العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة مكتبة طالبة العلم > مكتبة طالبة العلم الصوتية

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-08-10, 09:35 PM   #17
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بـسـم الـله الـرحـمـن الـرحــيــم


قـلـوب الصـائـمـيــن


فـضـيـلـة الشـيـخ سـعــد ابن نـاصـر الشـثــري

التـسـليـم للـنـصـوص الشـرعــيـة



الحمد لله الّذي أنزل كتابه ليكون حجة على العالمين .. فمن آمن به وسلّم له ، و انقاد لأمره ، كان من الناجين المفلحين ، ومن عارضه ولم يستجيب له ، كان من المستحقين للعقوبات الشديدة دنيا وآخرة ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله ..المذعن لأمر ربّه ..
أما بعد ..فإن من أعظم أعمال القلوب أجراً وثوابا .. التسليم للنصوص الشرعية ، وعدم معارضتها ، وليكن من أسهل الأمور على العبد ..أن لا يقبل قلبه ما يخالف الكتاب والسنّة ، سواءً كان رأياً له أو قولاً لغيره .


قال الإمام الشافعي : { أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، لم يحلَّ له أن يدعها لقول أحد } .


وقال عمر ابن عبد العزيز :{ لا رأي لأحد مع سنّة سنّها رسول الله صلّى الله عليه وسلم }


وقال ابن عبّاس :{ يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ، أقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتقولون قال أبوبكر وعمر }.
وهناك نقولات عديدة عن كثير من السلف الصالح ، تؤكد على التشديد فيما إذا ترك المرء النصوص الشرعية ، وعارضها بالرأي أو بتقليد الرجال ، ومن هنا فإنه يجب على كل مؤمن أن ينقاد لما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأن يستسلم له ، وأن يُذعن له ، فلا يعارض النصوص الشرعية بما يسمّى المعقولات ، كما يقوله بعض المتكلمين ، الّذين يجهلون حقيقة بعض الأمور ثم يزعمون أن العقل يدّل على نفيها .


وكذلك لا يعارض المؤمن النصوص الشرعية بالأقيسة الفاسدة ، ولا يعارض النصوص بما يقع في النفس أنه أمر الله كما يفعله بعض المتصوفة ، ولا يعارض النصوص الشرعية بما يزعم بعضهم أنه السياسة وإصلاح أحوال العامّة كما يفعله بعض أصحاب الولايات .
فإن أعلى درجات السياسة .. وأعلى ما يصلح أحوال الخلق .. هو اتباع النصوص الشرعية ، فإذا ورد عليك دليل شرعي أيها المؤمن فسلّم له ، ولا تتهم الدليل ولا تصادمه بعقل ولا بقياس ، ولا بسياسة . ومتى عرض لك شيء من ذلك ،فأتهم فهمك ، ولتعرف بأن السبب منك .


وكذلك يجب على المؤمن .. أن يقدم النصوص الشرعية على أراء الرجال ، بحيث لا تخالف يا أيها المؤمن أي نص شرعي لا بباطنك ولا بظاهرك ، لا بقلبك ولا بلسانك ولا بجوارحك ، لا بفعلك ولا بحالك ، قال الله تعالى ) ومَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَة ٍإذَا قَضَى اللهُ ورَسُولُهُ أمراً أن يَكُونَ َلهُمُ الخِيَرَةُ مِن أمرِهِم ( وقال سبحانه ) إنَّمَا كَانَ قَولُ المُؤمِنِينَ إذَا دُعُوا إلى اللهِ ورَسُوُلِهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم أن يَقُولُوا سَمِعنَا وَأطَعنَا ( وقال سبحانه ) فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنُونَ حَتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أنفُسِهِم حَرَجَاً مِمَّا قَضَيت ويُسَلّمُوا تَسلِيمَا ( وقال جلَّ وعلا )اتّبِعُوا مَا أُنزِلَ إليكُم مِن رَبِّكُم ولا َتتبِعُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء قَلِيِلاًَ مَا تَذَكّرُون(وقال جلَّ وعلا ) وَقَد آتَينَاكَ مِن لَدُنّا ذِكرَا * مَن أعرَضَ عَنهُ فَإنّهُ يَحمِلُ يَومَ القِيامَةِ وِزرَا* خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُم يَومَ القِيَامَةِ حِملَا ( .


إن النصوص الشرعية .. قد احتوت على المعاني العظيمة ، والمصالح الكبيرة .. لكن إذا لم يذعن العبد لها فلن يعرف مقدارها ، ولن تتضح له معانيها ، ولن يفتح الله قلبه لفهم أسرارها ، قال تعالى ) ومَن أعرَضَ عَن ذِكرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَة ًضَنكاً وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَة ِأعمَى ( .
تلى الإمام أحمد قوله سبحانه ) فَليَحذَرِ الّذينَ يُخَالِفُونَ عَن أمرِه أن تُصِيبَهُم فِتنَة أو يُصِيبَهُم عَذَابٌ ألِيم (فقال : { أتدري ما الفتنة ؟َ! الفتنة الشرك .. لعلّه إذا رد بعض قوله ، أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيزيغ قلبه فيهلك }.


إن ترك التسليم للنصوص الشرعية وعدم اعتقاد ما تضمنته :، إنما ينشئ من اتباع الهوى وطاعة الشيطان ، وذلك من أسباب الضلال .. اسمع الله تعالى يقول ) واتلُوا عَلَيهِم نَبَأَ الّذي آتَينَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلخَ مِنهَا فَأتبَعَهُ الشَيطَان فَكَانَ مِن الغَاوِين وَلَو شِئنَا لَرَفَعنَاهُ بِهَا وَلَكّنَّهُ أخلَدَ إلى الأرضِ وَاتّبعَ هَوَاه فَمَثَلُهُ كَمثَلِ الكَلب إن تَحمِل عَلَيهِ يَلهَث أو تَترُكَهُ يَلهَث ( وقال الله جلَّ وعلا)وأنِ احكُم بَينَهُم بِمَا أنزَلَ الله ولا تتَبِع أهوَاءَهُم وَاحذَرهُم أن يَفتِنُوكَ عَن بَعض ِمَا أنزَلَ اللهُ إليك فَإن تَوَّلوا فَاعلَم أنّمَا يُريدُ اللهِ أن يُصِيبَهُم بِبعضِ ذُنُوبِهِم وإن كَثِيرَاً مِن النّاسِ لَفَاسِقُون أفَحُكمَ الجَاهِليةِ يَبغُون ومن أحسَنُ مِنَ اللهِ حُكمَا ً لِقَوم يُوقِنُون( وقال سبحانه) ثم ّجَعَلنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِن الأمر فَا اتّبِعهَا ولا تتبَع أهَواءِ الّذينَ لا يَعلمُون ( .


صاحب الهوى .. يعميه الهوى و يصمّه ، فلا يستحضر ما لله ولا ما لرسوله في الأمر ولا يطلبه أصلا ، ولا يرضى لرضا الله ورسوله ، ولا يغضب لغضب الله ورسوله ، فليس قصده أن يكون الدين كله لله وان تكون كلمة الله هي العليا .. بل قصده الحميّة لنفسه أو طائفته ، أو الرياء ليعظم هو ويثنى عليه ، أو لغرض من الدنيا ، فلم يكن لله غضبه ، ولم يكن مجاهداً في سبيل الله . وجميع المعاصي تنشئ من تقديم هوى النفوس على محبة الله ورسوله .


إن ترك النصوص مع اتباع الهوى من أنواع الضلال ، كما قال جلَّ وعلا ) وإنَّ كَثِيرَاً ليُضِلّونَ بِأهوَائِهمِ بِغَيرِ علمٍ إنَّ رَبّكَ هُوَ أعلمُ بالمُعتَدِين( وكما قال ) ومِن أضلُّ مِمّنِ اتّبعَ هَواهُ بِغَيرِ هُدَىً مِنَ اللهِ إنّ الله لا يَهدِي القَومَ الظَالِمِين ( وقال) أفَرَأيتَ مَن اتخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ وَأضَلّهُ الله عَلَى عِلم وَخَتَمَ عَلى سَمعِهِ وَقلبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوة فَمَن يَهدِيهِ من بَعدِ اللهِ أفَلا تَذكّرُون (.
جاء في حديث أبي برزة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال :{ إنّ مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم و مضلّات الهوى } وفي حديث أنس :{ ثلاث مهلكات :شحٌّ مطاع ، وهوىً متّبع ، وإعجاب المرء بنفسه }.


موسم رمضان .. من أحسن المواسم لربط القلوب بالقرآن والسنّة ، قال تعالى) شَهرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فيهِ القُرآن (، وكان النبي صلّى اللُه عليه وسلّم يدارس جبريل القرآن في كل ليلة من ليالي رمضان ، فإن قيل ما الحكمة في مدارسته القرآن في رمضان ، قال العيني :{ ذلك لتجديد العهد واليقين }.

هذا والله أعلم .. وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .....

التعديل الأخير تم بواسطة طالبة الرضوان ; 11-08-10 الساعة 09:40 PM
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وماذا بعد رمضان ؟؟ رقية مبارك بوداني روضة الفقه وأصوله 4 20-08-13 08:16 AM


الساعة الآن 04:09 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .