العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة الفقه وأصوله

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-07-06, 08:47 PM   #1
أم أســامة
~ كن لله كما يُريد ~
افتراضي التفصيل فى حكم قتل الحشرات الضارة والغير ضارة.

بسم الله الرحمن الرحيم

التفصيل فى حكم قتل الحشرات الضارة والغير ضارة .


الأصل ألا يتعدى الإنسان على أي كائن مالم يكن لهذا الاعتداء سبب مشروع ؛ ذلك أن الله عزوجل خلق ما في الأرض وسخر ما فيها لمنفعة الإنسان كقولةتعالى { هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم }.
وقوله تعالى : { وسخر لكم ما في السموات ومافي الأرض جميعاً منه إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون }.


وهذه المنفعة تقتضي حكماً ألا يفسد الإنسان ما خلقه الله وما وضعه من معايير وأسس للتوازن في الأرض عملاً بقوله عزوجل :{ والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون }, وهذا يقتضي حكماً وعلماً أن كل ما وضعه الله للإنسان في الأرض موزون في كمه وكيفه وأنه لولا هذا التوازن لما استطاع الإنسان العيش على هذه الأرض بالكيفية التى يعيش فيها وهذا هو مادل عليه قوله عزوجل : { وان من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم }.
وقوله تعالى : { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير } .


ولما تفتحت اّفاق العلم واستغل الإنسان المعاصر هذه الاّفاق دون إدراك للنتائج المترتبة على هذا الاستغلال واجه مشكلات ومخاطر تتعلق بالبيئة فأصبح يدعو إلى مايسميه (توازن الطبيعة ) بما يعني حماية البيئة في مكوناتها المختلفة من نبات وحيوان وحشرات وخلافها الأمر الذي يؤكد أنه إذا أراد أن يحيا حياة طبيعية فعلية أن يتبع سنن الله فى خلقه , وما وضعه لهم من أسس وقواعد وإلا انقلب عمله عليه وهو ما سنراه في هذا المثال البسيط ومفاده : أن إحدى الشركات الزراعية في إحدى الولايات الأمريكية لاحظت أن بعض ثمار الأشجار والخضروات تتعرض لنوع من الحشرات فعملت على قتلها بنوع من المبيدات السامة , وعلى أثر ذلك لاحظت ظهور حشرة أخرى تؤثر بشكل أكثر على الأشجار والخضروات على نحو لم تشهده الشركة من قبل وبعد إجراء التجارب على الحشرتين تبين أن الحشرة الأولى كانت تحمي الثمار من الحشرة الثانية (الأخطر ) فاضطرت الشركة إلى إعادة الحشرة الاولى لكونها اقل خطراً وأدنى ضرراً من الحشرة الثانية .

والامثلة على هذا أكثر من أن تحصر وهي في حقائقها تدل على أن الإنسان ان يدرك أنه محكوم فى تصرفاته بسنن الله فى خلقه ,وانه متى حاول البعد عن هذه السنن ارتد عمله إليه .


هذا من حيث العموم أما من حيث الخصوص فى المسألة فالأصل عدم جواز التعدي على أي نوع من أنواع الحشرات مالم يكن الإنسان يدفع بذلك عن نفسه ضرراً أو أذى ومصداق ذلك قول الله تعالى :{ ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } , وقوله تعالى :{ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } , وقوله عزوجل { ولا تعثوا في الأرض مفسدين }

فهذه الايات وإن جاءت لأمر مخصوص فهي عامة في النهي عن كل اعتداء ليس له سبب مشروع , وعامة في النهي عن الفساد في الأرض وهذا يشمل كل ما يمكن وصفه أو يحكم عليه بالفساد سواء كان ذلك في أمر من أمور الدين أو الدنيا أي أن الشريعة سنت ما يجوز وما لا يجوز قتله من الحشرات .

أما ما يجوز قتله منها فمن ذلك الفئران والعقارب والحيات والأوزاغ لما ورد في ذلك من الأحاديث ومنها ماروته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل خمس فواسق في الحل والحرم ... ومنها العقرب والفأرة (1) . وما روته أيضاً رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ذي الطفتين فإنه يلتمس البصر ويصيب الحبل وفي إسناد اّخر عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله وسلم عليه وسلم قال : ( اقتلوا الحيات وذا الطفتين والأبتر فإنهما يستسقطان الحبل ويلتمسان البصر ) , وقيل إن حيات المدينة _خاصة عوامر البيوت _ لا تقتل إلا بانذارها فإذا انذرت ولم تنصرف قتلت وقيل أيضاً لا تقتل حيات البيوت لما رواه أبو لبابة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التى في البيوت وسماها عوامر البيوت (2) .

ومن هذه الاحاديث ماروته أم شريك أن النبي صلى الله عليه وسلم امرها بقتل الاوزاغ بعد أن استأذنته في ذلك وقد ورد في إسناد أخر انه عليه الصلاة والسلام سمى الوزغ فويسقاً وحث على قتله (3) .

قلت :ولعل السبب في قتل هذه الحشرات هو سميتها وافتراض تعديها فتسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بالفسق دليل على طبيعة الأذى فيها وخروجها عن المألوف في الحشرات وهذا مشاهد ومحسوس في سلوكها وتعديها وانفاذ سمومها على من تعرضت له فاقتضى قتلها في الحل والحرم .

وأما ما لا يجوز قتله من الحشرات فالنمل فقد روى مسلم في صحيحه ما رواه أبوهريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نملة قرصت نبياُ من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه ( أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح)(4) . فدل هذا على استنكار قتل النمل إذا لم يؤذ وجواز قتل ما كان منه أذى كما دل عليه القول " إلا نملة واحدة " .

قلت( والكلام يرجع إلى د. عبدالرحمن النفيسة ) : ومن الأمور المنهي عنها في هذا السياق حرق الحشرات بالنار سواء كانت ضارة أو غير ضارة ومثال ذلك الاّلات الكهربائية المخصصة لقتل الحشرات كالذباب ونحوه فهذا بمثابة إحراق بالنار وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انه لا يعذب بالنار إلا الله )(5) .

وجماع ماذكر أنه لا يجوز قتل الحشرات إلا ما نص على قتله من العقارب والفئران والحيات والأوزاغ وذلك لافتراض سميتها وتعديها بالأذى أما ما عدا ذلك فلا يجوز قتله إلا ما ثبت أذاه للإنسان . كما لا يجوز إحراق الحشرات بالنار سواء كانت ضارة أو غير ضارة .

والله أعلم


المسألة الفقهية أعلاه للدكتور عبدالرحمن حسن النفيسة
من مجلة البحوث الفقهية المعاصرة ـــــ العدد 52 رمضان 1422هــ


**************
الهوامش :
1_ نيل الأوطار للشوكاني .
2_ ذو الطفتين وصف لنوع من الحيات عليه خطان أبيضان في الظهر وأما الأبتر فهو قصير الذنب قيل لا تنظر إليه امرأة حامل إلا ألقت ما في بطنها ومعنى يستسقطان الحبل أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت اسقطت الحمل غالباً وقيل أن ذلك بسبب سمهما ومعنى يلتمسان البصر يقصد أنه باللسع والنهش أو أنهما يخطفانه لخاصة جعلها الله تعالى فى بصريهما وهذا هو الأصح .
3_ نيل الأوطار للشوكاني
4_ صحيح مسلم بشرح النووي .
5_ نفس المرجع .



توقيع أم أســامة
:

قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا »
سنن ابن ماجه .


قـال ابـن رجب ـ رحمـه الله ـ: «من مشى في طاعة الله على التسديد والمقاربة فـليبشر، فإنه يصل ويسبق الدائب المجتهد في الأعمال، فليست الفضائل بكثـرة الأعمـال البدنية، لكن بكونها خالصة لله ـ عز وجل ـ صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها. فمن كان بالله أعلم، وبدينه وأحكامه وشرائعه، وله أخوف وأحب وأرجى؛ فهو أفضل ممن ليس كذلك وإن كان أكثر منه عملاً بالجوارح».


" لا يعرف حقيقة الصبر إلا من ذاق مرارة التطبيق في العمل , ولا يشعر بأهمية الصبر إلا أهل التطبيق والامتثال والجهاد والتضحية "

:
أم أســامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رسالة "فى سجود السهو" سليمة روضة الفقه وأصوله 4 30-11-08 10:24 PM
اغتنام الاوقات بالاعمال الصالحات قبل الندم عليها ام هند السلفية روضة التزكية والرقائق 3 25-07-07 05:47 AM


الساعة الآن 03:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .