30-07-12, 10:22 PM | #1 |
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة |
رسائل في تزكية النفوس
رسائل في تزكية النفوس محمد بن عبد الله البقمي أيها الأكارم: هذه بعض المعالم والرسائل في تزكية النفس، حيث تشتد حاجة الصائم والمسلم - بشكل عام - إلى تهذيب نفسه وتشذيب شوائبها، وإليكم هذه الرسائل: الأولى: ضع مراد الله نصب عينيك: فالمرء منا يعيش في هذه الدنيا، وتتنازعه صوارفها وهمومها، وكل منها يأخذ منه بطرف، فطلب الرزق من جهة، ومطالب الحياة من جهة، والارتباطات بتنوعها من جهة أخرى. في خضم هذه الأمور مجتمعة، مما لا ينبغي على المسلم أن ينساه ؛ أن يجعل مراد الله تعالى نصب عينيه، فلا يرى إلا ما يرضيه، ولا يسمع إلا ما يرضيه، ولا يخطو إلا بقدميه إلا لما يرضيه.. فمقاليد التوفيق كلها مقرونة بالطاعات، ومقاليد الخيبة والخسران كلها مقرونة بالمعاصي والمنكرات.. فتجد المؤمن - الحق - في كل أمر تحدثه نفسه فيه تجده يتلمس مراد الرب تعالى، إن كان يريده منه وإلا انتهى عنه.. الثانية: تذكر فقرك وغناه: إن الله تعالى لما خلق الإنسان جعل فيه العجز والضعف والفقر ؛ فإن حدثتك نفسك أو دعاك هواك، أو سولت لك دنياك، أو زين لك الشيطان أمراً ما ليس فيه لرضى الرب تعالى محل ولا نصيب عندها: تذكر فقرك وغناه سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15 ] ثم تذكر عجزك وقدرته: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام:18].. ثم تذكر جهلك وعلمه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق:12].. فلا إله إلا الله ما أحلمه عنا، ما أعلمه بنا.. ما أرحمه بمن عصاه.. ما أرأفه بمن دعاه.. مهما رسمنا في جلالك أحرفا *** قدسية تشدو بها الأرواح فلأنت أعظم والمعاني كلها *** يا رب عند جلالكم تنداح الثالثة: الاعتذار إلى الواحد القهار جل وعلا: بعض الناس عندما يسمع لفظ (التوبة) يتبادر إلى ذهنه أن المقصود بها: هم أولئك العاصين المذنبين الغارقين في بحار الشهوات، الذين قد أخذ الشيطان منهم كل مأخذ، وأمسك بتلابيبهم حتى لا يكادون يفلتون من قبضته، وهذا الاعتقاد اعتقاد فاسد باطل، لا أساس له من الصحة، فالتوبة هي وظيفة العمر، وبيان ذلك: أن الله تعالى قد جبل خلقه على الخطأ، فكلنا ذوو خطأ.. من ذا الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط
ولكن عندما نخطئ فالمشروع في هذه الحالة: التوبة إلى الله تعالى، والاعتذار إليه جل وعلا، فالحبيب صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله تعالى ويتوب إليه في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة - كما ثبت في الصحيح - هذا وهو سيد الخلق، وإمام الأنبياء والمرسلين.. والله تعالى يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} [النور:31] هل قال: ( المذنبون – العاصون – الفاسقون ) !! بل قال: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31].. فدل على أن التوبة من وظائف العمر التي لا تنقطع إلا بزوال الشخص عند قيد الحياة، أو زوال الدنيا بطلوع الشمس من مغربها.. فالبدار البدار ما دمنا في زمان الإمهال.. الرابعة: أحسن إلى الله وإلى خلقه: إن الإحسان يا أكارم لا يقتصر مفهومه على البذل والإنفاق، بل هو عام يشمل كل ما يصدر عن المرء من حسن.. سواء كان قولاً أو فعلاً، سواء كان مع الخلق أو مع الخالق جل في علاه. فالإحسان مع الناس بالبشاشة والبذل والعطاء والعفو والصفح والتواضع، وإحسان الظن.. إلى غيرها من مكارم الأخلاق التي بُعث حبيبنا صلى الله عليه وسلم ليتممها.. فهذا الإحسان إما أنه لازم للإحسان مع الله أو تابع له، فهو مع ذلك بلا شك يقود إلى الإحسان في عبادة الخالق تبارك وتعالى ؛ حتى يفتح الرزاق على عبده من صنوف العبادات وأوجه الطاعات ما لا علم له به.. وربنا تعالى يقول في محكم آي الكتاب: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]. الخامس: اقطع حبالك من الخلائق أجمعين: أيها الأكارم ! قد تنزل بالواحد منا الخطوب وتضيق عليه الدروب، وتظلم في وجهه الدنيا، وتسود في عينيه الحياة، وتضيق عليه نفسه.. حينها لا تقرع أبواب الناس الموصدة، ولا هواتفهم المقفلة، فهم يضيقون ذرعاً بأنفسهم كيف إذاً بهمومك ومشاكلك ؟!. فالوصية أن لا تنزل حوائجك إلا بالواحد الأحد جل في علاه، واقطع حبالك بالخلائق، واصرف الطمع عن ما في أيديهم ؛ فكل ما عندهم هو من عنده تعالى: سل الله ما عنده ولا تسأل الناس ما عندهم. السادسة: ارفع أكف الضراعة: بعد كل ما سبق فإننا نقول أيها الأكارم: إن الذي خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك، هو وحده القادر على أن يهذب نفسك، ويكبح جماحها، ويرد عنك داعي الهوى والنفس والشيطان.. فالجأ الله وحده جل في علاه، أليس هو القائل في محكم آي الكتاب: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186]. ثم أين يذهب الفقير إلا إلى الغني.. وأين يذهب الضعيف إلا إلى القوي.. وأين يذهب الذليل إلا إلى العزيز.. وأين يذهب العاجز إلا إلى القادر ؟! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رسائل جوال وتواقيع | مروة عاشور | خواطر دعوية | 38 | 26-11-13 06:39 AM |
تزكية النفس ... | رقية مبارك بوداني | روضة التزكية والرقائق | 1 | 11-06-13 12:25 PM |