وحـــــوادث الآخـــــرة .. الدنيــــا حـــــوادث
قال ابن الجوزي –رحمه الله- في كتابه الماتع "صيد الخاطر"..:"تأملت أمر الدنيا والآخرة فوجدت حوادث الدنيا حسية طبعية ، وحوادث الآخرة إيمانية يقينية ، والحسيات أقوى حدثاً لمن لم يقو علمه ويقينه ، والحوادث إنما تبقى بكثرة أسبابها ، فمخالطة الناس ، ورؤية المستحسنات ، والتعرض بالملذوذات ، يقوى حوادث الحس.
والعزلة والفكر ، والنظر في العلم يقوي حوادث الآخرة ، ويبين هذا بأن الإنسان إذا خرج يمشي في الأسواق ويبصر زينة الدنيا ثم دخل إلى المقابر فتفكر ورق قلبه فإنه يحس بين الحالتين فرقاً بيناً ، وسبب ذلك التعرض بأسباب الحوادث.
فعليك بالعزلة والذكر والنظر في العلم ، فإن العزلة حمية ، والفكر والعلم أدوية . والدواء مع التخليط لا ينفع ، وقد تمكنت منك أخلاط المخالطة للخلق ، والتخليط في الأفعال ؛ فليس لك دواء إلا ما وصفت لك ، فأما إذا خالطت الخلق وتعرضت للشهوات ، ثم رمت صلاح القلب رمت الممتنع " أهـ.