخرى. التعديل الأخير تم بواسطة مفكرة إسلامية ; 13-12-07 الساعة 09:22 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|