24-08-06, 11:26 AM | #1 |
نفع الله بك الأمة
|
بيان أنواع التوحيد الثلاثة من القرآن
- بيان أنواع التوحيد الثلاثة من القرآن:
سبق أن قلنا: إنها مستقرأة من القرآن الكريم. والآيات التي تؤخذ منها أنواع التوحيد الثلاثة كثيرة، منها: سورة الفاتحة – وهي أول سورة في المصحف – فيها أنواع التوحيد الثلاثة: فقوله: ﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فيه توحيد الربوبية؛ لأن الآية أثبتت ربوبية الله لجميع العالمين- وهم كل ما سوى الله – والرب هو المالك المدبر. وقوله: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَومِ الدِّينِ﴾ فيه توحيد الأسماء والصفات؛ لإثبات وصف الله في الآيتين بالرحمة والملك، وإثبات أسمائه: الرحمن، الرحيم، المالك، وقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فيه توحيد الألوهية؛ لدلالة الآية على وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة. كذلك سورة الناس –وهي آخر سورة في المصحف- فيها أنواع التوحيد الثلاثة: فقوله: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ هذا توحيد الربوبية. ﴿مَلِكِ النَّاسِ﴾ هذا توحيد الأسماء والصفات. ﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾ هذا توحيد الألوهية. كذلك أول نداء في المصحف هو في نوعي التوحيد، وذلك في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً والسَّمَاءَ بِنَاءً وأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 21-22]. لما ذكر سبحانه وتعالى أقسام الناس الثلاثة (المؤمنين والكافرين والمنافقين) وجه عباده نحو الاهتداء بهداية القرآن، فعقب ذلك بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ﴾ وهو نداء عام لكافة الخلق لأمرهم جميعًا بإفراد الله بالعبادة وعدم إشراك أي أحد معه. وهذا هو توحيد الألوهية. ثم جاء بتوحيد الربوبية دليلاً عليه، فقال: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً والسَّمَاءَ بِنَاءً وأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ﴾ أليست هذه أفعال الله جل وعلا؟ هذا توحيد الربوبية، ذكره سبحانه وتعالى دليلاً على توحيد الألوهية وبرهانًا عليه. فكما أنه يفعل هذه الأشياء وحده فإنه لا يستحق العبادة أحد غيره؛ بل هي حق خالص له سبحانه. ذكر في هذه الآية نوعي التوحيد: توحيد الألوهية؛ لأنه المقصود الأعظم، وذكر توحيد الربوبية دليلاً على الألوهية ومستلزمًا له، وأمر بذلك جميع الناس كما قال في آية أخرى: ﴿ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56] فأخبر أن هذين العالمين العظيمين (عالم الجن وعالم الإنس) لم يخلقا إلا للقيام بعبادة الله وإفراده بها وتوحيده في ألوهيته. ثم نهى عن الشرك في آخرها فقال: ﴿فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾: ﴿أَندَاداً﴾: أي: شركاء تصرفون لهم شيئًا من العبادة ﴿وأَنتُمْ تَعْلَمُون﴾ أنه لا شريك له في ربوبيته يشاركه في هذه الأمور: خلق السموات والأرض وإنزال المطر وإنبات النبات. أنتم تعلمون أنه لا أحد يشارك الله في هذه الأمور، فكيف تشركون معه غيره في العبادة؟ ! وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ [البقرة: 163] هذا في توحيد الألوهية، والإله معناه: المعبود، والألوهية: العبادة والحب. ومعنى الآية: ومعبودكم بحق معبود واحد، ﴿لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُو﴾، أي: لا معبود بحق سواه. وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ هذا داخل في توحيد الأسماء والصفات؛ إذ فيه إثبات اسمين لله، وإثبات صفة الرحمة. وقوله: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَواتِ والأَرْضِ واخْتِلافِ الَليْلِ والنَّهَارِ والْفُلْكِ الَتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ومَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوتِهَا وبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ والسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَومٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 164] هذا في توحيد الربوبية، ذكره الله دليلاً وبرهانًا على توحيد الألوهية؛ ولذا أخبر أن في ذلك آيات، أي دلالات وبراهين على استحقاق الله للعبادة دون غيره. ففي هذه الآية أقسام التوحيد الثلاثة، وهكذا تجدها متجاورة في القرآن الكريم. 8- الحكمة من تقرير القرآن لتوحيد الربوبية: والقرآن إنما يذكر توحيد الربوبية –مع أن الكفار مقرون به – من أجل أن يبين دلالته ويقيمه برهانًا على توحيد الألوهية، فيحتج عليهم بما أقروا به من باب الإلزام لهم: كيف تقرون لله بالربوبية، ولا تقرون له بالألوهية والعبودية؟! كيف تصرفون العبادة لمن لا يشارك الله في شيء من مخلوقاته؟! هذا من التناقض. ﴿قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَواتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَو أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأحقاف: 4]، ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ﴾ [لقمان: 11]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً ولَو اجْتَمَعُوا لَهُ وإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ والْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: 73] لو سلط الله عليهم الذباب ما استطاعوا أن ينتصروا لأنفسهم منه، والذباب أضعف شيء، فلو سلط الله الذباب والبعوض على الناس ما استطاعوا أن يتخلصوا منه، يقتلون منه ما يقتلون ثم يكثر عليهم ويغمرهم. وقيل: المعنى لو أن الذباب أخذ شيئًا مما على الصنم من الطيب والزينات التي يجعلونها عليه، فإن الصنم لا يستطيع أن يسترد ما أخذه الذباب منه. ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ والْمَطْلُوبُ﴾: ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ﴾: هو المشرك، ﴿والْمَطْلُوبُ﴾: هو الصنم، وقيل الذباب. إذا كان كذلك فكيف تُجعل هذه شركاء الله الخالق الرازق المحي المميت القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء، سبحانه وتعالى؟! أين العقول؟! وأين الأفهام؟! نسأل الله العافية. يتبع إن شاء الله
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أيهما أولى حفظ القرآن أو طلب العلم الشرعي | مسلمة لله | روضة آداب طلب العلم | 31 | 02-08-16 12:15 PM |
أفلا يتدبرون القرآن؟! /للشيخ عبدالسلام الحصين | أم خــالد | روضة القرآن وعلومه | 15 | 14-02-10 02:56 AM |
نزول القرآن الكريم وتاريخه وما يتعلق به | طـريق الشـروق | روضة القرآن وعلومه | 8 | 22-12-07 03:50 PM |