02-03-07, 09:54 PM | #1 |
جُهدٌ لا يُنسى
|
فوائد تربوية من قصة موسى -عليه السلام- مع الخضر
فوائد تربوية من قصة موسى -عليه السلام- مع الخضر
قال الشيخ السعدي –رحمه الله-: وفي هذه القصة العجيبة الجليلة من الفوائد والأحكام والقواعد شيء كثير، ننبه على بعضه بعون الله. فمنها: إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره، لقول فتى موسى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}. ومنها: جواز إخبار الإنسان عما هو من مقتضى طبيعة النفس من نصب أو جوع، أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط وكان صدقًا؛ لقول موسى: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}. ومنها: أن المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به، وأن الموافق لأمر الله يعان ما لا يعان غيره؛ لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}. ومنها: أن العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك فإما أن يكون ضارًا أو ليس فيه فائدة؛ لقوله: {أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}. ومنها: الأمر بالتأني والتثبت وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود. ومنها: تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة، وأن لا يقول الإنسان للشيء: إني فاعل ذلك في المستقبل، إلا أن يقول: {إِنْ شَاءَ اللَّهُ}. ومنها: أن العزم على فعل الشيء ليس بمنزلة فعله، فإن موسى قال:{ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} فوطن نفسه على الصبر ولم يفعل. ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم العفو منها وما سمحت به أنفسهم، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون أو يشق عليهم ويرهقهم، فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة؛ بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر. ومنها: أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتعلق بها الأحكام الدنيوية في الأموال، والدماء وغيرها، فإن موسى عليه السلام أنكر على الخضر خرقه السفينة وقتل الغلام، وأن هذه الأمور ظاهرها أنها من المنكر، وموسى عليه السلام لا يسعه السكوت عنها في غير هذه الحال التي صحب عليها الخضر، فاستعجل عليه السلام، وبادر إلى الحكم في حالتها العامة، ولم يلتفت إلى هذا العارض الذي يوجب عليه الصبر وعدم المبادرة إلى الإنكار. ومنها: أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه وفي ذريته. ومنها: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} وأما الخير فأضافه إلى الله تعالى لقوله:{فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} كما قال إبراهيم عليه السلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} وقالت الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} مع أن الكل بقضاء الله وقدره. ومنها: أن هذه القضايا التي أجراها الخضر هي قدر محض أجراها الله وجعلها على يد هذا العبد الصالح؛ ليستدل العباد بذلك على ألطافه في أقضيته، وأنه يقدر على العبد أمورًا يكرهها جدًا وهي صلاح دينه، كما في قضية الغلام، أو وهي صلاح دنياه كما في قضية السفينة، فأراهم نموذجًا من لطفه وكرمه؛ ليعرفوا ويرضوا غاية الرضا بأقداره المكروهة. من كتاب "تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن" للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي يرحمه الله. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(View-All) Members who have read this thread in the last 30 days : 0 | |
There are no names to display. |
|
|