27-08-06, 06:27 PM | #1 |
أم مالك المصرية
|
لذة العلم
لذة العلم عبد الله بن سليمان العبدالله ( ذو المعالي ) الإنسان متقلِّبٌ في اللذات بين لذتين : الأولى : حسِّيَّة . الثانية : عقلية : . و أسماهما العقلية ، و غايتها العلم . فالعلم لذة من اللذائذ العقليَّة ، و هو ذو لذة رفيعة نفيسة . لذة العلم لها مجالان : الأول : لذة حال تحصيله و طلبه . و هذه اللذة أنواع : الأول : لذة باعتبار المقصد ( أي النية ) ؛ و الناس في نية الطلب أقسام : أحدها : أن يكون طلبه لله ( فهذا مأجور ) . ثانيها : أن يكون طلبه لغير الله ( فهذ يأثم ) ثالثها : أن يكون طلبه لا لله و لا لغير الله ( فهذا لا يثاب و لا يعاقب ) . و الأخيرة هي ( حال أكثر النفوس ، فإن الله خلق فيها محبة للعلم و المعرفة و إدراك الحقائق ، و قد يخلق فيها محبة للصدق و العدل و الوفاء بالعهد ، و يخلق فيها محبة للإحسان و الرحمة بالناس ، فهو يفعل هذه الأمور لا ليتقرَّب بها إلى أحد من الخلق ، و لا ليطلب مدحَ أحد و لا خوفاً من ذمه ... و المقصود _ هنا _ أن محبة هذه الأمور الحسنة ليس مذموماً بل محموداً ، و مَنْ فعل هذه الأمور لأجل هذه المحبة لم يكن مذموماً و لا معاقباً و لا يقال إن هذا عمله لغير الله ، فيكون بمنـزلة المرائي و المشرك ، فذاك هو الشرك المذموم ، و أما مَنْ فعلها لمجرَّد المحبَّة الفطرية فليس بمشرك و لا هو _ أيضاً _ متقرِّباً بها إلى الله حتى يستحق عليها ثواب مَنْ عملَ لله و عبده ) أهـ . [ انظر : مسألة فيما كان للعبد محبة لما هو خير و حق و محمود في نفسه ، لشيخ الإسلام ( 445 –450 ) ضمن مجموع ( دراسات عربية و إسلامية مهداة إلى أديب العربية محمود شاكر ]. الثاني : لذة باعتبار التحصيل ( أي ما حصَّلَه من العلم ) . الثالث : لذة باعتبار القَدْر ( أي ما ناله الطالب من قَدْرٍ و مكانة بسبب الطلب ) . و كلها لا تخلو من مراعاة . الثاني : لذة بعد إدراك قَدْرٍ منه ، و حال العمل به . فهذان مجالان للعلم يَتَحَصَّل للطالب فيهما لذته و حلاوته . و المراد باللذة العلمية : استلذاذ مسائل العلم و تذوق حلاوته ، و تحمُّل المشاق في تحصيله ، و إيثاره على أعراض الدنيا . و ضابطها : ألاَّ تكون مُشْغِلَةٌ عن الأمور الأهم في العلم و طلبه ، و عن أصول الفنون بفروعها . و لِيُعْلَم : أن لذة العلم مُقَيَّدة ٌبأمرين : الأول : أن يكون بقصد و تؤدة . الثاني : أن يكون بتوسُّطٍ . إن غالب طلاب العلم حين يَحْلُو له العلم و يتذوَّق لذته ينجرف مع تلك اللذة فيقع في إهمال مهامٍ كبار ، و هذا خلل جَلَلٌ . فلابد من مراعاة هذين القَيْدَيْن ، و الحذر من رونقة العلم و لذته المُفْضِيَة إلى ترك أمور أكبر . و لهذه اللذة صور : الأولى : اشتغال جملة من الطلاب بفنون ثانوية ، و ترك الفنون الأصيلة . و ليس مرادي ذم الاشتغال بالفنون الكمالية ، و إنما مرادي : أن يشتغل الطالب بالعلوم الآلية و يعرض الإعراض _ الكلي أو الجزئي _ عن علوم الغاية . الثانية : الاشتغال بمسائل فنٍّ فرعية جزئية دقيقة مع إهمال أصول ذلك الفن و أُسس مسائله . الثالثة : الصعود إلى العلوم الكبار لمن لم يتقن بدائيات العلم . إلى صُوَرٍ عديدات . و لذة العلم مُنَالَةٌ بأمور : الأول : الإخلاص لله في الطلب . الثاني : سلوك جادة العلم المطروقة من التدرج من : الأصغر فالأوسط فالأكبر . الثالث : إعمال الذهن و العقل في العلم تفهُّماً و استنباطاً . فائدة : طالب العلم المتلذذ بفهمه لا يزال يطلب ما يزيد التذاذه ، فكلما طَلَبَ ازداد لذةً فهو يطلب نهاية اللذة و لا نهاية لها . [ انظر : فيض القدير ( 1/163 ) ] . إضاءة : ( مَنْ لم يحتمل ألم التعلُّم لَمْ يَذُقْ لذة العلم ) [ السِّيَر ( 22/322 ) ] . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هل كبر السن يمنع من طلب العلم ؟ | بداية مشرقة | روضة آداب طلب العلم | 10 | 04-12-15 12:07 AM |
ملخص حلية طالب العلم للأستاذة عطاء الخير | أسماء حموا الطاهر علي | أرشيف الفصول السابقة | 10 | 25-12-13 01:00 AM |
فضل طلب العلم !!! | نبع الصفاء | روضة آداب طلب العلم | 0 | 15-06-07 09:44 PM |