15-06-07, 12:24 PM | #1 |
معلمة بمعهد خديجة
|
الحكمة في تأخر إجابة الدعاء
الحكمة في تأخر إجابة الدعاء
قال ابن الجوزي -رحمه الله- ما ملخصه : رأيت من البلاء العجاب أن المؤمن يدعو فلا يُجاب , فيكرر الدعاء وتطول المدة ولا يرى أثرًا للإجابة ، فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر. وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب ، مرض يحتاج إلى طب ، ولقد عرض لي من هذا الجنس ، فإنه نزلت بي نازلة فدعوت وبالغت فلم أر الإجابة , فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده. فتارة يقول : الكرم واسع والبخل معدوم ، فما فائدة تأخير الجواب. فقلت له : إِخسأ يا لعين ، فما أحتاج إلى تقاضي ، ولا أرضاك وكيلاً ، ثم عدت إلى نفسي فقلت : إياك ومساكنة وسوسته ، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدر في محاربة العدو ، لكفى في الحكمة.قالت : فدلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة.فقلت : قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك ، وللمالك التصرف بالمنع والعطاء ، فلا وجه للاعتراض عليه. والثاني : قد ثبتت حكمته بالأدلة القطعية , فربما رأيت الشيء مصلحة والحق أن الحكمة لا تقتضيه ، وقد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر ، يقصد بها المصلحة ، فلعل هذا من ذاك. والثالث : أنه قد يكون التأخير مصلحة ، والاستعجال مضرة ، وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم- :( لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل يقول دعوت فلم يُستجب لي ). والرابع : أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك ، فربما يكون في مأكولك شبهة أو قلبك وقت الدعاء في غفلة ، أو تزاد عقوبتك في منع حاجتك لذنب ما صدقت في التوبة منه. والخامس : أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب ، فربما كان في حصوله زيادة إثم ، أو تأخير عن مرتبة خير فكان المنع أصلح. والسادس : أنه ربما كان فقد ما تفتقدينه سببًا للوقوف على الباب ، واللجأ ، وحصوله سببًا للاشتغال به عن المسئول. وهذا الظاهر بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجأ ، فالحق عز وجل علم من الخلق اشتغالهم بالبر عنه ، فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه ، يستغيثون به ، فهذا من النعم في طي البلاء ، وإنما البلاء المحض ما يشغلك عنه ، فأما ما يقيمك بين يديه ففيه جمالك. وإذا تدبرت هذه الأشياء تشاغلت بما هو أنفع لك من حصول ما فاتك ، من رفع خلل واعتذار من زلل ، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب (صيد الخاطر 68-70). قلت وهناك جواب سابع وهو أن الله عز وجل يقبل الدعاء في أحسن صورة وأنفعها للعبد ، فقد يدخر به أجرًا في الآخرة ، أو يرفع عنه من البلاء مثلها ، أو يعطيه نعمة أخرى هي أنفع له ، فلا يشترط لمعرفة قبول الدعاء تحققه في الصورة التي يرجوها العبد ، والله أعلم. من كتاب (خواطر إيمانية) لـ د.أحمد فريد |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تفريغ محاضرة الدعاء للشيخ مشاري الخراز | احلام فلسطين | روضة الفقه وأصوله | 0 | 05-09-13 12:26 AM |
أيها الأئمة احذروا الاعتداء في الدعاء .. | أم البتول | روضة الفقه وأصوله | 12 | 17-08-09 04:05 PM |
أخطاء تمنع من قبول الدعاء | مسلمة لله | روضة الفقه وأصوله | 12 | 28-05-07 12:22 PM |