12-10-13, 01:02 AM | #1 |
~مشارِكة~
|
|~ عشر ذي الحجة.. وتغيير نمط الحياة ~|
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين |~ عشر ذي الحجة... وتغيير نمط الحياة ~| انتشر بيننا هذا السؤال: كيف نحقق الربانية ؟ وها هي أيام التربية قد جاءتنا، فالتربية في حقيقتها منسوبة للرب، وقد عرفها العلماء بأنها الوصول بالأمر شيئا فشيئا إلى الكمال، ولما كان الكمال لله وحده اتفق خبراء التربية على عبارة: مناشدة الكمال، ومن ثم كان العزم والتشمير والاجتهاد والسعي والعمل والتصميم والإرادة هي الطريق الوحيد لمناشدة الكمال، وبالتالي تحقيق التربية. ومعنى أيام التربية في مجمله هو التعرض لنفحات الله وعطاياه المستمرة، فنفحات الله ومننه وأنواره نازلة نازلة، فإن وجدت فلوبا متيقظة وأرواحا نشطة ونفوسا فتية، استقرت بها ونال صاحبها الرضا، ورحبت الدنيا في قلبه، واتسع الكون في روحه، فنهض نحو التغيير والسلوك القويم، ولذلك كانت وصية المصطفي صلي الله عليه وسلم: (إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها)، والتعرض لها هو العزم والإرادة والتصميم في توجهنا إليها، فهي فرصة للاغتنام، فالغنيمة في الحرب لا تكون إلا بعد عناء ومعاناة، كذلك هذه الأيام المباركات. وقد تأملت في الطاعات الكثيرة: من صيام وقرآن ونوافل وسنن وصدقات واستعداد للعيد وإسعاد للمجتمع وتقديم الخدمات واتصال دائم بالله من قيام ليل ومناجاة وذكر ودعاء..... فقلت: إن الله فضل هذه الأيام فأقسم بها في قرآنه:{ والفجر وليال عشر} ودعا لمناجاته فيها: {واذكروا اسم الله في أيام معلومات} يقول ابن عباس: إنها العشر الأوائل من ذي الحجة. فقد جاء كل ذلك من أجل هدف يريده الله لكل مسلم في حياته اليومية، وهي على صعيدين: ~ الأول: ما نراه من مشاهد الأمة وقد جاءت من كل فج عميق لتؤدي مناسك الحج الواحدة، وتعظم شعائر بعينها، ثم يعودون وكل منهم مولود جديد ينبؤ بميلاد جديد للأمة، فنتعلم من المشاهد أمرين بهما نبدأ عاما جديدا بصفحة بيضاء وهما: 1 – الانشغال بالآخرة وهو ما يخفف علينا عمل الدنيا والسعي والاكتساب والكبد، وكيف نجعل ذلك بابا للآخرة مصداقا لقول السلف: (من نافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة) فها هو وفد الله لا ينشغل إلا بالآخرة، وهذه رسالة واضحة لكل مسلم لم يحج، وهذا الانشغال بالآخرة هو منة من الله وفضل لعباده: {إنا أخلصناهم بخالصة ذكري الدار}. 2 – التشمير للجنة ففي كل ما نراه من أعمال الحج ومشاهده مشقة وعناء ومكابدة في القدوم والطواف والمبيت بمنى والسعي ورمي الجمرات وكأنها تقول لنا في رسالتها: الجنة الغالية تنتظرك فماذا أعددت لها ؟!. كان النبي يقول لصحابته: (ألا من مشمر للجنة ؟ فيقولون: نحن المشمرون لها ؟ فيقول لهم النبي: قولوا إن شاء الله). أي بالاجتهاد والتشمير وليست بالراحة والدعة، وإن كان هذا الرد النبوي لصحابته الكرام فبماذا نحن نتلقى هذا الرد النبوي وحالنا كما نرى ؟ ~ الصعيد الثاني: على مستوى حياتنا اليومية فهذه أيام تربية ننشد فيها الكمال عسى الله أن يكتب لنا المغفرة فهي الطريق الأوحد إلى الجنة يقول تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعددت للمتقين}، ونجمل أيام التربية في التالي: 1 - تربية النفوس: بهذه الطاعات وأثرها في النفس، فتعطينا طاقة وزادا نواجه به معارك الحياة، إن الطاعة لا تتحقق إلا حينما تكون خالصة لله، ويكون لها أثر في المجتمع والحياة، فإن لم يكن لها أثر في تغيير السلوك وإصلاح المجتمع فيجب مراجعة إخلاصها لله، وإن لم يكن لها أثر في الأنس بها والانشراح لها وزيادة الايمان وانفساح القلوب، فيجب مراجعة إخلاصها لله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا}. فإن تحققت النفوس بالأمرين السابقين كان يسيرا عليها طاعة الناس كما أمر الله مثل: بر الوالدين وطاعة الزوجة لزوجها والمرءوس لرئيسه والجندي للقائد والتلميذ لأستاذه، وهذا هو سر قول النبي صلي الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وبذلك نجعل هذه الأيام تربية للنفس على الطاعة في مواجهة معارك الحياة. 2 – تغيير نمط الحياة الملل والانسحاب والسلبية والهزيمة الداخلية وضعف الايمان وغير ذلك مما بات شكوي الناس اليوم، يرجع إلى رتابة حياتهم وعدم التجديد، فالقلوب تصدأ، والأرواح يخبو ضوءها، والنفوس تتراجع وتضعف، فلماذا لا نقوم بنسف المعين لكل هذه المظاهر؟، بتغيير نمط حياتنا، وها هي فرصة هذه الأيام، بهذا النوع التربوي الفائق فأبواب الطاعات مفتحة و أنواعها متغيرة، تتناغم مع الكون المتغير الطائع دائما، فتحدث حالات انسجام، بعدها يفوز كل مسلم بتغيير عاداته، والتحكم في انفعالاته، والسيطرة على نفسه، مما يجعله يبدأ عاما جديدا بنشوة المنتصر على نفسه، ومنها يكون انتصاره سهلا على أزمات الحياة. 3 – تواصل مع الله تعالى إن كان النبي قد حدد (العمل الصالح) بعلو أجره على الجهاد في هذه الأيام، فما ذلك إلا لأن العمل الصالح له ما قبله وما فيه وما بعده، فما قبله نية وهمة، وما فيه صدق وعدم رياء، وما بعده خوف ورجاء في أن يقبل الله العمل، وهكذا يكون المسلم في كل لحظاته أمام الأبواب المفتحة: ينقلها إلى عبودية خالصة لله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} وبهذا المفتاح تتحول العادات إلى عبادات، والإداريات إلى طاعات، والأعمال إلى عبودية خالصة، أليس في هذا تدريب علي التواصل الدائم بالله في أيام التربية. 4 – تنافس تربوي طاقات الإنسان المكنونة تريد أن تنطلق، وتعود على صاحبها بكل خير، وبتنوع أنواع الطاعات تنطلق الطاقات وتتحرر القدرات في بيئة جعلها الله مهيئة لمنافسة حقيقية: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) ومعنى (وفي ذلك): العمل الصالح والعمل للآخرة والطاعات المنوعة والتشمير للجنة ، وومع افتقادنا اليوم للبيئة التربوية والمناخ التربوي الصالح للمنافسة، فهذا عطاء من الله لنا، وفرصة للتنافس التربوي الخالص في بيئة ربانية تصنع على عين الله ورعايته. 5 – شمول التربية (العمل الصالح) كلمة جامعة شاملة، وأثرها التربوي في النفس والمجتمع والحياة والأمة ملموس ومرئي، فهذه العشر تأتي كتدريب مجاني على كسب خبرات تربوية منوعة: من الفهم والاقتناع حتي التبني والممارسة، حيث الانطلاق والسلوك العملي: فهي انسجام وتناغم وتطبيق في البيت مع الزوجات والأزواج والأبناء، كما هي في العمل صلاح وإصلاح وعلاقات وصلات، كما هي مع الأقارب بر وصلة وتقارب ومودة، كما هي مع المجتمع خدمات وتواصل وأخلاق: تحاب وتآخي وتعاون وتسامح وتناصر وتفاهم وتكافل وتكامل، كما هي مع الأمة هم واهتمام ومساندة ومجاهدة، فهل سأل كل منا نفسه بأي شئ استقبلت العشر ؟ مازالت الفرصة مستمرة، فإن كانت الاجابة نعم فالحمد لله الذي أرشدنا إلى كل خير ولنستمر على ما من الله به علينا من طاعات. وإن لم يكن فمازالت الفرصة أمامنا في السرعة بالتوبة الصادقة، والعزم على اغتنام ما تبقى من بركات هذه الأيام، ولنعلنها حربا على المعاصي التي تأكل كل ما سبق من طاعات، وليكن شعارنا قوله تعالي: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}. °| ~ همسة: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أوتقضي عنه ديناً، أوتطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظاً، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل) [حسنه الألباني -رحمه الله-]. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد عبدك ورسولك وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم" التعديل الأخير تم بواسطة بُشريات ; 12-10-13 الساعة 01:20 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|