15-06-07, 12:30 PM | #1 |
معلمة بمعهد خديجة
|
كيف يزهد العبد في الدنيا ويرغب في الآخرة
كيف يزهد العبد في الدنيا ويرغب في الآخرة
قال ابن القيم -رحمه الله- : لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا ، ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بعد نظرين صحيحين : النظر الأول : النظر في الدنيا ، وسرعة زوالها وفنائها ، واضمحلالها ، ونقصها ، وخستها ، وألم المزاحمة عليها ، والحرص عليها ، وما في ذلك من الغصص والنغص ، والأنكاد ، وآخر ذلك الزوال ، والانقطاع ، مع ما يعقب من الحسرة والأسف ، فطالبها لا ينفك من هم قبل حصولها ، وهم في حال الظفر بها ، وغم وحزن بعد فواتها ، فهذا أحد النظرين. النظر الثاني : النظر في الآخرة ، وإقبالها ، ومجيئها ولابد ، ودوامها ، وبقائها ، وشرف ما فيها من الخيرات ، والمسرات ، والتفاوت الذي بينه وبين ما ههنا ، فهي كما قال سبحانه :( والآخرة خير وأبقى ) [الأعلى :17]. فهي خيرات كاملة دائمة ، وهذه خيالات ناقصة منقطعة مضمحلة. فإذا تم له هذان النظران آثر ما يقتضي العقل إيثاره ، وزهد فيما يقتضي الزهد فيه ، فكل أحدٍ مطبوع على أن لا يترك النفع العاجل واللذة الحاضرة إلى النفع الآجل واللذة الغائبة المنتظرة ، إلا تبين له فضل الآجل على العاجل ، وقويت رغبته في الأعلى الأفضل. فإذا آثر الفاني الناقص ، كان ذلك إما لعدم تبين الفضل له ، وإما لعدم رغبته في الأفضل. وكل واحد من الأمرين يدل على ضعف الإيمان ، وضعف العقل والبصيرة فإن الراغب في الدنيا الحريص عليها المؤثر لها ، إما أن يُصَدِّق بأن ما هناك أشرف وأفضل وأبقى ، وإما أن لا يصدق . فإن لم يصدق بذلك كان عادمًا للإيمان رأسًا ، وإن صدق بذلك ولم يؤثره كان فاسد العقل ، سيء الاختيار لنفسه ، وهذا تقسيم حاضر ضروري ، لا ينفك العبد من أحد القسمين منه ، فإيثار الدنيا على الآخرة إما من فساد في الإيمان ، وإما من فساد في العقل ، وما أكثر ما يقوم منهما ، ولهذا نبذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهره هو وأصحابه ، وصرفوا عنها قلوبهم ، وأطرحوها ولم يألفوها ، وهجروها ولم يميلوا إليها ، وعَدُّوها سجنًا لا جنة ، فزهدوا فيها حقيقة الزهد ، ولو أرادوها لنالوا منها كل محبوب ، ولوصلوا منها إلى كل مرغوب ، فقد عرضت عليه مفاتيح كنوزها فردها ، وفاضت على أصحابه فآثروا بها ، ولم يبيعوا حظهم من الآخرة بها ، وعلموا أنها معبر لا ممر، لا دار مقام ومستقر ، وأنها دار عبور لا دار سرور، وأنها سحابة صيف تنقشع عن قليل ، وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى أذّن بالرحيل. قال النبي صلى الله عليه وسلم :( ما لي وللدنيا ، إنما أنا كراكب قال في ظل شجرة ، ثم راح وتركها)0 وقال النبي صلى الله عليه وسلم:( ما الدنيا في الآخرة، إلا كما يدخل أحدكم إصبعه في اليم ، فلينظر بما ترجع) 0 وقد توعد سبحانه أعظم الوعيد لمن رضي بالحياة الدنيا واطمأن بها ، وغفل عن آياته ، ولم يرج لقائه ، فقال :( إن الذين لا يرجون لقائنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ). [يونس:7،8]. من كتاب (خواطر إيمانية)لـ د/أحمد فريد |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كيف ترق قلوبنا؟ | حبيبة | روضة التزكية والرقائق | 2 | 23-01-07 11:20 AM |
لا تركن الى الدنيا ....وكن فيها كأنك غريب أو عابر سبيل | نورالإيمان | روضة التزكية والرقائق | 3 | 15-01-07 01:37 PM |