الفوائد من المحاضرة الثانية "كيف تبحثين مسألة عقدية"

[شعاع فرح]

كيف تبحثين مسألة عقدية

الشيخ/ عبدالله المشعل

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمدا لا ينفذ أفضل ما ينبغي أن يحمد والصلاة والسلام على أفضل المصطفين محمد وعلى آله وأصحابه ومن تعدد
أما بعد
مقدمة:-
- التنبيه في بداية اللقاء أن يجدد الإنسان نيته مع الله جل وعلا فإن العلم إذا أريد به وجه الله والدار الآخر نفع صاحبه ونفع الله الخلق به وقد كان السلف رحمهم الله يخافون من تقلب نياتهم وما هذا إلا لطهارة قلوبهم وصدق إخلاصهم مع الله جل وعلا وإنما ثقلت الأنفس وظننا أننا أوتينا ما لم يؤتى أحد من العالمين بسبب الذنوب والمعاصي لذلك لا يظن أحد منا أن العلم إنما هو بكثرة القراءة والحفظ وسرد الأسانيد وإنما العلم الخشية كما قال ابن مسعود رضي الله عنه, العلم الذي لا يزيد صاحبه إلا رفعة على الخلق وجدال في الباطل فهذا من العلم الذي يكون شاهد على صاحبه يوم القيامة ... .
- لابد قبل الدخول في هذا الموضوع أن تستشعرين عظم هذا العلم العظيم وكيف كان السلف يحرصون عليه أشد الحرص فقد جاء عن إبراهيم النخعي أنه كان يقول "كنا أول ما نعلم الصبيان قول لا إله إلا الله"
وجاء عن الحسن ابن علي أنه كان يعلم الصبيان فيقول لصبي "قل آمنتُ بالله وكفرت بالطاغوت" ثم لابد من التفكر بأمر يغفل عنه الكثير ويظن أن هذا العلم إنما هو مشغله عن العبادة وهذا الكلام فيه نظر وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان الحديث فيه مقال أنه قال " أفضل دينكم الورع وفضل العلم خير من فضل العبادة" وكان عبدالله ابن الإمام أحمد يسأل أباه: يا أبتِ أأكتب العلم أم أقوم الليل؟ قال أكتب العلم لأن كتابة العلم لك ولغيرك وقيامك الليل لنفسك ... .
- ويتأكد طلب العلم في هذا الزمان لكثرة المغريات والفتن وخير عاصم من الفتن هو التقرب إلى الله جل وعلا ومما يعين على ذلك التقرب لله بالعلم فإنه الذي يكشف الشبهات ويزيلها.
ولابد من العمل بالعلم فإن ثمرة العلم العمل ولذلك قال أبو هريرة رضي الله عنه " ما خشيت أن يعذبني الله جل وعلا بشيء إلا من شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أعمل به" نسأل الله العفو والعافية.
كيف تبحثين مسألة عقدية:-
تعريف هذا العلم وكيف التفريق بينه وبين سائر العلوم:
تعريف العقيدة : هي من مادة عقد الدالة على العزم والجزم والاستيثاق ومنه قولهم عقدت الحبل وعقد البيع والزواج ونحو ذلك.
أما الاصطلاح: هو ما يدين الإنسان به ربه جل وعلا ويعتقده بقلبه من أمور الدين وذلك أن دين الله جل وعلا ينقسم إلى قسمين
القسم الأول :الأعمال التي تكون بالجوارح وهي متعلقة بأركان الإسلام وواجباته كالصلاة والحج والجهاد وبر الوالدين ونحو ذلك
القسم الثاني :الأعمال المتعلقة بالقلوب وهذه هي العقيدة ولهذا موضوعها والمجال الذي تبحث فيه وهي أركان الإيمان الستة المعروفة وكتب العقيدة تدور كلها على هذه الأصول الستة ... .
أهمية هذا العلم "علم العقيدة":
منها ...
1- أن شرف العلم دائما يتحدد بشرف المعلوم كما قال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى " لا أجل ولا أشرف ولا أعظم من الله عز وجل" لذلك هذا العلم هو أشرف العلوم لأنه متعلق بالله عز وجل.
2- أن صحة الأعمال وقبول الأعمال متوقف على صحة المعتقد.
3- أنه أعظم الأسباب التي يحفظ صاحبها بسببها من الانحراف والانزلاق في مزالق الشبهات, الإنسان في مسيره إلى الله جل وعلا يعترضه في مسيره عقبتان: العقبة الأولى الشهوات والعقبة الثانية الشبهات والشبهات أسوأ من الشهوات ولا مخرج منه إلا بصحة هذا العلم العظيم.
4- من أعظم الوسائل التي تثبت الإيمان في القلب وتدفع الشكوك عن صاحبها فأمور العقيدة لا تقبل الشك.
5- أنه يزكي الخشية والخوف مع الرجاء والمحبة لله عز وجل في قلب العبد وهذه أصول العبادة التي لابد منها في أي عبادة يتعبد الإنسان ربه بها.
6- أن زيادة العبودية لله عز وجل فرع عن العلم به سبحانه لهذا ضعف العبودية لله عز وجل خرج عن جهل به سبحانه وتعالى.
7- ارتباط السعادة الحقيقة به سبحانه وجودا وعدما قوةً وضعفاً.
8- النبي صلى الله عليه وسلم أمضى أكثر من نصف عمر الرسالة في دعوة الناس إلى تصحيح المعتقد.
منهج أهل السنة والجماعة في تدوين العقيدة:
1- أن منهج أهل السنة والجماعة منهج توقيفي فالمصدر عندهم واحد ولهذا كتب العقائد عندهم قائمة على مصدرين الكتاب والسنة.
2- مما يميزهم أيضاً أن منهجهم في ذلك أنهم يحتجون في كتب العقائد بخبر الآحاد, معنى ذلك ما ثبت عندهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
معنى خبر الآحاد: هو ما رواه واحد أو أكثر لكنه لم يبلغ حد التواتر بمعنى أنه يوجد في أحد طبقات السند راوي أو أكثر لكنه لم يبلغ حد التواتر وأهل الكلام لا يقبلون به في كتب العقائد أما أهل السنة يقبلون به ولهم في ذلك دلائل وبراهين.
3- الاستدلال بالإجماع والعقل والفطر وهذا فيه رد على أهل الكلام والمخالفين لأهل السنة لأنهم يتهمون أهل السنة بأنهم حشوية "أهل حشو قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقيموا للعقل وزن ولا يقيمون أيضا للفطرة ولا الإجماع" وهذا كذب على أهل السنة.
- الفرق بين أهل السنة وأهل الكلام في هذه المسألة أن أهل السنة لا يجعلون العقل هو أصل يعني المصدر, العقل والفطرة يأخذون بها لكن ليست عند أهل السنة والجماعة هي أصل في هذا الباب كما أنه لا يكون هناك إجماع على مسألة عقدية لا يكون فيها نص من الكتاب والسنة.
- ما فائدة الإجماع إذاً؟
فائدة الإجماع في زيادة الحجة والأخذ به تقوية وزيادة للحجة وكذلك بيان الدلالة فأحيانا يكون الدليل موجود لكن دلالة هذا الدليل على هذه المسألة نحتاج فيها إلى إجماع.
4- الوضوح والسهولة مع الاختصار والإيجاز.
5- الاتفاق وعدم التناقض والتضاد.
ترتيب مسائل الاعتقاد في مصنفات أهل السنة والجماعة :
يلاحظ على مصنفات المتقدمين لم يكن لهم منهج موحد في ترتيب مسائل الاعتقاد ولذلك كانوا يبدؤون بالأهم فالمهم.
أيضاّ يلاحظ عليهم أنهم يولون قضية التقسيم المنهجي الموجود عند المتأخرين اهتماماً.
أما المتأخرين غالبا أنهم رتبوا مسائل الاعتقاد عندهم على أصول الإيمان الستة
سمات التأليف في باب العقائد عند أهل السنة:
1- تدوين مسائل اعتقاد من خلال الجوامع الحديثية بمعنى أنهم لا يألفون هذا الكتاب تباعاً في موضوع العقيدة إنما يؤلفون كجانب يجمع مسائل العقائد وغير مسائل العقائد.
2- هناك من دون مسائل الاعتقاد في مؤلفات مستقلة وهذه السمة تنقسم إلى أقسام
- المؤلفات ذات السمة الشمولية التي تكلمت عن جملة من مسائل الاعتقاد.
- المؤلفات التي تتكلم عن مسألة من مسائل العقيدة فتأخذ أصل من أصول الاعتقاد.
- المؤلفات التي تضمنت الرد على المخالفة.
- المؤلفات التي اعتمدت على سرد المتون دون تعليق على طريق الرواية.
- المؤلفات التي عرضت الأدلة مع شرحها والتعليق عليها.
- مؤلفات تعرض مذهب أهل السنة كمتن مجرد وهذه تصلح للحفظ والشرح والدراسة.
- مؤلفات تعرض المسائل كمنظومة شعرية.
- مؤلفات يكون فيها تضمين الأبواب تقرير المسألة والرد على المخالفين
مصادر لا يستغني عنها الباحث في مسائل العقيدة: "مصادر ثانوية"
1- كتب التفسير
2- شروحات الأحاديث
3- كتب الفقه
4- الكتب التي تُعنى بالجمع بين الأحاديث والآثار التي ظاهرها التعارض
5- كتب الغريب "غريب الألفاظ"
ما الغرض من البحث في مسائل الاعتقاد؟
هناك قاعدة عامة ذكرها أهل البحث في الغرض من البحث على وجه العموم فذكروا في الغرض من البحوث وينطبق هذا على بعض العقائد جمع متفرق أو تكميل ناقص أو تفصيل مجمل أو تهذيب مطول أو ترتيب مخلط أو تعين مبهم أو تبيين خطأ
وغالباً من يبحث في مسائل الاعتقاد إما أن يقرر مسألة عقدية أو جمع عقيدة علم من الأعلام أو دراسة منهج في علم من الأعلام في العقيدة أو الرد على مخالف في مسألة عقدية.
وهناك ناحية منهجية مهمة جدا لمن أراد أن يكتب ردا على مخالف في مسائل العقيدة هناك خطوات معروفة وهي البداية أولا بذكر الأدلة من القران ثم الأدلة من السنة ثم أقوال الصحابة ثم ذكر أقوال أهل العلم الناحية المهمة هو أن يحرص أن يذكر أقوال الأئمة المتقدمين الذين ينتسب إليهم هذا المخالف أو يعظمهم وهم يخالفونه فيما يذهب إليه.
الاسئلة الواردة في المحاضرة:
- كتاب بسيط عن العقيدة لترسيخها عند الناشئة؟
- ما هو منهج التدرج في كتب العقيدة؟
- هل التفكر في آيات الله مع قليل العلم به سبحانه سبيل للوصول لمحبة الله وخشيته سبحانه؟
- الأشاعرة يدعون أنهم على مذهب أهل السنة والجماعة فكيف نرد عليهم؟
- إذا كان الله عز وجل كان قد كتب على الإنسان حياته إما على الإيمان أو الكفر بالعلم المسبق عنده سبحانه وجعل له الاختيار بين طريق الحق أو طريق الباطل وهو يعلم سبحانه وتعالى أي طريق سيسلكه في حياته فكيف يحاسب على اختيار الله له بالإيمان أو الكفر؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتخلص من هذه التساؤلات؟
- هل البحث في مسائل العقيدة فرض عين أم هو فرض كفاية؟
- الأطفال إذا فزعوا أو خافوا يقولون "يمه" فهل هي استغاثة بغائب وهي غير موجودة الأم؟